مغروور قطر
11-10-2008, 01:37 AM
دقت ساعة الحقيقة في دول الخليج
كتبت إيمان عطية:
مع تراجع أسعار النفط وانخفاض اسواق الاسهم ونقص السيولة الحاد، تبدو الحيوية والنشاط المحموم الذي يحيط بالازدهار النفطي لدول الخليج، وكأنها تتراجع.
فأسواق الأسهم في المنطقة تلقت ضربة جديدة في استمرار لواقع التدهور الذي شهدته على مدى أشهر طويلة.
ويرى بعض المحللين ان هذا التراجع مؤشر على حالة الذعر التي تنتاب المستثمرين الأفراد المتأثرين بشدة بالأزمة في الدول الغربية اكثر مما هو مرتبط بالاسس والمؤشرات الاقتصادية. في حين يقول آخرون ان ذلك يعزى جزئيا إلى تنامي المخاوف حيال اسواق العقار في المنطقة، لا سيما في دبي، كما تقول «فايننشال تايمز».
وما هو واضح ان الاضطرابات العالمية انتقلت عدواها الى المنطقة، مما حدا بالاقتصاديين الى اعادة تقييم توقعاتهم، علما بان الاستثمارات الخارجية لدول المنطقة لاسيما في قطاع الاسهم بدأت تتبخر عوائدها الى جانب تآكل بعض رأس المال ايضا.
فقبل اشهر قليلة فقط، كان الافتراض العام هو ان المنطقة ستكون بمنأى عن اي اضطراب سيحدث في اي مكان آخر. فالبنوك الخليجية تتمتع برساميل جيدة، وانكشافها على ازمة الرهن العقاري كان محدودا. كما ان اسعار النفط كان متوقعا لها ان تظل فوق مستوى 100 دولار للبرميل، والحكومات كانت تراكم الفوائض المالية الكبيرة في خزائنها وتدفع قدما باتجاه تنفيذ المشروعات الضخمة.
لكن معظم الدول الخليجية تتوقع الان تراجعا في اجمالي الناتج المحلي وتباطؤ الائتمان المصرفي وتأخير أو تأجيل العديد من المشروعات التي تم الاعلان عنها. اذاً السؤال الذي يطرح نفسه، هو: الى اي مدى يمكن ان يبلغ عمق وشدة التباطؤ الاقتصادي في المنطقة؟
حتى الوقت الراهن، يرى الاقتصاديون في المنطقة ان الآثار ستكون معتدلة. وبرأيهم فإن ذلك قد يكون ايجابيا، حيث سيعمل ذلك على مساعدة المنطقة في تخفيف الضغوط على الموارد، والحد من النمو الائتماني ذي المخاطر العالية.
لكن الكثير يعتمد على اسعار النفط، ففي 2007 بلغ متوسط سعر البرميل 72 دولارا، وفي يوليو 2008 وصل ذروته عندما بلغ 147 دولارا للبرميل. غير ان خام برنت بلغ الاربعاء الماضي قرابة 83 دولارا للبرميل، وهو انخفاض أكبر من المتوقع في السعر، مما يشكل اكبر تحد لتوقعات الاقتصاديين.
تقول راندا عازار، كبيرة الاقتصاديين في بنك الكويت الوطني لـ «فايننشال تايمز» «انني اخفض التوقعات بشأن النمو، لكنني لا استطيع القول بكم. فنحن نراقب الوضع يوما بيوم».
وتضيف ان الكثير من الاسس الاقتصادية مازالت راسخة وتتوقع ان تمضي المشروعات التي تدعمها الحكومة قدما. لكن الانخفاض الحاد في اسواق الاسهم سيعمل على الارجح على الحد من الثقة.
وتتابع القول: «النمو سيهدأ لكنه سيكون أعلى من معدلاته في معظم الأسواق الناشئة».
وفي السعودية، توقع سعيد الشيخ، كبير الاقتصاديين في البنك الوطني التجاري، ان يتباطأ نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 5% هذا العام الى «ربما 3% او 4%» العام المقبل. كما يقول ان هناك احتمالا هو ان تتبع الحكومة منهجا حذرا، وان تبقى على معدلات انفاق ثابتة في 2009 بدلا من مواكبة الزيادات التي شهدناها في السنوات الاخيرة.
ويضيف «مع تراجع اسعار النفط والانتاج وتوقع ركود الانفاق الحكومي او زيادته بمعدل طفيف، سيسجل الاقتصاد نموا معتدلا».
وتتوقع مورغان ستانلي حاليا، ان يبلغ نمو اجمالي الناتج المحلي في القطاع غير النفطي للامارات 6,4% في 2009، مقارنة مع توقعها لنمو يصل الى 7,1% لهذا العام، مع الابقاء على نظرتها المستقبلية للاقتصاد بـ «ملائم جدا».
