محمد لشيب
18-08-2008, 12:58 PM
لانخفاض الأسعار وتنوع المعروض:
قطريون يتسوقون في السعودية استعداداً لرمضان
سليمان حاج إبراهيم
موفد صحيفة «العرب (http://alarab.com.qa/details.php?docId=52933&issueNo=237&secId=16)» إلى المنطقة الشرقية السعودية:
سيارات صالون ورباعية الدفع تصل مركز «أبوسمرة» الحدودي في طريقها للمناطق الشرقية من المملكة العربية السعودية تكون حين دخولها بحجمها الحقيقي على شكل عارضة أزياء.. هزيلة نحيفة رشيقة مزينة بألوان زاهية، وتعود من هناك بشكل أبطال رياضة «السومو».. يتضاعف حجمها وتمتلئ بأكياس وصناديق ربطت بإحكام فوق سقف السيارة، فيما تتكدس صناديق أخرى على متن العربات الإضافية التي تجرها معها، وهي محملة بأصناف منوعة استعدادا لشهر رمضان.
هذه الصورة تعكس إلى حد كبير ما هو حاصل في المركز الحدودي بسلوى حيث تزداد في هذه الفترة أعداد القطريين المتوجهين للملكة العربية السعودية سواء للتبضع واقتناء بعض حاجياتهم من هناك أو لتجهيز البيوت القديمة والجديدة وتوفير أغراض الحفلات ومؤن الأعراس والمآتم.. تتعدد أسباب الزيارة والهدف واحد المناطق والأسواق العامرة في عدة مناطق في السعودية وصولا للعاصمة الرياض.
«العرب» تجولت في المنطقة الشرقية للملكة العربية السعودية ورصدت حركة القطريين التي تشهد زيادة مطردة وتضاعفا في الأعداد في متوالية هندسية متصاعدة وانتعاش وحركة كبيرة تتجلى بوضوح أكثر من أي وقت مضى منذ عودة الدفء لعلاقات البلدين.
البداية كانت من وسط مدينة الدوحة نحو طريق سلوى الذي شهد مؤخرا توسعة كبيرة تناسب أعداد السيارات الكثيرة التي تقصد هذه الوجهة الحيوية، سيارات بأنواعها المختلفة وحافلات تسير جنبا إلى جنب مع الشاحنات ذات الحجم الكبير للوصول لمنفذ أبوسمرة الحدودي المشترك مع السعودية.
هناك كل المؤشرات تؤكد تنامي حركية هذه الطريق السريعة وما تلقاه من إقبال متزايد من المقيمين والمواطنين. الفئة الأولى أغلبها يشد الرحال نحو بلدانه الأصلية لقضاء شطر من العطلة وسط الأهل والأحباب والثانية تتعدد أسباب سفرها ما بين السياحة في الدول المجاورة مثل السعودية، والإمارات العربية والبحرين وعمان وحتى الكويت أو من يقصد دول الشرق الأوسط وأهمها سوريا ولبنان والأردن ومصر في الجهة الأخرى.
لكن تنقل المواطنين للمركز أبوسمرة الحدودي ليس في الغالب من أجل السياحة وزيارة الأهل والأحباب فقط بل لأسباب أخرى إضافية أهمها التبضع من الأسواق والمحلات السعودية التي تشهد إقبالا منقطع النظير من القطريين الذين يجدون ضالتهم هناك لما تقدمه تلك المحلات والأسواق من وفرة في المعروض وانخفاض في الأسعار. عند الوصول للمنفذ الحدودي تكون طوابير السيارات بدأت تطول تدريجيا حيث تصب المسارات الأربعة للطريق السريع في منفذ واحد.
لكن الصورة سرعان ما تتلاشى وتنزاح معها المخاوف من طول الانتظار حينما تنقشع تدريجيا من المحيط تلك الأعداد الهائلة من العربات التي تصل للمنفذ بإنهاء موظفي الجوازات والجمارك الإجراءات في ظرف وجيز مانحين الفرصة للجميع لشد الرحال نحو المملكة العربية السعودية.
