المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صوت الضاد الفصيحة التي نزل بها القران الكريم ج 1



قلب صادق
17-07-2008, 10:04 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهداء

الى اخي الغالي بوحارب ولكل اعضاء منتدى الاسهم القطرية

مقدمة :

هذا بحث ممتاز يتناول قضية الضاد في اللغة العربية والدراسات القرآنية للباحث في علم الصوتيات التجويدية القرآنية الأستاذ فرغلي سيد عرباوي ، أقوم بنشره في منتدى الاسهم القطرية لأهمية القضية على المستوى اللغوي والمستوى التطبيقي في قراءة القرآن الكريم ، راجياً من الله جلّ وعلا أن يكتب للباحث الأجر العظيم ومن نقلها وأن يوفق القارىء لتمثل فوائد هذا البحث الطيب ،

سيكون البحث طويلا ولكنه مهم ولا استطيع اختصاره لاهميته وترابطه وستجدون فيه بعض التكرار والحشو ولكنه مهم من حيث ترابط الموضوع وافكارة وعلى الله قصد السبيل ...



مسرد مواضيع البحث :

1. مدخل لمبحث صوت الضاد العربية اللسانية ....
2. هل اللغة العربية تسمى بلغة الضاد دون غيرها ؟....
3. التعريف بمخرج صوت الضاد التي نزل بـها القرآن...
4. هل الضاد أصعب المخارج كما اشتهـر أم لا ؟....
5. حديث أنا أفصح من نطق بالضاد ) هل يصح ؟
6. صفات صوت الضاد التي نزل بـها القرآن .
7. صوت الضاد اللسانية الضعيفة عند سيبوبه .
8. صوت الضاد الدالية والطائية عند المعاصرين.
9. التعريف بصفة استطالة صوت الضاد اللسانية .
10. مقالة العلماء المتقدمين بشجرية مخرج الضاد .
11. هل الضاد العربية متصفة بالتفشي كالشين أم لا ؟
12. علماء الأصوات وتعريفهم لصوت الضاد الانفجارية .
13. ابن غانم المقدسي والمرعشي ومشكلة الضاد .
14. الرد على من أبدل صوت الضاد بصوت الظاء .
15. إبدال صوت الضاد اللسانية بصوت اللام المغلظة .
16. إشمام صوت الضاد اللسانية بصوت الزاي اللسانية .
17. جمع الكلمات الضادية لتتميز من غيرها الظائية .
18. الفرق بين صوت الضاد والظاء في الرســم .
19. أبيات علم الدين السخاوي في الضاد وشرحها .
20. أمراض التلفظ بصوت الضاد اللسانية الفصيحة .
21. مؤلفات تحقيق مخرج صوت الضاد والظاء .
22. الضاد القرآنية تؤخذ من المقرئ المسند لا المصحفي .
23. خاتمة بحث صوت الصاد الفصيحة التي نزل بها القرآن .

ارجو من الاخوان والاخوات ان لا يتم الرد على الموضوع الا بعد الانتهاء من استكمال الموضوع حتى يكون مترابط وسوف يكون على جزئين منفصلين فارجو عدم دمج الموضوع ولكم جزيل الشكر والعرفان مقدما

>>>>> يتبع

قلب صادق
17-07-2008, 10:07 PM
1. مدخل لمبحث صوت الضاد العربية اللسانية


بسم الله منزل القرآن والصلاة والسلام على القائل ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد : فأقول وبالله التوفيق : بدأ الإحساس بمشكلة صوت الضاد من جانب اللغويين العرب عقب انتشار الدين الإسلامي ودخول غير الأمم العربية في الدين الحنيف وحاجة هذه الأمم إلى أداء الصلوات وقراءة القرآن وتعلم نطق اللغة العربية التي كانت تحتوي على عدد من الوحدات الصوتية التي لا توجد في اللغة الأم للمسلمين الجدد كاللغة الفارسية والهندية والعبرية والسريانية والرومية والقبطية وغيرها وقد قام علماء اللغة ومن بعدهم علماء القراءات برصد التغيرات الصوتية واللثغة أو الخطأ في نطق أصوات العربية مما يعرض مستخدميها من المسلمين للحن في القرآن وما يترتب على ذلك من تغيير في معاني كلمات التنزيل وقد كانت مشكلة صعوبة نطق الضاد على غير العرب وعلى العرب ممن لم يتعود ويتمرس لنطق الضاد التي نزل بها القرآن من أبرز المشاكل التي واجهت المسلمين في القرون الأولى واستمرت حتى وقت قريب أما صوت الضاد التي نزل بها القرآن فهي رخو مطبقة كما سجل علماء اللغة ذلك ومن بعدهم علماء القراءات وهي تخرج عندهم من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس وقيل من الحافتين معا والضاد بهذه الصفات إلى جانب ما وصفوها بها من كونها مجهورة مطبقة مستطيلة لا ينطق بها في الوقت المعاصر في اللهجات الدارجة العامية بل صار النطق بها متنوع بين دولة وأخرى ففي مصر المحروسة تلفظ دالا مفخمة وفي الخليج العربي تلفظ بصوت الظاء وإن مشكلة الضاد قديمة في العربية فقد ذكر سيبويه من الحروف غير المستحسنة ( الضاد الضعيفة ) ويبدو أن مشكلة الخلط بين صوت الضاد والظاء ترجع إلى عصر صدر الإسلام فقد ذكر أبو العلاء الهمذاني العطار في كتابه التمهيد أن أعرابيا خلط بين الضاد والظاء عند عمر بن الخطاب حين نطق ( الظبي ) بالضاد فاعترض عليه عمر رضى الله عنه .
ويمكن للدارس أن يلاحظ اتجاهين في معالجة مشكلة صوت الضاد من حيث التصنيف والتأليف الأول : يتمثل في العناية بالألفاظ التي تنطق بالضاد والظاء والاشتغال بحصرها وتأليف الرسائل في ذلك وهي مؤلفات تشبه المعاجم الصغيرة وهذا الاتجاه هو الذي استأثر بجهود اللغويين والنحاة وتركوا مؤلفات كثيرة تهتم بالتمييز الكتابي بين الضاد والظاء ولا تتعرض للتمييز النطقي بينهما وقد أحصى الدكتور حاتم الضامن في مقدمة تحقيقه لكتاب ( الاعتماد في نظائر الظاء والضاد لابن مالك ) الكتب المؤلفة في ذلك حتى بلغت أكثر من أربعين كتابا . والثاني : الاتجاه في معالجة مشكلة الضاد ويتمثل ذلك بدراسة الخصائص النطقية لصوت الضاد اللسانية والانحرافات التي تلحقه على ألسنة الناطقين وتوضح الصورة الصحيحة لنطقه وكان لعلماء التجويد القسط الأوفى في هذا الدرب حتى أنهم ألفوا في ذلك المؤلفات المستقلة التي تهتم بنواحي النطق من غير أن تتعرض لحصر الألفاظ التي تكتب بالضاد أو الظاء . وقد كان كتاب البيان والتبيين لأبي عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ ( ت 225 هـ) من أوائل المؤلفات التي حفلت بالعديد من الملاحظات اللغوية الصوتية الخاصة بنطق غير العرب من الأعاجم المخالطين للعرب لبعض أصوات اللغة العربية ومن ضمنهم صوت الضاد .
وسوف أحرص إن شاء الله لتناول هذا البحث من جميع جوانبه قدر المستطاع وحسب ما تيسر من مراجع لمادة هذا البحث وعلى الجميع أن يعلموا ـ إن أُريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله ، فأسأل الله أن يكون هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم ، وأن لا يُفهم على غير وجهه ، وإني لأعتذر عن أي قصور أو تعبير فيه خلل .

>>>> يتبع

قلب صادق
17-07-2008, 10:12 PM
.
هل اللغة العربية تسمى بلغة الضاد دون غيرها ؟



هذا الحرف قالوا بأنه انفردت به اللغة العربية لأنه لا تشاركه فيه لغة وهذا ما يوجد في بعض الكتب فهل هذا الكلام دقيق أم فيه مبالغة ولكن لا يكون الحكم إلا بعد استقراء جميع اللغات وهيهات لإنسان أن يستقرئ جميع اللغات . قال الإمام الشافعي رحمه الله عن اللغة الواحدة لا يحيط باللغة إلا نبي يعني إلا رجل يوحى إليه لأن اللغة العربية مثلا واسعة والعرب منتشرون في الجزيرة العربية في فترة نزول الوحي فلا يستطيع أن يقول إنسان هذا هو الكلام العربي كاملا فكيف بالإحاطة باللغة حتى علماء العربية لم يُدَوِّنوا كل ما تكلمت به العرب بل ذكروا المشهور من لغة العرب وأخرجوه لنا في صورة قواعد النحو والصرف . ولكن هناك مختصين مشتغلون بعلم اللغات المقارن هؤلاء يستطيعون أن يقول أن حرف الضاد انفردت به اللغة العربية أم لا حسب ما تيسر لهم من الدراسة أم كونهم يحيطون بعلم اللغة ككل فهذا درب من الخيال . فقد ذكر الجاحظ في كتابه البيان والتبيين ج1 ص 69 قول الأصمعي بقوله ( وقال الأصمعي : ليس للروم ضاد ولا للفرس ثاء ولا للسريان ذال ..) اهـ وهذا القول الذي عزاه الجاحظ في القرن الثالث الهجري إلى الأصمعي لا يؤكد ولا ينفي بصورة قاطعة ما تردد في القرون التالية بعده من تفرد العرب بصوت الضاد أو غيره من الأصوات الدارجة وقد تعرضت مقولة الأصمعي عن الأصوات الثلاثة لعدم التداول على مدى ستة قرون لتعود للظهور في مؤلفات التجويد بعد أن أصابها الخلل عند بعض علماء القراءات ومنهم ابن الجزري رحمه الله ( ت 833 هـ) فقد ذكر في الفصل الذي عقده ليذكر فيه اشتراك اللغات في الحروف وانفراد بعضها بعض في كتابه التمهيد في علم التجويد يقول ابن الجزري ( قال الأصمعي : ليس في الرومية ولا في الفارسية ثاء ولا في السريانية ذال ) اهـ وقد سقط من نص ابن الجزري المنقول عن الأصمعي كلمة ( الضاد ) الواقعة بعد كلمة الرومية وترتب عليه أن صارت الملاحظة ثنائية الأصوات ثلاثية اللغات . وبعد ثلاثة قرون أخرى يصيب قول الأصمعي المحرف في التمهيد لابن الجزري تحريف يظهر عند أبي الحسن على بن محمد النوري الصفاقسي ( ت 1118 هـ) فيما نقله من كتاب التمهيد _ دون عزو إليه _ حين يقول ( قال الأصمعي ليس في الفارسة ولا السريانية و لا الرومية ذال ) اهـ وفي ضوء تصرف الصفاقسي في نص الأصمعي صارت ملاحظة الأصمعي أحادية الصوت ثلاثية اللغات . وفي القرن الثامن أيضا نلاحظ ظهور مقولة الأصمعي بعد أن أصابها النقص وتجهيل القائل معزوة إلى أبي حيان النحوي الأندلسي ( ت 745 هـ) يبين ذلك مما ذكره عز الدين محمد بن أحمد المعروف بابن جماعة ( ت 819 هـ) في حاشيته على شرح فخر الدين أحمد بن الحسن الجاربردي ( ت 746 هـ) لمتن الشافية في الصرف لابن الحاجب ( ت 646 هـ) قال الجاربردي في شرح الشافية ج 1 ص 338 ( أصل حروف المعجم تسعة وعشرون على ما هو المشهور ولم يكمل عددها إلا في لغة العرب ولا همزة في كلام العجم إلا في الابتداء ولا ضاد إلا في العربية ) اهـ ويعلق ابن جماعة على عبارة الجاربردي قائلا ( قوله : " ولا ضاد إلا في العربية " عبارة أبى حيان : والضاد من أصعب الحروف في النطق ومن الحروف التي انفردت العرب بكثرة استعمالها وهي قليلة في لغة بعض العجم مفقودة في لغة الكثير منهم .... قال : والذال المعجمة ليست في الفارسية والثاء المثلثة ليست في الرومية والفارسية أيضا ) اهـ وفي سنة 1305 هـ يؤلف محمد مكي نصر تلميذ المتولي كتابه نهاية القول المفيد في علم التجويد وفيه يشير إلى قول أبي حيان السابق عن الذال والثاء عازيا النقل إلى كتاب أبي حيان ( شرح التسهيل ) الذي هو شرح كتاب تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد لابن مالك ( ت 672 هـ) وفي معجم جمهرة اللغة حيث حفظ لنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي البصري ( ت 321 هـ) خلاصة ما لاحظه اللغويون السابقون على مدى أربعة قرون من اتصال العرب المسلمين واحتكاكهم بغيرهم من أبناء الأمم والأجناس الأخرى ممن دخلوا في الإسلام وبلغاتهم وفيما ذكره نجد إشارة إلى تفرد أو اختصاص العرب بحرفي ( الحاء و الظاء ) واشتراك العرب مع قليل من غيرهم في ستة حروف هي : العين والصاد والضاد والقاف والطاء والثاء وقد جاءت ملاحظة ابن دريد في كتابه الجمهرة بقوله ج1 ص 4 ( هذا كتاب جمهرة الكلام واللغة ومعرفة جمل منها تؤدي النظر فيها إلى معظمها إن شاء الله ... اعلم أن الحروف التي استعملتها العرب في كلامها في الأسماء والأفعال والحركات والأصوات تسعة وعشرون مرجعهن إلى ثمانية وعشرين حرفا منها : حرفان مختص بهما العرب دون الخلق وهما الحاء والظاء وزعم آخرون أن الحاء في السريانية والعبريانية والحبشية كثيرة وان الظاء وحدها مقصورة على العرب . ومنها : ستة أحرف للعرب ولقليل من العجم وهن : العين والصاد والضاد والقاف والطاء والثاء وما سوى ذلك فللخلق كلهم من العرب والعجم إلا الهمزة فإنها لم تأت من كلام العجم إلا في الابتداء ) اهـ وفي القرن الثامن الهجري نلاحظ تسرب مقولة ابن دريد عن الحروف الستة التي انفردت بكثرة استعمالها للعرب وهي قليلة في لغة العجم ولا توجد في لغات كثيرة منهم ابن الجزري ( ت 833 هـ) وقد أصاب التصحيف رسم حرف الطاء المهملة وهو الحرف الخامس من الحروف الستة فرسم بالظاء المعجمة على النحو التالي في التمهيد لابن الجزري ( " وكذا ستة أحرف انفردت بكثرة استعمالها العرب وهي قليلة في لغة العجم ولا توجد في لغات كثيرة منهم وهي : العين والصاد والضاد والقاف والظاء والثاء ) اهـ ويرى بعض الباحثون أن التصحيف قد وقع في الأصل من ابن الجزري وليس من محقق الكتاب ودليله فيما ذهب إليه ما أورده أبو الحسن الصفاقسي في كتابه تنبيه الغافلين نقلا عن الجزري دون عزو إليه من قول الأصمعي السابق الإشارة فقال في التنبيه ص 32 ( اعلم أن لغة العرب أكثر اللغات حروفا فليس في لغة العجم ظاء معجمة ولا حاء مهملة .... وكذلك خمسة أحرف انفردت العرب بكثرة استعمالها ولم توجد في بعض لغات العجم البتة وهي : العين والصاد المهملتان والضاد والقاف والثاء المثلثة ) اهـ ومن خلال استقراء كلمات العلماء السابقة نعلم أن اللغة العربية لم تنفرد بالضاد فحسب بل شاركها فيها عدة أحرف أخر فقول ابن دريد هذا ((: ستة أحرف للعرب ولقليل من العجم وهن : العين والصاد والضاد والقاف والطاء والثاء ) اهـ يدل أن بعض العجم يوجد بقلة لو لغتهم صوت الضاد ومعها باقي الأحرف الستة السالفة الذكر

>>>> يتبع

قلب صادق
17-07-2008, 10:20 PM
4. التعريف بمخرج صوت الضاد التي نزل بـها القرآن


الضاد التي نزل بها القرآن مخرجها من الحافين أو إحداهما ومن الحافتين أكمل مع مراعاة كونها مستطيلة مجهورة رخوة مطبقة ولو انفك عنها أي وصف مما سبق خرجت عن كونها الضاد القرآنية وهي من خصائص لغة القرآن التي تمييزت بها اللغة العربية وغيرها من الأحرف وأكد ذلك ابن الجزري بقوله في التمهيد (وكذا ستة أحرف انفردت بكثرة استعمالها العرب، وهي قليلة في لغات العجم، ولا توجد في لغات كثير منهم، وهي العين والصاد والضاد والقاف والظاء والثاء ) اهـ.

