مغروور قطر
10-10-2008, 11:31 PM
ثمن فشل الاقتصاد الأميركي: الأميركيون يفضلون استثمار أموالهم بسندات الخزينة الحكومية ولو بنسبة سالبة لفقدان ثقتهم بالبنوك الخاصة!
السبت 11 أكتوبر 2008 - فاينشيال تايمز- جون بلندر
في فترة لا تزيد على أسبوعين، تغير المشهد المالي العالمي، حيث اضطرت ادارة بوش الى اعداد خطة تبلغ مليارات كثيرة من الدولارات تهدف لانقاذ النظام الدولي المالي.
لكن كل ذلك يلحق ضررا بالغا بالنموذج الاميركي المنتهج للرأسمالية وحرية السوق.
كما أنه يفرض أعباء مالية جسيمة على دافعي الضرائب الاميركيين الذين اصبحوا يمدون يد المساعدة لمؤسسات «وول ستريت» وغيرها، في سياق عملية انقاذ ذات حجم غير مسبوق.
بدأ هذا النمط من الاشتراكية المالية الغربية غير المألوفة بتأميم مؤسستي «فاني ماي» و«فريدي ماك»، المتخصصتين في تمويل القروض السكنية بعد أن أفلستا، ووفقا لتشارلز جودارت بكلية لندن للاقتصاد، فإنه لا يمكن الشك في الجدارة الاقتصادية والائتمانية للولايات المتحدة.
ورغم ذلك فقد برز هذا الشك على السطح مدعوما بالشك في قيمة الدولار كعملة للاحتياطيات النقدية.
ثم جاء اختفاء عملاقي الاوراق المالية في «وول ستريت» ليطرح مزيدا من الشكوك حول متانة نموذج البنوك الاستثمارية المستقل عن الدولة.
لكن رغم خطة الانقاذ، فإن نقص الثقة الذي اعترى النظام المصرفي قد ازداد سوءا بعد هذه الخطوة كان سعر الفائدة على سندات الخزينة الاميركية لمدة شهر سالبا، الأمر الذي يحمل رسالة مفادها ان المستثمرين يفضلون خسارة الاموال على اوراق حكومية من المؤكد أنه سيتم سدادها، عوضا عن الاستثمار في صناديق الاسواق المالية غير الحكومية.
وهذا يعني اننا قد بلغنا نقطة الذروة التي لم يعد فيها أحد يثق بأي ائتمان غير الائتمان الحكومي.
في مثل هذه الظروف، تعلمنا التجربة أنه يتعين على البنوك المركزية أن تقرض بحرية.
وفي هذه الاثناء، قام الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الاميركي) بضخ 180 مليار دولار في الاسواق، في حين ذكرت بنوك مركزية رائدة أخرى أنها بصدد اتخاذ تدابير منسقة من أجل مساعدة اسواق الدولار قصيرة الأجل.
تتويجا للمجريات الحالية، اعلن وزير الخزانة بولسون عن ان هناك مناقشات جارية مع الزعماء السياسيين لايجاد أدوات ترعاها الحكومة لشراء الموجودات المسمومة التي وجدت اثناء الفقاعة، الامر الذي دفع اسواق الاسهم الى النهوض بشكل جنوني.
التناقض في هذه القصة الجديرة بالملاحظة هو ان هناك انعداما للسيولة في عالم غني بالمدخرات الفائضة في آسيا وفي الاقتصادات النفطية.
وتعتبر روسيا خير مثال يوضح هذه النقطة.
فبفضل ثروتها النفطية، تحقق نموا اقتصاديا عاليا، ولديها ثالث اكبر احتياطي من العملات الاجنبية في العالم، ومديونية قليلة على القطاع العام.
ورغم ذلك، فإن أسهم موسكو آخذة في الانهيار، وتراجعت الثقة بالنظام المالي لدرجة أن البنوك الاستثمارية الروسية ذات النطاق العملي الواسع بحاجة ماسة الى الأموال ومهددة بالافلاس.
هذا ما يحدث عندما يتعرض النظام المالي العالمي المثقل بالديون للتفكك.