رحلة الشتاء والصيف
عند الوصول للمنفذ الحدودي يخالج المرء شعور بأنه في قطر وليس في مركز سعودي حيث تبرز بوضوح أعداد السيارات التي تدخل وتخرج من السعودية في حركة وانسيابية كبيرة ساهم في انتعاشها عودة الدفء لعلاقات البلدين مثلما أكد أبوعبد الله الذي قال إنه متعود على السفر منذ شبابه إلى هذه المناطق ولم يتخلف عن هذه السنة حتى في أحلك فترات الأزمة التي خيمت على سماء العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن تلك السنوات العجاف لم تكن لتثنيه عن زيارة أهله وأقاربه أو حتى اقتناء حاجياته من هناك، واستطرد أن الأمر أصبح أكثر يسرا وسهولة من ذي قبل بعد استعادة الأشقاء دفء علاقاتهما وأشار إلى أن العهد الجديد يعد فأل خير للكثيرين قطريين كانوا أو سعوديين من الذين تيسرت السبل أمامهم وأضحى أمر تنقلهم بين البلدين يتم بسهولة وفي ظروف حسنة وجيدة، ولم تعد هناك أية مضايقات على مستوى الحدود، يضيف أبوعبد الله الذي كشف أنه يأتي على الأقل مرتين في الأسبوع للحدود لتفقد المواشي والإبل التي يربيها في منطقة المناني التي لا تبعد سوى 50 كيلومترا عن الحدود حيث تكثر المراعي والمزارع التي يسيرها قطريون مناصفة مع سعوديين أو تعود لأقارب يتقاسمون أرباحها بالتساوي.
واتفق أحمد أبوعماد وهو مسؤول بقسم جمرك سلوى مع هذه الرؤية وأكد أن مساعديه يتعاملون بصورة جيدة مع القطريين المتوجهين لبلاده أو العائدين منها. وأشار إلى أنه بالرغم من وجود تعليمات تفرض تشديد الرقابة على السلع الواردة من المملكة إلا أنه كثيرا ما يتم غض الطرف عن بعض الكميات غير التجارية وهي من نتائج المرحلة الحالية التي تجسد الرغبة الحقيقية من الجميع لتفعيل قرارات قيادتي البلدين بالدفع نحو الأمام بكل ما يتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية التي تجمع شعبي البلدين الشقيقين.
موسم الهجرة إلى الشرق
وغير بعيد عن الحدود تبدأ المراكز التجارية ومحلات التسوق الكبرى في الظهور خصوصا المتخصصة في بيع المواد الغذائية والخضر والفواكه واللحوم بأنواعها بالإضافة لمراكز بيع مواد البناء المشهورة في هذه النواحي والتي تباع بأسعار معقولة.
وأكد أبومحمد خالد مدير ملحمة زهرة الخليج بالمنَاني أن القطريين كثيرا ما يأتون وبصورة مستمرة لشراء حاجياتهم من هذه المناطق والعودة مجددا للدوحة كون المسافة ليست بعيدة والتنقل يكون بصورة سهلة في ظل تحسن العلاقات بين البلدين. وأشار إلى أن هذه المناطق تشهد رواجا كبيرا لتجارتها بسبب ما أسماه «الطفرة القطرية» التي ربطها بالنمو الاقتصادي وتزايد مداخيل الأسر التي تزيد عندها نسب الإنفاق من جهة ومن جهة أخرى هناك ظاهرة زيادة نسب التضخم التي دفعت برأيه عائلات كثيرة للبحث عن مصادر توفير في دخولها التي تعرضت لاختلالات عديدة بسبب ارتفاع أسعار الكثير من المواد في قطر.
وأوضح مبارك الدوسري أن محلات المناطق الحدودية تشهد نمواً مطرداً في أعداد القطريين الذين يقصدونها على مدار أيام الأسبوع للتبضع واقتناء بعض الحاجيات التي يرغبون فيها مستفيدين من الأسعار المنخفضة نسبيا مقارنة بأسعار الدوحة.