وهذا الصوت يخرج من حافة اللسان اليمنى أو اليسرى أو منهما معا ولكن هذا لا يمنع أن تكون أقصى الحافة كلها إلى منتهاها مشاركة ولكن منشأ صوتها يبدأ في الظهور عندما يضغط القارئ ويتكئ ويعتمد على الأضراس كلها من النواجذ والطواحن والضواحك ولا بد من مراعاة تصادم الحافتين لصفحة الأضراس من الداخل والحافة من أدناها لمنتهاها تشارك في إنتاج صوت الضاد بسبب استطالة اللسان حتى يصطدم بمخرج اللام و كانت بعض قبائل الجزيرة العربية يضغطون على حافتهم اليسرى وقبائل أخرى يعتمدون على حافتهم اليمنى في خروجها وبعضهم كان يخرجها بتوزيع الضغط توزيعا متعادلا متساويا بين الحافتين وعند النطق بالضاد تنطبق حافتي اللسان اليمنى واليسرى على غار الحنك الأعلى فينحبس الهواء خلفهما وبسبب هذا الانحباس يؤدي إلى ضغط هواء الصوت خلف الحافتين وتحت تأثير هذا الضغط يندفع اللسان إلى الأمام قليلا إلى أن يقرع منتهى رأس اللسان مكان التقاء اللحم بالأسنان أي اللثة العليا . والضاد الصامتة تختلف عن الضاد الصائتة وتفصيل ذلك في الآتي
أولا : الضاد الصامتة ( الساكنة )
قال ابن الجزري رحمه الله في المقدمة الجزرية

والضاد من حافته إذ وليا** لاضراس من أيسر أو يمناها

خلق الله تعالى للسان حافتين يمنى ويسرى وهذه الحافة اليمنى تنقسم لأقصى ومنتهى وأدنى وكذلك أختها اليسرى وحدود صوت الضاد متعلق بأقصى الحافة لمنتهاها من اليمين أو اليسار وقوله إذ وليا لأضراس أي جاء بعده أو تلاه فعندما ننطق بالضاد الصامتة (الساكنة ) تصطدم الحافتين بجميع الأضراس العليا والسفلى معا وسبب هذا التصادم يحبس هواء الصوت خلف الحافتين من اللسان فتحت هذا الضغط المستمر لهواء الصوت يستطيل مخرج صوت الضاد حتى يلامس رأس اللسان اللثة العليا وهذا ما سماه علماء اللغة والتجويد بالاستطالة في المخرج وعلى القارئ أن يحذر من استمرار اللسان في الاستطالة ابعد من أصول الثنايا بحيث لو زاد واستطال حتى وصل لأطراف الثنايا العليا تولد صوت آخر هو صوت الظاء اللثوية والسبب في هذا الخطأ المبالغة في استطالة اللسان إلى خارج المنطقة الحدودية الخاصة بمخرج صوت الضاد اللسانية . وهناك من علماء الأصوات من طعن في جريان صوت الضاد بحجة أنه لا يتضح جريانه كباقي الحروف الرخوة والرد على هؤلاء ومن على شاكلتهم نقول أن علماء اللغة والتجويد نقلوا لنا أن العرب في فترة نزول القرآن كانوا ينطقون بالضاد رخوة بجريان الصوت معها جريانا كليا ولكن السبب الذي أدى لضعف جريان الصوت في الضاد الساكنة أن المخرج مغلق نهائيا والصوت محصور بين اللسان وغار الحنك الأعلى لأنها صوت مطبق ومعنى الإطباق انحصار الصوت بين اللسان وقبة الحنك الأعلى والضاد حرف جرى معه اللسان والصوت في وقت واحد فأما جريان اللسان هذا يسميه العلماء الاستطالة في المخرج وأما جريان الصوت هذا يسميه العلماء الرخاوة .
فأثناء جريان اللسان للأمام يكون صوت الضاد مستمرا واستمرار صوتها ذلك ما يسميه العلماء برخاوة صوت الضاد وتحرك اللسان أثناء النطق هذا هو الاستطالة استطالة الضاد أي أن المخرج يجري والصوت يجري معه ولا يشابهها صوت حرف في ذلك أن المخرج يتحرك والصوت يتحرك معا في آن واحد ولكن هل هناك أحرف أخرى يجري معها اللسان والصوت ؟ الجواب لا لأن باقي الحروف يتحقق التصويت بها إما بالقرع أو القلع أو ما يسمى بالتلامس أو التباعد أما الضاد فيما لو كانت ساكنة يتحقق صوتها بالقرع مع جريان اللسان والصوت معا أما في حالة القلع لا شيء يعترض هواء الصوت فيخرج صوتها منفجرا خارج الفم وسماها علماء الأصوات حرف انفجاري والاستطالة تابعة ملازمة للرخاوة وعلى القارئ الحذر من المبالغة في بيان الاستطالة خشية أن يؤدي ذلك إلى شبه السكت أو الفصل والأفضل والأحرى تلقي كيفيتها الصحيحة من شيوخ الأداء المتصل سندهم بالحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والحذر كل الحذر من التلقي ممن شيخهم المصحف فحسب . وكل من لا سند له في القراءة يسمى مصحفي والسبب من هذا التحذير أن القراءة سنة متبعة تأخذ بالنقل الصوتي عن طريق سلسلة الشيوخ المتصل سندهم بالنبي صلى الله عليه وسلم وعلى الجميع أن يعلموا أن قراءة القرآن كيفيتها الصوتية توقيفية .

ثانيا : الضاد الصائتة ( المتحركة )

أما الضاد الصائتة أي المتحركة بأي حركة كانت يتم صوتها بالتجافي بين العضوين فبعض القبائل العربية كانت عندما تريد النطق بالضاد كان أول منطقة من حافة اللسان تفارق ما يحاذيها من منطقة الأضراس الحافة اليمنى والبعض الآخر عند نطقه بالضاد كانت أول منطقة من حافة اللسان تفارق ما يحاذيها من الأضراس الحافة اليسرى والبعض الأخر من الحافتين معا بتوزيع الضغط عليهما توزيعا متساويا . وبعض العرب يجعل المنطقة اليمنى من حافة اللسان هي التي تفارق غار الحنك الأعلى أولا . ونفس الأمر مع الحافة اليسرى والبعض الآخر كانوا يجدون من الأسهل عليهم أن يفارق اللسان عن غار الحنك الأعلى جملة واحدة فيتوزع هواء الصوت يمنة ويسرة بنسبة متساوية . و هي عند سيبويه ( من بين أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس ) اهـ وفي كتاب سر الصناعة لابن جني ج1 ص 52 يوافق ابن جني سيبويه ويزيد : إلا أنك أن شئت تكلفتها من الجانب الأيمن وأن شئت من الجانب الأيسر وخروجها من الأيسر أيسر ، ) اهـ وخالف الجاحظ في كتابه البيان ج1 ص 33 فقال : " فأما الضاد فليس تخرج إلا من الشدق الأيمن إلا أن يكون المتكلم أعسر يسرا مثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يخرج الضاد من أي شدقيه شاء ...) اهـ ولكن لعل سألا أن يسأل أيهما أفضل النطق بالضاد من الحافة اليمنى أم اليسرى أم منهما معا ؟ أقول لكل قارئ أن يختار الأسهل والأيسر عليه وإن كنت أميل لخروجها من الجهتين معا في آن واحد هكذا تلقيتها من شيوخ الأسانيد وهكذا أعلم تلاميذي كيف يحسنوا خروجها من الجهتين معا وخروجها من الجهتين فيه مزيد قوة وبيان لصوتها .

>>> يتبع

قلب صادق
17-07-2008, 10:28 PM
4. هل الضاد أصعب المخارج كما اشتهـر أم لا ؟



اشتهر وانتشر من خلال استقرائي لكتب المتقدمين والمعاصرين الإجماع على قولهم أن الضاد أصعب الحروف على الإطلاق وهذا لا يعني إسقاط التكليف في إخراجها من مخرجها كما يتوهم البعض ودليلهم في ذلك كلام ابن كثير المفسر بل هم مكلفون بإخراجها من مخرجها لأننا متعبدون بتلاوة القرآن فهمناه أم لم نفهمه كما أننا متعبدون بإقامة حدوده فهذه كتلك سواء بسواء ويظن البعض من الناس أن في إخراج هذا الحرف بالكيفية القديمة للضاد الفصحى يحدث فتنة والحق أن الفتنة في مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم ومخالفة قراءة القرآن كما نزلت قال صلى الله عليه وسلم ( اقرءوا كما علم ) والفتنة الحقيقية في عدم قراءة حرف الضاد كما نزل به الوحي. وذكر عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح في التجويد تعريف مخرج الضاد ولم يتعرض لذكر أي صعوبة لنطقه بقوله ص 78 ( ومن أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد وإن شئت أخرجتها من الجانب اليمن وإن شئت من اليسر ....) اهـ فقوله إن شئت فيه دلالة أن الضاد بالتدريب والممارسة يسهل التلفظ بها من أي جانب أو من الحافتين معا .
وقيل لا ينقاد خروج الضاد لكل أحد إلا لصاحب اللسان القيم بالفصاحة وقال ابن الجزري في نشره ( وليس في الحروف ما يعسر على اللسان غيره فإن ألسنة الناس فيه مختلفة وقل من يحسنه ) وأشار إلى ذلك أيضا الإمام شريح فقال : الضاد أعظم وأشق على القارئ من الظاء ) ونجد الإشارة إلى عسر هذا الحرف في أقوال شرّاح الشاطبية وغيرها من الكتب فهل هذا الكلام على إطلاقه أم فيه تفصيل ؟
ولو سألت سألا افتراضيا - وإن كنت لا أحب الإجابة على الأسئلة الافتراضية - نفترض أن ابن الجزري رحمه الله تعالى بيننا وسألناه سؤال هل تجد صعوبة في نطق الضاد الآن أم لا ؟ لقال لا ولأجاب الشاطبي والداني ومكي وغيرهم بنفس الجواب أن الضاد لا صعوبة ولا مشقة في نطقها وخاصة من متمرس متصدر للإقراء والتعليم ولكن متى الوقت الذي تكون الضاد فيه أصعب المخارج على القارئ ؟ الجواب هو المبتدئ في القراءة العامي وكذلك غير العربي نعم هؤلاء الضاد في حقهم أصعب وأعسر الحروف في النطق على الإطلاق ويلحق بذلك عوام العرب في الوقت المعاصر والسبب أن علماء الأصوات قالوا أن العاميات المعاصرة العربية لا يوجد في نطقهم الضاد العربية الفصيحة بل تطورت الضاد الفصيحة وصارت مفخم الدال في تلفظهم اليومي لأصوات الكلام ... فالله المستعان كيف نقرأ القرآن ونبدل الضاد العربية الفصيحة بمفخم الدال ولكن هذا هو واقع بعض الدول العربية الآن في نطقها للضاد ومنهم من يبدلها ظاءا خالصة فما بالكم بالعجم وغير العربي كيف له أن يحسن النطق بالضاد الفصيحة فهؤلاء ومن على شاكلتهم الضاد أصعب المخارج عليهم أما من تدرب عليها برياضة الفك واللسان معا فهي سهلة ويسرة كباقي الحروف قال ابن الجزري رحمه الله في المقدمة الجزرية :
(( وليس بينه وبين تركه ****** إلا رياضة امرئ بفكه ))
وهناك حروف يصفها المحققون بالثقل والصعوبة وما أسهلها على من اعتادها ، كالهمز مثلا : موصوف بأنه أثقل وأشد الأصوات كما قال الضباع ـ رحمه الله ـ : ولثقل الهمز جرى أكثر العرب على تخفيفه . وقال الدكتور إبراهيم أنيس : والنطق بالهمزة عملية تحتاج إلى جهد عضلي مما يجعل الهمزة أشد الأصوات . وقال مكي بن أبى طالب ـ رحمه الله تعالى ـ : الهمزة على انفرادها حرف بعيد المخرج جلد صعب على اللافظ به بخلاف سائر الحروف مع ما فيها من الجهر والقوة ، ولذلك استعملت العرب في الهمزة المفردة ما لم تستعمله في غيرها من الحروف ، فقد استعملوا التحقيق والتخفيف وإلقاء حركتها على ما قبلها وإبدالها بغيرها من الحروف وحذفها في مواضعها ، وذلك كله لاستثقالهم لها ، ولم يستعملوا ذلك في شئ من الحروف غيرها .
ولا داعي من إثارة الرعب والخوف في قلوب من أراد تعلم القرآن من تخويفه بالضاد وصعوبتها وغير ذلك من الألفاظ ونجد في بعض الكتب التي صنفت في التجويد من قولهم أن خروجها من الأيمن أيسر ومن الأيسر أعسر ومنهما عسير فكلٌ يعبر عن سهولة ما تيسر له وعن عسر ما صعب عليه من نطقها وكل هذا الرعب الذي يسيره بعض طلاب العلم وبعض الشيوخ من تخويف الناس من صعوبة مخرج الضاد لا أحبه وكم من شخص قرأ علي وكانت الضاد صعبة عليه وعلمته كيف يتدرب عليها فأحسن نطقها ولله الحمد والمنة . وقيل إن سيدنا عمر رضى الله عنه كان يخرجها منهما معا فهل هذا الأداء للضاد قاصر علي سيدنا عمر فقط أم يمكن لغيره أن يخرجها كما كان يخرجها عمر رضى الله عنه وأرضاه هل الله تعالى أعطاه عضوا ما أعطانا إياه فالذي أعطى سيدنا عمر أسنانا أعطانا مثله أسنانا والذي أعطى سيدنا عمر لسانا أعطانا لسانا والذي أعطي الحبيب عمر حافتين أعطانا كذلك حافتين والجبلة البشرية كلها واحدة فكما أن سيدنا عمر يخرجها من الحافتين معا فنحن بالتدريب نستطيع أن نخرجها مثله _ رضى الله عنه وعن جميع الصحابة أجمعين _ إذن فالذي يتدرب على خروج الضاد من اليمين يحسن خروجها من اليمين وكذلك الذي يتدرب على خروجها من اليسار يحسنها من اليسار والذي يتدرب لإخراجها من الحافتين يخرجها من الحافتين معا وهذا الذي به قرأت على شيوخي وبه أُقرئ غيري فالضاد المتحركة بعض العرب كان يجعل أول منطقة تفارق غار الحنك الأعلى الحافة اليمنى وهذا لا يمنع أن الحافة الأخرى مهملة لا مشاركة لها بل مشاركة لكن بداية الابتعاد بعد الضغط على الحافتين كانت من الحافة اليمنى وهذا كان أسهل على بعض العرب والبعض الآخر من العرب كان يضغط على الحافتين أو منطقة تفارق الحافتين الحافة اليسرى و÷ذا كان أيسر عليهم . وكان بعضهم يباعد بين الحافتين معا في آن ٍ واحد وهذا كان أيسر عليهم . وفي مرة قلت لبعض من قرأ علي لا بد لك أن تخرج الضاد وتنطقها كما كان يتلفظ بها العرب الفصحاء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا شيخ نحن لسنا بعرب فصحاء ولا نستطيع تلفظها كما كانوا يتلفظون بها فقلت له : أليس لك أسنان كما كان للعرب قديما قال بلى قلت له أليس لك لسان وشفتين قال : بلى قلت له مكونات فمك هي نفسها مكونات فم العربي القديم فكما نطقوا هم بالضاد الفصيحة تستطيع أن تنطق بالضاد الفصيحة مثلهم مع التدرب والتعود عليها .

