المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ( مقالات تداعيات الأزمة المالية العالمية 2008 )



إنتعاش
07-10-2008, 09:16 PM
اترك لأيديكم مجموعة من المقالات والاطروحات المنشورة في أروقة الانترنت

من محللين و مهتمين بالقضية الاخيرة وعلاقة الاسواق الخليجية بها ..



أزمة الائتمان في الخليج


فهد الشثري
صحيفة "الاقتصادية" السعودية

ما أثر أزمة أسواق الائتمان في الولايات المتحدة في اقتصادات دول الخليج؟ سؤال يبحث عن إجابة لدى المواطن الخليجي, فضبابية الصورة ألقت بثقلها على الأسواق المالية الخليجية التي تأثرت بشكل أكبر مما تأثرت به الأسواق المالية العالمية الأخرى ولسبب وحيد فقط هو عدم توافر معلومات لدى المستثمر تتيح له تقييم آثار هذه الأزمة بشكل دقيق, وبالتالي شمل الهبوط جميع قطاعات الأسواق المالية الخليجية دون التفرقة بين المتأثر بشكل مباشر كالمصارف التجارية أو المتأثر بشكل غير مباشر كالشركات الصناعية.

والجواب الذي نسمعه كثيراً من صانعي القرار الاقتصادي الخليجي هو محدودية أثر الأزمة في اقتصادات دول الخليج, لكن المنطق يدلل على أن هناك ثلاثة مصادر محتملة من مصادر تأثر الاقتصاد الخليجي.


الأول تأثر المؤسسات المالية التي تملك حيازات في سندات الرهن العقاري أو تستثمر في عقود التزامات الدين المهيكلCDO’s المرتبط بتلك السندات أو في عقود مبادلة الديون CDS’s.

والثاني هو الخسائر الناتجة عن إدارة الاستثمارات بواسطة البنوك الاستثمارية الأمريكية المتأثرة من الأزمة.

أما الثالث والأخير فعن طريق تأثر الوضع الائتماني في دول الخليج, الذي يتمثل في شح السيولة وارتفاع تكلفة الاقتراض. ما يعني أن القول إن اقتصاد الخليج سيكون بمنأى عن التأثر بهذه الأزمة العالمية هو أمر غير منطقي.

فيما يتعلق بالأثر الأول وهو الخسائر الناتجة عن الحيازة المباشرة لسندات الرهن العقاري أو مشتقاتها فقد أعلن سابقاً أن البنكين المتأثرين جراء ذلك هما: بنك الخليج الدولي GIB الذي خسر ما يقارب 750 مليون دولار من استثماراته في سندات الرهن العقاري ما استدعى رفع رأسماله بتمويل من مؤسسة النقد السعودي، والمؤسسة العربية المصرفية ABC التي تجاوزت خسائرها 500 مليون دولار.

أما المصارف والبنوك الاستثمارية الأخرى فلم تعلن تعرضها لخسائر من جراء أزمة الائتمان العالمية أو على الأقل لم تفصح عن احتمالات تعرضها لخسائر. وارتباط البنوك والمصارف الخليجية بالمصارف العالمية, خصوصاً في الولايات المتحدة, يجعل من الصعب التسليم بأن هناك أثراً محدوداً على استثمارات البنوك الخليجية, التي تتركز بشكل كبير في الولايات المتحدة.

إذ ترتبط البنوك الخليجية عادة بالبنوك الاستثمارية الأمريكية باتفاقيات لاستثمار فوائضها المالية. ما يعني أن إفلاس بنك استثماري مثل ليمان برذرز سيترك لا محالة أثراً في البنوك الخليجية التي تتعامل معه.


لذلك فإن كان أثر الاستثمار المباشر في سندات الرهن العقاري أو في مشتقاته محدوداً بالنظر إلى الطبيعة المعقدة لتلك الأصول الاستثمارية, التي لم تشجع المصرفيين الخليجيين على اقتنائها، فإن ارتباط البنوك الخليجية باتفاقيات استثمارية مع صناديق الاستثمار الأمريكية سينتج عنه بلا شك خسائر لهذه البنوك. إذ إن طبيعة الاتفاقيات مع الصناديق الاستثمارية تحدد مستوى المخاطرة ولا تحدد عادة نوع الأصل المستثمر فيه.

وحيث إن مشتقات سندات الرهن العقاري كالـ CDO’s و CDS’s تتميز بتصنيف ائتماني عال بسبب الطريقة التي تتم هيكلة هذه الأصول بها، فهذا يجعلها استثماراً متاحاً ومقبولاً تبعاً لاتفاقيات تحديد مستوى المخاطر للأصول المستثمر فيها مع البنوك الخليجية.

لذا فليس مستغرباً أن يتفاجأ بعض البنوك الخليجية بتحقيقها خسائر جراء استثمارات في صناديق استثمارية أمريكية. فقد أعلن بنك أبوظبي التجاري في وقت سابق أنه باشر اتخاذ إجراءات قانونية في نيويورك، لاسترداد بعض خسائر استثماراته في الصناديق الاستثمارية في الولايات المتحدة، مدعيا أنه لم يتم الإفصاح حسب الأصول عن المخاطر المحيطة بالاستثمار، ما يعطي فكرة عن ضبابية الصورة المتعلقة بتلك الاستثمارات حتى لدى المختصين في هذه الصناعة.

وأخيراً وفيما يتعلق بالأثر الأخير المشار إليه ظهرت بوادر أزمة ائتمان خليجية بدأت في دبي. حيث أعلن البنك المركزي الإماراتي أنه نظراً لتراجع مستوى السيولة المتوافرة في السوق لتمويل المشاريع الإنشائية الجديدة في الدولة، فإنه قام بتوفير 50 مليار درهم إماراتي كوسيلة تمويل متاحة للبنوك الإماراتية للاستفادة منها.

ويرجع اقتصاديون هذا الشح في السيولة إلى ربط الدرهم بالدولار الأمريكي الذي أدى إلى خروج كبير للمستثمرين الذين كانوا يراهنون على إعادة تقييم الدرهم أمام الدولار. وإثر ذلك تواجه بورصة دبي صعوبة في إعادة تمويل قرض تقدر قيمته بـ 3.78 مليار دولار ، كما يواجه مركز دبي المالي العالمي صعوبة في توفير قرض قيمته تقدر بـ 1.5 مليار دولار، إضافة إلى صعوبات تواجه عددا من المؤسسات الإماراتية الأخرى.

وهذا أدى إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض بين البنوك بمعدل 16 نقطة أساس يوم الإثنين الماضي لتبلغ 3.64375 في المائة ما يعكس بشكل كبير الشح في السيولة المتوافرة في الإمارات.

إنتعاش
07-10-2008, 09:18 PM
الانخفاض القوي والمُتتابع
سيدفع المُغامرين إلى
الدخول والخروج من السوق سريعاً

الكاتب: مشهور الحارثي
الاقتصادية السعودية


بدأت سوق الأسهم الانخفاض مع أول يوم تداول بعد عيد الفطر المُبارك وفي أول يوم تداول من شهر تشرين الأول (أكتوبر)، وكان الهبوط مُريعاً بمقدار 731 نقطة أي ما يُعادل 9.8 في المائة في يوم واحد من قيمة مؤشر السوق، ويُذكرنا هذا بأيام هبوط شباط (فبراير) 2006 إذ زاد العرض وقل الطلب. يأتي هذا الهبوط مُناقضاً للارتفاع غير المُبرر في آخر يوم من أيام تداول شهر رمضان، والدافع الأكيد الكامن وراء هذا الهبوط بشكل واضح هو الأزمة العالمية التي بدأت بإعلان بنك "ليمان براذر" إفلاسه والخوف من حدوث أزمة في السيولة لدى البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية وبقية العالم.


الأزمة المالية العالمية

لم أكن يوماً من الذين يربطون حركة سوق الأسهم السعودية بما يحدث في البورصات العالمية بل أستنكر على من يقول بهذا القول وأرى أن الواقع يُكذبه، لكن هذه المرة فإن الخطب جلل والارتباط أصبح وثيقا بما يحدث في البورصات العالمية وبالمناخ العام للاستثمار في أسواق المال، فالكل أصبح يُدرك هنا أن أزمة السيولة التي تُهدد اقتصاد العالم بدرجات متفاوتة قد يكون لها أثر في اقتصادنا رغماً عن الجميع.

السوق السعودية تعيش حالة عدم توازن فلا يعرف المُستثمر ما هو عمق تأثير الأزمة في اقتصادنا وفي المصارف السعودية وفي الشركات السعودية المُساهمة التي تُمول مشاريعها بقروض من المصارف، وحتى شركات القطاع العقاري التي وصفت دائما بأنها الأكثر أماناً هي نفسها لا تعرف ما الذي سيحدث في سوق تمويل المساكن وهل سيجد المُشترون للمساكن من يُقرضهم أم أن السوق سيُصيبها ركود.


بث الاطمئنان

التأثير السلبي للأزمة العالمية موجود سواء بشكل مُباشر أو غير مُباشر ونتائج المصارف للربع الثالث وتقييم أدائها سيظهر للعيان مع نتائج الربع الثالث وعندما تُصدر "مؤسسة النقد العربي السعودي" تقريرها عن الوضع النقدي لشهر أيلول (سبتمبر)، وحتى يظهر كل هذا يحتاج المُستثمر إلى من يتحدث إليه حتى يتمكن من اتخاذ القرار الأسلم الذي يراه، فأما أن يُترك هكذا في وجه العاصفة التي قد تكون حقيقة أو هي وهم نتصوره.

يجزم كل منا بأن كلمات بسيطة مسؤولة كفيلة ببث الطمأنينة وسترفع من وضوح الرؤية لدى الجميع، نحن قد نختلف حول وجود أزمة في نظامنا المصرفي ولكن ما نتفق عليه أن هناك أزمة ثقة لدى المُستثمر بجودة إدارة سوق الأسهم وانخفاض مستوى الشفافية في تقديم المعلومة الحقيقية عن مدى تأثر النظام المصرفي بالأزمة العالمية.


التحليل الفني

الارتفاع الذي حدث في آخر يوم من تداولات شهر رمضان حافظ على جعل مستوى 6932 نقطة كدعم أصغر ولكن بهبوط مؤشر السوق أمس الإثنين تغير الوضع وتحطم مستوى الدعم هذا وأصبح الآن هو مستوى مقاومة كما يتضح هذا في شكل (1).
كما يتبين أيضاً من شكل (1) أن تحركات السوق في آب (أغسطس) وحتى منتصف أيلول (سبتمبر) كونت نموذجا سلبيا استغرق شهرا وهو مثلث هابط هدفه هو عند 6600 نقطة تقريباً، وقد يصل إليها مؤشر السوق غداً بسهولة خاصة في ظل انعدام الطلب على شراء الأسهم وزيادة المعروض.

ما يزيد من احتمالات الهبوط أكثر هو الحد السفلي من مؤشر "بولينجر باند" الواضح في شكل (2) حيث انفرج الحد السفلي كثيراً وهبط مؤشر السوق دونه بكثير وهذا الوضع يعني حدوث مزيد من الهبوط.


مؤشر السوق

أعلنت شركة تداول عن تحديث الأسهم الحرة لجميع الشركات في الربع الثالث وكذلك أعلنت عن إدراج عدد من الأسهم ضمن مؤشر السوق ومن أهمها سهم "مصرف الإنماء" وسهم "معادن" ونسبة الأسهم القابلة للتداول في السوق هي 70 و44.8 في المائة لكل منهما على التوالي، وبالتالي سيكون تحليل مثل هذه الأسهم ذا أهمية عند بعض المُتداولين وستزداد شعبية مثل هذه الأسهم حتى مع وجود مثل هذه الأزمة.

بنظرة سريعة على سهم "مصرف الإنماء" نجد أنه وصل من جديد إلى أسعار متدنية عند سعر 13.55 ريال في الـ 27 من أيلول (سبتمبر) ولكن بهبوط السوق أمس الإثنين يكون سهم "الإنماء" قد وصل إلى سعر مُتدن جديد عند 13.2 ريال وهذه المُراوحة للسهم عند هذه المُستويات تجعل الأمر مُقلقا خاصة أن تأثير السهم في مؤشر السوق أصبح ذا شأن، وعلى المنوال نفسه يُمكن التفكير في سهم "معادن".


المُغامرون

سيحين الوقت الذي يدخل فيه مُغامرون إلى السوق ويقومون بالشراء وسيترجل كل منهم ليُلقي بأمواله في سوق الأسهم عسى أن تعود إليه بالربح الوفير والسريع، لذا فإن المرحلة المقبلة ستجعل السوق يتسم بالمُضاربة السريعة الخاطفة، ولن يُتقن هذا الفن من المُضاربة إلا القلة القليلة لذا وجب الحذر.

إنتعاش
07-10-2008, 09:19 PM
الحكومات لا تنقذ الأسواق دائماً


راشد محمد الفوزان
الرياض السعودية

بالأمس رفض مجلس النواب الأمريكي خطة الانقاذ التي تقدمت بها إدارة الرئيس الأمريكي والتي قدرت تكلفتها بما يقارب 700مليار دولار لانقاذ أسواق المال الأمريكية، وأول الرافضين هم الجمهوريين أنفسهم حيث صوت ثلثا مجلس النواب من الجمهوريون على خطة الرئيس الأمريكي ومن خلفه وزير الخزانة بولسون، وكان الديمقراطيون رافضين للخطة أيضا، إذاً على أي أسس يتم عرض القرار على مجلس النواب ولم يكن هناك دعم للتصويت على إقرار الخطة، وهذا يدلل على تخبط للرئيس الأمريكي يقوم به.

ومن المعروف والسائد عن الأمريكيين في حلولهم للأزمات، أن يسرعوا بالذهاب لأسوأ النتائج وهدم كل الخلل، كما يحدث الآن، من عدم كثير من البنوك الأمريكية من ليمان برذرز قولدمان ساكس وبي أم جي وثم افلاس بنك واشنطن ميوتشوال، وهنا أكثر من 700إلى 800بنك أمريكي تتجه للإفلاس وهي بنوك صغيرة ومتوسطة غير معروفة عالميا، الأمريكيون يواجهون كارثة حقيقية، وهم يعملون على الوصول لأسوأ النتائج وأقصاها بأسرع وقت، حتى يمكن انتشالها والبدء من جديد، وهذا بالطبع يحتاج إلى سيولة وزمن وإدارة .

الدروس التي نشاهدها الآن والتي ألزمت وزير الخزانة الأمريكية بولسون أن يجثي على ركبتيه "مازحا" لكي يتوسل للنواب الأمريكيين ليقبلوا بالخطة التي لم يوافق عليها، التدخل الحكومي الآن بالاستحواذ على القروض "السامة" والتالفة ووضعها تحت المظلة الحكومية بشرائها، يضع المشكلة أكبر ما لم تعالج بطريقة صحية وجراحية مقبولة، العالم سيمر بمراحل صعبة وكساد وضعف اقتصادي بفضل الدولة الأكثر حصولا على جائزة نوبل في الاقتصاد، على أصحاب النظريات العلمية الاقتصادية وقبله العالم في العلم والدراسة، وهنا لا اتشمت أو نقلل من الدور الأمريكي في هذا العالم، ولكن أركز دائما على "الإنسان" الذي هو الأسوأ لأنه يدير بعقليه الفاسد إداريا وماليا، والجشع والطمع لتحقيق الأرباح وهذا في النهاية أدى لهذه النهاية .

الحكومات لا يمكن أن تنقذ الأسواق بقرار وأن تم فهو مؤقت ومحدود ومؤطر جدا، والتجارب والأحداث كثيرة تثبت ذلك أن تدخل الحكومات يعني سوءا أكثر وسلبية أعلى، واعجبتني المستشارة الألمانية ميركل التي شددت على عدم التدخل في السوق المالية لديها لأن العواقب ستكون وخيمة وسيئة، وهذا ثابت لا نقاش به، ولا يعني عدم التدخل الحكومي أن تترك الأسواق بلا ضابط أو أنظمة أو قوانين وأحكام، بل الحكومات يجب أن تكون تشريعاتها وأنظمتها تحافظ على توازنات الأسواق وتراقبها أشد مراقبة وتطور أنظمتها لتكون عادلة ومتوازنة ومنطقية، ولاحظنا أن من سوء الأنظمة الأمريكية أو الأسواق الغربية هو البيع المؤجل أو "شورتنغ" تم إيقافه، لسبب أن هناك من يراهن على الهبوط وهم أكثر من أضر الأسواق وعجل بانهايارها، فهم كم يتاجر ضد وطنه ويبيعه في زمن الحرب، أي خيانة وطنية، ولكنها الرأسمالية وقوانينها فهي تقر ذلك وقانوني، وهي ألغيت مؤقتا الآن، ولدينا في المملكة الكثير يطالب بتدخل هيئة سوق المال أو مؤسسة النقد أو غيرها، هذه عواطف وليست قرارات استراتيجية، ستعطي نتائج مؤقتة حتما، ولكن تعقبها كارثة كبيرة، لأن من يتعامل بهذه الأسواق هم "إنسان" يقول نفسي ومن ورائي الطوفان للأسف؟

إنتعاش
07-10-2008, 09:20 PM
الكساد الجديد

حمدان الشاعر
الامارات اليوم

تتفاقم الأزمة المالية العالمية يوماً بعد آخر، منذرة بعواقب قد تؤدي إلى انهيار النظام الاقتصادي العالمي بأسره، فرغم أن المشكلة برزت مع هبوط السوق العقارية الأميركية، وتعرض النظام المصرفي لمخاطر القروض العقارية الممنوحة من دون ضمانات كافية، ولمقترضين سيئي السجل الائتماني، فإنه لا يمكن اغفال الفساد الإداري الذي قامت به "القطط السمان" وهم رؤوساء الشركات والمصارف المتضررة، نتيجة الجشع وطغيان الصداقات والمحسوبيات.

خطة الانقاذ المقترحة والتي تقدر كلفتها بـ 700 مليار دولار، تتضمن شراء ديون فاسدة تهدد المؤسسات المالية بالانهيار، إلا أنها تبدو للكثيرين محاولة بشعة ومتناقضة لما يتحتم فعله ، وقد قال عنها أرون غوبتا في افتتاحية صحفية "الاندبندنت" متهكماً "إن الحكومة تقول إن توفير تغطية صحية لستة ملايين طفل تكلف ستة مليارات دولار سنوياً، وفي المقابل فإنها مستعدة لدفع كل شي لإنقاذ هؤلاء المتضررين في وول ستريت". كما يقول كذلك انها "الاشتراكيه للأغنياء والرأسمالية المتوحشة للبقية"، ولعل هذا ما يؤكد النفاق الرأسمالي الموغل في تضخيم مزايا ومنافع الاثرياء دون النظر إلى الأزمات الاجتماعية التي يعانيها الفقراء والطبقة المتوسطة نتيجة لما حدث ، خصوصا أن الآلاف قد فقدوا وظائفهم وانتزعت منهم مساكنهم، علاوة على أن ازدياد حالات الطلاق والتفكك الأسري جزء من ذلك.

يقول داريو سومر في كتابه "أخلاق للقرن الحادي والعشرين" إن التقلبات الاقتصاديه مصطنعه، وإن الأزمات الاقتصاديه ليست إلا أزمات مالية ناتجة عن النظام المالي نفسه الذي يستعمل آلياته للهدف الوحيد المتمثل في الربح من دون ضمير .

والخلاصه النهائيه لكل هذه الانهيارات الحالية هي أنها عبارة عن مثلث اضلاعه ربا فاحش ينهب تعب الفقراء ، ومقامرة مهووسة بتعظيم الأرباح ، وفساد اداري أخطبوطي الأذرع. إنها أزمة مالية أخلاقية باختصار بدأت منذ زمن بعيد، ولكن نهايتها لتداعيات بدأت تنخر في ركائز اقتصادية قديمة ولن يدفع ثمن هذا التهاوي والكساد الجديد سوى أولئك البسطاء من الذين لاحول لهم ولا قوة.

إنتعاش
07-10-2008, 09:22 PM
من يحمي أسواق المال؟

زياد دباس
*مستشار بنك ابو ظبي الوطني للأوراق المالية
الحياة اللندنية

تتعرض مؤشرات أسواق المنطقة خلال هذه الفترة لموجة تراجع وخسائر، هي الأقسى منذ عقود، مصدرها الأساس أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة والتي نتج عنها أزمة في الائتمان والسيولة المالية.

وبدأت المشكلة عندما بادرت المحافظ الاستثمارية العالمية إلى عمليات تسييل لأموالها المستثمرة في أسواق المنطقة، وبدت قوتها وتأثيراتها السلبية على هذه الأسواق مرتبطة بمدى انفتاحها على الأسواق المالية العالمية.

والأزمة المالية الراهنة هي الأسوأ والأخطر منذ قرن، ومازالت تداعياتها مستمرة في ظل انهيار بنوك ومؤسسات استثمارية عالمية، وبالتالي ستبقى التأثيرات السلبية على أسواق المنطقة مستمرة إلى حين حل المشاكل المتعلقة بهذه الأزمة واستقرار الأسواق المالية العالمية.


والملفت تعرُّض أسواق المنطقة لخسائر جسيمه خلال هذه الفترة، لا يتفق مع قوة اقتصاداتها والنمو الكبير في ارباح شركاتها، والتحسن الكبير في مؤشرات تقويم أسعارها السوقية الذي أدى بالتالي إلى انفصام العلاقة بين ربحية الشركات المدرجة وقيمة أصولها من جهة، وأسعار أسهم هذه الشركات من جهة أخرى.

والخسائر بالطبع طاولت جميع المستثمرين في هذه الأسواق وأدت إلى انخفاض كبير في قيمة ثرواتهم.

وأدى النزيف المستمر في مؤشرات الأسواق بسبب تفوق عمليات البيع على الشراء، إلى فقدان الثقة وسيطرة حالة من الخوف والتردد على قرارات المستثمرين والمضاربين المحليين، في ظل سيطرة الاستثمار الفردي وضعف الاستثمار المؤسسي في معظم أسواق المنطقة.

ونعتقد أن هذه الفترة الحرجة من تاريخ الأسواق تتطلب توحيد جهود جميع الجهات الرسمية والخاصة وتكثيفها للخروج من هذه الأزمة بأقل خسائر.

ومطلوب من الشركات، المساهمة العامة المدرجة أسهمها في الأسواق، طمأنة مساهميها من حيث وضعها المالي وقوة أدائها وتوقعات ربحيتها والرد على أية إشاعات تستهدف تعميق خسائر قيمتها السوقية.

كذلك يقع على عاتق هيئات الأوراق المالية في المنطقة دور هام خلال هذه الفترة الحساسة من حيث خفض ساعات التداول ونسبة التذبذب اليومي، إذا كان ذلك في مصلحة الأسواق، اضافة إلى المراقبة الحثيثة لعمليات التداول اليومية ومحاربة أية عمليات بيع أو شراء وهمية تستهدف تضليل المتعاملين وبالتالي تعميق خسائر الأسواق، إضافة إلى مراقبة تصرفات الوسطاء والتأكد من التزامهم بأخلاقيات المهنة.


وللبنوك المركزية أيضاً خلال هذه الفترة دور مهم. ولاحظنا خلال اليومين الماضيين عقد مجالس إدارات معظم هذه البنوك لاتخاذ كل الاحتياطات اللازمة للحفاظ على قوة النظام المصرفي وسلامته.

وصناديق الاستثمار التي أسسها بعض البنوك والشركات المالية يفترض أن يكون لها دور هام في استقرار الاسواق المالية. إلا أنها في وضع لا يحسد عليه في ظل التراجع المستمر في الأسعار خلال هذه المرحلة.

وبالتالي التراجع الحاد في قيم أصولها ووحداتها. كما أن خروج بعض المستثمرين من هذه الصناديق عامل ضغط سلبي يزيد عمليات البيع لتوفير السيولة المطلوبة. ومع ذلك نلاحظ تحركات ايجابية لهذه الصناديق خلال هذه الفترة في ظل ازدحام الأسواق بالفرص الاستثمارية.

الى ذلك تضطلع الأذرع الاستثمارية للحكومات بمسؤولية مهمة خلال هذه الفترة للمساهمة في استقرار الأسواق المالية وإعادة توازنها. وتستطيع هذه الأذرع الاستفادة من الفرص الكبيرة التي وفرها التراجع الكبير في أسعار أسهم الشركات المدرجة وبالتالي تغطية عمليات البيع التي تقوم بها المحافظ الاستثمارية الأجنبية وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين في أسواقهم.

ويشير بعض المعلومات إلى أن بعض المحافظ الاستثمارية الأجنبية سيعود إلى الأسواق مجدداً، بعد تراجع الأسعار بنسبة كبيرة وبالتالي تحقيق مكاسب جديدة من هذا الدخول.


إضافة الى هؤلاء، يقع على عاتق الوسطاء المرخصين دور مهم في استقرار الأسواق وتعزيز أدائها نظراً للارتباط المباشر بينهم وبين المستثمرين في اتخاذ قرارات الاستثمار، سواء بالشراء او بالبيع.

وللأسف فإن نسبة مهمة من الوسطاء لا تشجع المستثمرين خلال هذه الفترة على الشراء، بل على البيع، ما خلق فجوة كبيرة ومستمرة بين العرض والطلب، على رغم معرفتهم بالفرص الاستثمارية المتوفرة والمسؤولة وأهمية الاحتفاظ بالأسهم حتى ارتداد الأسواق.

ويلعب بعض المحللين الذين يظهرون على شاشات المحطات الفضائية خلال هذه الفترة، دوراً سلبياً في إضعاف الثقة في الأسواق، وغالباً ما تكون معلوماتهم وتحليلاتهم بعيدة من المنطق والموضوعية. وبالتالي يقع على عاتق إدارات هذه المحطات، اختيار المحللين الكفوئين والمحترفين.

إنتعاش
07-10-2008, 09:23 PM
الحل لحماية السوق المالية
ورؤوس الأموال قبل انكشاف البنوك

د. محمد أل عباس
* أستاذ المراجعة المساعد -جامعة الملك خالد - أبها

تورط عديد من البنوك والمؤسسات المالية الأمريكية بشكل لا يكاد يصدق في أزمة أصول مرتبطة بالعقارات التي لم تعد تساوي الآن إلا جزءا صغيرا من أسعارها الأصلية. انهار بنك ليمان ومورجان ستانلي وغيرها كثير ينتظر دوره تحت وطأة أزمة الائتمان ويتجه الاقتصاد الأمريكي إلى القبول بالحلول الاشتراكية بتأميم الشركات المالية في خطوة لم يسبق لها مثيل ولا تزال نتائجها في علم الغيب ولا نعلم تأثير هذا القرار في سلامة اقتصاد السوق ومسيرة الدولار وقبوله كعملة عالمية.

كل هذه الأخطاء الكبيرة حدثت في أكبر اقتصاد عالمي وأعقده تنظيما فكيف يقال إن بنوكنا ومؤسساتنا المالية المختلفة في مأمن من كل هذا بينما يعترف بنك أبو ظبي أنه قد غرر به.

يقول قائل لكن ما لنا وللشركات الأمريكية طالما أن اقتصادنا قادر على العمل بشكل مستقل وطالما أن أسعار البترول تتجه صعودا. لكن أيضا مالنا وللبترول فارتفاع أسعار البترول العالمية لا تعني للمواطن الشيء الكثير طالما أنها لم تنعكس عليه في شكل دخل حقيقي من الثروة أو السلع والخدمات التي يستطيع استهلاكها أكثر من أي وقت مضى.

لم تتغير حالة المواطن السعودي بعد ارتفاع أسعار البترول عنها قبله فارتفاع الرواتب صححه ارتفاع الأسعار والدعم لا أثر له مع الاحتكار وتخفيض الرسوم الحكومية تأكله القرارات الجديدة، فبقي المواطن على مستوى الدخل السابق نفسه إذا لم تكن قيمة رأسماله قد تأثرت. الدخل هو ما يستطيع الإنسان استهلاكه مع بقائه على مستوى الثروة نفسه لكن المصيبة إذا بدأت الثروة تتناقص فهذا يدل على أن الإنسان يستهلك ليس دخله بل رأسماله أيضا وهذه كارثة اقتصادية.

لكن أين يضع معظم الناس رؤوس أموالهم؟ إنها في البنوك على شكل حسابات جارية. وهذه الحسابات تستخدمها البنوك في مجازفات محسوبة وأحيانا مغرر بها كما حدث مع بنك أبو ظبي، فلا حاجة إلى مناقشة منهم المستشارين في بنوكنا المحلية. قبلنا على مضض ألا تدفع البنوك عوائد استثمار أموالنا على الأقل بتقديم خدمات حقيقية توازي قيمة هذه العوائد لكن أن تتعرض ثرواتنا للهدر فتلك قضية تحتاج إلى شفافية وتحقيق موسع.

هنا حقيقة مطمئنة جدا فالمملكة بما لديها من قدرات واقتصاد فاعل ومع الخطة الحكيمة التي قامت بها حكومة خادم الحرمين خلال السنوات الماضية بتقليص الدين العام وتوفير احتياطي لمواجهة أي أزمة كل ذلك يجعلنا نطمئن على أن لدى مؤسسة النقد القدرة على التدخل في الوقت المناسب لإنقاذ أي بنك سعودي يتأثر لذلك نقول ومع هذه القدرة لماذا تظل الشفافية معدومة حول البنوك السعودية التي ستتأثر بالأزمة الأمريكية؟ ولماذا كل هذا التأخر في مثل هذا الإعلان؟

بالتأكيد فإن الإجابة تعود إلى سوق الأسهم السعودية، فأي انكشاف لأي بنك يعني تراجعا كبيرا لسعر السهم في السوق. لكن نحن نعرف أن هناك اتجارا بالمعلومات الداخلية بمعنى أن كبار الملاك في البنك والمقربين منهم وكذلك رؤساء مجالس الإدارات وكبار الهوامير قادرون على معرفة أي البنوك تعرض للانكشاف وغرر به.

وهكذا سيبدأ – إذا لم يكن ذلك قد حصل فعلا – هؤلاء التنفيذيون بيع الأسهم والتخلص من جزء كبير عند السعر الحالي فإذا تعرض البنك للأزمة وانكشفت الأوراق وهبط سعر السهم إلى حدوده القصوى تبدأ الحكومة بالتدخل لحل الوضع ومن ثم إعادة التوازن للبنك من خلال مؤسسة النقد على أساس الحفاظ على النظام المالي.

هنا وأيضا بما لهم من نفوذ وقدرة كبيرة على الحصول على المعلومات يبدأون إعادة شراء السهم وهكذا يربحون أولا و أخير أولا ببيع السهم بأسعار كبيرة ثانيا بأن تقوم الدولة ـ حفظها الله ـ بتصحيح أخطائهم الكبرى وأنهم أضاعوا أموال المساهمين في شركات خاسرة بعد أن غرر بهم، ثم – بما لديهم من ثروات جمعوها من أموال الصغار يعودون لإدارة دفة البنك مرة أخرى ليجمعوا أموال الناس بالباطل مستندين إلى عدم تعويضهم عن تدوير حساباتهم الجارية بقاعدة الربا.
إذا كانت هذه هي أخطر السيناريوهات المحتملة فما هو الحل؟ لن أبتدع حلا فقد سبقتنا إليه السويد ولكن بتعديل بسيط.

فقد قررت حكومة السويد منذ فترة أن تستقطع مبالغ من عمليات بيع أسهم المؤسسات المالية بحيث تخصص هذه المبالغ لعمليات إنقاذ النظام المالي في حال تعرض لهزات مالية عنيفة وبذلك فلا يتأثر السوق ولا النظام المالي ككل ولا يتعرض – وهو الأهم - دافع الضرائب لظلم كبير حيث إن ملاك المؤسسات المالية القدامى هم من عرض البنك للمشكلات وخرجوا منه بكل سهولة قبل الإفصاح العام عن المعلومات بينما تحمل دافع الضرائب ثمن فاتورة إصلاح أخطائهم.

وهكذا فإذا قامت مؤسسة النقد بإنشاء صناديق خاصة بحيث تخصص لها قيمة معنية مستقطعة من قيمة كل صفقة أسهم تتم في القطاع البنكي وتخصص المبالغ التي تم تحصيلها لعمليات شراء الأسهم عندما تتأثر الأسعار بسبب انكشاف البنك. ففي حال انكشف البنك سيكون الكبار خارج السهم فعلا لكن قد تم استقطاع جزء لا يستهان به من أرباحهم لتصحيح سعر السهم حيث إن الدولة ستقوم بالتدخل لإنقاذ البنك وستقوم أيضا بإعادة بيع السهم في السوق بسعر توازن مقبول. هذا الإجراء سيخفف من فاتورة تعرض المؤسسات المالية لدينا لمشكلات بسبب مغامراتها في السوق الأمريكية بينما تركت السوق السعودية سواء المالية أو العقارية في أثمن أوقاتها تتعرض لهزات لا مبرر لها.

إنتعاش
07-10-2008, 09:26 PM
سوق مضاربات وسوق أزمات

ماضي الماضي
الرياض السعودية


المصريون ينطقون القاف همزة وينطقون الثاء سيناً والذال زاياً ولهذا يتكلف صديقي الكاتب المصري عندما نتحاور لينطق الاحرف بالنطق الصحيح حتى يتجاوز انتقادي له إلا كلمة واحدة ارجوه دوماً ان لا يغيرها وهو عندما يسألني عن سوق المال فيقول (ايه اخبار السوء) فأجيبه يزداد كل يوم سوءاً .


هذه الحقيقية نراها اوضح من عين الشمس منذ فبراير 2006وحتى يومنا هذا فسوقنا انخفض منذ بداية العام الحالي وحتى 9/16بنسبة 31.27% اي ( 3452نقطة) فالتسعة اشهر التى انقضت من هذا العام شهرين فقط انتهت بلون اخضر (فبراير 616نقطة ابريل 1117نقطة) وسبعة انتهت بلون احمر (يناير 1500مارس 1156مايو 574يونيو 129يوليو 611اغسطس 17والنصف من سبتمبر 1199)

ترى ماهي الحالة النفسية التي عاشها اي مستثمر خلال تسعة اشهر وهو ينتظر ان ينتهي العام بتحقيق نسبة ايجابية تحقق له ربحاً من خلال استثمار عام كامل ولكن العام يقترب والنتائج تزداد سوءاً (بلغة كرة القدم باقي من الزمن 26دقيقة والنتيجة 7- 2فهل سيعوض فريق المستثمرين النتيجة اما ينهيها فريق المضاربين 10- 2؟

فالمضاربون يعيشون حالة يومية تبدأ في الصباح وتنتهي قبل العصر فهم يتعاملون مع السوق كحلبة ملاكمة او مصارعة مكونة من جولات جولة تفوز فيها وجولة تخسر فيها وجولة تتعادل فيها ولكن لكل نزال نهاية سواء انتهت بالضربة القاضية او بسقوط الخصم ارضاً اوانتهاء العد دون النهوض وهو مايحدث للمستثمرين كل يوم حيث يرفع المضارب يده بالانتصار بينما المستثمر على الارض في اعياء مما وجه له من لكمات او رفسات ولهذا فاسم مضاربين يليق بهم أليست الملاكمة والمصارعة هي رياضة المضاربة .

مديرو اعمال هؤلاء المصارعين والملاكمين يعيشون على الاستفادة من كل خبر اعلامي ولهذا فالمضاربون في السوق هم اكبر المستفيدين من الازمات واي خبر حقيقي او اشاعة لابد من ان يستفيدوا منه سواء كان لهم علاقة به او لايعرفونه فهم يستفدون من الخبر ومن الاشاعة ومن اي شيء افلاس ليمان برذرز او توهان قارب صيد ايراني واقترابه من بارجة امريكية او انخفاض سعر برميل البترول دولاراً او انخفاض الدولار مليوناً في الالف حتى لو اصيب بيل جيتس بزكام المهم ان الازمات تخلق المزيد من الفرص اليومية للبيع والشراء فعمر السوق عندهم اربع ساعات اما غيرهم فعمر السوق عنده عام ومع هذا فلقد كسب صاحب الساعات وخسر صاحب الأشهر بدليل انخفاض السوق نسبة 32% حتى الان والغريب ان الشركات تزيد والمؤشر ينخفض ولهذا فانخفاض المؤشر يفوق هذه النسبة بكثير ... (الم نكن فوق عشرين الفاً بنصف هذه الشركات فكيف تضاعفت شركاتنا وانخفض مؤشرنا إلى الثلث ...

لقد تعب المستثمر من المحللين ومن المواقع الاقتصادية ومن كل شيء فكل يغني على ليلاه وان كان لدى سيف الدولة متنبي واحد فنحن في زمان آلاف المتنبين (بالسوق) ولكن المتضررين وحدهم من يرددون بيت المتنبي مخاطبين السوق

يا اعدل الناس الا في معاملتي

فيك الخصام وانت الخصم والحكم

ويخاطبون المضاربين بهذا البيت

اعيذها نظرات منك واضحة

ان تحسب الشحم في من شحمه ورم

فإلى متى سيبقى هذا الورم بعد ان اخذ السوق اللحم والشحم .

انا اتوقع انه بعد افلاس ليمان برذرز قد تتفتق اذهان المضاربين عن فكرة خبيثة تنبثق من شركات التأمين (هذه الشركات التى لاتمثل رؤوس اموالها مجتمعة ربع ربح اي ربع في سابك) ومع ذلك فسعر سهم اي واحدة منها يفوق سعر سابك بمرة والاتصالات بخمس مرات والانماء بعشر مرات) اما الفكرة فهي (قطة مضاربين) وافلاس اي شركة تأمين من ذوات الخمسين مليون وعندها يستطيعون تخفيض السوق إلى 20% في يومين وبعدها يكسبون 40% ويؤسسون بجزء من ارباح 10شركات تأمين جديدة بدل الشركة المفقودة .

الحقيقية اننا لسنا سوق مضاربات فقط بل سوق الاستفادة من الازمات ولعل بقاءنا السوق الوحيدة في الخليج التي يبدأ الاسبوع فيها يوم السبت يساهم في ذلك فنحن نتأزم السبت لاننا لوحدنا ونتأزم الاحد مع بقية الاشقاء في الخليج (لان هذا واجبنا) ولهذا سنتأزم محلياً وخليجياً وعربياً ودولياً طالما ان هذه الازمات تأخذ من جيوب المستثمرين لتصب في جيوب المضاربين ... والا هل يعقل ان من يبحث عن مكسب 10% في العام ينهي عامه بخسارة 40% اي استثمار هذا الذي يقضي عليك بالضربة القاضية في جولتين؟؟...

واي سوء اسوأ من هذا السوء .؟؟؟؟ ..

إنتعاش
07-10-2008, 09:29 PM
الأزمة المالية 11 أيلول جديدة:
قراءة في فقه المؤامرة!

د. مصطفى الفقي

سيطرت عليَّ في عطلة العيد مجموعة من الأوهام المتصلة بالشأن الدولي العام تركزت أساساً حول نظرية المؤامرة، ووجدتني أفسِّر كل ما يحيط بنا وفقاً لها وأعتمد التفسير التآمري للتاريخ منهجاً لفهم الأمور واستجلاء المواقف ولقد حدث ذلك نتيجة متابعتي اليومية لأحداث الأزمة المالية التي هزت الاقتصاد الأميركي فتأثرت بها البنوك والأسواق، البشر والمؤسسات، المداخيل والأرزاق، فنحن أمام أزمة تعيد الى الأذهان ما حدث عام 1929 لكنها أسوأ منها مئة مرة، بحكم التغيرات الدولية والتطورات العالمية والأرقام الفلكية في عالم المال والتجارة التي لا يستطيع الإنسان أحياناً مجرد قراءتها أو النطق بها، وفي ظنِّي أن أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 التي هزَّت الدنيا وغيَّرت العالم ليدفع العرب والمسلمون الفاتورة الكبرى فيها، تتكرر اليوم ولكن في ظل أطرٍ اقتصادية تنذر بوضع جديد وعالم مختلف.


وإذا كان لي أن أسجِّل عدداً من الملاحظات المرتبطة بالوضع الدولي الراهن من جوانبه الاقتصادية والسياسية والثقافية فإنني أوجز ذلك في ما يلي:

1- إذا كنَّا نرفض التفسير التآمري للتاريخ فإننا لا نرفض نظرية المؤامرة برُمتها بل نعتقد أنها موجودة منذ ظهور الإنسان على الأرض. فمنذ الجريمة الأولى عندما قتل «قابيل» «هابيل» وحاول أن يخفي فعلته فإننا كنا مع الميلاد المبكر لما يمكن أن نطلق عليه «فقه المؤامرة»، وأنا أعتقد أحياناً أن كثيراً من الأحداث التي مرت في القرن الأخير تندرج تحت المفهوم الواسع لنظرية المؤامرة، فسقوط الخلافة العثمانية قد يكون مؤامرة، كما أن سقوط الاتحاد السوفياتي قد يكون هو الآخر مؤامرة، كذلك فإن اغتيال الرئيس الاميركي جون كيندي والأميرة ديانا هما حدثان يرقيان إلى مستوى المؤامرة أيضاً، وأنا شخصياً لا يخالجني شك في اختفاء كثير من الظواهر والأحداث تحت مظلة مؤامرة كبرى في عالمٍ تقدمت فيه أجهزة التخابر ومراكز الأبحاث بشكل ملحوظ حيث لا توجد فوارق واضحة بين السياق الطبيعي والسياق المصطنع. ويكفي أن نتذكر هنا أن الأساليب الجديدة في الحكومات الخفية للنظم الكبرى أصبحت قادرة على خلق المصادفة وتركيب سياق أحداثٍ متعمد ليكون حصاده إيجابياً لمن صنعوه ووقفوا وراءه.

2- اختلفت الذكرى السابعة لهجمات 11 أيلول عن سابقاتها وسمعنا أصواتاً عالية تعيد قراءة ما جرى وتفسير ما حدث والخروج عن النظرية المكررة لتفسير ذلك الحادث المشؤوم، فسمعنا من يقول إن العرب والمسلمين لا يتحملون المسؤولية عن تلك الجريمة، بل إن أصابع الاتهام تشير إلى عناصر أميركية وتدبيرات يهودية، إلاَّ أننا يجب أن نفتش دائماً بعد كل جريمة عن أصحاب المصلحة فيها، وعلى رغم أن هذا المنطق يستفز الأميركيين بشدة إلا أن مجرد تكراره من خلال بعض الكتب التي صدرت والمقالات التي نشرت توحي بأن في الأمر مؤامرة كبرى هدفها المزيد من الاضعاف للعرب والمزيد من الفرقة بين المسلمين لأننا يجب أن نفكر في صاحب المصلحة فيما حدث وعن أولئك الذين شنوا حرباً على المسلمين في أفغانستان، وعلى العرب في العراق، وحاولوا تمزيق أواصر العالَمين العربي والإسلامي بصورةٍ غير مسبوقة.

