المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : @___ التّصوّف شرعٌ لم يأذن به الله ___@



سيف قطر
21-07-2008, 10:42 PM
التّصوّف شرعٌ لم يأذن به الله

رأيت كتاب الشيخ أبي الحسن النّدوي تجاوز الله عنا وعنه بعنوان (ربَّانية لا رهبانيّة) وفرحت به أول الأمر، إذ ظننته إنكارًا لبدعة التّصوّف المحدثة، ورَدًّ للمخدوعين بها إلى منبع الشريعة الصافي من كتاب الله وسنة رسوله ز، وقلت: لعلها هداية الله غلبت على التّنشئة الصوفيّة والبيئة الصوفيّة المحيطة به، ثم بسبب حرصه على الدين وبحثه عن الحق، وعضويته في مجلس الجامعة والرّابطة مع الشيخ ابن باز.

ولكنّي للأسف وجدت فيها تزيينًا لهذه البدعة الضالة المضلة وتثبيتًا لها بالإشارة المتكررة إلى أن: (العقدة أو سبب الخلاف بين أهل السنة وأهل التّصوف هي في التسمية والاصطلاح، فلو أزيل هذا الاسم [التصوّف] لانحلّت العقدة وهان الخَطْب) ص7، وأن (القرآن نوّه عن التّصوف بلفظ التزكية ركنًا مستقلاً من أركان أربعة بُعِث الرسول صلى الله عليه وسلم لتحقيقها في الآية الثانية من سورة الجمعة) ص8، وأنّه (الطريق إلى الإحسان). ثم يتكلَّم عن فقه الظاهر وفقه الباطن ويلبسه لباسًا غير لباسه في الفكر الصّوفي قديمًا وحديثًا، وأن (فقه الباطن هو علم جاء مطابقًا للكتاب والسنة؛ ليتكفّل بتزكية النفوس وتهذيبها وتَحْليتها بالفضائل الشرعية وتَخْليتها عن الرذائل النفسية والخُلُقية) إلى آخر ما أورده ص10، ممّا سمّاه (علم الباطن) أو (علم التصوف)، وقد كتبت له بما يلي:

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

أَعْجَب كيف يتّبع الشيخ الإدّعاء الصوفي المتوارث بأن التصوف ما هو إلاَّ التزكية كما وردت في القرآن، والإحسان كما ورد في الحديث، وهو حَريّ أن يعلم أن الطريق الوحيد للتزكية والإحسان ما أنزله الله وحيًا في كتابه أو سنة رسوله، أما طريق (النقشبندية) التي مدح أحد شيوخها ص13، فجادّتها إلى التزكية والإحسان: الذّكر (الشريف) في القلب لا يتحرّك به اللسان خلافًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا إذا لم يصل كلّ أتباعها إلى ما يصل إليه بعضهم من الرّابطة الشريفة: (ذكر الله مستحضرًا صورة شيخه لأنّه طريقه الوحيد إلى الله، وأما طريق (الجشتيّة) فالمراقبة عند القبر والذكر بلفظ: (الله ناظري الله حاضري) والطريقتان من الطرق الأربع التي يبايع عليها مسلموا القارة الهندية عدا أهل الحديث.

لقد ورد لفظ التزكية في القرآن بضعًا وعشرين مرة بمعاني مختلفة في معرض المدح والذم والحث والنهي وفي الدنيا والآخرة، ولو كان معناها في آية الجمعة مثلاً أن يجعلهم صوفيّة في الدنيا فهل يكون معناها في آية البقرة أَنْ لا يجعلهم صوفية يوم القيامة؟ وهل الخلاف بين السّنّة وبين البدعة الصوفيّة سواء في دروشتها الجاهلة أو فكرها الضالّ المتصل بالفكر الهندي الوثني يقتصر على (تغيير الاسم لينقشع الضّباب وتُحَلّ العقدة النّفسيّة ويزول المقت والكراهية) ص19، أم هو الخلاف بين الإتّباع والتّقيّد بنصّ الوحي في جهة وأفكار النّاس وشطحاتهم والتشريع دون إذن من الله في الجهة الأخرى؟

بأيّ نصٍّ شرع الله البيعة الصوفية للمسلمين؟ ص41، وهل بايع المسلمون القدوة في القرن الأول أحدًا غير بيعتهم الشرعية لولي الأمر؟

وأنّى لرجل (يجلس في زاوية بعيدة) أن (يجاهد التتار والمغول ويضيء ظلام القلوب) كما ذكر ص36.

هذه هي الصوفية على أحسن أحوالها: رجل يجلس في زاوية بعيدة يردّد ذكرًا ما ردّده رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستدل على دين الله بِقَال الشاعر رحمه الله ص36، وصرَّح أرنلد ص33، ونقل أرنلد ص34)، وأن (مشايخ الصوفية هم الذين حفظوا للأمة دينها وأنقذوا الإسلام من أعدائه وأدخلوهم فيه) ص31 ـ 32، بأيّ سلاح يا ترى: بالبخور والرقص والطّبل وترديد الذكر المبتدع، أم بحدّثني قلبي عن ربي (البسطامي)، وما في الجبة إلا الله (الحلاّج)، وقال لي الحق: أنت الأصل وأنا الفرع (ابن عربي)؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

علَّمَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعالج الغضب بالاستعاذة من الشيطان، أما (شيخكم ومربّيكم الروحي ومن هو من كبار أئمة التصوف في هذا العصر) ص36، فله علاج آخر غير الرجوع إلى العلاج النبوي (الرجوع إلى الشيخ والاتصال به، وبغير هذا لا يزول الغضب)، ص41.

دين التصوف وشرعه الذي لم يأذن به الله قائم كما يتبين من مطالعة كتابكم على التأويل الباطل والحديث الموضوع والضعيف وتقديس البشر والاعتماد على الكشف؛ من أين أخذ شيخكم (اللطائف الست) ص42، وكيف (كانت صحبة بعض شيوخه تحول التّراب تبرًا والحصى جوهرًا)؟ وهل طالَبَنا شرع الله بالمحبة المرتبطة بالطاعة والمتابعة، أم بالعشق ص44ـ 45؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

تنقلون عن شيخكم قصة الشيخ (العارف غلام رسول) أي: عبد الرسول وأنه لا يجالس أحدًا إلا ويصبح من القائمين في الليل، ولا يحضر وعظه مشرك مرّة واحدة إلا أسلم، ويذكر الله بلفظ (إلا الله) فتسمعه الهندوكيات فيردّدن: "لا إله إلا الله" أفضل مما جاء به الشيخ (ويُسْلِمْن) ص44، لقد أوصلتم المشايخ المبتدعة إلى ما لم ينقل لنا المؤرخون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصل إليه؛ كان يجلس إلى بعض المشركين ويعظهم مرارًا وتكرارًا فلا يُسْلمون ومنهم عمّه أبو طالب، ويقول الله تعالى له: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] ويقول له: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80].

وتقولون عن شيخكم عبد القادر الرائبوري رحمه الله أنه (كان معترفًا بإخلاصه وقبوله عند الله كلّ الاعتراف) ص46، وهل في وُسْع البشر التأكد من الإخلاص ومحله القلب، أو من القبول وعلمه عند الله وحده؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

وتنقلون عن شيخكم قوله: (إن على الفرد أداء الفرائض وسائر العبادات والدّوام على ذكر الله، فإذا وُجِّه إلى عمل خاصٍّ بإلهام من الله أو بإرشاد من شيخه أدَّى هذا العمل، وإلا فيحسن له القناعة بالعبادات والأذكار وهي تكفي لنجاته) ص47، ويظهر لي من قبولكم هذا التخريف، أنكم تُقِرُّون سبيلين للتشريع لم يأذن بهما الله: الإلهام وإرشاد الشيخ، وترون أن الاكتفاء بالعبادات المشروعة سِمَة القناعة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه عزَّ وجلَّ: "ما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبّه"رواه البخاري.

