al-fahad
06-09-2008, 02:30 AM
قطر الندى
مفهوم الهوية الوطنية
كتب نورة آل سعد :
تجتهد مسألة الهوية في طرح نفسها بإلحاح واطراد في المنطقة! وقد سبقت اليها الامارات، وها هي قطر تتبعها على الطريق نفسه! فاللغة العربية أصبحت اللغة الثانية، بل الثالثة، والإسلام أصبح دينا من الأديان الموجودة!! ويتردد ان ذلك ضريبة التنمية، ولكن أين هي تلك التنمية، فلسنا نرى الا النمو والتضخم؟ ولمن تصرف المشاريع العمرانية لنا أم للوافدين إلينا؟ يجب أن نعترف بأننا نتعامل مع مسألة الهوية بضبابية وبوصفها معطى جاهزا وكاملا وثابتاً ونهائياً، ونجحد أنها معطى تاريخي في حالة تحول وحركة دائمين، بل إننا نتصدى فكريا ونفسيا بصورة دفاعية ضد اي محاولات تنزع إلى المراجعة والتحليل والتقويم! وعلى الرغم من ذلك، فإنني أتساءل: هل كانت للهوية فاعلية حقيقية وايجابية في وظائف سياسية واجتماعية، لاسيما في توحيد المجتمع أو تحفيزه؟
كأنما ليس للهوية من قيمة سوى في إذكاء الشعور بالخصوصية والتميز، ولكنها لم تمثل قط مقومات فعلية تخلق فرصا حقيقية للتقدم وتدفع نحو توسيع المشاركة وتوحيد الجماعات والفئات والطوائف.
لقد جرى استخدام المفاهيم بوصفها شعارات سياسية وفقا لرؤى ضيقة ونفعية صاغتها ممارسات مؤقتة ومرحلية، ولطالما فرغت تلك المفاهيم من بعدها المعرفي، وتذبذبت تبعا لذلك قيمتها الفكرية وتدهورت فاعليتها الإجرائية على الأرض.
لطالما كانت مسألة الهوية تنوس بين الدين والقومية!
يمثل حلم استعادة الدولة الإسلامية طوبى تعترضها حقائق ومتغيرات، ويعرقل قيامها تنوعات عرقية وثقافية لشعوب تعيش سياقات متباينة من التطور الاقتصادي والسياسي.
اما اعلاء الهوية القومية، فمن شأنه تحفيز القوميات الاخرى غير العربية على الانفصال وتكوين مشروعات قومية مماثلة، مما يؤدي الى تقسيم الدول وتفتيتها!
ولكن السؤال المطروح هنا هو: هل الإقرار بالخصائص الوطنية للهوية يتعارض أو يلغي الخصائص الدينية أو القومية؟ وهل تعد الهوية الوطنية بديلاً من الهوية القومية والاسلامية؟
أليس تحقيق الهوية الوطنية المرتبطة بكيان سياسي واجتماعي شرطاً اولياً لا بد منه لتحقيق أي هوية أخرى أوسع واكثر امتدادا؟
ان الخيار ليس متاحا اليوم بين الهوية الشاملة ممثلة بالدين والقومية والهوية الوطنية، ولا يجدر بنا ان نجعل احداهما في مقابل الاخرى.
ان الخيار الوحيد الممكن – في وقتنا - هو خيار الهوية الوطنية!
وهو خيار يعبر عن حاجة ملحة، ولا يتعارض كذلك مع الخيارات الأخرى الاوسع نطاقا منه، بل يتكامل معها ويشرف عليها.
هل تأسست الهوية الوطنية قط على معطيات فعلية يقودها فكر سياسي وقانوني موجه الى توحيد الحراك السياسي الاجتماعي والاقتصادي في البلاد وتقويته وتفعيله؟ حراك يستند الى اقرار مبدأ المواطنة بوصفها معياراً جوهرياً ومبدأ قانونياً لضمان الحقوق والحريات والمساواة واستعادة سيادة البلاد وتحديد دورها الإقليمي والدولي.
يعد مفهوم الهوية الوطنية من ثمار المجتمع المدني في رؤيته التعاقدية للتعايش السلمي بين التعدديات، فالاعتقاد بمذاهب دينية أو الاعتزاز بأصول إثنية أو قبلية، يجب ان يكون ظاهرة طبيعية ومقبولة في مجتمعات ذات بناء دستوري وسياسي معافى تحتكم فيه كل الاختلافات العرقية والدينية الى عقد اجتماعي ضمن كيان يصبح هو الوطن لجميع المواطنين على قدم المساواة، وتحت شكل من الحكم لا يفرض قيمه ولا سلطويته ولا فئويته على الآخرين.
