العبيـدلي
01-10-2008, 12:19 PM
خدمات البنوك الإسلامية لا تزال «لغزاً» أمام العملاء
الدوحة - المختار الأحمر
عندما تقوم بإجراءات شراء سيارة من أحد البنوك الإسلامية في قطر، من بداية طلب الشراء إلى نهاية تسليم السيارة، تستوقفك العديد من الملاحظات، لتتذكر مواقف الكثير من الناس حول معاملات البنوك الإسلامية ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.
وإذا كان البعض محظوظا على غراري بحكم اهتمامي واشتغالي بموضوع الصيرفة الإسلامية، الشيء الذي جعلني لا أطلق العنان لسيل من الاتهامات لهذه البنوك، فإن هذا الحظ لا يتوفر لدى الكثيرين من العملاء، الذين لا يعرفون أي شيء عن هذه المعاملات، مما يجعلهم عرضة لأية شبهة قد تطال هذه البنوك، وحينئذ يحكمون عليها بكونها غير إسلامية، دون أن تكون لديهم خلفية أو تصور عن مفهوم وطبيعة المعاملات المالية الإسلامية، والحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقول الأصوليون.
ويمكن حصر هذه الملاحظات في عدة نقاط تتمثل في تقصير الموظفين ومقدمي الخدمات في شرح المنتجات الإسلامية للعملاء من حيث التأصيل الشرعي لها وبيان الفرق بينها وبين المنتجات الربوية، أيضا ضعف التكوين لدى الموظفين من حيث المعرفة بالصيرفة الإسلامية وضعف القدرة على إقناع العميل على أن خدمات البنك الإسلامي متوافقة مع الشريعة الإسلامية بالإضافة إلى عدم الاهتمام أو ضعف الحماس في شرح مميزات الخدمات المالية الإسلامية.
وسنقف على كل ملاحظة من هذه الملاحظات بالتفصيل والتحليل.
ففي ما يخص تقصير الموظفين في شرح المنتجات الإسلامية للعملاء، نجد أن العميل يختار البنك الإسلامي بناء على تفويض مسبق من كون البنك يعمل وفق الشريعة الإسلامية، وقد حصل له هذا الاقتناع عن طريق السماع لا عن طريق الاقتناع المباشر من موظفي البنوك الإسلامية وقت طلبه التعامل معها، وفتح معاملات معينة فيها.
وقد استغربت من موظف وهو يستقبل عميلا جديدا لا يعرف شيئا عن هذه البنوك، فبدا تعامله مع هذا العميل وكأنه قد خضع لدورة تعريفية بطبيعة المعاملات المالية الإسلامية، حيث بدأ معه بالحديث مباشرة عن إجراءات فتح الحساب وما يتطلبه ذلك من خطوات إدارية، دون أن يكلف نفسه عناء شرح مميزات هذه الخدمات التي يقدمها البنك.
إن تقصير البنوك الإسلامية ومقدمي الخدمات المصرفية الإسلامية في شرح المنتجات الإسلامية للعملاء من حيث التأصيل الشرعي لها، وأوجه الفرق بينها وبين الربا سيكون له انعكاس على إقبال الناس على هذه البنوك، وقد بدأ هذا الأمر، خصوصا بعد ظهور بعض الدعوات التي تنفي الصفة الإسلامية عن هذه البنوك، مما يشوش على العملاء في علاقتهم بهذه البنوك في أحسن الأحوال، وهو ما يعكسه قول أحد الموظفين الذي يعمل في شركة لها معاملات مع هذه البنوك، حيث اعتبر أن هذه البنوك لا تتعامل حقيقةً وفق الشريعة الإسلامية، لأنها تأخذ ما يسمى فائدة مقابل الأجل الذي هو في الحقيقة ربا. فلو قامت البنوك الإسلامية بدورها في توعية الناس لما كان لهذا السؤال ما يبرره، أو لكان غريبا نوعا ما، لأن هذا خلط صارخ بين الفائدة الربحية والربا، فالفائدة الربحية إنما ناتجة عن بيع وشراء، سواء كان البيع عن طريق المرابحة أو المساومة أو البيع الآجل أو غير ذلك، أما الربا فهي نتاج قرض نقدي مقابل زيادة نقدية، أي شراء نقد بنقد أكبر منه وهو الربا المحرم.
أما ضعف التكوين لدى الموظفين من حيث المعرفة بالصيرفة الإسلامية، فهذا من أكبر المشاكل التي تعاني منها البنوك الإسلامية، وهذا الأمر يفسر التقصير الذي تحدثنا عنه، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف لموظف لا يعرف عن الخدمات المالية الإسلامية أن يكون متحمسا لشيء يجهله، فالعلم شرط في التبليغ كما يقول العلماء.
