المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : على الدولة التدخل فالدستور يفرض عليها ذلك صراحة



مغروور قطر
12-10-2008, 02:24 AM
رأي قانوني
على الدولة التدخل فالدستور يفرض عليها ذلك صراحة





عبدالرزاق عبدالله
بقلم: المحامي عبدالرزاق عبدالله
في الاستطلاع الذي قامت به «القبس» الذي شمل نخبة من رجال الاعمال بشأن الظروف الاقتصادية والمالية التي تمر بها اسواق المال والبورصات العالمية في الآونة الاخيرة ودور الدولة في هذا الشأن اتضح ان هناك تباينا في الآراء بين مؤيد للتدخل الحكومي ومعارض، وبين من ينادي بالتدخل التدريجي والحذر، كما اختلفت الآراء حول ما اذا كانت هناك ازمة ام ان ما هو حاصل هو وضع طبيعي وتصحيح للسوق وسيأخذ دورته في الصعود مرة اخرى، ومن ثم لا داعي للهلع والخوف والمناداة بتدخل الحكومة.
والمتابع للاحداث يلاحظ الفارق الكبير بين ازمة الرهون العقارية الحاصلة في اميركا، التي ترتب عليها ارتباك الحالة المالية وتعرض البنوك للانهيار وما هو حاصل في سوق الكويت للاوراق المالية، من تدهور لاسعار الاسهم.
وهذا التباين في الآراء يقودنا الى البحث عما اذا كانت الدولة ملزمة بالتدخل، ام انه محض اختيار لها وحسب تقديرها ورؤيتها، ام انه لا يجوز لها التدخل اصلا خشية اهدار المال العام في سبيل انقاذ مجموعة من المضاربين قادهم الجشع والطمع الى هذه الحال.
بداية، تنبغي ملاحظة ان دور الدولة لم يعد يقتصر، كما كان في السابق، على ان يكون حافظا للامن وحارسا للحدود، بل يمتد دورها الآن ليشمل النواحي الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وهي المسؤولة عن تنمية البلاد والبحث عن الموارد المالية وصيانتها.
وهذا الدور يكون اشد وضوحا في دولة مثل الكويت، حيث انها تملك مصادر الدخل وبيدها خيوط التنمية بل هي تقوم بالاستثمار وتملك الاسهم والشركات. ولا يخفى على احد ان التجاذب والتصعيد والتأزيم اضحى سمة بارزة في البلاد بعد ان تعطلت مشاريع التنمية وكانت من اهم الاسباب الحقيقة للركود الاقتصادي.
وتجدر الاشارة إلى ان الهيئة العامة للاستثمار حين قامت بتوزيع مبلغ 300 مليون دينار على الصناديق الاستثمارية لم يكن من اجل المساعدة في ازمة السوق بقدر ما هو اقتناص للفرص الاستثمارية. وعودة الى قول ما سبق من ان الدولة لم تعد تلعب دور الحارس، بل هي تتحمل مسؤولية حماية البلاد من الكوارث الطبيعية والمالية، وبقراءة نصوص الدستور يتضح بجلاء اتفاق هذا الاتجاه مع النصوص الدستورية فالمادة الثامنة تنص على ان «تصون الدولة دعامات المجتمع وتكفل الامن والطمأنينة وتكافؤ الفرص للمواطنين» والمادة 25 تنص على ان «تكفل الدولة تضامن المجتمع في تحمل الاعباء الناجمة عن الكوارث والمحن العامة وتعويض المصابين بأضرار الحروب والكوارث».
والمادة الاقرب الى حث الدولة على التدخل في مثل هذه الاوقات هي المادة 20، حيث تقول «الاقتصاد الوطني اساسه العدالة الاجتماعية وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه تحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة الانتاج ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرخاء للمواطنين وذلك في حدود القانون».
فإذا كان الدستور وهو ابو القوانين لا يمانع قيام الدولة بالتدخل في مثل هذه الازمات، بل انه يحث على ذلك وكل نصوصه تسير في هذا الاتجاه، ولا يوجد بين التشريعات والقوانين ذات الصلة ما يحرم الدولة من القيام بهذا الدور لانقاذ الاقتصاد ودعمه، بل ان هذا التدخل اصبح لازما وواجبا على الدولة اذا ما ألقت هذه الازمة بظلالها على اوجه النشاط التجاري والاقتصادي بما يهدد الاقتصاد العام ويزعزع الثقة في القدرة المالية للبنوك، وكيف يستقيم ذلك مع الوضع المالي الجيد للدولة، فكما تقول الحكمة «في ظل حكومة فاضلة الفقر عار، وفي ظل حكومة سيئة الغنى عار».
جدير بالذكر، ان تدخل الدولة يجب الا يقتصر على دعم سوق الكويت للاوراق المالية، بل يجب ان يكون هذا الدعم عاما وشاملا لجميع القطاعات الاقتصادية، وكذلك تجب مراعاة عامل الوقت فكلما كان التدخل سريعا قلت الخسائر وتبددت الازمات، والتاريخ يذكرنا بذلك في الازمة الاقتصادية العالمية عام 1929 عندما تأخر الرئيس الاميركي آنذاك تيودور روزفلت في اتخاذ القرار بالتدخل لمدة مائة يوم، مما كان عاملا مؤثرا في تفاقم الازمة.

ونود الاشارة الى ان احد اصحاب الاسهم قد أقام دعوى امام دائرة الامور المستعجلة يطلب فيها وقف التداول اليومي مؤقتا في سوق الكويت للاوراق المالية، الا انه وفقا للبند العاشر من المادة السادسة من القانون الخاص بتنظيم السوق، فإن هذا الامر متروك للجنة السوق تقوم به متى رأت ان ذلك ضروريا دون رقابة، ولا يمكن الزامها باتخاذ مثل هذا الاجراء جبرا.