المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العالم يتجه لاستبدال الرأسمالية بالنظام المالي الأسلامي



اسعاف
15-10-2008, 06:54 AM
العالم يتجه لاستبدال الرأسمالية بالنظام المالي الإسلامي
خطط الإنقاذ المالية العالمية تستلهم مبادئ المصارف الإسلامية



الخبراء يبشرون ببزوغ فجر جديد للمصارف الإسلامية عالمياً
د.حاتم النقرشاوي: الأزمة يمكن أن تقدم فرصة ضخمة لابراز النظام الإسلامي
د.الصيفي: البيع على المكشوف أحد الأسباب الرئيسية للأزمة القائمة
تحقيق-إيمان نصار : حتى الأمس القريب كانت المصارف الاسلامية تبدو بالضيف الثقيل أو غير المرغوب في الانظمة المالية العالمية الا ان ما حصل في منتصف سبتمبر الماضي من ازمة مالية هزت العالم بأسره شرعت الأبواب أمام النظام المصرفي الاسلامي لما يشكله من ضوابط وضمانات تحمي المستثمر والمساهم والمودع في آن واحد.
فالنظام الرأسمالي الذي كان يتغنى بتفوقه على سائر الانظمة المالية لما يتمتع به من مغريات وحريات أخفق النظام الاشتراكي في توفيرها واندثر جراء ذلك فبات اليوم أسير مرض فتاك تمكن منه ووضعه أمام مصيره المحتوم بالفشل مما فتح الباب لبديل أثبت عبر عقدين على انطلاقته من نجاحه التام والباهر وهو النظام المصرفي الاسلامي.
ولذلك وجدنا الاجراءات الانقاذية التي لجأت اليها دول غريقة للخلاص من الازمة المالية القائمة مستمدة بشكل او بآخر من مبادئ النظام المصرفي الاسلامي، فاليابان مثلاً خفضت الفائدة الى نسبة الصفر وهذا نفس المبدأ المعمول به في الانظمة الاسلامية.
هذا الواقع شجع الخبراء على التبشير ببزوغ فجر اقتصادي جديد للنظام الحالي الاسلامي مرجحين أن يكون هو المستقبل الأكيد للأنظمة المصرفية في العالم، وقد التقطت مراكز الدراسات هذه المؤشرات وبدأت الاعداد لرؤية عالمية متكاملة للنظام المالي الاسلامي، ولعل من أبرز هذه المراكز الندوة التي ستعقدها كلية الدراسات الاسلامية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع حول "الأصول الفقهية للمنتجات المالية الاسلامية" وذلك بمشاركة مع البنك الاسلامي للتنمية وبحضور عدد من العلماء.
ويرى الخبراء في هذه الندوة أنها يمكن ان تشكل نواة لتأسيس نظام اقتصادي اسلامي مقبول عالمي ويسد فجوة تحتاج اليها الأمة بل والعالم في هذه الايام.
فهل هذه المؤشرات من قبيل المبالغة في التفاؤل لتأسيس نظام اقتصادي اسلامي عالمي؟ ام ان مستقبل النظام المالي العالمي سيبقى خاضعاً لفوضى الحريات الرأسمالية؟!!
أستاذ الاقتصاد والتمويل وعميد كلية الدراسات الاسلامية بمؤسة قطر الدكتور حاتم النقرشاوي يرى ان الظروف الحالية وطبيعة التعامل المالي تعني ان هناك فرصة ضخمة لابراز النظام الاسلامي، مشيراً الى أن هذه الفرصة مرتبطة بقدرة المصارف الاسلامية وبيوت التمويل ان تقدم نفسها وان تلتزم بالمفاهيم غير المختلف عليها بالنسبة للمنتجات المالية الاسلامية، معرباً عن رأيه في أن النظام المالي الاقتصادي المبني على المفاهيم الاسلامية يقدم بديل يؤدي الى تضاؤل احتمالات حدوث مثل هذه الازمات الحاصلة.
وفي رده على كيفية حدوث ذلك اوضح الدكتور النقرشاوي ان المفاهيم الاسلامية كالتمويل تبنى على العلاقة المباشرة بين التمويل من ناحية والأصل المنتج وانتاجية النشاط من ناحية اخرى، لافتاً الى أن هذا يعني أن دور قرار منح التمويل لم يكن مجرد مراجعة الضمانات التي يقدمها العميل والتي أثبتت أن الازمة الحالية يمكن أن تكون موضع شكوك ومداخل لفساد.
وأكد على أن الضمان الحقيقي للتمويل هو النشاط الذي سيتم تمويله او السلعة التي يقوم البنك أو شركة التمويل ببيعها عن طريق التقسيط في صبغه المختلفة، مبيناً ان العائد على التمويل سيرتبط بانتاجية النشاط او المشروع وليس بمجرد مرور الفترة الزمنية بين توفير التمويل واسترجاع التمويل، لافتاً انه في هذه الحالة يمكن ان يكون للممول سواء كان بنك او شركة مصلحة أساسية والتزام أساسي بمتابعة أداء النشاط الأمر الذي يؤدي الى تضاؤل الفجوات ما بين قيمة الأصول الحقيقية وقيمة الاصول المالية، الى جانب ان تضاؤل مجالات وجود منتجات مالية ذات خطورة عالية ستعتمد في المقام الأول على المضاربة أو المعالجات المحاسبية مثل المشتقات.

