تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : @..السديم و ضوى ومنتصف رمضان ..@



السديم
15-09-2008, 12:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

موضوعنا اليوم نتكلم فيه عن شخصية تحمل الكثير .. لن اطيل الحديث واتمنى ان ارى التفاعل ..

هارون الرشيد

مولده نشأته و الحكم في عصره الى وفاته


بأنتظاركم :nice:

لاداعي
15-09-2008, 01:39 PM
هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. و يلقب بهارون الرشيد ولد (حوالي 763م - 24 مارس 809م) وهو الخليفة العباسي الخامس، وهو أشهر الخلفاء العباسيين. حكم بين 786 و 809 م. ووالدته الخيزران بنت عطاء‎ . وهو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا وأهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجبا على كل مؤرخ مسلم. وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما.




نشأته
ولد هارون في 148 هجرياً، وكان مولده بالري حين كان أبوه أميرا عليها وعلى خراسان. نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة أبو عبد الله محمد المهدي إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام 165 هـ اي 781م على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه أبو محمد موسى الهادي


توليه الخلافة
تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف كثيرا تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الإتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة.


أعماله



بتولي الرشيد الحكم بدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولةالإسلامية. ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام هذه الدولة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.

كما استعمل الرشيد الرقة عاصمة له بين عامي 796 و808 .
وأنشأ بمايعرف ببيت الحكمة وزودها بأعداد كبيرة من الكتب والمؤلفات من مختلف بقاع الأرض. وكانت تضم غرفًا عديدة تمتد بينها أروقة طويلة، وخُصصت بعضها للكتب، وبعضها للمحاضرات، وبعضها الآخر للناسخين والمترجمين والمجلدين. وغدت بغداد قبلة طلاب العلم من جميع البلاد، يرحلون إليها حيث كبار الفقهاء والمحدثين والقراء واللغويين، وكانت المساجد الجامعة تحتضن دروسهم وحلقاتهم العلمية التي كان كثير منها أشبه بالمدارس العليا، من حيث غزارة العلم، ودقة التخصص، وحرية الرأى والمناقشة، وثراء الجدل والحوار. كما جذبت المدينة الأطباء والمهندسين وسائر الصناع. وكان الرشيد نفسه يميل إلى أهل الأدب والفقه والعلم، حتى ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته.

الرشيد والبرامكة

أحاط الرشيد نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة وخاصةً من البرامكة أمثال يحيى بن خالد البرمكي حتى حدث نزاع بين الخليفة الرشيد والبرامكة ونتج عن ذلك أن الرشيد حبس البرامكة وعلى رأسهم كبيرهم وأميرهم يحي بن خالد البرمكي.


الرشيد محارباً

كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبا .واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة 181هـ، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة 186هـ ، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (أي بمعنى القلعة القوية)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (أي بمعنى الجندي الضعيف)، فحملت إليك من أموالها، ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، ولكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".

فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".

وخرج هارون بنفسه في 183 هـ، حتى وصل هرقلة واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الرشيد كما كانت تفعل إيريني من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام 188هـ وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه.


الرشيد و شارلمان

أراد شارلمان أن يقلل من خطر هجوم بيزنطية عليه فوضع خطة لعقد اتفاق ودي مع هارون الرشيد، وقد أيد هارون ما نشأ بينهما من حسن التفاهم بأن أرسل إليه عدداً من الفيلة ومفاتيح الأماكن المقدسة في بيت المقدس. وردّ الإمبراطور الشرقي على ذلك بأن شجع أمير قرطبة على عدم الولاء لبغداد، وانتهى الأمر في عام 812 حين اعترف إمبراطور الروم بشارلمان إمبراطوراً نظير اعترافه بأن البندقية وإيطاليا الجنوبية من أملاك بيزنطية, ومن المواقف الطريفة التى حدثت بين الرشيد وشارلمان انه ارسل اليه ساعة مائية دقاقة وتحسب الثوانى بدقة عالية ففكر شارلمان هو وكبار القصر في هذا فظنوا انها سحرا وظنوا ان الرشيد يريد ان يدبر لهم مكيدة فضحك الرشيد عندما سمع هذا الكلام وهذا خير دليل على تقدم العرب على العالم وتأخر أوروبا علميا وثقافيا في هذا الوقت.

وفي معرض تقديم المستشرقة الألمانية زغريد هونكة في كتابها شمس العرب تسطع على الغرب لشارلمان ذكرت أنه حالف هارون الرشيد على خلفاء الأندلس الأمويين.





الرشيد كما يراه علماء الإسلام والمؤرخون

تعرضت صورة هارون الرشيد لكثير من التشويه من قبل من يختلفون معه في الفكر والمنهج ومنها الفظائع التي كتبها الأضفهاني الأموي النسب والشيعي المعتقد في كتابه الأغاني وغيرها من المؤلفات المدسوسة والتي لاتعتمد على مصدر علمي أو أساس تبنى عليه ولنرجع إلى ماقاله أئمة الإسلام والمؤرخين المعتمدين في سيرة هذا الإمام الجليل. قال السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء:

وكان من أمير الخلفاء واجل ملوك الدنيا وكان كثير الغزو والحج كما قال فيه أبو المعالي الكلابي:


فمن يطلب لقاءك أو يـرده فبالحرمين أو أقصى الثغور
ففي أرض العدو على طمر وفي أرض الترفه فوق كور

وقال أيضا: وكان أبيض طويلاً جميلا مليحاً فصيحاً له نظر في العلم والأدب. وكان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء في الدين والكلام في معارضة النص.