>>> يتبع

قلب صادق
17-07-2008, 10:32 PM
5 . حديث ( أنا أفصح من نطق بالضاد ) هل يصح ؟



قال ابن كثير المفسر رحمه الله في تفسره ج1 ص 29 ( .... وأما حديث _ أنا أفصح من نطق بالضاد _ فلا أصل له والله أعلم ) اهـ وذكر الصفاقسي رحمه الله في كتابه تنبيه الغافلين عند كلامة على هذا الحديث( .... والحديث المشهور على الألسنة أنا أفصح من نطق بالضاد لا أصل له ولا يصح انتهى .... وفي الهامش قال المحقق محمد الشاذلي عن هذا الحديث ( في المقاصد الحسنة في بيان ما يكثر من الأحاديث المشتهرة على الألسنة : حديث أنا أفصح من نطق بالضاد معناه صحيح ولكن لا اصل له كما قال ابن كثير اهـ . ونقل السيوطي في كتابه الدرر المنثور كلام ابن كثير المفسر حول هذا الحديث بأن لا أصل له وفي كتاب كشف الخفاء للإمام العجلوني ( أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش. قال في اللآلئ معناه صحيح، ولكن لا أصل له كما قال ابن كثير وغيره من الحفاظ، . وأورده أصحاب الغريب، ولا يعرف له إسناد، ورواه ابن سعد عن يحيى بن يزيد السعدي مرسلا بلفظ أنا أعربكم أنا من قريش، ولساني لسان سعد بن بكر، ورواه الطبراني عن أبي سعيد الخدري بلفظ أنا أعرب العرب، ولدت في بني سعد، فأنىّ يأتيني اللحن؟ كذا نقله في مناهل الصفا بتخريج أحاديث الشفا للجلال السيوطي، ثم قال فيه ( والعجب من المحلى حيث ذكره في شرح جمع الجوامع من غير بيان حاله ) اهـ ، وذكره شيخ الإسلام زكريا في شرح المقدمة الجزرية، ( أنا أفصح العرب بَيد أني من قريش ) وأورده أصحاب الغرائب ولا يعلم من أخرجه ولا إسناده انتهى. وفي كتاب المقاصد الحسنة للإمام السخاوي قال (حديث: أنا أفصح من نطق بالضاد، معناه صحيح، ولكن لا أصل له كما قاله ابن كثير. وفي كتاب تذكرة الموضوعات في باب فضل الرسول صلى الله عليه وسلم للإمام الفَتّنِي (أنا أفصح من نطق بالضاد" معناه صحيح ولكن لا أصل له)) قلت معناه والله أعلم أن أفصح من خصت ألسنتهم بنطق هذا الحرف وهم العرب العرباء إذ الضاد حرف من حروف الهجاء للعرب خاصة صرح بذلك أيضا مجد الدين الفيروز آبادي في القاموس، وقال العلامة أحمد بن الحسن الجاربردي شارح الشافية في معناه أنا أفصح العرب ويؤيد هذا المعنى حديث آخر من أمثال هذا الحديث "أنا أفصح العرب بيد أني من قريش" ولله در المتنبي الشاعر فإنه أفصح هذا المعنى في ديوانه حيث قال :
((لا بقومي شرفت بل شرفوا بي * وبنفسي فخرت لا بجدودي ))
(( وبهم فخر كل من نطق الضا * د وعوذ الجاني وغوث الطريد ))
والله أعلم أه مصححه عفا الله عنه...)) اهـ وكذلك ينظر في النشر ج1 ص 220 والمقاصد الحسنة للسخاوي ص 95 والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع ص 61/62. وقد ذكر الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي في كتابه سبل الهدى والرشاد ج2 ص 103 بقوله ( .... ما اشتهر على ألسنة كثير من الناس أنه صلى الله عليه وسلم قال ( أنا أفصح من نطق بالضاد ) فقال الحافظ عماد الدين ابن كثير وتابعه تلميذه الزركشي وابن الجوزي والشيخ ابن حجر العسقلاني والسخاوي : أنه لا أصل له ومعناه صحيح والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أفصح العرب لكونهم الذين ينطقون بها ولا توجد في لغة غيرهم ) اهـ ويشير فخر الدين الجاربردي إلى أن الحديث يعني ( أنا أفصح العرب ) لا أفصح في نطق الضاد بقوله ج1 ص338 أما ( من قال أنه عنى نفس الضاد لصعوبتها فقد أخطأ لاستواء العرب الأقحاح في الإتيان بالحروف كلها ) اهـ أما المعنى الذي يشير إلى أن الرسول أفصح العرب فترجع أصوله إلى عدد من الأحاديث المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم التي وردت في كتب السيرة النبوية وكتب الطبقات في روايات مختلفة مثل أنا أعربكم ... ) و ( أنا أعرب العرب .... ) وما ورد في كتب غريب الحديث مثل ( أنا أفصح العرب ... ) وقد أشار أبو حاتم السجستاني ( ت 255 هـ) في كتابه المذكر والمؤنث ص 33/ 34 إلى أن فصاحة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت طبعا لا تعليما كما عد من العجمة وعدم الفصاحة جعل الضاد ظاء أو الظاء ضادا كما يتبين من النص التالي ( قال أبو حاتم : الفصاحة زينة ومروءة ترفع الخامل وتزيد النبيه نباهة ويقال : المرء مخبوء تحت لسانه يعني : إذا نطق فأحسن وأفصح عظم في العيون وإن كان رث الهيئة .... وإن أنث المذكر أو ذكر المؤنث وجعل الضاد ظاء والظاء أو الظاء ضادا اقتحمته العين وأن كان بهي المنظر والملبس ... وكانت لغة الرسول صلوات الله عليه وأصحابه الفصاحة طبعا لا تعليما ... كما أن من العجمة أن تجعل الضاد ظاء أو الظاء ضادا ) اهـ

يتبع ....

قلب صادق
17-07-2008, 10:36 PM
6
. صفات صوت الضاد التي نزل بـها القرآن (هام جداا )



صوت الضاد العربية اللسانية التي نزل بها القرآن يتولد هذا الصوت من الحافتين مع ما يحاذيهما من أضراس النواجذ والطواحن والضواحك كل ذلك حدود مخرج الضاد يصاحب ذلك جريان اللسان وجريان الصوت في وقت واحد وجريان اللسان يسمى بالاستطالة وجريان وامتداد الصوت يسمى بالرخاوة وتتصف بعدة صفات أخرى. وهي : صوت لساني يتذبذب معه الوتران الصوتيان في الحنجرة , وصوت لساني مجهور ينحبس معه هواء الزفير فلا يجري معه هواء النفس , وصوت لساني رخو : يجري معه الصوت جريانا كليا وصوت لساني مطبق : ينضغط الصوت بين اللسان وغار الحنك الأعلى عند التلفظ به . وصوت لساني مفخم أي : سِمَنٌ يدخل على صوتها فيمتلئ الفمُ بصداه وقد أخطاء من العلماء من قال بقلقلته وعلى القارئ الحذر من ذلك وهو منتشر كثير بين العوام . وصوت لساني مستطيل يمتد اللسان به حتى يصل ويصطدم منتهاه باللثة العليا ولا يزيد على ذلك ولو زاد اللسان قليلا في هذه الاستطالة حتى يصل لأطراف الثنايا العليا لتحول صوت الضاد لصوت الظاء اللسانية اللثوية . والضاد صوت جميع صفاته قوية ما عدا رخاوته وكل حرف فيه زيادة صوت لا يدغم في ما هو أنقص منه صوتاً . وفي الضاد استطالة ليست لشيء من الحروف فلم يدغموها في شيء من الحروف المقاربة لها ، إلا ما روي من إدغامها في الشين في قوله تعالى ( لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ )(النور: من الآية62) وسوغ ذلك ما في الشين من تفش يشبه الاستطالة يقربها من الضاد. ومن ثم أدغمت اللام والتاء والدال والطاء والثاء والذال والظاء في الضاد ، ولم تدغم هي فيهم . . وفي التمهيد لابن الجزري رحمه الله ص 52 قال : (( الثامن : حروف الإطباق ، وهي أربعة أحرف ، الطاء والظاء والصاد والضاد ، سميت بذلك لأن طائفة من اللسان تنطبق مع الريح إلى الحنك عند النطق بها ، مع استعلائها في الفم ، وبعضها أقوى من بعض ، فالطاء أقواها في الإطباق وأمكنها ، لجهرها وشدتها . والظاء أضعفها في الإطباق ، لرخاوتها وانحرافها إلى طرف اللسان مع أصول الثنايا العليا . والصاد والضاد متوسطتان في الإطباق التاسع : الحروف المنفتحة، وهي ما عدا حروف الإطباق، وسميت بالمنفتحة لأن اللسان لا ينطبق مع الريح إلى الحنك عند النطق بها، ولا ينحصر )) اهـ . إذن يستخلص من ذكر هذه الصفات أن الضاد العربية التي نزل بها القرآن مجهورة رخوة مستعلية مطبقة مفخمة مستطيلة فلو أتى القارئ بهذه الصفات على كمالها فقد نطق بالضاد التي نزل بها القرآن وخرج وابتعد عن الضاد الضعيفة التي ذكرها سيبويه .

قلب صادق
17-07-2008, 10:42 PM
7. صوت الضاد اللسانية الضعيفة عند سيبوبه (مهم )


