المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكويت ليست مؤهلة بعد للانضمام إلى الاتحاد النقدي الخليجي



العبيـدلي
24-08-2008, 02:33 PM
القبس 20/08/2008

أصدر مركز دبي المالي العالمي أمس تقريراً حول التقدم الذي أحرزته دول الخليج العربية نحو تحقيق معايير التقارب الاقتصادي اللازمة لقيام الاتحاد النقدي الخليجي، والتي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في جلسته السابعة والعشرين التي استضافتها الرياض في عام 2006. ويعد هذا التقرير الأول ضمن سلسلة من التقارير التي سيصدرها المركز حول القضايا المؤثرة في اقتصاد المنطقة.

وجاء في التقرير الذي يحمل عنوان «تقييم مسيرة الاتحاد النقدي الخليجي»، إن دول التعاون تسير وفق الجدول الزمني نحو تلبية متطلبات التقارب الاقتصادي الضروري لقيام الاتحاد النقدي الخليجي بحلول عام 2010.

ولكنه حدد في الوقت ذاته 4 قضايا أساسية لا بد للسياسات الاقتصادية من مراعاتها لإطلاق الاتحاد النقدي بنجاح في موعده المحدد:

• إيجاد إطار تنظيمي ومؤسسي يكفل صدور قرارات شفافة وفاعلة بخصوص السياسة النقدية وسياسات المصرف المركزي، بما في ذلك طريقة عمل المصرف المركزي لمجلس التعاون الخليجي.

• يجب أن يكون التضخم أبرز الأولويات في جدول أعمال السياسة النقدية، إذ يقتضي الوضع الحالي تغيير هذه السياسة نحو كبح التضخم، ويمكن الهدف إلى إبقاء التضخم ضمن مستوياته المحددة.

• سيحتاج مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى الاستثمار في بناء وتعزيز قدراتها الإحصائية، لتوفير بيانات اقتصادية ومالية متناسقة وقابلة للمقارنة، سعياً إلى دعم الاتحاد النقدي الخليجي والسوق الخليجية المشتركة.

• لكي يتحقق الاتحاد النقدي الخليجي ويحقق الأهداف التي قام من أجلها، فإنه سيحتاج إلى استثمارات داعمة في البنية التحتية للقطاع المالي (بما في ذلك البنية القانونية والتنظيمية)، بالإضافة إلى تطوير أنظمة الدفع وربط أسواق النقد بأسواق رأس المال لضمان توحيد سعر الفائدة والتحويل السريع للأموال عبر دول الخليج العربية. وأشار التقرير إلى أن معالجة هذه القضايا ستتيح للاتحاد النقدي إضفاء قيمة كبيرة على اقتصادات المنطقة.

وشدد على أن الاتحاد النقدي سيعزز التزام دول مجلس التعاون الخليجي بتكامل الاقتصاد الإقليمي. ويجب أن يكون الاتحاد النقدي حجر الأساس لسياسة تعمل على توسيع نطاق مكاسب استقرار العملات، بحيث يشمل الأسواق المالية، والقطاعات الاقتصادية، والمستثمرين وذلك من خلال تعزيز العلاقات التجارية، وربط أسواق رأس المال، وجذب رؤوس الأموال الدولية.

يفيد التقرير بأن دولتي قطر والإمارات لا تستوفيان معيار التضخم، بينما لا تستوفي الكويت معيار صرف العملات. وفي حين لم تفصح دولة الإمارات بعد عن آخر البيانات المالية، فإنه من غير المرجح أن يتجاوز دين الحكومة المركزية ودين الحكومة العامة الحد المطلوب. وبالتالي، إذا لم تتم تسوية الاستثناءات الحالية للمعايير (أو في حال لم تنخفض معدلات التضخم إلى المستويات المطلوبة بحلول 2010)، ستكون البحرين والسعودية وعمان هي الدول الوحيدة المؤهلة حالياً للانضمام إلى الاتحاد النقدي. ويلخص الجدول المرفق تقييم معايير تقارب الأداء الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي.


التطبيق الحثيث
فعلى الرغم من التطبيق الحثيث لمعايير تقارب الأداء الاقتصادي، يتولد لديك انطباع بأن العملية ليست على المسار الصحيح وذلك قبل 18 شهراً فقط من موعد الإطلاق، بينما يوحي المنطق بخلاف ذلك.

