الجزيرة
04-10-2008, 02:12 AM
شواطيء الكلماتجريدة الشرق الخميس 2/10/2008م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
اليوم عيد
مقال للكاتبة : عبير تميم العدناني
بما أن اليوم عيد ، بدأ الناس بالقدوم لمنزلي منذ الصباح للتهنئة بالعيد غير مكتفين بارسال رسائل قصيرة على الهاتف ، وتناولنا معهم حلوى العيد ، و(الفوالة) التي أعددناه معا أنا وصديقاتي ونساء الفريج الذي أسكن به ، ورأيت كل من كان بيننا وبينه شحناء اوحتى سوء تفاهم قد حضر معلنا أن اليوم عيد ، وبما أن اليوم عيد المسلمين فانه فرصة لفتح صفحة جديدة خالية من الخلافات ولامجال فيها للبغضاء أو الحقد أو النزاعات ..
ومن كان مقصراً في حق قريب له وقاطع لرحمه فاليوم هو أفضل فرصة ليصل رحمه وليرتأب الصدع الذي أحدثته الأيام ..
وعندما فكرنا بعمل خيري في هذا اليوم الفضيل عند الله ذهبنا لدار المسنين فوجدنا الدار خالية من النزلاء ، وذلك لأن كل إبن وإبنة قد استفاق ضميرهم وعرفوا الحق ، وعلموا علم اليقين أن الدنيا ماهي إلا دار عبور للآخرة ، وبأن عقوق الوالدين من الكبائر ، وعقوبته في الدنيا والآخرة ، والدنيا دين وسداد كما يقال ، فاليوم هم الأبناء وغدا سيكونون هم الآباء ولابد بأن تدور الدوائر وكما ألقوا بآبائهم في مقبرة النكران ( دار المسنين) فلابد ان يأتي يوم يلقيهم أبناءهم به هناك ... لذلك ذهب كل منهم لأخذ والده مقبلا يده ورأسه ومعتذرا له ومتوجها به إلى السوق ليشتري له ثيابا جديدة للعيد .. وبعدها إلى بيته ليكون له هناك فيه أطيب مقام وأفضل منزل معززا مكرماً حتى يحين رحيله إلى دار الحق ..
وبعدها أخذنا نزور كبار السن والمرضى هنا وهناك ..في هذا البيت وفي ذاك ..
وفي طريقنا حاولنا البحث عن فقراء لنعطيهم مايدخل الفرحة على قلوبهم فلم نجد ، وذلك لأن المسلمين قد عرفوا حق الله في أموالهم فأخرجوا الزكاة كما يجب ، وتصدقوا كما يجب ، وكل من بسط الله عليه رزقه قد كفل من يحتاج من عائلته وأقاربه وجيرانه حتى لم يعد هناك من نعطيه صدقة ..
وبينما نحن كذلك كنا نستمتع بمشاهدة الأطفال وهم برفقة آبائهم وأمهاتهم ، وليس الخدم فلم يعد الخدم إلا للمساعدة في أعمال المنزل ، ولكن الاهتمام بالأطفال وتربيتهم واصطحابهم للعب في العيد هو وظيفة الآباء ..
وبينما نحن مجتمعون في بيت العائلة الكبير كماجرت العادة طوال سنوات ، فتحنا التلفاز لنجد أن الحروب قد توقفت ، بما أن اليوم عيد .. وأبناء فلسطين والعراق والسودان والصومال وأبناء المسلمين في كل العالم سعداء ، ويستمتعون بثياب العيد الجديدة وينعمون بالأمن والسلام وألعاب العيد حالهم كحال غيرهم من أطفال العالم ...
وفجأة سمعت صوت رسالة على هاتفي الجوال .. فتحت عيناي لأجد نفسي غارقة في أحلام اليقظة ، وأمسكت هاتفي لأقرأ لديك (15 رسالة نصية ) أخذت أفتح هذه الرسالة ثم تلك وهكذا لأقرأ كل عام وانتم بخير ، عيدكم مبارك ، تقبل الله طاعاتكم ...
فقد أصبح معظم الناس يكتفي بالرسائل القصيرة بدلاً من الزيارات وتهاني العيد كما كان سابقاً ..
آلمني ذلك .. ونظرت حولي لأجدني دون أهلي وأطفالي ..لاأملك من أمري شيئاً لأرى فرحة العيد في وجوههم ..
