بويوسف
22-09-2008, 12:21 PM
مديونية الأفراد للبنوك.. هل تعالج؟
--------------------------------------------------------------------------------
الاقتصادية - 22 سبتمبر , 2008
الكاتب: عبد المجيد بن عبد الرحمن الفايز
بعد أن وجدت البنوك التجارية ضالتها في الأفراد توسعت في منحهم مبالغ ضخمة على شكل قروض استهلاكية، واللافت هنا أن الفوائد التي تتقاضاها من الأفراد تزيد على ما تتقاضاها من الشركات بنحو الضعف، والدليل على ذلك قوائم الدخل لبعض البنوك التي تظهر بوضوح هذا الأمر المؤسف.
لا أعلم كيف سمح للبنوك التجارية بأن تكيل بمكيالين للبضاعة نفسها؟ فمن جهة تقرض الشركات التي لا تمنحها ضمانات توازي ما يمنحه لها الأفراد بفوائد بسيطة لا تزيد كثيرا على معدل الفائدة بين البنوك، في حين تستغل الأفراد بفوائد مركبة لا تطبق في أي مكان في العالم إلا لدينا بحجة أن تعاملاتها إسلامية، ولا أعلم كيف يتم التغاضي عن مبلغ الفوائد الضخم الذي تتقاضاه البنوك من حاملي البطاقات الائتمانية رغم أنه يعادل في بعض الأحيان خمسة أضعاف معدل الفائدة على الريال.
خلال فترة انتعاش سوق الأسهم نشطت البنوك في منح المزيد من القروض للأفراد حتى وصل حجمها الإجمالي إلى نحو 180 مليار ريال, معظمها تبخرت وذهبت أدراج الرياح بعد انهيار السوق، فلم يعد يتذكر المقترضون سوى التسديد الشهري الذي ما زال يلاحقهم ويقض مضاجعهم بعد أن تحولت أحلامهم الوردية إلى كوابيس يومية.
في الكويت طالب مجلس الأمة الحكومة بشطب مديونيات الأفراد للبنوك التجارية رغم أنهم لم يخسروا منها شيئا في سوق الأسهم, وكان هذا الموضوع من أهم الموضوعات الخلافية بين الجهتين مدة طويلة, ففي حين يصر المجلس على شطب الديون ترفض الحكومة إجراء مثل هذا، وتجربة الكويت بهذا الخصوص مع فارق التشبيه يمكن أن تطرح لدينا لعدة أسباب منها أن معظم المقترضين هم أفراد الطبقة المتوسطة التي تقلصت أعدادها ودخل جزء منها في عداد الطبقة الفقيرة بسبب انهيار سوق الأسهم وارتفاع الأسعار, وأيضا لأن المملكة اليوم, ولله الحمد والمنة, توجد لديها احتياطيات ضخمة من الأموال التي يكفي جزء منها للتنفيس على الأفراد عن طريق إعادة نحو ثلث قوتهم الشرائية لهم مرة أخرى كي يتمكنوا من مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
ربما يعتبر هذا الطرح من وجهة نظر البعض ساذجا أو مستحيلاً إلا أنه ممكن ويستحق النقاش والبحث، لأن القروض التي على الأفراد من أهم أسباب تدني قدرتهم الشرائية التي تعينهم على مواجهة الغلاء، هذا من جهة, ومن جهة أخرى فالخلل التنظيمي الذي صاحب منح هذه القروض ينبغي ألا يتحمل الأفراد وحدهم وزره، أما الآلية التي أراها لتنفيذ هذا المقترح فهي على النحو التالي:
1 ـ يتم تسديد جميع قروض الأفراد تجاه البنوك التجارية فقط بحد أقصى يبلغ 200 ألف ريال للقرض الواحد على أن يسدد قرض واحد لكل فرد.
2 ـ يتم تعويض البنوك التجارية سندات خزانة بدلاً من السداد النقدي حتى لا يؤثر في حجم السيولة الإجمالي في الاقتصاد.
3 ـ تمنع البنوك من منح قروض استهلاكية إلا إذا كانت لسلع معمرة مثل المنازل أو السيارات- سيارة واحدة فقط - أو الأثاث وما شابه ذلك.
4 ـ تمنع البنوك التجارية من تطبيق الفائدة المركبة على قروض الأفراد ويستعاض عنها بالفائدة البسيطة المتناقصة ويكون معدلها الأعلى هو معدل الفائدة بين البنوك + 1 في المائة, ويترك للبنوك التنافس لتخفيض الفائدة عن هذا الحد.
أعلم أن هناك تفاصيل كثيرة ينبغي البت فيها كي يكون هذا المقترح قابلا للتطبيق لكن الأهم أن يكون هناك قبول لفكرته، فالمبالغ التي أقدرها جزافا لمبلغ الديون التي يمكن أن تسدد في ضوء هذا المقترح تبلغ نحو 100 مليار ريال, وهي تعادل نحو 7 في المائة من احتياطيات المملكة النقدية.
أخيراً آمل في حال لم ير هذا المقترح النور أن تعيد مؤسسة النقد تنظيم منح القروض بشكل كامل حتى لا يكون الأفراد ضحية للغبن من قبل البنوك بحجة أن تعاملاتها إسلامية, رغم ما فيها من شكوك.
