المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : د. سعـد بن طفله : بين السياسة والصراحة( نقلاً عن الشرق الأوسط)



بنت الحرمي
19-07-2008, 04:25 PM
أنا من المطالبين بتنزيه الدين فوق السياسة ـ ولا أقول فصلهما، فالفصل يعني قدرا من المساواة بينهما، بينما أرى أن الدين أقدس وأسمى من السياسة، فالسياسة يقال عنها ما يعف القلم عن ذكره، بينما الدين يحظى بالاحترام والتبجيل.

في السياسة تقول بعضا من الحقائق، ولكنك لا تقول الحقيقة كاملة، وتحاول أن تجذب تأييد الناس، واستقطاب المناصرين، وفي السياسة لا تعبر عن كافة القناعات مرة واحدة وفي كل المواقف والمواقع، فلكل «مقام مقال»، و«لكل شارب مقص».

خطاب حسن نصرالله ـ قائد حزب الله ـ في استقبال الأسرى اللبنانيين قبل يومين، خلا من أي ذكر لسوريا والتي كانت محورا للمديح والثناء في خطبه السابقة. نصرالله رحب ترحيبا خاصا بالوفد الإيراني الذي حضر الاحتفالية.

سوريا تتفاوض مع إسرائيل بشكل غير مباشر و«من دون شروط مسبقة» بعد أن كانت ترفض العودة للمفاوضات من نقطة الصفر وتشترط استئنافها من حيث توقفت.

وأمريكا تنازلت هذه الأيام عن شرط وقف إيران لتخصيب اليورانيوم المنضب لكي تفتح معها حوارا مباشرا، وها هي تفتح مكتبا للمصالح الإيرانية في واشنطن ويستعد مساعد وزير خارجيتها نيكولاس بيرنز للقاء وفد إيراني رفيع بجنيف.

في الانتخابات الأمريكية قال مرشح الرئاسة باراك أوباما بأنه على السود والملونين أن يتحملوا بعضا من المسؤولية لتحسين أوضاعهم المعيشية بدلا من إلقاء اللوم على الآخرين. ما قاله أوباما يتردد البيض في قوله، لأن من يقوله منهم سوف يقال عنه بأنه عنصري. قول أوباما لم يعجب «الحرس القديم» في حركة الحقوق المدنية للسود التي قادها مارتن لوثر كنغ في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. تمحور خطاب تلك الحقبة على إلقاء اللوم على البيض وعلى القوانين العنصرية التي كانت تمنعهم من المشاركة السياسية ـ بشكل أو بآخر ـ أو تميز بينهم حتى في مقاعد الحافلات ـ البيض في الصفوف الأمامية والسود في الصفوف الخلفية.

لكن تلك كانت مرحلة، واليوم مرحلة أخرى، صحيح أن مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة المنشودة غير مثالية في أمريكا، ولا هي مثالية في أي مكان آخر في هذا العالم، ولكن الصحيح أيضا أن سودا وملونين كثر حققوا نجاحات كبرى في كافة مناحي الحياة، فالقائمة طويلة من نجوم هوليوود كسيدني بواتييه وبيل كوسبي إلى وزيرة الخارجية السوداء ـ كونداليسا رايس.

قد يكون ما طرحه أوباما «كلمة حق يراد بها باطل»، حيث فسر موقفه على أنه مغازلة لأصوات البيض، وهذا جائز، ولكنه صحيح إلى حد ما، فكثير من الملونين في أمريكا وأوروبا ينحون باللائمة فقط على النظام العنصري الذي لا يعطيهم فرصا متكافئة، ولكن الصحيح أيضا أن كثيرا منهم يتخذون ذلك ذريعة للاستسلام لأوضاعهم المعيشية والتعليمية والاجتماعية.

في السياسة، يختلف الرأي عن الموقف السياسي، فمن عارضوا حقوق المرأة في الكويت تحت ذرائع مختلفة ـ بعضها ديني ـ تسابقوا على كسب صوتها حين جاءت الانتخابات، ومن كان بالأمس يحرم عمل المرأة وتعليمها، صار يفضل ـ وأحيانا يشترط ـ أن تكون موظفة لتساعده على تحمل أعباء الحياة، أو على الأقل تتكفل ببعض طلباتها ومشترياتها.

لا حصر للأمثلة التي تظهر لكل فطن أن السياسة مرتبطة ارتباطا عضويا بالبراجماتية، وبأن السياسة فيها أبيضا وأسودا ورمادي، بينما «الحلال بين والحرام بين» في الدين، وما قد يكون محرما من المواقف السياسية الثابتة اليوم، يصبح جائزا غدا، لكن ما حرم في الدين لا يمكن ولا يجوز أن يحلل ولو بعد حين. فلا مناص من المطالبة بتقديس الدين فوق السياسة، وبالسمو بالدين حفاظا عليه من «رجس» السياسة، وبالحفاظ على الدين وصونه من ألاعيب السياسة.

عجبني مقال الدكتور سعد بن طفلة العجمي ، كتاباته دايماً مميزة ،، للعلم الدكتور سعد كان وزير الاعلام السابق في دولة الكويت