المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دولة بنو العباس



alsenjari
11-09-2008, 07:55 AM
سميت الدولة العباسية بهذا الاسم، نسبة إلى العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم فمؤسس الدولة العباسية وخليفتها الأول هو أبو العباس عبد الله بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اشتهر أبو العباس بأبى العباس السفاح.

كيف آلت الخلافة إلى العباسيين؟

عندما ضعفت الدولة الأموية، تطلع الناس إلى رجل يعود بالأمة إلى الجادة والطريق الصحيح، يرفع عنهم الظلم، ويقيم فيهم العدل، ويرهب بهم الأعداء، فحسبوا أن أصلح الناس لهذا الأمر، رجل يكون من بنى هاشم، فكتبوا فى هذا الشأن إلى "أبى هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية بن على بن أبى طالب" أحد العلماء الثقات، وكان مقيمًا بالشام قريبًا من مركز الخلافة الأموية.. وما لبث أمر تلك المكاتبة أن وصل الخليفة الأموى "سليمان بن عبد الملك"، فخشى أبو هاشم على نفسه -وكانت قد تقدمت به السِّنّ- بطش الخليفة، فانتقل إلى "الحميمة" من أرض الشام؛ حيث يقيم عمه "عليّ السَّجَّاد بن عبد الله بن عباس"، وهناك حضرته منيته، فأوصى إلى "محمد بن على بن عبد الله بن عباس" بما كان من أمر الناس معه، ودفع إليه الكتب التى كتبوها إليه، وقال له: أنت صاحب هذا الأمر، وهو فى ولدك. ثم مات، وكان ذلك فى خلافة سليمان بن عبد الملك سنة 99هـ/ 718م.

وأخذ محمد العباسى فى تنفيذ ما أوصاه به أبوهاشم، فاتصل بالناس، واختار من بينهم دعاة يخرجون وينتشرون فى ربوع الدولة الأموية، يشهرون بها وينتقدون عيوبها، ويدعون إلى ضرورة أن يتولى أمر الخلافة رجل من آل البيت قادر على أن يملأ الأرض عدلا، ووجدت تلك الدعوة صدى عند الناس ورواجًا.

ويموت محمد بن على بن عبد الله بن عباس سنة 124هـ/742م، بعدما أوصى ابنه إبراهيم الملقب بالإمام بمواصلة المسيرة.

وتأخذ الدعوة العباسية عند إبراهيم الإمام صورة أخرى غير التى كانت عليها قبل ذلك، فهى لم تكن منظمة، أما الآن فقد صار لها نظام، وقادة معلومون، من أمثال أبى سلمة الخلال على الكوفة، وأبى مسلم الخراسانى على خراسان.

وما تكاد سنة 129هـ/ 747م، تقبل حتى يصدر أمر الإمام العباسى "إبراهيم بن محمد" أن يكون "أبو مسلم الخراسانى" رئيسًا للدعاة جميعًا فى خراسان وما حولها، وكلَّفه أن يجهر بالدعوة للعباسيين علنًا، وأن يعمل على جعل خراسان قاعدة للانطلاق بقواته ضد البيت الأموى.

انتقال الخلافة إلى العباسيين:

لقد صدر الأمر إلى أبى مسلم بالجهر بالدعوة للعباسيين فى عهد آخر خلفاء بنى أمية "مروان بن محمد"، ولم يلبث أبو مسلم أن دخل "مرو " عاصمة خراسان، وكاد أن يستولى عليها إلا أنه لم يتمكن من ذلك هذه المرة، وهنا أسرع الوالى على خراسان من قبل بنى أمية، وهو "نصر بن سيار" يستغيث بمروان بن محمد ويطلب منه مددًا، وينبه رجال الدولة إلى الخطر المحدق فيقول:

أَرى خَلَلَ الرَّمادِ وَميِضَ نــــارٍ - ويُوشكُ أن يَكُونَ لَهَا ضِـرَامُ
فإن النارَ بالعودين تُذْكــــــى - وإن الحربَ مبدؤها كـــــلامُ
فقلت من التعجب ليتَ شِعرى - أأيقاظ أمية أم نيـــــــــام؟

