المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حذر من الفكر الهابط والاعتماد على ثقافة الفضائيات ..فضيلة الشيخ محمد بن حسن المريخي



( الفهد )
23-08-2008, 01:11 PM
حذر من الفكر الهابط والاعتماد على ثقافة الفضائيات ..المريخي: رمضان أكبر الفرص الرحمانية لمراجعة النفس وفتح صفحة جديدة



الدوحة - الشرق :
دعا فضيلة الشيخ محمد بن حسن المريخي إلى اغتنام فرصة شهر رمضان لمراجعة النفس وفتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى، محذرا من انتشار الفكر الهابط الذي تبثه الفضائيات. وقال في خطبة الجمعة أمس: إذا نزل رمضان بدنيا المسلمين وساحتهم فقد تنزلت الرحمات والخيرات والبركات وطابت الحياة.

إن النعمة والمنة ببلوغ الشهر ايها المسلمون كبيرة جدا، انها إرادة الخير للعبيد وفتح باب التوفيق والفوز والنجاح، ولذلك إذا أراد الله تعالى بعبده خيراً وفقه لاستشعار مقام الشهر وأوقفه على منزلة شهر رمضان وعرَّفه ما فيه من الحسنات ورفيع الدرجات وكبير المقامات والفوز بالجنات والعتق من النيران. فسابق العبد في اغتنام الشهر وحرص على العمل الصالح وأدلى بدلوه في كل عمل صالح من صيام وصلاة وقراءة قرآن وصدقة وبر وإحسان ودعاء وتدبر للآيات وتصبير النفس مع الذين يدعون ربهم ويصلون.

إن الاستشعار بمقام الشهر نعمة جليلة يهديها الله تعالى لمن يشاء ولذلك يظهر في دنيا المسلمين من يعظم شهر الصيام ويسابق في تحصيل الصالحات ويسارع في اغتنام أيامه ولياليه، وفي المقابل يكون فيه من العباد من لا يلتفت لمثل هذا ولا تجد عنده الحرارة والحرص لاغتنام الشهر، فهو يستقبل الشهر كما يستقبل سائر الشهور، بل لا يتحرج من استقبال الشهر بما يعارضه ويصادمه وهو غير حريص على صلاة أو عمل صالح فيه إلا ما كان عادة عنده.

أضاف: تُسْستشعر النعمة ببلوغ الشهر بعد إذن الله تعالى بمطالعة الوحي وما ذكره الله تعالى في كتابه عن هذا الشهر الفضيل فهل عَدَّ الله سبحانه شهر الصيام شهراً كبقية الشهور أم خصَّه وميزه ورتب فيه الأجور والثواب وحث على اغتنامه وأيامه ولياليه. ودل على ما أودع فيه من كبير الفضل والمقام.

يقول الله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).
ويقول سبحانه: (إنا انزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين) وكذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخبر عما أودع الله تعالى في رمضان من كبير الأجر كقوله «من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه».

وقال: «الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر». إضافة إلى ما كان يفعله رسول الله إذا نزل شهر الصيام من تبشير أصحابه والاعتناء به أكثر من بقية الشهور وتخصيصه بعبادات ومعاملات كالاعتكاف فيه وإيقاظ الأهل للصلاة وهجر النوم، وتلاوة القرآن، كما تستشعر النعمة بتفضل الله تعالى بمد العمر والأجل حتى يبلغك الشهر بينما تخترم المنايا غيرك وكانوا يترقبون بلوغ الشهر معك بل أحرص منك على البلوغ ولكن كما قال تعالى (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء).

ولا تنس ان المنية التي نزلت بغيرك وتركتك ستأتي يوماً ما لتأخذك وتترك غيرك فاغتنم الأيام والوقت وتزود قبل نزول الموت (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون). تفقد من مات من أحبتك الذين كانوا معك بالأمس فرحين بالشهر أين هم اليوم؟ من الذي أخذهم؟ وأين ذهب بهم؟ (قل يتوفاكم ملك الموت الذي وُكِّلَ بكم ثم إلى ربكم ترجعون).

إنهم في قبورهم رهناء أعمالهم قد قدموا على ما عملوا.
وقال المريخي: إن الأسف كله ان يستقبل بعض الأقوام شهر الله الفضيل بما لا صلة له به وما هو منه براء من المحرمات واللهو واللعب.
إن شهر رمضان ضيف الرحمن الذي اخذ مكانته كونه شهر الله الفضيل. وواجب على العبد ان يعظم كل شيء عظمه المولى عز وجل ورفع قدره.

