المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : القرضاوي: الدولة الاسلامية تتوافق في جوهرها مع الديمقراطية - لا الليبرالية



عبدالله العذبة
26-07-2008, 12:54 PM
http://www.al-sharq.com/UserFiles/image/local/localnews/July2008/karadawee.gif

القرضاوي: الدولة الاسلامية تتوافق في جوهرها مع الديمقراطية

الليبرالية التي تعني الحرية المطلقة مرفوضة عندنا فليس في الوجود كله حرية مطلقة

الدوحة - الشرق :

أبان فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي أن الذي يعنينا من الديمقراطية هو الجانب السياسي منها، وجوهره أن تختار الشعوب من يحكمها، وان الليبرالية التي تعني الحرية المطلقة مرفوضة أيضا عندنا، فليس في الوجود كله حرية مطلقة وقال: إن الواجب علينا أن نضيف مبادئ أو مؤيدات أخرى تؤكد شرعية الديمقراطية الحقيقية وقربها من جوهر الإسلام.. جاء ذلك في احدث دراسة له صدرت مؤخرا.. قال فضيلته:
بيَّنا سابقا أن الدولة في الإسلام دولة مدنية كغيرها من دول العالم المتحضر، وتتميز بأن مرجعيتها الشريعة الإسلامية. وهنا نبين أن هذه الدولة المدنية تقوم على الشورى والبيعة واختيار الأمة لحاكمها بإرادتها الحرة، وعلى نصحه ومحاسبته، وإعانته على الطاعة، ورفض طاعته إذا أمر بمعصية، وتقويمه بالحسنى، ومن حقها عزله إذا أصر على عوجه وانحرافه. وهذا التوجه يجعل الدولة الإسلامية أقرب ما تكون إلى جوهر الديمقراطية.

يتبع

عبدالله العذبة
26-07-2008, 12:59 PM
الديمقراطية المنشودة

ونعني بالديمقراطية في هذا المقام: الديمقراطية السياسية.
أما الديمقراطية الاقتصادية، فتعني (الرأسمالية) بما لها من أنياب ومخالب، فإننا نتحفظ عليها.

وكذلك الديمقراطية الاجتماعية التي تعني (الليبرالية) بما يُحمّلونها من حرية مطلق أَوْ أَنْ نَفْ مقيدة، عليها تكاليف وواجبات، وتقيدها قيود في الاستهلاك والتنمية والتوزيع والتبادل.

وتفرض عليها الزكاة التي هي من أركان الإسلام، كما يُمنع المالك من الربا والاحتكار والغش والغبن والسرف والترف والكنز وغيرها.

وبهذه الوصايا والقوانين وأمثالها، نقلّم أظفار أخطار الرأسمالية، حتى نحقق العدالة الاجتماعية، ونرعى الفئات الضعيفة في المجتمع من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، ونعمل على حسن توزيع المال (كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) «الحشر: 7».

وبهذا يسعى الاقتصاد الإسلامي إلى الحد من طغيان الأغنياء، والرفع من مستوى الفقراء، فيقرب الشقة بين الفريقين ما أمكن ذلك. والليبرالية التي تعني (الحرية المطلقة) مرفوضة أيضا عندنا، فليس في الوجود كله حرية مطلقة، كل حرية في الدنيا لها قيود تحدها، من هذه القيود: حقوق الآخرين، ومنها: حق الفرد نفسه، ومنها: قيود دينية تتعلَّق بحق الله سبحانه، ومنها: قيود أخلاقية.إن البواخر في المحيطات الواسعة مقيدة في سيرها بخطوط معروفة، تحددها الخرائط و(البوصلة). ومثل ذلك الطائرات في جو السماء، لا تذهب يمنة ويسرة، كما يشاء قائدها، بل له خط سير يجب أن يتبعه ولا يحيد عنه.


الجانب السياسي

الذي يعنينا من الديمقراطية هو الجانب السياسي منها، وجوهره أن تختار الشعوب من يحكمها ويقود مسيرتها، ولا يُفرض عليها حاكم يقودها رغم أنفها.

الاختيار قرَّره الإسلام عن طريق الأمر بالشورى والبيعة، وذم الفراعنة والجبابرة، وأمر باختيار القوي الأمين، الحفيظ العليم، كما أمر باتِّباع السواد الأعظم، وأن يد الله مع الجماعة، وقول الرسول لأبي بكر وعمر: «لو اتفقتما على رأي ما خالفتكما، إذ سيكون صوتان أمام واحد. ومن حق كل امرئ في الشعب أن ينصح للحاكم، ويأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر، مراعيا الأدب الواجب في ذلك.