ولم يهتم بنو أمية بهذا الأمر بسبب انشغالهم بصراعات أنصارهم القدماء بالشام، وانشقاق زعماء الأمويين على أنفسهم، ولم يمدُّوا واليهم على خراسان بشىء، فأدرك أبو مسلم الخراسانى أن الوالى الأموى لن يصبر طويلا، وأن "مرو" ستفتح يومًا ما قريبًا، فأخذ يجمع العرب من حوله، ثم انقضَّ بهم على "مرو" ففتحت له، وهرب واليها "نصر بن سيار" وكان ذلك سنة 130هـ/ 748م.

وواصل أبو مسلم فتوحاته، فدانت له "بلخ" و"سمرقند" و"طخارستان" و"الطبسين" وغيرها، وتمكن من بسط سيطرته ونفوذه على خراسان جميعًا، وراح يتطلع إلى غيرها، وكان كلما فتح مكانًا أخذ البيعة من أهله على كتاب الله-عز وجل-وسنة نبيه ( "وللرضا من آل محمد"، أى يبايعون إمامّا مرضيًا عنه من آل البيت من غير أن يعِّيَنهُ لهم.

والواقع أن بنى أمية كانوا نيامًا فى آخر عهدهم، لا يعلمون من أمر القيادة الرئيسية لهذه الدعوة العباسية شيئًا، ولما وقع فى يد الخليفة (مروان بن محمد) كتاب من "الإمام إبراهيم العباسى" يحمل تعليماته إلى الدعاة، ويكشف عن خطتهم وتنظيمهم، كان منشغلا بتوطيد سلطانه المتزعزع وقمع الثائرين ضده، واكتفى الخليفة "مروان بن محمد" بأن أرسل إلى القائم بالأمر فى دمشق للقبض على الإمام "إبراهيم بن محمد" "بالحميمة" وإيداعه فى السجن، وتم القبض عليه وأودع السجن، فظل به حبيسًا إلى أن مات فى خلافة مروان بن محمد سنة 132هـ/750م. ولما علم "إبراهيم" بالمصير الذى ينتظره، وعلم أن أنصاره ومؤيديه قد واصلوا انتصاراتهم، وأن الكوفة قد دانت لهم وصارت فى قبضتهم أوصى لأخيه "أبى العباس" بالإمامة طالبًا منه أن يرحل إلى الكوفة ومعه أهل بيته؛ لينزل على داعى العباسيين بها وهو "أبو سلمة الخلال" فهناك يكون فى مأمن من رقابة الأمويين وسلطانهم

مبايعة أبى العباس:

وهناك فى الكوفة -بعد قليل من وصول آل العباس إليها- تمت مبايعة أبى العباس خليفة للمسلمين، وتوجه "أبو العباس" إلى مسجد الكوفة عقب مبايعته بالخلافة فى الثانى عشر من ربيع الأول سنة 132هـ/ 750م، وألقى على الملأ خطبة كانت بمثابة الإعلان الرسمى عن قيام الدولة العباسية، ومما جاء فى تلك الخطبة:

"الحمد لله الذى اصطفى الإسلام لنفسه، وكرمه وشرفه وعظَّمه، واختاره لنا، زعم الشامية أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا، شاهت وجوههم، بِمَ ولم أيها الناس؟ وبنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم، وبصرهم بعد جهالتهم، وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظهر بنا الحق، ودحض الباطل، وأصلح بنا منهم ما كان فاسدًا، ورفع بنا الخسيسة، وتمم النقيصة، وجمع الفرقة، حتى عاد الناس بعد العداوة أهل التعاطف والبر والمواساة فى دنياهم، وإخوانًا على سرر متقابلين فى آخرتهم، فتح الله ذلك -مِنَّةً وبهجة -لمحمد (، فلما قبضه الله إليه، وقام بالأمر من بعده أصحابه، وأمرهم شورى بينهم، حَوَوْا مواريث الأمم، فعدلوا فيها ووضعوها مواضعها وأعطوها أهلها، وخرجوا خماصًا منها، ثم وثب بنو حرب وبنو مروان فابتزُّوها وتداولوها، فجاروا فيها واستأثروا بها، وظلموا أهلها، وقد أملى الله لهم حينًا حتى آسفوه، فلما آسفوه انتقم منهم بأيدينا، وتدارك بنا أمتنا، وَوَلِىَ نصرنا والقيام بأمرنا، لَيمُنَّ بنا على الذين استضعفوا فى الأرض، فختم بنا كما افتتح بنا، وإنى لأرجو ألا يأتيكم الجور من حيث جاءكم الخير، ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح، وماتوفيقنا أهل البيت إلا بالله، فاستعدوا أيها الناس، فأنا السَّفَّاح المبيح والثائر المنيح (يقصد أنه كريم جواد) ".
ومن هذه المقولة التصقت به صفة السفاح، فقيل أبو العباس السفاح، مع أنه ما قصد ذلك المعنى الذى شاع على الألسنة.