وتذكرون عن شيخكم ص52، أنه (خطر سؤال على قلب أحد جلسائه فاطّلع عليه الشيخ بفراسته ونور باطنه)، هل هذا موطن الفراسة أو علم ما في الصدور؟

وليس عندي من الصّبر ولا الوقت ما يعينني على متابعة هذه الملاحظات، ولم يكن عندي عزم على إبدائها لكم لولا أني أطّلعت على رسالة للأستاذ/ محمود الغراب هداه الله يردّ بها على الشيخ/علي الطنطاوي أثابه الله إنكاره التّصوّف الضالّ الذي مثّل لأبشعه وأكثره كُفْرًا بمؤلَّف الغراب: (شرح كلمات الصوفيّة والرّدّ على ابن تيمية) انتصارًا لفكر ابن عربي، وفي هذه الرسالة استشهاد بتقديركم لمؤلَّفه: (أرجو مواصلة هذا الإخراج العلمي الجميل لعلوم الشيخ الأكبر [ابن عربي] ولكم شكر الناس وجزاء من الله كريم)! كيف يا شيخ هدانا الله وإياك لأقرب من هذا رشدًا؟ هل تقرّ ما كتبه عن وحدة الوجود بعنوان (سبحان من أوجد الأشياء وهو عينها)؟ هل تقرّ قوله: (فيقول العبد الكامل الذي الحقّ على لسانه وسمعه وبصره وقواه وجوارحه: أنا الله، كأبي يزيد وأمثاله)؟ هل تقرّ تفسيرهم آية سورة البقرة المحكمة: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7]: بأنها نزلت في الأولياء الذين ختم الله على قلوبهم فليس فيها إلا محبة الله، وعلى سمعهم فلا يسمعون إلاَّ منه، وعلى أبصارهم غشاوة فلا يرون إلاَّ إيَّاه، ولهم عذاب عظيم مثلما عُذِّب محمد صلى الله عليه وسلم عندما صار قاب قوسين أو أدنى فلم يصل؟ هل تقرّ الغراب على نَشْر كُتُب ابن عربي ومطالبة الناس بقبولها وعدم الرّدّ عليها بالعقل أو النقل لأنه تلقَّاها بطريق الكشف؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

كنَّا نأسى لِـمُدافعة بعض المتصوفة ومن خُدعوا بهم عن ابن عربي بأن كلّ ما نُسب إليه من أقوال الكفر مدسوس عليه، وهو دفاع ظاهر البطلان، إذ لا تقتصر أقواله الكافرة على صفحة أو كتاب؛ بل هي منتشرة في جميع كتبه؛ إما أن يكون نِسْبة كلّ كتبه إليه جميعًا باطلة أو صحيحة، وكان ادعاء دسّها أهون مما جاء به الغراب: (هدانا الله وإياكم وإياه) مِنْ نَذْر نفسه لنشرها ومطالبة الناس بتأويلها عند الضرورة كأنها من نصوص الوحي، وليس عندنا لأقوال البشر إلا أن نعرضها على كتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم فما وافقهما قُبِل وما خالفهما رُدّ، وبعد انقطاع الوحي ليس لنا اطلاع ولا حكم على ما في الصدور، لنا الحكم على الظاهر، واللغة العربية ليست ملكًا للغراب ولا لابن عربي يتصرف فيها كيف شاء بل إذا قال كلمة الكفر كفّرنا قوله حُكْمًا على ظاهر قوله لا على نيّته ولا على ما لقي عليه ربّه.

أرجو الله أن يدلّنا وإيّاكم على الحق وأن يثبتنا وإياكم عليه وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومتّبعي سنته.

http://www.saad-alhusayen.com/images/logo.gif

Abdulla Ahmed
22-07-2008, 05:39 AM
موعظة بليغة من سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز وجّهها لأحد طلبة العلم الذي سعى بكل قوته أن يستصدر فتوى من الشيخ عبدالعزيز بن باز بتبديع جماعة التبليغ، وقطع نشاطهم وإغلاق مساجد الله في وجوههم..
علماً أن هذا الطالب كان عاملاً معهم لمدة ثماني سنوات، ودافع عنهم يوم كان معهم بكل ما أوتي من قوة، وكتب للشيخ ابن باز الرسائل الكثيرة في تزكيتهم، وحث الشيخ على تأييدهــم، ثم بعد أن انقلب عليهم أراد من الشيخ عبدالعزيز بن باز أن يفتي بتبديعهم ومنعهم فكتب له الشيخ موعظته البليغة هذه قائلاً:
"سلام عليكم ورحمة الله وبركاته..أما بعد،،
فقد وصلني كتابك المؤرخ (3/3/1408هـ) ومشفوعاته: كتابك لفضيلة الشيخ أبي بكر الجزائري، وفضيلة الشيخ يوسف الملاحي، وما أرفقت بهما واطلعت عليها كلها، ولا أكتمك سراً إذا قلت إني لم أرتح لها، ولم ينشرح لها صدري، لأن هذه الطريقة التي سلكت لا تفيد الدعوة شيئاً لأنها تهدم ولا تبني وتفسد ولا تصلح وضرها أقرب من نفعها، ولم يعد ضررها إلا على الدعوة وعلى إخوانك في الله من خيرة المشايخ وطلبة العلم نشأوا على التوحيد والعقيدة الصحيحة علماً وتعليماً ودعوة وإرشاداً، وقد استغلها من لا بصيرة له في مناصبتهم العداء، وتكفير بعضهم لهم، واستباحة بعضهم لدمائهم والعياذ بالله مع الوشاية بهم، واستعداء المسؤولين عليهم، وتهويل أمرهم عندهم، وتخويفهم منهم، ورميهم بالعظائم، وإلصاق التهم بهم مما هم برءاء منه حتى حصل على الدعوة والدعاة من الضرر ما الله به عليم.
أما ما أقمتم الدنيا وأقعدتموها من أجلهم فينطبق عليكم قول الشاعر:

وناطح صخرة يوماً ليوهنها,,,,,,فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

لكونهم بمنأى عنكم في بلادهم سائرين في دعوتهم في حماية من دولتهم لاحترامها لهم لأنك ذكرت في بعض كتاباتك لنا أن رئيس الحكومة يحضر اجتماعاتهم، ويشجعهم كما َذكَرَ لنا هذه الأيام بعض أبنائنا المتخرجين من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية ممن شاركهم في الدعوة سنين طويلة أن مركزهم في راولبندي مفتوح 24 ساعة، وجماعات تخرج في سبيل الله، وجماعات ترجع فما دام الأمر هكذا فلن تخضعهم كتاباتك، وكتابات أمثالك المشتملة على الفظاظة والغلظة، والسب والشتم، بل إن هذه الكتابات ستكون سبباً في نفرتهم من الحق، وبعدهم عنه لقول الله سبحانه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}.. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: [إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، وإن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، ولا على ما سواه] والله سبحانه وتعالى نهى عن سب الكفار إذا كان يفضي إلى سب الله، فكيف بسب المسلمـين إذا كان يفضي إلى تنفيرهم من الحق وبعدهم عنه، وعن الداعين إليه، فالواجب أن تسعوا في الإصلاح لا في الإفساد، وأن تخالطوهم وتنبهوهم على ما قد يقع من بعضهـم من الخطأ بالرفق واللين، لا بالعنف والقسوة..

أما تشديدك في إنكار البيعة على التوبة فقد اقترحت على قادتهم لما اجتمعت بهم في موسم الحج الماضي بمكة، وحصل بيني وبينهم من التفاهم ما نرجو فيه الفائدة أن يكون عهد بدل بيعه فقبلوا ذلك، ولعلهم تعلقوا بما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في جزء 28 من صفحة 21 من الفتاوى من عدم إنكار ذلك.

