تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السجود قوة - عائض القرني



OPEC
24-09-2008, 01:06 PM
السجود قوة - عائض القرني
الشرق الأوسط

إذا قُطعت الحبال، وأظلمت السبل، وضاقت النفس أتت الصلاة بفيض من الرحمة، وغيث من السكينة، وفجر من الأمن، فتشرق الروح، وتصفو النفس، إذا أجدب القلب في فيافي الحياة، وأفلس في بيداء التيه، فلا بارقة أمل، ولا إشراقة فرج، ولا إضاءة رضا،

جاءت الصلاة ليتصل الفناء بالبقاء، والضعف بالقوة، والشك باليقين، والفقر بالغنى،

تالله لمنظر المسلم وهو ساجد جامعاً نفسه واضعاً أرنبة أنفه على الطين، طارحاً جبهته على التراب، خاضعاً لمولاه يدعو ويتضرع،
والله إن هذا المنظر ليهز في النفس الصادقة والضمير الحي كل ذرة من ذرات الزيف، وركام الزور، وأيم الله إنها لصورة العظمة لكن في أبهى حللها، وقداس الجلال لكن في أنبل سجاياه،

تالله ما أعجبني حفل إمبراطور في مسرحية عابثة من دخل الناس وهراء البشر،
ولكن أعجبني مؤمن تقطر أعضاؤه من ماء الوضوء، وتفيض عينه بالدموع، وتندى عواطفه بالتوبة،
ووالله ما بهرني حفل زائف تُلقى فيه إلياذات النفاق، وتساق فيه قصائد الإطراء،

ولكن بهرني هيكل عبد صادق رمى بالدنيا بما فيها، ورفع يديه وصاح: الله أكبر. حلفت برب البروج، ومزيّن المروج،

ما أشجتني حلية المواكب، وهملجة المراكب، ولو دنت لأهلها الكواكب،

ولكن أشجاني إنسان بكى ساجداً يردد: سجد وجهي للذي خلقه وصوّره وشقّ سمعه وبصره.

خرّ ساجدا واضعا أعلى جوارحه وأشرف أعضائه على الأرض، جميع أعضائه العاملة؛ الوجه واليدان والرجلان كلها ملصقة في الأرض ليس فيها شيء عالٍ على شيء، يستحضر فكره من تنزه عن السفول،
يستحضر عقله علو الرب الأعلى، فيقول: سبحان ربي الأعلى، ينزه ربه عن السفول، ويصفه بالعلو المطلق، فإنه تعالى عال بذاته، عال بصفاته، فهو فوق كل شيء، وصفاته أعلى الصفات وأكملها،
ومن أجل هذا التواضع الذي يضع الساجد فيه نفسه تعظيماً لربه كان أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد

عنوووود
28-09-2008, 04:46 AM
جزاك الله كل خير