وحول ما اذا كانت الاوضاع المالية المتدهورة والجارية حالياً ستؤدي الى انهيار النظام المصرفي الرأسمالي وبزوغ مستقبل فجر جديد لنظام اسلامي جديد، رأى عميد كلية الدراسات الاسلامية الدكتور حاتم النقرشاوي ان ما يجري الان من عمليات مسكنات ومقترحات للاصلاح ما زالت تدور حول اعادة النظام كما كان، لكنه قال بانه من الواضح ان هناك ادراك متزايد للحاجة الى اجراء جذري يتعلق بهيكلية النظام المالي العالمي، مشيراً الى أن هناك بورصات اتخذت قرارات بايقاف البيع على المكشوف اي ان هناك احساس بوجود خطأ ما، موضحاً ان المشكلة في المدى البعيد تظل تدور بأن النظام مبني على القروض والمتاجرة بالمال تعد بشكل يكون مستقبل عن النشاط الاقتصادي الحقيقي.

وفيما يتعلق بالمشتقات المالية التي أدت الى انهيار النظام المالي الرأسمالي قال استاذ الاقتصاد النقرشاوي بأن هناك منتجات تمثل ما يمكن ان نسميه تجاوزاً او مجموعات من الاصول المالية تُجمع سنوياً وتغطى بطرق مختلفة سواء بوجود عقود تأمين او ايجاد تشكيلة من الاصول المالية عالية المصادر الى أصول اقل مخاطرة وتدريجياً تضعف العلاقة بين الاصل الحقيقي الذي بنيت عليه هذه المشتقات.
وصرح الدكتور حاتم النقرشاوي ان كلية الدراسات الاسلامية ستعقد اواخر الشهر الجاري ندوة حول الاصول الفقهية للمنتجات المالية الاسلامية" بمشاركة مع البنك الاسلامي للتنمية وبحضور عدد من العلماء، ورأى ان هذه الندوة هي خطوة في سبيل سد الفجوة ما بين التطبيق والمفاهيم الأصلية للتمويل الاسلامي.
أما المحلل الاقتصادي الدكتور السيد الصيفي فرأى أنه بعد انهيار الاشتراكية اتجهت الرأسمالية عن غير قصد لمبادئ الاقتصاد الاسلامي، مستدلاً بذلك بعدة خطوات أدت الى ذلك الانهيار اولها تدخل الدولة وهو مبدأ أصيل من مبادئ الاسلام وهو ولاية أولى الأمر موضحاً ان هذا الامر مخالف لمبادئ الرأسمالية، الى جانب تخفيض معدلات الفائدة للمساعدة على الاقراض والاقتراض وذلك بغرض فتح السيولة في شرايين الاقتصاد التي تمثل بدورها سريان الدم في العروق وبالتالي بدونها تتوقف الحياة الاقتصادية لافتاً الى أن هذا مبدأ أصيل من مبادئ الاقتصاد الاسلامي والذي يقضي بأن تخفض الفائدة أخذاً وعطاءاً الى الصفر وهذا ما حدث في اليابان وباقي الدول الرأسمالية في اتجاهها الى ذلك خلال الفترة القادمة.
وأضاف الصيفي أن السبب الرئيسي في الازمة الحالية هو تضخم المؤسسات المالية بصورة كبيرة جداً أدت الى قيامها بعمليات احتكارية كبيرة وهذا ما ينهى عنه الاسلام من صنع الاحتكار ومحاربته، الى جانب قيام كثير من المؤسسات المالية ببيع ما لا تملك "عقود الاختيار والبيع على المكشوف وهي أمور نهى عنها الاسلام

سلمان_1
15-10-2008, 07:18 AM
للأسف ليس هناك نظام اقتصادي اسلامي شامل او متكامل
هناك فقط بنوك اسلامية ... والبنوك جزء من النظام المالي و ليست كل النظام المالي.