وكذلك تشديدك النكير عليهم في إبقائهم أحد الدعاة في المسجد للدعاء لهم ولعل قصدهم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حين بقي في العريش يوم بدر مع الصديق يناشد ربه النصر حتى سقط رداؤه عن منكبيه فرده الصديق، وقال يا رسول الله بعض مناشدتك ربك فإن الله منجز لك ما وعدك، ولا يوجب هذا العمل هذا التشنيع الفظيع هدانا الله وإياك، وقد تمنيت أنك قبلت نصيحتي المتكررة لك، وما أشرت به عليك سابقاً ولاحقاً في كتبي المرفق بعضها، مع بعض صور مما صدر منك في الموضوع لأني كتبتها عن بصيرة وتأنٍّ ونظر في العواقب، وموازنة بين جلب المصالح، ودفع المضار، وخبرة تامة بهم لتكرر اجتماعي بهم في مكة والمدينة والرياض مع ما استفدته من ثقات المشايخ الذين سافروا إليهم وحضروا اجتماعاتهم واطلعوا عليها عن كثب وأعجبوا بها، وكنت نصحتك بما نصحت له محمود استنبولي لما تهجم عليهم على غير بصيرة كحال أكثر من شن عليهم الغارة في هذا الوقت بدافع الجهل والهوى نعوذ بالله من ذلك وقد قلت في رسالتك المذكورة لمحمود: (وصلتني رسالة منك حول جماعة التبليغ ويؤسفني أن ينهـج أحد الدعاة إلى الله هذا المنهج المخالف لشرع الله في سب أقرانه في الدعوة إلى الله وشتمهم وتضليلهم واتهامهم بتنفيذ مخططات أعداء الله في الكيد للإسلام والمسلمين، كل ما في الأمـر أن جماعة التبليغ نهجت في الدعوة إلى الله منهجاً أخطأت -فيما نرى- في بعض جوانب منه ونرى من الواجب أن ننبههم على هذا الخطأ، كما نرى من الواجب الاعتراف بما في منهجهم من صواب وليت أخي يخرج معهم ليتعلم منهم اللين بدل القسوة والدعاء للمسلمين بدل الدعاء عليهم والجدل بالتي هي أحسن بدل الجهر بالسوء وكلنا محتاج لتفقد نفسه وتصحيح منهجه والرجوع إلى الله وإلى سنة رسوله في طاعة الله والدعوة إليه).
انتهى كتابك بحروفه، وقد كتبته بعد اختلافك معهم في الرأي، ولكن الله أنطقك بالحق فالحمد لله على ذلك، وإليك رسالتك المذكورة مع شكرنا لك عليها برفقه.
وربما اغتر بكتاباتك القاسية -ثقة بك- من لم يخالطهم في عمره، ولم يخرج معهم، ولم يعرف عنهم شيئاً إلا من كلامك فيكون عليك وزرك، ومثل أوزار من انخدع بما كتبت إلى يوم القيامة. فاتهم الرأي يا بني واعلم أن الله عند لسان كل قائل، وقلبه، وأن الله سيحاسب الإنسان عما يلفظ به أو يعمله، والجأ إلى ربك، واضرع إليه أن لا يجعلك سبباً في الصد عن سبيله وأذية المسلمين، وأسأل الله عز وجل أن يشرح صدرك لما هو الأحب إليه من نفع لعباده وأن يختم لي ولك بالخاتمة الحسنة إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

Abdulla Ahmed
22-07-2008, 05:46 AM
رسالة الشيخ انعام الحسن

{ بسم الله الرحمن الرحيم }



إلى فضيلة الشيخ سعد الدين الحصين المحترم وفقنا الله وإياه لما يحبه ويرضاه بفضله وكرمه … السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

وبعد .. فقد تلقيت خطابكم الكريم المؤرخ 9/9/1404 هــ ببالغ الشكر والتقدير المتضمن على عدة استفسارات وتساؤلات ، وهذا يدل على غيرتكم وحميتكم الدينية ونريد أن نجيب عنها بإيجاز لتكونوا على بصيرةٍ من الأمر …



= أخي الكريم … إن هذه الدعوة ليست إلا للعودة بالأمة إلى كتاب الله وسنة رسوله وطريقة السلف الصالح وهو صراط المستقيم ..

= وقد نفع الله بهذه الدعوة ... والحمد لله .. خلائق لا يحصون في جميع أنحاء العالم وعادوا من الشرك والضلال والبدع والخرافات إلى عقيدة التوحيد النقية ، وتاب كثيرٌ منهم من الإلحاد و الزندقة .. ومن شرب الخمور وتعاطي الربا وارتكاب شتّى المعاصي ، ورجعوا إلى المساجد يعبدون ربهم وينيبون إليه متمسكين بهدي المصطفى ملتزمين بسنته الطاهرة كما لا يخفى عليكم ...

= كذلك لا ننكر أن كثيراً من الناس والشباب المنحرفين تابوا من المعاصي وعادوا إلى الصراط المستقيم بقي فيهم بعض آثار الانحرافات السابقة ، وهم بحاجة إلى تثقيف ووعي إسلامي أعمق فهذه الانحرافات لا ينبغي أن تنسب إلى الدعوة .. فإننا أحياناً نضطر لغض النظر عنها للظروف القاهرة .. بل يحتاج هذا إلى المشاركة من أمثالكم في هذا العمل الجليل لتثقيفهم وتربيتهم ...

= أما أصول الدعوة فهي معروفة لديكم ولدى الجميع ولا خلاف فيها بين أحد من الناس وهي التي نحرص عليها في هذا العمل وندعوا إليها كافة الناس عرباً وعجماً ..

= فإما المسائل الدقيقة العلمية فعادةً نحيلها إلى العلماء المختصين ونقول لهم ( فاسألوا أهل الذكر وإن كنتم لا تعلمون ) هذه حقيقة معروفة بين العرب والعجم لاخفاء فيها .. وكل ذلك حرصاً على جمع شمل الأمة ..

= ولكن بسبب المودة والمحبة الخاصة التي تربط بيننا وبينكم أن نشرح لكم بشيْ من التفصيل لما ذكرتموه في رسالتكم الموقرة ...

= الطرق الصوفية والبيعة ليست قطعاً من أصول هذه الدعوة كما هو مقرر ومعلوم .. ولا ندعوا الناس أبداً لها صراحة ولا إشارة .. ولا عرباً ولا عجماً .. ولكننا نقر منها ما يوافق الربانية التي عبر عنها القرآن الكريم ( بالتزكية ) والحديث الشريف ( بالإحسان ) وما يخالف ذلك فإننا نعتبره بدعة وضلالة ولا علاقة له بالإسلام ولا علاقة لنا به وليس لنا وجهان والحمد لله في ذلك ...
= وإنما كما هو معلوم أن البيعة في الطرق الصوفية رائجة ومنتشرة في شبه القارة الهندية والواقع أننا إن لم نبايع هؤلاء الذين يصرون علينا بذلك .. فإنهم حتماً سيبايعون غيرنا ويقعون في حبائل المبتدعة والمنحرفين من المتصوفة الزنادقة ...
= وعندما نبايع فإننا لا نبايع إلا على طريقة رسول الله كما ورد في الحديث الصحيح في البخاري من كتاب الأيمان أن عبادة بن الصامت قال :- وهو أحد النقباء ليلة العقبة – أن

(( رسول الله قال :- وحوله عصابةٌٌٌٌٌ من أصحابه – بايعوني على ألا تشاركوا بالله شيئاً .. إلى آخر الحديث )) .

وكما ورد عن جرير بن عبداللة البجلي (( بايعنا رسول الله على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم )) .

وغير ذلك من الروايات الصحيحة الصريحة الكثيرة شحنت بها كتب السنّة ... فهذه البيعة بيعة التوبة .. وهي ليست من الشرك ولا من البدع بل هي مقيدة بسنّة رسول الله ...
= أما ما خالف كتاب الله وسنّة رسوله من عقيدة أو عمل أو أقوال أو كشف أو كرامة فإننا نرمي به عرض الحائط ، ولا نبالي به ، ونبرأ إلى الله منه ..
ومن يقول أو يعتقد بشيء يخالف كتاب الله وسنة رسوله فإنه لا يساوي عندنا شيئاً بل إننا نبغضه في الله كائناً من كان كبيراً أو صغيراً .. هذا ما ندين الله به ونسأله سبحانه أن يحشرنا عليه آمين ..
= وأما ما ذكرتموه من بعض الإخوان من الجماعة أنه لا يتزوج أحدهم أو يبني بيتاً أو يغير وظيفته الإ بعد موافقة الأمير .... فهذا وجهه : -

أن أحد الذين تكون له علاقة قديمة بالدعوة وبي شخصياً يستشيرني في أمر من أموره فأعطيه رأي الشخصي بأمانة " وصدق " على قاعدة " المستشار مؤتمن )) وأنتم على علم أن جميع العاملين والمشتغلين بالدعوة غير ملزمين في هذه الأمور بالرجوع إلى أي أمير أو الالتزام برأيه ... وإنما كل أحدٍ حرّ في تصرفاته ... فقط الذي ندعوا إليه كل أحد :- أن يلتزم في جميع شؤون حياته بأمر الله وسنة رسوله فالفلاح والنجاح كله في ذلك .