إن هناك توجها اضطراريا لتقليل الاقتراض في العالم بعد ان شهد هذا القطاع اكبر فقاعة ائتمانية في التاريخ، حيث يرقى الأمر الى تحول سيء من الدين الى الاسراف باعتباره وسيلة لتمويل النمو وما يصاحبه من تخفيض كبير للاختلالات العالمية كعجز الحساب الجاري الاميركي.
واقع الامر ان النظام المالي كان يعمل وكأنه اداة خارج الميزانية العمومية للحكومة.
لقد كانت شركات القطاع الخاص والمصرفيون الافراد يجنون ارباحا طائلة اثناء الفقاعة.
وقد جعلتهم عمليات الانقاذ السابقة اكثر ميلا الى المخاطرة، وفي حالة مؤسستي «فاني» و«فريدي»، وقف الضمان الحكومي غير المعلن وراء حب المخاطرة.
ورغم ذلك فإن الاسعار السوقية لتلك الجهات لا تعكس التكلفة التي يحتمل ان يتكبدها النظام جراء انهيارها.
هذا العجز عن معالجة العوامل الخارجية كان واضحا في الاسواق خلال الاسبوعين الماضيين حيث لجأ المضاربون الى استراتيجيات البيع المكشوف ضد Aig المجموعة الدولية الاميركية للتأمين والبنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة وضد بنك Hbos في المملكة المتحدة.
وهذا يشكل خطرا على النظام المالي لأن وكالات التصنيف ترد على تراجع أسعار الاسهم الذي يترتب على عمليات البيع المكشوف فتقوم بتخفيض درجات التصنيف الائتماني، الأمر الذي يعرض للخطر قدرة الضحايا على تمويل الانشطة.
مرة أخرى اصبحت الممتلكات العقارية في صلب الانهيار المالي رغم تأكيدات القائمين على البنوك المركزية أن حدوث تراجع لاسعار المنازل الاميركية في جميع انحاء اميركا أمر مستحيل.
على أن الغرابة هذه المرة تكمن في تغليف الممتلكات بمنتجات مالية معقدة لم تستطع الا قلة من الناس فهمها.
حينما يخرج المستثمرون عن نطاق مجالات كفاءتهم وعملهم، فإن المشاكل تحدث نتيجة لذلك.
التشوه الذي وسم العقد الحالي هو ان مجالس إدارة البنوك والمسؤولين التنفيذيين في البنوك فشلوا في فهم المنتجات المصرفية المدعومة بالرهن نظرا لتعقيدها، وكذلك كانت حال القائمين على البنوك المركزية، والجهات التشريعية ووكالات التصنيف الائتماني.
الروليت
في أليس بلاد العجائب، تمثلت السمة الاسخف في نظام الاتعاب الذي منح مكافآت ضخمة للذين نشروا المنتجات المسمومة ذات العلاقة بالرهنيات وانه لا يسمح باستعادة قدر كبير من الاموال بعد ان تبين سوء هذا التوجه.
ومن السخيف ان درجة الدين الذي تراكم على البنوك الاستثمارية، كما يعبر مايكل ليويت وهو مدير صندوق مالي مقره في فلوريدا، السماح للبنوك الاستثمارية بأن تبلغ نسبة مديونيتها الى رأسمالها 30 الى 1 يوازي ممارسة لعبة الروليت الروسية وخمس من الست حجرات النار في المسدس معبأة، واذا قام احدهم بإضافة المطلوبات غير المذكورة في الميزانية العمومية الى هذا الدين، فكأنما يقوم بتعبئة المسدس برصاصة واحدة ثم سحب الزناد.
إذن في اي مرحلة من مراحل الأزمة نحن؟
مررنا في الاسبوعين الماضيين بمرحلة الاضطراب، وينبغي ان يكون بالامكان تجنب حالة الركود لأن السلطات تتبع الوصفات التي قدمها هايمان مينسكي في كتابه «تحقيق الاستقرار في اقتصاد غير مستقر» الذي يعتبر افضل كتاب يوضح امكانيات هذه الازمة.
كان مينسكي يعتبر ان لعب الحكومة الراعية لدور مركزي في الشأن المالي ولعب دور مقرض الملاذ الاخير من جانب البنوك المركزية هو الطريقة العصرية لمسايرة ركب المحن المالية.