أولاً، الصلة محدودة بين معايير التقارب (التي لم يتم نشرها في وثيقة رسمية) مع الاتحاد النقدي الخليجي (آخذين في الاعتبار الظروف المختلفة للاقتصاد الكلي السائدة في دول مجلس التعاون الخليجي)، فضلاً عن أن هذه المعايير تبدو أقل أهمية لعدم تحديد موعد نهائي لتحقيق التقارب.

وقد تم استقاء معايير تقارب الأداء الاقتصادي لدول الخليج العربية بصورة عامة من معايير ماستريخت، إلا أن صلة هذه المعايير بواقع منطقة مجلس التعاون الخليجي تبدو محدودةًً للغاية. إن فائدة تحديد العجز المالي والديون للدول التي تتمتع بفائض مالي وتدير فائضاً مالياً ضخماً بفضل الإيرادات المتزايدة لسلع الطاقة، تقتصر على المديين القريب والمتوسط.

وبالمثل، فإن ربط العملات الوطنية بالدولار الأميركي ووجود شرط واضح يمنع المراجحة ويضمن بقاء أسعار الفائدة قصيرة الأجل متقاربة جداً يعنيان أن معيار سعر الفائدة مستوفى بدرجة كبيرة. كما أن المعدلات قصيرة المدى ترتكز بصورة أساسية على سعر الفائدة الذي يحدده المصرف المركزي، مما يعني أيضاً أنه يمكن للدولة أن تستوفي مثل هذا المعيار بسهولة حتى في غياب الربط، أي بإمكان المصرف المركزي جعل سعر الفائدة منخفضاً إلى حد مناسب قبل الموعد النهائي. وتركز معايير ماستريخت في الواقع على سعر فائدة لمدة 10 سنوات، يحدده السوق لا السلطات.


الصورة المختلفة
ويبقى معيار التضخم مهماً، إلا أن التقارب جارٍ بمعدلات مرتفعة خلافاً لما كانت عليه الحال بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي. ويُعزى هذا الأمر إلى حقيقة أن معيار سعر الصرف يرتبط بمعيار التضخم، نظراً إلى أن الحاجة إلى الإبقاء على الارتباط بالدولار الأميركي تفرض سياسة نقدية متساهلة وتجردها من إحدى أدواتها القوية لكبح التضخم. أما بالنسبة إلى الدول الأوروبية، فقد كان اختبار التضخم ملزماً وفرض حالة من الانضباط. وكان على العملات الأوروبية إبان سعيها للتوحد تحت مظلة اليورو أن تبقى ضمن هوامش تقلبات أسعار صرف ضيقة مقابل بعضها بعضاً، وليس مقابل عملات خارجية.

وبصورة أساسية، فقد تم إيجاد الاتحاد النقدي الأوروبي لوضع حد لسباق خفض قيمة العملة الذي كان يهدد حيوية السوق الأوروبية المشتركة. وكانت عمليات الخفض الدورية نتيجة للسياسة المالية المتساهلة في دول مثل إيطاليا وأسبانيا والبرتغال، وبدرجة أقل في فرنسا. ولذلك، برزت الحاجة إلى إقامة اتحاد مالي وفرض تقارب أسعار الفائدة طويلة المدى على الدين العام، وبالتالي في معدلات التضخم.

وفي المقابل، برز إلى الوجود شبه اتحاد نقدي في مجلس التعاون الخليجي لعقود طويلة، حيث حافظت العملات الوطنية على ارتباطها بالدولار. وسيعزز الاتحاد النقدي الخليجي هذا الالتزام ويوسع نطاق مكاسب استقرار العملات بحيث يشمل الأسواق المالية، والقطاعات الاقتصادية، والمواطنين من خلال تعزيز العلاقات التجارية (في ما يخص السوق الخليجية المشتركة) وجذب رؤوس الأموال الدولية.


