Abdulla Ahmed
03-08-2008, 05:53 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد :-
الإسلام دين كامل فيه لكل مسالة حكم، ولكل مشكلة حل- وهو- كما يعلم الذين درسوه من مصادره المعتمدة- لا يعيش بمعزل عن الفرد، ولا في عزلة عن الجماعة والدولة بل يعيش معهم جميعاً في دنيا الواقع، يلقي عليهم أشعته الوهاجة فيهديهم سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسمو بهم إلى حياة أفضل في ظلال قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . للإسلام نظام خاص في السياسة والحكم والإجتماع والإقتصاد لا يمكن أن يندرج تحت عنوان من العناوين البراقة المعاصرة التي انخدع بها كثير من الناس ثم ظهر زيفها وخبثها وقصورها عند التطبيق في معالجة شؤون الحياة .
وكيف يندرج تحتها وهي عنوان عن فكر إنساني قاصر مشوب بالأهواء قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} وهو وحي سماوي، وشعاع رباني وصبغة إلهية قال تعالى:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} لقد أراد الله أن يكون الإسلام خاتم الأديان، وأراد أن يكون دين البشر جميعاً في كل مكان وزمان، ولهذا أنزل كتابه، وتولى بنفسه حفظه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وضمنه القواعد الكلية، وترك التفاصيل الجزئية ليساير ظروف البشرية، وفي القرآن ومذكرته التفسيرية النبوية نجد كل عناصر الخير، وأسباب السعادة، ومقومات الحياة، ووسائل القوة والعزة، فلم نعد في حاجة إلى أن نمد أيدينا، ونتسول المباديء من الشرق أو من الغرب، ولقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} تمت النعمة، وكمل الدين، فلسنا من ناحية المباديء في نقص نحتاج إلى استكماله من المخالفين.
إن من اللازم على كل دولة دينها الإسلام - حينما تطرح قضية على بساط البحث - أن تسترشد فيها بنوره وتهتدي بهديه ،وتسير وفق تعاليمه وعند الإختلاف يجب أن يذعن أبناؤها لقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} .من اللازم على كل دولة إسلامية أن يتمسك أبناؤها بحبل الإسلام، ففيه- والحمد لله- ما يكفي ويغني، فيه ما يجلب الخير ويدفع الضر، ويحقق الهناءة والإستقرار والأمن، ولنتأمل هذه الأسس التي وضعها:
1- الإسلام يعلي شأن الإنسان ويستخلفه في هذه الأرض، ويعمل على تحقيق الإنسانية الصحيحة الرشيدة في هذا العالم، وربطها بمصدر وجودها، فلا يسمح بأن يتعالى الإنسان حتى يصبح إلهاً طاغياً، ولا أن ينزل حتى يكون حيواناً سافلاً أو شخصاً مهيناً، ولا يقبل أن ينقطع المخلوق عن خالقه، ومصدر نعمته، بل يعمل على ربط الناس بعضهم ببعض على أساس من التعاون والتآلف والوفاء، ويعمل أيضاً على ربط الناس بخالقهم على أساس من الإخلاص والتقوى والصفاء، وفي مقابل هذا كتب الله لهم التمكين والعزة والأباء يقول تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} .
ويقول: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} .
ويقول: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} .
ويقول: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} .
ويقول: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ} .
ويقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
ويقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} .
دخل أحد الفاتحين العرب المسلمين على قائد جيش الفرس في قصره وبيده رمح يدق به الأرض وما فوقها من طنافس حريرية دون أن يبالي، وجرى بينهما حديث حاول قائد جيش الفرس أن يغري الفاتح العربي المسلم باللذات والنعيم، فكان جواب العربي المسلم:
" لقد جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".
