المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : »: قطر الأفضل خليجياً في النمو الاقتصادي الاسمي لكن الكويت تتفوق عليها في «الحقيقي»



مغروور قطر
05-09-2008, 12:45 PM
استثمارات دول المنطقة في الخارج تحتاج إلى وقت لتساهم في رفع مستوى معيشة الأجيال القادمة
«الوطني»: قطر الأفضل خليجياً في النمو الاقتصادي الاسمي لكن الكويت تتفوق عليها في «الحقيقي»





أشار بنك الكويت الوطني في تقريره الاقتصادي الأخير الى أنه مع صدور بيانات الناتج المحلي الاجمالي عن عام 2007 لكافة الدول الخليجية باستثناء البحرين، فان قراءة وتفسير تطورات هذه البيانات ومدلولاتها يتطلب درجة من التأني. فكما هو معلوم، فان تقدير قيمة الناتج المحلي الاجمالي لأي اقتصاد يتم عن طريق احتساب القيمة المضافة في كافة قطاعات الاقتصاد اما بالأسعار الثابتة (الحقيقية)، أي بعد استثناء أثر التغير في الأسعار على قيمة انتاج الدولة، أو بالأسعار الاسمية (الجارية) دون تحييد أثر التغير في الأسعار. وهنا يبرز التساؤل: أي هذه الطرق تعطي صورة أوضح عن أداء الاقتصادات الخليجية؟

يلاحظ في معظم الدول المتقدمة أنه من النادر أن يبرز خلاف في تفسير الفرق ما بين أرقام النمو الاسمي والنمو الحقيقي لاقتصاداتها، حيث ان كلا هذين الرقمين لا يبتعد كثيراً عن الآخر، ويبقى هذا الفارق بحدود 2 الى 3 نقاط مئوية. أما في حالة الدول الخليجية، فان هذا الفرق قد أصبح شاسعاً في السنوات الأخيرة. فقد بلغ معدل النمو الاسمي لكافة دول الخليج ما متوسطه %18 خلال الفترة ما بين عامي 2002 و2007، أي متجاوزا لمعدل النمو بالاسعار الحقيقية بنحو %11 كما يبرز أيضاً تباين واضح في أداء الاقتصادات الخليجية كل على حدة. فعلى سبيل المثال، بلغ متوسط النمو الاسمي لدولة قطر نحو %29 سنوياً، متجاوزاً لنموه الحقيقي بنحو 18 نقطة مئوية، في حين أن حجم هذه الفجوة يتراجع الى 9 نقاط مئوية في دولة البحرين. اضافة الى ذلك، فان التمييز في النمو الاقتصادي ما بين اسمي وحقيقي يؤثر على درجة تقييمنا لأداء الدول الخليجية، فدولة قطر تعتبر الأفضل خليجياً تبعاً لمقياس النمو الاسمي، في حين أن أداء دولة الكويت يعتبر أفضل بكثير من قطر تبعاً لمقياس النمو الحقيقي.

وقد يكون التساؤل الأهم: أي هذه المقاييس يعطي صورة أوضح عن التغير في مستويات المعيشة لدول الخليج؟ فبما أن الفرق ما بين معدلات النمو الاسمي والحقيقي يعكس ببساطة التغير في مستويات الأسعار، فقد يعتقد أن أفضل الطرق لقياس مستوى التغير الفعلي في مستويات المعيشة يتمثل في استخدام أرقام النمو الحقيقي على غرار ما يجري في دول العالم الأخرى. وفي تلك الحالة، فان الأداء الاقتصادي لكافة دول الخليج يعتبر اقل اشراقاً مما توحي اليه أرقام النمو الاسمي.

وبما أن الدول الخليجية تعتبر مصدراً رئيسياً للنفط على المستوى العالمي، فان التغير في أسعار النفط له أثر ملحوظ على القوة الشرائية لهذه الدول. فالدول الخليجية الأربع التي تعتبر منتجاً رئيسياً للنفط قد قامت بانتاج ما جملته 17 مليون برميل يومياً من النفط الخام والغاز الطبيعي المسال في عام 2007، الا أنها كانت قد استهلكت أقل من 3 ملايين برميل يومياً من هذا الانتاج. وهذا يعني أن ارتفاع سعر برميل النفط بدولار واحد يعزز الدخل المحلي لهذه الدول بما يزيد عن خمسة أضعاف الزيادة في التكلفة. وفي الواقع، فان تزايد مستويات الدخل في دول الخليج حالياً يعكس تحسناً في «شروط التبادل التجاري»، حيث ان ارتفاع أسعار الصادرات النفطية قد تجاوز متوسط ارتفاع أسعار الواردات، مما ترتب عليه حدوث تحويل في الدخل من الدول المستوردة للنفط لصالح الدول المنتجة للنفط.



إيجابيات وسلبيات

ومع أن التحسن في شروط التبادل التجاري قد يكون ايجابياً على صعيد مستويات المعيشة، الا أنه ليس بالدرجة التي ارتفعت فيها أسعار النفط. فبداية، ومع أن التحسن في مستويات المعيشة قد يكون أكبر وأسرع مما توحيه أرقام النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي، الا أن معظم هذه الزيادة في الايرادات النفطية قد عادت على الحكومات التي تتولى ادارة القطاع النفطي، وليس على عامة الناس مباشرة. فجزء من عوائد النفط يتم اعادة توجيهه للصرف على مشاريع البنية التحتية، وعلى زيادة رواتب وأجور العاملين في القطاع العام والخدمات الاجتماعية وبرامج الدعم بشكل عام، وهذه في النهاية تصب في صالح المستهلك. ولكن هناك جزء كبير من عوائد النفط يتم ادخاره عن طريق الحكومات الخليجية وينتهي به المطاف كاستثمار في الخارج. وبالطبع، يفترض في مثل هذه الاستثمارات أن تسهم في رفع مستويات المعيشة للأجيال القادمة من مواطني دول الخليج، الا أن ذلك سيتطلب بعض الوقت قبل أن يتحقق.

وبالطبع، فكما يؤدي ارتفاع أسعار النفط الى تحسن مستويات المعيشة بدرجة أكبر مما تشير اليه أرقام النمو الحقيقي في الناتج المحلي الاجمالي، فان العكس صحيح في حال تراجع أسعار النفط. وبما أن أسعار النفط قد ارتفعت بشكل ملحوظ على امتداد السنوات الست الماضية، فان عودة مستويات المعيشة الى مستوياتها التي سادت قبل سنوات يتطلب هبوطاً حاداً في أسعار النفط، وهذا ما لا يتوقعه الا القليل من المحللين رغم التراجع الذي شهدته الأسعار في الآونة الأخيرة. والنقطة الهامة هنا أن أسعار النفط ستكون بحاجة أن تواصل مسيرة ارتفاعها حتى يتسنى المحافظة على وتيرة النمو في مستويات المعيشة الحالية. وعندما تبدأ أسعار النفط بالثبات، فان معدل النمو الحقيقي في الناتج المحلي الاجمالي سيصبح المقياس الأدق لتقييم التغير في الأداء الاقتصادي، مع الأخذ بعين الاعتبار النقلة النوعية التي حصلت في مستويات المعيشة.


تاريخ النشر 05/09/2008
جريدة الوطن الكويتية