وهذا ما يحدث الآن، من ناحية فعلية، فإن الحكومة الاميركية تقلد ما جرى في النظام المصرفي الخاص في وقت سابق في هذه الازمة حين اضطرت المؤسسات لإعادة اظهار الكيانات التي كانت قد اسستها كأدوات وقنوات الاستثمار المهيكل في ميزانياتها العمومية عندما جفت مصادر التمويل.
حيث ان الحكومة الاميركية كانت تضمن مؤسستي «فاني» و«فريدي» بصورة غير معلنة، وكانت تدعم العمليات التي يقوم بها المصرفيون الفاقدون لحس المسؤولية في Aig المجموعة الدولية الاميركية للتأمين وفي غيرها، فإنها عادت لتضع المؤسسات المفلسة في الميزانية العمومية للقطاع العام عن طريق تأميمها، ان اقتراح بولسون الآن بأن يتم شراء الموجودات المسمومة يشكل نقطة تحول.
كيف سيبدو المشهد المصرفي بعد هذا المسلسل؟ ان الكثير يعتمد على الرد التشريعي.
فعلى الاقل سيتم فرض متطلبات رأسمالية اشد، الامر الذي يمكن ان يعني عودة النظام المصرفي الى وظيفته بشكل اقل خطورة وعلى نحو يشبه شركات المنافع ولكن واحدا من اهم الاسئلة يتعلق باستقلالية البنوك المركزية اذا ما كانت ستتم اعادة رسملة البنوك المركزية كما يبدو مرجحا، فقد يرغب السياسيون في الحصول على ثمن لذلك عبر تقليل استقلالها العملي، ويمكن ان تترتب على هذا عواقب وخيمة لأن إحدى النقاط المركزية التي يقوم عليها رأي مينسكي هو ان لعب دور مركزي في الشأن المالي واقراض الملاذ الاخير يهيئان المسرح لحدوث تضخم خطير.
كل ذلك، الى جانب زيادة العبء الذي سيلقى على الاجيال المستقبلية من دافعي الضرائب يعتبر اجمالي كلفة الجهود المحمومة التي بذلت في الاسبوعين الماضيين لدرء الانكماش الاقتصادي والابقاء على ما يشبه النموذج الانجلو اميركي للرأسمالية عائما دون ان يغرق.
السبت 11 أكتوبر 2008 - فاينشيال تايمز- جون بلندر
في فترة لا تزيد على أسبوعين، تغير المشهد المالي العالمي، حيث اضطرت ادارة بوش الى اعداد خطة تبلغ مليارات كثيرة من الدولارات تهدف لانقاذ النظام الدولي المالي.
لكن كل ذلك يلحق ضررا بالغا بالنموذج الاميركي المنتهج للرأسمالية وحرية السوق.
كما أنه يفرض أعباء مالية جسيمة على دافعي الضرائب الاميركيين الذين اصبحوا يمدون يد المساعدة لمؤسسات «وول ستريت» وغيرها، في سياق عملية انقاذ ذات حجم غير مسبوق.
بدأ هذا النمط من الاشتراكية المالية الغربية غير المألوفة بتأميم مؤسستي «فاني ماي» و«فريدي ماك»، المتخصصتين في تمويل القروض السكنية بعد أن أفلستا، ووفقا لتشارلز جودارت بكلية لندن للاقتصاد، فإنه لا يمكن الشك في الجدارة الاقتصادية والائتمانية للولايات المتحدة.
ورغم ذلك فقد برز هذا الشك على السطح مدعوما بالشك في قيمة الدولار كعملة للاحتياطيات النقدية.
ثم جاء اختفاء عملاقي الاوراق المالية في «وول ستريت» ليطرح مزيدا من الشكوك حول متانة نموذج البنوك الاستثمارية المستقل عن الدولة.
لكن رغم خطة الانقاذ، فإن نقص الثقة الذي اعترى النظام المصرفي قد ازداد سوءا بعد هذه الخطوة كان سعر الفائدة على سندات الخزينة الاميركية لمدة شهر سالبا، الأمر الذي يحمل رسالة مفادها ان المستثمرين يفضلون خسارة الاموال على اوراق حكومية من المؤكد أنه سيتم سدادها، عوضا عن الاستثمار في صناديق الاسواق المالية غير الحكومية.