فتحت التلفاز لأرى نشرة الأخبار بين بكاء طفل فلسطيني في الشارع وآخر عراقي جريح على أسرة المستشفى يصارع الألم .. وبين هذا الخبر وذاك ..حتى شعرت بالمرارة والأسى .. خرجت لأحاول النسيان فاذا بصديقتي تطلب مني مرافقتها لزيارة بيت المسنين حيث يلقى الآباء هناك مكافأة نهاية الخدمة من أبنائهم ..
وعندما أردنا أن نخفف وطأة مارأينا ذلك اليوم ، ذهبنا لتناول الغداء فاذا بأطفال هنا وهناك مع الخدم هذه تطعم الطفل هذا ...وتلك تصرخ في وجه طفل آخر .. وخادمة مع سائق تركب سيارة بصحبة أطفال صغار دون أن يكون معهم أحد من عائلتهم ..
وبين الفينة والأخرى أتلقى مكالمة من صديقة لي تخبرني فيها كيف ان زوجها لم يهنئها بالعيد ، وتلك تخبرني كيف أن أقاربها قد قطعوا رحمهم ولم يكترثوا ، وأخرى تخبرني أن صديقتها لم تشتري لأبنائها ثيابا للعيد لأنها لاتمتلك المال ..
تعجبت من حال المسلمين ..وتذكرت قول القائل:
عيد بأي حال عدت ياعيد .. بما مضى أم لأمر فيه تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم .. فليت دونك بيد دونها بيد
وسألت نفسي ياترى ماالذي بقي لنا من ملامح العيد ؟؟ فأجابتني أبيات القائل :
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يـداهُ ومـا أعطى وما وَهَبـا
من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبـا
يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَـذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا
وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُـم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمـسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا
ومضة :
(إن أجمل الأيام يوم لم نعشه بعد..وأجمل البحار بحر لم تطفه أشرعتنا بعد)
يبقى الأمل معقوداً على ان يستفيق الغافلون من سباتهم ..وأن يكون الغد أفضل
ويكون العيد القادم أجمل .. وأن تعود للعيد فرحته في قلوب الجميع ..
وكل عام وأنتم أسعد ..
Aladnani_qtr@hotmail.com
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ
اليوم عيد
مقال للكاتبة : عبير تميم العدناني
بما أن اليوم عيد ، بدأ الناس بالقدوم لمنزلي منذ الصباح للتهنئة بالعيد غير مكتفين بارسال رسائل قصيرة على الهاتف ، وتناولنا معهم حلوى العيد ، و(الفوالة) التي أعددناه معا أنا وصديقاتي ونساء الفريج الذي أسكن به ، ورأيت كل من كان بيننا وبينه شحناء اوحتى سوء تفاهم قد حضر معلنا أن اليوم عيد ، وبما أن اليوم عيد المسلمين فانه فرصة لفتح صفحة جديدة خالية من الخلافات ولامجال فيها للبغضاء أو الحقد أو النزاعات ..
ومن كان مقصراً في حق قريب له وقاطع لرحمه فاليوم هو أفضل فرصة ليصل رحمه وليرتأب الصدع الذي أحدثته الأيام ..
وعندما فكرنا بعمل خيري في هذا اليوم الفضيل عند الله ذهبنا لدار المسنين فوجدنا الدار خالية من النزلاء ، وذلك لأن كل إبن وإبنة قد استفاق ضميرهم وعرفوا الحق ، وعلموا علم اليقين أن الدنيا ماهي إلا دار عبور للآخرة ، وبأن عقوق الوالدين من الكبائر ، وعقوبته في الدنيا والآخرة ، والدنيا دين وسداد كما يقال ، فاليوم هم الأبناء وغدا سيكونون هم الآباء ولابد بأن تدور الدوائر وكما ألقوا بآبائهم في مقبرة النكران ( دار المسنين) فلابد ان يأتي يوم يلقيهم أبناءهم به هناك ... لذلك ذهب كل منهم لأخذ والده مقبلا يده ورأسه ومعتذرا له ومتوجها به إلى السوق ليشتري له ثيابا جديدة للعيد .. وبعدها إلى بيته ليكون له هناك فيه أطيب مقام وأفضل منزل معززا مكرماً حتى يحين رحيله إلى دار الحق ..
وبعدها أخذنا نزور كبار السن والمرضى هنا وهناك ..في هذا البيت وفي ذاك ..
وفي طريقنا حاولنا البحث عن فقراء لنعطيهم مايدخل الفرحة على قلوبهم فلم نجد ، وذلك لأن المسلمين قد عرفوا حق الله في أموالهم فأخرجوا الزكاة كما يجب ، وتصدقوا كما يجب ، وكل من بسط الله عليه رزقه قد كفل من يحتاج من عائلته وأقاربه وجيرانه حتى لم يعد هناك من نعطيه صدقة ..
