العبيـدلي
28-08-2008, 06:15 PM
حلول لتفادي الرهن السعودي أزمة الرهون الأمريكية؟
الاقتصادية - طلعت زكي حافظ 28/08/2008
أنهى مجلس الشورى السعودي أخيرا التصويت على منظومة عقارية تتكون من أربعة مشاريع جديدة، أتت في مقدمتها وعلى رأسها من حيث الأهمية والأولوية، نظام الرهن العقاري المسجل، الذي يتوقع له بمساندة الأنظمة العقارية الأخرى الصادرة عن مجلس الشورى، وهي: نظام التمويل العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام التأجير التمويلي، أن يحدث تطوراً كبيراً في مجال بيع وشراء الوحدات السكنية، بما في ذلك تشجيع المستثمرين في مجال التمويل العقاري، على التوسع في منح القروض العقارية وقروض الإسكان.
استقبل أفراد المجتمع السعودي والأوساط التجارية والاستثمارية والمالية والتمويلية، قرار مجلس الشورى السعودي بالموافقة على نظام الرهن العقاري المسجل باهتمام كبير، لكون النظام سيعمل على المساهمة الفاعلة في حل مشكلة الإسكان، التي تعانيها السعودية، بسبب الفجوة الكبيرة الحاصلة بين الطلب والعرض على المساكن، حيث تقدر بعض الإحصائيات أن سوق الإسكان السعودي في حاجة إلى نحو 5.4 مليون وحدة سكنية جديدة بحلول عام 2020، كما يتوقع أن يتم بناء نحو 2.3 مليون وحدة سكنية في السعودية حتى عام 2020، بمعدل يساوي 145 ألف وحدة سكنية سنوياً، بإجمالي حجم استثمارات قد تصل إلى نحو تريليون ريال سعودي.
رغم الاهتمام الكبير وكما أسلفت الذي حظي به صدور قرار الرهن العقاري المسجل من قبل أفراد المجتمع السعودي، بما في ذلك مؤسساته المالية والتمويلية والاستثمارية، إلا أن هناك العديد من التساؤلات التي تلوح في الأفق، حول قدرة مواد النظام على تفادي وقوع الرهن العقاري في أزمة رهون عقارية، مماثلة لتلك التي وقعت في الولايات المتحدة وفي دول عالمية أخرى، والتي تسببت في حدوث خسائر مالية كبيرة في سوق الرهونات العقارية العالمية تقدر بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي، نتيجة للتوسع والاندفاع الكبير في منح الائتمان العقاري من جهة، والذي تزامن مع تراجع في أداء القطاع وتدن في مستوى الجدارة الائتمانية من جهة أخرى.
دكتور أسامة أبوغرارة رئيس اللجنة المالية في مجلس الشورى السعودي خفف من حدة القلق الذي يساور البعض بخصوص نظام الرهن العقاري السعودي المسجل، واحتمالية وقوعه في مشكلة مماثلة لأزمة الرهون العقارية، التي وقعت في الولايات المتحدة، من خلال تصريح نشر له في جريدة "الاقتصادية" في العدد 5378، حينما أوضح أن مشاريع الأنظمة العقارية الجديدة الأربعة جاءت بأحكام تفادت مشكلات أزمة الرهون العقارية العالمية، التي وقعت في الولايات المتحدة وفي دول عالمية أخرى، ذلك بإقرارها عدم منح التمويل العقاري إلا لمن يملك القدرة على الوفاء بسداده، هذا إلى جانب أنه قد تم صياغة تلك الأنظمة بأسلوب تم فيه مراعاة تحقيق التوازن بين منح القروض وتوفير الحماية اللازمة للمواطن والاقتصاد الوطني على حد سواء.