إن الإسلام كما فهمه أسلافنا، لا يرضى بالذلة، ولا يقبل الإستعلاء بغير حق، ولا يبيح الخضوع لمستبد أو طامع لا هدف له إلاّ الغصب والسلب وإهدار كرامة الإنسان وحقه في الحياة الهنيئة، ولقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وشرع الجهاد لهداية الناس وإشاعة الخير، وإقرار الحق ورفع الجور قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} .
وقال: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً, وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً, الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}
وسبيل الله هو سبيل الحق والخير والسلام وسبيل الطاغوت هو سبيل الباطل والشر والفساد والضلال والعدوان.
2- ينظر الإسلام إلى المجتمع على أنه جسم واحد يتكون من أعضاء مختلفة الوظائف متفاوتة الرتب تحس كلها بإحساس واحد، وتتعاون كلها وإن اختلفت درجاتها وقدراتها على جلب المنافع، ودفع المضار.
نلمس هذا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" أخرجه مسلم وأحمد عن النعمان بن بشير.
وهكذا يؤلف الإسلام من أبناء الأمة على اختلاف أوضاعهم ورتبهم ووظائفهم وأعمالهم وحدة متناسقة متكاملة متعاونة مؤتلفة يهتم كل فرد فيها بأداء واجبه نحو نفسه ونحو غيره، ولتحقيق هذا أوجب الله على القادرين أن يساعدوا العاجزين، وعلى الأغنياء أن يساعدوا المحتاجين، وعلى الأقوياء أن يؤازروا المستضعفين، وعلى الحكّام أن يسهروا على راحة المحكومين.
( أ ) ونظرة الإسلام إلى المال نظرة سامية، ومعالجته للفقر معالجة دقيقة:
فالمال ملك لله كما قال: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} .
ولكنه استخلفنا فيه وملكه لنا على أن نؤدي منه ما أوجبه علينا من حق خاص أو عام قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } .
وحين يكون الإنسان سفيهاً يسلبه حق التصرف فيه، وحين يمتنع عن دفع الحقوق الخاصة أو العامة يجبر عليها بقوة السلطان والسلطان لا تبرأ ذمته إلاّ إذا سدت للفقير حاجته، ويسرت له مئونته وتحقق للدولة كل أسباب القوة والعزة .
وللسلطان أن يأخذ من مال الأغنياء ما يكفي حاجة الفقراء قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقرائهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا إلاّ بما يصنع أغنياؤهم ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديداً ويعذبهم عذاباً أليماً" رواه الطبراني في الأوسط والصغير،
ولما قفل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزو ووقع بعضهم في ضرورة ملحة، وضائقة شديدة قال صلى الله عليه وسلم: "من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ", قال أبو سعيد الخدري راوي الحديث: "فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل" أخرجه مسلم.
ولأول مرة في التاريخ أعلنت الحرب ضد الأغنياء من أجل الفقراء وذلك في عهد أبي بكر حاكم المسلمين فقد قال حين امتنع بعض الأغنياء من دفع الزكاة: "والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" أخرجه الستة.
إن الإسلام وهو يطلب من الحكام والأغنياء أن يسدوا حاجة الفقراء لم ينس أن يعبد للفقراء سبيل الرزق ويحضه على سلوكه، ويفتح له باب العمل، ويشجعه على ولوجه قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} وقال: {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} وقال صلى الله عليه وسلم: "من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له" أخرجه الطبراني.
بهذا وبغيره من مباديء الإسلام التي لا يمكن جمعها في مقال حارب الإسلام الفقر وعالج مشكلته علاجاً جذرياً فطرياً، فلم ينكر الملكية الفردية المشروعة بل احترمها وعاقب المعتدي عليها بغير حق، لم يجرد الناس من كسبهم وثمرة كدهم، ونتيجة عرقهم وجهدهم تجريداً يدفعهم إلى الإهمال ويحملهم على التفريط في حفظ الأموال، ويثنيهم على التجديد والإبتكار، وعن المضي في سبيل الرقى والإزدهار.
لم يفعل ذلك بل أباح لهم أن يمتلكوا ما هو حلال عن طريق حلال على أن يستغل في الحلال بلا ضرر ولا إضرار وبلا تقتير ولا إسراف، وبلا نسيان لحق الجماعة الذي أوجبه الله.
وبهذا تمشى الإسلام مع الغريزة البشرية غريزة التملك لكنه هذبها وخفف من شرتها، وعدل من طبيعتها وتسامى بها حتى عادت بالخير على الفرد والجماعة والدولة، ولا عجب فقد حارب الربا والإحتكار، والإكتناز ورفع الأسعار وكل ما فيه إضرار.
قال صلى الله عليه وسلم: "من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد بريء من الله وبريء الله منه"
وقال: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة"
وقال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الثلاثة وأحمد.
(ب) ونظرة الإسلام إلى الحكم نظرة واقعية ومثالية..
فالدولة لابد لها من حاكم يقوم على رعاية مصالحها الداخلية والخارجية ويعمل على إشاعة الأمن والعدل في البلاد، ويوفر لأبنا الأمة كل ما يطلبونه من أمن وغذاء، ومسكن وكساء، وطب ودواء، حماية لهم من غوائل الفقر والمرض والجهل ويقف إلى جوار الضعيف والمسكين والمظلوم حتى يرفع عنهم الغبن ويدفع الظلم، ويكفيهم الحاجة ويهيء لأفراد الشعب فرصاً متكافئة، ويقدم العون لأرباب الحاجات، وييسر لهم سبل العيش وأبواب الرزق، ويعمل على تأمين الدولة من الداخل والخارج. ولكي يكون الحكم نعمة على الأمة قرر الإسلام ما يلي:
1- الحاكم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم غير معصوم وليست له قداسة تجعله يرتفع عن مستوى النقد ولا تجب طاعته حين يضل الطريق
قال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" أخرجه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة" أخرجه الستة.
2- الحاكم عليه أن يتشاور مع المسلمين فيما لا نص فيه ليهتدي إلى ما فيه الخير، وليتجنب ما فيه مضرة أو مشقة، ولتتقبل الأمة ما يكلفها به عن تفهم ورضا قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشداً ومن تركها لم يعدم غياً} أخرجه البيهقي عن ابن عباس.
3- الحاكم مطالب بالعدل والإحسان إلى الرعية قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}
وقال صلى الله عليه وسلم: "من ولى من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن أولي الضعف والحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة" رواه أحمد, وقال: "ما من أمير يلي على أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم كنصحه وجهده لنفسه إلاّ لم يدخل معهم الجنة" رواه الطبراني.
ومن العدل الواجب ألاّ يولي أحداً لقربه منه أو قرابته أو ساطته بل يسند العمل لمن كان أهلاً له قال صلى الله عليه وسلم: "من قلد رجلاً عملاً على عصابة وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين" أخرجه الحاكم.
ومن اللازم على الحاكم أن يكون قدوة للأمة في تجنب الظلم واستغلال النفوذ ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وكان بيده سواك فدعا وصيفة له أولها حتى استبان الغضب في وجهه وخرجت أم سلمة إلى الحجرات فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة فقالت: ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لولا خشية القود لأوجعتك بهذا السواك " رواه أحمد, كما في الترغيب والترهيب ج4ص266.
وعن أبي سعيد الخدري قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسماً أقبل رجل فأكب عليه فطعنه صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه فجرح وجهه ثم قال له: "تعالى فاستقد. قال: بل عفوت يا رسول الله" أخرجه أبو داود والنسائي.
- يتبع -
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اما بعد :-
الإسلام دين كامل فيه لكل مسالة حكم، ولكل مشكلة حل- وهو- كما يعلم الذين درسوه من مصادره المعتمدة- لا يعيش بمعزل عن الفرد، ولا في عزلة عن الجماعة والدولة بل يعيش معهم جميعاً في دنيا الواقع، يلقي عليهم أشعته الوهاجة فيهديهم سبل السلام، ويخرجهم من الظلمات إلى النور، ويسمو بهم إلى حياة أفضل في ظلال قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} . للإسلام نظام خاص في السياسة والحكم والإجتماع والإقتصاد لا يمكن أن يندرج تحت عنوان من العناوين البراقة المعاصرة التي انخدع بها كثير من الناس ثم ظهر زيفها وخبثها وقصورها عند التطبيق في معالجة شؤون الحياة .
وكيف يندرج تحتها وهي عنوان عن فكر إنساني قاصر مشوب بالأهواء قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} وهو وحي سماوي، وشعاع رباني وصبغة إلهية قال تعالى:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} لقد أراد الله أن يكون الإسلام خاتم الأديان، وأراد أن يكون دين البشر جميعاً في كل مكان وزمان، ولهذا أنزل كتابه، وتولى بنفسه حفظه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} وضمنه القواعد الكلية، وترك التفاصيل الجزئية ليساير ظروف البشرية، وفي القرآن ومذكرته التفسيرية النبوية نجد كل عناصر الخير، وأسباب السعادة، ومقومات الحياة، ووسائل القوة والعزة، فلم نعد في حاجة إلى أن نمد أيدينا، ونتسول المباديء من الشرق أو من الغرب، ولقد قال الله تعالى وهو أصدق القائلين:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} تمت النعمة، وكمل الدين، فلسنا من ناحية المباديء في نقص نحتاج إلى استكماله من المخالفين.
إن من اللازم على كل دولة دينها الإسلام - حينما تطرح قضية على بساط البحث - أن تسترشد فيها بنوره وتهتدي بهديه ،وتسير وفق تعاليمه وعند الإختلاف يجب أن يذعن أبناؤها لقوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} .من اللازم على كل دولة إسلامية أن يتمسك أبناؤها بحبل الإسلام، ففيه- والحمد لله- ما يكفي ويغني، فيه ما يجلب الخير ويدفع الضر، ويحقق الهناءة والإستقرار والأمن، ولنتأمل هذه الأسس التي وضعها:
1- الإسلام يعلي شأن الإنسان ويستخلفه في هذه الأرض، ويعمل على تحقيق الإنسانية الصحيحة الرشيدة في هذا العالم، وربطها بمصدر وجودها، فلا يسمح بأن يتعالى الإنسان حتى يصبح إلهاً طاغياً، ولا أن ينزل حتى يكون حيواناً سافلاً أو شخصاً مهيناً، ولا يقبل أن ينقطع المخلوق عن خالقه، ومصدر نعمته، بل يعمل على ربط الناس بعضهم ببعض على أساس من التعاون والتآلف والوفاء، ويعمل أيضاً على ربط الناس بخالقهم على أساس من الإخلاص والتقوى والصفاء، وفي مقابل هذا كتب الله لهم التمكين والعزة والأباء يقول تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} .
ويقول: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} .
ويقول: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} .
ويقول: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} .
ويقول: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ} .
ويقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} .
ويقول: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} .
دخل أحد الفاتحين العرب المسلمين على قائد جيش الفرس في قصره وبيده رمح يدق به الأرض وما فوقها من طنافس حريرية دون أن يبالي، وجرى بينهما حديث حاول قائد جيش الفرس أن يغري الفاتح العربي المسلم باللذات والنعيم، فكان جواب العربي المسلم:
" لقد جئنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام".
إن الإسلام كما فهمه أسلافنا، لا يرضى بالذلة، ولا يقبل الإستعلاء بغير حق، ولا يبيح الخضوع لمستبد أو طامع لا هدف له إلاّ الغصب والسلب وإهدار كرامة الإنسان وحقه في الحياة الهنيئة، ولقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وشرع الجهاد لهداية الناس وإشاعة الخير، وإقرار الحق ورفع الجور قال تعالى:
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} .