تجانس البيانات
وأثناء إعداد هذا التقرير كانت الصعوبة الأساسية تكمن في الحصول على الإحصائيات الرسمية الحديثة. وفي بعض الحالات، مثل معيار سعر الفائدة، لجأنا إلى اختيار المفهوم الأكثر شيوعاً على الصعيد العالمي وذلك في ظل غياب تعريف رسمي محدد. وتجدر الإشارة إلى تعذر ضمان تجانس بيانات جميع البلدان. وخلافاً للاتحاد الأوروبي، تفتقر دول مجلس التعاون الخليجي إلى وجود مؤسسة إحصائية متخصصة تتخطى السلطة الوطنية، على غرار مكتب الإحصاء الأوروبي «يوروستات» والذي يقدم تعريفات محددة للمعايير، مثل الدين العام، أو عجز الميزانيات الحكومية، ويجري عمليات تدقيق دورية للإحصائيات الرسمية. يضاف إلى ذلك، أنه لم يتم التوصل إلى تعريف موحد لمؤشر سعر المستهلك بحيث يبقى صحيحاً مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي. وأخيراً، يوجد تفاوت كبير في قدرة كل واحدة من هذه الدول على تقديم البيانات بشكل دقيق وفي الوقت المناسب، وهي مسألة تحتاج إلى معالجة قبل إطلاق الاتحاد النقدي الخليجي.

وكان المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قرر في اجتماعه الثاني والعشرين الذي استضافته مسقط في ديسمبر 2001 تأسيس اتحادٍ نقديّ وإصدار عملة خليجية موحدة بحلول الأول من يناير 2010.

5 معايير

وتعتبر كل واحدة من الدول الأعضاء مسؤولة عن وضع سياسات اقتصادية كلية متوافقة مع هذا الهدف، وبالأخص تحقيق مستوىً عالٍ من التنسيق بين دول المجلس في المجالات الأساسية، وفي مقدمتها السياسة المالية، وعمليات النقد، والقوانين المصرفية، والاستقرار المالي. وفي ديسمبر 2005، صادق المجلس الأعلى في جلسته السادسة والعشرين التي عقدت في أبوظبي، على معايير الأداء الاقتصادي المطلوبة للتقارب بين دول المجلس ولضمان نجاح الاتحاد النقدي.

وتضم هذه المعايير الخمسة:

1. معدلات التضخم
2. أسعار الفائدة
3. مدى كفاية احتياطات السلطة النقدية من النقد الأجنبي
4. نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي
5. نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي .

وقد أوعز المجلس الأعلى إلى اللجنة الفنية لشؤون الاتحاد النقدي ـ المؤلفة من لجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي (والتي تضم وزراء مالية الدول الأعضاء)، ولجنة محافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية في دول المجلس – لاقتراح تعريفات وأهداف محددة للمعايير الواردة أعلاه ورفعها إلى المجلس الأعلى للمصادقة عليها في جلسته السابعة والعشرين.

وقد صاغت اللجنة الفنية ستة أهداف، مستوحاة في أغلبها من «معايير ماستريخت»:

1ـ لا يزيد معدل التضخم في أي من الدول الأعضاء عن المتوسط المرجّح لمعدلات التضخم في دول المجلس زائدا 2%.
2. لا يزيد سعر الفائدة في أي منها عن متوسط أدنى ثلاثة أسعار الفائدة قصيرة الأجل في دول المجلس زائداً 2%.
3. يجب أن تكون احتياطات السلطة النقدية من النقد الأجنبي في كل دولة من الدول الأعضاء كافية لتغطية وارداتها السلعية لمدة لا تقل عن 4 أشهر.
4. لا تزيد نسبة العجز السنوي في المالية الحكومية إلى الناتج المحلي الإجمالي في الدول الأعضاء عن 3% من الناتج المحلي الإجمالي.
5. لا تتجاوز نسبة الدين العام للحكومة العامة 60% من الناتج المحلي الإجمالي، ولا تتجاوز نسبة الدين العام للحكومة المركزية 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
6. يجب أن تحافظ عملات دول الخليج على سعر صرف ثابت مقابل الدولار الأميركي.


أهم القرارات
واتخذ المجلس الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي في جلسته السابعة والعشرين، التي استضافتها الرياض في ديسمبر 2006، عدداً من القرارات الأخرى هي:

أ‌. مواصلة الخطوات التحضيرية لتأسيس الاتحاد النقدي وإصدار عملة موحدة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفقاً للجدول الزمني المحدد من قبل المجلس الأعلى في اجتماعه الثاني والعشرين (مسقط، ديسمبر 2001).