لقد أعلنها صريحة مدوية فى الآفاق بينما كان "مروان بن محمد" آخر خلفاء بنى أمية يجلس على كرسى الخلافة، فكيف تمت المواجهة بين هؤلاء وأولئك؟ وكيف تحققت الغلبة للعباسيين؟

اللقاء الحاسم (وقعة الزاب):

يالها من لحظات حاسمة فى تاريخ الأمم والشعوب، إن شمس الأمويين الغاربة تؤذن بالزوال، بينما شمس العباسيين فى صعود، وهذه هى الدنيا، فيوم لنا ويوم علينا، والأيام دُوَل.
وكان اللقاء الحاسم بين الأمويين والعباسيين على أحد فروع دجلة بالقرب من الموصل وهو "نهر الزَّاب الأعلى".

فجيش العباسيين يقوده عم الخليفة، وهو "عبد الله بن على"، بينما يقود جيش الأمويين الخليفة نفسه "مروان بن محمد".

كان ذلك يوم السبت لإحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة 132هـ/ 750م، ولم يجد "مروان" أمام جحافل العباسيين إلا أن يفر إلى "دمشق" مهزومًا أمام مطاردة "عبد الله بن على".

لقد راح يُطارده، فاستولى على "دمشق"، واستولى على مدن الشام واحدة بعد الأخرى، وكان استسلام دمشق العاصمة معناه سقوط دولة بنى أمية، وانتهاء عهدها كعاصمة للدولة الإسلامية، لكن مروان قد فرّ إلى مصر وتوجه إلى صعيدها، وقرب الفيوم، عند قرية "أبوصير" أُلقِىَ القبضُ عليه، وقُتِلَ بعدما ظل هاربًا ثمانية أشهر، يفر من مكان إلى مكان.
ومضى عهد، وأقبل عهد جديد، وسيظل عام 132هـ/ 750م فاصلا بين عهدين، وتاريخًا لا يُنسى.

coolqtri
11-09-2008, 08:43 AM
عجييييييييييب .. يالسنجاري .. الله يعطيك العافية على هالموضوع الثري بالمعلومات .. بس انا الى الان لم أشبع من هذة القصة .. وسوف اكملها على النت .. إن شاءالله ..

الى الامام دائماً ..

قلب صادق
11-09-2008, 08:51 AM
جزاك الله خير اخوي على هذا الموضوع المهم من تاريخ الحضارة الاسلامية وقصة لتاريخ مفصلي بين دولتين عظيمتين هو الامويين والعباسسين

وهذا حال الدنيا صعود ثم هبوط فأفول

دمت اخي في حفظ الله ورعايته وفي انتظار جديدك

alsenjari
11-09-2008, 09:01 PM
عجييييييييييب .. يالسنجاري .. الله يعطيك العافية على هالموضوع الثري بالمعلومات .. بس انا الى الان لم أشبع من هذة القصة .. وسوف اكملها على النت .. إن شاءالله ..

الى الامام دائماً ..