= أما لماذا نخص العرب بكتاب " رياض الصالحين " فالأمر واضح وهو أن هذا الكتاب نافع وجيد تلقته الأمة بالقبول ... ولما ذهبت جماعات الدعوة إلى البلدان العربية لم تكن كتب الفضائل قد ترجمت للغة العربية وإلى الآن لم يترجم الإ بعضها فاخترنا هذا الكتاب لحلقة التعليم ، لحصول المقصود منه أيضاً واستمر الأمر على ذلك .

= أما ما يتعلق بكتاب (( تبليغي نصاب )) المشتمل على كتب الفضائل المختلفة وما أثير حول هذا الكتاب فنجيب عنها بإيجاز :-

= هذه الكتب ألفت باللغة الأردية منذ زمان ، ولا شك قد تساهل المؤلف في ذكر بعض الروايات الضعيفة في الفضائل ، ولا شك قد تساهل المؤلف في ذكرها ويشير في الآخر إلى درجة الحديث من صحة وحسن وضعف ، وقد ترجم إلى اللغة العربية بعض كتب الفضائل ربما أطلعتم عليه ...

= وكذلك حياة الصحابة للعلامة المحدث الداعية الشيخ محمد يوسف الكاندهلوي أيضاً مأخوذ مادته من كتب الصحاح الستة وغيرها من كتب السنة والسير والتاريخ ... ثم يذكر المؤلف مصدره حسب عادة المحدثين ... وأريد هنا أن ألفت نظركم الكريم إلى بعض مؤلفات العلماء الأعلام من السلف والخلف الذين ألفوا في الفضائل والسيرة ، وكيف أنهم مع علو مرتبتهم في الحديث وتشددهم المعروف في هذه القضية تجد أنهم قد تساهلوا أيضاً في مؤلفاتهم هذه بالذات وذكروا فيها أحاديث ضعيفة كثيرة كما هو معلوم .. مثل ذلك :- كتاب الأدب المفرد للبخاري إمام المحدثين ، وكتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل ، وكتاب الزهد والرقائق للإمام عبد الله بن المبارك ، وصفوة الصفوة للإمام ابن الجوزي ، وكتاب الكبائر للإمام الحافظ الذهبي ، والبداية والنهاية للحافظ ابن كثير، والوابل الصيب وزاد المعاد للحافظ ابن القيم رحمهم الله ...

= ومرةً أخرى إنه لا يَنبغي أن نستدل بعمل فردٍ اشتغل بهذه الدعوة على أن فعله الشخصي جزء من أصول الدعوة ، لأنها تدعو جميع الناس إلى الأصول المتفق عليها وهي بجملتها وتفصيلها معلومةٌ لديكم .

= وهم يأتون إلينا مع انحرافاتهم السابقة .. ولا شك هذا يحتاج إلى تربية وجهد بالغ بحكمةٍ وسعة صدرٍ وإشراف أمثالكم من الأفاضل أهلِ العلم والغيرة والحمية الدينية ..

= ومع هذا فإننا نعتبر أنفسنا والله مقصرين جداً .. ندعو الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد ..

= ونحن نرجو من فضيلتكم كما عهدنا منكم النصح لهذه الدعوة والمشاركة فيها لأنكم أهلاً لها والشيء من معدنه لا يستغرب ...

= أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .. ونسال الله جميعاً التوفيق والسداد .. وبهدينا دائماً للحق والصواب ...وجميع عامة المسلمين .. على كتاب الله وسنة رسول الله .. وان يلهمنا مراشد أمورنا ويعيدنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وحسبنا ونعم الوكيل ونعم المولى ونعم النصير .


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أخوكم في الله

محمد إنعام الحسن الكاندهلوي – دلهي – الهند

Abdulla Ahmed
22-07-2008, 06:05 AM
الشيخ أبو الحسن الندوي:

رباني الأمة - عالم رباني وداعية مجاهـد وأديب تميز بجمال الأسلوب وصدق الكلمات ، إنه الداعية الكبير ورباني الأمة الشيخ أبو الحسن الندوي - رحمه الله - صاحب كتاب من أشهر كتب المكتبة الإسلامية في هذا القرن وهو كتاب
"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟".
من هو أبو الحسن الندوي: الشيخ أبو الحسن الندوي غني عن التعريف فقد عرفه الناس من خلال مؤلفاته الرائدة التي تعد من المصابيح التي أضاءت الطريق أمام طلاب العلم من جيله والأجيال التي تلته ، ونذكر هنا سطورا ومواقف لا تنسى من حياته. ولد بقرية تكية ، مديرية رائي بريلي ، الهند عام 1332هـ/ 1913م. تعلم في دار العلوم بالهند (ندوة العلماء) ، والتحق بمدرسة الشيخ أحمد علي في لاهور ، حيث تخصص في علم التفسير ، ومن يوم تخرجه أصبح شعلة للنشاط الإسلامي سواء في الهند أو خارجها ، وقد شارك رحمه الله في عدد من المؤسسات والجمعيات الإسلامية ، ومنها تأسيس المجمع العلمي بالهند ، وتأسيس رابطة الأدب الإسلامي كما أنه: عضو مجمع اللغة العربية بدمشق ، وعضو المجلس التنفيذي لمعهد ديوبند ، ورئيس مجلس أبناء مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية. يعد من أشهر العلماء المسلمين في الهند ، وله كتابات وإسهامات عديدة في الفكر الإسلامي ، فله من الكتب: موقف الإسلام من الحضارة الغربية ، السيرة النبوية ، من روائع إقبال ، نظرات في الأدب ، من رجالات الدعوة ، قصص النبيين للأطفال وبلغ مجموع مؤلفاته وترجماته 700 عنواناً ، منها 177 عنوانا بالعربية ، وقد ترجم عدد من مؤلفاته إلى الإنجليزية والفرنسية والتركية والبنغالية والإندونيسية وغيرها من لغات الشعوب الإسلامية الأخرى. كان سماحة الشيخ كثير السفر إلى مختلف أنحاء العالم لنصرة قضايا المسلمين والدعوة للإسلام وشرح مبادئه ، وإلقاء المحاضرات في الجامعات والهيئات العلمية والمؤتمرات تولى منصب رئيس ندوة العلماء منذ عام 1961م وظل فيه حتى وفاته ، وقد منح عددا من الجوائز العالمية منها جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام.

ثناء العلماء عليه:
قال عنه الشيخ الغزالي - رحمه الله: هذا الإسلام لا يخدمه إلا نفس شاعرة محلقة ، أما النفوس البليدة المطموسة فلا حظ لها فيه ، لقد وجدنا في رسائل الشيخ الندوي لغة جديدة ، وروحًا جديدة ، والتفاتاً إلى أشياء لم نكن نلتفت إليها ، إن رسائل الشيخ هي التي لفتت النظر إلى موقف ربعي بن عامر - رضي الله عنه - بين رستم قائد الفرس وكلماته البليغة له ، التي لخصت فلسفة الإسلام في كلمات قلائل ، وعبرت عن أهدافه بوضوح بليغ ، وإيجاز رائع: إن الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. أبو الحسن الندوي - فيما أعلم - هو أول من نبهنا إلى قيمة هذا الموقف وهذه الكلمات ، ثم تناقلها الكاتبون بعد ذلك وانتشرت.
وقد أصدر الدكتور يوسف القرضاوي بيانا من الدوحة نعى فيه العالم الكبير الشيخ أبا الحسن مؤكدا أن الشيخ الندوي كان يمثل نسيجا مميزا من العلماء المسلمين ينضم إلى العلماء الكبار الذين فقدتهم الأمة الإسلامية خلال العام الأخير من القرن العشرين .. "ابتداء بعلامة الجزيرة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز مرورا بأديب الفقهاء وفقيه الأدباء الشيخ علي الطنطاوي ومن بعده الفقيه المجدد العلامة الشيخ مصطفى الزرقا وبعده المحدث الكبير الشيخ محمد ناصر الدين الألباني".