--------------------------------------------------------------------------------
الاقتصادية - 22 سبتمبر , 2008
الكاتب: عبد المجيد بن عبد الرحمن الفايز
بعد أن وجدت البنوك التجارية ضالتها في الأفراد توسعت في منحهم مبالغ ضخمة على شكل قروض استهلاكية، واللافت هنا أن الفوائد التي تتقاضاها من الأفراد تزيد على ما تتقاضاها من الشركات بنحو الضعف، والدليل على ذلك قوائم الدخل لبعض البنوك التي تظهر بوضوح هذا الأمر المؤسف.
لا أعلم كيف سمح للبنوك التجارية بأن تكيل بمكيالين للبضاعة نفسها؟ فمن جهة تقرض الشركات التي لا تمنحها ضمانات توازي ما يمنحه لها الأفراد بفوائد بسيطة لا تزيد كثيرا على معدل الفائدة بين البنوك، في حين تستغل الأفراد بفوائد مركبة لا تطبق في أي مكان في العالم إلا لدينا بحجة أن تعاملاتها إسلامية، ولا أعلم كيف يتم التغاضي عن مبلغ الفوائد الضخم الذي تتقاضاه البنوك من حاملي البطاقات الائتمانية رغم أنه يعادل في بعض الأحيان خمسة أضعاف معدل الفائدة على الريال.
خلال فترة انتعاش سوق الأسهم نشطت البنوك في منح المزيد من القروض للأفراد حتى وصل حجمها الإجمالي إلى نحو 180 مليار ريال, معظمها تبخرت وذهبت أدراج الرياح بعد انهيار السوق، فلم يعد يتذكر المقترضون سوى التسديد الشهري الذي ما زال يلاحقهم ويقض مضاجعهم بعد أن تحولت أحلامهم الوردية إلى كوابيس يومية.
في الكويت طالب مجلس الأمة الحكومة بشطب مديونيات الأفراد للبنوك التجارية رغم أنهم لم يخسروا منها شيئا في سوق الأسهم, وكان هذا الموضوع من أهم الموضوعات الخلافية بين الجهتين مدة طويلة, ففي حين يصر المجلس على شطب الديون ترفض الحكومة إجراء مثل هذا، وتجربة الكويت بهذا الخصوص مع فارق التشبيه يمكن أن تطرح لدينا لعدة أسباب منها أن معظم المقترضين هم أفراد الطبقة المتوسطة التي تقلصت أعدادها ودخل جزء منها في عداد الطبقة الفقيرة بسبب انهيار سوق الأسهم وارتفاع الأسعار, وأيضا لأن المملكة اليوم, ولله الحمد والمنة, توجد لديها احتياطيات ضخمة من الأموال التي يكفي جزء منها للتنفيس على الأفراد عن طريق إعادة نحو ثلث قوتهم الشرائية لهم مرة أخرى كي يتمكنوا من مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة.
ربما يعتبر هذا الطرح من وجهة نظر البعض ساذجا أو مستحيلاً إلا أنه ممكن ويستحق النقاش والبحث، لأن القروض التي على الأفراد من أهم أسباب تدني قدرتهم الشرائية التي تعينهم على مواجهة الغلاء، هذا من جهة, ومن جهة أخرى فالخلل التنظيمي الذي صاحب منح هذه القروض ينبغي ألا يتحمل الأفراد وحدهم وزره، أما الآلية التي أراها لتنفيذ هذا المقترح فهي على النحو التالي:
1 ـ يتم تسديد جميع قروض الأفراد تجاه البنوك التجارية فقط بحد أقصى يبلغ 200 ألف ريال للقرض الواحد على أن يسدد قرض واحد لكل فرد.
2 ـ يتم تعويض البنوك التجارية سندات خزانة بدلاً من السداد النقدي حتى لا يؤثر في حجم السيولة الإجمالي في الاقتصاد.
3 ـ تمنع البنوك من منح قروض استهلاكية إلا إذا كانت لسلع معمرة مثل المنازل أو السيارات- سيارة واحدة فقط - أو الأثاث وما شابه ذلك.
4 ـ تمنع البنوك التجارية من تطبيق الفائدة المركبة على قروض الأفراد ويستعاض عنها بالفائدة البسيطة المتناقصة ويكون معدلها الأعلى هو معدل الفائدة بين البنوك + 1 في المائة, ويترك للبنوك التنافس لتخفيض الفائدة عن هذا الحد.
أعلم أن هناك تفاصيل كثيرة ينبغي البت فيها كي يكون هذا المقترح قابلا للتطبيق لكن الأهم أن يكون هناك قبول لفكرته، فالمبالغ التي أقدرها جزافا لمبلغ الديون التي يمكن أن تسدد في ضوء هذا المقترح تبلغ نحو 100 مليار ريال, وهي تعادل نحو 7 في المائة من احتياطيات المملكة النقدية.
أخيراً آمل في حال لم ير هذا المقترح النور أن تعيد مؤسسة النقد تنظيم منح القروض بشكل كامل حتى لا يكون الأفراد ضحية للغبن من قبل البنوك بحجة أن تعاملاتها إسلامية, رغم ما فيها من شكوك.