وضح سيبويه رحمه الله في كتابه أن هناك تضادا تسمى بالضاد الضعيفة وهذه الضاد الضعيفة يطالب بعض أهل التصنيف لكتب التجويد بها وأغلبهم يعرِّفون مخرج الضاد بما وصفه سيبويه بالضاد الضعيفة ولمعرفة الضاد الفصيحة لابد من تمييز الضاد الضعيفة من غيرها وقد أشار سبيويه إلى صورة من صور نطق الضاد في القرن الثاني الهجري وهي الضاد الضعيفة وعدها من الحروف القليلة في لغة من ترتضى عربيته ولا تستحسن في قراءة القرآن ولا في الشعر وعند وصف سيبويه لطريقة نطق الضاد الضعيفة أشار إلى ثلاثة نقاط أولاهما كون مخرجها من إحدى الحافتين فحسب وهذا التعريف تعتمده أغلب كتب التجويد وثانيهما صفة الإطباق وثالثها صفة الاستطالة لمخرج الضاد مما ينتج عنه مخالطة مخرج الضاد لمخارج غيره من الأصوات اللسانية التالية له في تتابع مخارجها وقد جاء وصف سيبويه للضاد الضعيفة في سياق كلامه عن تعداد الحروف العربية وعدها تسعة وعشرون حرفا وبين ذلك سيبويه بقوله في كتابه ج 4 ص 432 (( وهذه الحروف التي تممتها اثنين وأربعين جيدها ورديئها أصلها التسعة والعشرون لا تتبين إلا بالمشافهة إلا أن الضاد الضعيفة تتكلف من الجانب الأيمن وإن شئت تكلفتها من الجانب الأيسر وهو أخف لأنها من حافة اللسان مطبقة لأنك جمعت في الضاد تكلف الإطباق مع إزالته عن موضعه وإنما جاز هذا فيها لأنك تحولها من اليسار إلى الموضع الذي في اليمين وهي أخف لأنها من حافة اللسان وأنها تخالط مخرج غيرها بعد خروجها فتستطيل حيث تخلط حروف اللسان فسهل تحويلها إلى الأيسر لأنها تصير في حافة اللسان الأيسر إلى مثل ما كانت في الأيمن ثم تنسل من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان كما كانت كذلك في الأيمن )) اهـ ونستطيع من عبارة سيبويه السابقة من وضع تصور لوصف الضاد الضعيفة وهي التي تخرج من الحافة اليمنى فحسب أو من الحافة اليسرى فحسب . وهذا التصور يضع علماء التجويد في مأزق لا سبيل للخروج منه إلا بالبحث في بطون كتب الأوائل لمعرفة هل هناك غير سيبويه من وصف الضاد بالضعف وما هو تعريف الضاد الضعيفة لتجتنب . وقد ترتب على عدم وضوح عبارة سيبويه اختلاف اللاحقين في فهم مقصده فنجد من يرى أن الضاد الضعيفة هي الضاد التي ضعف إطباقها وهو ما ذهب إليه أبو على الفارسي ( ت 377هـ) كما يستفاد ذلك مما نقله عنه أبو حيان النحوي الأندلسي ( ت 745هـ) حيث قال في كتابه ارتشاف الضرب ج 1 ص 13/ 15 ( تستقبح وهي كاف كجيم فرع عن الكاف الخالصة وهي لغة في اليمن كثيرة وفي أهل بغداد ...... وضاد ضعيفة قال الفارسي : إذا قلت : ضرب ولم تشبع مخرجها ولا اعتمدت عليه ولكن تخفف وتختلس فيضعف إطباقها ) اهـ ويرى عالم آخر أن الضاد الضعيفة مستقبحة وزعم أن ذلك مرض من أمراض التلفظ بصوت الضاد وهو اللثغة ومن العجز عن إخراج الحرف على حقه وصاحب هذا الرأي هو الإمام أبو الحسن الرماني ( ت 384 هـ) يقول الرماني في شرحه لكتاب سيبويه ( فأما الأحرف المستقبحة فإنها تجري مجرى اللثغة في العجز عن إخراج الحرف على حقه وهي الكاف كالجيم والجيم كالكاف وهذا ضعيف جدا لتباعد ما بين الحرفين وهو دليل على العجز عن إخلاص الحرف حقه .... والضاد الضعيفة للعجز عن إخراجها قوية على حقها ..... فهذه سبعة أحرف غير مستحسنة لما بينا من أنها تجري مجرى اللثغة إلا أنها لما كانت في جماعة كثيرة من العرب بينها ليعرف المذهب فيها ويفصلها من الحروف المستحسنة ويبين أنها لا تجوز في القراءة ) اهـ وفي مقابل رأي الرماني الذي يرى في نطق صوت الضاد ضعيفة شكلا من أشكال اللثغة عند جماعة كثيرة من العرب نجد رأيا آخر ينسب ذلك النطق إلى قوم ليس في لغتهم ضاد وهذا يعني أنهم من غير العرب من العجم وصاحب هذا القول أبو سعيد السيرافي ( ت 368 هـ) حيث يقول ( الضاد الضعيفة : .... إنها لغة قوم ليس في لغتهم ضاد فإذا احتاجوا إلى التكلم بها في العربية اعتضلت عليهم فربما أخرجوها ظاء لإخراجهم إياها من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا وربما تكلفوا إخراجها من مخرج الضاد فلم يتأت لهم فخرجت بين الضاد والظاء ) اهـ وقد أشار ابن عصفور ( ت 669هـ) إلى مثل قول السيرافي السابق حيث قال في الممتع ج 2 ص 667 ( وكان ذلك في لغة قوم ليس في اصل حروفهم الضاد ) اهـ إلا أنه عاد بعد ذلك عند القول عن الحروف المسترذلة - ومنها الضاد الضعيفة – إلى الإيماء بأن هذا النطق للعرب أيضا كما هو للعجم نتيجة اختلاط العرب بالعجم حيث قال ( وكان الذين تكلموا بهذه الحروف المسترذلة خالطوا العجم فاخذوا من لغتهم ) اهـ لكن المقارن بين كلام السيرافي والرماني يجده متضادا وحاول الدكتور أحمد عبد المجيد هريدي الجمع بينهما بقوله في كتابه صوت الضاد وتغيراته ص 38 ( وللتوفيق بين ما ذهب إليه الرماني وما ذهب إليه السيرافي فإننا يمكننا القول بأن هذا النطق للضاد الضعيفة وغيره من الحروف المسترذلة كان لغة عند بعض العرب نتجت عن لكنة أعجمية لمن نشأ من العرب مع العجم ....) اهـ وهناك رأي آخر يرى أن الضاد الضعيفة هي التي تقرب من صوت الثاء وصاحب هذا القول الدكتور غانم قدوري الحمد في كتابه الدراسات الصوتية ص 280 قال : ( ...... والذي يظهر أن الضاد الضعيفة هي التي تقرب من الثاء عكس ما قال مبرمان وابن عصفور فنقول في اضرب زيدا اثرب زيدا بين الضاد والثاء ) اهـ والآن تعددت الأقوال حول الضاد الضعيفة والبعض الآخر من العلماء يرى أن بعض الانحرافات الصوتية التي دخلت على الألسن غيرت التلفظ الصحيح بالضاد التي نزل بها القرآن وقد تعرض عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح في التجويد لقضية الضاد الضعيفة بقوله ص 84/ 85 ( قال سيبويه : إلا أن الضاد الضعيفة تتكلف من الجانب الأيمن وغن شئت تكلفتها من الجانب الأيسر وهي أخف منها من حافة اللسان وإنما تخالط مخرج غيرها بعد خروجها فتستطيل حتى تخالط حروف اللسان فسهل تحويلها إلى الأيسر لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كانت في اليمن ثم تنسل من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان
كما كانت في الأيمن وإنما قال : وهي أخف لأن الجانب الأيمن قد اعتاد الضاد الصحيحة وإخراج الضعيفة من موضع قد اعتاد الصحيحة أصعب من إخراجها من موضع ِ لم يعتد الصحيحة ) اهـ وقال أيضا في موضع آخر أن الضاد الضعيفة لغة قوم ليس في نطقهم ضاد ونقل قول ابن عصفور السالف الذكر . ويبدو أن مصطلح ( الضاد الضعيفة ) لم يعد يطلق على صوت محدد فإذا كان سيبويه قد أطلقه على صوت محدد فإننا نجد العلماء بعده يستخدمونه للإشارة إلى أكثر من صوت وذلك حسب ما تؤول إليه الضاد سواء كان ذلك الصوت ظاء أو بين الضاد والظاء أو بين الضاد والثاء وخلاصة القول في موضوع الضاد الضعيفة هي أن الضاد العربية القديمة التي وصفها سبيويه بأنها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس رخوة مجهورة مطبقة مستطيلة لم يعد ينطق بها في عصرنا إلا بعض القراء المتقنين وأنها تغيرت منذ أمد بعيد إلى عدة أشكال وصوتية كل شكل يستخدم في جهة من جهات البلدان التي تتكلم العربية وأن اشهر تلك الأشكال نطق الضاد ظاء كما في العراق ومناطق الخليج العربي ونطقها دالا مفخمة كما في مصر وقد كان علماء التجويد مدركين بشكل عام منذ أمد بعيد لهذا التغيير ولهذا نبهوا وقعَّدوا بدقة للضاد التي نزل بها القرآن . إذن ما هو وصف الضاد التي نزل بها القرآن لكي يأتي القارئ بها ويحذر الخلل في نطقها خشية أن يؤول صوتها للضاد الضعيفة المستقبحة كما وصفها سيبويه وبعض العلماء ؟ وللجواب عن ذلك يجب على القارئ معرفة أن الضاد الضعيفة التي لم تستوف صفات الضاد العربية الفصيحة المستطيلة المجهورة المستعلية المطبقة التي من الحافتين معا كما روي ذلك في بعض كتب التجويد أن النبي صلى الله عليه وسلم وسيدنا عمر رضى الله عنه كانا يخرجانها من الحافتين معا

يتبع .....

قلب صادق
17-07-2008, 10:45 PM
7. صوت الضاد الدالية والطائية عند المعاصرين


تختلف الظواهر الصوتية العامية عند العرب المعاصرين عن بعض الظواهر الصوتية الفصحى التي نزل بها القرآن ومن ذلك ما انتشر بين بعض العرب المعاصرين وأخص منهم المصريين فقد أصاب ضادهم التطوير فقد صارت الضاد عندهم صوتا شديدا بعد أن كان رخوا في القديم كما صارت الطاء والقاف والباء أصوات مهموسة عندهم في اللهجة الدارجة اليومية لديهم وصرح علماء الأصوات أن الضاد التي ينطق بها في مصر الآن لا تختلف عن الدال في شئ ويبدو أن الضاد العربية القديمة قد تحولت في نطق المصريين إلى طاء منذ فترة مبكرة ولم يقتصر هذا التحول في النطق على تلاوة القرآن الكريم كما لاحظه علماء القراءات بدءا من القرن الثامن الهجري عصر بن الجزري رحمه الله بل إن الخلط في النطق بين الضاد والطاء وعدم التفرقة بينهما قد شاع عند العوام وامتد أثره على الكتابة أيضا كما صرح بعض العلماء بذلك وقد أشار بن الجزري وهو من علماء القرن الثامن الهجري إلى تحول مخرج صوت الضاد العربية القديمة عند أكثر المصريين وبعض أهل المغرب ونطقهم إياها طاء مهملة بقوله ص 87 التمهيد ( " واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره والناس يتفاضلون في النطق به فمنهم من يجعله ظاء مطلقا ..... ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة لا يقدرون على غير ذلك وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب )) اهـ وفي القرن التاسع الهجري أشار ابن حجة الحموي ( ت 837هـ) إلى أن المصريين يبدلون الضاد دالا وذلك في سياق تفسيره لاسم ( مدغليس ) مخترع فن الزجل حيث قال في كتابه بلوغ الأمل في فن الزجل ص 100/ 101( " وهذا الاسم مركب من كلمتين أصله مضع الليس والليس جمع ليسة وهي لقية الدواة وذلك لأنه كان صغيرا بالمكتب يمضع ليقته والمصريون يبدلون الضاد دالا فأطلق عليه هذا الاسم وعرف به " ) اهـ وفي القرن العاشر الهجري أشار ابن غانم المقدسي ( ت 1004هـ) إلى نطق المصريين " بالضاد ممزوجة بالدال المفخمة أو الطاء المهملة " وصرح بذلك في كتابه بغية المرتاد لتصحيح الضاد ص 121 وفي القرن الثاني عشر الهجري يكرر محمد المرعشي المعروف بساجقلي زاده ( ت 1150هـ) التأكيد أن نطق الضاد الشائع في زمانه كالطاء خطأ يجب التنبيه عليه . وذكر د / إبراهيم أنيس في كتابه الأصوات اللغوية ص 36 أن الضاد تنطق من مخرج الدال بقوله ( "......التجارب الحديثة تبرهن على أن الطاء كما تنطق بها الآن صوت مهموس وان نظيرها غير المطبق هو التاء كما تبرهن على أن الصوت المطبق الذي نظيره الدال هو الضاد كما تنطق بها الآن فما وصفوه لنا على أنه الطاء هو في الحقيقة الضاد المصرية الحديثة " ) اهـ قلت فالهدف من سرد هذه الأقوال تحذير العربي المعاصر وخاصة المصريين منهم من تلاوة القرآن بهذه الضاد الحديثة فهو لحن فادح في كتاب الله ولمن أراد الإتقان وقراءة أصوات الأحرف القرآنية كما نزلت عليه أولا معروفة الظواهر الصوتية في قومه التي تغاير الصوت العربي الذي نزل به القرآن فإن من عرف ذلك لم يمزج بين الأصوات الفصحى القرآنية والأصوات العامية وإن أردت المزيد في ذلك عليك بالاطلاع على بحثي المسمى ( الفرق بين الظواهر الصوتية القرآنية والظواهر الصوتية العامية ) ففيه الفائدة إن شاء الله .

يتبع .....

قلب صادق
17-07-2008, 10:49 PM
9. التعريف بصفة استطالة صوت الضاد اللسانية ( مهم )