وقال: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً, وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً, الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً}
وسبيل الله هو سبيل الحق والخير والسلام وسبيل الطاغوت هو سبيل الباطل والشر والفساد والضلال والعدوان.
2- ينظر الإسلام إلى المجتمع على أنه جسم واحد يتكون من أعضاء مختلفة الوظائف متفاوتة الرتب تحس كلها بإحساس واحد، وتتعاون كلها وإن اختلفت درجاتها وقدراتها على جلب المنافع، ودفع المضار.
نلمس هذا في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" أخرجه مسلم وأحمد عن النعمان بن بشير.
وهكذا يؤلف الإسلام من أبناء الأمة على اختلاف أوضاعهم ورتبهم ووظائفهم وأعمالهم وحدة متناسقة متكاملة متعاونة مؤتلفة يهتم كل فرد فيها بأداء واجبه نحو نفسه ونحو غيره، ولتحقيق هذا أوجب الله على القادرين أن يساعدوا العاجزين، وعلى الأغنياء أن يساعدوا المحتاجين، وعلى الأقوياء أن يؤازروا المستضعفين، وعلى الحكّام أن يسهروا على راحة المحكومين.
( أ ) ونظرة الإسلام إلى المال نظرة سامية، ومعالجته للفقر معالجة دقيقة:
فالمال ملك لله كما قال: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} .
ولكنه استخلفنا فيه وملكه لنا على أن نؤدي منه ما أوجبه علينا من حق خاص أو عام قال تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} وقال: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } .
وحين يكون الإنسان سفيهاً يسلبه حق التصرف فيه، وحين يمتنع عن دفع الحقوق الخاصة أو العامة يجبر عليها بقوة السلطان والسلطان لا تبرأ ذمته إلاّ إذا سدت للفقير حاجته، ويسرت له مئونته وتحقق للدولة كل أسباب القوة والعزة .
وللسلطان أن يأخذ من مال الأغنياء ما يكفي حاجة الفقراء قال صلى الله عليه وسلم: "إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقرائهم، ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا وعروا إلاّ بما يصنع أغنياؤهم ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديداً ويعذبهم عذاباً أليماً" رواه الطبراني في الأوسط والصغير،
ولما قفل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزو ووقع بعضهم في ضرورة ملحة، وضائقة شديدة قال صلى الله عليه وسلم: "من كان له فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ", قال أبو سعيد الخدري راوي الحديث: "فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل" أخرجه مسلم.
ولأول مرة في التاريخ أعلنت الحرب ضد الأغنياء من أجل الفقراء وذلك في عهد أبي بكر حاكم المسلمين فقد قال حين امتنع بعض الأغنياء من دفع الزكاة: "والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها" أخرجه الستة.
إن الإسلام وهو يطلب من الحكام والأغنياء أن يسدوا حاجة الفقراء لم ينس أن يعبد للفقراء سبيل الرزق ويحضه على سلوكه، ويفتح له باب العمل، ويشجعه على ولوجه قال تعالى: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} وقال: {فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} وقال صلى الله عليه وسلم: "من أمسى كالاً من عمل يده أمسى مغفوراً له" أخرجه الطبراني.
بهذا وبغيره من مباديء الإسلام التي لا يمكن جمعها في مقال حارب الإسلام الفقر وعالج مشكلته علاجاً جذرياً فطرياً، فلم ينكر الملكية الفردية المشروعة بل احترمها وعاقب المعتدي عليها بغير حق، لم يجرد الناس من كسبهم وثمرة كدهم، ونتيجة عرقهم وجهدهم تجريداً يدفعهم إلى الإهمال ويحملهم على التفريط في حفظ الأموال، ويثنيهم على التجديد والإبتكار، وعن المضي في سبيل الرقى والإزدهار.
