The future
01-09-2008, 02:16 AM
مخطئ تماماً مَنْ يعتقد أن كشف المتورّطين في قضايا فساد له تأثيرات سلبية في سمعة الدولة واقتصادها، ومخطئ أيضاً من يعتقد أن القبض على الموظفين الفاسدين وتحويلهم للعدالة عامل طارد للاستثمارات الأجنبية وعائق أمام تدفق رؤوس الأموال إلى الدولة.
المنطق يقول إن العكس هو الصحيح، الشفافية والوضوح والرقابة وملاحقة الفاسدين هي عوامل مطمئنة للمستثمرين والشركات العالمية، وتطبيق القانون على الجميع يرفع أسهم وسمعة أي دولة إلى الأعلى وليس العكس.. ومحاصرة الفساد ومحاربته أهم خطوات الحفاظ على أموال الدولة والمستثمرين وحفظ المكتسبات والمقدرات، وتقليل نسبة الموظفين المرتشين من علامات الاقتصاد الناجح، والسوق المميزة التي يكثر الطلب عليها.
الأمثلة على ذلك كثيرة وكثيرة جداً، والدول التي تحتل مراتب متقدمة في الفساد وانتشار الرشوة هي دول ضعيفة اقتصادياً، أما الدول التي تحظى بسمعة قانونية جيدة فهي الدول التي تزخر بالاستثمار الأجنبي، وهي التي تحتل الصدارة في خطط انتشار الشركات العالمية العابرة للقارات.
وفي حالة دولتنا، فإن النمو الاقتصادي السريع الذي حققته دبي على سبيل المثال، لم يكن بسبب عوائد النفط، بل كان في جانب الخدمات الاقتصادية والسياحية التي تقدمها المدينة، وتميزت فيها عن غيرها من مدن المنطقة والعالم، كما أن سمعة الإمارة، ونزاهتنا، والتسهيلات التي تمنح للمستثمرين جميعاً من دون محاباة أو لمن يدفع أكثر هو السبب الحقيقي لنمو الطلب والإقبال على الاستثمار في دبي. وحتى نحافظ على مكانة دبي وكل إمارات الدولة، لابد أن نستمر في الشفافية والنزاهة وتقديم الخدمة لمن يستحق لا لمن «يدفع». ولكي نتأكد من ذلك لابد من مواجهة الظواهر الحديثة التي بدأت تتشكل أخيراً على الساحة الاقتصادية خصوصاً في الشركات العقارية التي تحدثت عنها بالأمس، ونتج عنها ظهور فئة من الموظفين لا نستطيع أبداً إنكار وجودها من الفاسدين والمرتشين واللاعبين بحرفية من تحت الطاولة.
الظاهرة مازالت في بدايتها، وبالتالي فإن القضاء عليها في هذا التوقيت هو الأفضل قبل أن تستفحل وتنتشر، وللقضاء عليها لابد من الحزم والشدة وتطبيق القانون على من يثبت تورّطه مهما كان ومهما كانت جنسيته، ولا مجال للعاطفة التي تضر بالبلد ومكتسباته وسمعته، فمن يحب الإمارات لن يقبل أبداً الإساءة لها مهما كان حجم هذه الإساءة، فما بالكم بقبول رشوة أو اختلاس أو استغلال منصب أو أخذ أموال من غير وجه حق.
لا مجال الآن للتستر والتكتم الذي لا يؤدي إلا إلى استفحال وانتشار الظاهرة، ولا علاقة قانونية ولا منطقية بين «التشهير» وبين الكشف عن المتورطين إذا تم التأكد من تورطهم وثبوت ضلوعهم في الفساد، فالإعلان عن المذنب جزء من العقاب وردع لمن يفكر في السير نحو خطوات الفساد نفسها، والإعلان عن المتورطين يشيع جواً من الاطمئنان، ويرفع سمعة الدولة عالياً لا العكس.
"كل نفس بما كسبت رهينة»، ومن أراد الرزق الحلال فهو موجود، ومن تساور له نفسه الانزلاق نحو أودية الفساد فليتحمل نتيجة عمله، والحزم هو السبيل للحفاظ على أموال البلد، ومكتسباته، وتطبيق القانون على
الجميع هو الخيار الأمثل لمكافحة الفساد والقضاء عليه.