قال صاحب القاموس المحيط الاستطالة لغة : امتدّ , ومن معاني الاستطالة أيضا : ارتفع وتفضل , ويقال أربى الربا الاستطالة في عرض الناس أي اسْتِحْقارُهم ، والتَّرَفُّع عليهم ، والوَقيعةُ فيهم . _ ويقال _ واسْتِطالَةُ البَرْقِ إلى وسَطِ السماءِ من غيرِ أن يأخُذَ يميناً وشمال. وفي لسان العرب : ً لاسْتِطالة على الناس إِذا هو رَفَع رأْسَه ورأَى أَنّ له عليهم فَضْلاً في القَدْر. وفي اصطلاح اللغويين والقراء : تعددت التعاريف في ذلك بين مصيب وبين من جانبه الصواب وسوف أذكر الراجح على ما قرره العلماء المتقدمون من اللغويين والمجودين وهو أنه (( امتداد اللسان عند النطق بالضاد من أقصى حافته حتى يصطدم منتهى طرف الحافة للثة العليا ) وهناك فرق بين امتداد اللسان وامتداد الصوت وبعضهم يفهم أن الاستطالة معناها : امتداد الصوت إلى مالا نهاية ، وفي بعض الكتب ( الاستطالة : امتداد الصوت ) وذلك لا يصح لأن امتداد الصوت لا يخص الضاد قال الجعبري في شرحه على الشاطبية باب مخارج الحروف : (( فرق بين المستطيل والممدود بأن المستطيل جرى في مخرجه ، والممدود جرى في نفسه .. )) اهـ وتوضيح هذا أن المستطيل جرى في مخرجه بقدر طوله ولم يتجاوزه والراجح التعريف الأول أما الثاني الذي ذكر في بعض الكتب .هذا ما لا نتكلف الرد عليه فقد كفانا الجعبري رحمه الله الرد عليه . وقال أبو عمرو الداني في كتابه التحديد في الإتقان والتجويد باب الضاد ( المستطيل حرف واحد وهو الضاد : استطال في الفم حتى اتصل بمخرج اللام ) اهـ وقال مكي في الرعاية في تعريفه لصفة استطالة الضاد اللسانية ص 46 ( .....الحرف المستطيل وهو ( الضاد ) سميت بذلك لأنها استطالت على الفم عند النطق بها , حتى اتصلت بمخرج اللام , وذلك لما اجتمع فيها من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء فقويت بذلك واستطالت في الخروج من مخرجها حتى اتصلت باللام لقرب مخرج اللام من مخرجها) اهـ وقال ابن الجزري في التمهيد ص 58 ( والحرف المستطيل وهو الضاد سميت بذلك لأنها استطالت عن الفم عند النطق بها حتى اتصلت بمحرج اللام وذلك لما فيها من القوة ....واستطالت في الخروج من مخرجها وقال رحمه الله في كتابه النشر في القراءات العشر ( والحرف المستطيل هو الضاد لأنه استطال عن الفهم عند النطق به حتى اتصل بمخرج اللام وذلك لما فيه من القوة بالجهر والإطباق والاستعلاء ) اهـ وقال أيضا في المقدمة الجزري (والضاد باستطالة ومخرج ميز من الظاء ) اهـ. وعرفها ابن الوجيه الواسطي في كتابه الكنز في القراءات العشر وهذا الشيخ مجاز من ابن الجزري ونص خط الإجازة التي كتبها ابن الجزري بيده موجودة في نهاية كتابه المخطوط قال ص 40 عن الاستطالة ( ..... الاستطالة والمستطيل حرف واحد وهو الضاد سمى بذلك لأنه : استطال ما فيه من القوة بسبب الجهر والإطباق والاستعلاء فأدرك مخرج اللام ) اهـ
وقال شارح نونية السخاوي الشيخ الإمام حسن بن قاسم النحوي في تعريفه لصفة الاستطالة ص 109 .... ( والضاد حرف مستطيل استطال في مخرجه وامتد صوته حتى اتصل بمخرج اللام ) اهـ فقوله (استطال في مخرجه ) هو تعريف الاستطالة وقوله (وامتد صوته ) هو تعريف رخاوة الضاد .وقال ابن الجزري رحمه الله : والضاد باستطالة ومخرج ميز ... وقال أبو شامة رحمه الله في كتابه إبراز المعاني عند شرحة لهذا البيت من الشاطبية :
وَمُنْحَرِفٌ لاَمٌ وَرَاءٌ وَكُرِّرَتْ كَمَا الْمُسْتَطِيلُ الضَّادُ لَيْسَ بِأَغْفَلاَ
....... قال الشيخ وسمى الضاد مستطيلا لأنه استطال حتى اتصل بمخرج اللام قال مكي والاستطالة تمدد عند بيان الضاد للجهر والإطباق والاستعلاء وتمكنها من أول حافة اللسان إلى منتهى طرفه فاستطالت بذلك فلحقت بمخرج اللام ومعنى ليس بأغفلا أي معجم احترز بذلك من الاشتباه بالصاد..) اهـ قلت والأولى أن يقال الاستطالة عمل اللسان ورخاوته عمل الصوت .وفي كتاب مدخل لعلوم العربية عرف علماء الأصوات الاستطالة بقوله ص 79 (( : أن يستطيل مخرج الصوت ويتصل بمخرج آخر وذلك وصف ينطبق على الضاد القديمة الرخوة التي تخرج من جانب اللسان وبين ما يليه من الأجزاء من يمين اللسان أو من شماله أو من الجانبين والأكثر من اليمين ، وهذا هو المخرج القديم للضاد كان يستطيل حتى يتصل بمخرج اللام الجانبية ولذلك وصفت بالاستطالة ونطقها بعض الأفارقة لاما أما الآن فقد تطور نطقها إلى مفخم الدال . ) اهـ. وذكر عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح في التجوي ( ت461 هـ) بقوله ( وفي الضاد استعلاء واستطالة وجهر وإطباق يجب مراعاته فيها وتوفيره عليها سيما في ما يشتبه لفظه مثل )الضَّالِّينَ)(الشعراء: من الآية86) و ) الظَّانِّينَ)(الفتح: من الآية6) و) ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ)(الاسراء: من الآية67) و )ى ظَلَّ وَجْهُهُ )(النحل: من الآية58) و ) أَضْلَلْنَ كَثِيراً)(ابراهيم: من الآية36) و ) فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ )(الشورى: من الآية33) و ) نَاضِرَةٌ)(القيامة: من الآية22) )إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة:23) وكذلك في مثل ) ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ )(التوبة: من الآية118) و ) وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ)(هود: من الآية12) لئلا يشتبه بقوله )فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا )(الطلاق: من الآية9) ) ذَائِقَةُ الْمَوْت)(آل عمران: من الآية185) لافتراقهما في المعنى وإن تقاربا في اللفظ ) اهـ وقال ابن الجزري في النشر ج 1 ص 219 عن الاستطالة ( والضاد: تنفرد بالاستطالة. وليس في الحروف ما يعسر على اللسان مثله. فإن ألسنة الناس فيه مختلفة. وقل من يحسنه فمنهم من يخرجه ظاء. ومنهم من يمزجه بالذال. ومنهم من يجعله لاماً مفخمة، ومنهم من يشمه الزاي. وكل ذلك لا يجوز. والحديث المشهور على الألسنة "أنا أنصح من نطق بالضاد" لا اصل له ولا يصح. فليحذر من قلبه إلى الظاء لاسيما فيما يشتبه بلفظه نحو: ) ضَلَّ مَنْ تَدْعُون)(الإسراء: من الآية67) ، يشتبه بقوله: ) ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا)(النحل: من الآية58) ، وليعمل الرياضة في أحكام لفظه خصوصاً إذا جاوره ظاء نحو: ) أَنْقَضَ ظَهْرَكَ)(الشرح: من الآية3) ، ) يَعَضُّ الظَّالِم)(الفرقان: من الآية27) . أو حرف مفخم نحو: ) أَرْضِ اللَّهِ )(لأعراف: من الآية73) ، أو حرف يجانس ما يشبهه نحو: ) الْأَرْضِ ذَهَباً)(آل عمران: من الآية91). وكذا إذا سكن وأتى بعده حرف إطباق نحو: )ِ فَمَنِ اضْطُرّ)(النحل: من الآية115). أو غيره نحو : ) أَفَضْتُمْ)(النور: من الآية14) ، )وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ )(الشعراء: من الآية215) ، وفي تضليل.) اهـ وكما يلاحظ من كلام علماء الأصوات أن العرب المعاصرون لا ينطقون بالضاد الفصيحة البتة بل ينطقون مفخم الدال وهذا واقع بالفعل وسمعته من البعض وخصوصا ممن يتصدر لمحراب الصلاة ولذا الواجب على الجميع أن يتعلموا كيفية التلفظ بالضاد العربية القديمة التي كان ينطق بها العرب في وقت نزول القرآن والطريق الموصل لهذه الضاد الفصيحة شيوخ الأداء المجازيين المتصل سندهم بالنبي صلى الله عليه وسلم فعندهم بركة العلم والسند وحسن التلقي فعلى الجميع الحرص على التعليم على يد هؤلاء . أما من ناحية كيفية حدوث الاستطالة في الفم فيجب أن تعلم أن الاستطالة من الصفات المحسنة ولكن يتضح صوتها كاملا حين سكون الضاد فعند التلفظ بالضاد الساكنة ينطبق اللسان كله على غار الحنك الأعلى انطباقا كاملا تاما فبسبب هذا العمل ينضغط هواء الصوت خلف مخرج الضاد فتحت هذا الضغط يندفع اللسان للأمام قليلا حتى يتصل بمنطقة اللثة وليس كما قالت الدكتورة سعاد عبد الحميد في كتابها تيسر الرحمن في تجويد القرآن عند تعريفها لعمل الاستطالة ص 96 بقولها عن عمل اللسان في الاستطالة ( وتحت تأثير هذا الضغط يندفع اللسان إلى الأمام قليلا حتى يصل إلى الثنايا العليا ...) اهـ وكان الأولى بها أن تقول إلى أصول الثنايا العليا أو اللثة العليا بدل الثنايا العليا فلو اصطدم رأس اللسان بالثنايا العليا لتولد صوت الظاء . وهذا الكتاب ( تيسير الرحمن في تجويد القرآن ) عليه ملاحظات كثيرة فسوف أنشرها على الموقع حماية لجانب الصوت القرآني من إضافات بعض علماء العصر وليتهم اكتفوا بالنقل عن الأئمة المعتبرين القدماء أفضل من الخلل الذي يُقَعِّدون له في بعض كتب التجويد الحديثة . وإلى الله المشتكى فيمن نصبوا أنفسهم مُقَعِّدون لقواعد التجويد من بعض علماء هذا العصر وليتهم يعلموا أن قواعد التجويد مستقرة ولا تقبل الزيادة مثلها مثل قواعد النحو والصرف لكن الملاحظ من خلال استقرائي لكتب التجويد الحديثة أن قواعد النحو والصرف مستقرة وقواعد التجويد ما زالت في تطوير وتجديد فبالله عليكم من الأولى له أن تستقر قواعده القرآن أم قواعد النحو والصرف فمثلا لو جاء رجل لعلماء اللغة العربية وقال لهم نريد نصب الفاعل لأقاموا الدنيا وأقعدوها عليه . وهناك من يأتي ويقول بترك فرجة في الإقلاب فمن أين لهم هذه القاعدة التي لا تعرف إلا من خلال كتب المحدثين . فلماذا لا نرجع لكلام الأئمة المعتبرين الأوائل في هذا الدرب فهم عرب فصحاء قعدوا للصوت القرآني كما تلقوا فرحم الله الجميع.
ويمكن أن نستنتج مما سبق أن المقصود بالاستطالة هو اتساع مخرج حرف الضاد أي أن ما يأخذه الحرف المستطيل من مساحة اللسان أكبر مما يأخذه الحرف غير المستطيل.

يتبع ....

قلب صادق
17-07-2008, 10:54 PM
10- مقالة العلماء المتقدمين بشجرية مخرج الضاد


من معاني الشجر في اللغة في كتاب القاموس المحيط (( : والشَّجْرُ: الأمرُ المُخْتَلِفُ، وما بين الكَرَّينِ من الرَّحْلِ، والذَّقَنُ، ومَخْرَجُ الفَم ، أو مُؤَخَّرُهُ ، أو الصامِغُ ، أو ما انْفَتَحَ من مُنْطَبِقِ الفَمِ، أو مُلْتَقَى اللِّهْزِمَتَيْنِ أو ما بين اللَّحْيَيْن والشَّجْرَة ُ: النُّقْطَةُ الصغيرةُ في ذَقَنِ الغُلام ِ. والحُرُوفُ الشَّجْرِيَّةُ: ش ض ج. ) اهـِ وفي لسان العرب (ج/ص:2/206)(...، والجيم والشين والضاد ثلاثة في حيز واحد، وهي من الحروف الشَّجْرية، والشَّجْرُ مَفْرَجُ الفم، ومخرج الجيم والقاف والكاف بين عَكَدَةِ اللسان، وبين اللَّهاةِ في أَقصى الفَم....(... من الحروف المجهورة، وهي تسعة عشر حرفاً، والجيم والشين والضاد في حيز واحد، وهذه الحروف الثلاثة هي الحروف الشَّجْريّة. ) اهـ وقد عدها الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه العين ج1 ص 58 من الحروف الشجرية والحروف الشجرية عنده هي ـ الجيم والشين والضاد حيث تحتل هذه الحروف حيزا واحدا لأن مبدأها من شجر الفم أي مفرج الفم أي مفتحه والشجر ، مجمع اللحيين عند العنفقة وفي لسان العرب : -العَنْفَقُ: خِفَّةُ الشَّيْءِ، ومنه: العَنْفَقَةُ: لِشُعَيْراتٍ بَيْنَ الشَّفَةِ السُّفْلَى والذَّقَنِ. والعَنْفَقةُ: ما بين الشفة السفلى والذَّقَن منه لخفة شعرها، وقيل: العَنْفَقة ما بين الذَّقَن وطرف الشفة السفلى، كان عليها شعر أَو لم يكن، وقيل: العَنْفَقَةُ ما نبت على الشَّفة السُّفلى من الشَّعر؛ قال الأَزهري: هي شعرات من مقدّمة الشَّفة السُّفلى ورجل بادي العَنْفَقَةِ إذا عري موضعُها من الشعر. وفي الحديث: ((أَنَّه كان في عَنْفَقَتِه شعراتٌ بِيض)).
يقول الخليل :
(( والجيم والشين ثم الضاد معجمة *****والصاد والسين ثم الزاي والطاء ))
وقال الإمام مكي القيسي في الرعاية ص49 ( .... الحروف الشجرية : وهي ثلاثة أحرف الشين والضاد والجيم سماهن الخليل بذلك لأنه نسبهن إلى الموضع الذي يخرجن منه وهو مفرج الفم قال الخليل مفرج الفم أي منفتحه وقال غيره : الشجر مجمع اللحيين عند العنفقة ) اهـ وقال بنفس الكلام بالنص ابن الجزري في التمهيد ص 48 إذن كلام المتقدمين يثبت أن الضاد تلقب بالشجرية مع الجيم والشين وإن كان بعض المتقدمين لا يعد الياء من الأحرف الشجرية فقد عدها البعض الآخر ويترتب على ذلك أن الأحرف التي تلقب بالشجرية أربعة الضاد والجيم والشين والياء ولا يوجد حرف خامس زائدة على هذه الأربعة يلقب بالشجري

يتبع ...[/CENTER]