اذ يقول محمد جابر، الاقتصادي في مورغان ستانلي «لقد ادخرت الامارات للأيام الصعبة، ولعل تلك الايام قد جاءت، لكن لديهم مصادر وافرة للتعامل والتكيف معها، ان الامارات لديها احتياطيات غزيرة وايرادات فائضة».
ولعل احد ايجابيات التباطؤ الاقتصادي يتمثل في تراجع معدلات التضخم التي وصلت الى رقمين، والذي قد يحدث في اواخر هذا العام او مطلع العام المقبل، فارتفاع اسعار المواد الغذائية وتكاليف مواد البناء والزيادة القياسية في النمو الائتماني كانت مصدر قلق رئيسي للسلطات النقدية في سعيها للانطلاق مع موجة الازدهار.
هذه المخاوف تحولت الآن الى شح في السيولة في بنوك المنطقة، مما دفع بنك الكويت المركزي الى ضخ السيولة في النظام المصرفي، وكذلك الحال بالنسبة لبنك الامارات المركزي الذي وفر سيولة مقدارها 16,6 مليار دولار، لكن بنك السعودية المركزي ذكر الاربعاء الماضي ان لا حاجة لتوفير اموال طارئة في مصارف المملكة.
كما يشير الاقتصاديون الى وجود سيولة وافرة في الصناديق السياسية واحتياطيات الحكومات لتحفيز النمو عند الضرورة، ولا احد يتوقع التباطؤ ا لذي شهدته المنطقة في الثمانينات والتسعينات بعد الطفرة النفطية الاولى عندما عانت اقتصادات الخليج من الركود وبعض الحكومات من العجز المالي.
«قد يصل الازدهار الى نهايته في المنطقة، اذا ما تغيرت نظرة المستثمرين الاجانب اليها، وتراجع الائتمان وهوت اسعار النفط الى 60 دولارا للبرميل، لكنه حتى في حال حدوث ذلك فإنه لن يقود الى العجز المالي الذي شهدته المنطقة في التسعينات او الى ضغوط مالية»، بحسب اقتصادي سعودي.
ويضيف ان المستثمرين الاجانب والحكومات الاقليمية سيدرسون الوضع، وسيكونون اكثر انتقائية في ما يخص ترتيب اولوياتهم.
ويخلص قائلا «ما يتعين عليهم القيام به هو خلق توازن بين الاولويات، فهل نبني الابراج ام نبني المدارس؟».
كتبت إيمان عطية:
مع تراجع أسعار النفط وانخفاض اسواق الاسهم ونقص السيولة الحاد، تبدو الحيوية والنشاط المحموم الذي يحيط بالازدهار النفطي لدول الخليج، وكأنها تتراجع.
فأسواق الأسهم في المنطقة تلقت ضربة جديدة في استمرار لواقع التدهور الذي شهدته على مدى أشهر طويلة.
ويرى بعض المحللين ان هذا التراجع مؤشر على حالة الذعر التي تنتاب المستثمرين الأفراد المتأثرين بشدة بالأزمة في الدول الغربية اكثر مما هو مرتبط بالاسس والمؤشرات الاقتصادية. في حين يقول آخرون ان ذلك يعزى جزئيا إلى تنامي المخاوف حيال اسواق العقار في المنطقة، لا سيما في دبي، كما تقول «فايننشال تايمز».
وما هو واضح ان الاضطرابات العالمية انتقلت عدواها الى المنطقة، مما حدا بالاقتصاديين الى اعادة تقييم توقعاتهم، علما بان الاستثمارات الخارجية لدول المنطقة لاسيما في قطاع الاسهم بدأت تتبخر عوائدها الى جانب تآكل بعض رأس المال ايضا.
فقبل اشهر قليلة فقط، كان الافتراض العام هو ان المنطقة ستكون بمنأى عن اي اضطراب سيحدث في اي مكان آخر. فالبنوك الخليجية تتمتع برساميل جيدة، وانكشافها على ازمة الرهن العقاري كان محدودا. كما ان اسعار النفط كان متوقعا لها ان تظل فوق مستوى 100 دولار للبرميل، والحكومات كانت تراكم الفوائض المالية الكبيرة في خزائنها وتدفع قدما باتجاه تنفيذ المشروعات الضخمة.
لكن معظم الدول الخليجية تتوقع الان تراجعا في اجمالي الناتج المحلي وتباطؤ الائتمان المصرفي وتأخير أو تأجيل العديد من المشروعات التي تم الاعلان عنها. اذاً السؤال الذي يطرح نفسه، هو: الى اي مدى يمكن ان يبلغ عمق وشدة التباطؤ الاقتصادي في المنطقة؟
حتى الوقت الراهن، يرى الاقتصاديون في المنطقة ان الآثار ستكون معتدلة. وبرأيهم فإن ذلك قد يكون ايجابيا، حيث سيعمل ذلك على مساعدة المنطقة في تخفيف الضغوط على الموارد، والحد من النمو الائتماني ذي المخاطر العالية.