وقال الشيخ القرضاوي في نعيه أن الشيخ الندوي كان يتمتع بخمس صفات تميزه عن غيره من العلماء .. فهو إمام رباني إسلامي قرآني محمدي عالمي. فأما أنه رباني فلأن سلف الأمة قد أجمعوا على أن الرباني هو من يعلم ويعمل ويعلِّم وهي الصفات الثلاثة التي كان يتحلى بها الشيخ ، وأما أنه إسلامي فلأن الإسلام كان محور حياته ومرجعه في كل القضايا والدافع الذي يدفعه إلى الحركة والعمل والسفر والكتابة والجهاد ، ساعيا لأن يقوي الجبهة الداخلية الإسلامية في مواجهة الغزوة الخارجية عن طريق تربية الفرد باعتباره اللبنة الأساسية في بناء الجماعة المسلمة ، وأما أنه قرآني فلأن القرآن هو مصدره الأول الذي يستمد منه ويعتمد عليه ويرجع إليه ويستمتع به ويعيش في رحابه ويستخرج منه اللآلئ والجواهر ، وأما أنه محمدي فليس لمجرد أنه من نسل الإمام الحسن حفيد الرسول (صلى الله عليه وسلم) فكم من حسنيين وحسينيين تناقض أعمالهم أنسابهم [ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه] بل لأنه جعل من الرسول الكريم أسوته في هديه وسلوكه وحياته كلها واتخذ سيرته نبراسا له في تعبده وزهده وإعراضه عن زخارف الدنيا وزينتها فهو يعيش في الخلف عيشة السلف.

مواقف لا تنسى: وفي حياة الشيخ الندوي مواقف كثيرة فيها دروس وعبر للعاملين على طريق الدعوة ومنها ما يرويه الشيخ يوسف القرضاوي فيقول: أذكر أنه حينما زارنا منذ أكثر من ثلاثين عامًا في قطر ، وكان يشكو من قلة موارد (دار العلوم) بندوة العلماء ، اقترح عليه بعض الإخوة أن نزور بعض الشيوخ وكبار التجار ، نشرح لهم ظروف الدار ونطلب منهم بعض العون لها فقال: لا أستطيع أن أفعل ذلك! وسألناه: لماذا؟ قال: إن هؤلاء القوم مرضى ، ومرضهم حب الدنيا ، ونحن أطباؤهم ، فكيف يستطيع الطبيب أن يداوي مريضه إذا مد يده إليه يطلب عونه؟ أي يطلب منه شيئاً من الدنيا التي يداويه منها؟ قلنا له: أنت لا تطلب لنفسك ، أنت تطلب للدار ومعلميها وتلاميذها حتى تستمر وتبقى. قال: هؤلاء لا يفرقون بين ما تطلبه لنفسك وما تطلبه لغيرك ما دمت أنت الطالب ، وأنت الآخذ! وكنا في رمضان ، وقلنا له حينذاك: ابق معنا إلى العشر الأواخر ، ونحن نقوم عنك بمهمة الطلب. فقال: إن لي برنامجًا في العشر الأواخر لا أحب أن أنقضه أو أتخلى عنه لأي سبب ، إنها فرصة لأخلو بنفسي وربي. وعرفنا أن للرجل حالاً مع الله ، لا تشغله عنه الشواغل ، فتركناه لما أراد ، محاولين أن نقلده فلم نستطع ، وكل ميسر لما خلق له.
مآثر الشيخ الشخصية والأخلاقية:
يقول ا.د. يوسف القرضاوى: الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي أحد أعلام الدعاة إلى الإسلام في عصرنا ، بلا ريب ولا جدال ، عبَّرت عن ذلك: كتبه ورسائله ومحاضراته التي شرقت وغربت ، وقرأها العرب والعجم ، وانتفع بها الخاص والعام. كما أنبأت عن ذلك رحلاته وأنشطته المتعددة المتنوعة في مختلف المجالس والمؤسسات ، وبعض كتبه قد رزقها الله القبول ، فطبعت مثنى وثلاث ورباع ، وأكثر من ذلك ، وترجمت إلى لغات عدة ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. والحق أن الشيخ - رحمه الله - قد آتاه الله من المواهب والقدرات ، ومنحه من المؤهلات والأدوات ما يمكنه من احتلال هذه المكانة الرفيعة في عالم الدعوة والدعاة. فقد آتاه الله: العقل والحكمة {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة:269] والحكمة أولى وسائل الداعية إلى الله تعالى ، كما قال - عز وجل - {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل:125]. ولهذا نجده يقول الكلمة الملائمة في موضعها الملائم ، وفي زمانها الملائم ، يشتد حيث تلزم الشدة ، حتى يكون كالسيل المتدفق ، ويلين حيث ينبغي اللين ، حتى يكون كالماء المغدق ، وهذا ما عرف به منذ شبابه الباكر إلى اليوم.

الثقافة الواسعة:
ويوضح الدكتور القرضاوي أن الثقافة الواسعة هي أهم جوانب حياة الشيخ الندوي ، فقد آتاه الله: الثقافة التي هي زاد الداعية الضروري في إبلاغ رسالته ، وسلاحه الأساسي في مواجهة خصومه ، وقد تزوَّد الشيخ بأنواع الثقافة الستة التي يحتاجها كل داعية وهي: الثقافة الدينية ، واللغوية ، والتاريخية ، والإنسانية ، والعلمية ، والواقعية ، بل إن له قدمًا راسخة وتبريزًا واضحًا في بعض هذه الثقافات ، مثل الثقافة التاريخية ، كما برز ذلك في أول كتاب دخل به ميدان التصنيف ، وهو الكتاب الذي كان رسوله الأول إلى العالم العربي قبل أن يزوره ويتعرف عليه ، وهو كتاب: "ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟" الذي نفع الله به الكثيرين من الكبار والصغار ، ولم يكد يوجد داعية إلا واستفاد منه. وكما تجلَّى ذلك في كتابه الرائع التالي: "رجال الفكر والدعوة في الإسلام" في جزئه الأول ، ثم ما ألحق به من أجزاء عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، وعن الإمام السرهندي ، والإمام الدهلوي ، ثم عن أمير المؤمنين علي (المرتضى) رضي الله عنه. وقد ساعده على ذلك: تكوينه العلمي المتين ، الذي جمع بين القديم والحديث ، ومعرفته باللغة الإنجليزية إلى جوار العربية والأردية والهندية والفارسية ، ونشأته في بيئة علمية أصيلة ، خاصة وعامة ، فوالده العلامة عبد الحي الحسني صاحب موسوعة: "نزهة الخواطر" في تراجم رجال الهند وعلمائها ، ووالدته التي كانت من النساء الفضليات المتميزات فكانت تحفظ القرآن ، وتنشئ الشعر ، وتكتب وتؤلف ، ولها بعض المؤلفات ، ومجموع شعري. كما نشأ في رحاب "ندوة العلماء" ودار علومها ، التي كانت جسرًا بين التراث الغابر ، والواقع الحاضر ، والتي أخذت من القديم أنفعه ، ومن الجديد أصلحه ، ووفقت بين العقل والنقل ، وبين الدين والدنيا ، وبين العلم والإيمان ، وبين الثبات والتطور ، وبين الأصالة والمعاصرة.