منقول عن القبس
نورة آل سعد
كاتبة من قطر
مفهوم الهوية الوطنية
كتب نورة آل سعد :
تجتهد مسألة الهوية في طرح نفسها بإلحاح واطراد في المنطقة! وقد سبقت اليها الامارات، وها هي قطر تتبعها على الطريق نفسه! فاللغة العربية أصبحت اللغة الثانية، بل الثالثة، والإسلام أصبح دينا من الأديان الموجودة!! ويتردد ان ذلك ضريبة التنمية، ولكن أين هي تلك التنمية، فلسنا نرى الا النمو والتضخم؟ ولمن تصرف المشاريع العمرانية لنا أم للوافدين إلينا؟ يجب أن نعترف بأننا نتعامل مع مسألة الهوية بضبابية وبوصفها معطى جاهزا وكاملا وثابتاً ونهائياً، ونجحد أنها معطى تاريخي في حالة تحول وحركة دائمين، بل إننا نتصدى فكريا ونفسيا بصورة دفاعية ضد اي محاولات تنزع إلى المراجعة والتحليل والتقويم! وعلى الرغم من ذلك، فإنني أتساءل: هل كانت للهوية فاعلية حقيقية وايجابية في وظائف سياسية واجتماعية، لاسيما في توحيد المجتمع أو تحفيزه؟
كأنما ليس للهوية من قيمة سوى في إذكاء الشعور بالخصوصية والتميز، ولكنها لم تمثل قط مقومات فعلية تخلق فرصا حقيقية للتقدم وتدفع نحو توسيع المشاركة وتوحيد الجماعات والفئات والطوائف.
لقد جرى استخدام المفاهيم بوصفها شعارات سياسية وفقا لرؤى ضيقة ونفعية صاغتها ممارسات مؤقتة ومرحلية، ولطالما فرغت تلك المفاهيم من بعدها المعرفي، وتذبذبت تبعا لذلك قيمتها الفكرية وتدهورت فاعليتها الإجرائية على الأرض.
لطالما كانت مسألة الهوية تنوس بين الدين والقومية!
يمثل حلم استعادة الدولة الإسلامية طوبى تعترضها حقائق ومتغيرات، ويعرقل قيامها تنوعات عرقية وثقافية لشعوب تعيش سياقات متباينة من التطور الاقتصادي والسياسي.
اما اعلاء الهوية القومية، فمن شأنه تحفيز القوميات الاخرى غير العربية على الانفصال وتكوين مشروعات قومية مماثلة، مما يؤدي الى تقسيم الدول وتفتيتها!
ولكن السؤال المطروح هنا هو: هل الإقرار بالخصائص الوطنية للهوية يتعارض أو يلغي الخصائص الدينية أو القومية؟ وهل تعد الهوية الوطنية بديلاً من الهوية القومية والاسلامية؟
أليس تحقيق الهوية الوطنية المرتبطة بكيان سياسي واجتماعي شرطاً اولياً لا بد منه لتحقيق أي هوية أخرى أوسع واكثر امتدادا؟
ان الخيار ليس متاحا اليوم بين الهوية الشاملة ممثلة بالدين والقومية والهوية الوطنية، ولا يجدر بنا ان نجعل احداهما في مقابل الاخرى.
ان الخيار الوحيد الممكن – في وقتنا - هو خيار الهوية الوطنية!
وهو خيار يعبر عن حاجة ملحة، ولا يتعارض كذلك مع الخيارات الأخرى الاوسع نطاقا منه، بل يتكامل معها ويشرف عليها.
هل تأسست الهوية الوطنية قط على معطيات فعلية يقودها فكر سياسي وقانوني موجه الى توحيد الحراك السياسي الاجتماعي والاقتصادي في البلاد وتقويته وتفعيله؟ حراك يستند الى اقرار مبدأ المواطنة بوصفها معياراً جوهرياً ومبدأ قانونياً لضمان الحقوق والحريات والمساواة واستعادة سيادة البلاد وتحديد دورها الإقليمي والدولي.
يعد مفهوم الهوية الوطنية من ثمار المجتمع المدني في رؤيته التعاقدية للتعايش السلمي بين التعدديات، فالاعتقاد بمذاهب دينية أو الاعتزاز بأصول إثنية أو قبلية، يجب ان يكون ظاهرة طبيعية ومقبولة في مجتمعات ذات بناء دستوري وسياسي معافى تحتكم فيه كل الاختلافات العرقية والدينية الى عقد اجتماعي ضمن كيان يصبح هو الوطن لجميع المواطنين على قدم المساواة، وتحت شكل من الحكم لا يفرض قيمه ولا سلطويته ولا فئويته على الآخرين.
منقول عن القبس
نورة آل سعد
كاتبة من قطر