وقال الذهبي في ترجمته للرشيد ضمن كتابه سير أعلام النبلاء:

وكان من أنبل الخلفاء وأحشم الملوك ذا حج وجهاد وغزو وشجاعة ورأي وأمه أم ولد اسمها خيزران.

وكان أبيض طويلاً جميلاً وسيما إلى السمن ذا فصاحة وعلم وبصر بأعباء الخلافة وله نظر جيد في الأدب والفقه قد وخطه الشيب أغزاه أبوه بلاد الروم وهو حدث في خلافته كان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات ويتصدق بألف وكان يحب العلماء ويعظم حرمات الدين ويبغض الجدال والكلام ويبكي على نفسه ولهوه وذنوبه لا سيما إذا وعظ وكان يحب المديح ويجيز الشعراء ويقول الشعر. قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي صلى الله عليه وسلم بين يدي الرشيد إلا قال: صلى الله على سيدي ورويت له حديثه وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحيى ثم أقتل فبكى حتى انتحب. حج غير مرة وله فتوحات ومواقف مشهودة ومنها فتح مدينة هرقلة ومات غازياً بخراسان


الرشيد وعصر التطور العلمي

تطورت الأمة الإسلامية في عهد الرشيد أيما تطور وبرع المسلمون في عهده في كافة الفنون وفي ميادين الطب والهندسة, مومن العجائب ومارواه السيوطي والذهبي من أن هارون الرشيد كان يفكر في عمل قناة السويس الموجودة حاليا قبل أكثر من ألف عام وانتهى عن ذلك تحسبا لغزوات الروم ودخولهم الحجاز قال الذهبي: وقال المسعودي في مروجه: رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القلزم مما يلي الفر ما فقال له يحيى البرمكي: كان يختطف الروم الناس من الحرم وتدخل مراكبهم إلى الحجاز ((وهي قناة السويس حاليا))


وفاة الرشيد

كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على تكاليف الإسلام، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، وينفق على الفقراء من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون. وكان اذا دخل عليه الشاعر أبا العتاهيه ونصحه بكى بكاءا شديدا وأغمي عليه.

وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام 192 هـ، فخرج إلى خراسان لإخماد بعض الفتن والثورات التي أشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة طوس أشتدت به العلة، وتُوفي في 3 من جمادى الآخر 193هـ،الموافق 4 من إبريل 809م، بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، وتعتبر هذه الفترة العصر الذهبي للدولة العباسية. ويقال عنه أنه بنى قبره قبل موته بفترة وكان يداوم على زيارة هذا القبر وكان يدعو الله ويبكى ويقول: ( يا من لا يزول ملكه أرحم من زال ملكه).


من أقواله الشهيرة

وقف أمام السحاب ذات مرة وقال لها:( ياغمامة أمطرى حيثما شئت فخراجك عائد إلي )،(أي بمعنى زكاتك راجعة لبيت المال عندي). وهذا دلالة على سعة الدولة العباسية وبلوغها أوج عظمتها في عصره

ملك المشاعر
15-09-2008, 02:40 PM
حياته

هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. و يلقب بهارون الرشيد ولد (حوالي 763م - 24 مارس 809م) وهو الخليفة العباسي الخامس، وهو أشهر الخلفاء العباسيين. حكم بين 786 و 809 م. ووالدته الخيزران بنت عطاء‎ . وهو أكثر من تعرض تاريخه للتشويه والتزوير من خلفاء الإسلام، مع أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا وأهتماما بالعلم والعلماء، و بالرغم من هذا أشاعوا عنه الأكاذيب وأنه لاهم له سوى الجواري والخمر والسكر، ونسجوا في ذلك القصص الخرافية ومن هنا كان إنصاف هذا الخليفة واجبا على كل مؤرخ مسلم. وكتب التاريخ مليئة بمواقف رائعة للرشيد في نصرة الحق وحب النصيحة وتقريب العلماء لا ينكرها إلا جاحد أو مزور، ويكفيه أنه عرف بالخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما

ونسب إليه أنه حينما تغلغل المرض منه وقف يبتهل إلى الله تعالى ويقول: "يا من لا يزول ملكه.. ارحم من قد زال ملكه".





استخلف الرشيد بعد أبيه بعد موت أخيه الهادي، وكان ذلك ليلة السبت 14 ربيع الأول، سنة 170 هـ، الموافق 14أيلول سنة 786م، وتعد هذه ليلة فارقة من ليالي الزمان، ففيها ولد ابنه عبد الله المأمون، أي مات فيها خليفة، وولد فيها خليفة، وقام فيها خليفة، وكان يكنى أبو جعفر. كان مولده سنة 148هـ بالري بخراسان، حيث كان أبوه أميرا على خراسان، وكانت أمه فارسية تسمى الخيزران، وفيها قال الشاعر مروان بن أبي حفصة: "يا خيزران هناك ثم هناك ... أمسي يسوس العالمين أبناك".

كان يحب العلم وأهله، ويعظم حرمات الإسلام، وكان يصلي في خلافته كل يوم مائة ركعة، لا يتركها إلا لعلة إلى أن مات، ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم، ويبغض المراء في الدين والكلام في معارضة النص.

قال الجاحظ: اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره.. وزراؤه البرامكة، وقاضيه أبو يوسف، وشاعره مروان ابن أبي حفصة، ونديمه العباس بن محمد عم أبيه، وحاجبه الفضل ابن الربيع أنبه الناس وأعظمهم، ومغنيه إبراهيم الموصلي، وزوجته زبيدة.

كان عهد الرشيد واسطة عقد المدة العباسية، وصلت فيه الخلافة إلى أفخم درجاتها صولة وسلطانا، وثروة وعلما وأدبا، ارتفعت فيه حضارة الدولة العلمية والأدبية والمادية، إلى أرقى درجاتها، وكان في عهد الرشيد من كبار الرجال ممن تزدان بهم الممالك من رجال الإدارة والحرب، فعظمت الهيبة في الداخل والخارج. وقال الذهبي: أخبار الرشيد يطول شرحها، ومحاسنه جمة، وله أخبار في اللهو واللذات المحظورة والغناء.. سامحه الله.

في أيامه مات الإمام مالك ابن أنس، والإمام الليث بن سعد، والإمام أبو يوسف صاحب أبي حنيفة، والشاعر مروان ابن أبي حفصة، والشاعر العباس ابن الأحنف، والشاعر أبو العتاهية، والمغني إبراهيم الموصلي، وعمدة النحويين سيبويه، وعبد الله بن المبارك، والزاهدة المعروفة رابعة العدوية.

وعاصره من ملوك الإسلام في عهده عبد الرحمن الداخل في الأندلس (138 ـ 172هـ)، ثم هشام بن عبد الرحمن (172 ـ 180هـ )، ثم الحكم بن هشام (180 ـ 206هـ)، وفي المغرب إدريس بن عبد الله بن الحسن (172هـ ـ 177هـ ) ثم ابنه إدريس (177 ـ 213هـ )، ومن ملوك أوروبا عاصره الملك شارل الكبير أو شارلمان ملك فرنسا ( 767 ـ 814م )، وفي مملكة القسطنطينية قسطنطين السادس، وكانت تدير أمور الدولة أمه أريني (780 ـ 797م ) ثم استبدت بالملك من عام 780 حتى 802م، إلى خلعها نقفور (802 ـ 811م ).


في سنة سبع وثمانين ومائة جاء للرشيد كتاب من ملك الروم نقفور بنقض الهدنة التي كانت عقدت بين المسلمين وبين الملكة ريني ملكة الروم وصورة الكتاب [من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ وأقامت نفسها مقام البيذق فحملت إليك من أموالها أحمالا وذلك لضعف النساء وحمقهن فإذا قرأت كتابي فأردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيننا وبينك]

فلما قرأ الرشيد الكتاب استشاط غضبا حتى ما تمكن أحد أن ينظر إلى وجهه فضلاً أن يخاطبه وتفرق جلساؤه من الخوف واستعجم الرأي على الوزير فدعا الرشيد بدواة وكتب على ظهر كتابه بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه لا ما تسمعه ثم سار ليومه فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحا مبينا فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة.

وأسند الصولى عن يعقوب بن جعفر قال خرج الرشيد في السنة التي ولى الخلافة فيها حتى غزا أطراف الروم وانصرف في شعبان فحج بالناس آخر السنة وفرق بالحرمين مالا كثيرا وكان رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في النوم فقال له إن هذا الأمر صائر إليك في هذا الشهر فاغز وحج ووسع على أهل الحرمين ففعل هذا كله.

وأخرج ابن عساكر عن ابن علية قال أخذ هارون الرشيد زنديقا فأمر بضرب عنقه فقال له الزنديق: لم تضرب عنقي قال له أريح العباد منك. قال فأين أنت من ألف حديث وضعتها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلها ما فيها حرف نطق به قال فأين أنت يا عدو الله من أبى إسحاق الفزارى وعبد الله بن المبارك ينخلانها فيخرجانها

من أعماله في الخلافة

حج غير مرة وله فتوحات ومواقف مشهودة ومنها فتح مدينة هرقلة،قال المسعودي في "مروج الذهب": رام الرشيد أن يوصل ما بين بحر الروم وبحر القلزم مما يلي الفرما فقال له يحيى البرمكي كان يختطف الروم الناس من الحرم وتدخل مراكبهم إلى الحجاز.

وزر له يحيى بن خالد مدة وأحسن إلى العلوية وحج سنة 173 وعزل عن خراسان جعفر بن أشعث بولده العباس بن جعفر وحج أيضا في العام الآتي وعقد بولاية العهد لولده الأمين صغيرا فكان أقبح وهن تم في الإسلام وأرضى الأمراء بأموال عظيمة وتحرك عليه بأرض الديلم يحيى بن عبد الله بن حسن الحسيني وعظم أمره وبادر إليه الرافضة فتنكد عيش الرشيد واغتم وجهز له الفضل بن وزيره في خمسين ألفا فخارت قوى يحيى وطلب الأمان فأجابه ولاطفه ثم ظفر به وحبسه ثم تعلل ومات ويقال ناله من الرشيد أربعمائة ألف دينار.

وفي سنة 175هـ ولى خراسان الغطريف بن عطاء وولى مصر جعفرا البرمكي واشتدت الحرب بين القيسية واليمانية بالشام ونشأت بينهم أحقاد وإحن.