الملكة الأدبية:
ووهب الله للشيخ الندوي البيان الناصع والأدب الرفيع ، كما يشهد بذلك كل من قـرأ كتبه ورسائله ، وكان له ذوق وحس أدبي ، فقد نشأ وتربي في حجر لغة العرب وأدبها منذ نعومه أظفاره ، وألهم الله شقيقه الأكبر أن يوجهه هذه الوجهة في وقت لم يكن يعني أحد بهذا الأمر ، لحكمة يعلمها الله تعالى ، ليكون همزة وصل بين القارة الهندية وأمة العرب ، ليخاطبهم بلسانهم ، فيفصح كما يفصحون ، ويبدع كما يبدعون ، بل قد يفوق بعض العرب الناشئين في قلب بلاد العرب. يقول الدكتور القرضاوي: لقد قرأنا الرسائل الأولى للشيخ الندوي التي اصطحبها معه حينما زارنا في القاهرة سنة 1951م ، ومنها: من العالم إلى جزيرة العرب ، ومن جزيرة العرب إلى العالم .. معقل الإنسانية دعوتان متنافستان .. بين الصورة والحقيقة .. بين الهداية والجباية .. وغيرها ، فوجدنا فيها نفحات أدبية جديدة في شذاها وفحواها ، حتى علّق الشيخ الغزالي - رحمه الله - على تلك الرسالة بقوله: هذا الدين لا يخدمه إلا نفس شاعرة! فقد كانت هذه الرسائل نثرًا فيه روح الشعر ، وعبق الشعر. وقرأنا بعدها مقالة: اسمعي يا مصر .. ثم اسمعي يا سورية. اسمعي يا زهرة الصحراء .. اسمعي يا إيران .. وكلها قطرات من الأدب المُصفى. وقرأنا ما كتبه في مجلة "المسلمون" الشهرية المصرية ، التي كان يصدرها الداعية المعروف الدكتور سعيد رمضان البوطي: ما كتبه من قصص رائع ومشوق عن حركة الدعوة والجهاد ، التي قام بها البطل المجاهد أحمد بن عرفان الشهيد ، وما كتبه من مقالات ضمنها كتابة الفريد "الطريق إلى المدينة" الذي قدمه أديب العربية الأستاذ علي الطنطاوي - رحمه الله ، وقال في مقدمته: يا أخي الأستاذ أبا الحسن! لقد كدت أفقد ثقتي بالأدب ، حين لم أعد أجد عند الأدباء هذه النغمة العلوية ، التي غنى بها الشعراء ، من لدن الشريف الرضي إلى البرعي ، فلما قرأت كتابك وجدتها ، في نثر هو الشعر، إلا أنه بغير نظام. أ. هـ. ، ولا غرو أن رأيناه يحفظ الكثير والكثير من شعر إقبال ، وقد ترجم روائع منه إلى العربية ، وصاغه نثرًا هو أقرب إلى الشعر من بعض من ترجموا قصائد لإقبال شعرًا.

القلب الحي:
و يواصل د. القرضاوي شرح جوانب فقه الدعوة عن الندوي فيقول: آتاه الله القلب الحي ، والعاطفة الجياشة بالحب لله العظيم ، ولرسوله الكريم ، ولدينه القويم ، فهو يحمل بين جنبيه نبعًا لا يغيض ، وشعلة لا تخبو ، وجمرة لا تتحول إلى رماد. ولا بد للداعية إلى الله أن يحمل مثل هذا القلب الحي ، ومثل هذه العاطفة الدافقة بالحب والحنان والدفء والحرارة ، يفيض منها على من حوله ، فيحركهم من سكون ، ويوقظهم من سبات ، ويحييهم من موات. وكلام أصحاب القلوب الحية له تأثير عظيم في سامعيه وقارئيه ، فإن الكلام إذا خرج من القلب دخل إلى القلب ، وإذا خرج من اللسان لم يتجاوز الآذان ، ولهذا كان تأثير الحسن البصري في كل من يشهد درسه وحلقته ، على خلاف حلقات الآخرين ، ولهذا قيل: ليست النائحة كالثكلى! هذا القلب الحي ، يعيش مع الله في حب وشوق ، راجيًا خائفًا ، راغبًا راهبًا ، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه ، كما يعيش في هموم الأمة على اتساعها ، ويحيا في آلامها وآمالها ، لا يشغله هم عن هم ، ولا بلد عن آخر ، ولا فئة من المسلمين عن الفئات الأخرى. وهذه العاطفة هي التي جعلته يتغنى كثيرًا بشعر إقبال ، ويحس كأنه شعره هو ، كأنه منشئه وليس راويه ، وكذلك شعر جلال الدين الرومي ، وخصوصا شعر الحب الإلهي ، كما جعلته يولي عناية خاصة لأصحاب القلوب الحية ، مثل: الحسن البصري والغزالي والجيلاني وابن تيمية والسرهندي وغيرهم.

الخلق الكريم:
وآتاه الله الخلق الكريم والسلوك القويم ، وقد قال بعض السلف: التصوف هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في التصوف! وعلق على ذلك الإمام ابن القيم في "مدارجه" فقال: بل الدين كله هو الخلق ، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الدين. ولا غرو أن أثنى الله على رسوله بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] ، وأن أعلن الرسول الكريم عن غاية رسالته ، فقال: [إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق] ، ومن عاشر الشيخ - ولو قليلاً - لمس فيه هذا الخلق الرضي ، ووجده مثالاً مجسدًا لما يدعو إليه ، فسلوكه مرآة لدعوته ، وهو رجل باطنه كظاهره ، وسريرته كعلانيته ، نحسبه كذلك ، والله حسيبه ، ولا نزكيه على الله - عز وجل. ومن هذه الأخلاق الندوية: الرقة ، والسماحة والسخاء والشجاعة ، والرفق ، والحلم ، والصبر ، والاعتدال ، والتواضع ، والزهد ، والجد ، والصدق مع الله ومع الناس ، والإخلاص ، والبعد عن الغرور والعجب ، والأمل والثقة والتوكل واليقين والخشية والمراقبة ، وغيرها من الفضائل والأخلاق الربانية والإنسانية. وهذا من بركات النشأة الصالحة في بيئة صالحة في أسرة هاشمية حسنية ، {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ}. إن الداعية الحق هو الذي يؤثِّر بحاله أكثر ممّا يؤثر بمقاله ، فلسان الحال أبلغ ، وتأثيره أصـدق وأقـوى ، وقد قيل: حال رجل في ألف رجل أبلغ من مقال ألف رجل في رجل! وآفة كثير من الدعاة: أن أفعالهم تكذب أقوالهم ، وأن سيرتهم تناقض دعوتهم ، وأن سلوكهم في وادٍ ، ورسالتهم في وادٍ آخر. وأن كثيرًا منهم ينطبق عليه قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف: 2،3].

العقيدة السليمة:
ويتناول الدكتور القرضاوي جانب العقيدة في حياة الندوي فيقول: آتاه الله قبل ذلك كله: العقيدة السليمة: عقيدة أهل السنة والجماعة ، سليمة من الشركيات والقبوريات والأباطيل ، التي انتشرت في الهند ، وكان لها سوق نافقة ، وجماعات مروجة تغدو بها وتروح ، تأثروا بالهندوس ومعتقداتهم وأباطيلهم ، كما هو الحال عند جماعة "البريليوين" الذين انتسبوا إلى التصوف اسمًا ورسمًا ، والتصوف الحق براء منهم ، وقد حفلت عقائدهم بالخرافات ، وعباداتهم بالمبتدعات ، وأفكارهم بالترهات ، وأخلاقهم بالسلبيات.
ولكن الشيخ تربى على عقائد مدرسة "ديوبند" التي قام عليها منذ نشأتها علماء ربانيون ، طاردوا الشرك بالتوحيد ، والأباطيل بالحقائق ، والبدع بالسنن ، والسلبيات بالإيجابيات. وأكدت ذلك مدرسة الندوة - ندوة العلماء - وأضافت إليها روحًا جديدة ، وسلفية حية حقيقية ، لا سلفية شكلية جدلية ، كالتي نراها عند بعض من ينسبون إلى السلف ، ويكادون يحصرون السلفية في اللحية الطويلة ، والثوب القصير ، وشن الحرب على تأويل نصوص الصفات. إن العقيدة السلفية عند الشيخ هي: توحيد خالص لله تعالى لا يشوبه شرك ، ويقين عميق بالآخرة لا يعتريه شك ، وإيمان جازم بالنبوة لا يداخله تردد ولا وهم ، وثقة مطلقة القرآن والسنة ، مصدرين للعقائد والشرائع والأخلاق والسلوك.