تجاوزنا قرية المناني المتاخمة للحدود القطرية وواصلنا نحو مدينة الأحساء التي تعتبر بوابة الدخول للملكة العربية السعودية وعلى جانبي الطريق كانت الكثير من الشاحنات تعرض أعلافا مخصصة للمواشي والإبل حيث وقف الكثير من السيارات ذات الترقيم القطري لأخذ كميات معتبرة والعودة بها إلى الدوحة. عند الوصول إلى مدخل الأحساء تبرز بوضوح لوحة على ناصية الطريق تؤشر لمختلف الطرق المؤدية إلى داخل وخارج المدينة منها إشارة واضحة تحدد الطريق إلى قطر وعلى جانبها إشارة نحو سوق القيصرية الذي يعتبر أشهر وجهة يقصدها القطريون عند حلولهم بالمدينة وهي تعتبر وجهة مفضلة لدى الكثيرين.
القطريون يقصدون سوق القيصرية
يعتبر سوق القيصرية أشهر سوق تاريخي بالمنطقة وهو يقع بالكوت في الأحساء شرق السعودية ويعتقد البعض أنه بني في عام 1862 ويضم نحو 422 محلاً بعضها مملوكة للبلدية تؤجرها للمواطنين وأخرى ملك للأهالي.
وتتوزع المحلات على شكل صفوف متوازية تقع في ممرات مغلقة ومسقوفة وهو يشبه إلى حد كبير الطابع العمراني العثماني.
وكان قد شب حريق مهول في السوق أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه غير أن السلطات المحلية استثمرت مبالغ ضخمة لإعادة تأهيله بصورة أحسن.
وتجري حاليا مثلما عاينا الأعمال على قدم وساق لإعادته أحسن مما كان ويرتقب إعادة فتحه كاملا في أقرب فرصة مما سيعطيه زخما أكبر مما كان عليه بعد الشهرة الواسعة التي نالها كأحد أهم المراكز التجارية في منطقة الشرق الأوسط ويقصدها الكثيرون من دول مجلس التعاون الخليجي مثلما كشف عن ذلك عبدالله جعفر القطاني وهو أحد التجار القدامى بالسوق. يقول جعفر إن القطريين تعودوا منذ القدم القدوم إلى الأحساء لاقتناء حاجياتهم حتى قبل أن تشهد قطر طفرتها الاقتصادية الحالية وقبل انتشار مراكزها التجارية التي خفضت في السنوات الأخيرة من أعداد الوافدين للمملكة، وأضاف أنه بالرغم من توفر الكثير من المواد في قطر إلا أن الكثير من القطريين يفضلون المجيء للأحساء لعدة أسباب أولا لكون الأسعار في متناول الجميع ثم لوفرة المعروض وتنوعه ما يلبي احتياجات فئات واسعة كما أن بعض المنتوجات لا يمكن أن توجد سوى في هذه الأسواق.
وقال أبومحمد إنه بالرغم من أن سوق القيصرية تعرض لاحتراق مهوول أتى على أجزاء معتبرة منه إلى أن الأحسائيين تمكنوا من إيجاد بديل مؤقت لهذا المعلم البارز في المنطقة بتحويله إلى محل لا يبعد عنه سوى بضع مئات من الأمتار وهو ما جعل وفود القطريين لا تتوقف عن التوافد إليه والقدوم في جميع الأوقات.
وقال سلطان السبيعي إن العديد من الفرص تتوفر في سوق القيصرية وهو يجد ضالته بالقدوم إلى محلاته لاقتناء حاجياته الشهرية.
وأضاف أنه بحلول شهر رمضان تزداد قوافل الوافدين نحو الأحساء من القطريين الذين يشترون مؤن هذا الشهر الكريم وحتى ما يكفيهم لأزيد من شهرين من المحلات والأسواق المشهورة في المناطق الشرقية دفعة واحدة يوفرون من خلالها مبالغ معتبرة مقارنة بالأسعار المعتمدة في مراكز الدوحة التي وصفها بأنها تشتعل فيها النار بحلول المواسم والأعياد وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للكثير من الأسر والعائلات.