لكن الكثير يعتمد على اسعار النفط، ففي 2007 بلغ متوسط سعر البرميل 72 دولارا، وفي يوليو 2008 وصل ذروته عندما بلغ 147 دولارا للبرميل. غير ان خام برنت بلغ الاربعاء الماضي قرابة 83 دولارا للبرميل، وهو انخفاض أكبر من المتوقع في السعر، مما يشكل اكبر تحد لتوقعات الاقتصاديين.
تقول راندا عازار، كبيرة الاقتصاديين في بنك الكويت الوطني لـ «فايننشال تايمز» «انني اخفض التوقعات بشأن النمو، لكنني لا استطيع القول بكم. فنحن نراقب الوضع يوما بيوم».
وتضيف ان الكثير من الاسس الاقتصادية مازالت راسخة وتتوقع ان تمضي المشروعات التي تدعمها الحكومة قدما. لكن الانخفاض الحاد في اسواق الاسهم سيعمل على الارجح على الحد من الثقة.
وتتابع القول: «النمو سيهدأ لكنه سيكون أعلى من معدلاته في معظم الأسواق الناشئة».
وفي السعودية، توقع سعيد الشيخ، كبير الاقتصاديين في البنك الوطني التجاري، ان يتباطأ نمو اجمالي الناتج المحلي الحقيقي من 5% هذا العام الى «ربما 3% او 4%» العام المقبل. كما يقول ان هناك احتمالا هو ان تتبع الحكومة منهجا حذرا، وان تبقى على معدلات انفاق ثابتة في 2009 بدلا من مواكبة الزيادات التي شهدناها في السنوات الاخيرة.
ويضيف «مع تراجع اسعار النفط والانتاج وتوقع ركود الانفاق الحكومي او زيادته بمعدل طفيف، سيسجل الاقتصاد نموا معتدلا».
وتتوقع مورغان ستانلي حاليا، ان يبلغ نمو اجمالي الناتج المحلي في القطاع غير النفطي للامارات 6,4% في 2009، مقارنة مع توقعها لنمو يصل الى 7,1% لهذا العام، مع الابقاء على نظرتها المستقبلية للاقتصاد بـ «ملائم جدا».
اذ يقول محمد جابر، الاقتصادي في مورغان ستانلي «لقد ادخرت الامارات للأيام الصعبة، ولعل تلك الايام قد جاءت، لكن لديهم مصادر وافرة للتعامل والتكيف معها، ان الامارات لديها احتياطيات غزيرة وايرادات فائضة».
ولعل احد ايجابيات التباطؤ الاقتصادي يتمثل في تراجع معدلات التضخم التي وصلت الى رقمين، والذي قد يحدث في اواخر هذا العام او مطلع العام المقبل، فارتفاع اسعار المواد الغذائية وتكاليف مواد البناء والزيادة القياسية في النمو الائتماني كانت مصدر قلق رئيسي للسلطات النقدية في سعيها للانطلاق مع موجة الازدهار.
هذه المخاوف تحولت الآن الى شح في السيولة في بنوك المنطقة، مما دفع بنك الكويت المركزي الى ضخ السيولة في النظام المصرفي، وكذلك الحال بالنسبة لبنك الامارات المركزي الذي وفر سيولة مقدارها 16,6 مليار دولار، لكن بنك السعودية المركزي ذكر الاربعاء الماضي ان لا حاجة لتوفير اموال طارئة في مصارف المملكة.
كما يشير الاقتصاديون الى وجود سيولة وافرة في الصناديق السياسية واحتياطيات الحكومات لتحفيز النمو عند الضرورة، ولا احد يتوقع التباطؤ ا لذي شهدته المنطقة في الثمانينات والتسعينات بعد الطفرة النفطية الاولى عندما عانت اقتصادات الخليج من الركود وبعض الحكومات من العجز المالي.
«قد يصل الازدهار الى نهايته في المنطقة، اذا ما تغيرت نظرة المستثمرين الاجانب اليها، وتراجع الائتمان وهوت اسعار النفط الى 60 دولارا للبرميل، لكنه حتى في حال حدوث ذلك فإنه لن يقود الى العجز المالي الذي شهدته المنطقة في التسعينات او الى ضغوط مالية»، بحسب اقتصادي سعودي.
ويضيف ان المستثمرين الاجانب والحكومات الاقليمية سيدرسون الوضع، وسيكونون اكثر انتقائية في ما يخص ترتيب اولوياتهم.
ويخلص قائلا «ما يتعين عليهم القيام به هو خلق توازن بين الاولويات، فهل نبني الابراج ام نبني المدارس؟».