وهذا يعني اننا قد بلغنا نقطة الذروة التي لم يعد فيها أحد يثق بأي ائتمان غير الائتمان الحكومي.
في مثل هذه الظروف، تعلمنا التجربة أنه يتعين على البنوك المركزية أن تقرض بحرية.
وفي هذه الاثناء، قام الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الاميركي) بضخ 180 مليار دولار في الاسواق، في حين ذكرت بنوك مركزية رائدة أخرى أنها بصدد اتخاذ تدابير منسقة من أجل مساعدة اسواق الدولار قصيرة الأجل.
تتويجا للمجريات الحالية، اعلن وزير الخزانة بولسون عن ان هناك مناقشات جارية مع الزعماء السياسيين لايجاد أدوات ترعاها الحكومة لشراء الموجودات المسمومة التي وجدت اثناء الفقاعة، الامر الذي دفع اسواق الاسهم الى النهوض بشكل جنوني.
التناقض في هذه القصة الجديرة بالملاحظة هو ان هناك انعداما للسيولة في عالم غني بالمدخرات الفائضة في آسيا وفي الاقتصادات النفطية.
وتعتبر روسيا خير مثال يوضح هذه النقطة.
فبفضل ثروتها النفطية، تحقق نموا اقتصاديا عاليا، ولديها ثالث اكبر احتياطي من العملات الاجنبية في العالم، ومديونية قليلة على القطاع العام.
ورغم ذلك، فإن أسهم موسكو آخذة في الانهيار، وتراجعت الثقة بالنظام المالي لدرجة أن البنوك الاستثمارية الروسية ذات النطاق العملي الواسع بحاجة ماسة الى الأموال ومهددة بالافلاس.
هذا ما يحدث عندما يتعرض النظام المالي العالمي المثقل بالديون للتفكك.
إن هناك توجها اضطراريا لتقليل الاقتراض في العالم بعد ان شهد هذا القطاع اكبر فقاعة ائتمانية في التاريخ، حيث يرقى الأمر الى تحول سيء من الدين الى الاسراف باعتباره وسيلة لتمويل النمو وما يصاحبه من تخفيض كبير للاختلالات العالمية كعجز الحساب الجاري الاميركي.
واقع الامر ان النظام المالي كان يعمل وكأنه اداة خارج الميزانية العمومية للحكومة.
لقد كانت شركات القطاع الخاص والمصرفيون الافراد يجنون ارباحا طائلة اثناء الفقاعة.
وقد جعلتهم عمليات الانقاذ السابقة اكثر ميلا الى المخاطرة، وفي حالة مؤسستي «فاني» و«فريدي»، وقف الضمان الحكومي غير المعلن وراء حب المخاطرة.
ورغم ذلك فإن الاسعار السوقية لتلك الجهات لا تعكس التكلفة التي يحتمل ان يتكبدها النظام جراء انهيارها.
هذا العجز عن معالجة العوامل الخارجية كان واضحا في الاسواق خلال الاسبوعين الماضيين حيث لجأ المضاربون الى استراتيجيات البيع المكشوف ضد Aig المجموعة الدولية الاميركية للتأمين والبنوك الاستثمارية في الولايات المتحدة وضد بنك Hbos في المملكة المتحدة.
وهذا يشكل خطرا على النظام المالي لأن وكالات التصنيف ترد على تراجع أسعار الاسهم الذي يترتب على عمليات البيع المكشوف فتقوم بتخفيض درجات التصنيف الائتماني، الأمر الذي يعرض للخطر قدرة الضحايا على تمويل الانشطة.
مرة أخرى اصبحت الممتلكات العقارية في صلب الانهيار المالي رغم تأكيدات القائمين على البنوك المركزية أن حدوث تراجع لاسعار المنازل الاميركية في جميع انحاء اميركا أمر مستحيل.
على أن الغرابة هذه المرة تكمن في تغليف الممتلكات بمنتجات مالية معقدة لم تستطع الا قلة من الناس فهمها.
حينما يخرج المستثمرون عن نطاق مجالات كفاءتهم وعملهم، فإن المشاكل تحدث نتيجة لذلك.