وفاته:
توفاه الله في يوم مبارك وهو يوم الجمعة وفي شهر رمضان المبارك أثناء اعتكافه بمسجد قريته "تكية" بمديرية "راي باريلي" في شمال الهند وجرى دفنه مساء نفس اليوم في مقبرة أسرته بالقرية في حضور الأقارب والأهالي وبعض مسئولي ندوة العلماء التي ظل مرتبطًا بها طيلة حياته الحافلة بالجهاد والدعوة طوال 86 عاماً هي عمر الفقيد رحمه الله. وقد عم الحزن الأوساط الإسلامية في الهند جمعاء ، وصدرت بيانات عن كل الجمعيات والمنظمات والمؤسسات الإسلامية الكبرى تنعي وفاته ، وتعتبرها خسارة لا تعوض لمسلمي الهند والعالم الإسلامي ، ويصعب تعويضها في المستقبل القريب. وكان في طليعة المعزين أمير الجماعة الإسلامية الهندية الشيخ محمد سراج الحسن ، ورئيس جمعية العلماء الشيخ أسعد المدني ، وإمام المسجد الجامع بدلهي عبد الله البخاري ، وأمين مجمع الفقه الإسلامي الشيخ مجاهد الإسلامي القاسمي ، إلى جانب مسئولي الحكومة الهندية ، كرئيس الوزراء أتال بيهاري واجباي ، ورئيسة حزب المؤتمر سونيا غاندي. وقال رئيس الوزراء الأسبق (في. بي. سينغ):
إن وفاة الشيخ أبي الحسن خسارة شخصية له. وقد توالت التعازي من مختلف أنحاء الهند والعالم في الفقيد الكبير ، وأقيمت له صلاة الغائب والترحم في مختلف المناطق.

Abdulla Ahmed
22-07-2008, 06:20 AM
الفتوى أجاب عنها د. عبد الحي يوسف
ما هي البيعة وما هي أنواعها؟
السؤال
عن حسان بن نوح قال: سمعت عبد الله بن بسر المازني يقول: ترون يدي هذه بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول {لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجر فليفطر عليه} هل المقصود بقول الصحابي {بايعت} في هذا الحديث أنها بيعة الإسلام؟ وما هي البيعة؟ وما هي أنواعها؟

الإجابة
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فالحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، وقد تكرر من الصحابة رضي الله عنهم ذكر البيعة عند حديثهم عن بعض الأحكام؛ وذلك إظهاراً لنعمة الله عليهم حين فازوا بهذا الشرف العظيم، شرف مبايعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومس يده الشريفة بأيديهم، وتوثيقاً للأحكام التي يخبرون عنها، وبثاً للطمأنينة في نفوس السامعين بأنهم يخبرون عن النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة لا بواسطة، والمقصود بالبيعة هنا بيعة الإسلام.

والبيعة تطلق في اصطلاح الشرع على المبايعة على الطاعة، قال تعالى مخاطباً نبيه عليه الصلاة والسلام (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) كأن المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين، لا ينازعه في شيء من ذلك، ويطيعه فيما يكلفه به من الأمر على المنشط والمكره،
وكان الناس يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم تارة على الهجرة والجهاد، وتارة على إقامة أركان الإسلام، وتارة على الثبات والقرار في معركة الكفار، وتارة على التمسك بالسنة واجتناب البدعة والحرص على الطاعات، والله تعالى أعلم.

يونيك
29-07-2008, 02:57 PM
بارك الله بكما


وجزيتم خيرا ان شاء الله

SaryQatar
29-07-2008, 03:38 PM
عندي سؤال : يقال بأن بداية الصوفيه كانت صحيحه ومع مرور الزمن تم مزجها بالبدع والظلالة .... فهل هذا صحيح جزاكم الله خير ؟



http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif
وليس عندي من الصّبر ولا الوقت ما يعينني على متابعة هذه الملاحظات، ولم يكن عندي عزم على إبدائها لكم لولا أني أطّلعت على رسالة للأستاذ/ محمود الغراب هداه الله يردّ بها على الشيخ/علي الطنطاوي أثابه الله إنكاره التّصوّف الضالّ
http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif



هل هناك تصوف غير ضال أو صحيح؟

الصارم المسلول
31-07-2008, 10:27 AM
التّصوّف شرعٌ لم يأذن به الله

رأيت كتاب الشيخ أبي الحسن النّدوي تجاوز الله عنا وعنه بعنوان (ربَّانية لا رهبانيّة) وفرحت به أول الأمر، إذ ظننته إنكارًا لبدعة التّصوّف المحدثة، ورَدًّ للمخدوعين بها إلى منبع الشريعة الصافي من كتاب الله وسنة رسوله ز، وقلت: لعلها هداية الله غلبت على التّنشئة الصوفيّة والبيئة الصوفيّة المحيطة به، ثم بسبب حرصه على الدين وبحثه عن الحق، وعضويته في مجلس الجامعة والرّابطة مع الشيخ ابن باز.

ولكنّي للأسف وجدت فيها تزيينًا لهذه البدعة الضالة المضلة وتثبيتًا لها بالإشارة المتكررة إلى أن: (العقدة أو سبب الخلاف بين أهل السنة وأهل التّصوف هي في التسمية والاصطلاح، فلو أزيل هذا الاسم [التصوّف] لانحلّت العقدة وهان الخَطْب) ص7، وأن (القرآن نوّه عن التّصوف بلفظ التزكية ركنًا مستقلاً من أركان أربعة بُعِث الرسول صلى الله عليه وسلم لتحقيقها في الآية الثانية من سورة الجمعة) ص8، وأنّه (الطريق إلى الإحسان). ثم يتكلَّم عن فقه الظاهر وفقه الباطن ويلبسه لباسًا غير لباسه في الفكر الصّوفي قديمًا وحديثًا، وأن (فقه الباطن هو علم جاء مطابقًا للكتاب والسنة؛ ليتكفّل بتزكية النفوس وتهذيبها وتَحْليتها بالفضائل الشرعية وتَخْليتها عن الرذائل النفسية والخُلُقية) إلى آخر ما أورده ص10، ممّا سمّاه (علم الباطن) أو (علم التصوف)، وقد كتبت له بما يلي:

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

أَعْجَب كيف يتّبع الشيخ الإدّعاء الصوفي المتوارث بأن التصوف ما هو إلاَّ التزكية كما وردت في القرآن، والإحسان كما ورد في الحديث، وهو حَريّ أن يعلم أن الطريق الوحيد للتزكية والإحسان ما أنزله الله وحيًا في كتابه أو سنة رسوله، أما طريق (النقشبندية) التي مدح أحد شيوخها ص13، فجادّتها إلى التزكية والإحسان: الذّكر (الشريف) في القلب لا يتحرّك به اللسان خلافًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذا إذا لم يصل كلّ أتباعها إلى ما يصل إليه بعضهم من الرّابطة الشريفة: (ذكر الله مستحضرًا صورة شيخه لأنّه طريقه الوحيد إلى الله، وأما طريق (الجشتيّة) فالمراقبة عند القبر والذكر بلفظ: (الله ناظري الله حاضري) والطريقتان من الطرق الأربع التي يبايع عليها مسلموا القارة الهندية عدا أهل الحديث.

لقد ورد لفظ التزكية في القرآن بضعًا وعشرين مرة بمعاني مختلفة في معرض المدح والذم والحث والنهي وفي الدنيا والآخرة، ولو كان معناها في آية الجمعة مثلاً أن يجعلهم صوفيّة في الدنيا فهل يكون معناها في آية البقرة أَنْ لا يجعلهم صوفية يوم القيامة؟ وهل الخلاف بين السّنّة وبين البدعة الصوفيّة سواء في دروشتها الجاهلة أو فكرها الضالّ المتصل بالفكر الهندي الوثني يقتصر على (تغيير الاسم لينقشع الضّباب وتُحَلّ العقدة النّفسيّة ويزول المقت والكراهية) ص19، أم هو الخلاف بين الإتّباع والتّقيّد بنصّ الوحي في جهة وأفكار النّاس وشطحاتهم والتشريع دون إذن من الله في الجهة الأخرى؟

بأيّ نصٍّ شرع الله البيعة الصوفية للمسلمين؟ ص41، وهل بايع المسلمون القدوة في القرن الأول أحدًا غير بيعتهم الشرعية لولي الأمر؟

وأنّى لرجل (يجلس في زاوية بعيدة) أن (يجاهد التتار والمغول ويضيء ظلام القلوب) كما ذكر ص36.