ب‌. الإيعاز إلى اللجان ذات الصلة لتكثيف جهودها للاتفاق على القوانين واللوائح المطلوبة لإطلاق الاتحاد النقدي في وقته المحدد. ت‌. الإيعاز إلى اللجنة الفنية للاتحاد النقدي لإتمام النقاشات حول كيفية حساب معايير الانضمام إلى الاتحاد النقدي، وتحديد تعريفاتها وأهدافها، وتفويض لجنة التعاون المالي والاقتصادي بمنح الموافقة النهائية على هذه المعايير.

وأعربت السلطات العُمانية في يناير 2007 عن نيتها التريث في الانضمام إلى الاتحاد النقدي حتى مرحلةٍ لاحقة.
وللتأكيد على استمرار العملية بالرغم من تأخر عُمان وانتشار شائعات حول تأخير قيام الاتحاد النقدي، فقد شدد المجلس الأعلى مجدداً في آخر جلسة له في ديسمبر 2007 على قراره المضي قدماً في إتمام الاتحاد النقدي في موعده المحدد في الأول من يناير 2010. ويعد تجديد الالتزام على أعلى المستويات دليلاً واضحاً بأن المشروع يحظى بدعم صناع القرار الرئيسيين، وبالتالي فإنه من شأن أي إخلال بالموعد أن يؤثر بشكل كبير على مصداقية هذه السلطات.


مصير مصرف الخليج المركزي
تتمثل إحدى الخطوات الأساسية في إطار التحضير للاتحاد النقدي في تحديد هيكلية الحكومة والإدارة المؤسسية والتصميم لمصرف الخليج المركزي. وقد شهدت هذه النقطة نقاشاً واسعاً بين سلطات دول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن القليل فقط رشح عن ذلك حتى الآن، وهي تشكل العقبة الرئيسية الأخيرة أمام الاتحاد النقدي، مما يستوجب تسليط الضوء على هذه العملية.

وقد طلبت لجنة محافظي مؤسسات النقد والمصارف المركزية في عام 2006 من المصرف المركزي الأوروبي إجراء دراسة حول الإطار التنظيمي للمصرف المركزي المشترك ضمن مجموعة من التوجيهات التي تحظى بموافقة اللجنة.

ووضعت الدراسة التي أجراها المصرف المركزي الأوروبي تصوراً للعملية من مرحلتين: أولاً، تشكيل هيئة نقد لإدارة التحضيرات اللازمة للوصول إلى الاتحاد النقدي، وفيما بعد نقل السلطة إلى المصرف المركزي الخليجي. وتتضمن الدراسة أهدافاً ووظائف وهيكلاً تنظيمياً للمصرف المركزي الخليجي، وعلاقاته مع المصارف المركزية الوطنية.

وبناء على هذه الدراسة، وبعد مناقشات ضمن لجنة مؤقتة، تعاونت الأمانة العامة لمجلس دول التعاون الخليجي العربية مع المصرف المركزي الأوروبي في إعداد مسودة اتفاقية بشأن إقامة هيئة نقد. إلا أن هذه المسودة لم تحظ بالإجماع وخضعت لمزيد من التمحيص من قبل الأمانة العامة ولجنة المحافظين.

ولكن لجنة المحافظين وافقت في 9 يونيو 2008 على مسودة نص سيتم رفعها في 17 سبتمبر2008 إلى لجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي من أجل الحصول على موافقتها. وستكون الخطوة النهائية في نهاية العام الحالي عندما يحين موعد توقيع الوثيقة النهائية من قبل قادة دول مجلس التعاون الخليجي في قمتهم السنوية.

أما القضايا الأخرى التي تعكف اللجان المتعددة على معالجتها في الوقت الحاضر، فتشمل أنظمة الدفع والتسوية، وإدارة الدين العام، وأخيراً وليس آخراً تصميم الأوراق النقدية وطباعتها وإصدارها.


مصادر البيانات
يستند هذا التقرير الى آخر البيانات المتوافرة في 31 يوليو 2008، وعند عدم توافر معلومات وافية من مصادر رسمية، استقيناها من «صندوق النقد الدولي» و«ستاندرد أند بورز». وسيتم إعداد تقرير مماثل دوريا لتزويد الأسواق، وصانعي السياسة، وقطاع الأعمال، والجمهور بشكل عام، بمصدر معلومات موثوق حول التقدم الحاصل في مسيرة الاتحاد النقدي الخليجي.