قلب صادق
17-07-2008, 10:57 PM
11 - هل الضاد العربية متصفة بالتفشي كالشين أم لا ؟



من خلال استقرائي لكتب المتقدمين وحبي الشغوف في بناء شخصيتي التجويدية من العلماء المتقدمين وجدت أكثر من كتاب تحدث أن الضاد متفشية ولعل ذلك يكون فيه غرابة على البعض ممن أغلق نفسه وعقله على الكتب المعاصرة واكتفى بذلك وإن كنت أرى أن كلام المتقدمين حجة وأخص من ذلك تقعيدهم الدقيق(( لبناء قواعد التجويد على أساس صوتي صحيح )) ولا حجة لكلام المعاصرين في المسائل التجويدية وخاصة فيما لو وقع الخلاف بين فريق المعاصرين وفريق المتقدمين كما حدث في مسألة إطباق الشفتين وعدم الإطباق وكما سبق وبينت في بحثي السابق أن المتقدمين مجمعون على إطباق الشفتين في القلب والإخفاء الشفوي أما المعاصرون قالوا بترك فرجة بسيطة جدا وعندما أسألهم أين الدليل لترك هذه الفرجة يستدلون بالكتب المعاصرة وهل لهؤلاء رأي في التجويد بل الحجة لمن تقدم وأطرح على كل من يقرأ بحثي هذا نفترض أن هناك مسألة خلافية بين المعاصرين والمتقدمين في التجويد فأيهما نأخذ بكلامه من الفريقين ؟ بلا شك نقدم كلام المتقدمين أمثال طاهر بن غلبون وابن مجاهد أول من سبع السبعة والداني والشاطبي والجزري ومن على شاكلتهم ولا حجة للمعاصرين ولا رأي لهم في التجويد ولو أشكل علي مسألة في التجويد أذهب للمتقدمين وأسبح في بحر كلامهم وأتعلم من كتبهم ولكن أريد الإنصاف هناك القليل جدا من العلماء المتأخرين مازالوا على نسق المتقدمين في مصنفاتهم أمثال الضباع والشيخ عبد العزيز عيون السود شيخ قراء الشام وأستاذي الشيخ الحبيب إلى قلبي أيمن رشدي سويد وفضيلة الشيخ يحي الغوثاني أعز أصدقائي ومن حذا حذوهم بالنقل عن من تقدم فقط وكانت نصيحتهم ألا تجعل لنفسك رأيا في التجويد تكن من أنجح المدرسين لعلم التجويد بل تنقل عمن تقدم فحسب بحيث لو اصطدم معك أحد شيوخ العصر تخبره بأن هذا ليس بكلامك بل كلام الأئمة المعتبرين وهذا هو منهجي في التدريس إلى يومنا الحالي . أما مسألة تفشي الضاد فقد استخدم سيبويه كلمة التفشي في وصف الشين وكذلك فعل المبرد لكنه وصف الضاد أيضا بالتفشي وتعريف التفشي في اصطلاح المجودين : كما عرفه مكي ( هو كثرة انتشار خروج الريح بين اللسان والحنك وانبساطه في الخروج عند النطق بها ) وصرح بذلك ابن الجزري في كتابه النشر والتمهيد بأن الضاد متفشية وتفشيها في استطالتها وقال بنفس كلام مكي في الرعاية ابن الجزري في التمهيد ص58/ 59 ( .... الحرف المتفشي، وهو الشين. سميت بذلك لأنها تفشت في مخرجها عند النطق بها ...... وقيل إن في الياء تفشياً. فقلت: الواو كذلك. وقال قوم حروف التفشي ثمانية: الميم والشين والفاء والراء والثاء والصاد والسين والضاد، تفشي الميم بالغنة، والشين والثاء بالانتشار، والفاء بالتأفف، والراء بالتكرير، والصاد والسين بالصفير، والضاد بالاستطالة. قلت: ومن جعل الميم حرف تفش بالغنة يلزمه النون، لأنه حرف أغن. ومن لقب الصاد والسين بالتفشي لصفيرهما يلزمه الزاي لأن فيه ما فيها من الصفير. ومعنى التفشي هو كثرة انتشار خروج الريح بين اللسان والحنك وانبساطه في الخروج عند النطق بها حتى يتصل الحرف بمخرج غيره ) اهـ وقال أيضا في النشرج1ص163 (وحروف التفشي وهو الشين اتفاقا لأنه تفشي في مخرجه حتى اتصل بمخرج الطاء وأضاف بعضهم إليها الفاء والضاد وبعض : الراء والصاد والسين والياء والثاء والميم .) اهـ وقال الإمام مكي ابن أبي طالب القيسي في كتابه الرعاية ص 46 ( ......الحرف المتفشي وهو الشين سميت بذلك لأنها تفشت في مخرجها عند النطق به حتى اتصلت بمخرج الظاء وقد قيل إن في الثاء تفشيا , ومعنى التفشي : هو كثرة انتشار خروج هواء الريح بين اللسان والحنك وانبساطه في الخروج عند النطق بها , وقد ذكر بعض العلماء ( الضاد ) مع الشين وقال الشين تتفشى في الفم حتى تتصل بمخرج الظاء والضاد تتفشى حتى تتصل بمخرج اللام قال : وسمى هذان الحرفان المخالطين لأنهما يخالطان ما يتصلان به من طرف اللسان ) اهـ وقد أشار ابن جني ج 1 ص 218 إلى التفشي مقرونا بالاستطالة في الضاد كما تبين من قوله ( وأما الضاد فلان فيها طولا وتفشيا فلو أدغمت في الطاء لذهب ما فيها من التفشي فلم يجز ذلك ) اهـ وبين عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح أن الضاد متفشية بقوله عن التفشي ص 69 ( وأما المتفشية وتسمى المخالطة لأنها تخالط ما يتصل بها في طرف اللسان فالشين والضاد وذلك أن الشين تتفشى في الفم حتى تتصل بمخرج الظاء والضاد تتفشى حتى تتصل بمخرج اللام ولذلك سميت الحرف المستطيل لأنها استطالت من موضعها حتى خالطت بالإطباق الذي فيها الطاء والظاء والصاد وفي الفاء أيضا تفش لأن مخرجها يستطيل .... ومعنى التفشي انتشار الصوت بها عند النطق ) اهـ وقال في ص 113 عن الشين ( ..... وهي والضاد الحرفان المتفشيان ...) اهـ ونقل أبو شامة في شرح الشاطبية أن ابن مريم الشيرازي صاحب كتاب ( الموضح في القراءات الثمان ) قال ( ومنها حروف التفشي وهي أربعة مجموعة في قولك ( مشفر ) وهي حروف فيها غنة وتفش وتأفف وتكرار وإنما قيل لها حروف التفشي وإن كان التفشي في الشين خاصة لأن الباقية مقاربة له لأن الشين بما فيه من التفشي ينتشر الصوت فيه ويتفشى حتى يصل إلى مخارج الباقية ) اهـ ومن فوائد معرفة صفة التفشي في صوت الحرف أن علماء التجويد قرروا أن كل حرف فيه زيادة صوت لا يدغم فيما هو أنقص منه صوتا وأثبت أبو عمرو الداني في كتابه الإدغام الكبير هذه القاعدة بقوله ( وجملة الحروف التي تمتنع من الإدغام لزيادة صوتها ثمانية أحرف وقد جمعتها في قولك : فزم ضرس شص : الشين والضاد والصاد والسين والزاء والميم والفاء أما الشين فمن أجل تفشيها وأما الضاد فلاستطالتها وأما الراء فلتكريرها وأما الصاد والسين والزاء فلصفيرهن وأما الميم فلغنتها وأما الفاء فلتفشيها ) اهـ إذن ستنتج من الكلام السابق أن الضاد اللسانية توصف بالتفشي وتفشيها في استطالتها في مخرجها وتسمى الاستطالة تفشيا .

يتبع ..

قلب صادق
17-07-2008, 10:59 PM
12- علماء الأصوات وتعريفهم لصوت الضاد الانفجارية



توصف الضاد عند علماء الأصوات المحدثين بالصوت الانفجاري وتعريف الانفجار عندهم يقابل معنى صفة الشدة عند علماء التجويد ويعرِّفونه بأنه (خروج الصوت فجأة في صورة انفجار للهواء عند احتباسه عند المخرج كما في نطق الباء والتاء والدال والطاء والضاد والكاف والقاف والهمزة ) وأضافوا الضاد من الأحرف الانفجارية وهي عندهم قد تطور النطق بها في الوقت المعاصر حتى صارت مفخم الدال أما الضاد التي نزل بها القرآن فلا علاقة لها بهذه الضاد الانفجارية بل الضاد القرآنية رخو والرخاوة عندهم تعني الاحتكاك وتعريف الاحتكاك عندهم (خروج الصوت مستمرا في صورة تسرب للهواء محتكا بالمخرج كما في نطق ( ف ت ذ ظ ز س ص ش خ غ ح ع هـ ) .

يتبع ....

قلب صادق
17-07-2008, 11:02 PM
13 - ابن غانم المقدسي والمرعشي ومشكلة الضاد


منذ القرن الثاني الهجري وهناك خلط بين صوت الضاد والظاء في النطق , وفي عهد الخلافة العباسية وفي عاصمتها بغداد كانت بدايات ظهور المؤلفات التي تعالج مشكلة نطق الضاد والخلط بينه وبين الظاء اللسانية الأسنانية وقد تمثل ذلك في كتاب ( الضاد والظاء ) لأبي سعيد عبد الملك بن قريب الأصمعي ( ت 216 هـ) وقد سجل علماء التجويد في كتبهم كثيرا من الظواهر المتعلقة بنطق الضاد عبر قرون كثيرة فنجد مكي بن أبي طالب ( ت 437 هـ) يؤكد في كتابه الرعاية على قضيتين أولا صعوبة الضاد وثانيا اختلاطها بالظاء وقال الداني ( 444هـ) في كتابه التحديد ( ومن آكد ما على القراء أن يخلصوه من حرف الظاء بإخراجه من موضعه وإيفائه حقه من الاستطالة ولا سيما فيما يفترق معناه من الكرم فينبغي أن ينعم بيانه ليتميز بذلك ) اهـ وقال عبد الوهاب القرطبي في كتابه الموضح في التجويد ( ت 462 هـ) ( .. وأكثر القراء اليوم على إخراج الضاد من مخرج الظاء ويجب أن تكون العناية بتحقيقها تامة ) اهـ وقال ابن وثيق في كتابه تجويد القراءة ( ت 654 هـ) ( .. وقل من يحكمها في الناس ) اهـ وبعد ذكر هذه المؤلفات القديمة تتخذ المناقشات التي تدور حول قضية الضاد اتجاها جديدا وذلك حين بدأت تظهر مؤلفات مستقلة في الموضوع أشرت إلى بعضها من قبل وبين أيدينا كتابان من هذه المؤلفات وهما :
1. كتاب (( بغية المرتاد لتصحيح الضاد )) لعلي بن محمد المعروف بابن غانم المقدسي رحمه الله ( ت 1004 هـ) .
2. وكتاب (( كيفية أداء الضاد )) لمحمد المرعشي الملقب ساجقلي زادة رحمه الله ( ت 1150 هـ) .
فما يريد أن يثبته ابن غانم المقدسي أن الضاد الصحيحة هي الظاء وهذا في القرن الحادي عشر الهجري ورد ابن غانم المقدسي في كتابه وخطأ المصريين في نطقهم للضاد والصواب عنده هي صوت الظاء وسنناقش كلامه بعد قليل وجاء من بعده المرعشي التركي في القرن الثاني عشر الهجري وألف كتابه المسمي ( كيفية أداء الضاد ) ويتابع في هذه الرسالة رأي ابن غانم السابق الإشارة إليه في تخطئة نطق المصريين للضاد فسخر الله تركيا آخر ينتصر للمصريين ويرد على المرعشي وابن غانم المقدسي وهو الشيخ محمد بن إسماعيل الأزميري ( ت 1160 هـ) فألف الأزميري رسالة بعنوان ( الرد على رسالة المرعشي في الضاد ) وخطأ المرعشي لتقريره أن الضاد التي نزل بها القرآن هي صوت الظاء كما زعم المرعشي وابن غانم فجزي الله الشيخ إسماعيل الأزميري خير الجزاء لرده المفحم عليهما والآن نناقش أفكار المقدسي والمرعشي في كتابهما اللذين قالا فيهما أن الضاد التي تصح هي الظاء مع التلخيص لمنهج الكتابين ولنبدأ بكتاب المقدسي المسمى ( بغية المرتاد لتصحيح الضاد )) فإن المقدسي أوضح في كتابه سبب تأليفه الكتاب وبين منهجه حين قال في المقدمة بعد الافتتاح ( .. لما رأيت بمحروسة القاهرة التي هي زين البلاد كثيرا من أفاضل الناس فضلا عن الأوغاد يخرجون عن مقتضى العقل والنقل في النطق بالضاد ... ثم شاع الإنكار منهم علينا في كل نادٍ بين حاضرة وبادٍ فأردت مع طلب جمع من الإخوان وإشارة من بعض الأعيان أن أزيل الغبن من غير الرشاد ... وسميته بغية المرتاد لتصحيح الضاد . وقبل الخوض في المرام لابد من تقرير الكلام وتحرير المقام فليعلم أن أصل هذه المسألة أنهم ينطقون بالضاد ممزوجة بالدال المفخمة والطاء المهملة وينكرون على من ينطقون بها قريبة من الظاء المعجمة بحيث يتوهم بعضهم أنها هي وليس كما توهمه فنقول الكلام في إثبات ما أنكروه منحصر في مقدمة فيما يجب أن نقدمه وفصلين محيطين من الدلائل بنوعين وخاتمة لتنبيهات ودفع تمويهات ..) اهـ أما المقدمة فكانت في بيان مخرج الضاد ومالها من الصفات وأما الفصل الأول فذكر فيه ما يدل بالمعقول على أن اللفظ بالضاد كالظاء المعجمة هو المقبول وهي أدلة متعددة لاحت له بالنظر في المعقول فذكر اثنى عشر دليلا تعطي مثالا للبحث الصوتي الأصيل ومن ثَمِّ رأيت أن نقل تلك الأدلة مختصرة مع المحافظة على عبارة المؤلف مع التنبيه أن هذا الكلام المتسلسل لابن غانم المقدسي وهو كالآتي :
