المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تباطؤ النمو الائتماني يرغم الإمارات على البحث عن مصادر تمويل جديدة



مغروور قطر
11-10-2008, 01:40 AM
الكساد العظيم من الشرق إلى الغرب
تباطؤ النمو الائتماني يرغم الإمارات على البحث عن مصادر تمويل جديدة



إعداد: رزان عدنان
ذكر تقرير صدر اخيرا عن وكالة ستاندرد آند بورز حول المخاطر الائتمانية في اسواق الامارات ان البلاد بشكل عام، ودبي بوجه خاص، تواجه بيئة ائتمانية اكثر صعوبة من الاعوام الخمسة الماضية.
وقال ان هذه البيئة المتغيرة ستبطئ من سرعة النمو الائتماني.
ولفت تقرير ستاندرد آند بورز الى ان البيئة الجديدة قد تقود الى عملية تقييد ائتماني، لكن الامر بعيد عن حدوث ازمة ائتمان مزعزعة.
وتطرق الى اعادة تمويل سندات المديونية، التي وصفها بانها هامة، نافيا في الوقت ذاته ان تطفو على المدى القريب.
وكان التقرير قد ذكر في البداية ان هوامش الاعوام الخمسة الماضية لحكومة ابوظبي المصنفة Aa2 اتسعت في اسواق مقايضة العجز الائتماني الى 40 نقطة اساس في اقل من شهر واحد، في حين ارتفعت هوامش حكومة دبي الى الضعف منذ بداية شهر اغسطس ووصلت الى 170 نقطة منذ بداية العام.
وكان هذا الاتجاه في الهيئات المملوكة للحكومة في الامارات اكثر وضوحا، وتأثر هذا التحول بدرجة كبيرة باعادة التسعير العالمي للمخاطر، لكن القضايا الخاصة بدولة الامارات برزت هي الاخرى في المقدمة.
ومن وجهة نظر التقرير فان تلك القضايا كان مبالغا فيها، وفي هذا السياق يظهر التقرير انه على الرغم من تزايد الدين العام بشكل كبير، الا انه اقل مما اقترحه البعض.
كما وجد التقرير ان الاقتصاد اقل عرضة للشروط الائتمانية المقيدة مما يعتقده الكثيرون.
ويؤكد التقرير ان الامارات لا تزال مستقرة خلال هذه الفترة التي تشهد تقييدا في السيولة، ويشير في الوقت ذاته الى تغير البيئة الائتمانية.
وعلى الرغم من استمرار ارتفاع اسعار النفط، وبعد اربع سنوات من القدرة على الحصول على التمويل الرخيص التكلفة بسهولة، اصبح الان صعبا في الامارات وبقية الاسواق الناشئة الاخرى.
الى هذا، سيكون ضمان الدين اكثر صعوبة وتكلفة في الاشهر القادمة، وستتباطأ سرعة النمو الائتماني، وسيتعين على الاماراتالبحث عن وسائل تمويل اخرى.

زاد اتجاه اتساع هوامش النمو الائتماني البطيء لتسعة اشهر بحدة منذ بداية اغسطس الماضي للدائنين بشكل عام في الامارات ودبي بشكل خاص، الامر الذي دفع هوامش مقايضة العجز الائتماني والسندات النقدية للاتساع بحدة.
من ناحيته اثر ضعف شهية المخاطر العالمية بشكل كبير على تدهور المزاج العام للمستثمرين، ومع ذلك، هناك قضايا مهمة اخرى يجب النظر اليها في الامارات تتمثل في الازدهار العقاري البارز المندمج بالمستويات المرتفعة للدين، اضافة الى حجم المعلومات المحدودة المتوافر عن الدين العالق او هيكلات الميزانية العمومية.
ويؤكد التقرير بالدليل ان الامارات العربية المتحدة وخاصة دبي لا تواجه زيادة في المبالغ المقترضة، ولا تواجه ازمة ائتمانية، غير ان التقرير يقول ان هناك بوادر على ان البلاد ستشهد عملية تقييد للسيولة وشيكة، مما سيبطئ بحسب التوقعات من سرعة التوسع الائتماني، ويفرض على المقترضين البحث عن مصادر اخرى للتمويل.

الالتزامات والديون
واوضح التقرير ان الميزانية العمومية للبنوك التجارية في الامارات تعطي انطباعاً خاطئا او غير مفهوم للقروض الخارجية، وحتى نهاية عام 2007، وصل اجمالي الالتزامات الاجنبية الى 88 مليار دولار، الذي يساوي اكثر من 46 في المائة من اجمالي الناتج المحلي لعام 2007 والزيادة السنوية التي تبلغ تقريباً 80 في المائة.
وهذه الزيادة حولت القطاع المصرفي من دائن اجنبي صاف في النصف الاول من العام الماضي، الى مدين صاف بقيمة 45 مليار دولار في نهاية 2007.
ولقياس معدل الاقراض في القطاع المصرفي، من المفيد جيداً التدقيق في برنامج السندات الاوروبية متوسطة الاجل والقروض طويلة الاجل التي رفعتها البنوك التجارية، وكانت دارسة قامت بها اكبر ثمانية بنوك تجارية في ابوظبي ودبي اظهرت ان قيمة اجمالي برنامج السندات الاوروبية متوسطة الاجل هي اقل من 42 مليار دولار.
وفي حين تمت اضافة قيمة القروض المشتركة حالياً الى ميزانية البنوك العمومية، ارتفعت قيمة الدين لتصل الى حوالي 27 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم، وتبلغ الزيادة السنوية في قيمته 29 في المائة.
اضافة الى هذا يستحوذ بنك واحد على اكثر من 35 في المائة من اجمالي هذا المبلغ، هو بنك ابوظبي التجاري المملوك لحكومة ابوظبي، الى هذا يبلغ الدين الخارجي لبنوك دبي حوالي 9 مليارات دولار.

معدلات الفائدة
ومع زيادة الالتزامات الاجنبية في البنوك التجارية، من السهل اساءة فهم الزيادة الاخيرة في معدلات الفائدة بين البنوك في الامارات.إذ ارتفعت معدلات الفائدة بين البنوك لثلاثة اشهر بواقع 120 نقطة اساس في الفترة ما بين منتصف مايو ومنتصف سبتمبر، وزادت ست مرات عن الليبور بالدولار الاميركي للفترة ذاتها.
وتوفر المعدلات بالدرهم الاماراتي علاوة على المعدلات بالدولار.
وبالنسبة للتقرير، يعتبر الأمر عاديا جدا. اذ انه من المعروف ان معدل الفائدة بالدرهم الإماراتي يتم تداولها بسعر أعلى من معدلات الفائدة بالدولار الأميركي. وهو امر يتم في معظم انظمة العملات التي تستند الى ربط عملتها بالدولار.

الأصول
ومن ضمن نتائج استخدام دبي للديون التي طورتها لتمويل الاستثمار بدلا من الاتفاق المتكرر برز الجانب القوي للأصول في الميزانية العمومية، اضافة الى ان جزءا كبيرا من الديون المندمجة لدبي تم ترتيبها لتمويل عمليات استحواذ على اصول مدرة للدخل واصول عقارية، والكثير منها يرتكز خارج الامارات نفسها.
على سبيل المثال شركة دبي العالمية التي تعتبر اكبر مقترض فردي في الامارات، حيث اظهرت بيانات القروض ان قيمة القروض العالقة تبلغ 17 مليون دولار.
ولهذا تعتبر مسألة قروض الشركة مبعثا خاصا للقلق في السوق، بسبب حجم التزاماتها غير المسددة من جهة، ولأنه باعتبارها شركة خاصة بالكامل لم تفصح إلا عن القليل من تفاصيل ميزانيتها العمومية من جهة اخرى.
لكن ومع ذلك ومن خلال لمحة على الاصول التي تملكها الشركات التابعة لدبي، تظهر حجم التجارة القوي الموجهة نحو الربحية للعائلة.
وتشمل هذه الشركات التابعة شركة موانئ دبي العالمية، وشركة دراي دوكس، وشركة بي آند أو للخدمات البحرية، وشركات عقارية مثل نخيل التي اصدرت بيانات تظهر تدفقات نقدية كبيرة، اضافة إلى المستويات العالمية للاسهم.
لكن يقول التقرير ان تكتلات مثل دبي العالمية تعاني من سوء فهم بسبب استمرار عدم معرفة المستثمرين بعملياتها التشغيلية.
وبشكل عام، تبقى الامارات بلدا صافيا بشكل كبير جدا على الرغم من النمو الاخير في الديوان، ومع ان ابوظبي تتحكم بمعظم الاصول الاجنبية السائلة في الامارات، فإن الافتراضات القائمة لوكالات التصنيف ترى ان هذه الاموال قد تكون متوافرة لتلبية احتياجات التمويل الطارئة للهيئات التي تسيطر عليها دبي.
ويرى التقرير انه سيتم توجيه هذه الاموال بشكل مناسب.

تقييد السيولة
لقياس درجة تقلب الامارات في المناخ الائتماني المقيد، حاول التقرير معرفة احتياجات الدولة في اعادة التمويل المحتملة من خلال تفاصيل سجلات القروض غير المسددة والجدول الزمني لسداد السندات المتداولة.
ومن خلال هذه العملية، تبين انه لا توجد سندات يجب استحقاقها في هذا العام. غير انه يجب سداد دين او اعادة تمويل سندات بقيمة 5،5 مليارات و 6 مليارات دولار في 2009 و2010.
ومن غير المتوقع ان ترتفع سندات المديونية بشكل كبير حتى عام 2012، حيث ستبلغ قيمة اوراق الدين 9،8 مليارات دولار عندما يحين موعد السداد.
وتعود معظم الديون المستحقة في العامين 2009و 2010 الى شركات في دبي وتشمل سندا بقيمة 3،5 مليارات دولار اصدرته شركة نخيل.
والسند هذا عبارة عن صكوك قابلة للتحويل، يتوقع السوق ان يتم تحويلها الى اسهم على ضوء اكتتاب نخيل.
الى هذا تقول بيانات الميزانية العمومية التي اصدرتها نخيل ان الشركة لديها مرونة مالية كافية لتلبية سندات المديونية لديها.
ورغم توافر البيانات المنتهية لسندات الدين الطويل الاجل، فانه من الصعب تقييم هيكلات سداد الدين.
ومن خلال دمج استحقاق القروض والسندات، يتضح ان الالتزامات القانونية باعادة التمويل المحتملة كبيرة ومتغيرة، كما انها ستمتص السيولة التي قد تستخدم لتمويل النمو الائتماني الجديد وتعزيز تكلفة الاموال.
من جهة اخرى وعبر الالتزامات باعادة التمويل الكبيرة القادمة من مصادر محلية، لا يرى التقرير ان الازمة الائتمانية ستبرر الارتفاع الحاد في هوامش مقايضة العجز الائتماني الاخيرة، وان الاقتصاد سيواجه خطرا متناميا في العجز عن السداد.

مصادر اخرى
رغم ان الكثير من عمليات اعادة تمويل وتحويل المخاطر افضت الى وجود ازمة، فإن التقرير يرى ان هناك سببين لتقييد السيولة، الاول يعود الى تغير طبيعة التمويل في الامارات والثاني التباطؤ بشكل كبير في سرعة اتساع النمو الائتماني الجديد.
وبالنسبة للبنوك التجارية، يبدو الضغط على التمويل واضحا الان ومن المرجح ان يتزايد وضوحه في ما بعد.
وفي بيئة معدلات الفائدة الحقيقية السلبية، اصبح جذب الودائع الطويلة الامد الجديدة يمثل تحديا.

استمرار الطلب على القروض
في غضون ذلك، استمر الطلب على القروض بتعزيز قطاعات الاستهلاك والشركات، الأمر الذي جعل معظم البنوك تعمل ضمن مستويات سقف القروض الى الودائع.
ونتيجة لذلك، من المرجح ان يتباطأ التوسع الائتماني الجديد.
اما المقترضون الكبار فسيواجهون تحديا وتغيرا كبيرين، اذ ستزداد صعوبة ضمان القروض مع احجام شهية المخاطر العالمية وامتناع المقرضين الأجانب عن اضافة أي انكشافات جديدة ذات حجم كبير.
لكن هذا الأمر لا يعني ان أجندة التنمية المحلية في الإمارات ستتعرض لتوقف مفاجئ، فالكثير من المشاريع الرئيسية التي يتم تنفيذها في دبي وأبوظبي لديها أموال مضمونة. وتظهر شركات التطوير العقاري الكبيرة على نحو خاص هوامش وتدفقات نقدية قوية التي من شأنها ان تدعمهم حتى لو هبطت أسعار العقار بدرجة كبيرة.
ومع ذلك تشير هذه الأمور كلها الى ان الاشياء في طريقها نحو التغير.
على سبيل المثال، قد يجد المقترضون في دبي ان مناخ التمويل الحالي يتطلب منهم تخفيض وتحديد الأولويات في اجندة نموهم والتركيز بشكل قوي على دمج عمليات الاستحواذ الموجودة.
اضافة الى هذا، قد يتعين على الهيئات في الامارات البحث بشكل أكبر عن مصادر تمويل أخرى كاملة.

افتراض متحفظ
لتقييم الدين الخارجي، استخدم التقرير افتراضا متحفظا يقول ان جميع ديون السندات او الديون المضمونة تم شراؤها في الخارج.
الى هذا، من الصعب تقسيم الدين الاجمالي بين المقرضين المحليين والأجانب بسبب الهيكلات المشتركة وعمليات التشغيل المحلية الكبيرة لكثير من البنوك الأجنبية.
وتظهر سجلات اجمالي قروض الشركات للبنوك المحلية (التي تشمل البنوك الأجنبية المنظمة بشكل محلي) ان اجمالي عمليات اقراض الحكومة والشركات والقطاعات المالية أكثر من 108 مليارات دولار.

متطلبات النمو
قال التقرير: يوفر الانفاق الحكومي والسيولة المضافة لقطاع المصارف المحلي متطلبات التمويل لنمو قروض الشركات.
ومن شأن تسهيلات السيولة التي قد يقدمها البنك المركزي ان توفر أدوات يمكن للسلطات خلالها ان تخفف من وطأة نقص السيولة.
كذلك من شأن تخفيض متطلبات الاحتياط لدى البنوك التجارية ان يساهم بضخ سيولة اضافية في السوق.
وقد تجد الامارات سوق السندات أكثر تقبلا للقروض من سوق القروض المشتركة. كما ان تقييد التمويل قد يزيد من عملية تطوير أسواق الأسهم في المنطقة.
من جانبها، لطالما تمت مناقشة الخصخصة الجزئية للشركات الممتازة في أبوظبي والشركات المملوكة للعائلة في دبي، ويبدو التقدم فيها بطيئا نسبيا.
في سياق آخر، قد يكون تقييد عمليات التمويل محفزا لعمليات تغير سريعة بشكل أكبر.