في رأيي لكي يتم تفادي وقوع نظام الرهن العقاري السعودي المسجل بمشكلة مماثلة لتلك التي وقعت في الولايات المتحدة أو في غيرها من دول العالم، فإن الأمر يتطلب اتباع الخطوات الحمائية والوقائية التالية: (1) تعزيز مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع السعودي بالأهمية الاقتصادية للرهن العقاري، بما في ذلك المخاطر التي تكتنف مثل هذا النوع من التمويل، وبالذات فيما يتعلق بتجاوز القدرة الاستيعابية لدخل الفرد وعدم الموازنة بين الالتزامات المالية المترتبة عن الرهن العقاري والالتزامات المالية الأخرى. (2) تشديد الرقابة على مؤسسات التمويل العقاري، للتأكد من توافر الجدارة الائتمانية المطلوبة المرتبطة بمنح القروض العقارية، بعيدا عن الاندفاع في التوسع والمبالغة في منح ذلك النوع من الائتمان. (3) استكمال التشريعات وتفعيل تطبيق الأنظمة والقوانين المساندة لأنظمة التمويل العقاري المختلفة، مثال نظام التثمين والتقييم العقاري، ونظام كود البناء السعودي وخلاف ذلك. (4) تشجيع أفراد المجتمع على البعد عن المبالغة في تصميم المباني والتجهيزات الخاصة بها، بغرض التقليل من تكاليف البناء، مما سيقلل من حجم التمويل اللازم لبناء المساكن، والذي بدوره سيساعد على التحكم في حجم وقيمة الرهونات العقارية الممنوحة للأفراد بما في ذلك المخاطر. (5) توفير البيئة الآمنة قانونياً ونظامياً للمتعاملين في سوق الرهن العقاري، تفادياً ومنعاً لظهور شركات تسويق وتمويل عقار وهمية، تمارس النصب والاحتيال على المواطنين، الأمر الذي سيعزز من ثقة المستثمرين والمتعاملين في السوق، (6) فتح سوق الرهن العقاري للمستثمرين الأجانب بشكل تدريجي، بهدف المزج بين الخبرات المحلية والأجنبية، وبغرض كذلك إثراء السوق المحلي بالخبرات الأجنبية المتراكمة لسنوات طويلة في مجال الرهن العقاري. (7) توفير قاعدة معلومات وبيانات قوية عن سوق الرهن العقاري، بما في ذلك عن المتعاملين في السوق بهدف تفادي حدوث أي نوع من أنواع الازدواجية في عمليات الرهن العقاري، وذلك منعا لتجاوز الطاقة الاستيعابية الائتمانية للمتعاملين في السوق.
خلاصة القول، أن إقرار نظام الرهن العقار المسجل من قبل مجلس الشورى السعودي، يتوقع له أن يحدث نقلة نوعية وتطورا كبيرا في سوق العقار وكذلك في سوق شراء وبيع الوحدات السكنية، لاسيما في سوق ظل متعطشا لوقت طويل من الزمن لهذا النوع من الأدوات الائتمانية، ولكن في رأيي لكي يتحقق عن هذا النظام الأهداف المرجوة منه، لابد من وضع الضوابط والتنظيمات والتشريعات اللازمة لعمل النظام، حيث نكفل أن النظام يعمل في بيئة آمنة بعيدة عن الممارسات الخاطئة، التي قد تتسبب - لا سمح الله - في وقوع الرهن العقاري السعودي في مشاكل مماثلة لتلك التي وقعت في دول متعددة من العالم، والله من وراء القصد.
الاقتصادية - طلعت زكي حافظ 28/08/2008
أنهى مجلس الشورى السعودي أخيرا التصويت على منظومة عقارية تتكون من أربعة مشاريع جديدة، أتت في مقدمتها وعلى رأسها من حيث الأهمية والأولوية، نظام الرهن العقاري المسجل، الذي يتوقع له بمساندة الأنظمة العقارية الأخرى الصادرة عن مجلس الشورى، وهي: نظام التمويل العقاري، ونظام مراقبة شركات التمويل، ونظام التأجير التمويلي، أن يحدث تطوراً كبيراً في مجال بيع وشراء الوحدات السكنية، بما في ذلك تشجيع المستثمرين في مجال التمويل العقاري، على التوسع في منح القروض العقارية وقروض الإسكان.
استقبل أفراد المجتمع السعودي والأوساط التجارية والاستثمارية والمالية والتمويلية، قرار مجلس الشورى السعودي بالموافقة على نظام الرهن العقاري المسجل باهتمام كبير، لكون النظام سيعمل على المساهمة الفاعلة في حل مشكلة الإسكان، التي تعانيها السعودية، بسبب الفجوة الكبيرة الحاصلة بين الطلب والعرض على المساكن، حيث تقدر بعض الإحصائيات أن سوق الإسكان السعودي في حاجة إلى نحو 5.4 مليون وحدة سكنية جديدة بحلول عام 2020، كما يتوقع أن يتم بناء نحو 2.3 مليون وحدة سكنية في السعودية حتى عام 2020، بمعدل يساوي 145 ألف وحدة سكنية سنوياً، بإجمالي حجم استثمارات قد تصل إلى نحو تريليون ريال سعودي.
رغم الاهتمام الكبير وكما أسلفت الذي حظي به صدور قرار الرهن العقاري المسجل من قبل أفراد المجتمع السعودي، بما في ذلك مؤسساته المالية والتمويلية والاستثمارية، إلا أن هناك العديد من التساؤلات التي تلوح في الأفق، حول قدرة مواد النظام على تفادي وقوع الرهن العقاري في أزمة رهون عقارية، مماثلة لتلك التي وقعت في الولايات المتحدة وفي دول عالمية أخرى، والتي تسببت في حدوث خسائر مالية كبيرة في سوق الرهونات العقارية العالمية تقدر بأكثر من 50 مليار دولار أمريكي، نتيجة للتوسع والاندفاع الكبير في منح الائتمان العقاري من جهة، والذي تزامن مع تراجع في أداء القطاع وتدن في مستوى الجدارة الائتمانية من جهة أخرى.
