مغروور قطر
18-10-2008, 01:00 AM
خطط الإنقاذ الخليجية انطلقت
إعداد: إيمان عطيـة
بعد أسابيع من المضاربات والهبوط في أسواق الأسهم وتفاقم أزمة السيولة الاقليمية، بدأت دول الخليج أخيرا في استعراض عضلاتها المالية.
اذ أعلنت قطر الاثنين الماضي أنها ستعمل على دعم قطاعها المصرفي، وأكدت استمرار تمويلها للمشروعات التنموية في البلاد. في حين خفضت السعودية أسعار الفائدة ووفرت سيولة نقدية قوامها 40 مليار دولار للقطاع المصرفي.
أما الخطوة الأكثر دراماتيكية، فتجلت في تحرك الامارات نحو اصدار ضمانات شاملة تغطي «مخاطر الائتمان» والودائع والاقراض بين البنوك (الانتربنك). ووعدت بضخ سيولة نقدية عند الحاجة. كما قدم البنك المركزي الاماراتي تسهيلات ائتمانية قوامها 13.6 مليار دولار لسوق الانتربنك.
وهلل المستثمرون بحماس لتلك الخطوات، وانعكس ذلك على اداء أسواق الأسهم.
وان دلت هذه التدخلات على شيء، فانها تدل على عزم السلطات طمأنة المستثمرين بأنها لن تسمح للاضطرابات المالية العالمية بأن تلجم النمو الاقتصادي للمنطقة.
وكانت أسواق الأسهم الخليجية قد تراجعت في الآونة الأخيرة، آخذة في طريقها مئات المليارات من الدولارات من القيم السوقية للشركات نتيجة المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي وتراجع أسعار النفط والضغوط على أسواق المال العالمية.
ويبدو أن السلطات بدأت بالاستجابة لنداءات المستثمرين وعموم الناس لدعم اقتصاداتها المحلية عوضا عن استثمار فوائضها المالية في الخارج.
دعم السوق الكويتي
فالكويت تعمل على دعم سوق الأسهم منذ أسابيع، وضخت ودائع بمليارات الدولارات والدنانير في المصارف المحلية. وبحسب مصرفي كبير يعمل في الكويت فان بعض تلك الأموال جاءت من تسييل بعض محافظ الدولة العالمية.
كما ضخ بنك الكويت المركزي سيولة اضافية قصيرة الأجل في السوق وخفض الفائدة ورفع من معدل القروض الى الودائع.
وفي السياق ذاته، يرى أحد كبار المصرفيين في دبي «أن الضمانات التي أعلنتها الامارات هي السياسة الأكثر منطقية وتماسكا وتنسيقا في العالم. انها بالضبط ما تحتاجه الأسواق. فنحن نعيش وسط عاصفة عالمية، لكنهم بنوا سياجا من الصخور حول البلاد».
وذكرت هيئة الاستثمار القطرية، وقوام أصولها 60 مليار دولار، في بيان موجه الى سوق الأسهم المحلية انها تعتزم شراء حصصا تتراوح ما بين 10% و 20% في المصارف المحلية المدرجة، واكدت استمرار تمويل المشروعات في البلاد. ويمكن لهذا الدعم أن يوفر أرضية جيدة للبورصة القطرية التي تراجعت بنسبة 20.4% خلال العام الجاري.
يقول فادي السعيد، رئيس ادارة الأسهم الاقليمية في «آي ان جي» لادارة الاستثمارات: «من الناحية المالية يعد الأمر منطقيا. فاذا لم نستخدم هذه الموارد الآن، فمتى سنستخدمها اذا؟».
تداعيات سلبية
ويرى الخبراء أن تعهد الامارات بضمان جميع الودائع والاقراض ما بين البنوك لمدة ثلاث سنوات يعتبر الخطوة ذات المغزى الأعمق والأكثر قيمة من غيرها من المبادرات الحكومية الأخيرة. غير أن العديد يحذرون من تداعيات سلبية على الدول المجاورة.
اذ يقول محمد جابر، الاقتصادي في مورغان ستانلي في لندن «اذا لم تحذ دول الخليج الأخرى حذو الامارات، فان الأموال قد تبدأ بالتدفق منها الى الإمارات».
ويوافقه الرأي مصرفي كبير يعمل في مؤسسة عالمية لها فروع في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، ويرى في ذلك مدعاة للقلق، مضيفا«من المؤكد أنه من المبكر الحديث عن هذا الموضوع، لكن في امكانك رؤية الكثير من الأموال التي تأتي الى الامارات من عملياتنا في الدول الأخرى».