الكاتب الصحفي سامي الريامي
رئيس تحرير جريدة الامارات اليوم
المنطق يقول إن العكس هو الصحيح، الشفافية والوضوح والرقابة وملاحقة الفاسدين هي عوامل مطمئنة للمستثمرين والشركات العالمية، وتطبيق القانون على الجميع يرفع أسهم وسمعة أي دولة إلى الأعلى وليس العكس.. ومحاصرة الفساد ومحاربته أهم خطوات الحفاظ على أموال الدولة والمستثمرين وحفظ المكتسبات والمقدرات، وتقليل نسبة الموظفين المرتشين من علامات الاقتصاد الناجح، والسوق المميزة التي يكثر الطلب عليها.
الأمثلة على ذلك كثيرة وكثيرة جداً، والدول التي تحتل مراتب متقدمة في الفساد وانتشار الرشوة هي دول ضعيفة اقتصادياً، أما الدول التي تحظى بسمعة قانونية جيدة فهي الدول التي تزخر بالاستثمار الأجنبي، وهي التي تحتل الصدارة في خطط انتشار الشركات العالمية العابرة للقارات.
وفي حالة دولتنا، فإن النمو الاقتصادي السريع الذي حققته دبي على سبيل المثال، لم يكن بسبب عوائد النفط، بل كان في جانب الخدمات الاقتصادية والسياحية التي تقدمها المدينة، وتميزت فيها عن غيرها من مدن المنطقة والعالم، كما أن سمعة الإمارة، ونزاهتنا، والتسهيلات التي تمنح للمستثمرين جميعاً من دون محاباة أو لمن يدفع أكثر هو السبب الحقيقي لنمو الطلب والإقبال على الاستثمار في دبي. وحتى نحافظ على مكانة دبي وكل إمارات الدولة، لابد أن نستمر في الشفافية والنزاهة وتقديم الخدمة لمن يستحق لا لمن «يدفع». ولكي نتأكد من ذلك لابد من مواجهة الظواهر الحديثة التي بدأت تتشكل أخيراً على الساحة الاقتصادية خصوصاً في الشركات العقارية التي تحدثت عنها بالأمس، ونتج عنها ظهور فئة من الموظفين لا نستطيع أبداً إنكار وجودها من الفاسدين والمرتشين واللاعبين بحرفية من تحت الطاولة.
الظاهرة مازالت في بدايتها، وبالتالي فإن القضاء عليها في هذا التوقيت هو الأفضل قبل أن تستفحل وتنتشر، وللقضاء عليها لابد من الحزم والشدة وتطبيق القانون على من يثبت تورّطه مهما كان ومهما كانت جنسيته، ولا مجال للعاطفة التي تضر بالبلد ومكتسباته وسمعته، فمن يحب الإمارات لن يقبل أبداً الإساءة لها مهما كان حجم هذه الإساءة، فما بالكم بقبول رشوة أو اختلاس أو استغلال منصب أو أخذ أموال من غير وجه حق.
لا مجال الآن للتستر والتكتم الذي لا يؤدي إلا إلى استفحال وانتشار الظاهرة، ولا علاقة قانونية ولا منطقية بين «التشهير» وبين الكشف عن المتورطين إذا تم التأكد من تورطهم وثبوت ضلوعهم في الفساد، فالإعلان عن المذنب جزء من العقاب وردع لمن يفكر في السير نحو خطوات الفساد نفسها، والإعلان عن المتورطين يشيع جواً من الاطمئنان، ويرفع سمعة الدولة عالياً لا العكس.
"كل نفس بما كسبت رهينة»، ومن أراد الرزق الحلال فهو موجود، ومن تساور له نفسه الانزلاق نحو أودية الفساد فليتحمل نتيجة عمله، والحزم هو السبيل للحفاظ على أموال البلد، ومكتسباته، وتطبيق القانون على
الجميع هو الخيار الأمثل لمكافحة الفساد والقضاء عليه.
الكاتب الصحفي سامي الريامي
رئيس تحرير جريدة الامارات اليوم