1. " أن علماء هذا الفن وغيرهم تعرضوا للفرق بينهما وبينوا الألفاظ التي تقرأ بالظاء والتي تقرأ بالضاد في مؤلفات مستقلة وغير مستقلة نظما ونثرا ... فياليت شعري لولا التشابه بينهما لفظا والالتباس حتى خفي الفرق بينهما على كثير من الناس لمَ كان هذا الجم الغفير يتعقبون القلم ويسودون القرطاس .."
2. " أن الضاد ليست في لغة الترك بل مخصوصة باللغة العربية ... دل عليه قول الأستاذ أبي حيان في كتابٍ له في اللغة التركية .... إذا علم ذلك فليس مفقودا في لغة الترك إلا الضاد الشبيه بالظاء المعجمة . أما هذا الحرف الذي يشبه الدال المفخمة والطاء المهملة الذي ينطق به أكثر المصريين ولنسمه بالضاد الطائية فموجود في لغة الترك في أكثر ألفاظهم كما يشهد به العارف في لغتهم بل السامع لكلامهم والموجود غير المفقود وبذلك يتم المقصود .."
3. " أن الفقهاء ذكروا أحكام من يبدل الضاد ظاء ... ولم يتعرضوا لأحكام من يبدلها بحرف غير الظاء كما تعرضوا لأحكام من يبدلها به فلولا التشابه بينهما لما كانوا يفعلون ذلك ..."
4. " أن بعض العلماء وصفها بالتفشي ولا تفشي فيه ...." قلت هذا في حد زعمه .
5. أنهم ذكروا أن من صفاتها النفخ ويشاركها فيه الظاء والذل والزاي ولا يتحقق ذلك إلا بالضاد الشبيهة بالظاء أما الضاد الطائية فلا يوجد فيها هذه الصفة كما يشهد به من أحاط بالمقدمة معرفة ..."
6. أنهم ذكروا من صفاتها الاستطالة كما مر ذكرها ومعناها في المقدمة وهي المميزة لها عن الظاء ولا يوجد في الضاد الطائية الاستطالة "
7. " أنهم ذكروا من صفاتها الرخاوة وهذا شديد الدلالة عند من ليس عنده غباوة فإنه لا رخاوة فيها إلا إذا أتت شبيهة بالظاء أما الضاد الطائية فمشوبة بالدال والطاء المهملة وكل منهما حرف شديد فكذا ما هو بينهما بل من عرف معنى الشدة والرخاوة وقدمناهما في المقدمة يجد هذا الحرف متصفا بالشدة قطعا مع قطع النظر عن الدال والطاء .."
8. أن هذا الحرف صعب على اللسان نص على ذلك علماء هذا الشأن ... فإذا كانت الضاد العربية بهذه المرتبة من الصعوبة وأنت ترى أن لا صعوبة في الضاد الطائية بل هي في غاية السهولة على اللسان يستوي في النطق العالم والجاهل والفارس في العلم والراجل فإنك تعلم بأن الضاد الطائية بعيدة عن الضاد العربية بمراحل .."
9. أن المخرج المنصوص عليه للضاد في الكتب المعروفة المتداولة ليس إلا للضاد الشبيه بالظاء المعجمة لا الطائية فإنهم قالوا في معرفة مخرج الحرف أن تسكنه وتدخل عليه همزة وتنظر أين ينتهي الصوت فحيث انتهى فثم مخرجه ..... وأنت إذا نطقت بالضاد الطائية وفعلت ما تقدم ذكره لا تجد الصوت ينتهي إلا إلى طرف اللسان وأعلى الحنك وهو مخرج الدال والطاء والتاء ولم نر أن أحدا ذكر أن مخرج الضاد من هذا المحل بل ما ذكرناه لها من المخرج مذكور في كتب لا تحصى في علم القراءات وعلم النحو ... فإن قيل : نحن نروي هذه الضاد الطائية بالمشافهة عن الشيوخ الراوين عن شيوخهم بالإسناد المتصل بأئمة القراء البالغ إلى النبي صلى الله عليه وسلم قلنا لا عبرة بالرواية المخالفة للدراية إذ شرط قبول القراءة توافق العربية وقد بينا مخالفتها لما تواتر في كتب العربية والقراءات ... "
10. "أن من أوصافها الشجرية لقبها بها صاحب القدر الجليل إمام لنحو الخليل ولا يتأتى ذلك إلا إذا كانت شبيهة بالظاء فإن الضاد الطائية تخرج من طرف اللسان لا شجر الفم ...."
11. قولهم في صفة الإطباق ولولا الإطباق لصارت الطاء دالا والصاد سينا والظاء ذالا ولخرجت الضاد من الكلام إذ لا يخرج من موضعها غيرها وهذا نص كلام الأستاذ أبي حيان في شرح التسهيل ومثله في شرح المفصل لابن يعيش وهذا كما ترى يخص الضاد الشبيهة بالظاء أما الطائية فتخرج من مخارج الحروف النطعية كما وصفت أخواتها ولقالوا : لولا الإطباق لصارت الضاد دالا بدل قولهم لخرجت من الكلام كما لا يخفى عن ذوي الإفهام ..."
12. أن أهل مكة التي نشأ النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد العرب وما والاها من بلاد الحجاز التي هي محل العرب وموطنهم إنما ينطقون بالضاد شبيهة بالظاء المعجة ولا يسمع من أحد منهم هذه الطائية وهم نعم المقتدي لمن رام في هذا السبيل الاهتداء "
13. " الفصل الثاني : فيما يدل بالتصريح على أن التلفظ بالضاد شبيهة بالظاء هو الصحيح وهو المنقول من كلام العلماء الفحول المتلقى كلامهم بالقبول " وقد أورد المؤلف في هذا الفصل اثني عشر نصا عن كبار علماء العربية والتجويد ويستدل بهذه الأقوال أن الضاد تلفظ ظاءا
14. " وأما الخاتمة ففيها تنبيهات رافعة لتمويهات الأول : انه ليس مرادي بكون الضاد شبيهة وقريبة منها كونها ممزوجة بها غاية الامتزاج بحيث يخفى الفرق بينهما على المجيد لفن التجويد ..." ثم ذكر في الثاني الرد على قول من فسر الشجر بمجمع اللحيين عند العنفقة ورجح التفسير المنقول عن الخليل للشجر بأنه مفرج الفم ثم ذكر في الثالث : الرد على من فسر صعوبة الضاد بصعوبتها على العجم والترك ونحوهم ممن سوى العرب أما على أمثاله من العرب فلا صعوبة فيها .
15. وختم هذه التنبيهات بقوله " أن من ينطق بالضاد من مخرجها الخالص مع صفاتها المميزة لها حتى عن الظاء فهو في أعلى مراتب النطق بها ومن الفصاحة ودونه من ينطق بها من مخرجها مشوبة بالظاء لكن من مخرجها وبينهما نوع فرق ودونه من ينطق بها ظاء خالصة ومن يشمها الذال ومن يشمها الزاي ومن يجعلها لاما مفخمة وكذا من ينطق بالضاد الطائية فهو في أسفل مراتب النطقية بالنسبة إلى من سبق ذكره ..." اهـ وختم المؤلف الكتاب بنبذة من أقوال الفقهاء في صلاة من يبدل حرف الضاد . ويحتل هذا الكتاب مكانة خاصة في بحث مشكلة الضاد اللسانية فعمر هذا الكتاب اليوم أكثر من 400 سنة تقريبا ويتميز أسلوبه بالبعد عن الجدل المنطقي واعتماد النقاش العلمي مع تعمق في فهم الظواهر الصوتية المتعلقة بالضاد . ولخص الدكتور غانم قدوري الحمد ما تضمنه كتاب بن غانم بقوله : ( سجل المؤلف النطق الشائع في عصره لصوت الضاد فأهل مصر ينطقون بها دالا مفخمة ممزوجة بالطاء وسماها المؤلف الضاد الطائية وأهل مكة والحجاز ينطقون بالضاد شبيهة بالظاء ويفهم من كلام المؤلف أنه لا يزال هناك من ينطق بالضاد العربية في زمانه . ) اهـ
أما كتاب المرعشي ( كيفية أداء الضاد ) فإنه يأتي بعد كتاب المقدسي بـ 150 سنة تقريبا وجاءت مادته مؤكدة لاتجاهات كتاب ( بغية المرتاد ) للمقدسي وذلك بالنص على أن نطق الضاد شبيهة بالطاء لا يمثل صوت الضاد العربية القديمة التي وصفها العلماء في كتبهم وان الضاد شبيه بالظاء أقرب إلى النطق الصحيح من نطقها شبيه بالطاء وتتكون رسالة المرعشي رحمه الله من مقدمة ومقصد وخاتمة أما المقدمة فهي في توضيح صفات الضاد الصوتية وبيان علاقتها ببعض الأصوات .( وأما المقصد فهو أن ما شاع في أكثر الأقطار من تلفظ الضاد المعجمة كالطاء المهملة في السمع بسبب إعطائها شدة وإطباقا أقوى كإطباق الطاء وتفخيما كتفخيمها خطا بوجوه ) ثم ذكر سبعة وجوه تتعلق بصفات الضاد القديمة وما يؤدي إليه نطقها طاء من الإخلال بتلك الصفات وقال المرعشي بعد ذلك ( إن جعل الضاد المعجمة طاء مهملة مطلقا أعني في المخرج والصفات لحن جلي وخطأ محض وكذا جعلها ظاء مطلقا لكن بعض الفقهاء قال بعدم فساد من جعلها ظاء معجمة مطلقا لتعسر التمييز بينهما فهو أهون الخطأين ) وقال في موضع آخر من الكتاب ( وبالجملة إن الضاد أشبه بالظاء المعجمة .... فإن قلت : فكيف شاع التقصير في أكثر الأقطار ؟ قلت : ألم تسمع ما قاله صاحب الرعاية : التحفظ بلفظ الضاد المعجمة أمر يقصر فيه أكثر من رأيت .... وذلك في تاريخ أربعمائة وعشرين وزماننا هذا أحق بالتقصير فلعل غلط المصريين قد شاع ... ) اهـ ولم يكتف المرعشي بما أورده في رسالته عن موضوع الضاد فعاد إلى مناقشته مرة أخرى في كتابه ( جهد المقل ) فقال في الفصل الأول ( ليس بين الضاد المعجمة والطاء المهملة تشابه في السمع ... فما اشتهر في زماننا من قراءة الضاد المعجمة مثل الطاء المهملة فهو عجب لا يعرف له سبب .... و قراءة الضاد المعجمة مثل الطاء المهملة فيها مفاسد : الأول : أنه يلزم إعطاء الشدة للضاد مع أنه رخو . والثاني : أن الاستطالة امتداد الصوت فتفوت حينئذ . والثالث : أن في الضاد تفشيا قليلا فيفوت حينئذ أيضا ..... فإن لفظت بالضاد بأن جعلت مخرجها حافة اللسان مع ما يليها من الأضراس بدون إكمال حصر الصوت وأعطيت لها الإطباق والتفخيم الوسطين والرخاوة والجهر والاستطالة والتفشي القليل فهذا هو الحق المؤيد بكلمات الأئمة في كتبهم ويشبه صوتها حينئذ صوت الظاء المعجمة بالضرورة وماذا بعد الحق إلا الضلال ولإشكال أمر الضاد أطنبت في الكلام وقد أفردت لها رسالة ... ) اهـ أي يقصد رسالته في الضاد السالفة الذكر والآن استبان للجميع رأي المقدسي والمرعشي من تقريرهما والتجوز لديهما من قراءة القرآن بصوت الظاء بدل الضاد الفصيحة وهذا لا يصح بكل المقاييس العربية الفصيحة وهذا البحث رأي ابن غانم المقدسي والمرعشي نقلا من كتاب الدراسات الصوتية لغانم الحمد . الجزء الأول انتظر الجزء الثاني .