دكتور أسامة أبوغرارة رئيس اللجنة المالية في مجلس الشورى السعودي خفف من حدة القلق الذي يساور البعض بخصوص نظام الرهن العقاري السعودي المسجل، واحتمالية وقوعه في مشكلة مماثلة لأزمة الرهون العقارية، التي وقعت في الولايات المتحدة، من خلال تصريح نشر له في جريدة "الاقتصادية" في العدد 5378، حينما أوضح أن مشاريع الأنظمة العقارية الجديدة الأربعة جاءت بأحكام تفادت مشكلات أزمة الرهون العقارية العالمية، التي وقعت في الولايات المتحدة وفي دول عالمية أخرى، ذلك بإقرارها عدم منح التمويل العقاري إلا لمن يملك القدرة على الوفاء بسداده، هذا إلى جانب أنه قد تم صياغة تلك الأنظمة بأسلوب تم فيه مراعاة تحقيق التوازن بين منح القروض وتوفير الحماية اللازمة للمواطن والاقتصاد الوطني على حد سواء.
في رأيي لكي يتم تفادي وقوع نظام الرهن العقاري السعودي المسجل بمشكلة مماثلة لتلك التي وقعت في الولايات المتحدة أو في غيرها من دول العالم، فإن الأمر يتطلب اتباع الخطوات الحمائية والوقائية التالية: (1) تعزيز مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع السعودي بالأهمية الاقتصادية للرهن العقاري، بما في ذلك المخاطر التي تكتنف مثل هذا النوع من التمويل، وبالذات فيما يتعلق بتجاوز القدرة الاستيعابية لدخل الفرد وعدم الموازنة بين الالتزامات المالية المترتبة عن الرهن العقاري والالتزامات المالية الأخرى. (2) تشديد الرقابة على مؤسسات التمويل العقاري، للتأكد من توافر الجدارة الائتمانية المطلوبة المرتبطة بمنح القروض العقارية، بعيدا عن الاندفاع في التوسع والمبالغة في منح ذلك النوع من الائتمان. (3) استكمال التشريعات وتفعيل تطبيق الأنظمة والقوانين المساندة لأنظمة التمويل العقاري المختلفة، مثال نظام التثمين والتقييم العقاري، ونظام كود البناء السعودي وخلاف ذلك. (4) تشجيع أفراد المجتمع على البعد عن المبالغة في تصميم المباني والتجهيزات الخاصة بها، بغرض التقليل من تكاليف البناء، مما سيقلل من حجم التمويل اللازم لبناء المساكن، والذي بدوره سيساعد على التحكم في حجم وقيمة الرهونات العقارية الممنوحة للأفراد بما في ذلك المخاطر. (5) توفير البيئة الآمنة قانونياً ونظامياً للمتعاملين في سوق الرهن العقاري، تفادياً ومنعاً لظهور شركات تسويق وتمويل عقار وهمية، تمارس النصب والاحتيال على المواطنين، الأمر الذي سيعزز من ثقة المستثمرين والمتعاملين في السوق، (6) فتح سوق الرهن العقاري للمستثمرين الأجانب بشكل تدريجي، بهدف المزج بين الخبرات المحلية والأجنبية، وبغرض كذلك إثراء السوق المحلي بالخبرات الأجنبية المتراكمة لسنوات طويلة في مجال الرهن العقاري. (7) توفير قاعدة معلومات وبيانات قوية عن سوق الرهن العقاري، بما في ذلك عن المتعاملين في السوق بهدف تفادي حدوث أي نوع من أنواع الازدواجية في عمليات الرهن العقاري، وذلك منعا لتجاوز الطاقة الاستيعابية الائتمانية للمتعاملين في السوق.
خلاصة القول، أن إقرار نظام الرهن العقار المسجل من قبل مجلس الشورى السعودي، يتوقع له أن يحدث نقلة نوعية وتطورا كبيرا في سوق العقار وكذلك في سوق شراء وبيع الوحدات السكنية، لاسيما في سوق ظل متعطشا لوقت طويل من الزمن لهذا النوع من الأدوات الائتمانية، ولكن في رأيي لكي يتحقق عن هذا النظام الأهداف المرجوة منه، لابد من وضع الضوابط والتنظيمات والتشريعات اللازمة لعمل النظام، حيث نكفل أن النظام يعمل في بيئة آمنة بعيدة عن الممارسات الخاطئة، التي قد تتسبب - لا سمح الله - في وقوع الرهن العقاري السعودي في مشاكل مماثلة لتلك التي وقعت في دول متعددة من العالم، والله من وراء القصد.