المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلق الانسان علمه البيان...



عاشق الشهادة
05-09-2008, 01:39 PM
بسم الله الرحمن الرحيم




نعمة البيان من أجل النعم التى أسبغها الله على الإنسان وكرمه بهاعلى سائرالخلق قال تعالى( الرحمن علم القرءان خلق الإنسان علمه البيان). وعلى قدر جلال النعمة يعظم حقها. ويُستوجب شكرها ويُستنكر كنودها. وقد بين الإسلام كيف يستفيد الناس من هذه النعمةالمسداةوكيف يجعلون كلامهم الذى يتردد سحابة النهار على ألسنتهم طريقا إلى الخيرالمنشودفإن أكثر الناس لاينقطع لهم كلام ولا تهدألألسنتهم حركة. فإذا ذهبت تحصى ما قالوا.وجدت جُله اللغو الضائع أو الهذر الضاروما لهذا ركب الله الألسنة فى الأفواه ولا بهذا تقدر الموهبةالمستفادةقال تعالى( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما) . وقد عُنى الإسلام عناية كبيرةبموضوع الكلام وأسلوب أدائه لأن الكلام الصادر عن إنسان مايشير إلى حقيقة عقله وطبيعة خُلقه ولأن طرائق الحديث فى جماعة ماتحكم على مستواها العام ومدى تغلغل الفضيلة فى بيئتها. ينبغى أن يسائل المرء نفسه قبل أن يتحدث إلى الآخرين. هل هناك ما يستدعى الكلام؟ فإن وجد داعياإليه تكلم وإلا فالصمت أولى به. وإعراضه عن الكلام حيث لا ضرورة له عبادة جزيلة الآجر. قال عبدالله بن مسعود رضى الله عنه: والذى لا إله غيره ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسانٍ. وقال عبد الله بن عباس رضى الله عنهما: خمس لهم أحسن من الدُّهم الموقفة(الموقف من الخيل:الجيدمنها) لا تتكلم فيما لايعنيك فإنه فضل ولا آمن عليك الوزر..! ولا تتكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعافإنه رب متكلم فى أمر يعنيه قد وضعه فى غير موضعه فعيب .. ولا تمار حليما ولا سفيها فإن الحليم يقليك وإن السفيه يؤذيك.! واذكر أخاك إذا تغيب عنك بما تحب أن يذكرك به وأعفه مما تحب أن يعفيك منه ..!واعمل عمل رجل يرى أنه مجازى بالإحسان مأخوذ بالإجرام والمسلم لا يستطيع هذا إلا إذا ملك لسانه وسيطر على زمامه بقوةفكبحه حيث يجب الصمت وضبط حين يريد المقال. أما الذين تقودهم ألسنتهم فإنما تقودهم إلى مصارعهم إن للثرثرة ضجيجا يذهب معه الرشدوأكثر الذين يتصدرون المجالس. ويتحدَّر منهم الكلام متتابعا يجزم مستمعهم بأنهم لا يستمدون حديثهم من وعى يقظ أو فكر عميق وربما ظن أن هناك انفصالا بين العقل وهذا الكلام المسترسل! والمرءحين يريد أن يستجمع أفكاره ويراجع أعماله يجنح إلى الصمت بل إنه حين يريد أن يبصر نفسه ويرتب ذهنه يفر من البيئة الصاخبة إلى ريف صامت أو ضاحية هادئة فلا جرم أن الإسلام يوصى بالصمت ويعده وسيلة ناجحة من وسائل التربية المهذبة. فمن نصائح رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى ذر(عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك ) . أجل إن اللسان حبل مرخى فى يد الشيطان يصرف صاحبه كيف شاء فإذا لم يملك الإنسان أمره كان فمه مدخلا للنفايات التى تلوث قلبه وتضاعف فوقه حجب الغفلة.وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولايستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه). وأول مراحل هذه الاستقامة أن ينفض يديه مما لا شأن له به وألا يقحم نفسه فيما لا يسأل عنه(من حسن إيمان المرء تركة ما لا يعنيه) . والبعد عن اللغومن أركان الفلاح ودلائل الاكتمال وقد ذكره القرآن الكريم بين فريضتين من فرائض الإسلام المحكمة هما الصلاة والزكاةقال الله تعالى(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون) . ولو أن العالم أجمع أحصى ما يشغل فراغه من لغو فى القول والعمل لرَاعه أن يجد أكثر القصص المنشورة والصحف المشهورة والخطب والإذاعات لغوا مطردا تعلق به