يتبع ........

قلب صادق
17-07-2008, 11:11 PM
14 . الرد على من أبدل صوت الضاد بصوت الظاء



قرأت مقالة جميلة حول صوت الضاد العربية وهي لشيخٍ فاضل وصديق عزيز على قلبي وهو الشيخ عبد الرحمن الشهري المحاضر بكلية أصول الدين جامعة الملك خالد بالسعودية من خلال هذه المقالة ناقش مواضيع ونقاط مهمة ونقل كلاما مفصلا حول صوت الضاد أنقله كاملا لتعم الفائدة للجميع .. قال حفظه الله : (حرف الضاد في اللغة العربية حرف دار حوله جدل طويل ، ولا تكاد تجد في كتب التجويد ولا في كتب الصوتيات العربية أكثر إثارة للجدل من حرف الضاد ، ومن أجل ذلك سميت اللغة العربية بلغة الضاد!! ولا تكاد تجد بين علماء التجويد خلافاً في غيره. وقد ترددتُ على كثير من المقرئين ولم نكن نتوقف عند أي حرف أكثر من توقفنا عند حرف الضاد. ومنذ التقيت بالشيخ الكريم عبيد الله الأفغاني في أبها عام 1409هـ مع أحد تلاميذه سمعت لأول مرة نقاشاً حول حرف الضاد في منزل الشيخ عبيد الله ، وأذكر أنه قام إلى مكتبته فتناول جزءاً من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية لكي يحتج بكلامه في حرف الضاد ، وكذلك إلى تفسير الألوسي. ثم مرت الأيام بعد ذلك ، وسمعت الكثير وقرأت الكثير حول مشكلة حرف الضاد .....وهذه القضية قد أخذت أبعاداً كثيرة في وسط القراء على وجه الخصوص ، فكل يذهب إلى سداد رأيه وخطأ رأي مخالفه ، مع احتجاج كلٍّ بتلقيه ذلك بالإسناد ، فكلُّ فريق يكتب تأييداً لرأيه ، وتسفيهاً لرأي مخالفه ، وهذا في كتب المتأخرين على وجه الخصوص. وقد كُتب العديد من الكتب في هذا الموضوع يتبنى رأياً واحداً هو القول بأن النطق الصحيح للضاد هو كما يقرأه القراء المصريون الآن كالشيخ الحصري ، ومحمد رفعت رحمهم الله جميعاً ، وكما يقرأ أئمة الحرمين في هذا الزمن ، وتفند هذه المؤلفات الرأي الآخر في نطق الضاد ، بل وتسفهه تسفيهاً شديداً وتلمز القائلين به بأعيانهم والله المستعان ومن تلك المؤلفات كتاب : إعلام السادة النجباء أنه لا تشابه بين الضاد والظاء دراسة تجويدية ، لغوية ، تاريخية ، أصولية. للدكتور أشرف محمد فؤاد طلعت.و الظائيون الجدد ، ردود على شبهات لخالد بن مأمون آل محسوبي. وقد قرأت هاتين الرسالتين مراراً وأكثر ما فيها سب وشتم للمخالف ، ونقل لما يوافق القول الذي ذهب إليه المؤلف ، وربما نقل ما يخالف قوله ثم استدل به للرأي الذي يذهب إليه كاستدلاله بقول ابن يعيش مثلاً في شرح المفصل !! وإلى عهد قريب كانت المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في تتبع حرف صوت الضاد لا تزال مخطوطة ، ثم حقق عدد كبير من كتب التجويد المتقدمة على يد الدكتور البصير غانم قدوري الحمد .... فانكشفت للباحثين الكثير من النصوص التي توضح رحلة صوت الضاد الحقيقية عبر الأجيال حتى وقتنا القريب. ويمكن إجمال الحديث حول هذا الأمر في مسائل : الأولى: أن الأصل في القراءة الاتباع ، فهي سنة متبعة يأخذها اللاحق عن السابق ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :(اقرءوا كما عُلِّمتُم). الثانية: أن أقدم وصف مكتوب للضاد وصل إلينا هو وصف إمام النحاة سيبويه رحمة الله عليه في كتابه العظيم (الكتاب) ، وكل من جاء بعده ينقل عنه. ويمكن تلخيص ما ذكره سيبويه عن الضاد في النقاط التالية: 1- مخرج الضاد ، ذكر سيبويه أنها تخرج (من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس).[الكتاب 4/433]. فالضاد تميزت بمخرجها ، فهي من حافة اللسان من أقصاها ، مع ما يقابلها من الأضراس ، وكان سيبويه قد ذكر الضاد قبل الجيم حين رتب الحروف ، لكنه جعل مخرج الضاد بعد مخرج حروف وسط اللسان (ج ش ي ) باتجاه طرف اللسان.[الكتاب 4/433]. 2-صفات الضاد . وقد ذكر سيبويه منها : الجهر ، والرخاوة ، والإطباق ، والاستعلاء ،والاستطالة. ولكل صفة من هذه الصفات تفصيلات ليس هذا مكان بسطها. فالضاد التي وصفها سيبويه صوت رخو لا ينحبس النفس في مخرجه ، مجهور يتذبذب الوتران عند النطق به ، مطبق ، مستعل ، تميز بالاستطالة. 3- كل حرف فيه زيادة صوت لا يدغم في ما هو أنقص صوتاً منه. وفي الضاد استطالة ليست لشيء من الحروف فلم يدغموها في شيء من الحروف المقاربة لها ، إلا ما روي من إدغامها في الشين في قوله تعالى :(لبعض شأنهم) وسوغ ذلك ما في السين من تفش يشبه الاستطالة يقربها من الضاد. ومن ثم أدغمت اللام والتاء والدال والطاء والثاء والذال والظاء في الضاد ، ولم تدغم هي فيها. 4- الضاد بهذه الصفات التي ذكرها سيبويه صوت متفرد ، ولهذا قال سيبويه :(لولا الإطباق... لخرجت الضاد من الكلام لأنه ليس من موضعها شيء غيرها). وقد بقي ما كتبه سيبويه نبراساً للعلماء الذين جاءوا بعده ، وفي القرن الرابع الهجري بدأ الأمر يأخذ منحى آخر ، حيث بدأ الانحراف يظهر في النطق بالضاد وخاصة التباسها بصوت الظاء ؛ مما جعل العلماء يكتبون الكتب في التفريق بين الضاد والظاء ، وذلك بجمع الألفاظ التي تكتب بالضاد والتي تكتب بالظاء. وقد أحصى الدكتور حاتم الضامن في مقدمة تحقيقه لكتاب الإمام محمد بن مالك رحمه الله (الاعتماد في نظائر الظاء والضاد) تسعة وثلاثين تصنيفاً في ذلك ، ما بين كتاب ورسالة ومنظومة.انظر[ص 6-12] من مقدمة تحقيق كتاب الاعتماد لابن مالك. وقد زاد عليه في الإحصاء الدكتور محمد بن صالح البراك في مقدمة تحقيقه لمنظومة (درة القارئ للفرق بين الضاد والظاء) لعز الدين الرسعني (661هـ). حيث ذكر 48 مصنفاً ، ولم يشر إلى صنيع حاتم الضامن ولا تحقيقه لكتاب ابن مالك ، ولا لعمل الدكتور رمضان عبد التواب من قبلهما في إحصاء المصنفات في تحقيقه لكتاب (زينة الفضلاء في الفرق بين الضاد والظاء) لأبي البركات الأنباري ، مع اشتهارها. وقد استأثر الاهتمام بجمع الألفاظ التي تنطق بالضاد والظاء بجهود العلماء ، فكل المصنفات التي كتبت تعالج هذا الأمر ،فهي تعالج مسألة كتابة الضاد والظاء ، ولم تتعرض للجانب الصوتي. وهناك مؤلفات أخرى لعدد من العلماء تناولت الجانب الصوتي ، فتحدثت عن خصائص صوت الضاد النطقية ، والانحرافات التي تلحقه على ألسنة الناطقين ، والأصوات التي يختلط بها أو يقترب منها ، وكان لعلماء التجويد مشاركة واضحة في هذا الأمر ، ومن أهم هذه المصنفات: - رسالة (غاية المراد في إخراج الضاد) لابن النجار (870هـ) التي حققها الدكتور طه محسن في مجلة المجمع العلمي العراقي في عدد ذي القعدة عام 1408هـ. - ورسالة (بغية المرتاد لتصحيح الضاد) لابن غانم المقدسي (1004هـ) ، التي حققها الدكتور محمد عبد الجبار المعيبد ، ونشرها في مجلة المورد العراقية. - ورسالة في كيفية الضاد لساجقلي زاده (1150هـ). وقد طبعت بتحقيق الدكتور حاتم الضامن ، وحدثني الأخ إبراهيم الميلي أنه يقوم بتحقيقها كذلك في الكويت ، ... وقد أكدت هذه الرسائل والمؤلفات على حقيقتين :الأولى: أن هناك تغيراً حصل في نطق الضاد. الثانية: أن علماء التجويد كانوا مشغولين بتحديد ملامح ذلك التغير ، وأنهم كانوا حريصين على التمسك بالصورة الأولى لنطق الضاد. وأختم بالإشارة إلى كلام سيبويه حول ما سماها بـ(الضاد الضعيفة) ، وهي أحد الحروف الفرعية غير المستحسنة في قراءة القرآن ولا في الشعر ، وهو قوله:(إلا أن الضاد الضعيفة تتكلف من الجانب الأيمن ، وإن شئت تكلفتها من الجانب الأيسر ، وهو أخف ، لأنها من حافة اللسان مطبقة ، لأنك جمعت في الضاد تكلف الإطباق مع إزالته عن موضعه ، وإنما جاز هذا فيها لأنك تحولها من اليسار إلى الموضع الذي في اليمين وهي أخف ، لأنها من حافة اللسان وأنها تخالط مخرج غيرها بعد خروجها ، فتستطيل حين تخالط حروف اللسان ، فسهل تحويلها إلى الأيسر ، لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كانت في الأيمن ، ثم تنسلُّ من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان ، كما كانت كذلك في الأيمن).[الكتاب 4/432 بتحقيق عبد السلام هارون]. وأنقل لكم بعضاً من كلام العلماء رحمهم الله في الضاد لتعلموا أن الانحراف في نطق هذا الحرف قديم . قال مكي بن أبي طالب القيسي (ت 437هـ) :(ولا بد للقارئ من التحفظ بلفظ الضاد حيث وقعت ، فهو أمر يقصر فيه أكثر من رأيت من القراء والأئمة ... ومتى فرط في ذلك أتى بلفظ الظاء أو بلفظ الذال فيكون مبدلاً ومغيراً ، والضاد أصعب الحروف تكلفاً في المخرج ، وأشدها صعوبة على اللافظ ، فمتى لم يتكلف القارئ إخراجها على حقها أتى بغير لفظها ، وأخل بقراءته). الرعاية 158-159 وقال أبو عمرو الداني (444هـ) عن نطق الضاد :(ومن آكد ما على القراء أن يخلصوه من حرف الظاء بإخراجه من موضعه ، وإيفائه حقه من الاستطالة). التحديد 164 وقال عبد الوهاب القرطبي (461هـ) :(وأكثر القراء اليوم على إخراج الضاد من مخرج الظاء ، ويجب أن تكون العناية بتحقيقها تامة ، لأن إخراجها ظاءً تبديلٌ). الموضح 114وقال ابن وثيق الأندلسي (654هـ) عن الضاد :(وقَلَّ مَنْ يُحكمُها من الناس). وكان ابن الجزري (833هـ) قد حدد الأصوات التي يتحول إليها الضاد على ألسنة المعاصرين له فقال في النشر :(والضاد انفرد بالاستطالة ، وليس في الحروف ما يعسر على اللسان مثله ، فإن ألسنة الناس فيه مختلفة ، وقل من يحسنه ، فمنهم من يخرجه ظاءً. ومنهم من يمزجه بالذال. ومنهم من يجعله لاماً مفخمة. ومنهم من يشمه بالزاي. وكل ذلك لا يجوز). النشر 1/219 وقال ابن الجزري في التمهيد 140-141 :(واعلم أن هذا الحرف ليس من الحروف حرف يعسر على اللسان غيره ، والناس يتفاضلون في النطق به: فمنهم من يجعله ظاء مطلقاً... وهم أكثر الشاميين وبعض أهل المشرق. ومنهم من لا يوصلها إلى مخرجها ، بل يخرجها دونه ممزوجة بالطاء المهملة ، لا يقدرون على غير ذلك ، وهم أكثر المصريين وبعض أهل المغرب. ومنهم من يخرجها لا ماً مفخمة ، وهم الزيالع ومن ضاهاهم). ويقول ابن غانم المقدسي في (بغية المرتاد لتصحيح الضاد) :(فليعلم أن أصل هذه المسألة أنهم ينطقون بالضاد ممزوجة بالدال المفخمة والطاء المهملة ، وينكرون على من ينطقون بها قريبة من الظاء المعجمة ، بحيث يتوهم بعضهم أنها هي ، وليس كما توهمه). وجعل الفصل الثاني من رسالته (في ما يدل بالتصريح على أن التلفظ بالضاد شبيهة بالظاء هو الصحيح ، وهو المنقول من كلام العلماء الفحول المتلقى كلامهم بالقبول). وختم ابن غانم المقدسي الرسالة بقوله : " إن من ينطق بالضاد من مخرجها الخالص ، مع صفاتها المميزة لها حتى عن الظاء ، فهو في أعلى مراتب النطق بها ومن الفصاحة. ودونه من ينطق بها من مخرجها مشوبة بالظاء ، لكن من مخرجها وبينها نوع فرق. ودونه من ينطق بها ظاء خالصة. ومن يشمها الدال. ومن يشمها الزاي. ومن يجعلها لاماً مفخمة. وكذا من ينطق بالضاد طائية ، فهو في أسفل مراتب النطقية بالنسبة إلى من سبق ذكره. أهـ. وأكد محمد المرعشي ساجقلي زاده هذا الاتجاه في رسالته (كيفية أداء الضاد) ، فقال:( وأما المقصد فهو أن ما شاع في أكثر الأقطار من تلفظ الضاد المعجمة كالطاء المهملة في السمع بسبب إعطائها شدة وإطباقاً كإطباق الطاء وتفخيماً بالغاً كتفخيمها خطأ بوجوده). وقال المرعشي في كتابه النفيس (جهد المقل)ص169-170 :(ليس بين الضاد المعجمة والطاء المهملة تشابه في السمع ، وإلا صرحوا به ، ولا تقارب في الصفة لأنهما وإن اشتركا في الإطباق والاستعلاء والتفخيم لكنَّ إطباق الطاء أقوى كما سبق ، وإن الضاد رخو والطاء شديد ، وليس في الضاد قلقلة بخلاف الطاء ، وأن الضاد تجد منفذاً بين من بين الأضراس ، ولا ينضغط فيها الصوت ضغط حروف القلقلة كما صرح به الرضي ، وفي الضاد استطالة بخلاف الطاء المهملة مع أنهما غير متحدين في المخرج. وليس الفارق بين الضاد والظاء المعجمتين إلا الاستطالة والمخرج ، ولذا قال ابن الجزري :

((والضاد باستطالة ومخرج ** ميز عن الظاء...))

فما اشتهر في زماننا هذا من قراءة الضاد المعجمة مثل الطاء المهملة فهو عجب لا يعرف له سبب). ويمكن أن نلخص أقوال العلماء في كيفية النطق بالضاد في القرون السابقة فيما يلي:
أولاً: صعوبة نطق الضاد التي وصفها سيبويه.ثانياً: انحراف ألسنة الناطقين عن نطق الضاد القديمة إلى نطق أصوات أخرى مكانها. ثالثاً: لم يتحول صوت الضاد على ألسنة الناطقين بالعربية في العصور المتلاحقة إلى صوت معين واحد ، وإنما ظهر في أصوات متعددة ، منها ( الظاء )) اللام المفخمة) (مزجها بالذال ، أو بالزاي)-( مزجها بالدال والطاء (الضاد الطائية). رابعأً: كان علماء التجويد المتأخرين أشد إنكاراً لنطق (الضاد الطائية) مكان الضاد القديمة ، من إنكارهم لنطق الأصوات الأخرى البديلة عن الضاد. خامساً: إن اعتبار (الضاد الطائية) في زماننا هي الضاد التي يجب أن ينطقها قراء القرآن يثير مفارقة كبيرة بين موقف علماء القراءة في زماننا وموقفهم قبل قرنين أو ثلاثة ، من هذه المسألة. وأختم بأن القراء المصريين قد انتشروا في الأرض وأصبح غالب القراء يقرأ بقراءة أهل مصر ، ولذلك تجد التثريب الشديد على من يخالفهم ، والسخرية منه ، ومن يقرأ ما كتب في الرد على مخالفهم في النطق بالضاد يجد مصداق ذلك ، والأمر فيه سعة ، والخلاف في نطق الضاد قديم كما لاحظنا ، والفقهاء اختلفوا في ذلك كذلك كما نقل الشيخ عبد الله بلقاسم وفقه الله. فلماذا لا تناقش مثل هذه المسألة بطريقة علمية تورد فيها الأدلة ، وتتبادل فيها الآراء بدون تعصب لرأي بغير دليل. ولا سيما أن دافع الفريقين هو المحافظة على كتاب الله ، ودفع الشبهة عنه. وكل فريق يقول أنه تلقى هذه الضاد بالإسناد ، والذين يشككون في عدم وجود إسناد للضاد المخالفة للنطق السائد غير منصفين ، لأن كل من يقرأها كذلك يقول هكذا أخذتها عن شيخي. والأخذ عن الشيخ في هذه المسألة ليس دليلاً فاصلاً لأن كل فريق يستدل به ، ولا سيما أن الخلاف مسطور في كتب العلماء من قديم ، وليس ابن غانم المقدسي ولا ساجقلي زاده هما أول من قال بذلك كما ذكر صاحب (إعلام السادة النجباء). بل رأينا كلام مكي بن أبي طالب وغيره في ذلك. وقد قال ابن مكي الصقلي المتوفى سنة 501هـ في كتابه تثقيف اللسان :(حتى لا نكاد نرى أحداً ينطق بضاد ، ولا يميزها من ظاء ، وإنما يوقع كل واحدة منهما موقعها ، ويخرجها من مخرجها الحاذق الثاقب ، إذا كتب أو قرأ القرآن لا غير ، فأما العامة وأكثر الخاصة فلا يفرقون بينهما في كتاب ولا قرآن). ص 91 وللحديث عن الضاد عند القراء المعاصرين مشاركة أخرى ، بعد أن نقرأ رأي المشايخ الكرام كالدكتور إبراهيم الدوسري حفظه الله ، وهو صاحب خبرة بالشيخ المتولي الذي حدثت له حادثة مع أحد من ينطقون الضاد بخلاف الضاد التي يقرأ بها القراء المصريون المشهورون عام 1293هـ ، وكان المتولي وقتها شيخاً للمقارئ المصرية فرفع أمره إلى الأستاذ الأكبر الشيخ محمد المهدي العباسي ، فاستحضره واستتابه فلم يتب فحكم بنفيه !!! [انظر إعلام السادة النجباء ص 29-31]. والغرض من هذه المناقشة الوصول إلى رأي مقنع منصف في هذه المسألة إن شاء الله ، بدون تعصب لرأي سابق ، ...) اهـ بورك في الشيخ عبد الرحمن الشهري لعدم التعصب والإنصاف الجيد الذي لا يسفه ولا يطعن في أحد ولا يرم غيره بالسباب أو الفسوق وإن كنت أميل إلى المحافظة على تعليم الناس لكيفية نطقها الصحيح على ما سطَّره الأئمة المعتبرين .:rolleyes2:
نهاية الجزء الاول

:rolleyes2::rolleyes2::rolleyes2::tease:
انتهى الجزء االاول من هذا البحث الطيب وان شاء الله نضيف لكم الجزء الثاني في اقرب وقت

منتظر ارائكم وتعليقاتكم وما تجود به قرائحكم
اعتذر على طول الموضوع ولكن اتمنى ان يعجبكم وان ينال على رضاكم والاهم هو الاستفادة

ودمتم جميعا في حفظ الله ورعايته

يتبع الجزء2 قريبا .....

الوعد2016
18-07-2008, 12:23 AM
بالتوفيق وجزاك الله كل خير نعم نحتاج لمعرفت الاعجاز القراني واصل الضاد وما هي الضاد وهل هي لان فقط ام لغيرنا
وبارك الله فيك الموضوع طويل ولكنه شيق وممتاز وجميل بمعنى الكلامه

قلب صادق
18-07-2008, 01:53 PM
بالتوفيق وجزاك الله كل خير نعم نحتاج لمعرفت الاعجاز القراني واصل الضاد وما هي الضاد وهل هي لان فقط ام لغيرنا
وبارك الله فيك الموضوع طويل ولكنه شيق وممتاز وجميل بمعنى الكلامه


وجزاك مثله اخي الوعد 2016
سعدت بمرورك وكلماتك الجميلة وتشجيعك :victory:
دمت اخي في حفظ الله ورعايته

بوحارب
18-07-2008, 02:12 PM
تسلم ع الشرح الوافي أخوي قلب صادق:oops:

قلب صادق
19-07-2008, 11:15 AM
تسلم ع الشرح الوافي أخوي قلب صادق:oops:



العفو اخوي بوحارب اتمنى ان تكوون قد استفدت من هذا البحث :victory:

دمت اخي الكريم في حفظ الله ورعايته

بوحارب
20-07-2008, 01:04 AM
العفو اخوي بوحارب اتمنى ان تكوون قد استفدت من هذا البحث :victory:

دمت اخي الكريم في حفظ الله ورعايته

ابشرك اني استفدت:victory:

الله يعطيك العافية:)

قلب صادق
20-07-2008, 01:08 AM
ابشرك اني استفدت:victory:

الله يعطيك العافية:)



الله يعافيك وانتظر باقي البحث ان شاء الله قريبا :victory:

سعد بمرورك الرائع ودمت اخي الكريم في حفظ الله ورعايته

Ghost
20-07-2008, 07:15 AM
:omg:الموضوع فعلا رائع بس سؤال وين الوقت الموضوع جميل جدا ً لكنه طويل لازم الواحد يطبعه ويجلس يقرأ بتمعن لان القراءة فقط مش ذات اهمية لابد من الاستيعاب والفهم مع القراءة
والسموحة على هالكلام
هذا ما اجده في نفسي بس الاخرين ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