كما أن هذه الضمانات يمكن أن تجعل من الامارات ملاذا آمنا في نظر الرساميل العالمية. اذ يقول مصرفي يعمل في دبي انه يتعين على الامارات الاستعداد وتجهيز الاجراءات اللازمة للحد من «الرساميل التي ستسعى للمجيء الى هنا».
تعاون خليجي
ومع ذلك، فإن معظم الخبراء يقولون ان الضمانات يمكن أن تؤدي الى تعاون خليجي واسع النطاق لدعم الحصانة الاقليمية في مواجهة أزمة الائتمان.
اذ يقول رئيس الخزينة في مصرف خليجي كبير: «نحن بحاجة الى ادارة احترازية للأزمات. وحتى تعمل هذه الادارة بشكل مثالي وفعال، لا بد أن تكون جماعية. لذا يجب على هذه الدول أن تجلس على الطاولة وأن تقوم بذلك معا».
غير أن بعض الاقتصاديين يرون أن الضمانات التي تقدمها الامارات لا يمكن أن تحل جوهر المشكلة التي تواجهها المنطقة وهي ارتفاع تكاليف التمويل.
اذ تقول مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في «اي اف جي ــ هيرمس»: «معدلات الفائدة السلبية (المنخفضة) واحدة من العوامل الأساسية الناجمة عن الضعف النسبي لنمو الودائع وليست نتيجة المخاوف من النظام المصرفي. ومن دون زيادة السيولة في النظام المصرفي، فان قدرة المصارف على زيادة معدلات الاقراض بين البنوك ستكون أيضا محدودة».
¶ فايننشال تايمز¶
تدوير البترودولارات
حتى وقت قريب، تجنبت دول الخليج اعادة تدوير مزيد من الايرادات النفطية في الاقتصادات المحلية، لا سيما أن التضخم وصل الى معدلات من رقمين في معظم دول المنطقة. وعمدت العديد من الدول الى زيادة متطلبات الاحتياطي ونجحت في سحب فائض السيولة بفعالية من الأسواق لكبح ارتفاع عرض النقد والأسعار.
ويحذر مصرفي من أن ضخ مزيد من السيولة من قبل البنوك المركزية أو تدفق الرساميل من المستثمرين الأجانب قد يعيدان «شبح التضخم مرة أخرى». غير أن معظم المصرفيين والمحللين يرون في ذلك الأمر مثار قلق ثانوي مقارنة بالضغوط التي تعاني منها الأسواق العالمية.
ويضيف رئيس الخزينة «نحن الآن نعيش أوقاتا استثنائية مما تطلب اجراءات استثنائية. وفي مثل هذه الأوقات تتغير الأولويات».
إعداد: إيمان عطيـة
بعد أسابيع من المضاربات والهبوط في أسواق الأسهم وتفاقم أزمة السيولة الاقليمية، بدأت دول الخليج أخيرا في استعراض عضلاتها المالية.
اذ أعلنت قطر الاثنين الماضي أنها ستعمل على دعم قطاعها المصرفي، وأكدت استمرار تمويلها للمشروعات التنموية في البلاد. في حين خفضت السعودية أسعار الفائدة ووفرت سيولة نقدية قوامها 40 مليار دولار للقطاع المصرفي.
أما الخطوة الأكثر دراماتيكية، فتجلت في تحرك الامارات نحو اصدار ضمانات شاملة تغطي «مخاطر الائتمان» والودائع والاقراض بين البنوك (الانتربنك). ووعدت بضخ سيولة نقدية عند الحاجة. كما قدم البنك المركزي الاماراتي تسهيلات ائتمانية قوامها 13.6 مليار دولار لسوق الانتربنك.
وهلل المستثمرون بحماس لتلك الخطوات، وانعكس ذلك على اداء أسواق الأسهم.
وان دلت هذه التدخلات على شيء، فانها تدل على عزم السلطات طمأنة المستثمرين بأنها لن تسمح للاضطرابات المالية العالمية بأن تلجم النمو الاقتصادي للمنطقة.
وكانت أسواق الأسهم الخليجية قد تراجعت في الآونة الأخيرة، آخذة في طريقها مئات المليارات من الدولارات من القيم السوقية للشركات نتيجة المخاوف بشأن الاقتصاد العالمي وتراجع أسعار النفط والضغوط على أسواق المال العالمية.