لم يفعل ذلك بل أباح لهم أن يمتلكوا ما هو حلال عن طريق حلال على أن يستغل في الحلال بلا ضرر ولا إضرار وبلا تقتير ولا إسراف، وبلا نسيان لحق الجماعة الذي أوجبه الله.
وبهذا تمشى الإسلام مع الغريزة البشرية غريزة التملك لكنه هذبها وخفف من شرتها، وعدل من طبيعتها وتسامى بها حتى عادت بالخير على الفرد والجماعة والدولة، ولا عجب فقد حارب الربا والإحتكار، والإكتناز ورفع الأسعار وكل ما فيه إضرار.
قال صلى الله عليه وسلم: "من احتكر طعاماً أربعين ليلة فقد بريء من الله وبريء الله منه"
وقال: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم كان حقاً على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة"
وقال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الثلاثة وأحمد.
(ب) ونظرة الإسلام إلى الحكم نظرة واقعية ومثالية..
فالدولة لابد لها من حاكم يقوم على رعاية مصالحها الداخلية والخارجية ويعمل على إشاعة الأمن والعدل في البلاد، ويوفر لأبنا الأمة كل ما يطلبونه من أمن وغذاء، ومسكن وكساء، وطب ودواء، حماية لهم من غوائل الفقر والمرض والجهل ويقف إلى جوار الضعيف والمسكين والمظلوم حتى يرفع عنهم الغبن ويدفع الظلم، ويكفيهم الحاجة ويهيء لأفراد الشعب فرصاً متكافئة، ويقدم العون لأرباب الحاجات، وييسر لهم سبل العيش وأبواب الرزق، ويعمل على تأمين الدولة من الداخل والخارج. ولكي يكون الحكم نعمة على الأمة قرر الإسلام ما يلي:
1- الحاكم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم غير معصوم وليست له قداسة تجعله يرتفع عن مستوى النقد ولا تجب طاعته حين يضل الطريق
قال صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة قالوا لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" أخرجه مسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "السمع والطاعة حق على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع عليه ولا طاعة" أخرجه الستة.
2- الحاكم عليه أن يتشاور مع المسلمين فيما لا نص فيه ليهتدي إلى ما فيه الخير، وليتجنب ما فيه مضرة أو مشقة، ولتتقبل الأمة ما يكلفها به عن تفهم ورضا قال تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما إن الله ورسوله لغنيان عنها ولكن جعلها الله تعالى رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشداً ومن تركها لم يعدم غياً} أخرجه البيهقي عن ابن عباس.
3- الحاكم مطالب بالعدل والإحسان إلى الرعية قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}
وقال صلى الله عليه وسلم: "من ولى من أمر الناس شيئاً فاحتجب عن أولي الضعف والحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة" رواه أحمد, وقال: "ما من أمير يلي على أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم كنصحه وجهده لنفسه إلاّ لم يدخل معهم الجنة" رواه الطبراني.
ومن العدل الواجب ألاّ يولي أحداً لقربه منه أو قرابته أو ساطته بل يسند العمل لمن كان أهلاً له قال صلى الله عليه وسلم: "من قلد رجلاً عملاً على عصابة وهو يجد في تلك العصابة أرضى منه فقد خان الله ورسوله وخان المؤمنين" أخرجه الحاكم.
ومن اللازم على الحاكم أن يكون قدوة للأمة في تجنب الظلم واستغلال النفوذ ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة .
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وكان بيده سواك فدعا وصيفة له أولها حتى استبان الغضب في وجهه وخرجت أم سلمة إلى الحجرات فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة فقالت: ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لولا خشية القود لأوجعتك بهذا السواك " رواه أحمد, كما في الترغيب والترهيب ج4ص266.
وعن أبي سعيد الخدري قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسماً أقبل رجل فأكب عليه فطعنه صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه فجرح وجهه ثم قال له: "تعالى فاستقد. قال: بل عفوت يا رسول الله" أخرجه أبو داود والنسائي.
- يتبع -