إن العميل لا يكفيه بأن يقول له مقدم الخدمة إن هذا الأمر أجازه العلماء أو العالم الفلاني، بل لا بد من إيضاح للفتوى الشرعية بما يحصل معه اليقين لديهم بجواز الأمر، وهذا يتطلب كفاءة عالية لدى الموظف حتى يحصل ذلك.
وفي انتظار أن يتحقق ذلك، ولتجاوز مشكل ضعف الأهلية لدى الموظفين في هذا المجال، أقترح على البنوك الإسلامية أن تستعين بإعداد منشورات وإصدارات تعريفية بمنتجاتها.
فكما تجتهد في تقديم عروضها المغرية من حيث القيمة المادية لجذب الناس، يجب عليها أن تجتهد كذلك في تقديم خدماتها الإسلامية وبيان مميزاتها الشرعية.
إن أهم الموارد في عالم الأعمال والمال هي الموارد البشرية، وتطويرها هو تطوير للعمل، أما التقصير في تنميتها وعدم الاهتمام بها فسيؤدي بالضرورة إلى إضعاف العمل ولو كان مجهزا بأحدث الوسائل، لأنه بذلك سيكون فاقدا لأهم العناصر في عملية الإنتاج. وعليه فإن عدم وجود الكوادر البشرية المؤهلة تأهيلا مهنيا عاليا في مجال الصيرفة الإسلامية، سيعرض البنوك الإسلامية لمخاطر عدة، أقلها أن الناس سيأتي زمان فيعرضون عنها ظنا منهم أنها لا تختلف عن البنوك الربوية، فيؤدي ذلك إلى أن تفقد الصيرفة الإسلامية مصداقيتها التي هي رأسمالها الأساسي.
ولذلك نرى الكثير من المتخصصين والمهتمين بموضوع التمويل الإسلامي يؤكدون دائما على أهمية تأهيل العاملين في البنوك الإسلامية تأهيلا معرفيا في مجال الصيرفة الإسلامية، إضافة إلى استقطاب الكوادر التي تؤمن برسالتها وتحمل همها.
هذه بعض ملاحظاتي ونصائحي، والباقي قادم إن شاء الله.
الدوحة - المختار الأحمر
عندما تقوم بإجراءات شراء سيارة من أحد البنوك الإسلامية في قطر، من بداية طلب الشراء إلى نهاية تسليم السيارة، تستوقفك العديد من الملاحظات، لتتذكر مواقف الكثير من الناس حول معاملات البنوك الإسلامية ومدى توافقها مع الشريعة الإسلامية.
وإذا كان البعض محظوظا على غراري بحكم اهتمامي واشتغالي بموضوع الصيرفة الإسلامية، الشيء الذي جعلني لا أطلق العنان لسيل من الاتهامات لهذه البنوك، فإن هذا الحظ لا يتوفر لدى الكثيرين من العملاء، الذين لا يعرفون أي شيء عن هذه المعاملات، مما يجعلهم عرضة لأية شبهة قد تطال هذه البنوك، وحينئذ يحكمون عليها بكونها غير إسلامية، دون أن تكون لديهم خلفية أو تصور عن مفهوم وطبيعة المعاملات المالية الإسلامية، والحكم على الشيء فرع عن تصوره كما يقول الأصوليون.
ويمكن حصر هذه الملاحظات في عدة نقاط تتمثل في تقصير الموظفين ومقدمي الخدمات في شرح المنتجات الإسلامية للعملاء من حيث التأصيل الشرعي لها وبيان الفرق بينها وبين المنتجات الربوية، أيضا ضعف التكوين لدى الموظفين من حيث المعرفة بالصيرفة الإسلامية وضعف القدرة على إقناع العميل على أن خدمات البنك الإسلامي متوافقة مع الشريعة الإسلامية بالإضافة إلى عدم الاهتمام أو ضعف الحماس في شرح مميزات الخدمات المالية الإسلامية.
وسنقف على كل ملاحظة من هذه الملاحظات بالتفصيل والتحليل.
ففي ما يخص تقصير الموظفين في شرح المنتجات الإسلامية للعملاء، نجد أن العميل يختار البنك الإسلامي بناء على تفويض مسبق من كون البنك يعمل وفق الشريعة الإسلامية، وقد حصل له هذا الاقتناع عن طريق السماع لا عن طريق الاقتناع المباشر من موظفي البنوك الإسلامية وقت طلبه التعامل معها، وفتح معاملات معينة فيها.