وقال إن الأسعار في السعودية تشهد استقرارا كبيرا معظم فترات السنة ونادرا ما تتعرض لهزات أو تسجل عليها ارتفاعات كبيرة على غرار ما يحدث في قطر التي تشهد زيادات شبهها البعض بالبورصة التي تعرف اختلالات تبعا لحجم التداولات.
من جانبه قارن أحمد المري بين أسعار المواد في قطر ومثيلاتها في أسواق السعودية مستشهدا بأسعار العديد من المواد مثل علب الحليب الكبيرة التي تباع في حدود 60 ريال بينما لا تقل في قطر عن 75 ريالا وكيس الأرز الذي يباع في قطر في حدود 35 ريالا لا يزيد سعره في المملكة عن 22 ريالا ونفس الأمر ينطبق على حليب الأطفال والدقيق وغيرها من المواد.
وأشار عبدالله إلى أن الوجهات التي يقصدها القطريون في السعودية متعددة ومتنوعة على حسب الحاجات التي يرغبونها فإذا كانوا يبحثون عن اقتناء المواد الغذائية ومواد البناء وأعلاف الحيوانات فلهم البلدات والقرى الحدودية التي توفر لهم الكثير من الخيارات ناهيك عن الأحساء (تبعد حوالي 250 كيلومترا عن الدوحة) التي تتميز إلى جانب ذلك بكونها مركزا للتمور بجميع أنواعها ومختلف أنواع الملابس والزي الخليجي التقليدي الذي تشتهر به محلاتها بالإضافة لوجود الكثير من السلع المستوردة التي تباع في المحلات الفخمة والمولات الجديدة وأبرزها العثيم الذي أصبح يستقطب الكثيرين.
قطريون يتسوقون في السعودية استعداداً لرمضان
سليمان حاج إبراهيم
موفد صحيفة «العرب (http://alarab.com.qa/details.php?docId=52933&issueNo=237&secId=16)» إلى المنطقة الشرقية السعودية:
سيارات صالون ورباعية الدفع تصل مركز «أبوسمرة» الحدودي في طريقها للمناطق الشرقية من المملكة العربية السعودية تكون حين دخولها بحجمها الحقيقي على شكل عارضة أزياء.. هزيلة نحيفة رشيقة مزينة بألوان زاهية، وتعود من هناك بشكل أبطال رياضة «السومو».. يتضاعف حجمها وتمتلئ بأكياس وصناديق ربطت بإحكام فوق سقف السيارة، فيما تتكدس صناديق أخرى على متن العربات الإضافية التي تجرها معها، وهي محملة بأصناف منوعة استعدادا لشهر رمضان.
هذه الصورة تعكس إلى حد كبير ما هو حاصل في المركز الحدودي بسلوى حيث تزداد في هذه الفترة أعداد القطريين المتوجهين للملكة العربية السعودية سواء للتبضع واقتناء بعض حاجياتهم من هناك أو لتجهيز البيوت القديمة والجديدة وتوفير أغراض الحفلات ومؤن الأعراس والمآتم.. تتعدد أسباب الزيارة والهدف واحد المناطق والأسواق العامرة في عدة مناطق في السعودية وصولا للعاصمة الرياض.
«العرب» تجولت في المنطقة الشرقية للملكة العربية السعودية ورصدت حركة القطريين التي تشهد زيادة مطردة وتضاعفا في الأعداد في متوالية هندسية متصاعدة وانتعاش وحركة كبيرة تتجلى بوضوح أكثر من أي وقت مضى منذ عودة الدفء لعلاقات البلدين.