وغزا الفضل بن يحي البرمكي بجيش عظيم ما وراء النهر ومهد الممالك وكان بطلا شجاعا جوادا ربما وصل الواحد بألف ألف وولي بعده خراسان منصور الحميري وعظم الخطب بابن طريف ثم سار لحربه يزيد بن مزيد الشيباني وتحيل عليه حتى بيته وقتله ومزق جموعه.

وفي سنة 179هـ اعتمر الرشيد في رمضان واستمر على إحرامه إلى أن حج ماشيا من بطن مكة.وغزا الرشيد وتوغل في أرض الروم فافتتح الصفصاف وبلغ جيشه أنقرة. ثم حج سنة ست وثمانين الرشيد بولديه الأمين والمأمون وأغنى أهل الحرمين.

ثم حدثت نكبة البرامكة إذ قتل الرشيد جعفر بن يحيى البرمكي وسجن أباه وأقاربه بعد أن كانوا قد بلغوا رتبة لا مزيد عليها.

وفي العام نفسه انتقض الصلح مع الروم وملكوا عليهم نقفور فيقال إنه من ذرية جفنة الغساني وبعث يتهدد الرشيد فاستشاط غضبا وسار في جيوشه حتى نازله هرقلة وذلت الروم وكانت غزوة مشهودة، ثم كانت الملحمة العظمى وقتل من الروم عدد كثير وجرح النقفور ثلاث جراحات وتم الفداء حتى لم يبق في أيدي الروم أسير.وبعث إليه نقفور بالجزية ثلاثمائة ألف دينار.

وفي سنة ست وسبعين ومائة فتحت مدينة دبسة على يد الأمير عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح العباسى

وفي سنة تسع وسبعين ومائة اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من مكة إلى عرفات وفي سنة ثمانين كانت الزلزلة العظمى وسقط منها رأس منارة الإسكندرية وفي سنة إحدى وثمانين فتح حصن الصفصاف عنوة وهو الفاتح له وفي سنة ثلاث وثمانين خرج الخزر على أرمينية فأوقعوا بأهل الإسلام وسفكوا وسبوا أزيد من مائة ألف نسمة وجرى على الإسلام أمر عظيم لم يسمع قبله مثله.


أخلاق الرشيد:

كان الرشيد خليفة ديناً محافظاً على التكاليف الشرعية أتم محافظة فأما صلاته فكان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا إلا أن تعرض له علة. وكان له سمير فكه هو ابن أبي مريم المدني كان الرشيد لا يصبر عنه ولا يمل محادثته.

وأما صدقته فقد كان كل يوم يتصدق من صلب ماله بألف درهم سوى العطايا التي كانت تهطل على الناس منه ولم ير خليفة قبله كان أعطى منه للمال ثم المأمون بعده.

وأما حجه فإنه كان لا يتخلف عنه إلا إذا كان مشغولاً بالغزو فهو في كل عام بين غاز وحاج وقد أقام للناس حجهم تسع مرات في سني حكمه وهي السنوات70و73 و74 و75 و77 و80 و81 و86 و88 بعد المائة وكان إذا حج حج معه من الفقهاء وأبنائهم وإذا لم يحج يحج عنه ثلثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الباهرة.

وكان يسمع وعظ الواعظين وهو عند ذلك رقيق القلب سريع الدمعة. دخل عليه ابن السماك الواعظ فقال له: الرشيد عظني، فقال: يا أمير المؤمنين اتق اللَّه وحده لا شريك له واعلم أنك غداً بين يدي اللَّه ربك ثم مصروف إلى إحدى منزلتين لا ثالث لهما جنة أو نار فبكى هارون حتى اخضلت لحيته.

وأما جهاد الرشيد فإنه كان لا يترك الخروج مع جنده بل كان غالباً في مقدمتهم حتى لا يعتاد الراحة ولا يقعده الترف عن القيام بهذا الواجب حتى كان من ضمن مآثره أنه كان يغزو سنة ويحج أخرى.

وفاة الرشيد:

خرج الرشيد من بغداد في خامس شعبان سنة192 قاصداً خراسان عندما بلغه استفحال أمر رافع بن الليث بما وراء النهر واستخلف ابنه محمداً الأمين بمدينة السلام وخرج معه ابنه عبد اللَّه المأمون ولم يزل الرشيد في مسيره حتى وافى مدينة طوس في صفر سنة193 وهناك اشتدت به علته ولحق بربه ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة193 وصلى عليه ابنه صالح لأن المأمون كان قد سبقه إلى مرو حاضرة خراسان ودفن الرشيد بهذه المدينة.

وكان للرشيد اثنا عشر ولداً ذكراً وأربع بنات فذكور أولاده محمد الأمين من زبيدة بنت جعفر بن أبي جعفر وعلي من زوجته أمة العزيز أم ولد موسى الهادي وعبد اللَّه المأمون والقاسم والمؤتمن ومحمد المعتصم وصالح ومحمد أبو عيسى ومحمد أبو يعقوب ومحمد أبو العباس ومحمد أبو سليمان ومحمد أبو علي ومحمد أبو أحمد وهم لأمهات أولاد شتى.