وقد استغربت من موظف وهو يستقبل عميلا جديدا لا يعرف شيئا عن هذه البنوك، فبدا تعامله مع هذا العميل وكأنه قد خضع لدورة تعريفية بطبيعة المعاملات المالية الإسلامية، حيث بدأ معه بالحديث مباشرة عن إجراءات فتح الحساب وما يتطلبه ذلك من خطوات إدارية، دون أن يكلف نفسه عناء شرح مميزات هذه الخدمات التي يقدمها البنك.
إن تقصير البنوك الإسلامية ومقدمي الخدمات المصرفية الإسلامية في شرح المنتجات الإسلامية للعملاء من حيث التأصيل الشرعي لها، وأوجه الفرق بينها وبين الربا سيكون له انعكاس على إقبال الناس على هذه البنوك، وقد بدأ هذا الأمر، خصوصا بعد ظهور بعض الدعوات التي تنفي الصفة الإسلامية عن هذه البنوك، مما يشوش على العملاء في علاقتهم بهذه البنوك في أحسن الأحوال، وهو ما يعكسه قول أحد الموظفين الذي يعمل في شركة لها معاملات مع هذه البنوك، حيث اعتبر أن هذه البنوك لا تتعامل حقيقةً وفق الشريعة الإسلامية، لأنها تأخذ ما يسمى فائدة مقابل الأجل الذي هو في الحقيقة ربا. فلو قامت البنوك الإسلامية بدورها في توعية الناس لما كان لهذا السؤال ما يبرره، أو لكان غريبا نوعا ما، لأن هذا خلط صارخ بين الفائدة الربحية والربا، فالفائدة الربحية إنما ناتجة عن بيع وشراء، سواء كان البيع عن طريق المرابحة أو المساومة أو البيع الآجل أو غير ذلك، أما الربا فهي نتاج قرض نقدي مقابل زيادة نقدية، أي شراء نقد بنقد أكبر منه وهو الربا المحرم.
أما ضعف التكوين لدى الموظفين من حيث المعرفة بالصيرفة الإسلامية، فهذا من أكبر المشاكل التي تعاني منها البنوك الإسلامية، وهذا الأمر يفسر التقصير الذي تحدثنا عنه، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، فكيف لموظف لا يعرف عن الخدمات المالية الإسلامية أن يكون متحمسا لشيء يجهله، فالعلم شرط في التبليغ كما يقول العلماء.
إن العميل لا يكفيه بأن يقول له مقدم الخدمة إن هذا الأمر أجازه العلماء أو العالم الفلاني، بل لا بد من إيضاح للفتوى الشرعية بما يحصل معه اليقين لديهم بجواز الأمر، وهذا يتطلب كفاءة عالية لدى الموظف حتى يحصل ذلك.
وفي انتظار أن يتحقق ذلك، ولتجاوز مشكل ضعف الأهلية لدى الموظفين في هذا المجال، أقترح على البنوك الإسلامية أن تستعين بإعداد منشورات وإصدارات تعريفية بمنتجاتها.
فكما تجتهد في تقديم عروضها المغرية من حيث القيمة المادية لجذب الناس، يجب عليها أن تجتهد كذلك في تقديم خدماتها الإسلامية وبيان مميزاتها الشرعية.
إن أهم الموارد في عالم الأعمال والمال هي الموارد البشرية، وتطويرها هو تطوير للعمل، أما التقصير في تنميتها وعدم الاهتمام بها فسيؤدي بالضرورة إلى إضعاف العمل ولو كان مجهزا بأحدث الوسائل، لأنه بذلك سيكون فاقدا لأهم العناصر في عملية الإنتاج. وعليه فإن عدم وجود الكوادر البشرية المؤهلة تأهيلا مهنيا عاليا في مجال الصيرفة الإسلامية، سيعرض البنوك الإسلامية لمخاطر عدة، أقلها أن الناس سيأتي زمان فيعرضون عنها ظنا منهم أنها لا تختلف عن البنوك الربوية، فيؤدي ذلك إلى أن تفقد الصيرفة الإسلامية مصداقيتها التي هي رأسمالها الأساسي.
ولذلك نرى الكثير من المتخصصين والمهتمين بموضوع التمويل الإسلامي يؤكدون دائما على أهمية تأهيل العاملين في البنوك الإسلامية تأهيلا معرفيا في مجال الصيرفة الإسلامية، إضافة إلى استقطاب الكوادر التي تؤمن برسالتها وتحمل همها.
هذه بعض ملاحظاتي ونصائحي، والباقي قادم إن شاء الله.