وبينما نحن كذلك كنا نستمتع بمشاهدة الأطفال وهم برفقة آبائهم وأمهاتهم ، وليس الخدم فلم يعد الخدم إلا للمساعدة في أعمال المنزل ، ولكن الاهتمام بالأطفال وتربيتهم واصطحابهم للعب في العيد هو وظيفة الآباء ..
وبينما نحن مجتمعون في بيت العائلة الكبير كماجرت العادة طوال سنوات ، فتحنا التلفاز لنجد أن الحروب قد توقفت ، بما أن اليوم عيد .. وأبناء فلسطين والعراق والسودان والصومال وأبناء المسلمين في كل العالم سعداء ، ويستمتعون بثياب العيد الجديدة وينعمون بالأمن والسلام وألعاب العيد حالهم كحال غيرهم من أطفال العالم ...
وفجأة سمعت صوت رسالة على هاتفي الجوال .. فتحت عيناي لأجد نفسي غارقة في أحلام اليقظة ، وأمسكت هاتفي لأقرأ لديك (15 رسالة نصية ) أخذت أفتح هذه الرسالة ثم تلك وهكذا لأقرأ كل عام وانتم بخير ، عيدكم مبارك ، تقبل الله طاعاتكم ...
فقد أصبح معظم الناس يكتفي بالرسائل القصيرة بدلاً من الزيارات وتهاني العيد كما كان سابقاً ..
آلمني ذلك .. ونظرت حولي لأجدني دون أهلي وأطفالي ..لاأملك من أمري شيئاً لأرى فرحة العيد في وجوههم ..
فتحت التلفاز لأرى نشرة الأخبار بين بكاء طفل فلسطيني في الشارع وآخر عراقي جريح على أسرة المستشفى يصارع الألم .. وبين هذا الخبر وذاك ..حتى شعرت بالمرارة والأسى .. خرجت لأحاول النسيان فاذا بصديقتي تطلب مني مرافقتها لزيارة بيت المسنين حيث يلقى الآباء هناك مكافأة نهاية الخدمة من أبنائهم ..
وعندما أردنا أن نخفف وطأة مارأينا ذلك اليوم ، ذهبنا لتناول الغداء فاذا بأطفال هنا وهناك مع الخدم هذه تطعم الطفل هذا ...وتلك تصرخ في وجه طفل آخر .. وخادمة مع سائق تركب سيارة بصحبة أطفال صغار دون أن يكون معهم أحد من عائلتهم ..
وبين الفينة والأخرى أتلقى مكالمة من صديقة لي تخبرني فيها كيف ان زوجها لم يهنئها بالعيد ، وتلك تخبرني كيف أن أقاربها قد قطعوا رحمهم ولم يكترثوا ، وأخرى تخبرني أن صديقتها لم تشتري لأبنائها ثيابا للعيد لأنها لاتمتلك المال ..
تعجبت من حال المسلمين ..وتذكرت قول القائل:
عيد بأي حال عدت ياعيد .. بما مضى أم لأمر فيه تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم .. فليت دونك بيد دونها بيد
وسألت نفسي ياترى ماالذي بقي لنا من ملامح العيد ؟؟ فأجابتني أبيات القائل :
لم يبقَ من عيدنا إلا الذي تَرَكَتْ *** لنا يـداهُ ومـا أعطى وما وَهَبـا
من ذكرياتٍ أقَمنا العُمرَ نَعصِرُها *** فما شربنا ولا داعي المُنى شَرِبـا
يا عيدُ هَلاّ تَذَكرتَ الذي أخَـذَتْ *** منّا الليالي وما من كأسِنا انسَكَبا
وهل تَذَكَّرتَ أطفالاً مباهِجُهُـم *** يا عيدُ في صُبْحِكَ الآتي إذا اقتربا
هَلاّ تَذَكَّرتَ ليلَ الأَمـسِ تملؤُهُ *** بِشْراً إذا جِئْتَ أينَ البِشْرُ؟..قد ذَهَبا
ومضة :
(إن أجمل الأيام يوم لم نعشه بعد..وأجمل البحار بحر لم تطفه أشرعتنا بعد)
يبقى الأمل معقوداً على ان يستفيق الغافلون من سباتهم ..وأن يكون الغد أفضل
ويكون العيد القادم أجمل .. وأن تعود للعيد فرحته في قلوب الجميع ..
وكل عام وأنتم أسعد ..
Aladnani_qtr@hotmail.com