وتزوج الرشيد بست زوجات مات عن أربع منهن وهن زبيدة وأم محمد بنت صالح المسكين والعباسة بنت سليمان بن المنصور والجرشية بنت عبد اللَّه العثمانية.
وفاة الرشيد


ولأبى الشيص يرثى الرشيد:

غربت في الشرق شمس فلها عيني تدمع

مـا رأينا قط شمسا غربت من حيث تطلع

وقال أبو النواس:

جـامـع بيـن العـزاء والهناء جترت جـوار بالسعـد والنحـس

فنحن في مأتم وفي عرس القلب ضاحكة فنحن في وحشة وفي أنس

يضـحكنـا القـائـم الأميـن ويبــكينـا وفـاة الإمـام بالأمـس

بدران بدر أضحى ببغداد في الخــلد وبدر بطـوس فـي الرمـس

amego
15-09-2008, 03:22 PM
هارون الرشيد



http://www.al3ez.net/upload/b/sahm2007_Harun_Al-Rashid.jpg


هارون الرشيد هو واحد من أشهر الخلفاء المسلمين شهد عصره الكثير من التألق والازدهار، والقوة للدولة الإسلامية وذلك في جميع المجالات، فقد تمكن من جعلها تتبوأ مكانة متميزة بين غيرها من الدول والممالك التي كانت قائمة في هذا العصر، فكان عصره هو العصر الذهبي للدولة العباسية.

كان هارون يصلي كل يوم مائة ركعة وواظب على ذلك طوال فترة خلافته وإلى أن توفي ولم يمنعه من هذا إلا أن يكون مريضاً به علة أو في إحدى المعارك، كما كان يتصدق من ماله كل يوم بألف درهم، وكان يحج عاماً ويغزو عاماً، عرف عن الرشيد حبه للعلم، والعلماء وجعلهم في مكانة متميزة بالإضافة لتمسكه بالتعاليم الدينية الإسلامية، ظل الرشيد في الخلافة لثلاثة وعشرين عاماً قضاها مهتماً بأمور الدولة وساعياً من أجل رفع شأنها.

تم تناول السيرة الذاتية للرشيد في الكثير من الكتب والمقالات بل لقد ظهرت أيضاً في الوسائل الإعلامية من خلال مسلسلات وبرامج تم عرضها عن حياته، ولكن انتشرت العديد من الأقاويل حول هذا الخليفة فمنهم من اتهمه باللهو والترف وحب النساء، ولكن الذي تم استخلاصه في النهاية هو مدى القوة والعظمة التي كانت فيها الدولة الإسلامية في عصره، وتمسكه بالدين الإسلامي والدفاع عنه بقوة، فهل يعتقد أن يكون هناك حاكم كل الذي يشغله هو اللعب واللهو وتكون دولته على هذا القدر من القوة والنهضة ...


اسمه بالكامل :
هارون الرشيد بن المهدي محمد بن المنصور عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس

الكنية :
أبو جعفر

ترتيبه في تولي الخلافة :

الخامس

تاريخ الميلاد :
148 للهجرة


فترة الخلافة بالهجري :

170 -193

فترة الخلافة بالميلادي:

786 -809 م

تاريخ الوفاة :

193 للهجرة

يعتبر عصر هارون الرشيد واسطة العقد بالنسبة للخلافة الاسلامية أو قل بالنسبة للتاريخ الاسلامي الوسيط كله ، فقد اكتملت للدولة ألوان من العظمة و القوة و المجد العلمي ، و كانت الدولة مهيبة الجانب ، فاحترمتها الدول المجاورة و هابتها .

استخلف هارون الرشيد بعهد من أبيه عند موت أخيه الهادي ليلة السبت لأربع عشرة بقيت من ربيع الأول سنة سبعين ومائة .

حدث عن أبيه وعن جده ومبارك بن فضالة وروى عنه ابنه المأمون وغيره وكان من أمير الخلفاء واجل ملوك الدنيا ، و كان يحج سنة ، و يغزو سنة ،

قال فيه أبو المعالي الكلابي:

فمن يطلب لـقـاءك أو يرده

فبالحرمين أو أقصى الثغور

ففي أرض العدو على طمر

وفي ارض الترفه فوق كور


مولده بالري حين كان أبوه أميراً عليها وعلى خراسان ، وكان أبيض طويلاً جميلا مليحاً فصيحاً له نظر في العلم والأدب.

وكان يصلي في خلافته في كل يوم مائة ركعة إلى أن مات لا يتركها إلا لعلة ويتصدق من صلب ماله كل يوم بألف درهم.

وكان يحب العلم وأهله ويعظم حرمات الإسلام ويبغض المراء في الدين والكلام في معارضة النص.

قال أبو معاوية الضرير: ما ذكرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين يدي الرشيد إلا قال صلى الله على سيدي وحدثه بحديثه صلى الله عليه وآله وسلم "ووددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ثم أحي فأقتل" فبكى حتى انتحب.

وكان الرشيد بايع بولاية العهد لابنه محمد في سنة خمس وسبعين و مائة ولقبه الأمين .

مات الرشيد في الغزو بطوس من خراسان ودفن بها في ثالث من جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة وله خمس وأربعون سنة وصلى عليه ابنه صالح.

مات في أيامه من الأعلام مالك بن أنس والليث بن سعد وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة والقاسم بن معن ومسلم بن خالد الزنجي ونوح الجامع والحافظ أبو عوانة اليشكري وإبراهيم بن سعد الزهري وأبو إسحاق الفزاري وإبراهيم بن أبي يحيى شيخ الشافعي وأسد الكوفي من كبار أصحاب أبي حنيفة وإسماعيل بن عياش وبشر بن المفضل وجرير ابن عبد الحميد وزياد البكائي وسليم المقرئ صاحب حمزة وسيبويه إمام العربية وضيغم الزاهد وعبد الله العمري الزاهد وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن إدريس الكوفي وعبد العزيز بن أبي حازم والدراوردي والكسائي شيخ القراء والنحاة ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة كلاهما في يوم وعلي بن مسهر وغنجار وعيسى بن يونس السبيعي والفضيل ابن عياض وابن السماك الواعظ ومروان بن أبي حفصة الشاعر والمعافي ابن عمران الموصلي ومعتمر بن سليمان والمفضل بن فضالة قاضي مصر وموسى بن ربيعة أبو الحكم المصري أحد الأولياء والنعمان بن عبد السلام الأصبهاني وهشيم ويحيى بن أبي زائدة ويزيد بن زريع ويونس ابن حبيب النحوي ويعقوب بن عبد الرحمن قارئ المدينة وصعصعة ابن سلام عالم الأندلس

وفي سنة ست وسبعين و مائة فتحت مدينة دبسة على يد الأمير عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح العباسي.

وفي سنة تسع وسبعين و مائة اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من مكة إلى عرفات.

وفي سنة ثمانين و مائة كانت الزلزلة العظمى وسقط منها رأس منارة الإسكندرية.

وفي سنة إحدى وثمانين و مائة فتح حصن الصفصاف عنوة وهو الفاتح له.

وفي سنة ثلاث وثمانين و مائة خرج الخزر على أرمينية فأوقعوا بأهل الإسلام وسفكوا وسبوا أزيد من مائة ألف نسمة وجرى على الإسلام أمر عظيم لم يسمع قبله مثله.

وفي سنة سبع وثمانين و مائة أتاه كتاب من ملك الروم نقفور بنقض الهدنة التي كانت عقدت بين المسلمين وبين الملكة ريني ملكة الروم ، فسار الرشيد ليومه فلم يزل حتى نازل مدينة هرقل وكانت غزوة مشهورة وفتحاً مبيناً فطلب نقفور الموادعة والتزم بخراج يحمله كل سنة فأجيب فلما رجع الرشيد إلى الرقة نقض العهد لإياسه من كرة الرشيد في البرد فلم يجترئ أحد أن يبلغ الرشيد نقضه بل قال عبد الله بن يوسف التيمي:


نقض الذي أعطيته نقفور

فعليه دائرة البوار تدور

أبشر أمير المؤمنين فإنه

غنم أتاك به الإله كبـير


وفي سنة تسع وثمانين و مائة فادى الروم حتى لم يبق بممالكهم في الأسر مسلم.

وفي سنة تسعين و مائة فتح هرقل وبث جيوشه بأرض الروم فافتتح شراحيل ابن معن بن زائدة حصن الصقالبة وافتتح يزيد بن مخلد ملقونية وسار حميد ابن معيوف إلى قبرس فهدم وحرق وسبى من أهلها ستة عشر ألفاً.

كان الرشيد رضي الله عنه يتواضع لأهل الخير فقعد بين يدي مالك ، و قبل يدي حسين الجعفي ، و صب الماء على يدي ابي معاوية الضرير .

روي أن ابن السماك دخل على الرشيد يوماً فاستسقى فأتى بكوز فلما أخذه قال على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها قال بنصف ملكي قال اشرب هنأك الله تعالى فلما شربها قال: أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشتري خروجها قال: بجميع ملكي قال إن ملكاً قيمته شربة ماء وبوله لجدير أن لا ينافس فيه فبكى هارون الرشيد بكاء شديداً.

ما قبل الخلافة

نشأ الرشيد في بيت ملك، وأُعد ليتولى المناصب القيادية في الخلافة، وعهد به أبوه الخليفة "المهدي بن جعفر المنصور" إلى من يقوم على أمره تهذيبًا وتعليمًا وتثقيفًا، وحسبك أن يكون من بين أساتذة الأمير الصغير "الكسائي"، والمفضل الضبي، وهما مَن هما علمًا ولغة وأدبًا، حتى إذا اشتد عوده واستقام أمره، ألقى به أبوه في ميادين الجهاد، وجعل حوله القادة الأكفاء، يتأسى بهم، ويتعلم من تجاربهم وخبراتهم، فخرج في عام (165 هـ= 781م) على رأس حملة عسكرية ضد الروم، وعاد محملاً بأكاليل النصر، فكوفئ على ذلك بأن اختاره أبوه وليًا ثانيًا للعهد بعد أخيه موسى الهادي.
وكانت الفترة التي سبقت خلافته يحوطه في أثنائها عدد من الشخصيات السياسية والعسكرية، من أمثال "يحيى بن خالد البرمكي"، و"الربيع بن يونس"، و"يزيد بن مزيد الشيباني" و"الحسن بن قحطبة الطائي"، و"يزيد بن أسيد السلمي"، وهذه الكوكبة من الأعلام كانت أركان دولته حين آلت إليه الخلافة، ونهضوا معه بدولته حتى بلغت ما بلغت من التألق والازدهار.

تولّيه الخلافة

تمت البيعة للرشيد بالخلافة في (14 من شهر ربيع الأول 170هـ= 14 من سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وبدأ عصر زاهر كان واسطة العقد في تاريخ الدولة العباسية التي دامت أكثر من خمسة قرون، ارتقت فيه العلوم، وسمت الفنون والآداب، وعمَّ الرخاء ربوع الدولة.
وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف تمتد من وسط أسيا حتى المحيط الأطلنطي، مختلفة البيئات، متعددة العادات والتقاليد، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحازمة يفرض سلطانها الأمن والسلام، وتنهض سياستها بالبلاد، وكان الرشيد أهلاً لهذه المهمة الصعبة في وقت كانت فيه وسائل الاتصال شاقة، ومتابعة الأمور مجهدة، وساعده على إنجاز مهمته أنه أحاط نفسه بكبار القادة والرجال من ذوي القدرة والكفاءة، ويزداد إعجابك بالرشيد حين تعلم أنه أمسك بزمام هذه الدولة العظيمة وهو في نحو الخامسة والعشرين من عمره، فأخذ بيدها إلى ما أبهر الناس من مجدها وقوتها وازدهار حضارتها.
هارون الرشيد مجاهدًا

http://www.moheet.com/image/43/225-300/431112.jpg

كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه وجهاده مع الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريبًا، حتى إنه اتخذ قلنسوة مكتوبًا عليها: غاز وحاج.
وقام الرشيد بتنظيم الثغور المطلة على بلاد الروم على نحو لم يعرف من قبل، وعمرها بالجند وزاد في تحصيناتها، وعزل الجزيرة وقنسرين عن الثغور، وجعلها منطقة واحدة، وجعل عاصمتها أنطاكية، وأطلق عليها العواصم، لتكون الخط الثاني للثغور الملاصقة للروم، ولأهميتها كان لا يولي عليها إلا كبار القادة أو أقرب الأقربين إليه، مثل "عبد الملك بن صالح" ابن عم أبي جعفر المنصور أو ابنه "المعتصم".
وعمّر الرشيد بعض مدن الثغور، وأحاط كثيرًا منها بالقلاع والحصون والأسوار والأبواب الحديدية، مثل: قلطية، وسميساط، ومرعش، وكان الروم قد هدموها وأحرقوها فأعاد الرشيد بناءها، وأقام بها حامية كبيرة، وأنشأ الرشيد مدينة جديدة عرفت باسم "الهارونية" على الثغور.
وأعاد الرشيد إلى الأسطول الإسلامي نشاطه وحيويته، ليواصل ويدعم جهاده مع الروم ويسيطر على الملاحة في البحر المتوسط، وأقام دارًا لصناعة السفن، وفكّر في ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، وعاد المسلمون إلى غزو سواحل بحر الشام ومصر، ففتحوا بعض الجزر واتخذوها قاعدة لهم، مثلما كان الحال من قبل، فأعادوا فتح "رودس" سنة (175هـ= 791م)، وأغاروا على أقريطش "كريت" وقبرص سنة (190هـ= 806م).
واضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت "إيريني" ملكة الروم صلحًا مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له في سنة (181هـ= 797م)، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني في سنة (186هـ = 802م)، وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الأخ، فحملت إليك من أموالها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وافتد نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".
فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".
وخرج هارون بنفسه في (187 هـ= 803م)، حتى وصل "هرقلة" وهي مدينة بالقرب من القسطنطينية، واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الخليفة كما كانت تفعل "إيريني" من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام (188هـ= 804م) وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه أربعين ألفا، وجُرح نقفور نفسه، وقبل الموادعة، وفي العام التالي (189هـ=805م) حدث الفداء بين المسلمين والروم، ولم يبق مسلم في الأسر، فابتهج الناس لذلك.غير أن أهم غزوات الرشيد ضد الروم كانت في سنة ( 190 هـ= 806م)، حين قاد جيشًا ضخماً عدته 135 ألف جندي ضد نقفور الذي هاجم حدود الدولة العباسية، فاستولى المسلمون على حصون كثيرة، كانت قد فقدت من أيام الدولة الأموية، مثل "طوانة" بثغر "المصيصة"، وحاصر "هرقلة" وضربها بالمنجنيق، حتى استسلمت، وعاد نقفور إلى طلب الهدنة، وخاطبه بأمير المؤمنين، ودفع الجزية عن نفسه وقادته وسائر أهل بلده، واتفق على ألا يعمر هرقلة مرة أخرى .


بلاط الرشيد محط أنظار العالم

ذاع صيت الرشيد وطبق الآفاق ذكره، وأرسلت بلاد الهند والصين وأوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، وذلك في سنة ( 183هـ= 779م)؛ فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من الغرائب، وأقمشة فاخرة وعطور، وشمعدانات، وساعة كبيرة من البرونز المطلي بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر.


الرشيد وأعمال الحج

نظم العباسيون طرق الوصول إلى الحجاز، فبنوا المنازل والقصور على طول الطريق إلى مكة، طلبًا لراحة الحجاج، وعُني الرشيد ببناء السرادقات وفرشها بالأثاث وزودها بأنواع الطعام والشراب، وبارته زوجته "زبيدة" في إقامة الأعمال التي تيسر على الحجيج حياتهم ومعيشتهم، فعملت على إيصال الماء إلى مكة من عين تبعد عن مكة بنحو ثلاثين ميلاً، وحددت معالم الطريق بالأميال، ليعرف الحجاج المسافات التي قطعوها، وحفرت على طولها الآبار والعيون .