البداية كانت من وسط مدينة الدوحة نحو طريق سلوى الذي شهد مؤخرا توسعة كبيرة تناسب أعداد السيارات الكثيرة التي تقصد هذه الوجهة الحيوية، سيارات بأنواعها المختلفة وحافلات تسير جنبا إلى جنب مع الشاحنات ذات الحجم الكبير للوصول لمنفذ أبوسمرة الحدودي المشترك مع السعودية.
هناك كل المؤشرات تؤكد تنامي حركية هذه الطريق السريعة وما تلقاه من إقبال متزايد من المقيمين والمواطنين. الفئة الأولى أغلبها يشد الرحال نحو بلدانه الأصلية لقضاء شطر من العطلة وسط الأهل والأحباب والثانية تتعدد أسباب سفرها ما بين السياحة في الدول المجاورة مثل السعودية، والإمارات العربية والبحرين وعمان وحتى الكويت أو من يقصد دول الشرق الأوسط وأهمها سوريا ولبنان والأردن ومصر في الجهة الأخرى.
لكن تنقل المواطنين للمركز أبوسمرة الحدودي ليس في الغالب من أجل السياحة وزيارة الأهل والأحباب فقط بل لأسباب أخرى إضافية أهمها التبضع من الأسواق والمحلات السعودية التي تشهد إقبالا منقطع النظير من القطريين الذين يجدون ضالتهم هناك لما تقدمه تلك المحلات والأسواق من وفرة في المعروض وانخفاض في الأسعار. عند الوصول للمنفذ الحدودي تكون طوابير السيارات بدأت تطول تدريجيا حيث تصب المسارات الأربعة للطريق السريع في منفذ واحد.
لكن الصورة سرعان ما تتلاشى وتنزاح معها المخاوف من طول الانتظار حينما تنقشع تدريجيا من المحيط تلك الأعداد الهائلة من العربات التي تصل للمنفذ بإنهاء موظفي الجوازات والجمارك الإجراءات في ظرف وجيز مانحين الفرصة للجميع لشد الرحال نحو المملكة العربية السعودية.
رحلة الشتاء والصيف
عند الوصول للمنفذ الحدودي يخالج المرء شعور بأنه في قطر وليس في مركز سعودي حيث تبرز بوضوح أعداد السيارات التي تدخل وتخرج من السعودية في حركة وانسيابية كبيرة ساهم في انتعاشها عودة الدفء لعلاقات البلدين مثلما أكد أبوعبد الله الذي قال إنه متعود على السفر منذ شبابه إلى هذه المناطق ولم يتخلف عن هذه السنة حتى في أحلك فترات الأزمة التي خيمت على سماء العلاقات الثنائية، مشيرا إلى أن تلك السنوات العجاف لم تكن لتثنيه عن زيارة أهله وأقاربه أو حتى اقتناء حاجياته من هناك، واستطرد أن الأمر أصبح أكثر يسرا وسهولة من ذي قبل بعد استعادة الأشقاء دفء علاقاتهما وأشار إلى أن العهد الجديد يعد فأل خير للكثيرين قطريين كانوا أو سعوديين من الذين تيسرت السبل أمامهم وأضحى أمر تنقلهم بين البلدين يتم بسهولة وفي ظروف حسنة وجيدة، ولم تعد هناك أية مضايقات على مستوى الحدود، يضيف أبوعبد الله الذي كشف أنه يأتي على الأقل مرتين في الأسبوع للحدود لتفقد المواشي والإبل التي يربيها في منطقة المناني التي لا تبعد سوى 50 كيلومترا عن الحدود حيث تكثر المراعي والمزارع التي يسيرها قطريون مناصفة مع سعوديين أو تعود لأقارب يتقاسمون أرباحها بالتساوي.