3- إن دهاء التاريخ يعلمنا كل يومٍ جديداً بل يكرر الأحداث من منظورٍ مختلف لا يتوقف عند حدٍ معين، فالأزمة المالية الحالية والمرشحة للتصاعد هي في ظني - ووفقاً لأوهام عطلة العيد - مؤامرةٌ من نوعٍ جديد بدأت في شهر ايلول بعد سبع سنواتٍ فقط من المؤامرة الأولى، والهدف هذه المرة هو احتواء أموال العرب وابتلاع أرصدتهم وخلق مناخٍ جديد من الابتزاز الاقتصادي بعد الابتزاز السياسي، وتلك هي العقلية الغربية المتفوقة التي تحصد ما يزرعه غيرها وتستولي على ما ليس من حقها في ظل شعاراتٍ براقة وأفكارٍ مستحدثة ورؤى خادعة. لذلك فإن الارتباط يبدو واضحا بين أحداث أيلول 2001 وأحداث أيلول 2008.

4- إن ما نقوله الآن ليس فكراً تلفيقياً يحاول إرهاق الحجة والربط بين ما ليس بينه ارتباط، ذلك أننا نظن - وامتدادًا لأوهام نظرية المؤامرة - أن الإدارة الأميركية للرئيس جورج دبليو بوش قد جرى إعدادها والدفع بها من خلال اليمين الأميركي المحافظ والدوائر اليهودية لكي تؤدي هذه المهمة التي قامت بها في بداية فترة حكمها الأولى ونهاية فترة حكمها الثانية، ولكي تقوم بإنجازين كبيرين أحدهما سياسي دولي عام 2001 والثاني اقتصادي عالمي عام 2008، ولا شك أن الشعوب الصغيرة والدول الفقيرة والمناطق ذات الثروات الطبيعية وفي مقدمها النفط هي التي سوف تتحمل العبء الأكبر من نتائج ما حدث، بل إنني أزعم أن ما جرى في ظل هذه الإدارة - وهي في ظني واحدة من أسوأ الإدارات الأميركية في التاريخ - قد قامت بتنفيذ مخططٍ خفي ولكن نتائجه ظاهرة وواضحة أمام كل ذي بصيرة.

5- إن سندات الخزانة الأميركية التي يجري الترويج لتحصيلها سوف تتحول إلى عملية جباية دولية تستنزف بواسطتها الولايات المتحدة الأميركية أموال الدول الغنية وكأنها توظف خيرات هذه الدول لخدمة المواطن الأميركي وتعزيز أوضاع المستهلك داخل الولايات المتحدة وخدمة دولة الرفاهية التي تباهي بها أميركا غيرها من دول العالم. إننا بحق نعيش عصر الـ Pax- Americana بكل ما تحمله هذه التسمية من معانٍ تذكرنا بسطوة الإمبراطورية الرومانية منذ عشرات القرون. إننا نعيش عصراً يسحق فيه التفوق العقلي ما عداه وتتمكن فيه الأساليب العلمية المتطورة من اختراق العقول واستنزاف الجيوب وتحويل العالم إلى ضيعة يمرح فيها الأقوياء.

6- إننا نحن العرب نبدو أحيانًا «كالأيتام على مائدة اللئام» على رغم أن لدينا عقليات متفوقة ومستويات تعليمية رفيعة، وما زلت أذكر من عملي في وزارة الخارجية المصرية أنني رأيت ديبلوماسيين رفيعي المستوى من دول الثراء العربي واقتصاديين من الطراز الأول ممن حصلوا على درجاتهم العلمية العليا من الجامعات الأميركية والأوروبية فلا تنقصهم الخبرة ولا تعوزهم الرؤية، ولكنه عالم يتحكم فيه الأقوياء قبل الأغنياء ويسيطر فيه القادرون على ما عداهم ولا حساب فيه لأحد ما دامت تحميه قوة وتدعمه سلطة ويعتمد على عقلٍ عصري يدرك كل ما يدور ويفسر كل ما يحدث بل يصنع المستقبل بإرادته وحدها.

7- قد يتهمني البعض بالمغالاة في الوهم والاستغراق في تفسير المؤامرة، ولكن حركة التاريخ علمتنا الكثير وجعلتنا نقترب من مراحل متقدمة في فهم الآخر وعقليته وأسلوب تفكيره ومزاجه البشري وحسِّه الإنساني، ولقد استقر في ضميرنا بارتياح أن الحياة صراعٌ مستميت لا مكان فيه للضعفاء ونحن نقصد هنا بالضعفاء فقراء العقل وناقصي الخبرة ومحدودي الرؤية. ولم يعد يخالجني شك الآن في أن الرئيس بوش جاء إلى السلطة بإدارته لكي يغيَّر شكل العالم سياسياً واقتصادياً لصالح قوى اليمين المحافظ والحلف غير المقدس بين بعض العناصر المسيحية المتطرفة والمراكز الصهيونية المتشنجة، ولقد حان الوقت لمراجعة ما حدث ودراسة ما جرى حتى ندرك بوضوح أين نحن من عالم اليوم.

8- إن خياراتنا نحن العرب لا تبدو واسعة بل إن جزءاً كبيراً منها يتآكل بفعل أساليب الآخر وضغوطه، كما أن الدنيا لا تعطينا أحياناً فرصة اللحاق بأسباب التقدم وعوامل الازدهار، لذلك كان طبيعياً أن تتوارى إمكانات دولٍ أكبر منَّّا وأضخم، وأشير هنا إلى الصين واليابان، وهما المطالبتان الآن بدفع جزءٍ لا بأس به من فاتورة الأزمة المالية العالمية التي بدأت في أيلول 2008.

9- إن المضاربات في أسواق العملات المختلفة تجعل الولايات المتحدة الأميركية قادرة على التحكم في غيرها لأنها مدينة بعُملتها الوطنية، لذلك فإنه لا يؤرقها كثيراً ارتفاع حجم المديونية أو هبوطه ما دامت تملك زمام المبادرة وسياسات البنوك ومفاتيح الخزائن.

10- إن الارتباط وثيق بين أيلول 2001 و أيلول 2008 فكل منهما مكملٌ للآخر لأنه لا توجد سطوة سياسية من دون سيطرة اقتصادية، لذلك فإن الإدارة الأميركية الحالية جمعت الأمرين في سلة واحدة وجعلت منهما ظاهرة جديدة تجتاح عالم اليوم وتشير إلى أن نهاية الحرب الباردة سياسياً لا تعني بالضرورة نهايتها اقتصادياً. إننا أمام عالمٍ تتجه فيه معدلات التقدم لصالح قوى على حساب قوى أخرى، ولا يستطيع فيه الضعفاء إلا أن يقبلوا الضغوط وأن يستجيبوا للمخططات وكأنما كتب عليهم أن يكونوا دائماً فريسة للتحالف بين الأقوياء في عصرنا.

هذه ملاحظاتٌ أردنا أن نبسط فيها بعض أوهامنا وأن نجترَّ عددًا من أفكارنا وأن نسمح للخيال بأن يضع يدنا على مفاتيح الحقيقة. بقي أن أقول إنني لا أرى العقل اليهودي بعيدًا عما جرى ولا بريئاً مما حدث، وأعود لأقول في النهاية إن الأزمة المالية العالمية جزءٌ مكمِّل للمؤامرة السياسية الدولية وأقول بارتياح موجهاً حديثي إلى الإدارة الأميركية الراحلة: لقد بدأتم بالسياسة وانتهيتم بالاقتصاد، لقد بدأتم بالسلطة ثم انتهيتم بالثروة، لقد بدأتم بالقوة ثم استكملتم بالمال.

إنتعاش
07-10-2008, 09:31 PM
أهميّة دور المصارف المركزية

ذكاء مخلص الخالدي

تناول معنيون بقضايا المال والنقد بنوع من الاهتمام والقلق، تدخل البنك المركزي في دولة الإمارات أخيراً، بإقراض المصارف التجارية، ما يعادل 18 بليون دولار، بسبب النقص الحاد في السيولة. وفسرت ظاهرة النقص بأنها نتيجة لخروج رؤوس أموال أجنبية دخلت أسواق المال الإماراتية بهدف، المضاربة على رفع قيمة الدرهم تجاه الدولار لأغراض مكافحة التضخم بحسب زعمهم. وعندما ظهر عدم وجود نية لدولة الإمارات بالتحول عن ربط عملتها بالدولار أو رفع قيمتها تجاهه، تدفقت رؤوس أموالهم باتجاه معاكس إلى الخارج ما تسبب في انخفاض حاد في حجم السيولة فاضطر البنك المركزي تالياً، إلى التدخل لتعويض هذا الانخفاض بإقراض المصارف التجارية


يحتاج الموضوع إلى درسه من جانبين: الأول، إذا كان السبب الأساس لوجود المستثمرين الأجانب في أسواق المال الإماراتية، المضاربة على ارتفاع قيمة الدرهم تجاه الدولار، والثاني، هل تتعارض ممارسة البنك المركزي وظيفته الأساسية، و توفير السيولة الكافية لحاجة الاقتصاد المحلي، مع قوانين نظام السوق، ما يستدعي القلق على عافية النظام الاقتصادي ودرجة الحرية الممنوحة لقوى السوق؟

بمقدار ما يتعلق الأمر بالجانب الأول، يمكن القول إن تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى أسواق الإمارات يعود في شكل أساس، كما الحال في بقية دول مجلس التعاون الخليجي، إلى الأرباح الكبيرة التي حققتها هذه الأسواق وانفتاح بعضها حديثاً على الاستثمارات الأجنبية، كما كانت فرص الاستثمار في هذه الأسواق الواعدة، أكبر بكثير من مثيلتها في الدول الغربية وحتى الآسيوية. إضافة إلى ازدهار اقتصادات هذه الدول نتيجة ازدياد مواردها في شكل ملحوظ بعد الارتفاعات التي حققتها أسعار النفط. لذلك لا يتوقع أن تتدفق الأموال في شكل أساس إلى هذه الدول لغرض المضاربة على تغير سعر عملاتها باتجاه الارتفاع. فمن المعروف أن ارتباط عملات هذه الدول بالدولار، هو في الأساس قرار سياسي، حتى لو كانت الأهداف الاقتصادية تتطلب عدم الربط. كما أن تسعير النفط بالدولار واعتماد اقتصادات دول الخليج وموازناتها في شكل أساس، إن لم يكن كلياً، على صادرات النفط، لا يجعل مجدياً فك ارتباط عملاتها بالدولار وربطها بعملة أخرى. لأن فك هذا الارتباط لا يمثل في الواقع سوى إعادة لتوزيع الدخل القومي من الحكومة إلى القطاع الخاص. بمعنى آخر أنه يفقر الحكومات المالكة لموارد النفط ويُغني القطاع الخاص. أما إذا كان الهدف محاربة التضخم، فيمكن تحقيقه من طريق الإعانات للسلع والخدمات الأساسية وخفض حجم الإنفاق الحكومي.

لكن ما حصل فعلاً في الإمارات، كما في بقية دول الخليج، هو تأثر المستثمرين في شكل عام بما حصل في أسواق المال في الدول الصناعية، بعد أن أعلنت مصارف في الولايات المتحدة إفلاسها و/أو مشاكلها المالية، فحصل ذعر لدى المستثمرين من أن تكون المصارف الخليجية متورطة بمعاملات مع المصارف المفلسة والمتعثرة، ما يؤثر في أوضاعها هي الأخرى. ومن المتعارف عليه، أن رأس المال جبان، يصيبه الذعر لدى صدور أي تصريح أو حدث. وتكون حال الذعر، لدى رؤوس الأموال الأجنبية، في العادة، أقوى لأنها تجهل الكثير عن أوضاع هذه البلدان وقوانينها، كما تعتقد بوجود أمور خفية عليها، خصوصاً ان دول الخليج، على رغم ثرائها، لا تزال دولاً نامية تفتقر إلى الشفافية الكافية. لذلك أصاب الانخفاض بورصاتها كلها من دون استثناء بسبب حركة البيع القوية، من مستثمرين محليين وأجانب على السواء. وقد يكون أحد أسباب البيع الواسع من المستثمرين الأجانب، تغطية مراكزهم في أسواق أخرى.

إن قرار الاستثمار هو أكثر القرارات الاقتصادية حساسية للأحداث والتوقعات والتصريحات. لذلك بعد الإعلان عن خطة الحكومة الأميركية لإنقاذ النظام المالي في الولايات المتحدة، عادت الثقة إلى المستثمرين وشهدت البورصات الخليجية شراءً محموماً للأسهم، سواء من مصادر محلية أو أجنبية للاستفادة من الانخفاض الحاد في أسعار بعضها.

أما الجانب الثاني والمتعلق بإقراض البنك المركزي الإماراتي المصارف التجارية لمعالجة انخفاض السيولة، فيمكن القول ان في وقت يعتبر مثل هذا الإجراء من صميم عمل البنوك المركزية والمهمة الأساسية لها، ما زال بعضهم يعتقد، انه يمثل تدخلاً في نظام السوق، ما يحد من قدرات قواه على العمل بحرية لإصلاح الاضطرابات الاقتصادية. إن هذا الاعتقاد غير صحيح على الإطلاق. فنظام السوق لا يعني ترك الحبل على الغارب للشركات الخاصة والأفراد لتحقيق مصالحهم الذاتية، التي قد تتناقض مع المصلحة العامة. لذلك يعتبر تدخل الدولة، خصوصاً من خلال السياسات المالية والنقدية جوهرياً لنجاح نظام السوق. فمن مسؤولية البنك المركزي سحب السيولة الفائضة عن حاجة الاقتصاد وضخ سيولة إضافية في حالة شحّها.

إنتعاش
07-10-2008, 09:34 PM
فلنستعد: الدولار غارق في الأزمة من رأسه إلى أخمص قدميه

د. عبد العزيز بن حمد القاعد


الوقفة الأولى

ما إن هدأت الأسواق العالمية بعد التصاعد الحاد لأسعار النفط، حتى بدأت أزمة الرهن العقاري الأمريكية، التي طالت أكبر مؤسستين ماليتين تقدمان نحو 50 في المائة من إجمالي القروض العقارية في الولايات المتحدة، تبعها هبوط بأكثر من 90 في المائة لمؤسسة إيه. آي. جي للتأمين منذرة بإفلاس أكبر مؤسسة مالية تأمينية في العالم. سبقها إعلان إفلاس بنك ليمان برذرز، الذي تأسس قبل 158 سنة. وبينما كانت البنوك المركزية العالمية تضخ مليارات الدولارات في شرايين الأسواق المالية العالمية رغبة في إنعاشها خشية من سقوطها وتهاوي كياناتها الاقتصادية، وافق مجلس النواب الأمريكي على خطة الحكومة من أجل علاج التصدعات الكبيرة جراء هذه الأزمة العالمية، التي تقدر بنحو 700 مليار دولار. وقد بلغ مجموع ما تم ضخه من البنوك المركزية الستة الفيدرالي الأمريكي، الأوروبي، السويسري، بنك إنجلترا، بنك اليابان، وبنك كندا 247 مليار دولار. هذه المبالغ وسرعة ضخها تُنذر بحساسية الوضع وسرعة علاجه، لأن التأخير ستكتوي بناره كل الاقتصادات العالمية، فالنار من مستصغر الشرر.


الوقفة الثانية

الدولار..غارق في الأزمة من قمة رأسه الى أخمص قدميه، ما هي قصة رحلته إلى عالم الشهرة؟ قاعدة الذهب كانت السائدة قبل الحرب العالمية الأولى ومن خلالها تحدد كل دولة قيمة عملتها بوزن معلوم من الذهب، وهو ما يعرف بسعر الصرف الثابت. ما بين الحربين العالميتين تم هجر قاعدة الذهب والأخذ بسعر الصرف الثابت، ما أدى إلى ضعف في التجارة الدولية بسبب سياسات عدة منها السياسات الحمائية والرقابة على الصرف. اتفاقية بريتون وودز شجعت الجمود في أسعار الصرف، لأن كل دولة توجه سياساتها الداخلية من أسعار ودخول بغض النظر عن التوازن الخارجي، ما سبب شحا في السيولة أو النقود الدولية، شجع هذا على ظهور وسائل دفع جديدة للمدفوعات بحيث تتمكن كل دولة من تأمين التوازن الداخلي ومواجهة العجز في ميزان المدفوعات. ولأن نظام بريتون وودز أكد على وسيلة دفع واحدة هي الذهب، إلا أن الذهب غير كاف لتغطية المعاملات التجارية الدولية، لذا ظهرت الحاجة إلى عملة دولية تستخدم إلى جانب الذهب يُحتفظ بها كاحتياطيات. وبعد خروج الدول من الحرب العالمية الثانية محطمة اقتصاديا كانت الولايات المتحدة في أوج ازدهارها وقوتها الاقتصادية، حيث زاد إنتاجها من السلع المدنية وانهالت الطلبات على البضائع الأمريكية لتعمير ما خلفته الحرب، ومن ثم زاد الطلب على الدولار وأخذ مكانه في السوق العالمية ولا يزال.


الوقفة الثالثة

لكن هل لهذه الأزمة إرهاصات؟ في أواخر الثمانينيات والتسعينيات الميلادية، اشتكى العالم من أزمات مصرفية عدة مر بها بعض البلدان، ومن أهمها مشكلة الديون العالمية، التي من نتائجها انهيار بنك الاعتماد والتجارة الدولي وما تلاه من شعور سلبي أثر في مناخ الاقتصاد العالمي، والدليل على هذا الشعور كثرة الاندماجات للمؤسسات المصرفية البنكية على المستوى العالمي في الولايات المتحدة، اليابان، وبريطانيا وغيرها من الدول. بُعيد توقيع الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة عام 1994 من طرف العديد من الدول، والعلاقات الاقتصادية، التجارية، الثقافية والاجتماعية في تداخل وتشابك، حيث نتج عن هذا التمازج ما يسمى بالعولمة. في ثنايا هذه الاتفاقية حرية تنقل رؤوس الأموال والبضائع بسهولة، التي من أهم آثارها الدخول والخروج السريع لرؤوس الأموال، التي قد تحمل آثاراً ضارة في الاقتصاد الوطني في ظل ضعف هذه الاقتصادات وقلة خبرتها وتجربتها. يضاف إلى ذلك الأزمات التي تنتج عن هروب الأموال المضاربة ودخول غسيل الأموال، ومدى تأثير ذلك في السياسات المالية والنقدية المحلية، ولعل تجربة الأموال الساخنة التي مرت بالنمور الآسيوية وحديثا بالإمارات المتحدة في أيلول (سبتمبر) من هذا العام خير شاهد على هذا الضرر.


الوقفة الرابعة

إذا استمر النظام المالي العالمي على هذه الشاكلة، فستستمر الأوضاع نفسها مستقبلا، ولعل الشواهد الحالية تؤكد حتمية وقوع أزمات أخرى من هذا النوع، بل قد تكون أكثر حدة من سابقتها. وللتدليل على ذلك، لننظر إلى الوضع في أكبر اقتصاد مؤثر على المستوى العالمي.

أولا: استخدام الدولار كاحتياطي وحيد مشكلة في حد ذاتها. فهو يلعب دور العملة الوطنية ويتماشى مع السياسات المحلية الأمريكية، وما ينتج عنها من تضخم وركود وانتعاش، كما أن له دورا آخر حيث يستخدم وسيلة للوفاء بالالتزامات الدولية. هذا الدور المزدوج مكّن الولايات المتحدة من تحقيق مكاسب من إصدار هذه العملة، بينما بقية البلدان لا بد لها من زيادة الإنتاج من السلع والخدمات من أجل الحصول على العملة الخضراء. المشكلة عندما لا يكون هناك توائم ما بين السياسات المحلية الأمريكية والاحتياجات العالمية من الدولار تمثل خطورة على النظام النقدي العالمي المعتمد على عملة واحدة، وعلى هذا فالدولار يُعد دينا على الولايات المتحدة لأن الاحتياطيات الدولارية تستثمر على شكل سندات وأذونات خزانة قصيرة الأجل، فأي تصفية بشكل جماعي لهذه الاستثمارات ستخلق نوعا من البلبلة في الأسواق المالية.

ثانيا: العجز الضخم في ميزان المدفوعات الأمريكي وما ينتج عنه من تمويل لهذا العجز عن طريق الإصدار النقدي أو الاقتراض من المواطنين وأثره في الاستهلاك، ومن ثم الطلب العالمي. لاحظ أن الولايات المتحدة أكبر الشركاء التجاريين لليابان والصين وغالبية الدول، فمن المؤكد أن تتأثر الاقتصادات الدولية الأخرى بأي قلق في الأسواق المالية الأمريكية.

ثالثا: استمرار الولايات المتحدة كشرطي للعالم ودخولها المباشر وغير المباشر في كثير من بؤر التوتر في العالم سيزيد الأعباء المالية عليها، وبالتالي زيادة العجز في ميزان المدفوعات ومن ثم إعادة الاقتراض وانخفاض الدولار، ما يخلق جوا من القلق في الأسواق المالية العالمية.

رابعا: سياسات الحزب الجمهوري الاقتصادية، تشجيع الاقتراض، وبالتالي زيادة الإنفاق لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، لأن الإفراط في الاقتراض على حساب التوزيع العادل للدخول سيخلق أزمات مالية بسبب عدم القدرة على الوفاء.


الوقفة الخامسة

في ظل هذه المتغيرات الدولية الخطرة على أوضاعنا الخليجية ما السياسات التي من المفترض السير على خًطاها حتى نقلل من الأضرار المحتملة جراء هذه الأزمة على اقتصاداتنا؟

القطاع المالي بما يشمله من البنوك وشركات التأمين المتضرر الرئيس. فأي خطوة في اتجاه ضخ أموال لهذه المؤسسات المالية يجب أن تكون حذرة جدا، وليس بالمجان، لأن ضخ أموال في شرايين هذه المؤسسات سيدفعها إلى التعامل معها بالإقراض، ما يزيد المعروض من النقود وبالتالي انخفاض أسعار الفائدة، ما يجعلها تتضارب مع السياسات التحفظية التي ننتهجها. في اعتقادي أن تشجيع الاندماجات بين هذه المؤسسات سيعود بالنفع على الجميع لما تحققه هذه الاندماجات من فوائد. أما الأسواق المالية باعتقادي، ما عدا أسواق الإمارات، فأسباب التراجعات محلية الصنع في الغالب وليست خارجية المنشأ. ومع الفارق الكبير بين ميكانيكية عمل الاقتصاد الأمريكي، خاصة في الشأن النقدي مقارنة بالاقتصادات الخليجية، كون الخليجية تعتمد على تحويل الاحتياطيات إلى نقود محلية وما ينتج عنه من زيادة في المعروض النقدي، تبقى العملة الخليجية الموحدة هي الأمل بتحقق نوع من الاستقرار والسيطرة على التضخم. كما أنه من الضروري تلافي الارتباط بالدولار والتوجه إلى الربط بسلة من العملات لحماية العملة الوليدة والتخفيف من آثار هبوطات الدولار المتوقعة مستقبلا.

تداعيات الأزمة الحالية لا تطول الولايات المتحدة وحدها بل العالم أجمع، لذا علينا العمل مع المجتمع الدولي بأسره ككيان واحد من أجل التخفيف من آثارها، لأن التداعيات السلبية لا أحد بمنأى عنها.

إنتعاش
07-10-2008, 09:37 PM
هل حُلّت أزمة الأسواق المالية في الولايات المتحدة؟
د. عبدالعزيز حمد العويشق

بسرعة غير معهودة، أقر مجلسا النواب والشيوخ خطة الإدارة الأمريكية لإنقاذ الأسواق المالية بعد أسبوعين من عرضها، على الرغم من تلكؤ كثير من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب من الأصوليين المؤمنين بخرافة "آلية السوق"، مما تطلب التصويت على الخطة مرتين للحصول على أغلبية.

وقد بدأ العمل على تنفيذ الخطة حال إقرارها يوم الخميس 2أكتوبر وإصدارها بمرسوم رئاسي، وتتلخص الخطة التي تقع تفاصيلها في أكثر من 100صفحة في أربع خطوات:


1- تعيين مجموعة عمل من حوالي 20شخصاً في وزارة الخزانة التي تزعمت هذا العمل منذ فترة، من ذوي الخبرة في الأسواق المالية (عدد لا بأس به منهم من "جولدمان ساكس" وهي الشركة التي كان وزير الخزانة هنري بولسون كان يعمل بها. والعمل الرئيسي لهذه المجموعة هو الإشراف على تنفيذ الخطة ومتابعة عمل شركات الاستثمار التي ستديرها.

2- الاستعانة بشركات استثمارية - بين 5إلى 10- لتقييم وشراء الرهون المتعثرة من البنوك، وتديرها نيابة عن الحكومة. وستبدأ المجموعة في طلب عروض الشركات ابتداء من يوم الاثنين 6أكتوبر، ويمكن أن تستغرق هذه الخطوة أسبوعين.

-3الشراء الفعلي للرهون المتعثرة والذي قد يستغرق حوالي شهرين، نظراً إلى العدد الكبير المتوقع لتلك الرهون.

4إدارة الأصول التي يتم شراؤها، ويتوقع أن يستغرق ذلك عدة سنوات على الأقل لكي تتم بشكل صحيح.

هذا هو ملخص الخطة، فهل ستنجح في حل الأزمة المالية الأمريكية؟

هناك عدة معايير للنجاح، يجب أخذها بعين الاعتبار، وقد تنجح الخطة في تلبية بعضها بشكل أفضل من البعض الآخر:

* فمن ناحية، هناك الهدف السريع والذي يتعلق بوقف بيع الرهون بالمزاد وإخراج العائلات من منازلهم، وهو أمر يمس حوالي مليوني عائلة حسب التقديرات الأولية. ومن المتوقع أن يتم تحقيق ذلك بدرجة لا بأس بها. أي شراء بعض الوقت لتلك العائلات ريثما يتم الاتفاق على تفاصيل السداد الجديدة.

* وهناك معيار آخر يتعلق بحماية البنوك التي تملك تلك الرهون حالياً من الإفلاس، وتحقيق ذلك سيتوقف على السرعة التي يتم بها تطبيق الخطة قبل انهيار عدد كبير منها.

* أما معيار التكلفة فهو سبب التردد من قبل الكونجرس، خاصة مجلس النواب الذي يُعتبر الأمين الرئيسي على الأموال العامة. فمن الناحية النظرية يجب ألا تكلف الخطة الخزانة الحكومية ودافعي الضرائب كثيراً على المدى البعيد، بل تقول الحكومة بأنه قد تحقق ربحاً من ذلك في نهاية المطاف، ولكن التجربة التاريخية في أزمة بنوك التسليف مثلاً تشير إلى أن تحقيق هذا الهدف من أصعب الأمور. ومن هنا كانت مطالبة الكونجرس - والتي لبتها الحكومة - بأن يكون له دور رئيسي في المراقبة والتقييم.

وتلقي هذه المعايير بعبء كبير على وزارة الخزانة، إذ إن أي خطأ قد ينجم عنه آثار اقتصادية جسيمة، فقد يفقد عدد كبير من العائلات منازلهم نتيجة الخطأ في وضع معايير الشراء مثلاً، وقد ينتهي الأمر بخسائر جسيمة لدافعي الضرائب في حال تم تقييم الأصول بأعلى من قيمتها عند الشراء وأقل من قيمتها عند البيع. وسينعكس ذلك سياسياً على الإدارة الأمريكية.

أما الهدفان الرئيسان الآخران للخطة وهما إعادة الثقة في الأسواق المالية، وإنقاذ الحملة الانتخابية لجون ماكين، فيتطلبان معالجة منفصلة أرجو أن تتاح لي فرصة القيام بها في الأسابيع القادمة.

إنتعاش
07-10-2008, 09:51 PM
تراجع أسواق المال الخليجية.. الأسباب والمعالجات

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/9/17/1_846015_1_34.jpg


د. همام الشماع
المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية

شملت الانخفاضات الحادة كافة أسواق العالم المالية تقريباً في الشهرين الماضيين لأسباب عديدة، بعضها مفهوم ومبرر يأتي على رأسها تأثر أعمال الشركات سلباً بعد الارتفاعات المتوالية في أسعار النفط، خصوصاً أن البلدان الرئيسية -كالصين والهند- أصبحت مستورداً رئيسياً للنفط في العالم.

ومن الأسباب -وهو الأهم- تفاقم أزمات الائتمان في الاقتصادات العالمية والتي انتقلت بسرعة الهشيم من الاقتصاد الأميركي إلى اقتصادات أوروبا والمملكة المتحدة، لترفع خسائر الرهن العقاري إلى مستويات عالية أودت ببعض البنوك الكبرى كبنك ليمان براذرز وميرل لينش ومؤسسات مالية عملاقة.

في المقابل فإن الأسواق الخليجية التي تراجعت وفقدت المكاسب التي حققتها منذ بداية هذا العام، تعيش ظروفا ومعطيات اقتصادية مختلفة تماما، كان من المفروض أن تجعلها الملاذ الآمن للاستثمارات الهاربة من جحيم المشكلات الاقتصادية والمالية التي تعيشها أسواق الدول المتقدمة، وتدفع بها بالتالي نحو الارتفاعات الاستثنائية.

فالتأثر السلبي للدول الصناعية بأسعار النفط تقابله استفادة كبيرة لدول الخليج من زيادة مواردها المالية. وأزمة الرهن العقاري التي أضرت بالنمو وتطلبت تخفيض الفائدة وتراجع قيمة العملة الأميركية لم يكن لها تأثير على المصارف الخليجية التي واصلت تحقيق معدلات نمو عالية خلال الأرباع الماضية من العام الحالي واتضح أنها بمنأى عن تأثيرات إفلاس البنوك الأميركية.

كما أن أزمة الائتمان الناجمة عن الديون المعدومة بسبب أزمة الرهن العقاري لم تكن حاضرة في دول الخليج إطلاقا، إضافة إلى أن الخفض التلقائي للفوائد في دول الخليج بسبب ارتباط عملاتها بالدولار كان من المفروض أن يرفع من السيولة المتجهة إلى أسواق المال بسبب انخفاض العوائد البنكية.

تراجع الأسواق الخليجية
ورغم كل هذه العوامل المختلفة فإن الأسواق الخليجية بدأت مسلسل التراجع بشكل خاص منذ منتصف يونيو/ حزيران الماضي، ولعل تاريخ بدء التراجع في هذه الأسواق وتوقيته يحمل أهمية كبيرة في تشخيص الأسباب التي تقف وراء هذه التراجعات التي ضربت المنطقة.

فمن السهولة الزعم بأن الأحداث السياسية والتشنجات التي تمر بها المنطقة تشكل العامل الرئيسي لتراجع الأسواق. ومن السهولة أيضا البحث في الجعبة القديمة للتفتيش عن أسباب وأعذار تبرر البيع في ظروف تماثل الأداء الجيد بل الممتاز لكل الأسواق الخليجية دون استثناء، حيث لم تتخلف شركة قيادية خليجية واحدة عن تحقيق نمو ملموس في الأرباح الربعية الثلاثة الماضية، بحيث أصبحت المضاعفات الربحية لبعض تلك الشركات أقل من عشرة قبل أن تنخفض إلى أكثر من ذلك بعدما تراجعت الأسواق لتصل إلى أقل من خمسة، معلنة الوصول إلى أكثر المستويات التاريخية جاذبية للاستثمار.

ورغم بلوغها هذه المستويات الجذابة فإن الأسواق الخليجية واصلت التراجع. وليس من المتوقع أن تشهد في المستقبل القريب المنظور تحسنا في الأداء قبل أن يزول السبب الذي نعتقد أنه يقف وراء هذا التراجع، وهو عمليات التسييل التي تقوم بها صناديق ومحافظ أجنبية في ظل تراجع هائل في مستويات السيولة المحلية.

إنتعاش
07-10-2008, 09:55 PM
تراجع أسواق المال الخليجية.. إلى أين؟ وما العمل؟

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2007/10/7/1_725874_1_34.jpg

د. همام الشماع
المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية



تعيش أسواق المال الخليجية أفضل أوقاتها من حيث الأداء، سواء الخاص بالشركات وأرباحها أو المتعلق بالاقتصاد الخليجي بجانبيه الريعي والحقيقي.

لكن مشكلة هذه الأسواق تكمن في أداء الاقتصاد العالمي الذي يعكس بسبب العولمة بعضا من أدائه الدوري السيئ على الاقتصادات الخليجية التي تتحمل أعباء بيع تعثري لمؤسسات مالية أجنبية يفترض أنها جاءت إلى الخليج بهدف الاستثمار وليس المضاربة كما يحدث الآن.

وللإجابة على السؤال إلى أين؟ سيتوقف الأمر على قرار الحكومات الخليجية في تعويض الاقتصاد بسيولة أولى بها أن تستثمر في الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة بدلاً من التوظيف السيادي المقيد في الدول المتقدمة، خصوصا في ظل هذه الظروف التي تضطرب فيها أسواق الدول المتقدمة وتتعرض فيها اقتصاداتها للكساد.

سيولة تعويضية

فالجهاز المصرفي في دول الخليج بحاجة ماسة إلى سيولة تعويضية عن السيولة الأجنبية المضاربية (الفخ) التي أدت إلى انتفاخ القروض وانكماش الودائع، لتترك الاقتصاد في أزمة سيولة مفتعلة غير حقيقية، فهي إذن بحاجة إلى سيولة إنقاذ تضخ في المصارف التجارية العاملة لتعوض النقص الذي أصابها بسب رحيل أموال المضاربة.

ولكن هذا ليس كل شيء، إذ لا بد من الوقاية أيضا لأن الداء قد يعود وهذا يعني اتخاذ الإجراءات التالية:

أولا- هناك حاجة إلى تنظيم عمل الصناديق الاستثمارية الأجنبية في الدولة، حيث إن الهدف من استقطاب المستثمر الأجنبي هو المشاركة في التنمية والتطوير وهذا لا يتم خلال فترة زمنية بسيطة، وبالتالي فإن دخول محافظ استثمارية في الدولة تحت شعار مستثمر طويل الأجل ومن ثم الخروج المبكر مع إحداث زوبعة في الأسواق المالية لا يخدم الهدف المنشود.

ومعلوم لدينا ما يمكن أن يحدث في البلدان الغربية إذا ما قام صندوق سيادي بالإخلال بالضوابط الصارمة حيث تقوم الدنيا ولا تقعد، ولذلك يجب أن تعامل الصناديق الأجنبية بالمثل، وهو أمر لا يخل بقواعد العدالة، لذا فإننا نقترح الضوابط التالية:

1- تسجيل هذه الصناديق لدى الجهات الرقابية قبل العمل في الدولة.

2- الإفصاح الصريح عما إذا كان هذا الصندوق سياديا أو استثماريا.

3- الإفصاح عن طبيعة عمل الصندوق (هل هو تحوط أو استثماري أو مضاربة...إلخ).

4- الإفصاح عن السياسة والفترة الزمنية الاستثمارية مسبقا.

5- الإفصاح الشهري عن محفظة الصندوق لدى الجهات الرقابية.

6- الإفصاح عن أية عوامل خارجية تؤثر على قرارات الصندوق (كإفلاس الشركة الأم, أو تدهور الوضع المالي للشركة الأم وغيرها).

التزامات المحافظ الأجنبية
ثانيا- على كافة المحافظ والصناديق الأجنبية أن تتعهد وتلتزم بما يلي:

1- عدم مخالفة قوانين الدولة من حيث تبيض الأموال.

2- عدم استغلال الاستثمار لأهداف أخرى، منها التأثير على القرار السياسي أو النظام المالي.

3- الالتزام بالسياسة الاستثمارية والفترة الزمنية المستهدفة وأخذ موافقة السوق مسبقا في حال تغير أحد هذه الشروط.

4- تزويد الجهات الرقابية بأية معلومات تطلبها من هذه الصناديق.

5- الالتزام بعدم طرح مشتقات مالية أو إقراض هذه الأسهم للتداول في الأسواق المالية المحلية أو الأسواق المالية الأجنبية إلا بعد موافقة الهيئة. وفي حال الحصول على موافقة الهيئة يجب أن يتم التداول في هذه المشتقات في الأسواق المالية المحلية فقط.

6- التعهد بعدم التحالف مع صناديق استثمارية أخرى محلية أو أجنبية للتأثير على أسعار الأسهم وإحداث بلبلة في الأسواق المالية.

7- أية تعهدات أخرى تحفظ الاستقرار في الأسواق المالية وتمنع عنه التلاعب في الأسعار والسيطرة عليها.


إعادة الثقة

ثالثا- هناك حاجة إلى إعادة الثقة عبر التأكيد على والالتزام بمبادئ الإدارة الرشيدة وحوكمة الشركات، وحاجة إلى طرح بعض الشركات للتدقيق من طرف محايد وإعطاء شهادة بصحة الوضع المالي وعرضها على الجمهور ومنع أعضاء مجالس الإدارة والعاملين بالشركة من شراء أو بيع أسهمها إلى حين ظهور التقرير.

رابعا- قيام البنوك بتأجيل الضغط على العملاء المقترضين برهن الأسهم خلال هذه الفترة لكون هبوط الأسعار حالة استثنائية وستعود الأسواق إلى وضعها الطبيعي مع انتهاء شهر رمضان.

وبالتالي فإن بعض المستثمرين لن يستطيعوا تغطية الفوائد على القروض خلال هذه المرحلة، الأمر الذي يجعل صبر البنوك خلال هذين الشهرين على تلكؤ العملاء في التسديد ذا أثر إيجابي جدا على الأسواق كونه سيحول دون تسارع عمليات البيع الاضطراري والتي قد تطيل من فترة تعافي الأسعار وتسبب مشاكل في السوق وأيضا في البنوك تنتشر منها إلى العديد من القطاعات.

خامسا- نعتقد أن من المناسب أن توجه الحكومات الخليجية جزءا من الفوائض النفطية للسنة الحالية نحو الاقتصاد الوطني، ربما بشكل ودائع حكومية لدى المصارف التجارية بهدف تعويض السيولة الأجنبية التي خرجت والتي من المؤكد أنها كانت أحد أسباب الشحة الحالية في سيولة الأسواق المالية والتي أيضا أدت إلى أن يكون لتسييلات الأجانب هذا الأثر الكبير على انخفاض المؤشر العام للأسواق.

سادسا- قيام الأسواق في الدول الخليجية بتوفير بيانات واضحة عن المحافظ الأجنبية التي تمتلك نسبة تفوق الـ0.5% كي يمكن للأسواق الخليجية معرفة القاع الذي سترسو عنده عمليات البيع المتواصلة التي تقوم بها المحافظ والصناديق الأجنبية منذ نحو شهرين ونصف عبر معرفة ما تبقى لديه من أسهم محل التسييل.

سابعا- ضرورة أن تعيد المصارف المركزية الخليجية النظر في سياستها النقدية المتشددة الهادفة إلى الحد من وتيرة التضخم، وذلك في ضوء بدء العد العكسي لمسيرة الدولار أمام العملات الدولية والتي ستنعكس على قيمة العملات الوطنية وقوتها الشرائية من الخارج، ما سيدفع نحو استقرار التضخم ومن ثم تراجع معدلاته إلى المستويات المقبولة.

وستؤدي إعادة النظر هذه في النهاية إلى إطلاق سيولة جديدة لدى المصارف توفر على الأقل أجواء نفسية ملائمة لعودة السيولة.

إنتعاش
07-10-2008, 09:58 PM
دلالات تزامن الهبوط في الأسواق الخليجية



http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/9/17/1_845995_1_34.jpg

د. همام الشماع
المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية

لو استبعدنا السوق السعودية التي بدأ فيها تراجع السوق مبكرا قبل بقية الأسواق الخليجية، فإن أهم ما يمكن ملاحظته أن الأسواق الخليجية الأخرى بدأت جميعها مسيرة الهبوط الحاد في وقت واحد وهو منتصف يونيو/حزيران وبداية يوليو/تموز الماضيين.

والملاحظ أن الانخفاضات الجماعية والحادة للأسهم الخليجية ضمن مسلسل الهبوط الذي تمر به منذ بداية الربع الثالث ومطلع شهور الصيف، جعلتها تفقد المكاسب التي تحققت في بداية العام الحالي، حيث بددت سوقا مسقط والدوحة كامل مكاسبهما التي تحققت منذ مطلع العام.

واقتربت سوق الكويت تحت وقع الخسائر المتواصلة من اللحاق بالسوقين حيث بقيت بانخفاض يوم 14 سبتمبر/أيلول على مسافة 2.3% من النمو الإيجابي للتحول إلى الهبوط الكامل، في حين فقدت أسواق الإمارات أكثر من 21.5% من أعلى مستوى كانت عليه في بداية العام الحالي.

ويمكن تفسير هذا الهبوط الحاد في البورصات الخليجية في الفترة الأخيرة إلى القيام بعمليات بيع واسعة من قبل الصناديق والمحافظ الأجنبية العاملة في دول الخليج في ظل بيئة تداول ضعيفة (انحسار الطلب)، الأمر الذي أدى إلى خلل في ميزان العرض والطلب حيث إن وفرة الأسهم المعروضة من قبل الأجانب قابلها شح في الطلب المحلي، ما أدى إلى قلب الموازين وانخفاض أسعار الأسهم.

ولعل معامل الارتباط بين حركة المؤشر العام لسوق الإمارات ومؤشر صافي استثمارات الأجانب -الذي كان سالبا في الشهرين الأخيرين- حيث ظهر أن معامل الارتباط يصل إلى 0.94 وهذا يعني أن هناك علاقة طردية وطيدة جدا بين اتجاه التدفقات النقدية الأجنبية إلى سوق الأسهم وحركة أسعار الأسهم، فإذا خرجت انخفض المؤشر وإذا دخلت ارتفع المؤشر العام للسوق. والرسم البياني أدناه يوضح قوة هذا الارتباط.