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» فأين إكرام ضيف الرحمن؟!
إن هذه المحرمات وهذا اللهو الذي يستعد به البعض للشهر الفضيل إهانة للشهر.
إن الله تعالى سيقيم شهوداً على العباد من أنفسهم لتقوم عليهم الحجة فليحذر العبد من أن يأتي رمضان شاهداً عليه يقول الله تعالى: (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
أضاف: شهر رمضان من أكبر الفرص الرحمانية التي يتيحها الله تعالى لعباده ليراجعوا أنفسهم ويفتحوا صفحة جديدة معه سبحانه.
فالشهر الفضيل فرصة كبيرة للبناء الروحي والبدني والفكري والثقافي والعصري وما احوج المسلمين لهذا البناء خاصة في هذه الأزمنة التي تغيرت فيها الأمور وتبدلت فيها الثوابت واختلطت الأمور على كثير من المسلمين.
فالأرواح أتعبها البعد عن صلتها ببارئها فلا صلاة ولا ذكر لله تعالى إلا قليلاً، أرواح ماتت في أجواف أصحابها أماتتها الأغاني والدنيا والجرأة على الله تعالى، أماتها أكل الحرام، أكل الربا علانية وجهاراً.

أرواح لا تعرف الحلال ولا الحرام ولكنها تعرف المال تجمعه من حله وحرامه «وكل جسم نبت من حرام فالنار أولى به» وهناك القلوب القلقة المضطربة والنفوس غير المطمئنة والأبدان العاجزة التي لا تطيق الصلاة إلا قليلاً ولكنها تطيق اللهو بكل معانيه ومآسيه ومستعدة لبذل الوقت كله في سبيله. لكنها تسربلت ثوب الكسل في الطاعة والمعروف.

وهناك الفكر الهابط والمشتت بفعل الاعتماد على الثقافة من الفضائيات دون تصفيتها وتنقيتها بعرضها على الشريعة الغراء.

لقد افرز هذا الفكر أفكاراً وآراء ووجهات نظر معارضة للوحي، فردت الآيات وأولتها تأويلاً باطلاً وألغت الأحاديث وابتعدت عن الهدى الصحيح ولا تسل عن العقيدة التي انهار بنيانها وتهدمت جدرانها عندما بنيت على غير الهدى المستقيم، كل ذلك أيها المسلمون له فرصة في رمضان ليُرمم ويُعاد بناؤه أو يبني من جديد على أرض صُلبة وقواعد ثابتة من خلال الرحمات والطيبات وما ينزل في رمضان من نفحات الرحمن (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنةٍ عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين).

إن العمل الصالح في رمضان يتميز بكثرته وسهولة الوصول إليه مع ما يصاحبه من الأجر الكبير يقول الله تعالى في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به».
وكثرة العمل الصالح راجعة بعد الله تعالى إلى تفضله سبحانه بفتح أبواب الجنان وإغلاق أبواب النيران وتصفيد الشياطين فلا مجال للعمل السيئ ولا يمكن للشياطين ان يصلوا إلى ما كانوا يصلون إليه في غير الشهر.
فاغتنموا فرصة رمضان وسارعوا فيه في تحصيل العمل الصالح الذي هو الرصيد الباقي المرافق لصاحبه في الدنيا والآخرة في البرزخ والقبور.

أعدوا لرمضان عُدته واحذروا من فوات الفرصة فقد لا يدركها العبد ثانية كما هو معلوم، فإن الأعمار بيد الله والآجال مضروبة مخفية غير مكشوفة وان مواسم الخيرات دائما تمر مسرعة فلذلك أمر الله تعالى بالمسابقة فيها (فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأتِ بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير).

وقال المريخي: اعملوا صالحاً واستغلوا الحياة والعمر وما يتفضل الله به عليكم من مواسم الخير، فالدنيا ذاهبة إلى زوال والعوافي إلى تحول وتبدل.
ولقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم بأن الدنيا في أزمنتها المتأخرة ستشهد الفتن والمحن والأحداث، وحثنا على العمل الصالح والتزود منه قبل نزول الفتن وهذا يدفعنا للعمل.
يقول صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال الصالحة فستكون فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافراً ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا» رواه مسلم.
أيها المسلمون: اعملوا في الشهر للفوز بالجنان والنجاة من النيران ولا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور.