بو تميم
18-09-2008, 12:57 AM
في ذكرى 17 رمضان
منذ أن بزغ نور الهداية على وجه البسيطة ، وشع نور سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، وبدأ يدعو إلى الله ، منذ ذلك الحين أعلنت فئة من الناس الحرب على الإسلام وأهله ، وذلك من خلال تعذيبهم وتجويعهم بل وقتلهم ، لقد حاول المسلمون أن ينشروا دين الله عز وجل بين أهليهم وأحبابهم ، وكانوا يطمحون إلى إسلام مكة بكل فئاتها ، وجهائها وشرفائها وتجارها ، ولكن هيهات هيهات أن ينخلع أصحاب المصالح عن مصالحهم .. إن من يستعبدون الناس ويأخذون خيراتهم لا يـُتوقع منهم أن يتخلوا عن منافعهم ويعودوا إلى رشدهم ويتركوا هذا الاستعباد .
أيعقل أن يرضى أمية بن خلف أن يتساوى مع بلال الحبشي ..أيتصور أن يقبل أبو جهل أن يصفّ أقدامه مع سلمان الفارسي .. فلا بد إذن من تمايز المجتمعين ........
لقد أضنى المسلمون أنفسهم ، وكادت تذهب نفس رسول صلى الله عليه وسلم حسرات على المشركين أن يؤمنوا , ولكن أنى لقلوب قد انقلبت حجارة أن تثمر ولو جاءها وابل من مطر ، أنى لأفئدة قد صدئت أن تنجلي ولو أتاها سيل من عبر ، فذهب المجتمع المسلم برجاله ونسائه إلى حيث يجدون للزرع أرضاً وللنبت ماء , يمموا وجوههم تلقاء يثرب مخلفين وراءهم هناك في مكة أهلهم وديارهم وأموالهم ..
تركوا أهلاً عجزوا عن الهجرة فاستودعوهم الرحمن ، ودياراً لا تعرف الهجرة فطبعوا صورتها في ذاكرتهم , وحملوها عبر الزمان ، وأموالاً تركوها استخفافاً , طمعاً بما عند الله في الجنان ، لم يهاجروا من مكة لأنهم أبغضوها ، فهم يعشقون كل شيْ فيها حتى أحجارها ، تركوا مكة وهم يعلمون أنها أحب بقاع الله إليهم ، بل وهم يعلمون أنها أحب بقاع الله إلى الله .
ووصلوا يثرب ولم يكن معهم مال يؤمنون به أبسط متطلباتهم ، رغم أن إخوانهم الأنصار لم يتركوهم يعانون وحدهم شدة العيش وقلة المال ، بل ناصفوهم ملكهم ومنحوهم شطره ، كل ذلك حباً وطوعاً ، فقد جمعهم الإسلام فلم يعد يفرق بينهم شيْ ، وبدؤوا ببناء أنفسهم بناء إسلامياً ، وتنظيم مجتمعهم تنظيماً إيمانياً ، يحرصون على أداء العبادات والفرائض ، وتخليص النفس من الشرور والغوائل ، فكان مجتمعاً إنسانياً إسلامياً بامتياز، فيه الرحمة والتعاون والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
أما أولئك المشركون في مكة فقد استولوا على الديار ، وغصبوا المال، فكان لابد لساكن الدار أن يستعيد داره ، ولصاحب المال أن يسترد ماله ، ولكن كيف وقد بعدت المسافة بين المال وصاحبه ، وبين الأرض ومالكها ، وحالت الصحراء الشاسعة بين الصحب الطاهر وحقه ، ويشاء الله أن يعود المال إلى صاحبه وزيادة ، ويقدر الله أن يرجع الحق إلى صاحبه وكرامة ، فلئن استحال أن يعود الرجل إلى ماله فقد شاء الله أن يأتي المال وغاصبه إلى صاحب المال ليأخذه .
وهكذا تذهب قريش بتجارة لها إلى بلاد الشام وزعيم التجارة آنئذ أبو سفيان ، ويصل أمر القافلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيندب أصحابه للخروج ، ويشاء الله أن تقع معركة بدر تلك المعركة التي ما كانت في حسبان المسلمين ولا توقعاتهم ، فهم إنما خرجوا امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باعتراض قافلة تجارية تملكها قريش ، ولكنهم يجدون أمامهم جيشاً عرمرماً ، فلقد خرجت قريش بقضها وقضيضها تريد حرب المسلمين وقتالهم ، فتقع معركة بدر الكبرى ، تلك الحرب التي كانت في شهر رمضان وكان ابتداؤها انتداب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لاعتراض القافلة ، وكان منتهاها معركة حاسمة بين الإيمان والكفر ،
لقد قدر الله للقافلة أن تنجو ، وأراد الله للإيمان أن يستقر ويعلو ، ويستعرض النبي الكريم جنده ، ويستنطقهم ليعربوا عما يستقر في نفوسهم ويجيش في صدورهم ، فيقوم سيدنا سعد بن معاذ زعيم الأنصار وحامل لوائهم ، ويقول عبارات رائعات سطرت للمجد عنواناً ، ورفعت للنصر لواء " يارسول الله لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ماجئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً ، إنا لصبر قي الحرب ، صدق عند اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر على بركة الله" .
فيستبشر النبي عليه الصلاة والسلام ، ويطمئن على جنده ، ويسير مع جيشه نحو النصر ، وتبدأ المعركة بمبارزة بين أنصار الحق وأعوان الباطل ، تسفر عن ثلاثة جثث هامدة لمشركي قريش ، ومع سقوط هذه الجثث الثلاثة يبدأ حلم النصر الجميل الذي منوا به أنفسهم بالزوال رويداً رويداً ، وتبدأ معالم الكبر تتضاءل في وجوه الناس ، فيهبون جميعاً لاستنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا كبرياء يسفح ، وعزة جاهلية تداس ، ويلتحم الفريقان ويقاتل المسلمون كأنهم البنيان المرصوص ، ويُبدون ثباتاً عجيباً ، وشجاعة نادرة ، ويرتد المشركون على أعقابهم بعد أن ذاقوا بأس الرجال ، وأعملت فيهم السيوف والرماح ، وتسفر المعركة عن فوز مبين للحق وأهله .
لقد علمت هذه الثلة المباركة الواثقة بنصر الله والتي ما خرجت إلا لتعترض عيراً لقريش ، علمت الجيش المدرب أن النصر ليس بكثرة العدد والعتاد وإنما بإعداد النفوس وتهيئة الرجال ، إذ لم يكن نصر الجماعة المؤمنة وليد شجاعة نادرة أفرزته أرض المعركة – وإن كان هذا قد حصل- ولكن النصر عبارة عن إعداد روحي بدني ، استفرغ وسع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقام فيهم الصلاة ، وجمعهم على الصيام ، وحثهم على القيام ، وعلمهم مراقبة الله وتقواه ، وحملهم على الحب والتعاون ، فكانوا رجالاً بحق أبطالاً بصدق ،
و هكذا استمد المسلمون من رمضان أسباب القوة والنصر ، فكان هذا النصر غيضاً من فيض هذا الشهر الكريم الذي وعد الله فيه المتقين بالنصر والتأييد ، لقد استلهم المسلمون في بدر صبرهم من روح شهرهم العظيم الذي كانوا يعيشون في أكنافه ، لقد تعلموا في مدرسة رمضان أن الصبر سرّ النصر فصبروا ، فما يضير جماعة مؤمنة – والحالة هذه- ندبت لاعتراض قافلة تجارية أن وجدت نفسها تقابل جيشاً مجهزاً وعسكراً مدرباً ، وذلك أنها قد استجمعت كل أسباب النصر من تقوى استحكمت القلوب ، وصبر ملأ النفوس ، لقد فاض شهر الصوم بمعانيه على هذه الجماعة ,طبعهم بطابع التضحية والشجاعة ، والتغلب على شهوات النفس ، فكانت أرض بدر مفخرة لكل مسلم صائم ، ومدرسة تعلمه أن شهر الصوم ليس شهر الضعف والاستكانة , وإنما هو شهر العز والفخار ، شهر الانتصار على النفس والهوى واللذات .
منذ أن بزغ نور الهداية على وجه البسيطة ، وشع نور سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم ، وبدأ يدعو إلى الله ، منذ ذلك الحين أعلنت فئة من الناس الحرب على الإسلام وأهله ، وذلك من خلال تعذيبهم وتجويعهم بل وقتلهم ، لقد حاول المسلمون أن ينشروا دين الله عز وجل بين أهليهم وأحبابهم ، وكانوا يطمحون إلى إسلام مكة بكل فئاتها ، وجهائها وشرفائها وتجارها ، ولكن هيهات هيهات أن ينخلع أصحاب المصالح عن مصالحهم .. إن من يستعبدون الناس ويأخذون خيراتهم لا يـُتوقع منهم أن يتخلوا عن منافعهم ويعودوا إلى رشدهم ويتركوا هذا الاستعباد .
أيعقل أن يرضى أمية بن خلف أن يتساوى مع بلال الحبشي ..أيتصور أن يقبل أبو جهل أن يصفّ أقدامه مع سلمان الفارسي .. فلا بد إذن من تمايز المجتمعين ........
لقد أضنى المسلمون أنفسهم ، وكادت تذهب نفس رسول صلى الله عليه وسلم حسرات على المشركين أن يؤمنوا , ولكن أنى لقلوب قد انقلبت حجارة أن تثمر ولو جاءها وابل من مطر ، أنى لأفئدة قد صدئت أن تنجلي ولو أتاها سيل من عبر ، فذهب المجتمع المسلم برجاله ونسائه إلى حيث يجدون للزرع أرضاً وللنبت ماء , يمموا وجوههم تلقاء يثرب مخلفين وراءهم هناك في مكة أهلهم وديارهم وأموالهم ..
تركوا أهلاً عجزوا عن الهجرة فاستودعوهم الرحمن ، ودياراً لا تعرف الهجرة فطبعوا صورتها في ذاكرتهم , وحملوها عبر الزمان ، وأموالاً تركوها استخفافاً , طمعاً بما عند الله في الجنان ، لم يهاجروا من مكة لأنهم أبغضوها ، فهم يعشقون كل شيْ فيها حتى أحجارها ، تركوا مكة وهم يعلمون أنها أحب بقاع الله إليهم ، بل وهم يعلمون أنها أحب بقاع الله إلى الله .
ووصلوا يثرب ولم يكن معهم مال يؤمنون به أبسط متطلباتهم ، رغم أن إخوانهم الأنصار لم يتركوهم يعانون وحدهم شدة العيش وقلة المال ، بل ناصفوهم ملكهم ومنحوهم شطره ، كل ذلك حباً وطوعاً ، فقد جمعهم الإسلام فلم يعد يفرق بينهم شيْ ، وبدؤوا ببناء أنفسهم بناء إسلامياً ، وتنظيم مجتمعهم تنظيماً إيمانياً ، يحرصون على أداء العبادات والفرائض ، وتخليص النفس من الشرور والغوائل ، فكان مجتمعاً إنسانياً إسلامياً بامتياز، فيه الرحمة والتعاون والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
أما أولئك المشركون في مكة فقد استولوا على الديار ، وغصبوا المال، فكان لابد لساكن الدار أن يستعيد داره ، ولصاحب المال أن يسترد ماله ، ولكن كيف وقد بعدت المسافة بين المال وصاحبه ، وبين الأرض ومالكها ، وحالت الصحراء الشاسعة بين الصحب الطاهر وحقه ، ويشاء الله أن يعود المال إلى صاحبه وزيادة ، ويقدر الله أن يرجع الحق إلى صاحبه وكرامة ، فلئن استحال أن يعود الرجل إلى ماله فقد شاء الله أن يأتي المال وغاصبه إلى صاحب المال ليأخذه .
وهكذا تذهب قريش بتجارة لها إلى بلاد الشام وزعيم التجارة آنئذ أبو سفيان ، ويصل أمر القافلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيندب أصحابه للخروج ، ويشاء الله أن تقع معركة بدر تلك المعركة التي ما كانت في حسبان المسلمين ولا توقعاتهم ، فهم إنما خرجوا امتثالاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم باعتراض قافلة تجارية تملكها قريش ، ولكنهم يجدون أمامهم جيشاً عرمرماً ، فلقد خرجت قريش بقضها وقضيضها تريد حرب المسلمين وقتالهم ، فتقع معركة بدر الكبرى ، تلك الحرب التي كانت في شهر رمضان وكان ابتداؤها انتداب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لاعتراض القافلة ، وكان منتهاها معركة حاسمة بين الإيمان والكفر ،
لقد قدر الله للقافلة أن تنجو ، وأراد الله للإيمان أن يستقر ويعلو ، ويستعرض النبي الكريم جنده ، ويستنطقهم ليعربوا عما يستقر في نفوسهم ويجيش في صدورهم ، فيقوم سيدنا سعد بن معاذ زعيم الأنصار وحامل لوائهم ، ويقول عبارات رائعات سطرت للمجد عنواناً ، ورفعت للنصر لواء " يارسول الله لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ماجئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً ، إنا لصبر قي الحرب ، صدق عند اللقاء ، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر على بركة الله" .
فيستبشر النبي عليه الصلاة والسلام ، ويطمئن على جنده ، ويسير مع جيشه نحو النصر ، وتبدأ المعركة بمبارزة بين أنصار الحق وأعوان الباطل ، تسفر عن ثلاثة جثث هامدة لمشركي قريش ، ومع سقوط هذه الجثث الثلاثة يبدأ حلم النصر الجميل الذي منوا به أنفسهم بالزوال رويداً رويداً ، وتبدأ معالم الكبر تتضاءل في وجوه الناس ، فيهبون جميعاً لاستنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا كبرياء يسفح ، وعزة جاهلية تداس ، ويلتحم الفريقان ويقاتل المسلمون كأنهم البنيان المرصوص ، ويُبدون ثباتاً عجيباً ، وشجاعة نادرة ، ويرتد المشركون على أعقابهم بعد أن ذاقوا بأس الرجال ، وأعملت فيهم السيوف والرماح ، وتسفر المعركة عن فوز مبين للحق وأهله .
لقد علمت هذه الثلة المباركة الواثقة بنصر الله والتي ما خرجت إلا لتعترض عيراً لقريش ، علمت الجيش المدرب أن النصر ليس بكثرة العدد والعتاد وإنما بإعداد النفوس وتهيئة الرجال ، إذ لم يكن نصر الجماعة المؤمنة وليد شجاعة نادرة أفرزته أرض المعركة – وإن كان هذا قد حصل- ولكن النصر عبارة عن إعداد روحي بدني ، استفرغ وسع النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقام فيهم الصلاة ، وجمعهم على الصيام ، وحثهم على القيام ، وعلمهم مراقبة الله وتقواه ، وحملهم على الحب والتعاون ، فكانوا رجالاً بحق أبطالاً بصدق ،
و هكذا استمد المسلمون من رمضان أسباب القوة والنصر ، فكان هذا النصر غيضاً من فيض هذا الشهر الكريم الذي وعد الله فيه المتقين بالنصر والتأييد ، لقد استلهم المسلمون في بدر صبرهم من روح شهرهم العظيم الذي كانوا يعيشون في أكنافه ، لقد تعلموا في مدرسة رمضان أن الصبر سرّ النصر فصبروا ، فما يضير جماعة مؤمنة – والحالة هذه- ندبت لاعتراض قافلة تجارية أن وجدت نفسها تقابل جيشاً مجهزاً وعسكراً مدرباً ، وذلك أنها قد استجمعت كل أسباب النصر من تقوى استحكمت القلوب ، وصبر ملأ النفوس ، لقد فاض شهر الصوم بمعانيه على هذه الجماعة ,طبعهم بطابع التضحية والشجاعة ، والتغلب على شهوات النفس ، فكانت أرض بدر مفخرة لكل مسلم صائم ، ومدرسة تعلمه أن شهر الصوم ليس شهر الضعف والاستكانة , وإنما هو شهر العز والفخار ، شهر الانتصار على النفس والهوى واللذات .