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/9/18/1_846257_1_34.jpg
رسم بياني لحركة المؤشر العام لسوق الإمارات
ومؤشر حركة الاستثمارات الأجنبية فيها
منذ أكتوبر/تشرين الأول 2007 إلى الوقت الحالي


لقد بدأت عمليات التسييل من قبل الأجانب في دول الخليج بشكل عام بعدما قامت سفارات دول غربية بتوجيه تحذيرات إلى رعاياها في بعض الدول الخليجية من احتمال حدوث أعمال إرهابية.

ولقد كان ذلك بمثابة الذريعة التي استفادت منها المؤسسات المالية الغربية المتضررة من أزمة الرهن العقاري وأزمة الائتمان المترتبة عليها للخروج بالسيولة إلى البلدان المصدرة لها. وقد بلغ حجم السيولة الخارجة من سوق الإمارات وحدها من يوم 12 يونيو/حزيران الماضي وحتى 4 سبتمبر/أيلول الجاري (وقت إعداد هذه الدراسة) 8.756 مليارات درهم (2.383 مليار دولار).

وفي كل أسواق الخليج قامت المحافظ المحلية وصغار المستثمرين بالبدء باستيعاب وشراء هذه الأسهم التي يبيعها الأجانب، ولكن نتيجة ارتفاع حجم المبيعات استنفد المستثمرون ما لديهم من سيولة هي في الأصل شحيحة لأسباب سنأتي على ذكرها لاحقا والتي لها صلة أيضا بالأجانب، وبالتالي لم يعودوا قادرين على الشراء واضطروا للابتعاد عن الأسواق (أحد أسباب انخفاض حجم الطلب) بانتظار انتهاء عمليات البيع الكبيرة.
كما أن الاستثمار المؤسساتي كان سلبيا ودخل في بعض الأوقات باستحياء كونه لا يعرف حجم الأسهم التي ينوي الأجانب بيعها، وبالتالي من حقه التخوف من استنفاد السيولة لديه في وقت يستمر فيه هبوط الأسعار.

أسباب بيع المحافظ والصناديق الأجنبية
هناك ثلاثة أسباب محتملة لقيام الأجانب بالتسييل الواسع النطاق وهي:

- السبب الأكثر رجحاناً هو حاجة هذه الصناديق إلى السيولة بعد الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها في الأسواق الأم نتيجة أزمة الرهن العقاري وخسائر الاستثمارات في الأسواق المالية. وبالتالي فإن العديد من البنوك الاستثمارية التي تدير هذه الصناديق اتخذ قرارات بتخفيض حجم استثماراتها في الأسواق الناشئة ومن ضمنها دول مجلس التعاون والأسواق الآسيوية.

ويبدو أن المحافظ والصناديق الأجنبية التي قامت وتقوم بهذا البيع الاضطراري كانت تستشعر المخاطر الائتمانية المتعاظمة في الاقتصاد العالمي وكانت تستبق الأحداث كي تؤمن نفسها من مخاطر الإفلاس المحتمل الذي أعلن عنه في الولايات المتحدة لبنك ليمان براذرز بدلا من إشهار الإفلاس وطلب الحماية من المودعين.

- سبب ثانوي وقليل الاحتمال يتمثل في التأثير السلبي لظاهرة مكافحة الفساد في دبي على عموم أسواق الخليج والتي يعتبرها الإعلام الغربي متماثلة في ظروفها وأساليب عملها من حيث الحوكمة والإدارة الرشيدة، حيث تناولت وسائل الإعلام الأجنبية أحداث الاعتقالات التي طالت العديد من المسؤولين في الشركات المدرجة في الأسواق كرويترز وبلومبرغ وداو جونز، وهذه جميعها وسائل إعلام مهمة.

- سبب ثانوي آخر وهو التخوف من قيام الولايات المتحدة وحلفائها بعمليات عسكرية ضد إيران بخصوص الملف النووي، حيث يوجد في الخليج بعض قطع العتاد الحربي من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.

شح الطلب وانخفاض السيولة
هناك عدة أسباب رئيسية لذلك ولعل أهمها:

1- السياسة النقدية المتشددة التي تتبعها المصارف المركزية في دول الخليج كافة لكبح جماح التضخم، وذلك عبر رفع الاحتياطي الإلزامي وشهادات الإيداع للبنوك المحلية.

2- حالة الشح في السيولة هي أيضا ظاهرة خليجية ناجمة عن تماثل شبه تام في الظروف والمعطيات الاقتصادية لهذه البلدان، إذ إن أزمة السيولة تعبير عن حالة استقطاب لهذه السيولة من قبل القطاع العقاري نجمت فعلا عن توسع في الإقراض العقاري استفاد من وفرة سيولة نجمت عن تدفق ودائع وسيولة أجنبية إلى دول الخليج في وقت واحد قبل أكثر من ستة أشهر، عندما كانت تروج فكرة واحتمال قيام دول الخليج بفك ارتباط عملاتها بالدولار أو على الأقل برفع قيمة هذه العملات تجاه العملات الأخرى.

التوسع السابق في الإقراض العقاري يجابه الآن مشكلة قيام الأجانب بسحب السيولة التي ادخلوها قبل أشهر في كل دول الخليج التي كانت مرشحة لفك ارتباط عملاتها بالدولار أو لرفع قيمة عملاتها كعُمان والكويت. وطبعا يلاحظ أن الدول التي كانت أكثر استقطابا للأموال المضاربة هي التي كانت تدور فيها إشاعات عن نسب عالية لرفع قيمة عملتها تجاه الدولار.

وقد كانت الإشاعات ترشح الإمارات لرفع قيمة عملتها بنسبة 20% في حين كانت الكويت التي فكت الارتباط بالدولار هي الأقل استقطابا للأموال المضاربة، كون رفع قيمة الدينار الكويتي كان محدودا ويتم وفقا لمعادلة سرية تتكون منها سلة العملات التي يعادل بها الدينار الكويتي. وهذا ما يفسر التأثير السلبي الأقوى في دولة الإمارات مقارنة مع الكويت التي لا تزال لحد إعداد هذه الدراسة محافظة على جزء ولو قليل من مكاسب هذا العام، بينما فقدت الإمارات 21.5% من أعلى مستوى سعري خلال العام الحالي.

وتباينت خسائر الأسواق الخليجية الأخرى بحسب قوة الرفع الذي كانت ترشحه إشاعات رفع قيمة العملة. وقد أدى ذلك إلى توسع عموم المصارف الخليجية -التي تعيش ظروفا متشابهة إلى حد كبير- في الإقراض نتيجة زيادة السيولة لديها بسبب ودائع الأجانب.

ولكن بعدما نفت دول الخليج عدة مرات نيتها فك ارتباط عملاتها بالدولار أو رفع قيمة عملاتها عادت هذه السيولة أدراجها من حيث أتت، ما ولد تناقصا سريعا غير متوقع في السيولة المصرفية أخذ بالتسارع بعدما بدأ الدولار بالعودة إلى الارتفاع.

ومن هنا بدأت ملامح أزمة السيولة في الأسواق المالية تزداد حدة بعدما اضطرت المصارف الآن للتشدد في الإقراض، نتيجة بلوغ فقرة القروض مستويات تزيد قليلا عن فقرة الودائع. ولعل هذه ما ذهبت إليه وأكدته صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير أشارت فيه إلى أن البنوك في منطقة الخليج بشقيها الإسلامي والتقليدي لا تملك ما يكفي من السيولة للوفاء بكل طلبات الشركات لتوسيع عملياتها، مضيفة أنه ما لم تكن البنوك قادرة على تعزيز ودائعها أو تطوير أدوات مالية جديدة فإن الافتقار إلى المال يمكن أن يعمل مثل كابح مهم للسرعة التي يمكن أن تنمو بها المنطقة.

3- وكنتيجة لشح السيولة اضطرت المصارف لرفع أسعار الفائدة على الودائع الثابتة بأعلى من سعر الفائدة شبه المرجعي الذي يدفعه البنك المركزي على شهادات الإيداع، أي أنها تتزاحم في سبيل الحصول على الأموال النقدية لأنها غير قادرة على العثور على مودعين وذلك لغرض استقطاب المزيد من الودائع والسيولة لدى المصارف، الأمر الذي أدى أيضا إلى ارتفاع أسعار الفائدة ما بين المصارف، لذا فقد كان انعكاس الإجراءات النقدية مضاعفا في ثقله على أسواق المال، مرة من خلال قلة السيولة المقرضة لأغراض تمويل شراء الأسهم، ومرة أخرى من خلال تحسن الفرصة البديلة للاستثمار في الأسهم والمتمثلة في الودائع البنكية.

القطاع العقاري يستقطب السيولة
4- استقطاب السيولة من قبل القطاع العقاري، إذ في العادة يحجز المستثمرون العقاريون عدة وحدات سكنية عبر دفع عربون أولي لشرائها هذه الوحدات إلى المطور الذي يستوفي المبالغ حتى قبل أن يستلم الأرض ويحتفظ بالسيولة لديه، الأمر الذي يعني تجميد واحتجاز سيولة كبيرة جدا تفاقمت مع الطفرات العقارية التي أعقبت الفورة السعرية النفطية الحالية، كما أدى إلى تأثير عكسي على الاقتصادات الخليجية.

فبدلا من أن ترفع أسعار النفط من مستوى السيولة ساهمت الطفرة العقارية الكبيرة في سحب سيولة هائلة من الأسواق المالية، ومن ثم يتم تسديد المبلغ الباقي على دفعات متفق عليها من حيث الحجم أو التوقيت مسبقا.

وفي العادة أيضا يعتمد المستثمرون على تمويل البنوك لشراء الوحدات ويستخدم التمويل لسداد الأقساط الأولى من عمر الاستثمار، على أمل أن يقوم المستثمر خلال فترة بناء العقار ببيع هذه الوحدات إلى أفراد آخرين بهدف تحقيق الربح السريع.

5- تصاعد المخاوف غير المبررة من انفجار الطفرة العقارية، وهي من العوامل التي أدت إلى شح السيولة وهو خلل بتأثير جوانب نفسية وليست حقيقية، نجمت عن الشعور الذي تولد نتيجة إبداء العديد من المصارف الخليجية بعض التشدد في تقديم قروض للتمويل العقاري، وذلك إثر تصاعد المخاوف في العديد من دول الخليج من أزمة مماثلة لما حدث في العالم، وهو ما فسرته الأسواق نفسياً على أنه جرس إنذار لأزمة عقارية تتبعها -على غرار ما حدث في الولايات المتحدة- أزمة ائتمان حادة وشح في السيولة.

إن هذه المخاوف -غير المبررة إطلاقا- ناجمة عن تأثير القطاع العقاري سلبيا على أسواق المال عبر استقطابه للسيولة، وعن تزايد المضاربة في العقار بما سيوصل المصارف إلى قناعة حول مخاطر التمويل العقاري الانفلاتي، لتبدأ بتصعيب شروط الائتمان والتشدد في منح التمويل مقابل زيادة الدفعة الأولى. غير أن ذلك لا يعني أن دول الخليج ستواجه أزمة رهن عقاري تعقبها أزمة ائتمان.

SeYaSeEe
08-10-2008, 11:59 AM
سبحان الله أشلون العالم صغير ,, والامور مترابطه ..

الله لا يهينك ع الموضوع المتكامل ..

ويعطيك الف عافيه ..

إنتعاش
11-10-2008, 09:17 PM
أزمة المال اصطياد الفرص وانهيار السياسات

محمد العثيم
الوطن" السعودية

كيف نتصرف إزاء الكارثة المالية التي بدأت، ولا أحد يتنبأ بنهايتها، وأثرها؟ لا أحد حقيقة يستطيع الإجابة على هذا السؤال حتى لو كان في بؤرة المسؤولية مع غياب الشفافية الكاملة حول المؤسسات السعودية المتضررة دوليا، ومحليا، ولا أحد يستطيع الأخذ بتصريحات المسؤولين السعوديين المطمئنة، لأن هذه التصريحات المحلية تأتي على شكل صيغ العموميات وطمأنة الناس.

ولا أحد يدري ما هي المؤسسات المفلسة، والأفراد الذين يعلنون إفلاسهم طمعا بعناقيد دعم الحكومات المنتظر، ولا أحد يستطيع تبين من هم الذين يتآمرون الآن، وينصبون الشباك بسرعة لجني أرباح من دمار الزوبعة بعد أن يستثار السمك من مكامنه، ويهرب الناس من السوق.

الأزمة الاقتصادية العالمية أزمة حقيقية، وستؤثر علينا، ولهذا حديث آخر في الجانب المحلي، لكني اليوم سألتفت لجانبها العالمي بغية كمال الصورة.


في جانب الأزمة السياسي العالمي، وكما توقع كثيرون فهي محصلة طبيعية لنهاية عهد الرئيس بوش القلق، وهي لن تكون كارثة واحدة فقط، بل بداية كوارث متتابعة، وكانت في حقيقتها زوبعة مؤجلة منذ أواخر عام 2005، وقد حان وقتها، ونحن نعرف أنه في عالم السياسة تثار الزوابع في وقتها المناسب في اتجاه محدد، لكي يبدأ العمل الأخطر في اتجاه آخر، فرغم البداية السيئة جدا للكارثة فالأسوأ لم يأت، لأن الأزمة المالية الحالية سوف تهز اقتصاديات الدول الصغيرة، والكبيرة على حد سواء.

من جانب آخر، وفي كواليس مسرح الحدث بدأت تنصب الشباك للاستفادة من الأزمة والصيد فيها، وبعض شباك الصيد حبائل سياسية، وبعضها من أجل مكاسب اقتصادية، ولكننا بلا شك بدأنا مرحلة عالمية من التغيير المؤثر في علاقات العالم تشبه ما بعد كارثة الحادي عشر من سبتمبر حيث تتحرك الحدود، وتتغير الخارطة، وتنحر المبادئ، والأخلاق لحساب المصالح الخاصة، وتضيق الحريات في العالم بمبرر الكساد، والحروب، وحجة الصبر من أجل تجاوز الأزمات، وتقف عجلة التنمية في كثير من البلدان التي تبحث عن المبررات.

هناك أيضا في خلف الحدث ما يتجاوز شراء الرهون الورقية المفلسفة من تصفيات سياسية، وعسكرية، وفي عالمنا الشرق أوسطي البائس، وفي العالم الفقير، تصير هذه الأزمة المالية أخطر من الحرب على العراق وأفغانستان، لأن ما سوف يليها تغيرات حادة في خارطة العالم العربي السياسية المتشابكة، وسيكون من الضروري تقطيع الكثير من الخيوط النزقة الملتفة في العلاقات المحلية، والدولية، وستتغير مراكز القوى المالية، وكل هذه تداعيات تبرز رؤوسها وتختبئ في كواليس السياسة مثل جبال الجليد تحت الماء، لكن الناس في الزوبعة لا يريدون الحديث عن المؤامرة المالية للإفلاس المرفوض، والأزمات المؤجلة في طبع ورق من السندات، والصكوك المزيفة.


فالعشر السنوات القادمة ستشهد كسادا عالميا بلا شك، وللخروج من الكساد لابد من إشعال حروب مفتعلة تعصف بنشاز السياسة الفاسدة، على مقولة (الفساد يأكل بعضه) في محاولة للوصول لعالم يسوده شيء من الاتزان، ولو على حساب الحرية والعدل، فعالمنا المعقد بالمشكلات لا تمكن تصفيته اليوم بالعمل الدبلوماسي وحده، وهناك مناطق قلقة في الشرق الأوسط، والقوقاز.

ولا ننسى أم المشاكل قضية فلسطين التي لم يستطع العالم فيها تبني توازن في العدالة الاجتماعية، بل يسودها العناد المؤدلج، وستكون المرحلة التالية تصفيات سياسية وتحييد نظم، ورسم خارطة سياسية بتعاون دولي يحقق عبور الألفية الثالثة بعالم جديد تفرشه سجادة الغرب بالقوة، وحسب مصالحه القائمة منذ أربعة قرون أيام تجارة الشرق، فالغرب يفتح طريقه بالقوة، والسلاح الحديث من أجل الثروة، وهو الآن مؤهل لذلك بتجمعه أكثر من أي وقت مضى.

انثيال أورام الفساد في السياسات المزيفة، بالأدلجة القديمة، لا يختلف عن وجود رهونات بلا مال، والاثنان شبيهان بطبع عملة مزيفة وبيعها في سوق سوداء على أمل تصريفها على طامعين، يؤمنون بمستقبل الأحلام، ولهذا قلت إن الأزمة العالمية في الاقتصاد سوف تدار من قبل صيادين محترفين يستغلون الفرص السياسية في هذا التغير نحو الكساد للسنوات المقبلة، وهي بالتالي فرص لخلق مزيد من النفوذ، والثروات على حساب الطبقات المتوسطة والفقيرة،.

وكما قرأتم التقارير فليس كل المندفعين لإعلان الإفلاس في قوائم محاسبية مهنية هم مفلسون حقيقيون، ولكنهم يرون المال الحكومي الذي تعد به الحكومات الأوروبية وحكومة الولايات المتحدة، وهي عناقيد مجيرة كديون أخرى على حساب دافعي الضرائب، بمعنى أنها سندات بلا رصيد، ومصطادو الفرص يريدون جني الأرباح منها، وإذا لم تتحملوا ربط هذه الفكرة بجانبها السياسي القادم برحابة صدر، فتذكروا أن السماكين يرمون المفرقعات في البحر لتحريك الأسماك النائمة نحو شباكهم المنصوبة.


وقد تعودنا من الإدارة الأمريكية الحالية إثارة الزوابع من الدوامات، لكن الزوبعة الحالية ستؤثر على الإدارة الحالية في الولايات المتحدة بشكل سلبي، ومن هنا أصل إلى خلاصة موضوع اليوم وهو ما يطبخ في الاتجاه الآخر بعد زوبعتين واحدة في الحرب الجورجية، ثم أزمة الرهن العقاري، والتوظيف المقابل جعل الكفة السياسية تنتج معطيات جديدة لن تجعل الطامحين الجدد للاستقطاب ومنهم روسيا والكتلة الشرقية قادرين على فعل شيء في حال كساد اقتصادي تبور فيه السلع، لأنها لا تجد مشترياً، ويسرح العمال لأن المصانع لا تعمل.

الجانبان الاقتصادي، والسياسي في العملية متلازمان، ولا يمكن التفكير بتطور تقني وعلمي للتسلح الروسي الموعود في عام 2020م، أو تطور التقنية الصينية الأقوى في السنين الماضية في حال وجود كساد غربي، والغرب يدرك هذه الحقيقة لذلك فتصيد بعض النظم النشاز في السياسة مثل إيران سيكون سهلا في غياب دعم صيني أو روسي قادر.

طبعا نحن محليا في دوامة الأحداث، وسوقنا يواصل الانهيار بلا مبرر معلن، ولعلي أستطيع العودة برأي آخر في الأسبوع القادم فأنا لا أرتاح لكثير من التصريحات التي تعزل اقتصادنا عن غيره.

إنتعاش
11-10-2008, 09:20 PM
أثر أزمة الائتمان العالمية في المصرفية الإسلامية

د.صلاح بن فهد الشلهوب
الاقتصادية" السعودية


يشهد العالم اليوم تحولا كبيرا بسبب أزمة الائتمان العالمية التي أصبحت تعصف بالأسواق العالمية، وأصبح هناك غموض في مستقبل الاقتصاد العالمي في ظل هذه الانهيارات التي تشهدها المصارف العالمية، والتي أطلق شرارتها بنك ليمان براذرز، والذي قد يكون بداية لسلسلة انهيارات قد تشهدها البنوك العالمية في أمريكا أو أوروبا.

وفي ظل هذه الانهيارات أصبح هناك حديث عن أثر هذه الأزمة في الدول الأخرى التي لا تعتبر طرفا فيها ولعل منها منطقة الخليج التي تشهد نموا غير مسبوق، في ظل ارتفاعات كبيرة في أسعار البترول وتدفق الاستثمارات العالمية للمنطقة، والتحسن الاقتصادي بشكل عام.


كذلك من الممكن أيضا أن نتساءل عن أثر هذه الأزمة في مسيرة نمو المصرفية الإسلامية، إذ إنها تعيش اليوم أفضل حالاتها في ظل نمو الطلب على الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة، والتدفق النقدي الذي تشهده منطقة الخليج وهذه المنطقة تعد أكبر مغذ للنمو الذي تشهده المصرفية الإسلامية اليوم.

يبقى أن نعلم أن المنظومة الاقتصادية اليوم مرتبطة بشكل كبير ببعضها بعضا، خصوصا يتعلق الأمر بأكبر اقتصاديات العالم وهي الولايات المتحدة، وكما قيل "لو عطس الاقتصاد الأمريكي لأصيب العالم بالرشح "وذلك دلالة على قوة تأثير الاقتصاد الأمريكي على اقتصاديات العالم، وكان الأمر واضحا في الأزمة التي امتدت بقوة إلى الدول الأوروبية.

ولذلك لا بد من تقييم حجم الأثر الذي ستتركه هذه الأزمة على المصارف الإسلامية وتكون هناك استفادة من الدروس.

من المعلوم اليوم أن كثيرا من المصارف العالمية التي تعاني أزمة الائتمان لها اليوم فروع وأدوات استثمارية على أساس أنها متوافقة مع الشريعة، وهذه المصارف تقدم تمويلا لشراء المساكن كالتي تقدمها المصارف التقليدية بالصيغ المتوافقة مع الشريعة, إضافة إلى تقديم ومساهمة هذه المؤسسات في الصكوك الإسلامية والخدمات والمنتجات الإسلامية التي تشابه كثيرا نظيريها التقليديين.


فكل ما سبق من العوامل لا شك أنه سيؤثر في نمو المصرفية الإسلامية، خصوصا إذا ما أخذنا في الاعتبار الكساد الذي سيصيب الاقتصاد العالمي والذي سيلقي بثقله على المصارف الإسلامية والتقليدية على حد سواء.

ولذلك لابد أن نأخذ من هذه الأزمة عدة دروس، ومنها أن المصرفية الإسلامية لابد أن تكون لديها استراتيجية لتنمو بعيدا عن ارتباطها الوثيق بالمصرفية التقليدية، ثم إنه لا بد أن نعي اليوم وبعد هذه الأزمة أن التمويل الذي يعتمد على الفائدة بشكلها التقليدي أو الإسلامي ليس على كل حال منعدم المخاطرة.

وهذا يستدعي أن يكون تركيز المصرفية الإسلامية على التنمية التي تتضافر جهود الممول والمستثمر لنجاح مشاريعهم الاستثمارية ويكون عبء المخاطرة يشمل الجميع، ليكون حافز تحقيق الأرباح أيضا هدفا للمول والمستثمر، وانخفاض المخاطرة ناشئ من خلال تنوع الاستثمارات، وتركيز الممول والمستثمر على دراسة المشروع ومدى نجاحه بدلا من أن يكون عبء المخاطرة يتحمله المستثمر فقط دون الممول.

إنتعاش
11-10-2008, 09:22 PM
ماذا بعد خطة الإنقاذ الأميركية؟

عدنان يوسف
رئيس اتحاد المصارف العربية

أخيراً، وبعد مخاض عسير، وافق مجلسا الشيوخ والنواب الأميركيين على خطة الإنقاذ المالي التي اقترحتها إدارة الرئيس جورج بوش وكلفتها 700 بليون دولار. وبعد توقيعه القانون الخاص بها، سارع بوش ليقول إن فوائد الخطة قد تتطلب وقتاً طويلاً قبل أن تظهر نتائجها في الاقتصاد الأميركي. وسارع بعد التوقيع إلى طمأنة مواطنيه إلى أن الحكومة ستكون حذرة في تنفيذ القانون الذي يهدف إلى تهدئة أزمة الائتمان التي أدت إلى اضطرابات أسواق المال العالمية.

نحن نوافق على أن خطة الإنقاذ المالي الأميركية ليست سوى مسكّن للأزمة، التي نتوقع أن تتأثر الأسواق العالمية بتبعاتها خلال السنوات الخمس المقبلة، في أقل تقدير، ونرى، في الوقت ذاته، أن الأزمة لم تكن نتيجةً لفشل النظام الرأسمالي، بمقدار ما كانت ناجمة عن سوء استخدام الثغرات الموجودة في هذا النظام، في ما يتعلق بالديون الهائلة التي قدمتها البنوك الأجنبية إلى المقترضين.
فالخطة إذاً، هي بمثابة حل جزئي وموقت لأزمة الائتمان العالمية، فمن المبكر الحكم كلياً على مدى فاعليتها وبلوغها الأهداف المرجوة.

أكدنا في أكثر من مناسبة أن المصارف العربية والخليجية، لا تواجه مشكلات في فوائض المال بالعملات الأجنبية، التي هي أساس الأزمة المتوسّعة في الغرب. فالمشكلة الرئيسة التي تواجه المصارف ومؤسسات المال العالمية راهناً، وعلى المدى القصير، شح السيولة القصيرة الأجل. لذا، من شأن الخطة، تخفيف العبء كجرعة أولية على هذا الصعيد.

وأكدت المصارف المركزية العربية والخليجية استعدادها لضخ ما يكفي من الأموال في الأسواق إذا دعت الحاجة، إلا أننا لا نتوقع حدوث ضغوط كبيرة على هذا الصعيد، خصوصاً أن المصارف المركزية بادرت إلى نشر بياناتها عن أوضاع مصارف بلدان المنطقة، بشفافية كلّية. وبيّنت بوضوح، وفقاً لما ورد في تصريحات محافظيها، أن المصارف الخليجية والعربية لم تطلها تأثيرات الأزمة، إلا في شكل محدود، مع توضيح مدى هذا التأثير والسبل المتخذة للتعامل معه. ونحن نعلم أنّ مصارفَ عربية تعرضت لخسائر جرّاء أزمة الرهن العقاري، وأعلنت في وقت سابق عن خسائرها هذه وأعادت في وقت لاحق بناء رؤوس أموالها.

إن استرجاع الثقة بين المؤسسات المالية في بلدان المنطقة، خطوة أولى نحو تخفيف القيود المتشددة وغير المبررة على التعاملات، في ما بين هذه المؤسسات، خصوصاً مع طمأنة المصارف المركزية. فقد لاحظنا وجود إلغاء خطوط ائتمان لمصارف محلية أو خفضها، نتيجة ارتفاع مستويات اهتزاز الثقة. وأن التأثير النفسي في المستثمرين لما يحصل في البورصات العالمية ترك أثراً سلبياً في البورصات الخليجية التي سجلت خسائر مستمرة خلال الشهر الماضي، خصوصاً هذا الأسبوع.

لذا نتوقع، أن بقاء الأزمة في إطارها المالي، سيجعل تأثيرها بالنسبة الى المنطقة، في مستويات دنيا. فمن الواضح شمول تأثيرات الأزمة المؤسسات المالية التي لديها استثمارات في قطاعات ذات علاقة بأزمة الرهن العقاري بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ونأمل بأن تظل الأزمة، في ما يخص بلدان المنطقة، في إطارها المالي، وإذا تحولت إلى أزمة اقتصادية تطال قطاعات أخرى، لابد عندها من أن تكون ذات تأثير أشد وأكبر.

نحن ندرك أنّ القطاع المصرفي الدولي، مازال مصدوماً بما حصل، وبات من الصعب جداً بعد اليوم الحفاظ على عامل الثقة الذي كان يجمع المستثمرين والمودعين وأصحاب رؤوس الأموال مع المصارف العالمية، لا سيما أن الأزمة المالية الأخيرة، التي اجتاحت هذه المصارف، ألغت مقولة أن المؤسسات المصرفية والمالية الأجنبية مؤسسات آمنة، مقتدرة، كبيرة الحجم وحسنة الإدارة. ما حصل كان بالفعل، بمثابة صدمة كبيرة ألقت بتداعياتها على القطاع المصرفي العالمي في مجمله، وتسببت بخسائر كبرى لأهم اللاعبين على الساحة المالية المصرفية الدولية.

لكننا نتطلّع إلى الجوانب الإيجابية في مسيرة عمل المصارف العربية، التي سعت طوال أعوام إلى توظيف معظم رؤوس الأموال العربية داخل البلدان العربية، نتيجة لتعدد فرص الاستثمار في المنطقة. وحال هذا التوظيف دون توجه أموال عربية نحو الخارج بحثاً عن فرص استثمار. وحققت هذه المؤسسات فوائد كثيرة وعوائد نتيجة وفيرة لتوظيفاتها، وهو درس آخر يجب أن نستقيه من أزمة المال العالمية الراهنة، بتوجيه جزء اكبر من استثماراتنا ورؤوس أموالنا إلى الاستثمار العربي البيني.

إنّ خضوع المصارف العربية لسلطات رقابية سليمة ونشرها موازناتها وأوضاعها المالية بأقصى درجة من الشفافية، يسهم بقوة في استرجاع الثقة بالأسواق، ويقلل من الخسائر الناجمة عن عوامل نفسية. والمطلوب تكاتف الجهود والعمل المشترك والمنسق بين المصارف المركزية العربية، مع استعدادنا في اتحاد المصارف العربية للإسهام فيها ودعمها بما يحقق مصلحة أنظمتنا المالية والمصرفية واقتصاداتنا العربية.

إنتعاش
11-10-2008, 09:44 PM
الأزمة المالية العالمية . . الدروس والعبر

هنري عزام

تابعنا خلال الأزمة التي عصفت بالأسواق المالية العالمية توسعات غير مسبوقة في الإقراض العقاري لأفراد ليس لديهم الإمكانية لخدمة هذه القروض، وقيام بنوك الاستثمار بشراء الرهون العقارية من الممولين الأصليين تم “خلطها” أو إلصاق ديون بها ذات مستويات ائتمان متدنية وإصدار أدوات مالية مشتقة . وقام العديد من المستثمرين سواء الأفراد أو المؤسسات أو البنوك بحيازة هذه المشتقات المالية (Derivatives) التي يصعب معرفة قيمتها أو درجة خطورتها، وظهرت قروض غير منضبطة من بنوك عريقة قامت بتقديم التمويل من خارج ميزانيتها من دون الإفصاح بكامل هذه الالتزامات للسلطات الرقابية، وسجلت مضاربات مذهلة على السلع والمشتقات وغيرها من الممارسات التي عمقت من حجم الأزمة .

ومع توقف تداول هذه المشتقات تراجعت أحجام السيولة وتقلصت قيمة الأصول ودخلت العديد من الدول المتقدمة في دورة تراجع اقتصادي مما سينعكس سلباً على الدول النامية الأخرى . وظهر إلى أي مدى وصلت إليه العولمة المتسارعة في السنوات العشر الأخيرة، فهذه الدرجة غير المسبوقة لتشابك اقتصادات دول العالم فاقت كل التوقعات . ووضعت علامات استفهام عن سبب فشل الهيئات الرقابية في المراكز المالية الأكثر تقدماً واعتبر البعض التدخل غير المألوف للحكومات في الدول الغربية وقيامها باستملاك أو تأميم مؤسسات مالية عملاقة انقلاباً واضحاً على فلسفة اقتصاد السوق والتي كانت الولايات المتحدة الامريكية تطالب دول العالم باتباعها . من هنا تأتي أهمية دراستنا لهذه الأزمة وتداعياتها على أسواق المال لدينا والدور المناط بهيئات الرقابة المالية لتفادي حدوث أزمات مماثلة في كافة اقتصاداتنا العربية وكيفية التعامل مع هذه الأزمات إذا ما حدثت .

إن أهم الدروس والعبر التي يمكن استنتاجها من هذه الأزمة تتلخص بما يلي:

أولا: ان أسواق الأسهم الناشئة لدول المنطقة والتي كانت حتى شهور قليلة ماضية تعتبر غير مرتبطة أو شبة معزولة عن الخضات التي تضرب الأسواق المالية العالمية، وينظر إليها على أنها توفر مصدر تنويع للمخاطر التي تبحث عنها المحافظ الاستثمارية، أصبحت اليوم أكثر ارتباطا بما يحدث على الساحة العالمية . ويتجسد هذا الارتباط في وجود مستثمرين أجانب في أسواق أسهم دول المنطقة بالإضافة إلى قيام المزيد من الأطراف المحلية من أفراد ومؤسسات وعائلات ثرية وصناديق ثروة سيادية بالاستثمار في أسواق المال العالمية . كما أن القطاع المصرفي المحلي مرتبط مع المصارف العالمية من خلال عمليات الاقتراض من المصارف العالمية التي تلجأ إليها البنوك والمؤسسات المحلية عند الضرورة .

وفي أوقات الأزمات نجد أن المستثمرين المحليين والأجانب يتوخون الحذر ونراهم يعزفون عن أخذ المخاطر ويقلصون من استثماراتهم في أسواق الأسهم والعقارات بشكل عام وأسواق الدول النامية، بما فيها الأسواق العربية والتي تعتبر أكثر مخاطرة وأقل سيولة، بشكل خاص وبغض النظر عن الأداء المتوقع للشركات المدرجة في بورصاتنا المحلية . وما إذا كان هناك توازن بين قوى العرض والطلب في أسواق المنطقة العقارية . فخلال الأزمات العالمية الكبيرة يتجه الاستثمار المؤسسي إلى مجالات آمنة مثل السندات الحكومية والاستثمارات السائلة مثل الودائع المصرفية وما شابه . ولمواجهه خطر خروج الرساميل الكبرى من المنطقة وإشاعة مناخ من الثقة في القطاع المصرفي المحلي، يجب النظر في زيادة الضمانات المتوفرة على الودائع في المصارف المحلية لتجاري مثيلاتها في المصارف الأجنبية، وحض المصارف والمؤسسات العاملة في قطاع التمويل على الاندماج لتشكيل كيانات مالية قوية تستطيع أن تحسن من كفاءة التشغيل وقادرة على المنافسة ومواجهه الأزمات المالية العالمية .

ثانياً: عدم السماح بتفاقم المديونية سواء للأفراد أو المؤسسات والتعاطي مع ظهور فقاعات في أسعار الأصول من عقار وأسهم وسلع بطريقة براغماتيكية ومحاولة احتوائها قبل أن تنفجر لكي لا ينعكس وقعها على الاقتصاد ككل . وقد يكون أحد أهم أسباب الأزمة التي عصفت بالاقتصاد الأمريكي العملاق السماح بنسب عالية للمديونية، وقيام العديد من الأفراد بشراء ما لا يستطيعون امتلاكه عن طريق الاقتراض، ووصول مديونية العديد من المؤسسات كنسبة إلى رأس المال لديها ما يزيد على 30 ضعفاً وعندما تصل المديونية إلى مثل هذه المستويات فإن أي تراجع ملموس في أسعار الأصول سيؤدي إلى مشاكل تمويلية وإفلاسات غير متوقعة . وقام العديد من البنوك المركزية العربية بوضع سقوف على نسبة القروض إلى الودائع وحدّت من تركز الائتمان في قطاع اقتصادي معين، غير أن مديونية الأفراد خاصة الاقتراض لتمويل الاستهلاك مازالت في ارتفاع متواصل ولابد من وضع ضوابط أكثر وضوحاً لها . كذلك، لابد من الحد من المضاربة في أسواق دول المنطقة العقارية لكي يكون الطلب الفعلي وليس المضخم هو المؤشر الذي تعتمده شركات التطوير العقاري لتحقيق التوازن في السوق .

ثالثاً: حض البنوك والمؤسسات المالية المحلية على إنشاء وتطوير دوائر متخصصة في دراسة وإدارة المخاطر ورفع مستويات أدائها . فالعديد من بنوكنا العاملة لا تعطي الاهتمام الكافي لهذا النشاط الرقابي والذي برهن على أنه ركن أساسي من عملية الائتمان والاستثمار . فالمؤسسات العالمية التي تأثرت أقل من غيرها بأزمة الرهن العقاري كان لديها دوائر إدارة مخاطر أكثر فاعلية . أضف إلى ذلك التشديد على ضرورة تطبيق مبادئ الحوكمة الإدارية السليمة، خصوصاً فصل مهام الإدارة التنفيذية للمؤسسات المالية عن مجالس إدارتها لتناط بهذه الأخيرة مهام الإشراف والرقابة والمساءلة، إضافة إلى زيادة الشفافية خاصة فيما يتعلق بأنشطة التمويل التي تبقيها المؤسسات خارج الميزانية (SPVs) فوجود استثمارات وحيازات لا تكشفها القوائم المالية للشركات الأمريكية ساهم في صعوبة التقدير الحقيقي للمشكلة وكيفية معالجتها .

رابعاً: تعزيز الجهات الرقابية المنظمة للقطاع المالي ورفدها بأفضل الكفاءات البشرية من ذوي الخبرة المصرفية والعاملين في القطاع الاستثماري، وذلك للمساعدة في تطوير الأطر والتشريعات الرقابية بشكل يوازي سرعة تطوير وابتكار الأدوات المصرفية والاستثمارية الجديدة . ولكي تستطيع هيئات الرقابة جذب أصحاب الكفاءات للعمل لديها لابد أن تقدم لهم الحوافز المالية والمهنية للمنافسة مع مؤسسات القطاع الخاص . ومن هنا طُرحت فكرة اقتطاع جزء من الحوافز المخصصة للعاملين في المؤسسات المالية للقطاع الخاص وتدويرها إلى العاملين في الجهات الرقابية إذا ما استطاع هؤلاء الكشف عن الأزمات قبل حدوثها أو تصحيح مسار مؤسسات معرضة للخطر .

خامساً: بعد أن تهدأ العاصفة سيتم التركيز أكثر على صحة ومصداقية الصيرفة الإسلامية، والتي لا تسمح للشركات والافراد المضاربة بالمال أو الإفراط في الإقراض، وتقوم نظريتها على تمويل أصول محددة (Asset Base)، وحيث الممول هو مشارك في المخاطر وفي الربح وليس فقط وسيطاً يقوم بخلط وترقيع قروض ورهون ليبيعها كمشتقات مالية . ومن المتوقع أن يتم دراسة فلسفة التمويل الإسلامي بشكل أكثر جدية في المراكز المالية والأكاديمية العالمية ليعاد إلى تطبيقها بشكل أوسع في العديد من الدول سواء المتقدمة أو النامية . إن خبرة المؤسسات المالية العربية والعالمية في هذا المجال ستساعدها على تطوير أدوات مالية إسلامية وتصديرها إلى الخارج لتبقى الرائدة في هذا المجال .

أما بالنسبة للتوقعات للفترة المقبلة، فما زالت الرؤية غير واضحة والأمر الوحيد الذي يبدو أكيداً هو بقاء عوامل عدم الاستقرار مهيمنة في الوقت الراهن على الأسواق العالمية والمحلية حتى توضح الصورة أكثر . فالجميع متفق أن الأزمة المالية الراهنة لم تصل بعد إلى بداية النهاية، والاضطرابات المالية ستبقى سيدة الموقف خلال الأسابيع والشهور المقبلة . وهناك احتمال كبير أن تكون الدول الصناعية أو بعضها قد دخل دورة الركود الاقتصادي وما لذلك من تأثير في معدلات النمو للدول الناشئة . كما أن ضعف النمو العالمي هذا سينعكس على أسعار النفط والبتروكيماويات والسلع وغيرها، الأمر الذي سيخفف من الضغوط التضخمية العالمية والمحلية ويسمح للسلطات النقدية لدول المنطقة بإعادة فتح منابع السيولة بالعملة المحلية . ومن هنا يتوقع لمعدلات النمو الاقتصادي لدول المنطقة أن تبقى عند مستويات جيدة بالأسعار الثابتة ولكنها قد لا تصل إلى النسب المتحققة خلال السنتين الماضيتين .

أما بالنسبة إلى أسواق الأسهم المحلية، فالتذبذبات يتوقع لها أن تبقى الصفة السائدة حتى تعود الأسواق العالمية إلى الاستقرار، عندها فقط سيتجه المتعاملون في أسواقنا المحلية بالتركيز أكثر على أداء الشركات المدرجة ونمو أرباحها والتحسن الذي تحقق على مؤشرات تقويم أسعارها، والأوضاع الاقتصادية الجيدة للمنطقة مقارنة بغيرها بدلاً من الخوف والعزوف عن أخذ المخاطر وهي العوامل التي سيطرت على توجهات المستثمرين خلال الأزمة المالية الحالية .

إن الإعصار الذي ضرب الأسواق المالية العالمية سيؤدي من دون شك إلى إعادة النظر في كثير من الممارسات التي أصبحت تعتبر من ثوابت النظام الرأسمالي العالمي والنظرية الاقتصادية الليبرالية . وسيكون لهيئات الرقابة والإشراف دور أكبر تلعبه مستقبلاً لتصحيح التشوهات التي ظهرت على مسار الاقتصاد الحر . لكنه من الأهمية بمكان ألا تؤدي الأزمة الحالية إلى خنق الحرية الاقتصادية والتي من دونها سيكون من الصعب أخذ المخاطر وإنشاء الشركات الجديدة . فالاقتصاد بحاجة إلى قطاع مصرفي ومالي خلاق، يحقق أرباحاً ويوفر التمويل المطلوب بأسعار تنافسية للشركات، على أن تجاريه رقابة فعالة والتي من دونها ستحدث الأزمات . فالحرية الاقتصادية والرقابة يكملان بعضهما البعض فاليد الخفية للسوق لابد أن تضبطها يد ظاهرة لهيئات الرقابة الحكومية .

إنتعاش
11-10-2008, 09:46 PM
النفط سيبقى مصدرا أساسيا ورئيسيا للطاقة لعقود قادمة

د. نعمت أبو الصوف

إن من أهم الدوافع الرئيسية وراء الاهتمام المتزايد بمصادر الطاقة المتجددة هي: أمن الإمدادات، تغير المناخ، الحصول على الطاقة في البلدان النامية، التنمية الاقتصادية المستدامة، وتلوث الهواء في المناطق الحضرية. ونتيجة لذلك كانت هناك دوافع كبيرة في السنوات الأخيرة على المستوى الدولي وعلى المستوى الوطني في البلدان الصناعية فضلا عن البلدان النامية لزيادة استخدام الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة.

كما يعتقد أن الاعتماد الكبير على الوقود الأحفوري كان له أثر سلبي إلى حد ما على البيئة، فمحركات البنزين وبخار توربينات محطات توليد الطاقة التي تحرق الفحم أو الغاز الطبيعي تطلق كميات كبيرة من غازات ثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين في الغلاف الجوي. وعندما تتفاعل هذه الغازات في الغلاف الجوي مع بخار الماء فإنها تشكل حامض الكبريتيك وأحماض النيتريك، ما يؤدى إلى هطول الأمطار الحامضية.