هذه هي الصوفية على أحسن أحوالها: رجل يجلس في زاوية بعيدة يردّد ذكرًا ما ردّده رسول الله صلى الله عليه وسلم ويستدل على دين الله بِقَال الشاعر رحمه الله ص36، وصرَّح أرنلد ص33، ونقل أرنلد ص34)، وأن (مشايخ الصوفية هم الذين حفظوا للأمة دينها وأنقذوا الإسلام من أعدائه وأدخلوهم فيه) ص31 ـ 32، بأيّ سلاح يا ترى: بالبخور والرقص والطّبل وترديد الذكر المبتدع، أم بحدّثني قلبي عن ربي (البسطامي)، وما في الجبة إلا الله (الحلاّج)، وقال لي الحق: أنت الأصل وأنا الفرع (ابن عربي)؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

علَّمَنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعالج الغضب بالاستعاذة من الشيطان، أما (شيخكم ومربّيكم الروحي ومن هو من كبار أئمة التصوف في هذا العصر) ص36، فله علاج آخر غير الرجوع إلى العلاج النبوي (الرجوع إلى الشيخ والاتصال به، وبغير هذا لا يزول الغضب)، ص41.

دين التصوف وشرعه الذي لم يأذن به الله قائم كما يتبين من مطالعة كتابكم على التأويل الباطل والحديث الموضوع والضعيف وتقديس البشر والاعتماد على الكشف؛ من أين أخذ شيخكم (اللطائف الست) ص42، وكيف (كانت صحبة بعض شيوخه تحول التّراب تبرًا والحصى جوهرًا)؟ وهل طالَبَنا شرع الله بالمحبة المرتبطة بالطاعة والمتابعة، أم بالعشق ص44ـ 45؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

تنقلون عن شيخكم قصة الشيخ (العارف غلام رسول) أي: عبد الرسول وأنه لا يجالس أحدًا إلا ويصبح من القائمين في الليل، ولا يحضر وعظه مشرك مرّة واحدة إلا أسلم، ويذكر الله بلفظ (إلا الله) فتسمعه الهندوكيات فيردّدن: "لا إله إلا الله" أفضل مما جاء به الشيخ (ويُسْلِمْن) ص44، لقد أوصلتم المشايخ المبتدعة إلى ما لم ينقل لنا المؤرخون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصل إليه؛ كان يجلس إلى بعض المشركين ويعظهم مرارًا وتكرارًا فلا يُسْلمون ومنهم عمّه أبو طالب، ويقول الله تعالى له: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} [القصص: 56] ويقول له: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80].

وتقولون عن شيخكم عبد القادر الرائبوري رحمه الله أنه (كان معترفًا بإخلاصه وقبوله عند الله كلّ الاعتراف) ص46، وهل في وُسْع البشر التأكد من الإخلاص ومحله القلب، أو من القبول وعلمه عند الله وحده؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

وتنقلون عن شيخكم قوله: (إن على الفرد أداء الفرائض وسائر العبادات والدّوام على ذكر الله، فإذا وُجِّه إلى عمل خاصٍّ بإلهام من الله أو بإرشاد من شيخه أدَّى هذا العمل، وإلا فيحسن له القناعة بالعبادات والأذكار وهي تكفي لنجاته) ص47، ويظهر لي من قبولكم هذا التخريف، أنكم تُقِرُّون سبيلين للتشريع لم يأذن بهما الله: الإلهام وإرشاد الشيخ، وترون أن الاكتفاء بالعبادات المشروعة سِمَة القناعة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن ربه عزَّ وجلَّ: "ما تقرب إليَّ عبدي بأفضل مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبّه"رواه البخاري.

وتذكرون عن شيخكم ص52، أنه (خطر سؤال على قلب أحد جلسائه فاطّلع عليه الشيخ بفراسته ونور باطنه)، هل هذا موطن الفراسة أو علم ما في الصدور؟

وليس عندي من الصّبر ولا الوقت ما يعينني على متابعة هذه الملاحظات، ولم يكن عندي عزم على إبدائها لكم لولا أني أطّلعت على رسالة للأستاذ/ محمود الغراب هداه الله يردّ بها على الشيخ/علي الطنطاوي أثابه الله إنكاره التّصوّف الضالّ الذي مثّل لأبشعه وأكثره كُفْرًا بمؤلَّف الغراب: (شرح كلمات الصوفيّة والرّدّ على ابن تيمية) انتصارًا لفكر ابن عربي، وفي هذه الرسالة استشهاد بتقديركم لمؤلَّفه: (أرجو مواصلة هذا الإخراج العلمي الجميل لعلوم الشيخ الأكبر [ابن عربي] ولكم شكر الناس وجزاء من الله كريم)! كيف يا شيخ هدانا الله وإياك لأقرب من هذا رشدًا؟ هل تقرّ ما كتبه عن وحدة الوجود بعنوان (سبحان من أوجد الأشياء وهو عينها)؟ هل تقرّ قوله: (فيقول العبد الكامل الذي الحقّ على لسانه وسمعه وبصره وقواه وجوارحه: أنا الله، كأبي يزيد وأمثاله)؟ هل تقرّ تفسيرهم آية سورة البقرة المحكمة: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [البقرة: 7]: بأنها نزلت في الأولياء الذين ختم الله على قلوبهم فليس فيها إلا محبة الله، وعلى سمعهم فلا يسمعون إلاَّ منه، وعلى أبصارهم غشاوة فلا يرون إلاَّ إيَّاه، ولهم عذاب عظيم مثلما عُذِّب محمد صلى الله عليه وسلم عندما صار قاب قوسين أو أدنى فلم يصل؟ هل تقرّ الغراب على نَشْر كُتُب ابن عربي ومطالبة الناس بقبولها وعدم الرّدّ عليها بالعقل أو النقل لأنه تلقَّاها بطريق الكشف؟

http://www.saad-alhusayen.com/images/line.gif

كنَّا نأسى لِـمُدافعة بعض المتصوفة ومن خُدعوا بهم عن ابن عربي بأن كلّ ما نُسب إليه من أقوال الكفر مدسوس عليه، وهو دفاع ظاهر البطلان، إذ لا تقتصر أقواله الكافرة على صفحة أو كتاب؛ بل هي منتشرة في جميع كتبه؛ إما أن يكون نِسْبة كلّ كتبه إليه جميعًا باطلة أو صحيحة، وكان ادعاء دسّها أهون مما جاء به الغراب: (هدانا الله وإياكم وإياه) مِنْ نَذْر نفسه لنشرها ومطالبة الناس بتأويلها عند الضرورة كأنها من نصوص الوحي، وليس عندنا لأقوال البشر إلا أن نعرضها على كتاب الله وسنة نبيّه صلى الله عليه وسلم فما وافقهما قُبِل وما خالفهما رُدّ، وبعد انقطاع الوحي ليس لنا اطلاع ولا حكم على ما في الصدور، لنا الحكم على الظاهر، واللغة العربية ليست ملكًا للغراب ولا لابن عربي يتصرف فيها كيف شاء بل إذا قال كلمة الكفر كفّرنا قوله حُكْمًا على ظاهر قوله لا على نيّته ولا على ما لقي عليه ربّه.

أرجو الله أن يدلّنا وإيّاكم على الحق وأن يثبتنا وإياكم عليه وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه ومتّبعي سنته.

http://www.saad-alhusayen.com/images/logo.gif

سيف قطر .. بارك الله فيك

سيف قطر
23-08-2008, 06:42 PM
سيف قطر .. بارك الله فيك
http://www.alfrasha.com/up/18702220881119472235.bmp

QATAR 11
24-08-2008, 03:03 AM
جزااااكم الله خيـــــر

لمسات..
24-08-2008, 12:07 PM
الله يجزاك خير
وجعله في ميزان حسناتك

Stars
26-08-2008, 06:02 PM
أشكــــــــــــــــرك أخوي سيف قطر

سيف قطر
03-10-2008, 09:54 AM
جزااااكم الله خيـــــر
http://www.9ksa.com/up/get-6-2008-7nuz9vhk.gif

(السيف)
15-10-2008, 08:23 AM
جزاكم الله خيرا

سيف قطر
12-12-2008, 12:51 PM
الله يجزاك خير
وجعله في ميزان حسناتك
http://www.qatarshares.com.qa/data/23/25/storm_347386525_448348647.gif

صافي قلبي
15-12-2008, 12:23 PM
جزاك الله خير وجعله الله في ميزان حسناتك

سيف قطر
20-12-2008, 04:52 AM
جزاكم الله خيرا
http://www.9ksa.com/up/get-6-2008-7nuz9vhk.gif