التشوه الذي وسم العقد الحالي هو ان مجالس إدارة البنوك والمسؤولين التنفيذيين في البنوك فشلوا في فهم المنتجات المصرفية المدعومة بالرهن نظرا لتعقيدها، وكذلك كانت حال القائمين على البنوك المركزية، والجهات التشريعية ووكالات التصنيف الائتماني.
الروليت
في أليس بلاد العجائب، تمثلت السمة الاسخف في نظام الاتعاب الذي منح مكافآت ضخمة للذين نشروا المنتجات المسمومة ذات العلاقة بالرهنيات وانه لا يسمح باستعادة قدر كبير من الاموال بعد ان تبين سوء هذا التوجه.
ومن السخيف ان درجة الدين الذي تراكم على البنوك الاستثمارية، كما يعبر مايكل ليويت وهو مدير صندوق مالي مقره في فلوريدا، السماح للبنوك الاستثمارية بأن تبلغ نسبة مديونيتها الى رأسمالها 30 الى 1 يوازي ممارسة لعبة الروليت الروسية وخمس من الست حجرات النار في المسدس معبأة، واذا قام احدهم بإضافة المطلوبات غير المذكورة في الميزانية العمومية الى هذا الدين، فكأنما يقوم بتعبئة المسدس برصاصة واحدة ثم سحب الزناد.
إذن في اي مرحلة من مراحل الأزمة نحن؟
مررنا في الاسبوعين الماضيين بمرحلة الاضطراب، وينبغي ان يكون بالامكان تجنب حالة الركود لأن السلطات تتبع الوصفات التي قدمها هايمان مينسكي في كتابه «تحقيق الاستقرار في اقتصاد غير مستقر» الذي يعتبر افضل كتاب يوضح امكانيات هذه الازمة.
كان مينسكي يعتبر ان لعب الحكومة الراعية لدور مركزي في الشأن المالي ولعب دور مقرض الملاذ الاخير من جانب البنوك المركزية هو الطريقة العصرية لمسايرة ركب المحن المالية.
وهذا ما يحدث الآن، من ناحية فعلية، فإن الحكومة الاميركية تقلد ما جرى في النظام المصرفي الخاص في وقت سابق في هذه الازمة حين اضطرت المؤسسات لإعادة اظهار الكيانات التي كانت قد اسستها كأدوات وقنوات الاستثمار المهيكل في ميزانياتها العمومية عندما جفت مصادر التمويل.
حيث ان الحكومة الاميركية كانت تضمن مؤسستي «فاني» و«فريدي» بصورة غير معلنة، وكانت تدعم العمليات التي يقوم بها المصرفيون الفاقدون لحس المسؤولية في Aig المجموعة الدولية الاميركية للتأمين وفي غيرها، فإنها عادت لتضع المؤسسات المفلسة في الميزانية العمومية للقطاع العام عن طريق تأميمها، ان اقتراح بولسون الآن بأن يتم شراء الموجودات المسمومة يشكل نقطة تحول.
كيف سيبدو المشهد المصرفي بعد هذا المسلسل؟ ان الكثير يعتمد على الرد التشريعي.
فعلى الاقل سيتم فرض متطلبات رأسمالية اشد، الامر الذي يمكن ان يعني عودة النظام المصرفي الى وظيفته بشكل اقل خطورة وعلى نحو يشبه شركات المنافع ولكن واحدا من اهم الاسئلة يتعلق باستقلالية البنوك المركزية اذا ما كانت ستتم اعادة رسملة البنوك المركزية كما يبدو مرجحا، فقد يرغب السياسيون في الحصول على ثمن لذلك عبر تقليل استقلالها العملي، ويمكن ان تترتب على هذا عواقب وخيمة لأن إحدى النقاط المركزية التي يقوم عليها رأي مينسكي هو ان لعب دور مركزي في الشأن المالي واقراض الملاذ الاخير يهيئان المسرح لحدوث تضخم خطير.
كل ذلك، الى جانب زيادة العبء الذي سيلقى على الاجيال المستقبلية من دافعي الضرائب يعتبر اجمالي كلفة الجهود المحمومة التي بذلت في الاسبوعين الماضيين لدرء الانكماش الاقتصادي والابقاء على ما يشبه النموذج الانجلو اميركي للرأسمالية عائما دون ان يغرق.