قالوا عنه

قال الجاحظ:
اجتمع للرشيد مالم يجتمع لغيره.. وزراؤه البرامكة، وقاضيه أبويوسف، وشاعره مروان ابن أبي حفصة، ونديمه العباس بن محمد عم أبيه، وحاجبه الفضل ابن الربيع أنبه الناس وأعظمهم، ومغنيه إبراهيم الموصلي، وزوجته زبيدة.

كان عهد الرشيد واسطة عقد المدة العباسية، وصلت فيه الخلافة إلى أفخم درجاتها صولة وسلطانا، وثروة وعلما وأدبا، ارتفعت فيه حضارة الدولة العلمية والأدبية والمادية، إلى أرقى درجاتها، وكان في عهد الرشيد من كبار الرجال ممن تزدان بهم الممالك من رجال الإدارة والحرب، فعظمت الهيبة في الداخل والخارج.


ولقد أجمع المؤرخون أن الرشيد كان كثير البكاء عند سماع المواعظ ، حتى قال الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ومدينة السلام : ما رؤي أغزر دمعاً عند الذكر من ثلاثة : الفضيل بن عياض ، وأبي عبد الرحمن الزاهد ، وهارون الرشيد .

ويروي ابن خلدون ـ بعد ما ذكر حديث المفترين على هارون الرشيد ـ فيقول :

وأين هذا من حاله وقيامه بما يجب لمنصب الخلافة من الدين والعدالة ، وما كان عليه من صحبة العلماء والأولياء ، ومحاورته للفضيل بن عياض ، وابن السماك ، والعمري ، ومكاتبته لسفيان الثوري ، وبكاؤه من مواعظهم ، ودعاؤه بمكة في طوافه ، وما كان عليه من المحافظة على أوقات الصلاة ، وشهود صلاة الصبح لأول وقتها .

ثم يقول : حكى الطبري وغيره ، أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة نافلة ، وكان يغزو عاماً ويحج عاماً.
ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء أن الرشيد : كان من عادته في كل حجة يحجها أن يوزع أموالاً طائلة وصدقات عظيمة ، على سكان الحرمين الشريفين وفقراء الحجيج .


في أيامه مات الإمام مالك ابن أنس، والإمام الليث بن سعد، والإمام أبويوسف صاحب أبي حنيفة، والشاعر مروان ابن أبي حفصة، والشاعر العباس ابن الأحنف, والشاعر أبوالعتاهية، والمغني إبراهيم الموصلي، وعمدة النحويين سيبويه، وعبدالله بن المبارك، والزاهدة المعروفة رابعة العدوية.

وعاصره من ملوك الإسلام في عهده عبدالرحمن الداخل في الأندلس (138 ـ 172هـ)، ثم هشام بن عبدالرحمن (172 ـ 180هـ )، ثم الحكم بن هشام (180 ـ 206هـ)، وفي المغرب إدريس بن عبدالله بن الحسن (172هـ ـ 177هـ ) ثم ابنه إدريس (177 ـ 213هـ )، ومن ملوك أوروبا عاصره الملك شارل الكبير أو شارلمان ملك فرنسا ( 767 ـ 814م )، وفي مملكة القسطنطينية قسطنطين السادس، وكانت تدير أمور الدولة أمه أريني (780 ـ 797م ) ثم استبدت بالملك من عام 780 حتى 802م،



وفاة الرشيد

كان الرشيد على غير ما تصوره بعض كتب الأدب، دينا محافظًا على التكاليف الشرعية، وصفه مؤرخوه أنه كان يصلي في كل يوم مائة ركعة إلى أن فارق الدنيا، ويتصدق من ماله الخاص، ولا يتخلف عن الحج إلا إذا كان مشغولاً بالغزو والجهاد، وكان إذا حج صحبه الفقهاء والمحدثون.
وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام (192 هـ= 808م) فخرج إلى "خرسان" لإخماد بعض الفتن والثورات التي اشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة "طوس" اشتدت به العلة، وتُوفي في (3 من جمادى الآخر 193هـ= 4 من إبريل 809م) بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، عدت العصر الذهبي للدولة العباسية .

السديم
15-09-2008, 03:33 PM
لا داعي

المشاعر

اميجوو

معلومات جدا رائعة وقيمة ..

وبالفعل هذه الشخصية من العصر العباسي انظلمت كثيرا واتهمت بالباطل لذا يجب علينا معرفة الحق :nice:

abo rashid
15-09-2008, 04:12 PM
يعطيكم العافيه
معلومات في غايه في الروعه

amego
16-09-2008, 12:40 AM
لا داعي

المشاعر

اميجوو

معلومات جدا رائعة وقيمة ..

وبالفعل هذه الشخصية من العصر العباسي انظلمت كثيرا واتهمت بالباطل لذا يجب علينا معرفة الحق :nice:


شاكر اطرائك اختي وجزاكي كل خير

amego
16-09-2008, 12:42 AM
يعطيكم العافيه
معلومات في غايه في الروعه


عافاك الله وبارك فيك اخوي

ضوى
16-09-2008, 09:04 AM
بارك الله فيكم