واتفق أحمد أبوعماد وهو مسؤول بقسم جمرك سلوى مع هذه الرؤية وأكد أن مساعديه يتعاملون بصورة جيدة مع القطريين المتوجهين لبلاده أو العائدين منها. وأشار إلى أنه بالرغم من وجود تعليمات تفرض تشديد الرقابة على السلع الواردة من المملكة إلا أنه كثيرا ما يتم غض الطرف عن بعض الكميات غير التجارية وهي من نتائج المرحلة الحالية التي تجسد الرغبة الحقيقية من الجميع لتفعيل قرارات قيادتي البلدين بالدفع نحو الأمام بكل ما يتعلق بتعزيز العلاقات الثنائية التي تجمع شعبي البلدين الشقيقين.
موسم الهجرة إلى الشرق
وغير بعيد عن الحدود تبدأ المراكز التجارية ومحلات التسوق الكبرى في الظهور خصوصا المتخصصة في بيع المواد الغذائية والخضر والفواكه واللحوم بأنواعها بالإضافة لمراكز بيع مواد البناء المشهورة في هذه النواحي والتي تباع بأسعار معقولة.
وأكد أبومحمد خالد مدير ملحمة زهرة الخليج بالمنَاني أن القطريين كثيرا ما يأتون وبصورة مستمرة لشراء حاجياتهم من هذه المناطق والعودة مجددا للدوحة كون المسافة ليست بعيدة والتنقل يكون بصورة سهلة في ظل تحسن العلاقات بين البلدين. وأشار إلى أن هذه المناطق تشهد رواجا كبيرا لتجارتها بسبب ما أسماه «الطفرة القطرية» التي ربطها بالنمو الاقتصادي وتزايد مداخيل الأسر التي تزيد عندها نسب الإنفاق من جهة ومن جهة أخرى هناك ظاهرة زيادة نسب التضخم التي دفعت برأيه عائلات كثيرة للبحث عن مصادر توفير في دخولها التي تعرضت لاختلالات عديدة بسبب ارتفاع أسعار الكثير من المواد في قطر.
وأوضح مبارك الدوسري أن محلات المناطق الحدودية تشهد نمواً مطرداً في أعداد القطريين الذين يقصدونها على مدار أيام الأسبوع للتبضع واقتناء بعض الحاجيات التي يرغبون فيها مستفيدين من الأسعار المنخفضة نسبيا مقارنة بأسعار الدوحة.
تجاوزنا قرية المناني المتاخمة للحدود القطرية وواصلنا نحو مدينة الأحساء التي تعتبر بوابة الدخول للملكة العربية السعودية وعلى جانبي الطريق كانت الكثير من الشاحنات تعرض أعلافا مخصصة للمواشي والإبل حيث وقف الكثير من السيارات ذات الترقيم القطري لأخذ كميات معتبرة والعودة بها إلى الدوحة. عند الوصول إلى مدخل الأحساء تبرز بوضوح لوحة على ناصية الطريق تؤشر لمختلف الطرق المؤدية إلى داخل وخارج المدينة منها إشارة واضحة تحدد الطريق إلى قطر وعلى جانبها إشارة نحو سوق القيصرية الذي يعتبر أشهر وجهة يقصدها القطريون عند حلولهم بالمدينة وهي تعتبر وجهة مفضلة لدى الكثيرين.
القطريون يقصدون سوق القيصرية
يعتبر سوق القيصرية أشهر سوق تاريخي بالمنطقة وهو يقع بالكوت في الأحساء شرق السعودية ويعتقد البعض أنه بني في عام 1862 ويضم نحو 422 محلاً بعضها مملوكة للبلدية تؤجرها للمواطنين وأخرى ملك للأهالي.
وتتوزع المحلات على شكل صفوف متوازية تقع في ممرات مغلقة ومسقوفة وهو يشبه إلى حد كبير الطابع العمراني العثماني.
وكان قد شب حريق مهول في السوق أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه غير أن السلطات المحلية استثمرت مبالغ ضخمة لإعادة تأهيله بصورة أحسن.