وأن يطيعه في المعروف، ويرفض الطاعة في المعصية المجمع عليها، أي المعصية الصريحة البينة، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والذي يهمنا اقتباسه من الديمقراطية، هو ضماناتها وآلياتها التي تمنع أن تُزيَّفَ وتروج على الناس بالباطل.

فكم من بلاد تحسب على الديمقراطية، والاستبدادُ يغمرها من قرنها إلى قدمها، وكم من رئيس يحصل على (99%) تسعة وتسعين في المائة، وهو مكروه كل الكراهية من شعبه.

إن أسلوب الانتخابات والترجيح بأغلبية الأصوات، الذي انتهت إليه الديمقراطية هو آلية صحيحة في الجملة، وإن لم تَخْل من عيوب، لكنها أسلم وأمثل من غيرها.
ويجب الحرص عليها وحراستها من الكذابين والمنافقين والمُدلِّسين».

أما دعوى بعض المتدينين: أن الديمقراطية تعارض حكم الله، لأنها حكم الشعب، فنقول لهم: إن المراد بحكم الشعب هنا: أنه ضد حكم الفرد المطلق، أي حكم الديكتاتور، وليس معناها أنها ضد حكم الله، لأن حديثنا إنما هو عن الديمقراطية في المجتمع المسلم، الذي يحتكم إلى شريعة الله.

يتبع

عبدالله العذبة
26-07-2008, 01:04 PM
الديمقراطية وصلتها بالإسلام

ويحسن بنا بمناسبة حديثنا عن الديمقراطية: أن نذكر هنا موقف الإسلام من الديمقراطية، فقد رأينا الذين يتحدثون عن الديمقراطية وصلتها بالإسلام عدة أصناف متباينة:


1- الرافضون للديمقراطية باسم الإسلام وهو صنف يرى أن الإسلام والديمقراطية ضدَّان لا يلتقيان، لعدة أسباب:

أ - أن الإسلام من الله والديمقراطية من البشر.

ب - وأن الديمقراطية تعني حكم الشعب للشعب، والإسلام يعني حكم الله للشعب.

ت - وأن الديمقراطية تقوم على تحكيم الأكثرية في العدد، وليست الأكثرية دائما على صواب.

ث - وأن الديمقراطية أمر مُحدَث وابتداع في الدِّين، ليس له سلف من الأمة، وفي الحديث: «مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَد» و«مَن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رَد». أي مردود.

ج - وأن الديمقراطية مبدأ مستورد من الغرب النصراني أو العلماني الذي لا يؤمن بسلطان الدِّين على الحياة، أو الملحد الذي لا يؤمن بنبوة ولا ألوهية ولا جزاء، فكيف نتخذه لنا إماما؟

بناء على هذا يرفض هؤلاء الديمقراطية رفضا باتًا، وينكرون على مَن ينادي بها أو يدعو إليها في ديارنا، بل قد يتهمونه بالكفر والمروق من الإسلام.
فقد صرَّح بعضهم بأن الديمقراطية كفر!

يتبع

عبدالله العذبة
26-07-2008, 01:07 PM
2- القائلون بالديمقراطية بلا قيود

على عكس هؤلاء، آخرون يرون أن الديمقراطية الغربية هي العلاج الشافي لأوطاننا ودولنا وشعوبنا، بكل ما تحمله من معاني الليبرالية الاجتماعية، والرأسمالية الاقتصادية، والحرية السياسية.

ولا يقيد هؤلاء هذه الديمقراطية بشيء، وهم يريدونها في بلادنا، كما هي في بلاد الغربيين، لا تستند إلى عقيدة، ولا تحثُّ على عبادة، ولا تستمد من شريعة، ولا تؤمن بقِيَم ثابتة، بل هي تفصل بين العلم والأخلاق، وبين الاقتصاد والأخلاق، وبين السياسة والأخلاق، وبين الحرب والأخلاق.
وهذا هو منطق (التغريبيين) الذين نادوا من قديم، بأن نسير مسيرة الغربيين، ونأخذ حضارتهم بخيرها وشرِّها، وحلوها ومرها!

يتبع

عبدالله العذبة
26-07-2008, 01:11 PM
الوسطيون المتوازنون

وبين هؤلاء وأولئك: تقف فئة الوسط التي ترى أن خير ما في الديمقراطية -أو قل:
جوهر الديمقراطية- متفق مع جوهر تعاليم الإسلام.