أيضا يطلق احتراق الوقود الأحفوري كميات من غاز ثاني أكسيد الكربون، وأن كميات هذا الغاز في الغلاف الجوي ارتفعت باطراد منذ القرن الثامن عشر إلى حد كبير نتيجة لتزايد استهلاك الفحم بالدرجة الأولى.

البعض من العلماء يعتقد أن زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف (مع غيره من الغازات الصناعية الأخرى مثل غاز الميثان ومركبات الكلوروفلوروكاربون) تؤدي إلى ظاهرة الاحتباس الحراري، ورفع درجة حرارة سطح الأرض عن طريق زيادة حجم الحرارة المحتبسة في الطبقات السفلى من الغلاف الجوي. هذه الظاهرة يمكن أن تسفر عنها التغييرات المناخية، مع انعكاسات خطيرة على النظم الطبيعية والزراعية.

إن الطاقة مهمة وحاسمة للتنمية البشرية وهي مرتبطة في الأساس مع جميع هذه التحديات. مصادر الطاقة الأولية هي التي توفرها أنواع الوقود الأحفوري، أي الفحم والغاز والنفط، فضلا عن مصادر الطاقة من غير الوقود الأحفوري، التي تصنف تحت النووية، الطاقة المائية، والكتلة الحيوية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والوقود الأحيائي.

وفقا لتوقعات منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك)، الطلب على الطاقة سينمو بمعدل 1.7 في المائة سنويا لغاية عام 2030، على فرض أن النمو الاقتصادي العالمي في المتوسط سيكون بحدود 3.5 في المائة، وفي الوقت نفسه ليس هناك تغيير كبير عن الاتجاهات الحالية في السياسات والتقنيات. هذا النمو يمثل زيادة في الطلب على الطاقة أكثر من 50 في المائة بين عامي 2006 و2030. ووفقا لهذه التوقعات فإن أنواع الوقود الأحفوري سوف تواصل تقديم معظم احتياجات الطاقة في العالم، بحصة أكثر من 85 في المائة. ومن المتوقع أن يستمر النفط في موقع الصدارة في توريد احتياجات العالم المتزايدة من الطاقة، كما كان في العقود الأربعة الماضية.

إن زيادة أسعار النفط الخام كانت حافزا للبحث عن مزيد من النفط واستغلال الحقول القديمة، وتطوير تقنيات جديدة في البحث عن النفط وكذلك في الاستخراج والصناعات التحويلية والبتروكيماوية. كذلك كان إشارة إلى أنه في يوم ما سيكون هناك تحد لموارد الطاقة غير القابلة للتجديد. هل يعني ذلك أن النفط سوف ينفد في هذا القرن؟ بالتأكيد لا! سوف يستمر النفط مصدرا أساسيا ورئيسيا للطاقة لعقود كثيرة مقبلة. ولكن قيمته على المدى الطويل قد تكون لصناعة البتروكيماويات، الأسمدة، واللدائن وغيرها.

لذلك من المتوقع أن يستمر اعتماد العالم على الوقود الأحفوري لعدة عقود مقبلة، ولضمان نمو مستقبلي في الطاقة بحيث تدعم كلا من النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وتكون في الوقت نفسه متوافقة مع معالجة قضية تغير المناخ، تبرز الحاجة إلى تعزيز التنمية في وقت مبكر ونشر تقنيات الوقود الأحفوري النظيف.

الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ IPCC حدد تقنية احتجاز الكربون وتخزينه باعتبارها التكنولوجيا التي من شأنها أن تسهم إسهاما كبيرا في تخفيف نمو انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. وقد بين هذا الفريق أن لهذه التقنية القدرة على احتجاز وتخزين ما بين 200 إلى 2000 gigatons من غاز ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2100. هذا يمثل ما يقارب 15 إلى 55 في المائة من الجهد العالمي اللازم لتخفيف وتثبيت تراكيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض.

إن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه يمكن تطبيقها على المصادر الكبيرة والثابتة لانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مثل محطات توليد الطاقة الكهربائية، ومعامل الصلب والحديد والأسمنت.

وحسب تقديرات الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، فإنه بحلول عام 2050 يمكن احتجاز نحو 20 إلى 40 في المائة من الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون من الوقود الأحفوري، بما في ذلك 30 إلى 60 في المائة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من محطات توليد الطاقة الكهربائية و30 إلى 40 في المائة من المصادر الصناعية الأخرى.

وإضافة إلى ذلك، فإن تقنية احتجاز الكربون وتخزينه يمكن أن تستخدم أيضا بالاشتراك مع الاستخلاص المعزز للنفط باستخدام غاز ثاني أكسيد الكربون EQR، الذي يقدم فائدة ليست فقط لتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون، ولكن أيضا يساعد على زيادة استخلاص النفط.

البلدان المتقدمة صناعيا، لديها القدرات المالية والتقنية، وكذلك تتحمل المسؤولية التاريخية لانبعاثات الغازات الدفيئة، وخصوصا غاز ثاني أكسيد الكربون، لذلك ينبغي أن تأخذ هذه البلدان على عاتقها زمام المبادرة في نقل وتطبيق تقنية احتجاز الكربون وتخزينه على نطاق واسع. هذا الموضوع سوف نتطرق إليه بالتفصيل في مقال لاحق.

والسؤِال الآن ما مصادر الطاقة البديلة والمتجددة؟ وما آفاقها المستقبلية، اقتصادياتها والتحديات التي تواجهها؟ جميع هذه التساؤِلات سنحاول الإجابة عنها في المقالات اللاحقة.

إنتعاش
11-10-2008, 09:53 PM
مَن سيدفع فاتورة خطة الإنقاذ؟
(1 من 3)

د. حمزة بن محمد السالم


تباكى مشفقون عندما انهارت مؤسسة استثمارية أمريكية كبرى خوفا من تبعيات ذلك على الاقتصاد العالمي بينما شمت شامتون وتأملوا مستبشرين بانهيار أمريكا ونظّر منظرون في ثبات بطلان الرأسمالية، واستخدم أذكياء خبثهم فرقّّصوا صعودا وهبوطا سوق الأسهم (المحلي السعودي).

والأزمة المالية هذه لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فالأمر كله لا يعدوا أن يكون حلقة أخرى من حلقات استخدام أمريكا لهيمنة الدولار وكونه عملة الاحتياط (بدلا من الذهب) من أجل أن يعيش الأمريكي في رفاهية على حساب العالم أجمع بلا استثناء.

فما هذه الأزمة المالية وما حقيقة خطة إنقاذها؟
هي ببساطة أن الأموال قد قُدمت بسهولة وبرخص لتمويل نمو الاقتصاد الأمريكي، ولمنع انكماش كان متوقعا وطبيعيا عام 2001م بعد أطول فترة ازدهار ونمو عاشتها أمريكا، وذلك بطريقة "سجل على الدفتر يا ولد".

وعندما يمتلئ الدفتر بالديون يُحول ما به من الديون على العالم الخارجي عن طريق بيع بعض مستحقاته للمستثمرين الأجانب (وهذا هو الجديد في هذه الأزمة عن سابقاتها).
وعندما لا يوجد من يشتري سجلات (سندات) هذا الدفتر( دفتر الديون) تجاريا نظرا لارتفاع المخاطرة تصبح البنوك الأمريكية عاجزة عن تقديم المزيد من التسهيلات للشعب الأمريكي وسينقطع التمويل السهل والرخيص فتزول بذلك الدعامات التي كانت تمنع الاقتصاد من أخذ دورته الطبيعية (أي الانكماش بعد الازدهار) فهنا يقوم بوش الابن باقتراح خطة إنقاذ مالية تُجير بها هذه الديون (قروض المنازل) على دول العالم بطريقة رسمية (السندات الحكومية)، ولا تكتفي الحكومة الأمريكية بذلك بل تنتهز الفرصة لضمان زيادة واستمرارية خفض الضرائب وتقديم التمويلات والتسهيلات للشعب الأمريكي لخمس سنوات أخرى تحت اسم خطة الإنقاذ المالي والتي سيدفع فاتورتها دول العالم الأخرى.

وهذا ليس بجديد على أمريكا سواء من حيث تحميل الديون على الآخرين عن طريق السندات الأمريكية أو من حيث الأزمة نفسها، فقد مرت أمريكا حديثاً بأزمة مشابهة للأزمة الحالية تماما من حيث المسببات وذلك في عام 1987-1988م مع اختلافات بسيطة، غير أن الرئيس الأمريكي الحالي لا يريد لهذه الأزمة أن تنتج نفس نتائج الأزمة المشابهة لها في أواخر الثمانينيات، تماما كما أنه استطاع منع الدورة الاقتصادية من أخذ دورتها في الانكماش رافعا بذلك الدين الوطني الأمريكي من 5.5 تريليون دولار إلى 10 تريليونات دولار في عهد رئاسته فقط، أي أن بوش الابن وحده قد أنفق على مصالح بلاده من جيوب الدول الأخرى (وغالبها هي الصين واليابان ودول الخليج) ما يقارب 45 ضعف الميزانية السعودية الأخيرة، ولننتقل من الإيجاز المبهم إلى التفصيل الميسر.

إفلاس البنوك في أمريكا أمر طبيعي ويتكرر سنويا مثلها مثل كل دول العالم باستثناء دول الخليج والدنمارك وبعض الدول الصغيرة في أمريكا الجنوبية. فمنذ عام 1934م لم يمر عام من غير أن تعلن مجموعة من البنوك في أمريكا إفلاسها، اللهم باستثناء عامي2005م و2006م.

وقد وصلت ذروة إفلاس البنوك في أمريكا خلال فترة أزمة بنوك الإيداع والإقراض التي تهاونت وتهورت في الإقراض من أجل تسهيل شراء البيوت للأمريكيين أي من عام 1986-1995م وذلك يشمل آخر عهد ريجان مرورا بفترة بوش الأب كلها وانتهاء بأوائل الفترة الرئاسية لكلينتون.

فقد وصل مجموع إفلاس البنوك آنذاك إلى ما يقارب 2377 بنكا تحققت ذروتها في إفلاس 1004 بنوك خلال فترة رئاسة بوش الأب عامي 1988 و1989م أي بمعدل إفلاس بنكين كل ثلاثة أيام تقريبا. (ولا أريد أن يُستوحى من كلامي هنا تشابها بين بوش الابن وبوش الأب في السياسات الاقتصادية، فبوش الابن سار على خطى أبيه في السياسات العسكرية بينما اقتفى أثر سلفه ريجان في السياسات الاقتصادية ولكنه كان في الحالين عنيفا ومتهورا ويأتي تفصيل ذلك لاحقا).

الأزمة المالية الحالية سببها المباشر هو التوسع في الإقراض مقابل الرهن العقاري خلال فترة طفرة في أسعار العقارات الناتجة عن نمو اقتصادي قوي أي أنها السبب المباشر نفسه لأزمة أواخر الثمانينيات.

ورجوعا إلى الثمانينيات لكي نفهم الوضع الذي نعيشه الآن، فقد تولى الرئيس ريجان الرئاسة بعد كارتر والاقتصاد الأمريكي يمر بأسوأ مراحله فتوسع في الإنفاق الحكومي وخفف الضرائب وأتى بجرينسبان، رئيس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) السابق، الذي خفض سعر الفائدة (أي رخص التمويل) فازدهرت البلاد واشتغلت المصانع وأصبح الأمريكي قادرا على العمل وعلى الإنفاق، كما أن انخفاض الفائدة الذي قام به جرينسبان أرخص الدولار مما زاد السيولة ورفع من تنافسية البضائع والخدمات الأمريكية داخليا وخارجيا.

وفي أجواء الانتعاش والازدهار الاقتصادي تبدأ الأسعار بالارتفاع فوق السعر العادل وذلك لتوقعات الناس التفاؤلية المستقبلية وخاصة أسعار السلع غير القابلة للاستيراد والمحدودة كماً ومن أهمها العقارات. وبما أن الناس قد حصلوا على وظائف ذات رواتب عالية فتراهم يقبلون على شراء منزل للسكن وآخر لموسم الشاطئ وثالث لموسم التزلج فترتفع الأسعار وينشط البناء والعمران وتتسابق البنوك والمؤسسات المالية على تقديم القروض على حساب تخفيض أسعار الفائدة وتقليل الدفعة الأولى المقدمة والتهاون في الشروط اللازم تحققها في المتمول. ولكل بداية نهاية.

تبدأ نهاية صعود الدورة الاقتصادية عندما يشعر المجتمع الاقتصادي بأن قيمة ما يستثمره أكبر من الطاقة الإنتاجية لأفراد المجتمع أي سكان البلد، أو /و أكبر من الحاجة الاستهلاكية، أو/ و التوقعات بتطور الإنتاج غير عقلانية فهنا تبدأ دورة الانكماش وتكون بدايتها بانهيارات في أسواق الأسهم والسندات وتنتهي بانهيار سوق العقار فإذا تجاوزت دورة الانكماش ذلك إلى انهيار النظام البنكي فهنا البلاد تمر بكارثة اقتصادية كالتي مرت بها أمريكا في الثلاثينات.
وكما أن في فترة الازدهار الأسعار لا تكون عادلة ارتفاعا، فإن في فترة الانكماش الأسعار لا تكون عادلة انخفاضا.

وهذا ما حدث تماما في أواخر الثمانينيات فبدأ الانكماش ووصل ذروته بالإثنين الأسود 1987م وبانهيار المئات من البنوك الأمريكية في أسابيع. ثم عادت الدورة الاقتصادية في الصعود وكان حافزها هو ثورة التقنية والإنترنت (دوت كم) والتي بلغت ذروتها في أواخر التسعينيات ثم بدأت الدورة الاقتصادية بالانكماش ابتداء بانهيار سوق الأسهم عام 2000م.

وكان من المفترض أن تأخذ الدورة دورتها إلا أن الرئيس الجديد بوش الابن كان قد عقد النية على منع ذلك فتوسع في الإنفاق الحكومي وأزال قدرا عظيما من الضرائب عن الأمريكيين فحفز الإنتاج والاستهلاك ثم جاء الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) فدخل معه جرينسبان في عزمه هذا وخفض الفائدة وأرخص الدولار وتحركت البلاد كلها تحركا وطنيا لإبطال الآثار الاقتصادية التي كانت أحد أهداف هجوم 11 من أيلول (سبتمبر) كما فُتحت جبهات الحرب على الإرهاب في أفغانستان وفي العراق فتضاعف الإنفاق الحكومي مما فتح مجالات العمل والإنتاج في كثير من القطاعات فكانت الدورة الاقتصادية في انكماشها بسيطة جدا وقصيرة لم تتجاوز ستة أشهر من آذار (مارس) 2001م إلى تشرين الثاني (نوفمبر) 2001م وهي أقصر وأبسط دورة انكماشية مرت على تاريخ الولايات المتحدة.

وفي حزيران (يونيو) 2005م توقفت أسعار العقارات عن ارتفاعها بعد أن وصلت حدا مبالغا فيه ثم بدأت بالنزول حتى أصبحت أسعارها أقل من نصف قيمة القروض المرهونة بها مما جعل البعض يتوقف عن السداد مخاطرا بمنزله عوضا عن دفع أقساط قيمة منزل لا يساوي نصف قيمة رهنه وهذا الذي أشعل فتيل الأزمة، فلا يوجد لدى البنك حيلة سوى بيع المنزل ويخسر البنك بذلك نصف ما له من الدين، وبما أن البنك يحتفظ احتياطا بنسبة تراوح بين5 و10 في المائة من أموال المودعين تحت الطلب و0 في المائة من الودائع في حساب الادخار حسب القوانين الأمريكية فالبنك المتهور الذي لم يترك احتياطيات كافية لا بد له من أن يعلن إفلاسه لعدم وجود موجودات تغطي أموال المودعين فضلا عن أن يستطيع البنك بالقيام بعمله كممول للمجتمع الاقتصادي.

وأما بالنسبة لصاحب المنزل المتمول أو المقترض فما عليه إلا أن يعلن الإفلاس وبعد سبع سنوات يمسح إفلاسه ذلك من سجله الائتماني. وذلك أفضل من الاستمرار في دفع الأقساط لمدة 30 عاما لمنزل لا يساوي نصف قيمته ويستطيع أن يحصل على تمويل لمنزل آخر بعد سبع سنوات. وللعلم فاتباعا لقوله تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) فإنه يمنع ولا يجوز قانونيا في أمريكا السجن مع الإفلاس أو الحجر على الراتب كما هو مطبق عندنا هنا في بلادنا.


فما هي الخطوط العريضة لخطة الإنقاذ المالي وما أهدافها وكيف سينتفع بها البنك وصاحب المنزل والمجتمع، ولماذا لم تتدخل الحكومة في بنك ليمان وتدخلت بعد ذلك؟

ومن سيدفع تكاليف ذلك كله، وهل نفع بوش الابن أمريكا اقتصاديا أم أضر بها وكيف حولت الديون على الأجانب وهل صحيح أن للأزمة آثارا اقتصادية سيئة على العالم وعلى أوربا والسعودية وإن لم يكن فلم الصياح والنياح إذن؟
وما حقيقة ما يتردد عن التدخل في اليد الخفية للسوق؟
كل ذلك يأتي لاحقا إن شاء الله.

إنتعاش
11-10-2008, 09:55 PM
ستتوالى الانهيارات لعدم محاسبة المتسبب!!

عبدالرحمن ناصر الخريف

في الوقت الذي تطمئننا فيه الأخبار قبل بدء الحروب نسمع بمن يجلي رعاياه ومع اشتداد المعارك تنشغل عواطفنا بصور القصف والقتل والدمار فلا ننتبه لمن يبرم تحت قصف الطائرات عقود إعادة الاعمار! هل تصدق عزيزي القارئ بان ذلك هو حال أسواق الأسهم عندما تنهار؟ يجب أن تصدق إذا أردت أن تنجو!.

إن معظمنا يعتقد بان الانهيار الحالي مختلف كليا عن الانهيارات السابقة التي اعتدنا على حدوثها بسوقنا لكونه يتزامن مع انهيار أسواق عالمية وفق مايتردد، ونسينا انه أثناء أيام انهيارات مايو2004م وفبراير 2006م واكتوبر 2006م ويناير 2008م صور لنا سوء الوضع وكأن هناك انهيارا كليا لاقتصادنا! واكتشفنا متأخرين بان هناك من خرج من السوق قبيل الانهيار (إجلاء الثروة) وشاهد معنا بصمت المآسي التي راح ضحيتها من سيلت محافظه (دماؤه) بأقل الأسعار ومنحت لمن قصف السوق ليرفع بعد ذلك أسهمه معلنا انتهاء الانهيار (الحرب) مزهوا بانتصار حققه على أفراد (عزل) فقدوا كل مايملكونه ليضيف لثروته المزيد وليضيف لشريحة الفقراء أيضا المزيد! تلك الانهيارات التي أصبحت وسيلة للإثراء السريع وهي الحقيقة التي لم نصدقها حتى لاتتم مساءلتنا عن الفشل المتكرر! ولأننا لم نحقق في صحة أسباب الانهيار ولم نعاقب من تلاعب واستفاد شاهدنا الانهيارات تتوالى! ولن أبالغ.. فالجميع يعلم بان الانهيار سيتوقف بعد تسييل المحافظ المستهدفة بغض النظر عن وضع الأسواق العالمية (فقط يومي الثلاثاء والاربعاء تم تداول29مليون سهم بسابك) والارتداد سيتزامن مع خلق محفزات شعارها الإنقاذ! لنستأنف "الرفع الجزئي ومن ثم الكبس الكلي"!

إن هدف الانهيارات بالأسواق هو إعادة دورة الأسهم من جديد بإعادة الشراء بأقل الأسعار! ومع تسارع هذه العملية بسوقنا لم نحاول كجهة مشرفة تتبع حركة السيولة والأسهم بالمحافظ التي تخرج قبيل الانهيار وتمارس الضغط على السوق كما إننا لم نحاول تجنيب السوق لنقاط الضعف التي تستغل ومنها المحافظ الممولة من البنوك (التسهيلات)! كما ان عدم تطبيق التقنية العالية بنظام "تداول" لضبط التداولات افقدنا الثقة كليا بالسوق حتى وان كانت لمحافظ صانع السوق! وبالمقابل نصدق التضليل بالفضائيات باتهام صغار المتداولين بالاندفاع للبيع والتسبب بالانهيار في الوقت الذي مازلنا نرى أوامر البيع تعرض بكميات ضخمة (نصف مليون سهم واكثر) ليفتح السوق منخفضاً (10%) فما حدث لم يحدث بالسوق الذي يعاني من الأزمة! أليس هذا انهيار متعمد لعدم السماح بالبيع والإرهاب للمشتري؟ فهل للصمت تجاه مايحدث علاقة بتحجيم السوق ومعدلات التضخم؟

إننا إذا أردنا الحد من تكرار الانهيارات والأزمات التي تحدث لدينا يجب أن نحاسب المتسبب في ذلك! فنحن منذ ثلاث سنوات نعاني من فجوة بين هيئة السوق المالية والمتداولين بمن فيهم المحللون المستقلون! فالفكر القديم المعتمد على الفردية في اتخاذ القرار مازال موجودا منذ أن كانت مؤسسة النقد تشرف على سوق الأسهم وبمنطق "نحن من يفهم فقط" فهو قد تسبب في استمرار حالة الانهيار بعدم التعرف على حقيقة الأسباب وعزل متخذ القرار عن المستفيدين او المتضررين منه فعلاً! فنحن نشعر بتجاهل كبير لمطالبنا من قبل الجهة الرسمية المنشأة لحماية استثماراتنا وتحصل إيراداتها من حساباتنا، فهذا الفكر مازال يرفض قبول الرأي الآخر (على الرغم من أن الحوار وسماع الآخر أصبح سمة العصر الحديث) ويعتمد على ثقة مفرطة بالتوصيات الأجنبية التي تتركز مصالحها بالجانب المالي فقط، فالأجانب هم من يدير فعلا شركاتنا وسوقنا وبنوكنا واستثماراتنا! فالخلل ليس دائما بشخص المسئول حتى نطالب باستبداله، فقد يكون بالفكر الذي يتحكم ويسير ويوجه جهاتنا! فالمتداول المؤهل ذو الخبرات الدولية يصدم دائما بمستوى التعامل ولغة التصاريح وتجاهل المطالب، فنحن نطالب فقط بالشفافية بإيقاف تسرب الإخبار ومنع التلاعب وإيقاف الإرهاب بالعروض الضخمة! فلدينا الوسائل الفعالة لإبطال أهداف من يستهدف الانهيار (مثلما تم صباح يوم 1426/6/26 ه) وكنا نتطلع ان تكون الإدارة أكثر حكمة بتمديد إجازة السوق لتلافي الأوضاع الغير مستقرة (حسب ما اقترح من البعض) حتى لاتعطى الفرصة لاستغلال غموض الإحداث ! كما إن التطمينات التي تطلعنا لها كنا نأمل ان تكون بحقائق تناسب وتقنع الجيل الواعي بالوضع العالمي وبلغة واضحة وبدون عبارات مطاطية وصور تلفزيونية لحجم النقود! فالغموض يسمح لضعاف النفوس باستغلال الوضع لبث شائعات قد تتسبب في انهيار ماكان يجب أن يكون!

إننا نخجل عندما نسمع عبارات بها إساءات شخصية من بعض المتضررين بقنوات أجنبية تسعد بانهياراتنا لتستفيد ماليا! فننشر مشاكلنا فضائيا بسبب تهربنا من المواجهة وتفهم المطالب، فعلى الرغم من ان المحللين بالصحف والقنوات قدموا استشارات مجانية لهيئة السوق لتصحيح الأوضاع وشاركنا بالرأي حيال القرارات التي استطلعت الهيئة آراءنا، إلا أن الواقع هو عدم مناقشة الآراء المخالفة للتوجه والاكتفاء بآراء مدراء المحافظ وشركات الوساطة والخبراء الأجانب! كما لم يتم الاهتمام بمطالبات إيقاف الاكتتابات التي أثبتت قوى السوق فشلها وتسببت في انعدام السيولة لدى الأغلبية وتركزها لدى القلة! فأهملنا معالجة مشكلة سوقنا واهتممنا بتحقيق أهداف جهات أخرى (مكافحة التضخم) ومانخشاه بعد انكشاف حقيقة الأسواق العالمية وخشاشية البنوك الأمريكية هو الاستمرار بذات الفكر "التابع للغير" الذي سيقود بنوكنا وشركاتنا لتحطيم أسس حافظت عليها لسنوات مثلما حدث بالدولة العظمى فالمشكلة العالمية لم تنته! والمؤسف إننا لانطبق محاسبة المسئولية بأعمالنا، فكارثة الرهن العقاري معروفه قبل أكثر من عام والبنوك المنهارة عرضت نفسها للبيع على جهات استثمارية قبل أشهر الصيف، فلماذا لم نحاسب من أهمل متابعة استثماراتنا لإنقاذها قبل الكارثة؟ ولماذا وثقنا بمكاتب وخبرات فقط لكونها أجنبية؟ الم يكن بالإمكان أن تهرب بعض الاستثمارات مثلما هربت الاستثمارات الأجنبية من أسواق الإمارات قبل شهرين؟

ان الواقع الجديد يفرض علينا اتخاذ خطوات سريعة لتأسيس فكر مؤسسي مستقل يدار وطنيا قادرا على استشراف المستقبل (القريب على الأقل) لاستثماراتنا ومتحررا من الضغوط لسلامة القرار، وبدون تدارك الوضع سيظل الإرث كما هو وسنصل الى ماوصلت إليه شركاتهم! والمأمول من اللجان التي كلفها المقام السامي الكريم بدراسة أوضاع السوق أن تدخل فكر جديد يتعامل بواقعة أكثر مع أحداث السوق، فالفائدة من إدخال فكر جديد لوزارة التجارة بدأنا في جني ثماره فقد أتى كبديل لفكر أهمل مانشر بصحفنا عن سائل الاحتكار وتمسك بنظرية "السوق الحر" ! فخلال أسابيع اكتشفنا كيف تتم الاحتكارات وضبطنا استراحات خزن بها الحديد ولمسنا اثر الحد من تصدير مواد البناء التي نحتاجها على أسعارها!.

إنتعاش
11-10-2008, 10:02 PM
هل كان بالإمكان تجنب انهيار أكتوبر؟


فهد الشثري

كان التراجع الذي شهدته سوق الأسهم السعودية متوقعاً بالنظر إلى الشحن الكبير الذي واجهه المستثمرون والناتج عن الأحداث التي شهدتها "وول ستريت" خلال إجازة عيد الفطر المبارك.

لكن ما لم يكن متوقعاً هو حجم هذا التراجع الذي لا يمكن وصفه إلا (بالانهيار) لشموله جميع قطاعات السوق. المشكلة أن الإجازة كانت فرصة للمسؤولين ومديري البنوك لإبداء مزيد من الشفافية المدعومة بإحصاءات مقنعة للمستثمرين بمحدودية أثر الأزمة الاقتصادية العالمية في الاقتصاد السعودي وللتقليل من انعكاسات الأزمة العالمية على السوق السعودية.

إذ إنه من غير المنطقي ألا يتأثر الاقتصاد السعودي (على الإطلاق) بهذه الأزمة وهو الاقتصاد المنفتح بشكل كبير سواء مصرفياً أو تجارياً على مركز الأزمة في أمريكا. لذلك كان من الأفضل أن يعلم المستثمر البنوك التي تأثرت بشكل أكبر بالأزمة العالمية لكيلا يمتد التأثير السلبي إلى جميع الشركات في السوق.

وكنت قد أشرت في مقال سابق في منتصف أيلول (سبتمبر) إلى أهمية أن تفصح البنوك السعودية عن حيازاتها في السندات الأمريكية ذات المخاطر العالية، خصوصاً تلك المتعلقة باستثمارات مرتبطة بسندات أو مشتقات سندات الرهن العقاري وبشكل واضح ومفهوم للمستثمر العادي، لكيلا يؤدي ذلك إلى اجتهادات فردية تربك المستثمرين وتزيد من ضبابية الصورة أمامهم بما يؤدي إلى عملية هروب جماعي للمستثمرين من السوق كما حدث يومي الإثنين والثلاثاء الماضيين.

ولا يكفي في مثل هذا الوقت أن تصدر البنوك بيانات متأخرة ومشابهة للبيانات الرسمية لتطمين الناس دون دعم ذلك بما لديها من معلومات عن استثماراتها الأجنبية أو عن الخسائر المحققة أو غير المحققة في تلك الاستثمارات حتى تاريخه.

إذ إن ذلك لا يؤدي إلا إلى مزيد من الارتباك داخل السوق كما حدث بالضبط في حالة إفلاس "ليمان براذرز" التي كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الأزمة الحالية. إذ إنه على الرغم من أن "ليمان براذرز" كان تحت الإشراف المباشر من قبل هيئة الأوراق المالية الأمريكية منذ انهيار "بيرن ستيرنز". إلا أن مسؤولي البنك كانوا يؤكدون خلال تلك المدة على متانة الوضع المالي للبنك إلى أن فوجئ المستثمرون بإعلان إفلاس البنك.

وعلى الرغم من اختلاف طبيعة نشاط "ليمان براذرز" عن البنوك التجارية السعودية، إلا أنني أريد أن أؤكد هنا أن التصريحات الغامضة وغير المدعومة بمؤشرات وإحصاءات عن الوضع المالي لاستثمارات البنوك لن تؤدي إلا إلى مزيد من الغموض, وبالتالي مزيد من الاضطراب داخل السوق المالية. ويكفي لأي مسؤول الدخول إلى مواقع المنتديات الاقتصادية لأخذ فكرة عن مدى تأثير هذا الغموض في انطباعات المستثمرين عن الوضع في السوق بشكل عام.

إن البنوك السعودية (التقليدية) لها استثمارات داخلية تتركز في معظمها في سندات التنمية الحكومية أو في قروض محلية, إضافة إلى استثمارات خارجية تتجاوز 70 مليار ريال, وهي تمثل إما استثمارات في سندات متنوعة الجودة الائتمانية أو في محافظ مدارة خارجياً تتركز في الولايات المتحدة وأوروبا. وهذه الاستثمارات ستتأثر بدرجات مختلفة اعتماداً على المخاطر المرتبطة بها (سندات خزانة، سندات محلية، سندات شركات، أو سندات مشتقة).

فعلى سبيل المثال أظهر بنك سامبا في قوائمه المالية لعام 2007 استثمارات خارجية متاحة للبيع تقدر بـ 22 مليار ريال تقريباً. كما أظهر البنك نفسه في تلك القوائم أن قيمة الاستثمارات الخارجية غير المصنفة التي عرفها على أنها (استثمارات خاصة واستثمارات في صناديق تحوط وحصص في قروض والتزامات ديون مضمونة) بلغت 7.16 مليار ريال.
إضافة إلى ذلك هناك استثمارات في سندات من الدرجة الثانية حسب تصنيف موديز BBB فأقل أو ما يسمى السندات ذات العائد العالي High Yield Bonds (وذات المخاطر العالية) بقيمة 1.6 مليار ريال.

السؤال الآن:
ما قيمة هذه الاستثمارات؟
وما تصنيفاتها الائتمانية الحالية؟
هل يحتاج المستثمر إلى الانتظار حتى نهاية العام لإعادة تقييمها
أو أن الظروف الحالية تحتم الإفصاح عن قيمتها السوقية الحالية؟

وهذا الوضع يشمل جميع البنوك التي لديها محافظ استثمارية خارجية التي يتم الإفصاح عن الوضع المالي لها في نهاية العام المالي وليس في القوائم الربعية.

إنني أرى أن هذه الأزمة تشكل فرصة لصانع القرار الاقتصادي لإعادة النظر في السياسات المتعلقة بالنظام المصرفي والمالي في المملكة (وهو في طور التشكل), خصوصاً تلك التي أعطت للبنوك مجالاً واسعاً للدخول في استثمارات تنطوي على مخاطر عالية كإدارة المحافظ الاستثمارية أو الاستثمارات التي تنطوي على سيولة منخفضة كالاستثمار العقاري.

إذ يجب وضع خط فاصل واضح بين النشاط المصرفي والنشاط الاستثماري, وبالتالي تحديد نطاق الضمان والإشراف الحكومي الذي يجب أن يقتصر على البنوك التجارية. إذ إنه ليس من المنطق توفير ضمانة الدعم الحكومي المطلق للبنوك، وفي الوقت نفسه إطلاق يدها لاستثمار ودائع عملائها كيفما تشاء.

وهذا بدوره سيوفر للبنوك التجارية استقراراً مالياً وسيقلل من مخاطر الانزلاق إلى وضع مشابه لوضع البنوك التجارية الأمريكية المنهارة كبنك واشنطن ميوتشوال وبنك واكوفيا سادس أكبر بنك في الولايات المتحدة، بسبب استثمار ودائع العملاء في أصول ذات مخاطر عالية

إنتعاش
11-10-2008, 10:03 PM
هل أجهزتنا الاقتصادية الرسمية على مستوى المسؤولية في مواجهة الأزمة؟

عبدالله ناصر الفوزان



هذه الأجهزة الاقتصادية الرسمية تعرف أن سوقنا المالي الذي هو (خبز يديها) سوق أفراد وليس سوق مؤسسات. أي إن الأفراد هم الذين يستثمرون فيه بأنفسهم، والفرد يختلف عن المؤسسة في أنه أكثر ضعفاً وأشد تأثراً وخوفاً وقلقاً وأقل قدرة على الحصول على المعلومات الصحيحة وأكثر فزعاً واستجابة للشائعات وحملات الأراجيف.

تلك الأجهزة الاقتصادية هي التي أوجدت هذا السوق على تلك الشاكلة، وقد حاولت تطويره ـ كما تقول ـ فلم تعمل عل تحويله إلى سوق مؤسسات أولاً، بل عمدت ـ كما قالت ـ إلى تعميقه مع أنه أصلاً لا يعرف السباحة، ويغرق في (شبر ميه) فظلت تلهب ظهره بسياط الاكتتابات المتلاحقة والمتسارعة... اكتتاب بعد اكتتاب... فدفع كل فرد من أفراد السوق كل دم قلبه في تلك الاكتتابات حتى جفت عروقه من الدماء، واستمرت تلك الأجهزة في طرح الاكتتابات بطريقة أكوام البطيخ في سوق الخضار، ولهذا كان من الطبيعي أن تواصل الأسعار انخفاضها مع كل اكتتاب جديد حتى تجاوزت في نزولها أسعار الاكتتابات بفارق كبير في حالة عجيبة تدين تلك الأجهزة بشكل صارخ.

وفي هذا المستوى من الضعف تفجرت الأزمة المالية العالمية فسيطر الرعب والفزع على هؤلاء الأفراد كأمر طبيعي فظل السوق ويا للعجب يسجل نسب هبوط أكثر من نسب هبوط الأسواق الأمريكية المعنية بالمشكلة في حالة فريدة لافتة للنظر لكنها مفهومة في سوق أفراد وجدوا أنفسهم في الساحة المرعبة بلا معين، وكان المفروض أن تقف تلك الأجهزة وقفة وطنية مع هؤلاء الأفراد الفزعين المرعوبين في تلك الأحوال العصيبة فتقوم بدور المؤسسة بالنسبة لهم... تقدم لهم المعلومات الصحيحة، وصورة ما حصل على حقيقته، وتوضح مدى حقيقة علاقة سوقنا وشركاتنا بالأزمة ودرجة تأثرها بها، وتدعم السوق بالوسائل العديدة المشروعة، ولكنها لم تفعل في الوقت المناسب وبالشكل المناسب،وتركت هؤلاء الأفراد يعيشون مع كوابيسهم كل ليلة ليقرروا البيع في اليوم التالي بأي ثمن، وتفاقمت المشكلة بعد أن أصبح هؤلاء الأفراد أو جلهم بائعين ولم يعد هناك راغب في الشراء لأن الكل مرعوب لدرجة أن السوق دخل في حالة انهيار عجيبة إذ ظل يفتتح نزولاً على النسب القصوى من الدقيقة الأولى بعروض لا تقابلها طلبات في حالة عجيبة لا نجد لها مثيلاً حتى في الأسواق المعنية بالمشكلة.

بصراحة موقف تلك الأجهزة الاقتصادية محبط جداً فهي تستثمر في الخارج مبالغ ضخمة تجاوزت الألف مليار بنسب فائدة ربما لا تتجاوز 3% بينما تحجم عن الاستثمار في السوق المحلي الذي يوفر نسب فائدة تتجاوز 10%...مع أن الداخل أكثر أمناً... وكان المفروض أن تبادر تلك الأجهزة فور حصول الكارثة بالاتصال بالأجهزة الاقتصادية الخليجية المماثلة خاصة خلال إجازة العيد وتقودها في جهد مشترك... ليس بهدف إيقاف حركة التصحيح في السوق... فحركة التصحيح لا ينبغي على الجهات الحكومية التدخل فيها... بل لإيقاف الانهيار... فإيقاف الانهيار واجب على الجهات الرسمية إذا كانت قادرة على ذلك... وهي قادرة... والذي حصل هو انهيار وليس حركة تصحيح... فسوقنا كان يهبط منذ أمد بعيد قبل الأزمة العالمية بفعل سياسات حكومية ليس هذا أوان الحديث عنها ولأنه كان في وضع ضعيف جداً وسوق أفراد فقد انهار.

لو اتصلت أجهزتنا الاقتصادية الرسمية بمثيلاتها الخليجية أثناء إجازة العيد وقادتها في جهد مشترك يقوده بالنسبة للمملكة صندوق (سنابل) الذي أعلن وزير المالية عن تكوينه ولم نر له أي أثر مع الأسف مع أن هذا هو أوانه ...أقول لو حصل هذا وتم دعم الصندوق بجزء يسير من استثماراتنا الضخمة الحكومية الموجودة الآن في السوق الأمريكية وتم الإعلان عن الأرقام التي تم تعزيز الصندوق بها ثم قيل في الإعلان إن الصندوق سيشرع في شراء الأسهم التي يشكل شراؤها فرصة واعدة للصندوق وأنه ينبغي أن يأخذ جميع المتداولين علماً بهذا حتى لا يلوموا الحكومة في المستقبل ويقولوا إنها قد أخذت أسهمهم بسعر رخيص... أقول لو حصل هذا لتوقف الانهيار وعاد التوازن للسوق واستأنف حركاته التصحيحية المعتادة.

كان المفروض أن تكون أجهزتنا الاقتصادية الرسمية على قدر المسؤولية فتقوم بما يجب عليها... لا نقول بأن تتدخل في السوق ولا نقول بأن توقف حركة التصحيح... ولكن بأن تتخذ القرار الاستثماري السليم فتقتنص الفرصة الاستثمارية الأفضل من حيث العائد والأقل من حيث درجة المخاطرة... وتنقذ سوقها الوطني الذي هو واجهتها الاقتصادية من الانهيار... ولكنها مع الأسف الشديد لم تفعل ذلك وتقف مع مواطنيها الذين كانوا في أشد الحاجة لعونها.

بعد كل هذا.. ليس أمامنا سوى أن نتساءل: هل أجهزتنا الاقتصادية الرسمية على مستوى المسؤولية وهي تواجه أخطر أزمة اقتصادية يتعرض لها سوقنا المالي؟

إنتعاش
19-10-2008, 12:56 AM
تأثير أزمة الرهن العقاري على الصيرفة الإسلامية

http://www.alaswaq.net/files/image/large_3313_18937.jpg

في وقت تتعرض فيه الكثير من المصارف التقليدية لخسائر فادحة وأزمة سيولة نتيجة أزمة الرهن العقاري التي تعصف بالعالم هذه الأيام، نجد ان المصارف الإسلامية تظهر أرقامها المعلنة نموا في الأرباح مع توفر سيولة قد تصل حد التخمة في بعض المصارف الإسلامية. ولا يعني هذا الأمر أنها بمنأى عن التأثر بهذه الأزمة العالمية، حيث ان المصارف الإسلامية لا تعمل في جزر منفصلة معزولة عن بقية العالم، بل هي جزء من المنظومة المالية العالمية تؤثر وتتأثر بما يجري في العالم. ولكن تأثرها لا ينتج من تعرضها للأزمة مباشرة والتي خرجت منها المصارف الإسلامية سليمة مائة بالمائة.


حيث ان المصارف الإسلامية لا تتعامل في الأوراق المالية المسببة للأزمة لحرمتها الشرعية، بل ينتج من توابع هذه الأزمة كانخفاض البورصات العالمية مما يؤثر على استثمارات هذه المصارف في هذه البورصات سواء كان استثمارا مباشرا أو عن طريق صناديقها الاستثمارية. كما أن هذه الأزمة قد تحد من قدرتها على منح الائتمان نتيجة أزمة الثقة التي يعاني منها القطاع المصرفي في العالم اليوم مما يضعف قدرتها على إدارة السيولة المتوفرة لديها وجميع هذه العوامل قد تؤثر في نمو أرباحها، إذا أضفنا إلى ذلك ان الكثير من المصارف الإسلامية خصوصا في منطقة الخليج تعاني من تضخم في محافظها التمويلية الخاصة بالتمويل العقاري، فإن أي ركود عالمي سيؤثر حتما في هذا القطاع تأثيرا سلبيا مما سينعكس بدوره على نتائج هذه المصارف. هذا من ناحية تأثيرات الأزمة السلبية على المصارف الإسلامية، إلا ان هذه التأثيرات تبقى محدودة بالنظر لما أصاب القطاع المالي التقليدي من أضرار بليغة ستؤدي إلى تغيير جذري في القوانين والمبادئ التي تحكم هذه الصناعة في المستقبل بالنظر إلى المطالبة العديدة بضرورة مراجعة المبا دئ الاقتصادية والمنظومة الفكرية التي يقوم عليها الاقتصاد الرأسمالي الحر الخاضع لقوانين السوق.