الأعين وتميل إليه الآذان ولا ترجع بطائل ! وقد كره الإسلام اللغو ؛لأنه يكره التفاهات وسفساف الأمور. ثم هو مضيعة للعمر فى غير ما خلق الإنسان له من جدوإنتاج . وبقدر تنزه المسلم عن اللغو تكون درجته عند الله. عن أنس بن مالك قال: توفى رجل فقال رجل آخرورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع:أبشر بالجنة. فقال رسول الله( أولاتدرى فلعله تكلم فيما لا يعنيه أو تخل بما لا يُنقِصُهُ). واللاغى لضعف الصلة بين فكره ونطقه يرسل الكلام على عواهنه. فربما قذف بكلمة سببت بواره ودمرت مستقبله وقد قيل: من كثرلغطه كثر غلطه وقال الشاعر: يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرّجلوفى الحديث: “إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليُضحك بها المجلس يهوى بها أبعد ما بين السماء والأرض !! وإن المرء ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه فإذا تكلم المرء فليقل خيراوليعود لسانه الجميل من القول فإن التعبير الحسن عما يجول فى النفس أدب عال أخذ الله به أهل الديانات جميعا. وقد أوضح القرآن أن القول الحسن من حقيقة الميثاق المأخوذ على بنى إسرائيل على عهد موسى قال الله تعالى(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناوذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون) . والكلام الطيب العف يجمل مع الأصدقاء والأعداء جميعاوله ثماره الحلوة.فأما مع الأصدقاء فهو يحفظ مودتهم ويستديم صداقتهم ويمنع كيد الشيطان أن يُوهى حبالهم ويفسد ذات بينهم قال الله تعالى(وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا) . إن الشيطان متربص بالبشريريد أن يُوقع بينهم العداوة والبغضاء وأن يجعل من النزاع التافه عراكا داميا ولن يسد الطريق أمامه كالقول الجميل. وأما حسن الكلام مع الأعداءفهو يطفئ خصومتهم ويكسر حدتهم أو هو على الأقل يقف تطور الشر واستطاره شرره قال الله تعالى(ولاتستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).وفى تعويد الناس لطف التعبير مهما اختلفت أحوالهم يقول رسوا الله صلى الله عليه وسلم(إنكم لن تسعوا بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق). بل إنه يرى الحرمان مع الأدب أفضل من العطاء مع البذاءة قال الله تعالى(قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) . والكلام الطيب خصلةتسلك مع ضروب البر ومظاهر الفضل التى ترشح صاحبها لرضوان الله وتكتب له النعيم المقيم.روى عن أنس قال: قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم (عَلِّمنى عملا يُدخلنى الجنة ! قال:أطعم الطعام وأفشِ السلام وصل بالليل والناس نيام ? تدخل الجنة بسلام).. وقد أمر الله عزوجل بأن يكون حجاجُنا مع أصحاب الأديان الأخرى فى هذا النطاق الهادئ الكريم لا عنف فيه ولانكر إلا أن يجور علينا امرؤ أثيم فيجب كبح جماحه ومنع اعتدائه قال الله تعالى(ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) . وعظماء الرجال يلتزمون فى أحوالهم جميعا ألا تبدو منهم
لفظة نابية ويتحرجون مع صنوف الخلق أن يكونوا سفهاء أو متطاولين. روى مالك أنه بلغه عن يحيى بن سعيد أن عيسى عليه السلام مرَّ بخنزير على الطريق فقال له: أنفذ بسلام ! فقيل له:تقول هذا لخنزير فقال: إنى أخاف أن أعود لسانى النطق بالسوء . ومن الناس من يعيش صفيق الوجه شرس الطبع لا يحجزه عن المباذل يقين ولا تلزمه المكارم مروءة ولا يبالى أن يتعرض للآخرين بما يكرهون فإذا وجد مجالا يشبع فيه طبيعته النزقة الجهول انطلق على وجهه لا ينتهى له صياح ولا تنحبس له شِرَّة . والرجل النبيل لا ينبغى أن يشتبك فى حديث مع هؤلاء فإن استثارة نزقهم فساد كبير وسد ذريعته واجب ومن ثم شرع الإسلام مداراة السفهاء...............