جوهر الديمقراطية: أن يختار الناس مَن يحكمهم، ولا يُفرض عليهم حاكم يكرهونه ويرفضونه يقودهم بعصاه أو سيفه. وأن يكون لديهم من الوسائل: ما يقوِّمون به عِوَجه، ويردونه إلى الصواب إذا أخطأ الطريق، وأن تكون لديهم القدرة على إنذاره إذا لم يرتدع، ثم عزله بعد ذلك سلميا.

وإذا اختلف معه أهل الحل والعقد فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) «النساء: 59»، وقد أجمع العلماء على أن المراد بالرد إلى الله: الرد إلى كتابه.
وبالرد إلى رسول الله: الرد إلى سنته.

والذين يرجع إليهم في هذا هم الراسخون في العلم، الخبراء وأهل الذكر في العلم الشرعي: علم الكتاب والسنة والفقه وأصوله، الذين يجمعون بين فقه النصوص الجزئية وفقه المقاصد الكلية، والذين يجمعون بين فقه الشرع وفقه الواقع، أعني فقه العصر الذي يعيشون فيه وما فيه من تيارات ومشكلات وعلاقات، كما قال تعالى: (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) «النساء: 83».

وأما في أمور الحياة المختلفة: التي تدخل في دائرة المباحات، فعند الاختلاف في شأنها - كما هو شأن البشر في الأمور الاجتهادية - لا بد من مرجِّح بعد شرحها من أهل الاختصاص، والمرجِّح هو الأغلبية، فإن رأي الاثنين أقرب إلى الصواب من رأي الفرد. وهناك أدلة شرعية على ذلك، لا يتسع المقام لسردها. فلتراجع في كتابنا (من فقه الدولة في الإسلام).

من اجتهادات البشر

ولا يعيب الديمقراطية أنها من اجتهادات البشر، فليس كل ما جاء عن البشر مذموما، كيف وقد أمرنا الله أن نُعمِل عقولنا، فنفكِّر وننظر، ونتدبَّر ونعتبر، ونجتهد ونستنبط؟ ولكن يُنظَر في هذا الاجتهاد: أهو مناقض لما جاء من عند الله أم لا يتعارض معه، بل يمشي في ضوئه؟ وقد رأينا الديمقراطية تجسِّد مبادئ الشورى، والنصيحة في الدِّين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتواصي بالحق والصبر، وإقامة العدل، ورفع الظلم، وتحقيق المصالح ودفع المفاسد... وغيرها.

وما قيل من أن الديمقراطية تعني حكم الشعب، فليس يعني: أنه في مقابلة حكم الله، بل حكم الشعب في مقابلة حكم الفرد المطلق.

وما قيل: إنه مبدأ مستورد، فالاستيراد في ذاته ليس محظورا، إنما المحظور أن تستورد ما يضرك ولا ينفعك، وأن تستورد بضاعة عندك مثلها أو خير منها، ونحن نستورد من الديمقراطية: آلياتها وضماناتها، ولا نأخذ كل فلسفتها التي تغلو في تضخيم الفرد على حساب الجماعة، وتبالغ في تقرير الحرية ولو على حساب القِيَم والأخلاق، وتعطي الأكثرية الحق في تغيير كل شيء، حتى الديمقراطية ذاتها!!

نحن نريد ديمقراطية المجتمع المسلم، والأمة المسلمة، بحيث تراعي هذه الديمقراطية عقائد هذا المجتمع وقِيمه وأسسه الدِّينية والثقافية والأخلاقية، فهي من الثوابت التي لا تقبل التطور ولا التغيير بالتصويت عليها.

المصدر الشرق لأنني نقلته بتصرف. http://www.al-sharq.com/DisplayArticle.aspx?xf=2008,July,article_20080726_ 702&id=local&sid=localnews

yajannah
26-07-2008, 01:19 PM
اللهم احفظ الشيخ وانفع بعلمه

al-fahad
26-07-2008, 08:11 PM
كل الشكر أخي العزيز عبدالله على هذا المقال الرائع
فعلا لا تعارض بين الديمقراطية والإسلام ولكن لا للديمقراطية المطلقة ولا لليبراليه
جزا الله شيخنا القرضاوي خير جزاء وله كل الشكر على هذا الشرح المستفيض ..

Bu Rashid
26-07-2008, 11:18 PM
جزاك الله خيرا أخي عبدالله العذبة... واللهم احفظ الشيخ وأعطية الصحة والعافية

عبدالله العذبة
21-08-2008, 11:50 AM
اللهم احفظ الشيخ وانفع بعلمه


اللهم آمين.

الثاقب
21-08-2008, 12:41 PM
الحمد لله الذي من علينا بمثل هذا الامام الحجه الثبت الشيخ القرضاوي

شكرا اخوي العذبه على النقل