وتجري حاليا مثلما عاينا الأعمال على قدم وساق لإعادته أحسن مما كان ويرتقب إعادة فتحه كاملا في أقرب فرصة مما سيعطيه زخما أكبر مما كان عليه بعد الشهرة الواسعة التي نالها كأحد أهم المراكز التجارية في منطقة الشرق الأوسط ويقصدها الكثيرون من دول مجلس التعاون الخليجي مثلما كشف عن ذلك عبدالله جعفر القطاني وهو أحد التجار القدامى بالسوق. يقول جعفر إن القطريين تعودوا منذ القدم القدوم إلى الأحساء لاقتناء حاجياتهم حتى قبل أن تشهد قطر طفرتها الاقتصادية الحالية وقبل انتشار مراكزها التجارية التي خفضت في السنوات الأخيرة من أعداد الوافدين للمملكة، وأضاف أنه بالرغم من توفر الكثير من المواد في قطر إلا أن الكثير من القطريين يفضلون المجيء للأحساء لعدة أسباب أولا لكون الأسعار في متناول الجميع ثم لوفرة المعروض وتنوعه ما يلبي احتياجات فئات واسعة كما أن بعض المنتوجات لا يمكن أن توجد سوى في هذه الأسواق.
وقال أبومحمد إنه بالرغم من أن سوق القيصرية تعرض لاحتراق مهوول أتى على أجزاء معتبرة منه إلى أن الأحسائيين تمكنوا من إيجاد بديل مؤقت لهذا المعلم البارز في المنطقة بتحويله إلى محل لا يبعد عنه سوى بضع مئات من الأمتار وهو ما جعل وفود القطريين لا تتوقف عن التوافد إليه والقدوم في جميع الأوقات.
وقال سلطان السبيعي إن العديد من الفرص تتوفر في سوق القيصرية وهو يجد ضالته بالقدوم إلى محلاته لاقتناء حاجياته الشهرية.
وأضاف أنه بحلول شهر رمضان تزداد قوافل الوافدين نحو الأحساء من القطريين الذين يشترون مؤن هذا الشهر الكريم وحتى ما يكفيهم لأزيد من شهرين من المحلات والأسواق المشهورة في المناطق الشرقية دفعة واحدة يوفرون من خلالها مبالغ معتبرة مقارنة بالأسعار المعتمدة في مراكز الدوحة التي وصفها بأنها تشتعل فيها النار بحلول المواسم والأعياد وهو ما يؤثر على القدرة الشرائية للكثير من الأسر والعائلات.
وقال إن الأسعار في السعودية تشهد استقرارا كبيرا معظم فترات السنة ونادرا ما تتعرض لهزات أو تسجل عليها ارتفاعات كبيرة على غرار ما يحدث في قطر التي تشهد زيادات شبهها البعض بالبورصة التي تعرف اختلالات تبعا لحجم التداولات.
من جانبه قارن أحمد المري بين أسعار المواد في قطر ومثيلاتها في أسواق السعودية مستشهدا بأسعار العديد من المواد مثل علب الحليب الكبيرة التي تباع في حدود 60 ريال بينما لا تقل في قطر عن 75 ريالا وكيس الأرز الذي يباع في قطر في حدود 35 ريالا لا يزيد سعره في المملكة عن 22 ريالا ونفس الأمر ينطبق على حليب الأطفال والدقيق وغيرها من المواد.
وأشار عبدالله إلى أن الوجهات التي يقصدها القطريون في السعودية متعددة ومتنوعة على حسب الحاجات التي يرغبونها فإذا كانوا يبحثون عن اقتناء المواد الغذائية ومواد البناء وأعلاف الحيوانات فلهم البلدات والقرى الحدودية التي توفر لهم الكثير من الخيارات ناهيك عن الأحساء (تبعد حوالي 250 كيلومترا عن الدوحة) التي تتميز إلى جانب ذلك بكونها مركزا للتمور بجميع أنواعها ومختلف أنواع الملابس والزي الخليجي التقليدي الذي تشتهر به محلاتها بالإضافة لوجود الكثير من السلع المستوردة التي تباع في المحلات الفخمة والمولات الجديدة وأبرزها العثيم الذي أصبح يستقطب الكثيرين.