أما بالنسبة للآثار الايجابية لهذه الأزمة على صناعة الصيرفة الإسلامية فتتمثل في إقرار العالم بصلابة الأسس التي تقوم عليها الصيرفة الإسلامية وصحة القوانين التي تحكمها، بل تعدى الأمر الإقرار بصحة هذه المبادئ إلى الدعوة إلى الأخذ بها في العديد من افتتاحيات الصحف الأوربية؛ حيث كتب «بوفيس فانسون» في افتتاحية مجلة «تشالنجر» (أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث لنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها ما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري، لأن النقود لا تلد النقود). في حين كان عالم المال قبل هذه الأزمة ينظر إلى قواعد الشريعة الإسلامية ومبادئ الاقتصاد الإسلامي على أنها مبادئ قديمة تعيق تقدم هذه الصناعة. كما ان هذه الأزمة عجلت بفتح الكثير من الأسواق الأوربية التي كانت مغلقة أمام صناعة الصيرفة الإسلامية ومن أهمها السوق الفرنسية، حيث دعا مجلس الشيوخ الفرنسي إلى ضم النظام المصرفي الإسلامي للنظام المصرفي في فرنسا. وقال المجلس في تقرير أعدته لجنة تعنى بالشؤون المالية في المجلس إن النظام المصرفي الذي يعتمد على قواعد مستمدة من الشريعة الإسلامية مريح للجميع مسلمين وغير مسلمين.


وأكد التقرير الصادر عن لجنة المالية ومراقبة الميزانية والحسابات الاقتصادية للدولة بالمجلس، أن هذا النظام المصرفي الذي يعيش ازدهارا واضحا قابل للتطبيق في فرنسا.

لقد عززت هذه الأزمة وخروج المصارف الإسلامية منها دون خسائر الثقة في هذه المصارف مما أدى إلى تحول العديد من عملاء المصارف التقليدية من غير المسلمين في بريطانيا إلى التعامل مع المصارف الإسلامية وفق تقرير نشرته جريدة «برمنغهام بوست».

ان هذه الأزمة منحت الصيرفة الإسلامية فرصة ذهبية لتقدم للعالم نموذج أعمالها بديلا عن المصرفية التقليدية؛ وهي مطالبة بتوضيح هذا النموذج عن طريق عقد المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تشرح أسس ومبادئ هذه الصناعة مع تشخيص الأزمة المالية العالمية الراهنة في ضوء هذه الأسس والمبادئ. كما أن هذه الأزمة منحت الصيرفة الإسلامية فرصة لتنشيط أعمالها وتوسيع أسواقها عبر فتح أسواق جديدة لها وتوسيع قاعدة المتعاملين معها مما سيقلل من الآثار السلبية لنواتج هذه الأزمة على صناعة الصيرفة الإسلامية.


* نقلا عن جريدة "الشرق الأوسط" اللندنية

إنتعاش
19-10-2008, 01:07 AM
الكساد الاقتصادي

عبدالله الرفيدي


توقع الكثير من المحللين أن تكون الخطوة الدولية الكبرى لإنقاذ المصارف ستعزز الثقة في أسواق المال وتمنحها حقنا من الأنسولين، وما لبثت أن ارتفعت الأسواق بشكل كبير في يومين فقط ليتم الإعلان عن دخول الاقتصاد الأمريكي في الكساد حتى ذهبت الأرباح أدراج الرياح.

حالة من الضعف والخوف الكبير يكتنف الاقتصادي الأمريكي. فسوف يزيد عدد العاطلين عن العمل بإقدام الشركات الكبرى على فصل عشرات الآلاف من موظفيها مع ذهاب مدخرات العاملين في سوق المال.

وسوف تزداد الأمور صعوبة عندما يستقبل سوق المال الأمريكي إعلانات من الشركات العملاقة تؤكد انخفاض الأرباح وتوقعها مستقبلاً صعباً.

ما هي الآثار المترتبة على ذلك كله. سوف يقل الطلب على النفط وتتجه أسواق المال إلى الضعف من جديد ويصبح المواطن الأمريكي في حال لا يحسد عليها كما اعتاد.

أما بالنسبة للأسواق الأخرى كالخليجية فإن أسواقها المالية عادت إلى الهبوط من جديد بعد إعلان دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة الكساد. وسوف يعاني الاقتصاد الخليجي من أمرين مهمين هما انخفاض سعر النفط وانخفاض سعر الدولار لو استمر، على الرغم من ارتفاعه في المدة القصيرة الماضية، لذا يجب على دول الخليج أن تضع الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذه المشكلة على الرغم من أنني لا أتوقع وقوف أوروبا متفرجة حتى يعادل سعر اليورو دولارين. إلا أن التفكير في الأمر والاجتماع المتواصل بين دول الخليج لوضع حلول سريعة وخطة طويلة الأمد محكمة التنفيذ لتجنيب الاقتصاد الخليجي عدوى الكساد، وأن تكون هناك شفافية عالية وحرص على تحقيق نتائج صحيحة لا تحتمل الخطأ، وأن يتحمل المواطن الخليجي تبعات أخرى فوق التي تحملها سابقاً جراء التضخم.

التدخل من حكومات الخليج ينبغي أن يكون سريعاً وشاملاً لكل الأنشطة الاقتصادية بدءاً من سوق المال حتى لا تتعرض هذه السوق إلى انهيارات أخرى لا يستطيع أحد إيقافها خاصة لو استمر الكساد الأمريكي وانخفض الدولار والنفط.

وعلى الرغم من ذلك الحديث الذي أرى أنه اتسم بالحذر إلا أن التفاؤل قد يظهر لنا بعد أن تجد سوق المال القاع المناسب لها، لتعاود الصعود ولكن هذه المرة بشكل مستمر دون توقف مثل ما كان يحدث سابقاً، ولعل التجارب الصعبة دائماً مفيدة لأخذ الدروس.

إنتعاش
19-10-2008, 01:08 AM
سوق الأسهم والتضخم



د. عبدالله بن عبدالمحسن الفرج


حسب الاستطلاعات التي أجرتها صحيفة Wall Street Journal، والتي شملت 56من الاقتصاديين البارزين المستقلين، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في الربع الرابع من هذا العام سوف ينخفض إلى 1.2%. وفي الربع الأول من عام 2009سيطرأ بعض التحسن عندما تخف وتيرة الانخفاض وتصل إلى 0.1%. وأن الانكماش لن يتوقف إلا في الربع الثاني من العام المقبل حينما يسجل الناتج المحلي الإجمالي، حسب الاستطلاع االذي أجرته الصحيفة، نمو نسبته 1.1%.


وهذا الانكماش، الذي يعتبر الأسوأ منذ نصف قرن، سوف يؤدي إلى ارتفاع البطالة وذلك بعد أن تنتقل عدوى أزمة القطاع المالي إلى القطاع الصناعي. فنسبة العاطلين عن العمل الذي وصلت في يونيو الماضي إلى 6.8% سوف تزداد خلال الفترة القادمة. خلال الاثني عشر شهراً المقبلة سوف يفقد العمل في الولايات المتحدة ما يقارب 75ألف عامل كل شهر. وسيترافق ذلك مع نمو معدل التضخم الذي لا يتوقع الاقتصاديين تراجع مستواه إلا في شهر يناير القادم.

وفي الحقيقة فإن قراءة الارقام المذكورة أعلاه ومقارنتها مع الارقام المقابلة لها في دول مجلس التعاون الخليجي تقودنا إلى التأمل في جدوى ارتباط السياسة النقدية لدول المجلس بالسياسة التي يتبعها مجلس الاحتياطي الفدرالي. ففي بلداننا لا يتوافق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومستوى التضخم والبطالة مع تلك الأرقام الواردة في استطلاع Wall Street Journal.

إن الاستفادة من الايجابيات التي لدى الغير هي أمر في غاية الأهمية. أما مجارات السياسة النقدية لأي بلد، حتى لو كانت أمريكا، فإنه من الممكن أن يكون مجدياً مرة ولكنه مضر مرة أخرى أو مرتين. ويعود السبب إلى أننا في دول المجلس لا نمر باستمرار بنفس المرحلة من الدورة الاقتصادية التي تمر بها الولايات المتحدة. فمثلاً خفض سعر الفائدة المتواصل، الذي شهدناه خلال هذا العام، من قبل مجلس الاحتياطي الفدرالي لمواجهة الركود الاقتصادي لا يعطي نفس النتائج عندما نطبقه لدينا. وذلك لاننا بكل بساطة لا نعاني من الركود الاقتصادي. فاتباع الولايات المتحدة لسياسة نقدية توسعية في ظل الانكماش الذي تعانيه يعتبر صحيحاً 100%. أما بالنسبة لنا في دول مجلس التعاون، التي يشهد اقتصاد بلداننا فيه وتائر نمو عالية، فإن خفض سعر الفائدة لا يمكن له أن يؤدي إلا إلى زيادة معدل التضخم- خصوصاً في ظل ارتفاع الانفاق الحكومي على التنمية. وأعتقد أن التخفيف من تأثير السياسة النقدية التوسعية في دول المجلس عن طريق زيادة عدد الشركات المكتتبة لم يؤدي، مثلما رأينا خلال العامين الماضيين، إلى التخفيف من ارتفاع الأسعار في أي من بلدان المجلس. وذلك لأن محصلة التدفق المالي الناجم عن السياسة النقدية والمالية التوسعية أكبر من حجم السيولة التي تمتصها الاكتتابات. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار أرتفاع الميل الحدي للاستهلاك في منطقة الخليج فإنه يمكننا أن نتصور الرواج التضخمي الذي يمكن أن تؤدي إليه السياسة الاقتصادية التوسعية.

ففي مثل هذه الظروف لا يمكن للاكتتابات الجديدة أن تحد من السيولة بنفس القدر الذي يتوقعه المخططون لها - خصوصاً وأن الشريحة الرئيسية المساهمة في هذه الاكتتابات هي من الفئات المنخفضة الدخل. وهذه الأخيرة هي أقل فئات المجتمع مساهمة في رفع نسبة التضخم.

بيد أن سوق الأسهم من الممكن أن تساهم في خفض نسبة التضخم، وذلك عندما ترمي المحافظ الاستثمارية بثقلها ويدخل أصحاب الأموال إلى السوق ويرفعون معهم بالتالي حجم الكتلة النقدية المتداولة بداخلها إلى مستويات عالية - على غرار ما شهدناه خلال الفترة التي سبقت إنهيار أسواق الأسهم الخليجية عام 2006.

إنتعاش
19-10-2008, 01:10 AM
أزمة المال الأمريكية: الشاويش عبده وحرائق كَفر النار

http://www.alaswaq.net/files/image/large_61598_18938.jpg

ما علاقة الأزمة المالية بالشاويش عبده وكفر النار؟ الفكرة بسيطة جدا: التدخل الحكومي الزائد هو أحد مظاهر الاشتراكية، والاشتراكية نظام مدمر للمجتمعات الإنسانية!

المنظر أصبح مألوفا في كفر النار: سيارات الإطفاء تجوب الشوارع، تطفئ حريقا هنا وحريقا هناك، والشاويش عبده بسيارة الشرطة يجوب المدينة، مثله مثل سيارات الإطفاء، من حريق إلى حريق. ترجل الشاويش عبده من السيارة وهو ينظر إلى بيت أبو ترباس وهو يحترق، لم ير أي سيارة إطفاء أو إسعاف، فاتصل باللاسلكي يطلبهم فورا لإطفاء الحريق وإنقاذ أي مصابين. أغلق باب السيارة واتجه نحو الحشد الذي بدأ يكبر مع مرور كل ثانية. اجتاز الناس، وقف بينهم وبين البيت وأعلن بصوت أجش أنه يجب عليهم أن يبتعدوا عن المكان حتى لا يصاب أحد، وحتى تتمكن سيارات الإطفاء من الوصول إلى البيت بسهولة. بدأ البعض يصيح بصوت عال، أين المطافئ؟ لماذا تأخروا؟ هل يوجد أحد في البيت؟ أين أبو ترباس؟ أين أم ترباس؟ كان الشاويش عبده ينظر إلى الناس تارة وإلى البيت الذي يحترق تارة أخرى ثم صاح: إني أحذركم مرة أخرى، عليكم الابتعاد والذهاب إلى الطرف الآخر من الشارع. ولم يكد ينتهي من كلامه حتى شاهد أبو عنتر يدفع الناس في محاولة للوصول إلى الأمام حتى أصبح أمام الشاويش. واتضح من تعابير وجه الشاويش أن آخر شخص يريد أن يراه هو أبو عنتر.


حاول تجاهله، نظر إلى الناس مرة أخرى، إلا أن أبو عنتر تجاوزه واتجه نحو البيت. "أبو عنتر، قف مكانك، ولا خطوة، قف"! نظر إليه أبو عنتر بازدراء وتابع مشيه، إلا أن الشاويش عبده ركض بسرعة وأمسكه قائلا، ماذا تفعل، هل أنت مجنون؟ "علينا إطفاء الحريق يا شاويش، وعلينا التأكد أنه لا أحد في البيت"! ولكن الشاويش قال له بصرامة وهو يضع يده على العصا الكهربائية المعلقة في حزامه في إشارة إلى أنه سيستخدمها لو اضطر إلى ذلك "هذه مهمة رجال الإطفاء، والقانون يمنع المدنيين من إطفاء الحرائق". نظر إلى الناس ثم إلى أبو عنتر وقال "ألا تدري أن ما تنوي القيام به سيكلفك ثلاثة أشهر في السجن؟ اذهب إلى الطرف الآخر من الشارع". ويبدو أن تصرف أبو عنتر شجع بعض الشباب على التدخل لإطفاء الحريق، فاقتربوا من الشاويش، إلا أنه حذرهم أيضاً: " قيام المدنيين بإطفاء الحرائق في أمرستان ضد القانون وعقابه السجن". رغم أن تهديده كان ضعيفا، إلا أن الناس أخذت كلامه محمل الجد لأن كل واحد منهم يعرف شخصا ما قد سُجن بتهمة إطفاء الحريق!

فجأة سمع الناس صرير عجلات سيارة مسرعة، ثم أصوات فرامل، ثم صرير العجلات مرة أخرى، الأمر الذي فرّق الناس قسمين حتى لا تصدمهم السيارة القادمة. ترجل أبو ترباس من السيارة والرعب يملأ وجهه "يا إلهي، ماذا حصل، أين زوجتي، أين ابني؟" طمأنه أحد الجيران بأن زوجته وابنه في الطرف الآخر من الشارع، وأنهما نجيا من الحريق بأعجوبة. نظر أبو ترباس إلى المكان الذي أشار إليه جاره فشاهد زوجته تلوّح له بيدها من بعيد، وتحمل ابنهما الصغير ترباس في اليد الأخرى. فجأة ذهب الذعر الذي كان به وظهرت مكانه ابتسامة صفراء لم يفهم أحد معناها إلا جاره أبو ضريس الذي اقترب منه وقال "أنت رجل محظوظ، القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، رغم أن قيمته انخفضت 50 في المائة بعد الأزمة الأخيرة، الآن تستطيع أن تشتري بيتا أفضل وأكبر، لو كنت مكانك لأغلقت باب الحارة وأخرت سيارات الإطفاء قليلا".


سمع الناس أبواق سيارات الشرطة والإطفاء وهي تقترب من مكان الحريق، طلب الشاويش عبده من الناس الابتعاد، فابتعدوا بسرعة، ولم يبق هناك في منتصف الشارع سوى سيارة أبو ترباس "حرك سيارتك يا أبو ترباس ، بسرعة" ولكن أبو ترباس اتجه إلى سيارته ببطء شديد، متذكرا نصيحة أبو ضريس!

تحرك رجال الإطفاء بسرعة، داروا حول البيت في محاولة لتقييم الوضع، بينما قام آخرون بتمديد خراطيم المياه. نظر الشاويش إليهم بحسد شديد، لقد كان يتمنى منذ صغره أن يصبح إطفائيا، وعندما كبر تبين له أن أجورهم عالية وتبلغ أضعاف رواتب الشرطة. نظر إلى أحدهم، وهو شاب مفتول العضلات، وسأله عن إمكانية السيطرة على الحريق، ولكن الشاب قال بسرعة: أنا متطوع فقط, أساعد رجال الإطفاء، يمكنك أن تسأل الكابتن كركر". نظر إلى الجهة التي أومأ الشاب برأسه باتجاهها ورأى الكابتن كركر يتكلم باللاسلكي. مشى باتجاهه إلا أن الشاب استمر في كلامه قائلا "حسب القانون عليهم أن يوظفوني قريبا لأنني متطوع وشاركت في إطفاء تسعة حرائق، وهذا الحريق العاشر. أعتقد أنه أصبح لدي الخبرة الكافية". توقف الشاويش عبده عن المشي، استدار نحو الشاب وقال "كم متطوع في المحطة ممن يبحثون عن عمل فيها" أجابه الشاب "نحو خمسة أشخاص، ولكن مشاركتي كانت أكثر من أي واحد منهم، لذلك أعتقد أنهم سيوظفونني قبل الآخرين". بدأت الأفكار تتصارع في عقل الشاويش عبده، فكثرة الحرائق في الفترات الأخيرة لا يمكن شرحها بأي طريقة.

عاود الشاويش المشي باتجاه الكابتن كركر وهو يتساءل: القانون يقضي بتوظيف المتطوع بعد مشاركته في عدد معين في إطفاء الحرائق، هذا يعني أنه من صالح هؤلاء المتطوعين أن يشعلوا الحرائق ثم إطفائها .. هممم! فجأة رن هاتفه الجوال، رفعه إلى أذنه وهو يقول "الشاويش عبده" سمع ضجة مماثلة للضجة التي حوله، ثم صوت رجل يقول "اسمع يا شاويش، أنا مواطن صالح أريد أن أبلغ عن أبو ترباس. أعتقد أن له علاقة بحرق بيته لأن القانون يجبر شركة التأمين على دفع القيمة الأصلية للبيت، وليس قيمته الحالية بعد حدوث الأزمة المالية" ولكن ما فاجأ الشاويش أنه سمع بوق سيارة بالقرب منه، وسمعه أيضا عبر الهاتف! نظر حوله فرأى أبو ضريس يتكلم من الهاتف العام، بالقرب من باب البنك! أغلق الهاتف وقال متمتما "القانون يشجع متطوعي الإطفائية على حرق المنازل! والقانون يشجع أصحاب المنازل على حرقها، آه. تذكرت، والقانون يمنع الناس من إطفاء الحرائق! بدأ يحس بضيق شديد، نظر في الاتجاه المعاكس، فرأى أبو ضريس يمازح أبو ترباس، يا له من عالم عجيب! عندها تذكر أن القانون، لحماية شركات التأمين، يجبر هذه الشركات على دفع مكافآت لمن يساعدهم على كشف عمليات النصب على التأمين!

اقتربت امرأة عجوز من الشاويش وقالت له بصوت متقطع يدل عمرها: هل نسحب الفلوس من البنك؟ هل تعتقد أنه سيحترق لأنه قريب من هذا البيت؟ أجاب الشاويش بسرعة: لا ..لا لا تهتمي، حتى لو احترق البنك فإن القانون يجبر الحكومة على تغطية ما لديك في حسابك في البنك! كانت العجوز مازالت تمشي ببطء تجاه الشاويش ثم قالت "ولكن هذا حافز لحرق البنك! يمكن لموظفي البنك أن يسرقوه، ثم يحرقوه، ثم تقوم الحكومة بتغطيته، أليس كذلك؟

انتشار الحرائق في كفر النار بشكل لم يسبق له مثيل جعل حكومة أمرستان الفيدرالية ترسل لجنة للتحقيق. كان من أهم نتائج التحقيق أن عدد سيارات الإطفاء لا يتناسب مع عدد الحرائق، ولكن ليست هناك أموال كافية لشراء سيارات إضافية، وتوظيف المزيد من رجال الإطفاء. وأوصت اللجنة أن أفضل وسيلة لحل المشكلة هي تغيير القانون الحالي الذي يعاقب الناس على المساعدة على إطفاء الحرائق واستبداله بقانون يكافئ الناس على إطفاء الحرائق. تبنت الحكومة هذه التوصية، وخصصت بعض المال للمواطنين الذين سيشاركون في إطفاء الحريق. تم تطبيق القانون يوم الإثنين صباحا، وما إن جاء المساء حتى كان أغلب كفر النار يحترق. وقف الشاويش عبده أمام أحد البيوت التي احترقت بالكامل وهو يقول "إنه القانون مرة أخرى! إعطاء مكافآت مالية لكل من شارك في إطفاء الحريق جعل الناس تشعل بيوت بعضها، فعلا إنها اسم على مسمى " كفر النار"!

مرة أخرى، ما علاقة أحداث كفر النار بالأزمة المالية الحالية؟ الجواب.. كلاهما نتج عن التدخل الحكومي! الأزمة المالية الحالية لاعلاقة لها بالرأسمالية وحرية الأسواق، ولكنها نتجت عن تبني حكومة أمرستان قوانين اشتراكية خلال السنوات الماضية أحرقت الأخضر واليابس! إذا لم تصدقوا هذا الكلام، اتصلوا بالشاويش عبده!

إنتعاش
19-10-2008, 01:11 AM
سهم عادل!

عبدالله صايل

وعادل هذا، بالمناسبة، إنسان مجهول الهوية، ويتم إقحامه في لعبة الأسهم دون علم منه أو إذن! فمن منكم لم يسمع محللاً "يتقوقل" علينا، ويصرح:
* هناك تباشير ظهور سعر عادل لهذا السهم، وأراها تلوح في الأفق!
وآخر يبرطم مشوشاً:
* السعر العادل للسهم يقتضي وصوله لمنطقة القاع قياساً على (مكركر) الربحية!

وأخشى أن يأتي يوم نسمع فيه عن "سعر عادل" إضافة إلى "سعر مرعي" و"سعر مرزوق" وحتى "سعر دنقور" لهذا السهم أو ذاك!! لم لا؟ أنسيتم جيش "المحلحلين" الذين التهموا وقتنا من خلال إطلالهم "المطوّل" في الصحف والإذاعات والتلفزة.. وحتى في الإنترنت؟! ألم تسألوا أنفسكم أين اختفى كل هؤلاء خلال عام 2008؟


يعتب علينا بعض الأعزاء من الإعلاميين أننا لا نسخّر زوايانا لتنوير القارئ بما يدور من حوله، مع التفسير للظواهر ما أمكن! ولكن مهلاً.. كيف لمستطيع أن يمارس فضيلة التنوير فيما تزاحم مساحته إعلانات الترويج؟! حتى من منطلق بصري يا سادة يا كرام، كيف يمكن أن تلفت نظرك زاوية "قزيمة" حوصرت من كل اتجاه بتصريحات وإعلانات وتغطيات تتخذ من الصفحة ونصف الصفحة مقبلات "يمزمز" عليها القارئ قبل حضور وليمة الاكتتاب أو إشهار ربحية لا تعرف صدقها من مغالطتها؟! ناهيكم عن أن جرعة التنوير في المجال التربوي أو الاجتماعي أو الفني أو الثقافي عموماً يمكن أن تتسرب كلها أو جزء منها، لكن ما جرى في سوق الأسهم والاستثمار المالي عموماً لا يمكن أن يخضع لأي رؤية تنويرية تبصر العطشى بتفاصيل ورود الماء من الألف إلى الياء.
مخطئ من يعتقد أن وسائل الإعلام قادرة على الاستغناء عن الإعلان، ولكن كيف للقارئ المغلوب على أمره أن يعرف الفرق بين "المنوّر" و"المروّج"؟! والنفعيون المستفيدون من هذه المشكلة مدركون تماماً لأهمية الرقص على حواف فجواتها تاركين مهمة السقوط لغيرهم... دون شفقة! حتى إن احتمال "العنقلة" أو "العكرفة" وارد جداً للتعجيل بسقوط مَن يستيقظون متأخراً وقبل إدراك وسيلة النجاة بتفعيل خاصية التشبث بحركة بهلوانية أو حتى حركة "طهبلانية" من صناعة وطنية!!
أعود لـ (عادل) وأقول، إن هناك عدداً من الآباء المتضررين من سوق الأسهم ومن الذين لديهم أبناء يحملون اسم عادل قد تزاحموا على مكاتب المواليد لتبديل أسمائهم، ويقول البعض إن التركيز كان كبيراً على أسماء من نوع (غافل)، (فاصل) و(مماطل)!!


*** مليحظة:
عزيزي القارئ، كتب هذا المقال قبل أسبوع من موعد نشره، أي في عز انهيار المؤشر السعودي إثر تداعيات انهيار وول ستريت، ولا أعلم إن كان (السعر العادل) للسهم القيادي "انحداراً" قد "شمَــر" من شدة البلل بعرق المتداولين أو تمدد من شدة الحرارة الناتجة عن احتكاكات شراء المندفعين!! وعموماً، لن ييئس المحللون من اختلاق ذريعة لوصف الوضع بـ (سعر عادل) حسب معطيات كل أسبوع من التداول المناضل!

إنتعاش
19-10-2008, 01:12 AM
أسعار الأسهم لا تعكس أوضاع الشركات

زياد الدباس

يعتقد الكثيرون أن الانخفاض الكبير في أسعار أسهم الشركات سوف يؤدي إلى خسائر مماثلة لها، وذلك نتيجة عدم إدراكهم أن أسواق الأسهم ما هي إلا أداة أو وسيلة لتداول (بيع وشراء) حصص الملاك أو المساهمين في رؤوس أموال هذه الشركات، وبالتالي فإن التعامل في الأسواق المالية يتم على حقوق المساهمين أو قيمة ثرواتهم وليس على أصول أو موجودات الشركة نفسها.

ويتميز الاستثمار في الشركات المساهمة العامة بأنه يعطي الحق للمستثمرين أو المساهمين في هذه الشركات، ومن خلال الأسواق المالية، قي بيع أو تصفية استثماراتهم لأي سبب متعلق بحاجتهم إلى السيولة النقدية أو الانتقال إلى استثمار آخر أو بسبب توقعاتهم لانخفاض ربحية الشركات، وبالتالي فإن انخفاض أسعارها السوقية.

وهذا البيع من طرف وشراء من طرف آخر ليس له أية تأثير على قيمة رأسمالها أو على أصل الثروة المتمثلة في قيمة موجودات هذه الشركات، والمفترض بالطبع عندما تكون الأسواق المالية كفؤة أن يتناسب سعر أسهم أية شركة في السوق مع قيمة موجوداتها وقيمة حقوق المساهمين، وانفصام هذه العلاقة مثلما يحدث الآن يعبر عن عدم كفاءة السوق بسبب الخوف الذي يسيطر على المستثمرين، وبالتالي البيع العشوائي دون الالتفات إلى القيمة الحقيقية لأصول هذه الشركات.

ونلاحظ حاليا، وهي فترة انتقالية، انفصام في العلاقة بين الأصول المادية المملوكة للشركات، والتي تمثل أصل الثروة، وبين الأصول المالية التي تباع وتشترى في السوق (الأسهم) وتمثل حقوقا على هذه الثروة.

وهذه الحالة أيضا نشاهدها بصورة عكسية عندما تمر الأسواق بفترة مضاربة شديدة، أو عند إدراج أسهم بعض الشركات حديثة التأسيس، حيث نجد أن القيمة السوقية لأسهم بعض الشركات (عدد أسهمها مضروبا في سعر السهم في السوق) يعادل أضعاف قيمة أصولها باعتبارها لم تباشر أعمالها التشغيلية وأصولها مقتصرة فقط على رأسمالها.

والانخفاض الكبير في القيمة السوقية لأسهم العديد من الشركات خلال هذه الفترة، والذي يقابله نمو ربحية الشركات ونمو أصولها وحقوق مساهميها، يخلق فرصاً استثمارية هامة للمستثمرين على الأجل الطويل، خاصة وأن عدداً كبيراً من الشركات انخفضت قيمتها السوقية عن قيمتها الدفترية، والقيمة الدفترية تمثل قيمة حقوق المساهمين (أرباح الشركات مضافا إليها الاحتياطيات المختلفة والأرباح المدورة) مقسوما على عدد الأسهم وحسب اللغة الشعبية فإن بعض الشركات لو تم تسييلها حاليا، أي بيع موجوداتها وممتلكاتها.

فإن كل مساهم سوف يحصل على أضعاف السعر السوقي، خاصة وأن أسعار أسهم بعض الشركات اقتربت من قيمتها الاسمية، أو قيمتها عند بداية تأسيسها، وبعض الشركات مضى على تأسيسها خمس سنوات وبعضها عشر سنوات وبعضها 30 سنة، وبالتالي لا علاقة للشركات المساهمة العامة بما يحدث على أسعارها السوقية في هذه الظروف الاستثنائية، فلا نستطيع القول أن انخفاض سعر أسهم "اتصالات" بنسبة 30% سوف يؤثر على ربحية الشركة.

حيث أن انخفاض الأسعار ليس له أي تأثير على قيمة رأسمال الشركة أو قيمة حقوق مساهميها أو قيمة أصولها أو أرباحها التشغيلية، وانخفاض الأسعار له تأثير فقط على ربحية الشركات التي تستثمر في أسهم الشركات المدرجة الأخرى.

إنتعاش
19-10-2008, 01:13 AM
الادخار في الأسهم

مقبل السلمي

على الرغم من أن الكثير من الأفراد محدودي الدخل لم يعد لديهم الإمكانية لتوفير أي جزء من دخلهم الشهري بسبب الخسائر المتوالية في السوق المالية أو غيرها من الاستثمارات التي كانت تستهدف الأفراد خلال العامين الماضيين والتي نتج عنها فقد كبير في السيولة لدى الأفراد، بالإضافة إلى أن السيولة الاستثمارية تعتمد في معظمها على القروض والذي انعكس سلباً كذلك على متوسط الدخل الشهري، ما جعل البعض يلجأ إلى أسلوب الادخار الشهري كأسلوب آمن من ناحية ولمحاولة تكوين قدر معين من رؤوس الأموال للدخول مجدداً في استثمارات أخرى. لذا فمن الممكن أن يحول الأفراد أسلوب الادخار لديهم من ادخار ثابت إلى ما يعرف (بالادخار المنتج) الذي ينتج عنه النمو في المدخرات مقارنة بالادخار الثابت داخل الحسابات الجارية.


ويعد سوق الأسهم هو الخيار الأفضل لمثل هذا النوع من الادخار، خصوصاً أنه من المتيقن أن أسعار الأسهم في السوق السعودية تدور حول مناطق قيعان وتعتبر ذات درجة أمان جيدة على المدى المتوسط والطويل، وعلى الرغم من أن درجة الأمان بالنسبة للأسعار الحالية ليست السبب الوحيد لاختيار السوق المالية كإحدى أفضل قنوات الادخار المنتج، حيث إن من الأسباب أيضاً إمكانية البدء في الادخار بمبالغ بسيطة، إلا أنه لابد من أخذ مستوى المخاطرة بعين الاعتبار حتى تكون الأموال المراد ادخارها في مأمن عند الحاجة إليها. ويتميز الادخار في السوق المالية خصوصاً ما يكون منه على المدى الطويل بعدم أهمية اتجاه الأسعار في الأشهر الأولى، إذ إنه من الممكن الاستفادة من الاتجاه الهابط للأسعار في زيادة عدد الأسهم المدخرة شهرياً، وذلك بشراء كميات أكبر بنفس القيمة التي تمثل المتوسط الشهري للادخار، بينما تتحسن معدلات الادخار الأشهر الفائتة في حال ارتفعت القيمة السوقية للسهم أو مجموعة الأسهم التي يتم الادخار بها. وقد يكون الفرق بين الادخار والاستثمار والمضاربة طويلة المدى في السوق المالية متشابهة من حيث آلية التنفيذ، إلا أن هناك فروقاً جوهرية بين الأنواع الثلاثة من المتاجرة، فالاستثمار يحتاج إلى اختيار أسهم ذات عائد سنوي أو ربع سنوي، بينما لا يشترط في الادخار أن تكون الأسهم المختارة ذات عائد، فالشرط اللازم توافره هو أن تكون هذه الأسهم في مناطق قيعان وبالتالي فإن التحليل الفني هو المعيار الذي يتم بناءً عليه تحديد هذه الأسهم، حيث إن الحركة السعرية للسهم أو التغير في القيمة السوقية هي العامل الذي تعتمد عليه هذه الآلية. وقد يتساءل البعض لماذا لا تكون الأسهم المختارة ذات عائد مادي؟ والجواب أنه لا مانع بل يفضل ذلك بشرط وجود هذه الأسهم في قيعان سعرية، ولكننا لم نركز على هذا الأمر ولم نعتبره شرطاً لأننا نتحدث عن أموال صغيرة ومهما بلغ العائد على السهم فإن الأرباح لن تكون ذات جدوى عند مقارنتها بنمو الودائع المتحققة من خلال القيمة السوقية. ومن المعايير المهمة أيضاً تدني القيمة السوقية للسهم والذي يعد عاملا مهما هو الآخر وذلك حتى يكون السعر متناسبا وحجم الادخار الشهري للفرد والذي في الغالب يكون بمبالغ بسيطة مقارنة بالحد الأدنى المطلوب للتداول في السوق المالية.

من ناحية أخرى فإن هناك اختلافا أيضا بين المضاربة والادخار، فعمليات المضاربة يمكن القيام بها في الموجات الصاعدة الفرعية والرئيسية ويكون جني الأرباح منها بقدر طول الموجة، مع اعتماد مبدأ وقف الخسارة في حالة تراجع الأسعار إلى مناطق يجب عندها وقف الخسارة، بينما لا يتم العمل بنظام الادخار المنتج في الأسهم إلا عند قيعان الموجات الرئيسية كما هو الحال للسوق السعودية حاليا. كما أنه تجدر الإشارة إلى عامل آخر مهم وهو الفئة العمرية للفرد الراغب في اتباع هذه الآلية، إذ إن مرحلة الشباب خصوصا مع بداية الحياة العملية تعد هي الأفضل لاتباع سياسة الادخار المنتج، فهي تعد أفضل بكثير من القروض التي قد تقود إلى ضغوطات مادية لاحقة تمتد آثارها إلى سنوات طويلة تحول دون قدرة الشخص في توفير متطلبات الحياة. وقد يكون هذا المبدأ مرفوضاً للكثير بسبب الخلفية السلبية التي تكونت عن السوق المالية نتيجة الموجات الهابطة المتكررة، إلا أنه لابد من الاعتراف بحقيقة دورات الأسواق المالية التي يجب أن يمر السوق السعودي بها كغيره من الأسواق

إنتعاش
19-10-2008, 01:19 AM
رأس المال المريض والعقل السليم

عزمي بشارة

حين يقرأ إنسان مثقف متوسط الملاحق الاقتصادية عن أزمة البنوك ولا يفهم ما يقال فإن ذلك لا يعود لكون هذا المجال مقصورا على العباقرة، مقفلا على غيرهم، فهو ليس حتى بعلم. وهنالك شك فيما إذا كان الاقتصاد وإدارة الأعمال أصلا علوما


ولا شك أنها مجالات معرفية مهنية تستخدم شذرات من عدة علوم بما فيها الإحصاء والرياضيات ونظرية الاحتمالات، ولكنها لا تكفي لفهم ما يجري، ناهيك عن التوقع والتنبؤ العلميين.. وهي على كل حال لا تستطيع الاستغناء عن العقل السليم. وهذا الأخير يفضل أن يفهم ما يقال ويقرأ.

حول فن التعابير الفنية
ولكن هذه اللغة المطلسمة المستخدمة في الملاحق الاقتصادية والمؤلفة من تعابير لا تشكل مصطلحات علمية بل تسميات لمسميات متفق عليها واختصارات غير معروفة الأصل تخفي جهل المراسل الاقتصادي أحيانا، وهي مسخَّرة كعدة تعبيرية مهنية لسماسرة البورصة لا يفهمها حتى المستثمرون عندهم، فهي أشبه بلغة ناد مغلق أو لغة كهنة في معبد الاقتصاد.

طبعا يمكن تعلم هذه اللغة، ولكنها مغلقة على من لم يتعلمها ولم ينضم بعد إلى النادي في أي لحظة معطاة، ويبرر احتكار معرفتها وجود المهنة والمختصين.. وعلى كل حال ليس هذا الاستحواذ على تعابير لا يهتم أحد بشرحها للقارئ منفصلا عن الأزمة بل هو من التعبيرات الرئيسية عن الواقع الذي أدى إليها.

إنه واقع نخبة من المديرين والسماسرة ووكلاء أصحاب رؤوس الأموال والمتصرفين بصناديق التقاعد وغيرهم، تعيش عالما منفصلا قائما بذاته.

أولا، يبدو في هذا العالم وكأن النقود تفرخ نقودا خارج عملية الإنتاج المادي الذي يراكم قيما مادية حقيقية، وتنفصل فيه مراكمة المال عن الثروة الحقيقية القائمة في الاقتصاد والنشاط الاقتصادي والاكتشافات العلمية وغيرها، حتى يبدو كأنه إذا عرف الراغب في الإثراء أين يضع النقود في الوقت المناسب فسوف تضع هي بيضا من ذهب.

هذا السلوك المؤدي إلى الاستثمار في المال دون معرفة شيء عن النشاط الاقتصادي الذي هو الأصل ومنه تنتج الأرباح، وما يترتب على هذا الجهل وهذا السلوك المقامر المعتبر مناقب في هذه الثقافة، كلها ليست محايدة في الأزمة بل هي أصلها وأساسها.

وثانيا، ينفصل هذا العالم غير المنتج ليعيش في قوانينه الخاصة وتعابيره وأنماط سلوكه والمجازفات والأرباح بعيدا عن الرقابة المجتمعية.

فالناس وحتى المشرعون حين يستدعون للتشريع بالكاد يفهمون ما يدور في الأيام العادية، ولكن حين تقع أزمة داخل هذا العالم المركب من واقع وخيال يتضرر الجميع لأن هذا العالم يتحكم في قنوات أو أنابيب تتدفق عبرها العمليات الاقتصادية المترجمة إلى مال.

يربح الناس في هذا القطاع أكثر مما يربحون في الإنتاج والخدمات، مع أن الإنتاج والاستثمار والاقتراض لغرض الاستثمار هو أصل ربحهم، والباقي خيال.

ويتحول رأس المال المالي إلى قوة غير ديمقراطية في كافة المجتمعات ليس فقط لأنه يشكل قوة ضغط هائلة على الحكومات عبر حركة رؤوس الأموال، بل لأنه أبعد اللوبيات الرأسمالية عن عملية الإنتاج المادي وعن حياة المجتمعات، ولأن قوته وسيطرته لا تقفز عن القطاعات الاقتصادية الأخرى، فتأثيره عليها عبر الفوائد والإقراض لا تضاهيها قوة أي قطاع اقتصادي، ولأن السيطرة على الشركات التي تصدر إعلاما وتملك وسائل إعلام وتؤثر على أفكار الناس هي من مكونات قوته.

لا يعيش نظام رأسمالي متطور دون منظومة مالية بنكية. وتتلخص الخدمة التي يبيعها في بيع الزمن. يقرض البنك الإنسان الحقيقي أو الاعتباري زمنا ثمينا، أو للدقة يبيعه إمكانية استخدام المال لفترة من الوقت. إذ لا يوجد تزامن بين الاستثمار ومردوده، وبين شراء البضاعة وبيعها، وحتى بين العمل والراتب.

فالمستثمر يقترض جزءا من رأس المال المستثمر على الأقل حتى تثمر العملية فيسد جزءا من الاستثمار، والتاجر يشتري البضاعة ولكنه ينتظر بيعها.. وهكذا.

وفي جميع الحالات البنك يبيع مالا (ماله ومال الآخرين المودع عنده) ولكن الزيادة في قيمة المال التي تؤدي إلى الربح لا تنتج عن عملية تفريخ أو تفقيس أو انقسام خلايا مالية كالأميبا، بل مصدر زيادة المال هو زيادة القيمة في العمل: عملية الإنتاج والنقل وإيصال البضاعة وتسويقها.. وكل ما يضاف من قيم.

وتتركب من هذه العمليات البسيطة مع تعقد الحياة آلاف العمليات التي ينسى فيها الأصل، ويبنى عالم رأس مال مالي قائم بذاته، يقترض لكي يقترض، ويبيع الدين، ويبيع احتمالات مستقبيلة مشروطة بتحقق صفقة وهكذا..

لكي نفهم قليلا علينا أولا أن نعيد الأمر إلى العقل السليم والبسيط فهو أهم أداة في فهم العمليات الاقتصادية.

يعرف أي مواطن يملك رأس إنسان، وليس بالضرورة رأس مال، أنه يمكنه أن يعيش على الدين من البنك من انتهاء السيولة بين يديه وحتى وصول معاشه أو أجرته أو دخله.

يجسر الحساب المدين في البنك هذا العجز مرة واحدة وقد يحمله المواطن معه، يستنسخه، عدة سنوات ما دام يدفعه كل شهر فتتجدد الحاجة في نهاية كل شهر دون أن يتغير مبلغ العجز. ولكن لا يجوز أن يتراكم ويتضخم مبلغ الدين، أي أن يكون عجزا شهريا متتكررا وليس لمرة واحدة. ففي مثل هذه الحال مثلا حين لا يكفي الدخل كله لتغطية العجز، قد يتوقف البنك عن الإقراض ويحجز على ممتلكات المواطن أو يستخدم غيرها من الأدوات التي خطرت ببال المشرع بما فيها الغرامة والسجن.


ولنتخيل للحظة أن شعبا كاملا يعيش أعلى من مستوى إنتاجه خلال العام، إن كان ذلك في الاستهلاك أو المصاريف العسكرية أو "البَطَر" والثقافة الاستهلاكية عموما، وذلك في نظام ديمقراطي تتملق فيه الأحزاب الناخب ولا تقول له الحقيقة.

لا بد أن تتحول دولته إلى دولة مدينة لكي تمول الفرق بين ما ينتج هذا الشعب وما يستهلك. وينطبق على دينها وتراكمه ما ينطبق على المواطن، ولأنه لن يحاسبها شرطي دولي (خاصة إذا كانت هي الشرطي الدولي) فهي تستمر على الدرب هذا حتى وقوع الكارثة.

يبدو الأمر واضحا في أن أغنى دولة في العالم هي أيضا أكثر الدول دينا للدول الأخرى. فالشعب الأميركي يعيش بمستوى المعيشة الأوروبي ولكن بأسعار العالم الثالث في النفط والمأكل والملبس والسكن..

ولا يمكن أن يستمر هذا الأمر لفترة طويلة دون أزمات، لا بد أن يسد أحد هذا الفارق، وليس كله مؤلف من بيوت تم شراؤها ولم يتمكن الناس من سد ثمنها ويمكن الحجز عليها (نظريا فقط) مثلا، بل إن جزءا كبيرا من الفارق، أو العجز، استهلك وذهب مع مياه الصرف الصحي أو حلق إلى طبقة الأوزون مساهما في ثقبها.

والتضخم لا يحل هذه الأزمة إلا على المدى القصير، وكذلك بيع سندات الخزينة إلى دول أخرى، ولا حتى تخفيض سعر الدولار.. لا بد أن تتجلى الأزمة في النهاية على شكل تقليص المصاريف العامة ووضع قسم من عبء الدين على المواطنين على شكل سياسة ضرائبية معقولة كما في بعض الدول الأوروبية.

وما فعله بوش هو عكس ذلك إذ خفف الضرائب على رأس المال، وشجع البنوك على سياسة إقراض غير مسؤولة.

أزمة سيولة
ولنتخيل أيضا أن تتصرف البنوك في هذه الدولة بموجب هذه الثقافة الاقتصادية، إذا صح التعبير، فتسعى للإقراض بشكل غير مفحوص، ولتحقيق الأرباح من الفوائد العالية على القروض الطويلة المدى بتشجيع الناس على شراء البيوت وبنائها بمنح التسهيلات على تلقي قرض بنكي. أي أضف هنا الفوضى في سياسية الإقراض البنكية وجشع البنوك ورغبتها في تحقيق الأرباح باستخدام الودائع المتوفرة لديها.

(وما دام موضوع قروض الإسكان قد ذكر فإن هذه السياسة بدأت بتشجيع من الإدارة عام 1998 في مرحلة كلينتون وحوَّلها بوش إلى سياسة رسمية).

أشارت الإحصائيات عشية انهيار بنك ليمان براذرز واتضاح عمق وشمولية الأزمة البنكية أن البنوك الأميركية أقرضت 94 سنتا على كل دولار في حوزتها (يجب أن نضيف أنه في حوزتها نظريا)، وأن البنوك الأوروبية أقرضت 1.4 يورو على كل يورو، أي أن البنوك الأوروبية معرضة لأزمة عدم السداد أكثر من غيرها.

ولكن من أين تقرض البنوك؟ تسجل البنوك أرباحا خيالية كل عام، وهي على رأس القطاعات الاقتصادية الرابحة. ومن هنا ربما يصعق المواطن العادي من إفلاس أي بنك أو إغلاقه.

والبنوك حين تقرض المال فإنما تتصرف بأموال ليست ملكا لها، وهي تحصل على حصة الأسد من الفائدة الناجمة عن عملية الإقراض.

خذ مثلا بنك ليمان براذرز الذي سجل قرار عدم إنقاذه من قبل الخزينة الأميركية بداية الانهيار، لقد وجد هذا البنك مدينا بنحو 613 مليار دولار منها 160 مليارا لزبائن خارج الولايات المتحدة أودعوا أموالا فيه، أفرادا وصناديق، ومنها صناديق تقاعد أوروبية.

حين تبدأ أزمة السيولة نتيجة لعدم تمكن المدينين من سداد قروضهم أو حساباتهم البنكية المدنية، ويبدأ الناس بالمطالبة بودائعهم تحصل أزمة قد تؤدي إلى الإفلاس، فالبنك لا يجد ما يعيد به النقود.

وليس كل قرض يذهب إلى الاستثمار في الصناعة والتجارة ولشراء العقارات رغم ما فيها من مجازفة، فقسم من القروض يذهب للاستثمار في سوق المال ويتحول بذاته إلى الإقراض أحيانا، فيضاعف المجازفة وآثارها.

في حالة فقدان السيولة تقوم البنوك بالاقتراض من بنوك أخرى، وهذه الرغبة في الاقتراض من بنوك أخرى ترفع الفائدة البنكية، وبرفعها تقل قدرة الناس العاديين على سداد القروض.. وحين تتفاقم الأزمة تبيع البنوك أوراقا مالية للناس، ثم حين تقفز الأزمة درجة أعلى تفقد هذه الأوراق جاذبيتها وتبيع البنوك ديونها لمضاربين مكتفية بنسب أقل من الربح.

يجري هذا التراكم الذي يضخم الأزمة ولا يحلها طوال سنين دون أن يصل إلى الملاحق الاقتصادية ناهيك عن نشرات الأخبار.

ويسمع الناس بالأزمة عندما تستنفد هذه الوسائل ويصبح على الدولة أن تقرر أن تكفل الديون أو البنك برمته، أو تسدد ديونه. هنا يسمع الجمهور بالأزمة.

وبإمكان المرء أن يتخيل ماذا تعني أزمة بترليونات الدولارات.. وماذا يعني نقص السيولة وانسداد مجرى المال في عروق الاقتصاد.

فانهيار ليمان وتهديد زملائه بالانهيار أدى إلى عدم ثقة بالبنوك وسحب ودائع وتفاقم أزمة السيولة، ولا شك أن الأزمة مالية حقيقية ضربت وسوف تضرب في أوروبا واليابان وفي السوق المالي الرأسمالي العالمي برمته. وهنالك سوق عالمي من هذا النوع.


تتعقد الصورة أكثر بسبب وجود ما يسمى بالمشتقات التي تهدف إلى تقليل مجازفة طرف في تعاقد على شكل فيوتزر وأوبشنز وسوابس وغيرها، منها أيضا مشتقات خاصة بتقليل مجازفة الدين ديبت ديرافتفز القائمة على ممتلكات حقيقية أو وهمية.. دعك عزيزي القارئ من هذه التعابير فلن تحتاجها، ولكنها تزيد المجازفة لمجمل السوق المالي والمجتمع برمته لأنها تخلق قيما وهمية.

وظيفة البنك الاقتصادية هي المجازفة وإدارة المجازفة، وجعلها محتملة ما بين الإقراض وبيع الوقت لرأسمال المال الاقتصادي وبين تحقيق النتائج. وحين يخفق البنك في المهمة يدفع سوق المال وبالتالي الاقتصاد والمجتمع الثمن.

وطبعا سوف تتحول الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية. ويبقى السؤال حول حجمها.

وهذا هو الفرق بين مواطن يعلن إفلاسه ولا يسدد دينه ودولة تعاقبه بالسجن، إذا لم تجد ما تحجز عليه، وبين نظام بنكي مالي يعني إفلاسه فقدان السيولة من أنابيب الاقتصاد وعرقلة العملية الاقتصادية برمتها، من البيع والشراء وحتى دفع الرواتب.

هنا لا تستطيع الدول الوقوف مكتوفة وولوج مناقشة نظرية منقطعة عن الدنيا كما يجري في بعض الصحف العربية، من نوع: هل يعني تدخل الدولة أم لا يعني انهيار نظام السوق، أو هل هو خطة اشتراكية؟ وهذا هو نوع النقاش الدائر على الخطوات التي اتخذتها الإدارة الأميركية بضخ 640 مليار دولار إلى عروق النظام البنكي، وحول خطابات ساركوزي اليميني المحافظ الجديد والتي تبدو فجأة يسارية لأنها تدعو إلى تدخل الدولة.

هذه خطوات تتخذها الحكومات للحفاظ على النظام الاقتصادي السائد، وهو نظام رأسمالي. وهي تتخذ لحمايته من سوقه المالي الذي أدى الدور الذي كان يؤديه سوق البضائع في الأزمات الدورية في القرن التاسع عشر نتيجة لعدم التوافق الدوري بين العرض والطلب.. ودورات التضخم، والنمو والكساد والبطالة.

لا علاقة لهذه الخطوات المصممة لإنقاذ النظام الرأسمالي البنكي التي سوف يتبعها بعد سنوات تطويره بمجموعة قيود وتشريعات وأنظمة، مستفيدة من الأزمة الحالية، بالنقاش حول الرأسمالية والاشتراكية، فهذا نقاش دائر ضمن الرأسمالية.

ومثلا نحن نشهد الآن عملية توحيد لبنوك بحيث تسيطر خمس مؤسسات مالية على الودائع في الولايات المتحدة بعد أن قاومت بنوك بشراء الديون المضمونة من أخرى أو توحدت معها في الأشهر الأخيرة.

حول المقارنات
طبعا لا بأس بسجن مدير بنك، كما يسجن مواطن مدين، ولكن على الدولة أن تتخذ إجراءات أخرى لأن ممتلكات البنوك وعملها، خلافا لمصالح المواطن، متعلقة بمصالح الناس كافة وليس فقط بإثراء الفرد ذاته وإهماله الإجرامي.

لو بقيت الأزمة محصورة في طبقة البنوك ومديريها وأصحابها وفئة المضاربين الكبار في البورصات لما اهتم أحد بمصيرهم، ولكن الأزمة المالية تتحول إلى أزمة اقتصادية، لأن الانسداد المالي الحاصل نفسه يؤدي إلى عرقلة العمليات الاقتصادية الجارية، وإلى تأجيل مشاريع وإلغاء أخرى لانعدام الثقة، أو لانعدام السيولة، ولكن أيضا كنتيجة لخطوات علاج الأزمة ذاتها على المدى القصير.

فالدولة تمول العلاج بإنقاذ البنوك من دافع الضرائب ما يعني زيادة الجباية من الناس، وهذا بدوره يضيف إلى إبطاء الحركة الاقتصادية في الأسواق المتعثرة في الطريق إلى الكساد، وبعد الكساد البطالة. ويتوقع أن ترتفع في أميركا العام القادم لتصل إلى 10% من قوة العمل. وهنالك أخبار متتابعة عن تقليص شركات صناعية كبرى خطوط إنتاجها.

يتبع

إنتعاش
19-10-2008, 01:19 AM
ولكن العلاج ممكن. وهذه ليست أول أزمة في الاقتصاد الرأسمالي. المهم أن بنية هذا الاقتصاد تتغير بعد كل أزمة، وأداة التغيير هي النضال الاجتماعي والنقابي والبرلمانات والتشريعات ومجموعات الضغط وخوف أصحاب رؤوس الأموال من تكرار التجربة أو عواقبها، واضطرار رأس المال إلى أن يتكيف.

لقد نشأت الأزمة المدمرة تلك عام 1929 بعد انهيار بنك كريديت أنشتالت النمساوي وتفاعل الانهيار مع أزمة البورصة في نيويورك.

هناك كانت عملية الاقتراض تكفي كي يضع المرء المال في شركات في البورصة، ثم يترك القدرة التي يمنحها رأس المال على المضاربة تفعل فعلها في ربح متصاعد. وهو ما سمى "ليفرج" في البورصة، إنه يضاعف الأرباح حين يحقق أرباحا، ولأنها وهمية فهو يضاعف الخسائر حين يخسر.

إذ يمكِّن هذا النظام من يملك مبلغا معينا أن يشتري أسهما في شركات بأضعاف هذا المبلغ نتيجة لتمويل من مختلف الاتجاهات، أو نتيجة للتيقن من قدرته على السداد من الأرباح ذاتها.

يحقق هذا الطريق أرباحا خيالية، وهي خيالية بمعنى حجمها المبالغ فيه إذا قبض صاحبها المبلغ و"نفذ بجلده" في الوقت المناسب كما في كازينو قبل أن يبدأ بالخسارة، وهي خيالية أيضا بمعنى غير واقعية.

وطبعا تحول المضاربون، شخوص هذه العملية، إلى أبطال ثقافة وحضارة منذ عهد تاتشر، وبعضهم يصمم تقليعات نمط حياة للشباب وأرباح سهلة وتخصصات مهنية لجيل بأكمله. ثم حين تحل الخسائر تكون أيضا خيالية، لأنه لا يخسر فقط ما ربح على رأسماله بل يخسر رأس المال نفسه ويبقى مدينا.

ومن يقارن الأزمة الحالية بأزمة عام 1929 لا يخطئ فقط في فهم تلك بنيويا ولكنه يخطئ إذا اعتقد أنه بذلك يضخم الموضوع أو أنه يقصد بذلك نهاية الرأسمالية. فقد خرج النظام الرأسمالي بعدها أقوى مما كان. ولكن الثمن كان أزمات اجتماعية واقتصادية عنيفة وملايين الضحايا.

لقد وصلت البطالة في بعض الدول إلى ثلث الأيدي العاملة، كما تقلص حجم الاقتصاد الأميركي بالربع خلال تلك السنوات، وأدى الكساد إلى تسجيل إفقار واسع على حافة الجوع في بلدان متطورة.

لقد اضطر رأس المال إلى أن يتغير بنيويا بعدها. وقد تجسد التغيير في "نيو ديل" وسياسات روزفلت، والإنجازات النقابية في أميركا، وفي المعالجات الاقتصادية النازية للأزمة، التي انتشلت الاقتصاد عبر مشاريع الدولة، خاصة في البنى التحتية والمواصلات وبناء الجيش، وبواسطة التحالف بين الدولة ورأس المال الصناعي الاحتكاري.. وأيضا بثمن قيام الدولة الشمولية وبواسطة الحرب التي دمرت كل شيء من جديد.

والحقيقة أن جذور عودة العالمية إلى الأزمة الحالية تعود إلى تخلي الولايات المتحدة عام 1971 عن التغيرات التي استنتجتها المنظومة العالمية من أزمة 1929-1934 التي هزت النظام الرأسمالي كله، والتي تجلت في منظومة بريتون وودز الاقتصادية التي اتفق عليها بين بريطانيا والولايات المتحدة ثم أقرها 730 موفدا من 44 دولة في مؤتمر في هامشير بعد الحرب الثانية.

وربما يكون من الرمزي أن نتذكر اليوم أن المفاوض البريطاني على الاتفاقية كان الاقتصادي الشهير كينز الداعي لتدخل الدولة الواسع في الاقتصاد، والذي استفاد من نظرياته الاقتصاد الألماني للخروج من الأزمة قبل الحرب.

لقد استنتجت هذه الدول من أزمة الثلاثينيات بعد عمل سياسي ونقابي ديمقراطي واسع وبعد تحول راديكالي ديمقراطي يساري في الرأي العام، وبعد حروب دامية ومدمرة أن عليها أن تنظم سوق المال وعملياته وتقيده، وأن تنسق أسعار العملات بشكل ثابت نسبة إلى الذهب، كما أقرت مجموعة من القيود على رأس المال البنكي.

ولكن الولايات المتحدة حررت الدولار من ربطه بالذهب عام 1971 وحولته إلى مرجع لقياس العملات الأخرى بدل الذهب.

نحن نعرف الآن أن الأزمة الحالية عميقة، ولكنها ليست مقدمة لتغير نحو نظام اقتصادي آخر غير مطروح. فالتنافس الانتخابي في الولايات المتحدة يدور ضمن نفس حزب رأس المال بجناحيه الجمهوري والديمقراطي، ونعرف أن لدى النظام أدوات أنجع بكثير في معالجة الأزمة مما كان قائما في بداية الثلاثينيات.

ولكننا نعرف أيضا أن المنظومة الرأسمالية التي صمتت طويلا على ما يجري في أميركا من ناحية حرية رأس المال المالي ومناوراته ومضارباته، وعلى المديونية الأميركية على حساب الدول الأخرى لن تصمت أكثر.

كما نعرف أن تحولا سوف يجري في الرأي العام باتجاه دعم تدخل الدولة في تنظيم اقتصاد السوق وفي تقديم الضمانات للمواطن.

ونعرف أيضا أن الجمهور الأميركي يميل إلى انتخاب من سوف يجمل صورة أميركا عالميا في هذه الظروف، ونعرف أن الدول الأقل تضررا هي تلك الأبعد عن مركز الزلزال، وإذا كانت لديها سيولة وقوة اقتصادية وسياسية تدعم هذه السيولة فسوف تستغل الفرص كي تشتري في الغرب.

ونعرف كما في حالة نهوض روسيا العسكري السياسي في جورجيا أن قوة الدولة الوطنية سوف تزداد تجاه الداخل والخارج في الاقتصاد، لتصب كلها ضد فكرة الإمبراطورية..

هذه كلها مقدمات تسهل التغيير، ولكن التغيير نفسه يأتي بوسائل ومظاهر لا تخطر ببالنا.

إنتعاش
25-10-2008, 01:15 AM
المعيار المحاسبي (FAS 157) ..
هل كان جلاد الأزمة المالية أم ضحيتها؟


د. محمد آل عباس

لم يكمل المعيار المحاسبي FAS 157 سنته الأولى حتى بدت حوله خلافات شديدة وتم تعليقه من قبل هيئة السوق الأمريكية SEC بعد أن وجهت إليه اتهامات خطيرة بالضلوع في إفلاس البنوك ومؤسسات الاستثمار الأمريكية، لكن القصة بدأت مبكرا عندما أقرتSEC قبل أكثر من عقد من الزمان استخدام طريقة Mark to Market للمحاسبة عن الأصول المالية.

عندما تقوم بشراء سهم شركة بسعر 100 مثلا واحتفظت به زمنا حتى أصبح سعره 110 ثم سألك أحدهم كم ثروتك هل ستقول له 100 أو 110؟ تلك هي القضية المحاسبية الشائكة. إن قلت إنها تقدر بـ 110 فإنك بهذا تعترف بدخل قيمته 10 فما دليلك على ذلك وأنت لم تقم بالبيع وتحويل السهم إلى نقد؟ لكن إذا قلت إنها تقدر بـ 100 فأنت تستند إلى دليل قوي وهو عملية التبادل الحقيقية التي تمت في الماضي وتؤجل الاعتراف بالدخل إلى وقت البيع، لكن هل فعلا أخبرت الآخرين بحقيقة وضعك المالي وقدرتك على سداد التزاماتك الحالية؟ عندما ظهرت طريقةMark to Market أصبحت المؤسسات المالية قادرة على أن تعترف بالأرباح والخسائر الناتجة عن الاستثمار في الأصول المالية، وذلك باعتماد القيمة السوقية لها. تبدو المسألة بسيطة لأول وهلة فما المشكلة في اعتماد القيمة السوقية؟ لا إشكال كبيرا في القضية كلما توافرت سوق نشطة وفاعلة للأصول، لكن للأسف الحال ليست كذلك دائما، فهناك العديد من الأصول لا توجد لها سوق معلنة تحدد أسعار التبادل الآنية. هنا ظهرت مشكلة القياس وأقرت الهيئات استخدام عبارة القيمة العادلة Fair Value بدلا من عبارة القيمة السوقية، فأحيانا نحتاج إلى تقدير القيمة من خلال استخدام نماذج ومعادلات معينةMark to Model .

بعد انهيار "إنرون" المدوي ظهرت وبحدة مشكلة قياس القيمة العادلة، فقد تعددت التعريفات العلمية لها وتبعثرت في المعايير المحاسبية، ما أفقدها ميزة الثبات وأصبحت ثغرة نفذت منها مجالس الإدارات للتلاعب بالأرباح وتضخيم الأصول، لذلك وبعد جدل طويل تم اعتماد المعيار رقم 157 بعنوان قياس القيمة العادلةFair Value Measurement . لقد بني هذا المعيار على أساس أن الأسواق قادرة على تقديم أفضل قياس للأصول وأكثرها استقلالا وعدالة. ولحل قضية التلاعب بالقيمة العادلة من خلال استخدام طريقةmark to model قدم المعيار تفصيلا هيكليا للقيمة العادلة على أساس وجود أسعار سوقية من مصادر مستقلة على النحو الآتي: 1- القيمة العادلة التي يتم استخلاصها بناء على تعاملات الأسواق ويتم الحصول عليها من مصادر مستقلة عن الإدارة. 2- القيمة العادلة بتقدير الإدارة، ولكن أيضا وفقا لمبدأ أسعار السوق، ووفقا لأفضل المعلومات المتاحة لها، مع الأخذ في الحسبان أسعار الفائدة والمخاطر المحيطة بعملية البيع وذلك عندما لا تكون هناك أسواق نشطة ومصادر مستقلة يمكن الاعتماد عليها.

كان هذا يبدو مثاليا وتطورا هائلا في الفكر المحاسبي, اقتضى سنوات طويلة من النقاش والجدل، لكنه ولد في غير أوانه، فقد افترض هذا المعيار أن الأسواق قادرة على التقييم السليم للأصول ولا يمكن أن تتعثر في تحديد القيم الحقيقية أو تتحول إلى مصدر للكارثة، فقد رصدت التحولات الخطيرة عندما بدأت أسعار الأصول في الارتفاع في بدايات فقاعة الأصول في الولايات المتحدة. في ذلك الوقت ونظرا لأن البنوك تحدد القيمة العادلة لأصولها المملوكة وفقا لسعر السوق، فإن رأسمالها كان يتضخم باستمرار كلما تضخمت أسعار الأصول في السوق ولتحافظ على العلاقة بين قيمة رأس المال والقروض كان الارتفاع في قيمة رأس المال يشجع البنوك على الاقتراض أكثر، وبالتالي ضخامة المركز المالي للبنك ككل وهذا كنتيجة شجعها على الإقدام بشراهة في عمليات القروض حتى أقرضت العملاء الأكثر خطورة كلما نما رأسمالها وتعاظمت قيم أصولها.

لكن عمل القيمة العادلة والأسواق متفائلة جدا كان هو عملها أيضا عندما بدأت السحب تتلبد في سماء الإقراض. ولأن القيمة العادلة وفقا للمعيار الأخير تقرر أن يتم تقييم الأصول التي ليس لها سوق رائجة وفقا لأفضل المعلومات المتاحة فإن الانخفاض المستمر والتوقعات السلبية لقيم الرهونات العقارية لم يمس فقط تلك الرهونات السيئة (التي امتنع أصحابها عن السداد)، بل يمس كل الرهونات العقارية الأخرى وهكذا بدأت الكرة في التدحرج نحو الاتجاه العكسي وانعكست على قيم الأصول التي بحوزة البنوك والمقيمة وفقا للقيمة العادلة بالتالي قيمة البنك وبدأت سلسلة الانهيارات تتوالى.

لم يكن هناك شك أن البنوك قادت إلى هذه الكارثة الاقتصادية، لكن الشكوك حامت بشدة حول الأثر التراكمي الذي خلفه استخدام المعيار رقم 157 وبشكل خاص طريقةMark to Market ، الأمر الذي جعل العديد من الاقتصاديين الذين طالما نادوا بتطوير الطرق المحاسبية لقياس وعرض الأصول لتقترب كثيرا من القيمة الحقيقية يناشدون اليوم بإيقاف العمل بأفضل هذه الطرق وأكثرها حداثة، ما جعل خطة الإنقاذ الأمريكية تدرج بندا خاصا بمشروع إعادة النظر في المعيار وتطلب دراسة وافية عنه وتطلب من SEC أن تعلق العمل بطريقةMark to Market . محاسبيا يبدو هذا تدهورا حقيقيا ويعيد المهنة عقدا كاملا من الزمن إلى الوراء، فهل كان المعيار جلادا أم ضحية؟

إنتعاش
25-10-2008, 01:17 AM
الأزمة المالية لا علاقة لها بالرأسمالية
أو حرية الأسواق ولم تكن مفاجِئة


د. أنس بن فيصل الحجي

ليس المقصود من هذه الفقرة هو الدفاع عن الرأسمالية، ولكن توضيح حقيقة يجهلها كثيرون وهي أن سبب الأزمة هو المبادئ الاشتراكية التي تبنتها بعض الحكومات الأمريكية التي أجبرت البنوك على إقراض الفقراء لتمكينهم من شراء البيوت والسيارات، وهم لا يستطيعون ذلك. من المستحيل أن يقوم نظام رأسمالي بإقراض من لا يستطيع الوفاء! لو تم فعلا تطبيق الأسس الرأسمالية لكان هناك رهن مقابل كل قرض، وهو أمر لم يحصل في الأزمة الحالية.

إضافة إلى ذلك، يتم تقييم قيمة السندات في النظام الرأسمالي بناء على قدرة المدين على الدفع. ولا يمكن في ظل النظام الرأسمالي التأمين على هذه السندات على الإطلاق لأن المخاطرة كبيرة وأقساط التأمين عالية جدا بحيث لا يرغب أي مستثمر في شراء التأمين.

ولكن في ظل بعض القوانين الاشتراكية التي تضمن خسائر البنوك، يمكن التأمين على السندات بحيث تحقق شركات التأمين أرباحا طالما أن أسعار الأصول التي تدعم السندات ترتفع، بينما تتحمل الحكومة الخسائر في حالة انخفاض قيمة هذه الأصول. باختصار، ما جرى في الولايات المتحدة ما كان ليحصل لولا تبني الحكومة الأمريكية لبعض القوانين الاشتراكية! الرأسمالية لها أزماتها الخاصة، ولكن ليس هذا النوع من الأزمات.

لا تلوموا حرية التجارة وحرية الأسواق، بل لوموا التدخل الحكومي!

1. سبب الأزمة هو التدخل الحكومي الذي نتج عنه إنشاء بنكي "فاني ماي" و"فريدي ماك" وقيام الحكومة بضمان هذين البنكين في حالة الإفلاس مقابل أن يقوما بتمكين الفقراء من شراء العقارات عن طريق شراء قروضهم من البنوك المختلفة التي تقوم بتمويل مساكنهم. ثم قامت الحكومة الأمريكية، خاصة في أواخر التسعينيات، بالضغط على هذين البنكين وغيرهما لزيادة القروض لفئات معينة في المجتمع الأمريكي لا يمكنها بأي شكل من الأشكال شراء بيوت أو سيارات جديدة. ولما تردد مديرو البنوك في إقراض فئات معينة، قامت الحكومة بمحاكمتهم بتهمة التمييز العنصري لأن جزءا كبيرا من الفقراء هم من الأقلية السوداء. في ظل سوق حرة لا يمكن على الإطلاق تقديم القروض لهذه الفئات، وبالتالي فإنه لا يمكن حدوث أزمة كهذه.

2. قامت الحكومة الأمريكية بتغيير القواعد المحاسبية وأجبرت الشركات والبنوك على تقييم أصولها بناء على سعر السوق بدلا من طريقة التقييم السابقة المبنية على "السعر العادل". هذا التدخل الحكومي جعل خسائر البنوك في الأسابيع الماضية أكبر بكثير من حقيقتها، الأمر الذي خفّض من قدرة هذه البنوك على الاقتراض، وخفض من قدرة الشركات على الاقتراض، وأسهم بشكل كبير في أزمة السيولة. في سوق حرة لا يتم فيها تقييم الأصول التي لا يرغب البنك في بيعها بهذه الطريقة. لذلك فإنه لا يمكن لوم الأزمة على حرية الأسواق أو حرية التجارة.

3. من هذا المنطلق فإن مبلغ 700 مليار دولار الذي قدمته الحكومة الأمريكية لحل الأزمة لن يحلها لأن سبب الأزمة هو التدخل الحكومي. إن سيطرة الحكومة الأمريكية على البنوك في الأسابيع الأخيرة يعني مزيدا من التدخل الحكومي، ومزيدا من الأزمات. الحل هو إلغاء السبب الأصلي للأزمة وهو التدخل الحكومي الذي يضمن البنوك ويجبرها على إقراض من لا يمكن إقراضه في ظل أسواق حرة.


الأزمة لم تكن مفاجأة

الأزمة لم تكن مفاجأة لعدد من المتخصصين والسياسيين حيث حذروا من هذه الأزمة منذ نحو عامين، وَوُصف بعضهم بالجنون، وبعضهم بالتشاؤم الشديد. وقد يندهش القارئ الكريم من الفقرات المترجمة أدناه من خبر نشرته جريدة "نيويورك تايمز" منذ نحو تسع سنوات في عددها الصادر يوم 30 أيلول (سبتمبر) 1999، الذي يمكن الحصول على نسخته الإنجليزية عن طريق مراسلتي على a@aalhajji.com .

المقال كان بعنوان "فإني ماي يسهل الائتمان للمساعدة في قروض العقارات". ذكر المقال أن تسهيل الائتمان هدفه زيادة ملكية الأقليات والفقراء للبيوت. وتذكر الجريدة أن "ما فعله بنك فاني ماي هو خطوة تزيد المخاطرة بشكل كبير. هذه الخطوة لن تشكل أي صعوبات في فترات الانتعاش الاقتصادي، ولكن قد يتعرض هذا البنك المدعوم من الحكومة إلى مشاكل كبيرة في حالة انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، الأمر الذي يؤدي إلى قيام الحكومة بإنقاذ البنك، تماما كما فعلت الحكومة مع بنوك الادخار والقروض في الثمانينيات". مرة أخرى، هذا الخبر عمره نحو تسع سنوات!

ونقل الخبر تعليقا عن بيتر واليسون، الباحث في معهد أمريكان إنتربرايز قال فيه "إذا سقطوا (يقصد البنوك)، فإن على الحكومة أن تتدخل وتنقذهم بنفس الطريقة التي تدخلت فيها في السابق".

وكانت الحكومة قد ضغطت على البنوك لإقراض الأقليات وأصحاب الدخول المنخفضة حيث ذكرت الجريدة أن "وزارة الإسكان والتنمية الحضرية اقترحت مشروعا يقتضي أن تكون 50 في المائة من محفظة بنكي فاني ماي وفريدي ماك مكونة من قروض لأصحاب الدخول المنخفضة والمعتدلة" كما أشارت الجريدة إلى أنه في الوقت نفسه قامت الوزارة بالتحقيق مع البنوك بتهمة التمييز ضد أصحاب الدخول المنخفضة في منح القروض. حتى مقال جريدة تدعم التدخل الحكومي يرى أن هذا التدخل سيسبب أزمة. لقد كان المقال مخطئا، فهذا التدخل الحكومي لم يسبب أزمة، بل سبب كارثة!

إنتعاش
26-10-2008, 09:45 AM
سوروس:
الأزمة المالية تقترب من النهاية وميزان القوة إلى آسيا

http://www.ilromanista.it/images/apertura_y9xrn1pddire_10412123_14570.jpg

يتناول جورج سوروس رجل الأعمال والأعمال الخيرية، هو مؤلف أحدث كتاب عن الأزمة المالية «النموذج الجديد لأسواق المال والأزمة الائتمانية لعام 2008 وما تعنيه». وقد أجرى ناثان غاردلز رئيس تحرير «غلوبال فيوبوينت» حوارا معه في واشنطن، وإلى التفاصيل.

* لنتحدث أولا عن طبيعة الأزمة، فبسبب أسعار الفائدة المنخفضة والسيولة العالمية وتحرير السوق، أصبح لدينا فقاعة ائتمانية تقوي نفسها وعمرها 25 عاما، وقد أدت إلى ما أطلق عليه «وفرة لا عقلانية» في الأسواق المالية. والآن لدينا انهيار هائل تشهده أسواق المال والائتمان، و«يأس لاعقلاني»، لا تبرره أسس الاقتصاد الحقيقي. فكيف يتفق هذا النموذج مع نظريتك عن الانعكاسية ونموذجك الجديد لاستيعاب هذه الأزمة المالية؟

ـ إن مفتاح فهم هذه الأزمة، وهي الأسوأ منذ الثلاثينات، هو معرفة أنها نشأت داخل النظام المالي في حد ذاته. وما نشهده ليس نتيجة لصدمة خارجية أفقدت النظام توازنه، كما يشير النموذج السائد، الذي يعتقد أن الأسواق تصحح ذاتها. والحقيقة هي أن أسواق المال قد تزعزع استقرارها ذاتيا، وعادة ما تميل إلى عدم التوازن، وليس التوازن.

ويختلف النموذج الذي أقدمه عن النموذج التقليدي على وجهين. أولا، لا تعكس الأسواق المالية الأساسيات الاقتصادية الفعلية. فدائما ما تشوهها توقعات التجار والمستثمرين. ثانيا، يمكن لهذه التشوهات التي تصيب الأسواق المالية أن تؤثر على الأسس، كما في الفقاعتين وأزمتيهما. ويمكن أن يرفع النشاط من أسعار العقارات وتكنولوجيا المعلومات، ويمكن للذعر أن يتسبب في انهيار أفضل البنوك.

هذه الصلة ذات الاتجاهين، والتي تعني أنك تؤثر على ما تعكسه، هي ما أطلق عليه «الانعكاسية». وهذه هي الطريقة الحقيقية التي تعمل بها أسواق المال. وحاليا يمتد عدم استقرارها إلى الاقتصاد الحقيقي، وليس العكس. وفي إيجاز، فإن تتابع الازدهار والانهيار، أو الفقاعات، أصبح مستوطنا في النظام المالي.

ولا يدور الموقف الراهن حول فقاعة العقارات فقط. فقد كانت مجرد الشرارة التي فجّرت فقاعة أكبر بكثير. وهذه الفقاعة الكبرى ـ والتي تسبب بها الاستخدام المتزايد للائتمان والاعتماد على الديون، مع الاعتقاد بأن الأسواق تصحح من ذاتها ـ قد استغرقت أكثر من 25 عاما لتظهر إلى السطح. وها هي تنفجر في الوقت الراهن.

* وما هو «قاطع الدائرة» المفترض الذي من شأنه أن يوقف التشوهات الحتمية التي تزعزع استقرار الأسواق المالية؟

ـ إذا كانت هذه الفقاعات مستوطنة في النظام المالي، فعلى جهات التنظيم الحكومي التدخل من أجل منع هذه الفقاعات من أن تصبح أكبر حجما. وعلى الحكومات أن تدرك أن الأسواق لا تصحح ذاتها، وليس كافيا أن تستجمع قواها بعد الأزمة.

* هل وجود دورة إخبارية مالية عالمية طوال 24 ساعة، زاد من تضخيم التشوهات التي حلت بأسواق المال؟

ـ بلا شك، فهي تعجل من العملية. وفي الوقت نفسه، لن أبالغ في ذلك. ففي نهاية القرن التاسع عشر، لم يكن هناك قنوات كابل تعمل على مدار الساعة، ولكن كان هناك النوع نفسه من الفقاعات. وطوال القرن التاسع عشر، عندما كانت هناك عقلية تحرير السوق، وعدم وجود تنظيم كاف، كانت هناك أزمة تلو الأخرى، وكل أزمة جلبت بعضا من الإصلاح. وهكذا تطورت البنوك المركزية.

* كيف يحدث أن كل جهود الحكومة الأميركية حتى الآن، من خطة الإنقاذ التي تتكلف 700 مليار دولار والتخفيض الفيدرالي لأسعار الفائدة ودعم الودائع والسندات التجارية، لم توقف الأزمة؟

ـ كانت السلطات الأميركية تؤمن بفكر السوق الأصلية. وظنت أن الأسواق ستصحح ذاتها في النهاية. وقد لخص وزير الخزانة الأميركي ذلك، حيث اعتقد أنه بعد أزمة بير ستيرنز، ستعود السوق إلى انضباطها، و«حسنا، إذا انهار ليمان (براذرز)، من الممكن أن تتحمل السوق سقوطه». ولكن انهار كل شيء.

ونظرا لأنهم لم يستوعبوا طبيعة المشكلة، وهي أن الأسواق لن تصحح ذاتها، فهم لم يروا هناك حاجة إلى تدخل الحكومة. لذا لم يكونوا مستعدين بخطة بديلة.

وبعد أن أعلن «ليمان براذرز» إفلاسه، كان على بولسون أن يغير من تفكيره وينقذ «أميركان إنترناشونال غروب». وفي اليوم التالي، كان هناك تدافع في الطلب على أسواق المال وأسواق الأوراق التجارية، لذا جاء ثانية ليقول إننا نحتاج إلى خطة إنقاذ تكلفتها 700 مليار دولار. ولكنه كان يريد أن يضع الأموال في المكان الخطأ، شراء الأوراق المالية المتعثرة من البنوك.

وأخيرا غيروا رأيهم الآن، حيث تشتري الحكومة أسهما في البنوك، لأنها ترى النظام المالي على شفا الانهيار.

* وبعد أن وصلت السلطات الأميركية الآن إلى المسار الصحيح في النهاية، ما هي المكونات الأساسية لحل الأزمة؟

ـ هناك خمسة عناصر رئيسة واضحة، أولا، تحتاج الحكومة إلى إعادة رسملة النظام المصرفي بشراء حصص من الأسهم في البنوك.

ثانيا، هناك حاجة إلى استئناف الإقراض بين البنوك مع وجود ضمانات ووضع سعر فائدة ليبور (سعر الفائدة بين البنوك في لندن) ليتماشى مع الأموال الفيدرالية. وهذا في حيز العمل الآن، وسوف يحدث.

ثالثا، يجب أن نصلح نظام الرهن العقاري في الولايات المتحدة، بتقليل حبس الرهن، وإعادة التفاوض في القروض، فلا تفوق قيمة الرهن العقاري قيمة العقار ذاته. وسيخفف وقف حبس الرهن من هبوط أسعار العقارات.

رابعا، يجب على أوروبا أن تُقَوم ضَعف اليورو بإنشاء شبكة أمان لبنوكها. وبينما قاوم الأوروبيون هذا في البداية، إلا أنهم الآن اهتدوا إلى الحل وناقشوه في اجتماعهم في باريس.

خامسا، يجب أن يتعامل صندوق النقد الدولي مع مدى الخطورة التي تتعرض لها دول على أطراف النظام المالي العالمي بمنحها شبكة أمان مالية. وهذا أيضا في حيز التنفيذ. وقد قدم اليابانيون 200 مليار دولار بالفعل من أجل هذا الغرض.

وتعتبر هذه الخطوات الخمس بداية عملية العلاج. وإذا نفذنا هذه الإجراءات بفعالية، فسوف نكون قادرين على اجتياز أسوأ أزمة اقتصادية. ولكن حينها، أخشى أن هناك آثارا جانبية على الاقتصاد الحقيقي، الذي يزداد زخما الآن. عند هذه النقطة، لن يوقف إصلاح النظام المالي حدوث ركود عالمي حاد. وفي ظل هذا الوضع، لن يستطيع المستهلك الأميركي أن يظل محركا للاقتصاد العالمي، ويجب أن تحفز الحكومة الأميركية على الطلب. وبسبب ما نواجهه من التحديات الخطيرة من الاحترار العالمي والاعتماد على الطاقة، يجب أن توجه الإدارة القادمة أية خطة تحفيزية إلى توفير الطاقة، وإقامة مصادر للطاقة البديلة، وإنشاء بنية تحتية صديقة للبيئة. وهذا التحفيز من الممكن أن يكون المحرك الجديد للاقتصاد العالمي.

* في نهاية الأمر، ألن نرى ساحة مالية عالمية مختلفة تماما؟

ستهبط أسهم الولايات المتحدة كقوة عظمى، حيث تحول البنوك وأعداد كبيرة من القروض، هي وبعض أجزاء أوروبا، إلى الاشتراكية. وستصبح الصين الشيوعية هي القوة العظمى الجديدة في العالم، حيث توجد بها وفرة مالية وهي من كبار المستثمرين في الغرب.

ـ سيضعف النفوذ الأميركي، وقد حدث هذا بالفعل. على مدار الـ25 عاما الماضية، نشهد عجزا مستمرا في الحساب الجاري. وتنعم الصين والدول المنتجة للبترول بفائض كبير. ونحن نستهلك أكثر مما ننتج. وبينما وصلت ديوننا إلى درجة كبيرة، كانت هذه الدول تجمع ثروات في مدخراتها. وسيجمع الصينيون ـ على نحو متزايد ـ المزيد من أموال العالم لأنهم سيحولون احتياطيهم من الدولار وسندات الحكومة الأميركية إلى أصول حقيقية. وهذا سيغير من علاقات القوة، وبذلك سيتحول ميزان القوة إلى آسيا نتيجة لأخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة على مدى 25 عاما.

إنتعاش
26-10-2008, 09:50 AM
لماذا اقتفت الأسواق الخليجية أثر الأسواق الدولية ؟

د. عبد الحفيظ محبوب

رغم أزمة الائتمان ارتفع مؤشر المستهلك في ( مورجان ستانلي ) للأسواق الناشئة بنحو 40% في عام 2007، وهو ما جعل كثيرا من المستثمرين يعتقدون أن العالم النامي في معزل عن المشكلات التي يواجهها الغرب وهي نظرية تعرف بفك الارتباط والتي تبدو الآن مضللة.

فمنذ بداية هذا العام أخذت أسهم الأسواق الناشئة تتعثر وبخاصة في الصين التي انخفض فيها مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 52%، كما انخفضت سوق الأسهم في روسيا بنسبة أكثر من 30%، وفي الهند انخفضت بنسبة 37 %، وكانت أقل الأسواق الناشئة في السوق البرازيلية بنسبة 5 %فقط.


أما في أسواق الدول السبع الكبرى فقد تراوح الانخفاض بين 29 % في الولايات المتحدة حتى 10 أكتوبر/تشرين الأول 2008 وفي بعض القطاعات وصل الانخفاض إلى 42%، وكانت كندا الأكثر تضررا، إذ وصل الانخفاض إلى 39% تليها فرنسا، اليابان، وألمانيا بنحو 37 %، ولا تقل النسبة كثيرا في كل من بريطانيا وإيطاليا التي وصلت نسبة الانخفاض فيهما إلى 32 %.

وفي دول الخليج فإن السعودية صاحبة أكبر اقتصاد خليجي وصل مؤشر سوق الأسهم إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من خمس سنوات عند مستويات 5639 نقطة في 12/10/2008 رغم ارتفاع حجم السيولة إلى أكثر من سبعة مليارات ريال، وما ينطبق على السعودية ينطبق على بقية دول المنطقة، وبرزت إلى الساحة عديد من الأسئلة: هل نحن بمنأى عن الأزمة المالية العالمية؟

ولكن لماذا تؤثر الأخبار الاقتصادية العالمية بشكل مباشر على أسواق المنطقة رغم أن أسواقنا غير مرتبطة ارتباطا مباشرا بالأسواق العالمية؟

وعادة ما تدفع الأزمة من تدافع المستثمرين الأجانب إلى الخروج من الدول التي يستثمرون فيها أموالهم لتغطية مراكزهم، وهو ما يضع مزيدا من الضغوط على النمو في الدول النامية، وأكبر نسبة استثمار أجنبي هي في دبي، ولكن لماذا كانت الانهيارات شاملة في جميع أسواق المنطقة ؟

رغم أن نسبة المتداولين الأفراد في السعودية تصل إلى 92 %، إلا أن منهم أفراداً يمتلكون نسبا عالية من الأسهم وهم يسمون بصناع السوق الذين لهم اليد في عمليات البيع المكثفة ولسحب سيولتهم لتغطية مراكزهم في الأسواق العالمية أو الاستثمار في أسهم عالمية مغرية جدا مثل أسهم "تشيبيك انرجي" الشركة المنتجة للغاز الطبيعي التي انخفض سعرها من 63 دولاراً إلى 11.99 دولار يوم الجمعة10-10-2008، وهذا الوضع يعزز عمليات المضاربة الحميمة والقوية لتحقيق أرباح سريعة.


ويرجع بعضهم أسباب الانهيارات خصوصا في السوق السعودي إلى تواضع دور المستثمر المؤسسي في السوق المالية السعودية، ولكن أيضا الاستثمار المؤسسي في حاجة إلى حوكمة له ولشركات الوساطة ومكاتب الاستشارات المالية كي تضمن الحد من تلاعبها بالسوق كي لا تقتنص لحظة التصيد مثلما يحدث الآن في استغلال شركات الوساطة الاضطراب الحالي في عالم المال والتي وجدت فرصة عمل كبيرة لها لاقتناص العمل من المنافسين المتعثرين، وهو ما جعل العديد من الشركات تعيد التفكير بعلاقاتها مع وسطاء الشركات والمستشارين الماليين وبسبب الآلام الاقتصادية للعديد من وسطاء الأسهم من الحجم الصغير والمتوسط تفرض عليهم إرسال زبائنهم بحثا عن مساعدة إضافية.

أي أن المعركة لخطف الزبائن ضارية تحديدا بين الوسطاء الذين يخدمون الشركات الصغيرة والمتوسطة من حيث رأس المال لأنها تدفع لهم الأتعاب، بينما الشركات الكبرى تكتفي شركات الوساطة بنصيبها من الصفقات الكبرى، وهو ما جعل الشركات الكبرى تبحث عن وسيط ثان للحصول على مستثمرين محتملين باعتبار أن الشركة الوسيطة مصدر للمعلومات بشأن السوق وهو عامل مغفل ومهمل في السوق السعودي حتى الآن.

وتعتبر دبي من بين أكثر دول الخليج التي يسعى فيها بعض المستثمرين إلى ضرب مستويات المساندة من خلال المراهنة على هبوط أسعار بعض الشركات الرئيسية، وهو ما أسهم في تعميق الهبوط مثل مراهنة صناديق التحوط على هبوط أسهم الشركات الكبيرة التي تهيمن على مؤشرات البورصات المحلية مثل شركة إعمار في دبي وشركة الدار في أبوظبي وشركة صناعات قطر ويمكن لهذه الشركات المدعومة من الحكومة أن تؤثر في المزاج العام في أسواق الخليج التي يهيمن عليها مستثمرو التجزئة.


وبسبب أن الأنظمة المالية في الخليج تحظر التعامل بالمراهنات على هبوط أسعار الأسهم فإن المستثمرين يقومون بالمراهنة من خلال حسابات الافشور مع البنوك الدولية الكبيرة التي تمتلك مجاميع كبيرة من الأسهم تكفي لإقراض الأسهم لمن يريد المراهنة عليها، ويقدر بعضهم أن 40 %من التعاملات في أسهم شركات الخليج التي تتم عبر شركات الوساطة المالية الدولية إنما تتم على شكل المراهنة على هبوط أسعار الأسهم، وهو ما شكل صدمة للمستثمرين والشركات في منطقة الخليج لأنهم ليسوا معتادين هذا الأسلوب في التعامل.

ووفقا لمحللين ماليين فإن سوق الكويت هي أفضل سوق خليجية تواجه تداعيات الأزمة المالية، حيث أظهرت دفاعات قوية مكنتها من تسجيل أقل نسب هبوط بين أسواق الخليج، وأرجعوا السبب إلى تدخل الحكومة ومصرفها المركزي من خلال حث هيئة الاستثمار في السوق من خلال صناديقها الاستثمارية، إضافة إلى قيام عدد من الشركات المدرجة بإعادة شراء أسهمها بعد أن وصلت إلى مستويات مغرية.
واتخذت السعودية أيضا قرارين مزدوجين بعد أن عمدت إلى خفض فائدة إعادة الشراء (الريبو) نصف نقطة مئوية من 5.5 إلى 5%، وخفضت من الاحتياطي الإلزامي على البنوك من 13 % (الذي رفعته من 7 % خلال 4 مرات لمعالجة التضخم وامتصاص السيولة الفائضة من السوق) إلى 10%.

وكانت البنوك في السابق نتيجة إبقاء فائدة (الريبو) فترة طويلة من الزمن عند 5.5 %، وهو ما دفع البنوك نحو التنافس على ودائع الأفراد متوسطة الأجل لترتفع أسعارها بشكل سريع، وهو ما أعطى انطباعا بأن هناك نقصا في السيولة.

كما سجلت المطالبات المصرفية للقطاع الخاص في آب (أغسطس) 2008 وفق بيانات صدرت عن مؤسسة النقد العربي السعودي في 6-10-2008 أدنى زيادة شهرية لها في 12 شهرا على الأقل وارتفعت بنسبة 1 %، وهو ما يقل عن نصف نمو المتوسط الشهري في الشهور السبعة حتى تموز (يوليو) 2008 وهو ما فسره المراقبون على أنه إشارة إلى ارتفاع تكلفة التمويل في السوق السعودية ويحول الناس الودائع تحت الطلب إلى ودائع لأجل والمدخرات للاستفادة من الأسعار الأعلى، وأن سعر الفائدة بين المصاريف منذ الصيف مرتفع وزادت لأكثر من المثلين منذ أوائل مايو/أيار 2008.

فالأدوات التي استخدمتها مؤسسة النقد سيكون لها دور مهم في تدوير عجلة الاقتصاد والتي تعزز أساسيات سوق الأسهم، ودور هيئة سوق المال من أجل رفع كفاءة سوق المال ودعمه بالمتعاملين الذين يمتلكون مهنية عالية في التعامل.

*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية

إنتعاش
27-10-2008, 11:23 PM
الـحــل الإســلامــي الإســتــعـــجـــالـــي


http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/10/13/1_855703_1_34.jpg


ليس هذا نصا فكريا خالصا ولا أدبيا، ولكنه مساهمة ونداء، تستدعي العقل والقلب على السواء.. مساهمة من أجل الخروج من المأزق، ونداء إلى أصحاب الاختصاص ورؤساء البنوك المركزية العالمية وإلى أصحاب القرار السياسي والاقتصادي في أوروبا وأميركا خاصة.

إن الأزمة المالية الحالية تتجاوز منطق المعالجة الظرفية والنسبية، تتجاوز منطق التباطؤ والانتظار والمراهنة على عامل الوقت، تتجاوز منطق الترقيع والترميم، ولكنها أعمق وأشد، ولم يخطئ بعضهم في تشبيهها بأزمة 1929 أو أشد كما يراها رئيس الخزانة الأميركية، رغم بعض الاختلاف الجوهري.


وهي تلامس ولا شك منزلة الأزمة الحضارية لما لها من عمق ثقافي وتشكل عقلية وبناء ثقافة وسلوك، تواصل لأكثر من قرنين من الزمن، حيث بنيت هذه الحضارة على منطق بسيط في أسلوبه معقد في تنزيلاته، وهي حضارة المال المطلق واليد الخفية المسيرة لقوانين السوق كما أعلنها بداية آدم سميث، وتواصلت بعده بتقنيات ووسائل يقارب بعضها ألعاب الكازينو ومراهنات سباقات الخيل, وهذا يستدعي ولا شك إجابة حضارية لإشكال حضاري، وهذا ليس شأن هذه الورقة البسيطة ولعلنا نعود إليها في ورقات أخرى.

إن الأمر اليوم جلل، ولا نبالغ ولا ندخل الذعر في القلوب والهلع في السلوك، لأننا نؤمن أن الأمر لا يزال تحت المراقبة ولم ينفلت ولكنه يتطلب الإسراع والحزم والجرأة.

إن مصير العالم أضحى على كف عفريت، وإن تدهور الأزمة نحو منازل أشد وقعا وألما، لتضرب الصغار والكبار على السواء، لا يزال قائما وبشدة.

وهي أزمة مؤهلة لتركيع بلدان كثيرة نامية وتدحرجها نحو المجهول، ولعل في شبه إعلان بلد أوروبي ولو كان صغيرا مثل آيسلندا لإمكانية إفلاسه، تعبير لعمق الأزمة وتمكنها ككرة الثلج المتدحرجة والمتضخمة لحظة بعد لحظة.

وليست البلدان الفقيرة أو في طريق النمو بمنأى عن هذه الأزمة، بل نرى أن عامل الوقت لن يستبعدها إلا لحين، والأمر سوف يكون أكثر ألما، لما تعيشه هذه البلدان من تبعية ضاغطة وترهل اقتصادي، ولعل وقع الأزمة سوف يكون عليها أشد، لتلازم الأزمة المالية والغذائية مع أزمة الطاقة.

فلم تمر أشهر على أزمة غذائية خانقة أخرجت الجماهير إلى الشارع وزعزعت استقرار هذه الدول، ومع بروز أزمة الطاقة وارتفاع سعر البترول واختلال ميزانياتها، دخلت على الخط هذه الأزمة المالية الحادة وأربكت الإطار وفتحت آفاق هذه البلدان على المجهول.

هذه الصورة السوداء "للقرية الكونية" وهي تستفيق على طبول الانهيارت والإفلاس، تحمل في طياتها عنوانا استعجاليا قائما: ما العمل؟ وإننا من منطلق أن الأزمة اليوم وعمقها وتسارعها المذهل يتطلب صدمة قوية وخضة شديدة تتجاوز حتى المعقول وغير المقبول عند البعض، ولا تقف عند الحلول المعروفة والمطروحة من مثل خطة بولسون في إنقاذ البنوك وشراء الديون الفاسدة المتخلدة بذمتها، والتي تثبت الأيام نسبيتها وعدم تفاعل النظام المالي العالمي، والأميركي خاصة، تفاعلا إيجابيا معها، بل ازداد الذعر وتمكن الهلع والرعب من العقول والسلوكيات.

ونظرا لتواصل عدم الثقة المستشري عند المواطنين، مستهلكين كانوا أو منتجين، وخوفهم المتزايد من الغد المجهول، وعدم استئناسهم بكل ما يطرح من خطط للترقيع والترميم ولإعادة الثقة لديهم في نظامهم المصرفي.


فقد انتقلت الأزمة المصرفية في المخيال الشعبي من أزمة بورصة وأرقام رمزية إلى أزمة حقيقية تلاحقها صور الأزمات السابقة وخاصة أزمة 1929، وهذا المنحى إذا استفحل واستقر فإنه يزيد التمكن للانتقال الفعلي المبكر لهذه الأزمة، التي لا تزال تعيش في جدران البورصة، إلى منازل الاقتصاد الحقيقي الذي يضرب الإنتاج والاستهلاك ويدعم طوابير البطالة والفقر.

ونظرا لقلة السيولة الذي بدأ يتعاظم حيث أضحت البنوك المركزية تلامس أقصى مستويات تدخلها والذي من شأنه تدهور سريع وخطير للأزمة، حيث بقيت البنوك إلى حد اللحظة في خندق المواجهة لهذه الأخيرة بتوفير خيوط من السيولة النقدية التي تحتاجها الأسواق المالية في حالة الذعر المستشري وتهافت البنوك المفلسة.

وإذا كان دور البنوك المركزية مركزيا وأساسيا فإنه يحمل حدوده ولا يستطيع الوقوف أبديا إذا تواصلت ندرة السيولة، وهو ما عبر عنه أخيرا رئيس البنك المركزي الأوروبي باعترافه بهذه الإمكانية الخطيرة، خاصة أن الخوف من المستقبل غلب فطريا عبر تمسك المودعين بودائعهم وتعاظم نسب الادخار على حساب الاستهلاك والاستثمار، وسعي البعض ولو باحتشام إلى سحب ودائعهم، إلى جانب التحوط الغالب على المستثمرين الخارجين وانتكاسهم نحو مجالاتهم الخاصة وحتى القطرية.

إن ما قام به بنك أستراليا المركزي أخيرا من خفض هائل لسعر الفائدة وما تبعه من توافق جماعي بين البنوك المركزية لعدة بلدان في هذا المجال، هو اعتراف ضمني للبوابة الصحيحة لمعالجة فورية وسليمة، وإن كانت مقتضبة كما ذكرناه سابقا من أن الأزمة تتجاوز الحل المصرفي أو المالي، ولكن هذا المسلك لن يكون كافيا إلا إذا أصبح سعر الفائدة صفرا ولا يتوقف عند ملامسته، لأنه يقلب المعطى تماما ويطرح منهجا مغايرا في التعامل المصرفي والمالي، ويبني لسياسة مالية ونقدية مناقضة، ووسائل استثمار جديدة، ويؤسس لمعادلة مختلفة بين عنصري المال والعمل.

لهذا ننادي بهذا الحل الاستعجالي والسريع، والجرأة وعدم التردد، بالنزول الفوري لسعر الفائدة إلى مستوى الصفر، والدخول في علاقة مشاركة مع المنشآت القائمة في إطار الصيغ الإسلامية المعروفة، وحسب المنزلة والجدوى الاقتصادية والاجتماعية من اصطناع وجعالة وسلم ومضاربة ومشاركة.. وبناء نظام مصرفي عالمي جديد.

وعلى الأمة الإسلامية ممثلة في حكامها وبنوكها المركزية أن تكون سباقة في هذا الباب حتى يحسب لها أنها كانت المنقذة للنظام العالمي من الانهيار التام بتفعيل مرجعيتها المقدسة من أجل تثبيت نظام مصرفي جديد، أساسه المشاركة في الربح والخسارة ونبذ ثقافة الكازينو والربح العاجل على حساب كروب الآخرين ومآسيهم.


وعليها القيام بدعوة دولية لاجتماع عالمي في مستوى رؤساء الدول وتقديم ورقة أولية بمشروع نظام مصرفي عالمي جديد يستند إلى مرجعيتها ويوفر تقنيات ووسائل جديدة للإيداع والاستثمار، وعلى منظمة المؤتمر الإسلامي تبني هذا المقترح والسعي إلى تنزيله.

إن هذه الصدمة الاستعجالية بتنزيل سعر الفائدة إلى مستوى الصفر ستكون ترقيعا أوليا ولا شك، ولكنها تفتح الباب لمراجعة شاملة وجامعة للنظام العالمي المبني أساسا على كثير من صيغ الربح العاجل والآني والكبير، الحامل لكثير من الجور.

وعلى الإسلام والمسلمين المساهمة في بناء نظام عالمي جديد من منطلق إنساني بحت تمليه مرجعيتهم المقدسة الداعية إلى العدالة والأمن من أجل نظام عالمي عادل.

فهذه الخضة من شأنها إعادة طمأنة المستثمرين وأصحاب الشركات بتوفر المال وعدم انحساره عند الطلب، بعد سلسلة الإفلاسات وتلكؤ البنوك الباقية في التعاون فيما بينها وتوجس بعضها من بعض، أو مع المقترضين المستثمرين، فلا تنتقل الأزمة وتستقر في الاقتصاد الحقيقي بعد ضربها الاقتصاد الرمزي، وما يتبعها من مآس وأحزان داخل المجتمع.

إن هذه الصدمة الأولية لا تمثل إلا محطة فورية عاجلة في مسار تغييري أولي في مستوى الإطار المالي، يتبعه تدخل مباشر للدولة في القطاع البنكي أولا عبر تأميم فوري لبعضه أو كله حسب نسبية سلامته، وتأسيس مباشر لبنوك تابعة للدولة، وفتح الباب مجددا للخوصصة النسبية بعد مرور العاصفة وتركيز قوانين وضوابط صارمة للمتابعة والتمحيص والمراقبة، ثم لتدخل غير محتشم للدولة في أبعد من القطاع المصرفي، حيث تبين مدى تهور القول باستبعاد الدولة وترك السوق يرتع دون ضوابط حازمة وبين أيدي غير مسؤولة وهي نهاية واقعية وليست نظرية فحسب لما اصطلح على تسميته بالليبرالية المتوحشة.

ولقد دعونا منذ سنوات ونحن نراجع التجربة المصرفية الإسلامية إلى عدم تركها تماما للقطاع الخاص، ووجوب تدخل الدولة في القطاع المصرفي الإسلامي لتبني المنحى الاستثماري والتنموي الذي يعتمد خاصة على صيغ المضاربة والمشاركة والتي تقلص استعمالها لدى القطاع الخاص لصالح صيغ المرابحة.

إن المناداة اليوم بالإعلان الفوري عن نسبة فائدة في مستوى الصفر تؤكده جدوى التعامل المصرفي الخالي من الفائدة، وقد أثبتت التقارير الأخيرة تعاظم المد الإسلامي المصرفي عددا وربحا والخلاص النسبي للمصارف الإسلامية في الأزمة الحالية، كما أن الاستثمارات المرتكزة على قواعد إسلامية حققت أرباحا أعظم وبقيت أصولها غير مضطربة رغم حالة الغليان، وهو طريق بدأت أطراف معتبرة داخل المدرسة الرأسمالية تتنبه إليه تنظيرا وممارسة والدعوة إلى تجربته كحل معتبر في حل الأزمة.

فتنظيرا، نادى منذ أكثر من عقد الاقتصادي الفرنسي موريس آليه الحاصل على جائزة نوبل سنة 1988 بإصلاح شامل للمؤسسات النقدية والمالية والمبني أساسا على سحب منشأة النقود من مهامها وحصرها في الدولة، وتخفيض سعر الفائدة إلى حدود الصفر.

كما فاجأتنا الصحيفة الاقتصادية الفرنسية "ج د ف" في 25/09/2008 بمقال لمديرها ينادي فيه بتطبيق مبادئ الشريعة للخروج من الأزمة، حيث عرض لمبدأي عدم بيع ما لا تملك، وعدم المراهنة على مآسي الشركات ولكن مشاركتها نموها عبر الصيغ الإسلامية للاستثمار.

وهي نفس الحقيقة التي وصلت إليها الصحيفة الاقتصادية المعتبرة شالنج بتاريخ 11/09/2008 في افتتاحيتها أن لو كان أصحاب المصارف الساعون للربح قد احترموا الشريعة الإسلامية لم نصل إلى ما وصلنا إليه, حيث لا تنتج النقود النقود.. أما في باب الممارسة فلم يعد يخلو بنك غربي كبير من نافذة تتعامل حسب مقتضيات الشريعة الإسلامية.

هذه التعبيرات من باب شهد شاهد من أهلها، تؤكد أن ما ندعو إليه ليس قفزا على واقع ولا مثالية مزيفة ولكنه بديل معتبر، يمكن للعالم التماثل إلى الشفاء إذا خلص إليه فورا وبسرعة.

لكن لعل البعض يرى تبسيطا للأزمة التي تزداد يوما بعد يوم تعقيدا وسوءا، ولعل البعض يبقى باحثا عن سبب رئيسي جامع للأزمة تمثله دولة بعينها، الولايات المتحدة بتزعمها لنظام مصرفي كازينو، أو الصين بعملتها الرخيصة وعدم توازن عمليات الصرف.

ونحن لا نشك لحظة بأن هذه المقاربة وهذا النداء تعتمد الإجابة عليه على تداخل عناصر عدة تتموج بين السياسي والاقتصادي، بين ثقافات وشعوب، بين لوبيات ومصالح، كل ذلك وارد ولا نخفيه، غير أن اللحظة بمأزقها المتسارع وأزماتها الزاحفة لا تستوعب كل هذه المبررات لاستبعاد هذا الحل المنشود، وعامل الوقت لا يخدم الترهل أو الانتظار أو تغليب عامل المصلحة الذاتية أو المجموعاتية، فالمركب يحمل الجميع وإذا طاله ثقب في أحد أطرافه فإن الجميع مهددون بالغرق.

لن نغفل عما قدمته الرأسمالية للعالم من تقدم تكنولوجي واقتصادي، ولكن لا يجب أن ننسى ما اصطحبه من ويلات تمثلت في استعمار واستحواذ، ومن ترهل منظومة القيم وتهميش للبعد الأخلاقي في عديد السلوكيات الاجتماعية والاقتصادية، لن نبخس الناس أشياءهم ولكننا نعتبر أن الخلاص الرأسمالي حمل منذ انطلاقته عنصر نهايته، وهو هذه الهيمنة لعنصر المادة المتمثل في إطلاقية المال على حساب عوامل أخرى، فليس بالمال وحده يعيش الإنسان وليس بمبدأ "دعه يعمل دعه يربح" ولو على حساب الآخرين يمكن أن نبني القرية العالمية المنشودة.

إن نهاية التاريخ كما زعمها فوكوياما قد غيرت موعدها، ولم تكن نهاية المعسكر الاشتراكي إعلانا عن توطيد وهيمنة النموذج الرأسمالي، ولكنه مثل في الحقيقة إرهاصا لنهاية كل النماذج التي تحجّم دور الإنسان أو لا تجعل رفاهيته الروحية والمادية هدفا أصيلا وثابتا لها.

فالأزمة الحالية في بعدها الشامل هي أزمة حضارية بالأساس، ولعله كما ذكر رئيس البنك المركزي الأوروبي "لا يجب أن يوجد أي طابو لمعالجة الأزمة".

ومن هذا الباب ولجنا ومن هذا الباب ترى المرجعية الإسلامية طرح بديلها الفوري بإعلان الفائدة في مستوى الصفر، ثم النهائي والحضاري، الجامع لتوليفة الإنسان في بعده المادي والروحي، لإنقاذ العالم.

خالد الطراولي . .

إنتعاش
28-10-2008, 03:02 PM
أزمة مالية.. أم أزمة إدارة؟!


فهد بن عبد الله القاسم

المساهمات العقارية الألعوبة, انهيار شباط (فبراير) 2006, قضايا توظيف الأموال, الإرهاب, التضخم, شح الحديد والأسمنت, انقطاع المياه عن المدن والقرى, انقطاع الكهرباء بشكل متكرر, عدم قدرة الموانئ على استقبال السفن, وأخيرا انهيار النظام المصرفي العالمي والأسواق المحلية.

قائمة مختصرة لما أتذكره فقط من ضربات موجعة لاقتصادنا ولمجتمعنا وللمواطنين، كثير منها تحت الحزام، ومع الأسف عندما تحدث نشعر بغصة الانفصام بين المجتمع والمؤسسات الحكومية المسؤولة .

معظم المؤسسات الحكومية تشعر بمسؤوليتها فقط بعد توجيهات الملك أو مجلس الوزراء بالتوجه لحل المشكلة !! وكأني بأغلب المسؤولين بعد كل أزمة ينتظرون توجيه أولي الأمر, فإن لم يحدث توجيه فالمطلوب منهم التجاهل, أي مسؤولية هذه التي يتحملونها أو يعملون لأجلها؟!


على الرغم من العديد من الأزمات التي واجهتنا في العقدين الأخيرين تحديداً إلا أن ردود أفعالنا - إذا وجدت - فإنها مع الأسف تتسم بالبرود والبطء والعشوائية، على جميع المستويات، التحوط للأزمات ومعرفة المشكلة وتحليل المسببات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهتها والتأكد من عدم تكرارها ومعالجة آثارها .. إلخ، كلها مصطلحات موجودة في كل مكان إلا في أجندة المسؤولين.

لا أعرف ولم أسمع عن أي حالة تمت فيها محاسبة أي مسؤول عما يحدث في جهازه من تقصير أو أخطاء أو فساد, كما لا أعرف و لم أسمع أيضاً عن أي مسؤول تمت مكافأته نتيجة أداء جهازه المتميز.

استشراف المستقبل مصطلح مشتق من عصر الديناصورات، وأبعد من يكون عنه المسؤولون الحكوميون، ولا أعرف فيما أعرف أي جهة حكومية سبق أن أصدرت تصريحاً أو تقريراً يعطي توقعات مستقبلية أو احتمالات متوقعة الحدوث أو الاستعداد لأزمة قد تنشب فيما عدا جهود وزارة التخطيط بحكم عملها الذي يفرض عليها ذلك, فالتخطيط يكون للمستقبل وليس للماضي.

لما عصفت بنا تسونامي المالية وجدنا أنفسنا كمن يسبح في وسط شلال أو يطير في وسط عاصفة .. الشركات العالمية تعلن إفلاسها, والمصارف تهدد بإشهار الإفلاس والحكومة الأمريكية تترنح تحت ضغط الأسواق، والدولار الأمريكي أصابه الذهول .. كل ذلك يجري تحت سمع ونظر الجهات المسؤولة . . ولا أستثني أحدا .. ومع ذلك لم يظهر علينا مسؤول واحد يتحمل مسؤولية ما سيقول.


في آخر رمضان وصلت الأزمة ذروتها ورحمنا الله بالعيد .. فنسينا الأسواق لعدة ساعات .. استطعنا فيها التقاط الأنفاس .. ولم نر أحدا من المسؤولين وكذلك لم نسمع من أحد في حين كانت الصحف ووسائل الإعلام ملتهبة والتغذية السلبية في ذروتها، وقد قربت الفضائيات البعيد، والإنترنت جعل من العالم قرية صغيرة .. فما حدث في نيويورك على بعد آلاف الأميال حرك الأحجار والتراب والماء في العالم أجمع، لم يتحرك المسؤولون إلا بعد احتراق مالطة .. ومع الأسف لم تكن هناك رؤية للأزمة ولكنها اجتهادات متناثرة يميناً وشمالا لم تشف الغليل ولم تداو السقيم.

كنت أتوقع على الأقل منذ بداية الأزمة خلال شهر رمضان المبارك أن تصدر بعض التصريحات المطمئنة من المسؤولين .. كنت أتوقع اتخاذ إجراءات وقائية سريعة لطمأنة المواطنين ..

كنت أتوقع أن تعقد اجتماعات متوالية على المستويين المحلي والإقليمي لدراسة أثر الأزمة المالية في اقتصاداتنا المحلية .. وأخيرا وليس آخرا كنت أتوقع أن تشكل غرفة عمليات (من القطاعين العام والخاص وأولي الخبرة) مهمتها متابعة الأزمة وطمأنة المواطنين واستشراف الآثار المباشرة وغير المباشرة في اقتصاداتنا واتخاذ الإجراءات اللازمة لحمايتنا من الآثار التي من المتوقع أن تعصف بكثير .. وما زلت أنتظر تشكيل غرفة العمليات هذه قبل أن يدخل اقتصادنا العناية المركزة!

كم بيتا في المملكة توجد فيه طفاية حريق؟ كم شخصا يعرف كيف يشغل هذه الطفاية؟ كم بيتا من بيوتنا توجد فيه إسعافات أولية؟ كم مواطنا سعوديا مدربا على الإسعافات الأولية؟ كم شركة وإدارة حكومية لديها خطة إخلاء للطوارئ؟ كم من مستخدم لجهاز الحاسب الآلي لديه نسخة معلوماتية احتياطية؟ كم مواطنا ومقيما يحفظ أرقام هواتف المرور والحوادث والطوارئ والهلال الأحمر؟ كم .. وكم .. وكم .. أسئلة حائرة تتيه في كم كثير من القصور في ثقافة التحوط للأزمات فضلا عن خطط الطوارئ لمواجهتها، وإذا كانت هذه موجودة على مستوى الفرد فيجب ألا نتوقع أن يكون المجتمع والجهات الحكومية مختلفة عنها.


لدينا مشكلة إدارة في وقت الرخاء .. ولدينا مشكلة مماثلة في الظروف العادية .. فكيف بنا وقت الأزمات .. هل تلجأ الدولة إلى استحداث مجلس أعلى لإدارة الأزمات؟ أم تقوم باستحداث وزارة لهذا الغرض؟ أم نشكل لجنة مخصصة لتزويدنا بالخيارات والحلول وقت الأزمات؟ أم .. أم، حقيقة الأمر أننا لم ندرب أنفسنا كمواطنين ومسؤولين ومؤسسات على العمل والتصرف إبان الأزمات، والأسوأ من ذلك أننا لا نعلم أننا لا نعلم أو نتجاهل أننا لا نعلم, وهذه مصيبة، والمصيبة الكبرى ألا نتعلم من هذا الدرس الأليم.

إن الاستثمار الحقيقي الذي لن يتبخر مع أي أزمة أو مشكلة هو الاستثمار في الإنسان، وصنع الثقافة والبيئة الإيجابية المحيطة التي تجعل من كل مواطن سعودي مصدر إشعاع، ومصنع إبداع، وقيادة متحركة بتوجيه ذاتي. إذا بنينا الإنسان الملتزم المثقف الواعي المنضبط المجتهد القوي الأمين، فنحن نكون المجتمع القوي المتماسك، وبالتالي ستنتج الحضارة التي تحمي الأمة في الأزمات وفي سائر الأزمان.

قاعدة السلامة
إذا عملت واجتهدت وأخطأت فلن يرحمك المجتمع والإعلام والمسؤولون .. الأسوأ من ذلك أنك عندما لا تعمل شيئا فلن يحاسبك أحد.

*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية.

إنتعاش
28-10-2008, 03:03 PM
خسائرنا...وخسائرهم



فواز العلمي

الأسابيع الماضية كانت صدمة قاسية للاقتصاد العالمي. أقفلت خلالها أبواب البنوك وهوت فيها ثقة المحافظ الاستثمارية إلى الحضيض ومنيت مؤشرات أسواقها المالية بخسائر فادحة فاقت 10 تريليونات من الدولارات، تعادل 80% من إجمالي قيمة التجارة العالمية.

كانت أمريكا أكبر الخاسرين بحدود 3.4 تريليونات دولار، تبعتها أوروبا بخسائر فاقت 2.6 تريليون، ثم اليابان وروسيا وجنوب كوريا وآيسلندا والصين واليابان والهند.

تزامنت هذه الصدمة العالمية مع صدمتنا الإقليمية بصدور إحصاءات جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية حول ظاهرة هجرة العقول العربية، حيث أوضحت مساهمة الوطن العربي بنسبة 40% من هجرة الكفاءات في العالم، يشكل الأطباء منهم نسبة 50%، والمهندسون 23%، والمهن الأخرى 15%.


كما أكدت هذه الإحصاءات أن 54% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى أوطانهم، وأن الأطباء العرب في بريطانيا يشكلون حوالي 34% من مجموع الأطباء العاملين فيها، وأن ثلاث دول غنية هي أمريكا وكندا وبريطانيا تتصيد نحو 75% من المهاجرين العلماء والأطباء والمهندسين العرب.

وهذه الإحصائيات تتماشى مع ما جاء في تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في الوطن العربي الصادر في عام 2004، الذي أوضح أن أكثر من مليون عالم وخبير عربي من حملة الشهادات العليا أو الفنيين المهرة هاجروا إلى الغرب خلال نصف القرن الماضي، وأن 50% من الكفاءات العربية هاجرت ديارها منذ الحرب العالمية الثانية، معظمهم حاصل على شهاداته في التخصصات الحرجة والإستراتيجية مثل الجراحات الدقيقة والطب النووي والعلاج بالإشعاع والهندسة الإلكترونية والميكروإلكترونية والهندسة النووية وعلوم الليزر وتقنية الأنسجة والفيزياء النووية وعلوم الفضاء والميكروبيولوجيا والهندسة الوراثية.

وأشار التقرير إلى أن 60% ممن تلقوا تعليمهم في أمريكا و50% ممن درسوا في فرنسا خلال العقود الثلاثة الماضية لم يعودوا إلى بلادهم. ولا غرابة في ذلك حيث يتراوح عدد العلماء والباحثين في الدول المتقدمة بين 2-5 لكل ألف نسمة بينما لا يزيد في الدول النامية عن 1-3 لكل عشرة آلاف نسمة.

هذه القضية تناولها مركز بحوث الدول النامية بجامعة القاهرة في مؤتمر عقد مؤخراً شارك فيه العديد من الباحثين وخبراء الاقتصاد والاجتماع، حيث أقر المؤتمر بأن الخسائر الاجتماعية التي منيت بها البلدان العربية من جراء هجرة الأدمغة العربية وصلت إلى 11 مليار دولار في عقد السبعينيات وفاقت 200 مليار دولار مع بداية الألفية الثالثة، وأن الدول الغربية المتقدمة هي الرابح الأكبر من هجرة 450 ألفاً من العقول العربية.


وأوضحت وثائق المؤتمر أن هجرة العقول العربية تعتبر خسارة في مجال التعليم في جميع مراحله حيث إن البلاد العربية تعد من أكثر المناطق أميّةً في العالم، إذ يبلغ معدل الأميّة في الوطن العربي حالياً نحو 49%، ولا يزال هذا المعدل هو الأعلى في العالم مقارنة بمعدل 30% في الدول النامية و1.4% في الدول المتقدمة. وتدلّ هذه النسب على وجود أكثر من 70 مليون أمّي في الوطن العربي ليصبح هذا الرقم أحد أهم المعوقات الرئيسية أمام التنمية العربية في عصر تمثل فيه الكفاءات العلمية والتقنية والمعرفة المصدر الرئيسي للميزة النسبية وأساس التفوق والتنافس بين الأمم.

وأشارت نتائج المؤتمر إلى أن المخاطر البالغة الأثر لهجرة العقول العربية تسببت في الخسائر الناتجة عن هدر الأموال الطائلة على تعليم الطلبة الذين نالوا هذه الكفاءات المتقدمة. وخلصت الدراسات الناتجة عن المؤتمر إلى أن الحكومات العربية تتكلف في المتوسط 20.000 دولار سنوياً لتعليم كل طالب من طلابها في كافة المراحل التعليمية، حيث يتحمل الاقتصاد الوطني هذه الخسائر سواء أكان الطالب يدرس على حسابه الخاص أو على حساب حكومته.

كما أوضح المؤتمر أن هجرة العقول العربية تؤدي غالباً إلى توسيع الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، لأن هجرة الأدمغة إلى الدول المتقدمة تعطي هذه الدول فوائد كبيرة ذات مردود اقتصادي مباشر، بينما تشكل بالمقابل خسارة صافية وحرمان الدول الفقيرة من الاستفادة من إبداعات المهاجرين الفكرية والعلمية في مختلف المجالات.


لا توجد حلول سحرية للحد من نزيف العقول العربية، ولكن هنالك خطوات استراتيجية اتخذتها بعض الدول النامية مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة لتصبح مثلاً يحتذى به في العالم العربي. هذه الحلول لا تحتاج إلى إعادة اختراع العجلة وقد تتحقق بنجاح إذا اتخذت الدول العربية الخطوات الاستراتيجية التالية:

أولاً: رفع مستوى التعليم في العالم العربي بكافة مستوياته ومراحله ليتماشى مع المستويات المماثلة في الدول المتقدمة.
ثانياً: اقتطاع نسبة محددة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة عربية لا تقل عن 3% سنوياً لدعم مراكز الأبحاث العلمية وتوفير الحد الأدنى من الكوادر الفنية اللازمة للمشاركة في البحث والتطوير.

ثالثاً: تأمين الحوافز المادية السخية والدوافع المعنوية المجزية لأصحاب براءات الاختراع ومؤلفي الكتب والمراجع العلمية.

علينا تطبيق هذه الخطوات الاستراتيجية فوراً لوقف نزيف الفكر العربي الذي يتنافس مع نزيف المدخرات المالية العربية.

*نقلا عن صحيفة "الوطن" السعودية.

إنتعاش
28-10-2008, 03:10 PM
عوائد النفط بنت " طبقة شحم سميكة "
تحمي الاقتصادات الخليجية من الأزمة العالمية

http://www.arrouiah.com/files/imagecache/node_photo/files/rbimages/1216633077042101800.jpg


أكد جاسم السعدون الخبير الاقتصادي الخليجي المعروف رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية أن ارتفاع أسعار البترول ساهم فيما وصفه بـ "بناء طبقات من الشحم السميك" للقطاعين العام والخاص ستمكن من امتصاص صدمة الأزمة المالية العالمية.

( نبذة عن جاسم السعدون )
http://www.arrouiah.com/node/33029

وقدّر السعدون الذي استعانت به الحكومة الكويتية ضمن شخصيات اقتصادية مهمة على وضع الحلول للحد من تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد الكويتي في حوار مع "الاقتصادية" حجم الخسائر التي يمكن أن تتكبدها الاستثمارات العربية المهاجرة جراء تراجع الأسهم والعقارات في الأسواق الأمريكية والأوروبية بنحو 250 مليار دولار، محسوبا على أساس نسب تراجع مؤشرات داو جونز وقطاع العقار الأمريكي منذ بداية العام، وحتى إغلاق يوم 22 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري وإن أعتبرها تقديرات افتراضية غير مؤكدة.

وأكد السعدون الذي توقع حدوث أزمة سوق المناخ التي ضربت بورصة الكويت أوائل الثمانينيات أن قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات في الخليج ستكون الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة المالية، وسيكون التـأثير مزدوجا على القطاعين المالي والعقاري من خلال جني فوائد وتكبد مخاطر في الوقت ذاته.وفي يلي نص الحوار:


* هناك اعتقاد من قبل جهات معينة أن الخليج في مأمن من تداعيات الأزمة المالية العالمية .. هل هناك ما يسند هذا الاعتقاد؟

- ليس هناك إقليم أو بلد أو حتى إنسان في مأمن من تداعيات الأزمة إذا كان المقصود هو التداعيات المطلقة غير المحكومة بتعريف دقيق أو بمدى زمني محدد. وأظن أن معظم المقصود هو أن منطقة الخليج في مأمن نسبي من امتداد حريق إفلاسات القطاعات المالي على المدى الزمني القصير، أي ربع السنة إلى نصف السنة اللاحق لانفجار الأزمة. إذ أدت حالة التوسع الاقتصادي العالي في المنطقة خلال السنوات التي أعقبت حرب العراق (2003)، إلى الانتقال إلى حالة تفضيل شديد للأسواق الإقليمية على غيرها، بما جعل استثمارات أو معاملات القطاع المالي المحلي مع قطاعات الدول المصابة بالأزمة في حدودها الدنيا. كما عمل الارتفاع الكبير في أسعار النفط على بناء طبقات شحم سميكة في كل من القطاعين العام والخاص، تجعل امتصاص الصدمة أمرا ممكنا ومحتملا، وتجعل تلك الآثار في حدودها الدنيا.

أما إذا فشلت جهود الإنقاذ، أو بدأت تظهر انعكاساتها السلبية على الاقتصاد العالمي الحقيقي، فستنعكس حتماً بالسلب على كل الموازين الداخلية والخارجية لدولنا، وستنعكس سلباً على قيم استثمارات القطاعين العام والخاص في الخارج.


* الناس تتساءل إذا كانت بالفعل دول المنطقة لن تتأثر بحدة الأزمة فلماذا قامت الحكومات بإجراءات مثل ضخ السيولة المالية وتأمين الودائع؟

- المؤكد أن القطاعات المالية مليئة، والمؤكد أن الحكومات مليئة مالياً، لكن مع قطع خطوط الائتمان الخارجية عن الشركات والأفراد المحليين، ومع تصفية وسحب الأجانب مراكزهم المالية من الداخل، ومع انخفاض كل من أسعار وسيولة الأصول المحلية بسبب التداعيات النفسية لأزمة العالم، لا بد من تعويض السيولة من الملجأ الأخير وهي السلطات النقدية والمالية المحلية.



الخوف من تحول الهلع إلى انحدار شديد

* هل صحيح أن ما يحدث في أسواق المال الخليجية هو حالة نفسية، أم أن المستثمرين يخشون بالفعل من أن الشركات قد تكون خسرت في استثمارات خارجية وتخفي المعلومة عن المساهمين؟

- مرة أخرى، لا يبلغ الأثر الحقيقي لأزمة العالم حدود الأزمة في الإقليم، ولا بد أن هناك شركات لها استثمارات في الخارج وخسرت، ولكن أن يؤثر ذلك كثيراً في ملاءتها فهو أمر غير محتمل، ومع الانخفاض في مستوى أسعار أسهمها، ربما لن يؤثر في قراءة مؤشرات الربحية لها. ولكن إن سمح للهلع أن يأخذ مداه، فسيتحول المرض النفسي إلى مرض عضوي، فالهلع سيؤدي إلى انحدار شديد في مستوى أسعار الأصول يحول مراكز مالية مقترضة من مليئة إلى عاجزة، وذلك قطعاً لا يمنع حدوث حالة تستر وربما خسارة كبيرة لشركة أو شركتين، ولكن يفترض ألا تحدث لمؤسسات مالية كبيرة ومحترمة، ويفترض أن يكون ما يحدث إن أصاب مؤسسة متوسطة أو دون، في حدود المحتمل والمقبول.


* ألا تعتقد أن امتناع شركات وبنوك خليجية عن الإفصاح عن مقدار الخسائر التي تكبدتها في أسواق العقار الأمريكي سيجعل المجال مفتوحا لمزيد من عدم الثقة ومزيد من الخسائر في البورصات؟

- لا يجوز من حيث المبدأ امتناع أي شركة أو بنك عن الإفصاح عن خسائره، إذ لا يمكن حجب المعلومة عن المساهمين أو مدققي الحسابات أو الجهات الرقابية الأخرى، خصوصاً ونحن على نهاية الربع الأخير من السنة. وقد يتأخر الإفصاح لبعض الوقت إما نتيجة ضعف إدارة شركة ما، وإما نتيجة تسارع التطورات إلى الدرجة التي يصبح معها إفصاح الأسبوع الفائت، مجرد تاريخ.



خسائر مفترضة للاستثمارات المهاجرة

* ما تقديرك لحجم الخسائر التي خسرها المستثمرون العرب في أسواق المال الأمريكية، خصوصاً أن هنالك مَن يقدر هذه الاستثمارات بأكثر من ألفي مليار دولار؟

- حتى نهاية يوم عمل 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2008، خسر مؤشر داو جونز منذ بداية العام نحو 32.4 في المائة وإذا افترضنا أن المستثمر العربي مستثمر متوسط الكفاءة ويخسر بقدر خسارة المؤشرات، وأن العقار الأمريكي فقد نحو 20 في المائة من أسعاره، وأن نصف الاستثمارات العربية موظفة في أسهم وعقارات، وأن السوق الأمريكي ممثل جيد لأسواق الدول المتقدمة، يفترض أن يكون العرب قد خسروا من إعادة التقويم نحو 25 إلى 50 في المائة من استثماراتهم، أو ربما 250 مليار دولار. ولكن لا يفترض في القارئ أن يعتمد أيا من هذه الأرقام، فكمية الفرضيات كبيرة، وهامش الخطأ في المعلومات عن الثروات العربية المعلنة أرقامها كبير، ولكن الرسالة هي أننا لسنا بمأمن من خسائر عالية غير محققة.