حسب ما سمعت ان التفكير الان منصب على الاقتصاد المختلط او الموجه ، وذلك بزيادة تدخل الحكومات في تسيير اقتصادياتها. لأن نظرية تنظيم السوق الحر لنفسه اصبحت على المحك اذا لم نقل انها فشلت

naklan
17-10-2008, 02:25 AM
الله يسمع منك وشكرا على الموضوع

اسعاف
17-10-2008, 07:36 AM
للأسف ليس هناك نظام اقتصادي اسلامي شامل او متكامل


هناك فقط بنوك اسلامية ... والبنوك جزء من النظام المالي و ليست كل النظام المالي.

حسب ما سمعت ان التفكير الان منصب على الاقتصاد المختلط او الموجه ، وذلك بزيادة تدخل الحكومات في تسيير اقتصادياتها. لأن نظرية تنظيم السوق الحر لنفسه اصبحت على المحك اذا لم نقل انها فشلت

============================================
سئل هذا السؤال
لفضيلة الشيخ الدكتور «علي السالوس» أستاذ الفقه والأصول، والأستاذ الفخري في الاقتصاد الإسلامي والمعاملات المالية المعاصرة في جامعة قطر، والنائب الأول لرئيس مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا


السؤال


*يزعم العلمانيون أن الاقتصــاد علم لا دين له، وأنه لا يوجد نظام اقتصادي في الإسلام، فما رد فضيلتكم على ذلك؟

الجواب

■ منذ عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين حتى الدولة العثمانية...، ما الذي كان يطبق؟ هل كان هناك اقتصاد أم لم يكن هناك اقتصاد؟ أكان هذا الاقتصاد مستمداً من الشريعة الإسلامية أم من القوانين العلمانية؟ وإلامَ يستند هذا الزعم؟ وماذا نفعل بهذه القرون الطويلة التي كان الاقتصاد الإسلامي هو المطبق في الدولة الإسلامية؟

وعندما جاء ما يسمونه عصر النهضة - والأَوْلى أن يسمى عصر الظلام أو عصر النكبة - ولما قضي على الخلافة الإسلامية المتمثلة في الدولة العثمانية التي شُوِّهت صورتها في الدراسات المعاصرة؛ بعد هذا طُبِّق الاقتصاد الوضعي العلماني. ثم لما بدأت الأمة في النهوض من جديد، وانتشرت اليقظة والصحوة الإسلامية؛ صاحبتها الدعوة إلى تطبيق الإسلام ومن ضمنها الاقتصاد الإسلامي. فكيف يأتي هذا السؤال؛ وهناك مئات الدراسات في الاقتصاد الإسلامي، وهناك كليات ومعاهد ومراكز وأساتذة متخصصون في الاقتصاد الإسلامي؟ وماذا يدرِّس كل هؤلاء؟

أذكر في اجتماع مشترك بين كلية الشريعة والإدارة والاقتصاد في جامعة قطر، والحديث كان عن: كيف سيدخل الاقتصاد الإسلامي في الجامعة؟ وكان هناك أستاذ كبير في الاقتصاد الإسلامي، بالإضافة إلى خبير في الاقتصاد الوضعي، وسأل: هل في الاقتصاد الإسلامي ما يكفي لمادة تُدرَّس؟ فقلت له: وهل هذا الأســتاذ الكبــير يُــدرِّس شيئاً لا وجود له؟!

والذي يقول: إن الاقتصاد علم لا دين له، وأن الإسلاميين هم الذين ألبسوا الاقتصاد العمامة الإسلامية، فهو كلام مردود، وإن كان ينطبق على شيء فيمكن أن ينطبق على النصرانية أو اليهودية، لكنه لا ينطبق على الإسلام؛ فالإسلام دين ودولة وليس خاصاً بالمساجد، والاقتصاد الإسلامي طُبِّق بالفعل في القرون الماضية، ويطبق الآن بشكل جزئي في أماكن مختلفة.
ما خصائص الاقتصاد الإسلامي التي تميزه عن الاقتصاد الوضعي؟

■ هناك عدة خصائص تميز الاقتصاد الإسلامي عن النظم الاقتصادية الأخرى، ومن أهم هذه الخصائص:

1- ربانية المصدر: فالخصيصة الأولى للاقتصاد الإسلامي أنه رباني المصدر؛ فهو جزء من الإسلام، فمصدره إلهي مستمد من بيان الله - عز وجل -، فهو ليس الاقتصاد الذي قال به أفلاطون أو أرسطو، وليس اقتصاد التجاريين أو الطبيعيين، أو الكلاسيكين أو الماركسيين... ومصادر هذا الاقتصاد هي القرآن الكريم والسنة النبوية، والإجماع، والقياس. لذلك، فإن الاقتصاد الإسلامي في جملته مصدرُه الوحي، أو الاجتهاد في ضوئه. وهذه الخصيصة لا توجد في أي مذهب اقتصادي آخر، فكل المذاهب الأخرى من وضع البشر. كما أن الاقتصاد الإسلامي وحده رباني المصدر، فالشرائع السابقة للإسلام كانت مؤقتة تمثل مرحلة انتقالية إلى أن يأتي الدين الخاتم، لذلك لم يكن هناك منهج اقتصادي متكامل ولا سيما مع تحريف التوراة والإنجيل وتبديلها. لذلك؛ وجب الإيمان بأن الاقتصاد الإسلامي هو الأصلح للناس، وينبغي الأخذ به وتطبيقه، فهو اقتصاد معصوم في أوامره ونواهيه ومبادئه الكلية، وأقرب إلى الصواب في الأمور التي تكون بالاجتهاد.

2- ربانية الهدف: الاقتصاد الإسلامي يهدف إلى سد حاجات الفرد والمجتمــع الدنــيوية، طــبقاً لشرع الله - تعالى - الذي استخلف الإنسان في التصرف في المال والانتفاع به، فالمسلم يدرك أن المال ملك الله - عز وجل – فيكون إرضـاء مالك المــال – سبحــانــه وتعــالى – هدفاً يسعى إليه المسلم في نشاطه المالي والاقتصادي.

وهذا الهدف ينفرد به الاقتصاد الإسلامي عن غيره من المذاهب الوضعية، فهدف التجاريين الحصول على أكبر قدر من الذهب، والطبيعيون اتجهوا إلى الثروة الزراعية، وقللوا من شأن الصناعة والتجارة. والرأسماليون يهدفون إلى المنفعة وإشباع الرغبات دون النظر إلى حلال أو حرام، والماركسيون هدفهم المادي يتجه لخدمة الشيوعية الملحدة.

3- الرقابة المزدوجة: عندما يضع أي نظام بشري مبادئه وقوانينه، فإن التطبيق يحتاج إلى جهاز للرقابة، ويستطيع الناس مخالفة هذا النظام ما داموا بعيدين عن أعين الرقباء. أما في الإسلام؛ فإن النشاط الاقتصادي يخضع لرقابتين: بشرية، وهي وظيفة المحتسب لمراقبة النشاط الاقتصادي، إلى جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ ورقابة ذاتية نابعة من إحساس المسلم أن الله - عز وجل - أحلّ كذا وحرم كذا، وأنه تحت سمع ربه وبصره، سبحانه وتعالى.

4- الجمع بين الثبات والتطور: في الاقتصاد الإسلامي أمور ثابتة لا تتغير ولا تتبدل مهما تغير الزمان والمكان، مثل: تحريم الربا، وأنصبة الزكاة والمواريث، وعقوبة السرقة... وهكذا. من جهة أخرى، فالإسلام جاء خاتماً للأديان وليطبق في كل مكان وزمان، لذلك كان فــي اقتصــاده من المــرونة ما جعله يتسع للأساليب المختلفة ما دامت لا تتعارض مع أصل ثابت. ومن المعروف أن الأصل في العبادات الحظر وفي المعاملات الإباحة، فكل عبادة ممنوعة ما لم يوجــد ما يدل على مشروعيتها، وكل معاملة مباحة ما لم يثبــت ما يمنعها.

5- التوازن بين المادية والـروحية: الإنسان مادة وروح، وخالقه - عز وجل - يعلــم ما يصلــح لكــــل منهـــما ومـا لا يصلــح {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْـخَبِيرُ} [الملك: ٤١] فجاء الاقتصاد الإسلامي بالتوازن بـين الجــانبــين؛ بحيــث لا يطغى أحدهما على الآخر، ولهذا وجدنا الربط بين التنمية الاقتصادية والتنمية الإيمانية: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} [الأعراف: ٦٩]، وجعل الجهاد في سبيل الله مع الضرب في الأرض: {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [المزمل: ٠٢]. بل جعل النشاط الاقتصادي سعياً في سبيل الله، كما جاء في الحديث الشريف: «إن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفّها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان». كما أن الإسلام منع التفرغ للعبادة والرهبانية وجمع بين العبادة والعمل، وجعل المسلم وهو يعمل يتجه إلى الله - عز وجل -: {فَإذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللََّّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الجمعة: ٠١] .

6- التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة: للإنسان دوافعه ورغباته وما يراه محققاً لمصلحته الخاصة، وقد تتعارض مصلحة الفرد مع مصلحة الجماعة، فراعى الاقتصاد الإسلامي التوازن التام بين المصلحتين. ومن المعلوم أن ما يملكه الفرد لا يجوز غصبه أو الاعتداء عليه، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في خطبته يوم عرفة من حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام؛ كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا». وللمالك حق الانتفاع المشروع بما لا يتعارض مع مصلحة الجماعة، وليس له حق استخدام ما يملك بطريقة تسبب الضرر للآخرين، وليس له كذلك تعطيل الانتفاع تعطيلاً يضر بمصلحة الجماعة. والمحتكر الذي يستغل حاجة الجماعة يُمنَع من ذلك ويجبره ولي الأمر على البيع بثمن المثل. وإذا أصبح العمل فرضَ عين على أحدٍ لمصلحة الجماعة؛ أُجبِر على العمل بأجر المثل. وهذا التوازن لا يوجد في المذاهب الوضعية، فالرأسمالية اتجهت نحو الفرد وإشباع رغباته دون حدود أو قيود، فلا يجبر على فعل شيء حتى لو كان في ترك ذلك ضرر للجماعة. والماركسية ألغت مصلحة الفرد إلغاء تاماً، إذا استثنينا أفراد الحزب الشيوعي. وهكذا نجد اتجاهين متعارضين متناقضين، ويبقى الاقتصاد الإسلامي متميزاً بخصيصة التوازن.

7- الواقعية: الاقتصاد الإسلامي واقعي في مبادئه ومنهجه وأحكامه، ينظر إلى الواقع العملي الذي يتفق مع طبائع الناس، ويراعي دوافعهم وحاجاتهم ومشكلاتهم، ولا يجنح إلى خيال وأوهام، ولا ينزل إلى درك لا يتفق مع البشرية التي كرمها الله، سبحانه وتعالى. ولْنتدبر قول العليم الخبير: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْـحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: ٢٣]، فهذا هو واقع الناس واختلافهم في الرزق والجاه، ليتخذ بعضهم من بعض أعواناً يسخّرون في قضاء حوائجهم حتى يتساندوا في طلب العيش وتنعيم الحياة، وختام الآية له أثره البالغ في أن يكون هذا في تراحم وتعاون محمود. كما أننا نجد في الواقع الاختلافات والفروق الفردية، فهناك الغبي، والذكي القوي، والضعيف الغني، والفقير، لكن الإسلام يضع من الحقوق والواجبـات ما يمنع الظلم والتغابن. وشتان بين هذا وبين صراع الطبقات عند الماركسية! وشتان بينه وبين أوهام الرأسمالية عند آدم سميث الذي يقول: إن الإنسان في سبيل تحقيق مصالحه الخاصة يحقق مصلحة الجماعة دون توجيه أو إرشــاد! وهذه أوهام بعيدة عن أرض الواقع.

8- العالمية: من الخَمْس التي خُص بها خاتم الرسل - صلى الله عليه وسلم - أنه بُعِث للناس كافة، وكان كل نبي يبعث لقومه خاصة، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: ٧٠١] ولهذا جاء الإسلام صالحاً لكل زمان ومكان. والاقتصاد جزء من هذا الدين الخاتم، ولهذا جاء بأحكام كلية ومبادئ عامة تناسب كل زمان ومكان وتسع اجتهادات المجتهدين، وجعل الأصل في المعاملات الإباحةَ ما لم يوجد ما يعارض نصاً أو مقصداً من مقاصد التشريع الإسلامي. ولعل الشرائع السابقة لم تأتِ بنظام اقتصادي عالمي متكامل؛ لأنها كانت محددة الزمان والمكان. والمذاهب الوضعية كل منها نظر إلى البيئة التي نشأ فيها والظروف المحيطة.

ولمن أراد مزيداً من التفاصيل بشأن هذه الخصائص؛ يمكن الاطلاع على كتاب (موسوعة القضايا الفقهية المعاصرة والاقتصاد الإسلامي)

مجلة البيان 348.