جزاك الله خير اخوي على هذا الموضوع المهم من تاريخ الحضارة الاسلامية وقصة لتاريخ مفصلي بين دولتين عظيمتين هو الامويين والعباسسين

وهذا حال الدنيا صعود ثم هبوط فأفول

دمت اخي في حفظ الله ورعايته وفي انتظار جديدك


شكرا للمرور

Darco
12-09-2008, 01:57 AM
موضوع رائع أخوي السنجاري,عن لحظة مهمّة جداً جداً من تاريخ لا أقول الحضارة الإسلاميّة والدولة الإسلاميّة فحسب, ولكن من تاريخ البشرية جمعاء.

الملاحظ أن الدولة الأمويّة كان لها فضل كبير في الفتوحات الإسلاميّة, وأغلب الفتوحات والتوسعات كانت في زمانهم. ولكن عليهم مآخذ كثيرة منها ظلم بعض ولاتهم واستسهالهم سيلان دم المسلمين.

في حين أن الدولة العبّاسيّة لم تحرص كثيراً على التوسع في الدولة الإسلاميّة, ولاتقارن فتوحاتهم بفتوحات الدولة الأموية أبداً من الرقعة والقيمة. لكن يحسب لهم أن نظام الدولة وحضارتها تطوّرت في عهدهم الأوّل (قبل مرحلة الضعف) بشكل ملحوظ.

ومشكور يالسنجاري مرة ثانية :).

Bu Rashid
12-09-2008, 02:19 AM
مشكوووووور يالسنجاري على المعلومات..
لكل زمان دوله و رجال

(الفيصل)
12-09-2008, 02:51 AM
من أجمل ماقرأت من عزة وفخر وثقة في هذا العصر هو ماذكر في عهد هارون الرشيد
والذي كان يسمى بالعصر الذهبى عندما تعاهد مع ملكة الروم على دفع الجزية فوافقت ودفعتها له ومن ثم جاء من يحكم الروم وأسمه "نقفور"ونقض العهد الذى أعطته الملكة "إرينى"، التى كانت تحكم الروم قبله، وأرسل إلى هارون الرشيد رسالة يهدده فيها: "من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب: أما بعد؛ فإن الملكة التى كانت قبلى أقامتك مقام الرَّخ (طائر خرافى يعرف بالقوة)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (يعنى مقام الضعيف)، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، لكن ذلك لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأتَ كتابى هذا، فاردد ما حصل لك من أموالها، وافتدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك".
فلما قرأ الرشيد الرسالة غضب غضبًا شديدًا حتى لم يقدر أحد أن ينظر إليه، فدعا بدواة وكتب إلى نقفور ملك الروم ردّا على رسالته يقول:
"بسم الله الرحمن الرحيم: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وقاد بنفسه جيوشًا جرارة، ولقّنه درسًا لا يُنسى، فعاد إلى أداء الجزية صاغرًا، بعد أن خضع أمام قوة المسلمين وعزة نفوسهم.

وكذالك قصته مع الامام مالك عندما طلبه ليأتي إليه لتدريس أبنائه الامين والمأمون فرفض الامام مالك الذهاب له وقال له برسول أقرأي هارون السلام وقل له (إن العلم يزار ولا يزور ويؤتي إليه ولا يأتي)
فأعجب هارون الرشيد بعزة نفس الإمام مالك وقال صدق الشيخ نحن أحق الناس بزيارته وتكريمه.... ويقال انه الملك الوحيد الذي ذهب لطلب العلم عندما شد الرحال للامام مالك لتدريس ابنائه كتاب (الموطأ).

كل الشكر اخي السنياري على هذا المقال الطيب
وتحياتي لك

شيخ الشباب
12-09-2008, 03:22 AM
الله يعطيك العافيه يالسنجاري :)

حبر سري
12-09-2008, 05:36 AM
نقل موفق باذن الله و اكثر من رائع
بارك الله فيك اخوي السنجاري

!الشايمه!
12-09-2008, 06:08 AM
تظل الدولة قوية.....ما دامت على العدل قائمة......
فإن استساغت الظلم....لرعيتها......فلابد مايطالب الشعب بالقصاص......!!
وحال الأمة العربية يصرخ ويقول :

إني لارى رؤوساً قد أينعت وقد حان قطافها ...........!


تحية........للسنجاري......وتحية للاضافة التي ترفع الهمة وتذكرنا بمجد غارب .......
من الاخ الفيصل