* في رأيك ما الحلول المناسبة لنصل إلى مستوى معقول من الشفافية في القطاعات الاقتصادية الخليجية؟

- مستوى الشفافية مرتبط بالنظام العربي العام وهو نظام متخلف، ولا يعتمد على دافعي الضرائب بما يعنيه من تدفق مستمر في المعلومات عن الأفراد والمؤسسات وعن حصيلتها واستخداماتها، والتحسن النوعي الكبير في الشفافية مرتبط بالتحسن العام في أنظمة الحكم والإدارة. ولا بد من التأكيد أن هناك تفاوتا كبيرا في مستوى الشفافية لصالح القطاع الخاص، وضمنه لصالح الكيانات القانونية المتقدمة –الشركات المساهمة - مقارنة بالعائلية، وأكثر القطاعات شفافية هو القطاع المالي الخاضع لرقابة البنوك المركزية. وتطبيق معايير المحاسبة الدولية، وتفعيل مبادئ الثواب والعقاب من قبل الجمعيات العمومية وأجهزة الرقابة، وتحسين مستوى الموقع التفاوضي لمدققي الحسابات الخارجيين والداخليين، لا بد أن يحسن من المستوى العام للشفافية، وأحياناً تعمل الأزمات الكبرى على تسريع خطوات الإصلاح.



البتروكيماويات الأكثر تضررا


* البعض يعتبر أن تأثيرات الأزمة على القطاعات الاقتصادية الخليجية ستكون متفاوتة كثيراً، في رأيك أي هذه القطاعات سيتأثر بقوة من تداعيات الأزمة؟

- رغم أن الأزمة لم تأخذ مداها بعد، إلا أن تفاوت التأثير في مختلف القطاعات، وحتى بين دولة خليجية وأخرى سيكون كبيرا، فقطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات ستعاني بشكل أكبر، وسيكون التأثير مزدوجا على القطاعين المالي والعقاري، فمن جانب ستكون المؤسسات المالية الإقليمية في وضع نسبي أفضل بما يمكن أن يجذب الأموال إليها، ولكنها ستعاني عند توظيفها تدني مستوى النشاط الاقتصادي وتدني نمو أسعار استثماراتها. بينما سيستفيد قطاع العقار من انخفاض تكاليف الإنشاء بسبب انخفاض أسعار المواد الأولية وتكاليف العمالة والإدارة، وسوف ينخفض الطلب على وحداته من جانب آخر، بما يضغط على مستوى أسعار العقار إلى أدنى. وسيستفيد قطاع التجزئة بشكل عام بما يخفف الضغوط على ارتفاع تكاليف المعيشة لمعظم الناس بسبب هبوط واستمرار هبوط تكاليف الغذاء والكساء والسكن.



* شهد قطاع التمويل الإسلامي في الخليج نمواً كبيراً في السنوات الماضية، وهنالك مَن يرى أن هذا القطاع سيكون عاجزا عن توفير الإمداد اللازم لعمليات الإقراض، حتى في ظل ضخ الحكومات السيولة في البنوك، كيف ترى تأثر هذا القطاع بالأزمة؟

- لا يمكن الفصل بين مكاسب أو مصاعب التمويل، تقليدياً كان أو إسلامياً، والنمو على نوع من المعاملات الإسلامية، إنما هو جزء من نمو الطلب الكلي على التمويل بانحياز أيديولوجي. وعليه فإن الصعوبات التي ستطول سيولة التمويل الإسلامي هي نفسها التي ستصيب التقليدي، والعكس صحيح. على أن القلق في غير محله، فوفرة السيولة لأي من القطاعين ستوازنها تكلفة التمويل من جانب، وشح السيولة سيوازنه انحسار النشاط الاقتصادي، وبالتبعية انحسار الطلب على التمويل من جانب آخر.


غياب التنسيق الخليجي


* هل تعتقد أن استقلال السياسات النقدية في دول الخليج على المحك الآن، وهل سنشهد في المستقبل تدخلا من جهات على حساب البنوك المركزية في رسم هذه السياسات؟

- ربما ما سيحدث هو العكس، فالفكر الاقتصادي الذي ساد العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي Deregulation أضعف دور كل أجهزة الرقابة بما فيها البنوك المركزية، بدعوى أن "اليد الخفية" وحرية القطاع الخاص وآلية التوازن التلقائية لجانبي العرض والطلب، تحتاج إلى أقل قدر من التدخل. وفي السنوات الخمس المقبلة، سنرى فكرا اقتصاديا مختلفا أقرب إلى المدارس التي سادت بعد الكساد القديم في ثلاثينيات القرن السابق، بعد أن تولى روزفلت رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك، من المتوقع أن يقوى دور المؤسسات النقدية على مستوى العالم مثل صندوق النقد الدولي، والبنوك المركزية الإقليمية والقطرية، وهذا ما سيحدث في إقليم الخليج.



* ألا تعتقد أن هنالك غياب عملا جماعيا خليجيا لمواجهة تداعيات الأزمة على دول مجلس التعاون؟

- نعم، هناك غياب كامل للعمل الجماعي، فنحن لم نسمع عن اجتماع لبنوك دول الخليج المركزية، ولم نسمع عن دعوة لاجتماع إدارات بورصاتها، ولم نسمع عن أي اجتماع تنسيقي أو تشاوري من أي نوع، بينما صنفت الأزمة أنها الأعنف منذ 80 سنة. الواقع أن إجراءات المواجهة المنفردة أدت إلى إحراج بعضها، فضمان الودائع في إحداها – الإمارات - اضطر السعودية إلى إعلان مماثل خوفاً من تسرب الودائع خارجها، ووضع الدول الأخرى تحت احتمال إجراء غير ضروري وضار مثل ضمان الودائع، ولكنها ستقوم به لو تعرضت مصارفها لتسرب سيولتها. بينما رأينا حركة دائبة على مستوى العالم، شملت لقاءات وزراء مالية وأعقبتها اجتماعات قمة للتنسيق ليس فقط لإطفاء الحريق، ولكن لوضع لبنات النظام المالي الجديد، أو تجديد "بريتون وودز" أو نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية.



* كيف يمكن لمؤسسات العمل الخليجي المشترك أن تؤسس لخيارات عملية جماعية لمواجهة مثل هذه الأزمات خصوصاً بعد الدخول الفعلي في السوق الخليجية المشتركة؟

- معظم ما سيحدث، سيحدث على مستوى العالم وينتقل إلينا، أولاً لأن العالم الآخر واع بما يكفي لكي يأخذ المبادرة، وثانياً لأن مجلس التعاون الخليج "لقد أسمعت لو ناديت حياً". وأشعر بالألم وأنا أذكر بأن التعاون الخليجي لا يختلف ما قبل المجلس عما بعده، ولن يختلف الوضع كثيراً بعد إقرار مشروع السوق المشتركة. وتبقى مساحة التعاون واسعة جداً، ولا نحتاج إلى سرد نظري لتسمية مجالاتها، ويكفي النظر إلى التجربة الأوروبية أو تجربة أمريكا الشمالية أو دول آسيا الباسيفيك، وتقليدها، ولا عيب في ذلك.

* البعض يرى أن الفشل في التوصل إلى سياسات مشتركة في مثل هذه المرحلة يعني أن السوق المشتركة لن تنجح بالقدر الذي كان يعول عليه الكثيرون؟

- نعم لم ولن تنجح ما لم نؤمن بأن كتابة بند باتفاق بيننا هو أمر مقدس يحتاج إلى قتال القيادات من أجل تحقيقه أو محاسبتهم بشدة على الفشل.



التعافي ممكن وأسواق الأسهم "مشروع أزمة"


* إذا استمرت الأزمة المالية العالمية وأدت لحدوث الركود الاقتصادي، كما توقع البنك الدولي، فما مستقبل خطط التنمية في المنطقة، خصوصاً في ظل توقع المزيد من هبوط أسعار الطاقة؟

- يبدو أن الاقتصاد العالمي سيراوح ما بين تباطؤ اقتصادي - نمو ضعيف - للاقتصادات الناشئة، وركود اقتصادي - نمو سالب - لاقتصادات الدول المتقدمة. وإذا صدقت التنبؤات الأكثر قبولاً، ستستمر هذه الحالة حتى نهاية النصف الأول من عام 2009، وأعتقد أن سوء الأمور إلى هذا المستوى في حدود المقبول والمحتمل مع أزمة بهذا المستوى، والتعافي ممكن بسبب سرعة التصرف وكفاءة التنسيق على مستوى العالم. وأظن أن السؤال كبير حول الأثر الذي يتركه هذا السيناريو على خطط التنمية في دول المنطقة، لأنني لا أعتقد أن هناك خطط تنمية يثير تعطلها الكثير من القلق. ما سيحدث هو أن التوسع الاقتصادي العشوائي في معظمه سينحسر مع انحسار دخل دول المنطقة من النفط ومن استثماراتها الخارجية. ولكن، من جانب آخر سوف تهدأ سخونة هذه الاقتصادات وتهبط الضغوط التضخمية فيها بما يساعد على وقف تدهور تنافسيتها.




يتبع

إنتعاش
28-10-2008, 03:12 PM
* أسواق الأسهم في الخليج ظلت سنوات بعيدة تماما عن كل ما يجري في البورصات الخارجية إلى أن سمحت غالبيتها للاستثمار الأجنبي بالتعامل المباشر على شركاتها .. ألا ترى أن ذلك كان قرارا سليما في ضوء الهبوط الحاد الذي تسجله الأسواق بسبب ارتباطها بالأسواق الخارجية؟ وكيف نحد من الأثر السلبي للأموال الساخنة التي تدخل للمضاربة؟

- أسواق الأسهم في دول الخليج كانت وما زالت مشروع أزمة، ذلك كان يحدث في الكويت ومعها بعض دول الخليج قبل أزمة المناخ ومعها وبعدها، فالأصل في تلك الأسواق هو التكسب من التداول وليس الانتفاع من تنوع الاستثمار ومداه. وارتفاع أسعار الأصول المالية ومعها العقارية يأتي في الغالب الأعم عندما ترتفع مستويات السيولة في تلك الاقتصادات مقابل ندرة فرص الاستثمار وسيطرة القطاع العام على الرئيسي منها. لذلك إلى جانب غياب الحاجة في ظروف الوفرة لتدفق الأموال الساخنة إلى بورصاتها، يعجل انسحاب تلك الأموال عند أول بوادر أزمة إلى تعميق تلك الأزمة. لذلك لا بد من مزاوجة الاستثمار الأجنبي المباشر طويل الأمد مع الاستثمار غير المباشر، أما الاستثمار غير المباشر وحده، فمن المحبب فرض ضريبة على أرباحه للحد من ضرره ومضارباته عندما تكون الأسواق المحلية متخمة بالسيولة.



عدم التدخل المباشر .. قرار سليم


* كيف تقيم معالجة الحكومات والمصارف لتداعيات الأزمة المالية على الأسواق الخليجية؟ هل قرارات خفض الفائدة وضمان ودائع البنوك كاف للحد من التداعيات؟

- الأصل في التعامل مع الأزمة هو عدم التدخل المباشر لدعم الأسعار أو دعم الأفراد، لأن قرار الاستثمار في تلك الأسواق قرار خاص، والأسعار شأن خاص بالمتعاملين، ويحسب لحكومات المنطقة التزامها شبه الكامل بعدم التدخل المباشر. أما التدخل غير المباشر إما بتغيير هدف السياسة النقدية من محاربة التضخم - رفع أسعار الفائدة - إلى توسيعه لمواجهة شح السيولة، أو التدخل بتوفير السيولة بعد أن قطعت خطوط الائتمان الخارجية بسبب أزمة استثنائية لم تحدث في العالم منذ 80 سنة، فهو إجراء صحيح. يبقى ضمان الودائع وهو أمر تقرره البنوك المركزية إذا رأت أن حالة الهلع ستحول الوهم إلى مرض عضوي يؤدي إلى خلق تراكض على سحب الأموال من البنوك، فهو أيضاً إجراء صحيح إذا كان التشخيص صحيحا، وإن كنت أتمنى لو تم بالتنسيق بين البنوك المركزية في المنطقة، كما فعلت أوروبا بعد ما ارتكبت بعض دولها بعض الأخطاء.


* كثيرون طالبوا بتدخل الصناديق الخليجية السيادية بالشراء والاستثمار في الأسهم الخليجية لحماية الأسواق بدلا من إنقاذ الشركات الأجنبية .. هل ترى ذلك حلا سليما؟

- لا أرى ذلك حلاً مناسباً، فالصناديق السيادية تملك الحق دائماً في الشراء على أسس استثمارية بحتة، ويمكنها التدخل دون إذن إذا أقنعت إداراتها بأنها تشتري أسهما رخيصة. أما ما عدا ذلك فلم تنجح حالة واحدة في العالم في دعم أسعار الأسهم، ولا تسمح أحجام الأسواق الحالية بالدعم، وسوف تؤدي ظلماً إلى استنزاف هذه الصناديق.


العملة الخليجية لن تكون في موعدها

* من المقرر إعلان العملة الخليجية الموحدة 2010 ...هل تعتقد أن دول الخليج ستكون على الموعد مع التطورات الاقتصادية الحالية في العالم؟

- لا معنى كبيرا لاتفاقات دول الخليج العربي، ولا شعور حقيقيا بجدوى ما تنفق عليه، ولا باحترام وعودها وتوقيعاتها، لذلك بعد إعلان عُمان انسحابها، وانسحاب الكويت من ربط عملتها بالدولار الأمريكي أسوة بالآخرين، وهو شرط أولي لمشروع العملة الموحدة، أتوقع أن تنتظر هذه الدول إلى حلول عام 2010 لتعلن موعدا آخر لن يحترم أيضاً، علماً بأنني من المتحمسين لمشروع توحيد العملة بين دول الخليج العربي.

* بدأت أسعار النفط في التراجع، هل تتوقع تأثر الموازنات الخليجية لعام 2009 بانخفاض أسعار النفط، خصوصا إذا ما هبطت دون 60 دولارا للبرميل؟

- ستتأثر موازنات الخليج قطعاً وبشكل كبير بهبوط أسعار النفط، ولكن التأثير لن يظهر قبل أن تستهلك هذه الدول الكثير من الشحم الذي بنته في سنوات الفائض. فمن المتوقع أن تعكس الموازنات أول عجز وإن بدرجات متفاوتة بدءاً من عام 2009، ولكن مستوى الوعي بخطورته هابط، لذلك لن يكون رد فعل الحكومات بمستوى خطورة هذا المؤشر.


هذه هي مشورتي للخروج من الأزمة


* أنت من الذين تم أخذ آرائهم من قبل الحكومة الكويتية بعد ظهور أزمة الاقتصاد العالمي .. ما المشورة التي قدمتها؟

- أنا أحد مَن حضروا اجتماعات اللجان الحكومية التي تناقش مواجهة الأزمة، وبحكم الاختصاص كنت في حوار متصل مع أفراد مسؤولين وغيرهم ومؤسسات رقابية وأخرى متضررة من الأزمة. وكان التدخل والحوار محاولة أولاً لفهم الأزمة العالمية الكبيرة والجديدة وأثرها المحتمل في الكويت، لذلك كان معظم ما دار ويدور يكمل بعضه بعضاً مع تطورات الأزمة. والثوابت المؤكدة والمتفق عليها كانت أنها أزمة استثنائية لا تمر في حياة إنسان أو بلد سوى مرة واحدة كل جيلين على أقل تقدير، وأن الأزمات الفريدة تحتاج إلى تفاعل استثنائي لمواجهتها حتى بالخروج عن العلاجات التقليدية. وأن معظم المشكلة في المدى القصير نفسي، ولا بد من الحذر الشديد في التصريح. كما أن التدخل لدعم أسعار السلع أو الأفراد مرفوض وحدوثه لن يؤدي سوى إلى زيادة التكلفة وتعميق المشكلة. كما أن الوقت قد حان لانتقال السياسة النقدية من دفاعية إلى هجومية.
وبغض النظر عن أخطاء وخطايا بعض الشركات أو المديرين، لا بد من إطفاء الحريق أولاً قبل الدخول في عملية الحساب والمحاسبة، وتوفير السيولة لحماية بعض وحدات القطاع المالي إجراء صحيح في هذا الاتجاه.

إنتعاش
25-11-2008, 09:28 AM
الأزمة المالية وإيرادات دول "أوبك"


د. أنس بن فيصل الحجي

في أواخر التسعينيات، عندما كانت أسعار النفط منخفضة جدا كانت إيرادات "أوبك" من صادرات النفط أقل من 3% من الناتج المحلي الأمريكي. عندما ارتفعت أسعار النفط لم تتغير الصورة كثيرا، مع أن عدد دول "أوبك" ازداد من 11 إلى 13، كما ارتفع إنتاج أغلب الدول الأعضاء: إذا استمرت أسعار النفط بمعدل 100 دولار يوميا ولمدة سنة كاملة، وقامت "أوبك" بإنتاج 32 مليون برميل يوميا (إنتاج "أوبك" في أيلول (سبتمبر) الماضي كان 32.16 مليون برميل، ولكنه انخفض إلى ما دون 30 مليون برميل في الفترة الأخيرة)، فإن عائدات دول "أوبك" تبلغ نحو 8% من الناتج المحلي الأمريكي.

لو دققنا أكثر لوجدنا أن عائدات "أوبك" بناء على الفروض السابقة أكبر قليلا من إيرادات أكبر شركتين أمريكيتين إكسون موبيل وول مارت. ولو دققنا أكثر لوجدنا أن ثروة شخص أمريكي واحد تساوي الناتج المحلي لبعض دول "أوبك".


ثم جاءت الأزمة المالية، فتدهورت قيمة الشركات، وتدهور معها الناتج المحلي الأمريكي، ولكنها خفضت أيضا أسعار النفط، الأمر الذي جعل النسب القديمة نفسها تقريبا.

باختصار, عوائد النفط ما زالت صغيرة حتى بالعرف العالمي، ولا يمكنها وحدها أن تحل أزمة السيولة العالمية، خاصة أن 700 مليار التي قررت الحكومة الأمريكية استخدامها لإنقاذ البنوك تكون أكبر من عائدات "أوبك" كلها في العام المقبل إذا استمرت أسعار النفط في مستوياتها الحالية.

تطالعنا بعض الصحف من وقت إلى آخر بملخص عن تقرير "حكومي أمريكي" عن إيرادات "أوبك" الشهرية بعناوين رنانة، دون تمحيص أو تعليق من الخبراء، كما يقتضي العرف الصحافي. ولو كان لدى إعلاميينا "ثقافة نفطية" لتمكنوا من حساب إيرادات أوبك حتى قبل أن تنشر في "تقرير حكومي أمريكي"، ولو كان لديهم ثقافة نفطية لما وصفوه بـ "الحكومي" لأنه لا علاقة له بالحكومة الأمريكية.

التقرير تصدره إدارة معلومات الطاقة، وهي هيئة مستقلة تماما، تتبع إداريا وزارة الطاقة الأمريكية. هذه "الاستقلالية" تنفي كون التقرير "حكومياً". مهمة إدارة معلومات الطاقة، حسب القانون الأمريكي، أن تقدم معلومات مستقلة مجانية للجميع، لذلك فإن الحصول على التقرير لا يعد "خاصاً" بوسيلة إعلامية معينة، ولا يعد سبقا صحافيا. المهم في الأمر أنه ليس هناك أي قيمة علمية لهذا التقرير، الأمر الذي أدى إلى إيقافه كلما عانت الإدارة من ضائقة مالية.

قد يظن البعض أن هناك خبراء يقومون بإعداد هذه التقارير، ولكن الحقيقة غير ذلك، حيث إن من يقوم بإعدادها هم شباب في مقتبل العمر تخرجوا حديثا مهمتهم إدخال المعلومات في برنامج "إكسل" ثم شرح هذه المعلومات كما هي. هذا يعني أن خبرة من يكتب هذا التقرير لا تتجاوز كثيرا خبرة الإعلامي الذي ترجم التقرير.


أما كيفية الحساب فهي بسيطة للغاية وغير علمية على الإطلاق، حيث يقوم الموظف بطرح الاستهلاك المحلي من الإنتاج، ثم يضرب الفرق بمتوسط أسعار نفوط البلد. هذه هي الإيرادات حسب "تقرير حكومي أمريكي"! المشكلة أن بيانات الاستهلاك الحالية غير معروفة حتى للبلد الذي يحسبون إيراداته، فكيف يحسبونها؟

بما أن لديهم بيانات الاستهلاك القديمة، فإنهم يحسبون معدل النمو فيها، ثم يحسبون البيانات الجديدة بناء عليها، أو بناء على ما يصدر في "الصحف" (لاحظوا الدائرة المفرغة هنا)! بغض النظر عن الأخطاء الكبيرة في طريقة الحساب، إلا أنه يمكن لأي شخص في أي مكان أن يقوم بهذه التقديرات. هذا يعني أنه ليس هناك أي خاصية لهذه التقديرات كونها "حكومية" أو "أمريكية".

تقدم هذه التقديرات التي تترجمها بعض وسائل الإعلام العربية تقديرات اسمية وحقيقية لإيرادات النفط. الغريب في الأمر أن الإيرادات الحقيقية لدول "أوبك" محسوبة بناء على معدلات التضخم في الولايات المتحدة، بدلا من أن تكون محسوبة بناء على معدلات التضخم في دول "أوبك"!

1. ما يهم مواطني الدول المصدرة للنفط ليس إيرادات النفط كما تنقلها وسائل الإعلام العربية عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. ما يهمهم هو القوة الشرائية لصافي عائدات النفط.

2. يقصد بالقوة الشرائية ما يمكن استيراده من سلع وخدمات مقابل كل برميل مصدر من النفط. هذا يعني أنه يجب أخذ قيمة الدولار والتضخم في البلاد التي نستورد منها في الحسبان. تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية لا تنظر إلى هذين الأمرين على الإطلاق، الأمر الذي يجعلها تبالغ في تقدير إيرادات أوبك.

3. يقصد بصافي العائدات هو ما يتبقى من الإيرادات بعد دفع كل التكاليف. المشكلة هنا هي تعريف "التكاليف"، فإذا قصرنا التكاليف على تكاليف استخراج النفط من باطن الأرض، فإن هذا لا يشمل سعر النفط كسلعة تملكها الدولة المنتجة، فهل التكاليف هي تكاليف الاستخراج فقط، أم أنها تكاليف الإنتاج إضافة إلى سعر النفط نفسه؟

وكيف يحدد سعر النفط؟ هل نحدده بناء على تكلفة إيجاد برميل آخر محل البرميل المستخرج؟ وهل هذا البرميل من الحقل نفسه أم من حقول الأخرى؟ وهل يحدد بناء على تكاليف النفط في السعودية أم في القطب الشمالي أم في خليج المكسيك؟ أم يحدد بناء على تكاليف الطاقة البديلة للنفط؟ وإذا تكلمنا عن تكاليف النفط كمصدر ناضب، فإن هناك احتمالا أن تكون الدول النفطية تحقق خسائر كبيرة، رغم بلوغ الإيرادات مستويات قياسية.


4. في ظل دولار منخفض ومعدلات فائدة قريبة من الصفر ومعدلات تضخم عالية، فإن الإيرادات المدخرة تفقد قيمتها مع الزمن!

5. هناك أدلة مثبتة أن بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن استهلاك النفط في الدول المنتجة أقل من الواقع، الأمر الذي يضخم الصادرات، وبالتالي الإيرادات.

6. يصر زميلي خوان ببلو بيريز، وهو ابن ألفونسو بيريز، الوزير الفنزويلي الذي أسس "أوبك" مع عبد الله الطريقي، أول وزير بترول سعودي، على أن الإيرادات يجب أن تقيّم بناء على ما يترجم منها إلى تنمية حقيقية مستدامة. بناء على هذا المعيار، فإن دول النفط تخسر الكثير يوميا من إنتاج النفط!

7. بما أن بعض دول النفط أصبحت محل أطماع الدول الأخرى بعد اكتشاف النفط، فإن إنفاقها على التسليح أعلى مما لو لم تكتشف النفط، هذا يعني أن تكاليف إنتاج النفط يجب أن تتضمن الإنفاق الزائد على التسليح الناتج عن وجود النفط في المنطقة.

إذا صافي إيرادات دول "أوبك" الحقيقية أقل بكثير مما يوحي به التقرير "الحكومي الأمريكي"، إن جاز لنا فعلا أن ندعوه بـ "تقرير". من هذا المنطلق فإن دور هذه الإيرادات في حل الأزمة العالمية محدود جدا.

*نقلا عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية.

إنتعاش
25-11-2008, 09:29 AM
الاستثمار في الدول الإسلامية


ذكاء مخلص الخالدي

أثارت الأزمة المالية التي فاجأت العالم، وتبعاتها، ردود فعل عدة لدى الدول والمستثمرين على السواء. فبدأت الدول تختبر سياساتها وإجراءاتها وقواعد عمل المصارف وأسواق الأسهم فيها، لتحدد مكمن الخطأ وطريقة معالجته بهدف الخروج من الأزمة، ومنع تكرارها مستقبلاً.

أما على مستوى المستثمرين كأفراد وشركات وحتى حكومات، فإن تكرار انهيار البورصات في الدول المتقدمة وانعكاس هذا الانهيار على تلاشي ثرواتهم، تسبّب، في الدول النامية ذات الفوائض المالية، باتجاه جديد لإعادة النظر في استثماراتها لدى البلدان المتقدمة، بعد أن كانت ترى فيها المكان الأكثر أمناً وإنماء لثرواتها.


وبرز هذا الاتجاه أخيراً، في بعض الاجتماعات التي عقدت بعد أزمة المال الحالية، مثل اجتماع رجال الأعمال في الدول الإسلامية الذي عقد في اسطنبول في تشرين الأول (أكتوبر) 2008.

وأوصى المجتمعون في ختامه، بضرورة إعادة توطين الاستثمارات الإسلامية في دولها، عوضاً عن استثمارها في الدول المتقدمة.

إن قراراً من هذا النوع يلاقي، من دون شك، ترحيباً كبيراً في الدول الإسلامية، لما سيكون لهذا التحول من آثار إيجابية على إقتصادات الدول الإسلامية، في رفع مستوى الاستثمار والناتج المحلي وتقليص البطالة.

لكن السؤال الذي يستحق الطرح هو: هل تكفي القرارات السياسية وردات الفعل الآنية لتحقيق تغيّر جوهري في توجه الاستثمارات الإسلامية؟ أم أن هذه القرارات ستصطدم كسابقاتها من قرارات التكامل العربي وتحرير التجارة البينية، بعقبات إدارية وفنية في كل دولة إسلامية، فتجعل من تفعيل هذه القرارات أمراً صعباً يدفع بالاستثمارات مجدداً إلى خارج الدول الإسلامية؟

من المفاهيم الاقتصادية المتعارف عليها، أن رأس المال جبان ومتردد ولا يتوجه إلى خارج بيئته التي اعتادها، إلا عندما يتأكد من حقيقتين: أنه سيحقق أرباحاً يستطيع تحويلها إلى مصدرها الأصلي أو إلى مصادر أخرى؛ وأن رأس المال ذاته، في أمان من أية قرارات سياسية أو اقتصادية تعرضه إلى خطورة المصادرة أو التأميم كلياً أو جزئياً.

ولا يأتي تأكد المستثمر من تحقق الهدفين، من فراغ، وإنما من البيئة الاستثمارية للبلد المستهدف. وأظهرت دراسات أعدتها منظمات دولية ومعاهد بحوث، أن افتقار الدول النامية، في شكل عام وبعضها، في شكل خاص، إلى مكونات البيئة الاستثمارية الملائمة، يعتبر العائق الرئيس أمام أحجام الاستثمارات الوطنية والخارجية، فتتوجه إلى البلدان الصناعية المتقدمة والدول الصناعية الناشئة.


ولا يتحقق توفير البيئة الاستثمارية المناسبة، بالإعفاءات الضريبية فقط أو تغيير قوانين وتعليمات تعالج جزءاً من المشكلة، وليس كلها، وإنما بتبني تطبيق حزمة سياسات وإجراءات مترابطة والعمل عليها، وتشمل تحديث النظام المصرفي وتطويره، تحقيق الاستقرار النقدي، استقرار الأسعار، توفير نظام قضائي نزيه وفعال في تطبيق العقود والاتفاقات، تقليص الروتين واختزال إجراءات تنفيذ المعاملات التجارية وإجراءات عبور البضائع من النقاط الحدودية وتقليص مدته، توفير معلومات وإحصاءات اقتصادية حديثة يمكن الاعتماد عليها وأتمتة المعلومات، وتأكيد إعادة تأهيل الأيدي العاملة وتدريبها بحسب حاجة الاستثمارات الوافدة ومحاربة الفساد.

وتضاف إليها إعادة تدريب الكوادر الوظيفية التي تنفذ هذه التعليمات والإجراءات، وتوعيتها على أهمية اتخاذ الإجراء المناسب في الوقت المناسب، في زمن أصبح الوقت عاملاً حاسماً في إنجاح الأعمال أو فشلها.

إن الدول الإسلامية، على معرفة بهذه الاحتياجات كلها. ومنذ تسعينات القرن الماضي قدمت مؤسسات دولية توصياتها إلى هذه الدول، وعرضت عليها خبراتها الفنية والمالية. لكن قد توفّر أزمة المال الحالية، فرصة لهذه الدول، لتنفّذ إجراءات تحسين مناخ الاستثمار لديها، في محاولة جدية تهدف إلى استقطاب الاستثمارات الإسلامية وربما أيضاً الاستثمار من خارج العالم الإسلامي. وأشارت صحف أجنبية عدة أخيراً، إلى أن مستقبل الاستثمار سيكون في الشرق الأوسط.

*نقلا عن صحيفة "الحياة" اللندينة.

إنتعاش
25-11-2008, 09:31 AM
الاقتصاد الإسلامي أفضل نظام لتجنب الأزمات


حسن جمعة الرئيسي

قد يكون النظام الاقتصادي الإسلامي هو النموذج الصالح لكل زمان ومكان لا سيما بعدما تكشفت مساوئ وعيوب النظام الرأسمالي وقبله النظام الاقتصاد الاشتراكي، وقد يستنكر البعض إقحام الإسلام في حل المعضلات الاقتصادية لأسباب عدة منها الاقتصاد الانطباع بأن معظم الدول الإسلامية متخلفة اقتصادياً وأن جلها إن لم يكن كلها لا تطبق النظام الاقتصادي وفق الشريعة الإسلامية ولو كانت كذلك لما تركها أصحابها واتبعوا نظماً اقتصادية مختلفة .

ولأن الرد على هذا القول سيدخلنا في متاهات سياسية ستبحر بنا في بحور التاريخ إلا أن ما يهمنا في هذا الصدد أن نلقي الضوء على مدى ما يمكن أن يقدمه الاقتصاد الإسلامي من حل للمشكلة الاقتصادية الحالية لا سيما وأن النظام الاقتصادي مستقل عن العقائدي للفرد المسلم وبإمكان الكل أن يطبقه سواء على مستوى الحكومات أو الشركات ونخص بالطبع هنا الشركات والمؤسسات الإنتاجية للحاجات الضرورية والكمالية للإنسان مع استبعاد المتاجرين بما هو ضار للبشرية كالمواد المخدرة والمسكرات والمتاجرة بالبشر وغيرها مما يؤدي إلى هلاك الجنس البشري ويشيع قتل الحرث والنسل والفساد في الأرض من خلال الحروب وخلق الأزمات والضرر بالبيئة.


إن النظام الاقتصادي الإسلامي وضع لبنة لوجود الإنسان متمثلة في الأرض التي دعانا الخالق عز وجل لإحيائها وقبل أن نهبط إليها أراد أن يبين مدى خطورة إبليس الذي توعدنا بوضع خطط للفساد فيها بحيث يتحكم البعض بأقوات الآخرين ونشر الفساد الاقتصادي بينهم من خلال الربا والمضاربات الوهمية وغيرها .

ان الاقتصاد الاسلامي يحارب الربا وقد يكون هو السبب المباشر لوجود الازمة الاقتصادية الحالية والآية الكريمة رقم “276” من سورة “البقرة” ذكرت أن الله يمحق الربا، وحكمة التحريم قد تحتاج لبحث مطول، ولكن أقل ما يقال فيه إن الإسلام يحض على التعاون والإنتاجية وعدم استغلال البشر لبعضهم البعض أو أن ينتهز أحدهم حاجة الآخر ليدخل معه في عملية الربا وأن تكون النقود مصدراً للدورة الإنتاجية واستمرارية دورة الحياة لا أن تكون النقود سلعة بحد ذاتها .

كما أن الآية السابقة وضعت البديل وفق منهج التشريع الإسلامي الذي لا ينهى عن شيء إلا أن يأتي بالبديل والمتمثل هنا بأن يربى الله الصدقات، والصدقات نظام تكافل اجتماعي تم تطبيقه على المستوى الدولي في عهد الخليفة عمر بن العزيز وفوائدها لم تكن مقتصرة على المسلم ولكن استفاد منها حتى أهل الذمم من الرسالات الأخرى .

وكان الريع الاقتصادي في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز يعتمد بصورة كبيرة على الزكاة وهو ما يمكن تسميته بالنظام الضريبي المالي ولم تكن الدولة تدخل لحسابه ومحاسبة المتهربين من دافعي الزكاة وملاحقتهم قانونياً ولكن كان الأمر متروكاً إلى أن يقوم كل شخص بصورة طوعية بإحضار زكاة ماله لبيت مال المسلمين خوفاً من مخالفة الرقيب العتيد.


ولأن الزكاة ركن من أركان الإسلام كالصلاة والصوم والمسلم مطالب بأدائها فإن إبليس خطط لبعض أتباعه بهدم ركن الزكاة مما جعل الناس لا سيما المسلمون يقعون تحت براثن الربا وأضراره كما هوالحال في الازمة المالية الحالية .

وإذ نعلم أن هناك صعوبة كبيرة في تطبيق نظام الزكاة بحيث تكون مصدراً من مصادر الدخل الحكومي إلا أنه ليس من الاستحالة وقد صرحت بعض الدول بإنشاء صناديق للزكاة يصرف ريعها في خدمة المجتمع .

التشريع الإسلامي أولى أهتماماً كبيراً بالمعاملات التجارية وكيفية بناء اقتصاد عالمي بدءاً من عوامل الإنتاج وفي طليعته الإنسان وما يجب أن يتحلى من صفات لبناء اقتصاد إنساني متين لا يقتصر فقط على الورع والتقوى ولكن الأخذ بالأسباب العملية واستغلال الطبيعة من المياه والهواء وما يوجد على الأرض وباطنها وكيفية كتابة العقود التجارية والحث على المتاجرة بما ينفع الناس سواء على مستوى الحاجات أو الرخاء الاجتماعي .

وأثبت الجانب العملي مدى إمكانية تطبيق بعض التشريعات الإسلامية في العصر الحديث ونجاعتها حتى جعلت الكثير من البنوك الربوية أو ما تسمى البنوك التقليدية أن تنشىء مصارف إسلامية مستقلة وحتى تلك البنوك التقليدية العريقة لم تجد حرجاً أن تنشئ أقساماً للتعامل على الطريقة الإسلامية، فبصرف النظر إن كانت خطوات تلك المصارف عن قناعة بالتعامل وفق المنظومة الإسلامية أو فقط لجذب أكبر عدد من المتعاملين بعد أن نجحت البنوك الإسلامية في استقطاب الكثير من عملائها إلا أن في كلا الحالتين فإن التعاملات الإسلامية بدأت تشق طريقها من بعد إهمالها.

وقد تكون دول الخليج هي الأرض الخصبة والأقدر على وضع آلية يكون الاقتصاد الإسلامي هو البديل للرأسمالية والاشتراكية خلال العقود القادمة، أو أن تكون محوراً اإقتصادياً جديداً منافساً للنظام العالمي الحديث.


التشريع الإسلامي حرم ما لا نملك كبيع السمك وهي ما زالت تبحر في البحر وهذه الصورة البسيطة من أنواع البيع مشابهة لما نراه من مضاربات وهمية في الكثير من السندات العقارية والأوراق المالية والتي أصبحت من خلالها النقود مجرد سلعة جامدة تباع وتشترى دون أن تدخل في العمليات الإنتاجية الملموسة بإحياء الأراضي الزراعية وإنشاء المصانع وغيرها .

فلهذا نجد أن الإسلام دائماً بين الوسطية حتى في اقتصاده فهو لا يجعل أفراد المجتمع مغضوباً عليهم كالاشتراكية التي لا تجيز للفرد التملك إلا في حالات استثنائية أو كالرأسمالية التي تترك العنان لبعض الضالين في أن يتسببوا في الأزمات الاقتصادية كالأزمة الاقتصادية العالمية الحالية التي تضرر منها الجميع من دون تمييز بين معتَقَدٍ أو عِرْقٍ.

*نقلا عن صحيفة "الخليج" الاماراتية.

إنتعاش
25-11-2008, 09:33 AM
الجميع يبحث عن «الكاش»!


عبدالرحمن بن ناصر الخريف

من المؤكد أن الأزمة المالية قد تسببت في ظهور أزمة سيولة حقيقية لم نحاول كشعوب خليجية فهم تلك الأزمة والآثار المترتبة عليها، فقد اكتفينا بالتركيز على أسعار الأسهم وضمان البنوك للأموال واستمر إنفاقنا الاستهلاكي للبضائع المستوردة بشكل كبير استنادا على التطمينات بأن الأزمة أمريكية وأننا في مأمن من آثارها! فنسينا بأن من يملك "الكاش" في هذه الأزمة هو الأقوى فلم نفكر بالاستفادة من تبعات أزمة السيولة وانه قد نحصل بعد أسابيع على مانريد بأقل مما ندفعه اليوم!

فاستمرار الصرف سواء الاستهلاكي او الاستثماري كان مبنيا على عدم فهمنا للأزمة والاعتقاد باستقلالية اقتصاديات دولنا! ولكن في الجانب الآخر شاهدنا الشعوب الأخرى كيف تعاملت مع الأزمة منذ بدايتها بالإحجام عن شراء السلع والكماليات والتركيز فقط على شراء المستلزمات اليومية الضرورية لمعرفتهم بأهمية النقد "الكاش" في هذا الوقت! مما سرع في الإعلان عن دخول معظم دول أوروبا واليابان في فترة ركود اقتصادي! فنحن كنا أمام متغيرات كبيرة لم نفهمها مما سهل على الشركات الأجنبية استغلال ذلك في الحصول على اكبر قدر ممكن من النقد الذي نملكه من خلال العروض المغرية لبيع منتجاتها بأسواقنا الخليجية وكأنها فرص لن تتكرر في حين أن العالم اجمع قد عزف عن الشراء ليس فقط لعدم توفر السيولة ولكن لقناعته بإمكانية الحصول عليها بأسعار أفضل!

إن الانطباع العام لدى جميع دول العالم هو أن الدول الخليجية - حكومات وشعوب- هي من يملك النقد في أزمة السيولة الخانقة ! فأصبحت تلك الثروة هدفا لسياسيين واقتصاديين لمعالجة أخطاء كبار المسؤولين في البنوك والشركات الأمريكية! ولكن مايهمنا كشعوب هو السيولة الحالية التي نمتلكها ( مهما بلغت) فقد أصبحت هدفا للشركات العالمية لتصريف منتجاتها بأعلى سعر ممكن عبر استغلال عدم تنبهنا لما سيحدث مع دخول معظم دول العالم لمرحلة الركود ( نأمل الا يكون كساد) فأمام شبح الركود الاقتصادي وشح السيولة سارعت جميع الشركات بتوفير «الكاش» وأمام انكشاف حقيقة وحجم الأزمة المالية اتخذت شركات عديدة قرارات مصيرية لإنقاذها من الإفلاس! فلم تكتف بتقليص النفقات وإغلاق المصانع وإلغاء الوظائف، بل قامت ببيع منتجاتها بأقل الخسائر الممكنة وربما ليس فقط لحاجتها للسيولة بل لخوفها من الاضطرار لبيعها بخسائر اكبر! ومع استمرار عزوف الشعوب عن الشراء وضخ السيولة (حسب المؤشرات المعلنة) ستشتد الأزمة وهو ما سيعجل بدخول أمريكا ايضا لمرحلة الركود الاقتصادي وبالتالي المزيد من الانخفاض للأسعار (بما في ذلك النفط) حتى في ظل دعم الحكومة الأمريكية للشركات ليس لتحقيق الأرباح بل لتقليص نسب البطالة!.

ووفقا لذلك فإنه على المستوى المحلي فإنه أمام استمرار الأزمة يجب أن لانستغرب أي قرارات تتخذها شركاتنا لتوفير «الكاش» فعندما أعلنت شركة سابك عن تخفيض جديد لأسعار الحديد استغرب البعض تلك الخطوات المتوالية لتخفيض الأسعار، فعلى الرغم من تبرير تلك التخفيضات بكونها إرضاء للعملاء والصالح العام! إلا اننا عندما نبحث في توقيت ذلك التخفيض سنجد انه يرتبط بشكل مباشر مع مصلحة الشركة فقط وليس لاعتبارات أخرى، فسابك رفعت أسعار الحديد ولم تتم مراعاة المصلحة العامة على الرغم من ان الدولة تعثرت مشاريعها وهي من يملك معظم أسهم الشركة!

فالتخفيضات صدرت بعد بروز أزمة السيولة عالميا والتي أجبرت الشركة على التكيف مع المستجدات التي فرضت على الشركة ايضا - وفقا لما نشر - ببيع كميات تزيد على (031) الف طن من الحديد المستورد بأقل من تكلفة الاستيراد وبخسائر قد تتجاوز ال (002) مليون ريال! ولأننا أمام أزمة سيولة حقيقية فإنه يجب أن لانستغرب عندما نرى شركات تتحول من مالك لمقار أنشطتها الى مستأجر لها (شركة كبرى بدأت فعليا في ذلك) كما إن إعلانات الربع الرابع لهذا العام ستشهد اهتماما ببنود النقد بقائمة المركز المالي لأهميتها في التحليل المالي للشركات لقياس مقدرتها على الوفاء بالالتزامات العاجلة في ظل الأزمة الحالية! ولأننا نعيش فترة «الكاش ملك» فإن احتفاظ الدول الخليجية بقيمة صادراتها النفطية في شكل حسابات نقدية بعملات مختلفة قد يكون خيارا أفضل من استثمارها في أوراق مالية قد يصعب تسييلها خلال الفترة القادمة لكون الجميع يريد الدفع نقدا، كما ان انخفاض العملات أمام الدولار حاليا قد يكون الفرصة الأخيرة لتعديل سعر صرف الريال فمؤشرات الاقتصاد الأمريكي لاتخدم الدولار!!.

* نقلاً عن جريدة "الرياض" السعودية.