ويبدو أن السلطات بدأت بالاستجابة لنداءات المستثمرين وعموم الناس لدعم اقتصاداتها المحلية عوضا عن استثمار فوائضها المالية في الخارج.
دعم السوق الكويتي
فالكويت تعمل على دعم سوق الأسهم منذ أسابيع، وضخت ودائع بمليارات الدولارات والدنانير في المصارف المحلية. وبحسب مصرفي كبير يعمل في الكويت فان بعض تلك الأموال جاءت من تسييل بعض محافظ الدولة العالمية.
كما ضخ بنك الكويت المركزي سيولة اضافية قصيرة الأجل في السوق وخفض الفائدة ورفع من معدل القروض الى الودائع.
وفي السياق ذاته، يرى أحد كبار المصرفيين في دبي «أن الضمانات التي أعلنتها الامارات هي السياسة الأكثر منطقية وتماسكا وتنسيقا في العالم. انها بالضبط ما تحتاجه الأسواق. فنحن نعيش وسط عاصفة عالمية، لكنهم بنوا سياجا من الصخور حول البلاد».
وذكرت هيئة الاستثمار القطرية، وقوام أصولها 60 مليار دولار، في بيان موجه الى سوق الأسهم المحلية انها تعتزم شراء حصصا تتراوح ما بين 10% و 20% في المصارف المحلية المدرجة، واكدت استمرار تمويل المشروعات في البلاد. ويمكن لهذا الدعم أن يوفر أرضية جيدة للبورصة القطرية التي تراجعت بنسبة 20.4% خلال العام الجاري.
يقول فادي السعيد، رئيس ادارة الأسهم الاقليمية في «آي ان جي» لادارة الاستثمارات: «من الناحية المالية يعد الأمر منطقيا. فاذا لم نستخدم هذه الموارد الآن، فمتى سنستخدمها اذا؟».
تداعيات سلبية
ويرى الخبراء أن تعهد الامارات بضمان جميع الودائع والاقراض ما بين البنوك لمدة ثلاث سنوات يعتبر الخطوة ذات المغزى الأعمق والأكثر قيمة من غيرها من المبادرات الحكومية الأخيرة. غير أن العديد يحذرون من تداعيات سلبية على الدول المجاورة.
اذ يقول محمد جابر، الاقتصادي في مورغان ستانلي في لندن «اذا لم تحذ دول الخليج الأخرى حذو الامارات، فان الأموال قد تبدأ بالتدفق منها الى الإمارات».
ويوافقه الرأي مصرفي كبير يعمل في مؤسسة عالمية لها فروع في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، ويرى في ذلك مدعاة للقلق، مضيفا«من المؤكد أنه من المبكر الحديث عن هذا الموضوع، لكن في امكانك رؤية الكثير من الأموال التي تأتي الى الامارات من عملياتنا في الدول الأخرى».
كما أن هذه الضمانات يمكن أن تجعل من الامارات ملاذا آمنا في نظر الرساميل العالمية. اذ يقول مصرفي يعمل في دبي انه يتعين على الامارات الاستعداد وتجهيز الاجراءات اللازمة للحد من «الرساميل التي ستسعى للمجيء الى هنا».
تعاون خليجي
ومع ذلك، فإن معظم الخبراء يقولون ان الضمانات يمكن أن تؤدي الى تعاون خليجي واسع النطاق لدعم الحصانة الاقليمية في مواجهة أزمة الائتمان.
اذ يقول رئيس الخزينة في مصرف خليجي كبير: «نحن بحاجة الى ادارة احترازية للأزمات. وحتى تعمل هذه الادارة بشكل مثالي وفعال، لا بد أن تكون جماعية. لذا يجب على هذه الدول أن تجلس على الطاولة وأن تقوم بذلك معا».
غير أن بعض الاقتصاديين يرون أن الضمانات التي تقدمها الامارات لا يمكن أن تحل جوهر المشكلة التي تواجهها المنطقة وهي ارتفاع تكاليف التمويل.
اذ تقول مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في «اي اف جي ــ هيرمس»: «معدلات الفائدة السلبية (المنخفضة) واحدة من العوامل الأساسية الناجمة عن الضعف النسبي لنمو الودائع وليست نتيجة المخاوف من النظام المصرفي. ومن دون زيادة السيولة في النظام المصرفي، فان قدرة المصارف على زيادة معدلات الاقراض بين البنوك ستكون أيضا محدودة».
¶ فايننشال تايمز¶
تدوير البترودولارات
حتى وقت قريب، تجنبت دول الخليج اعادة تدوير مزيد من الايرادات النفطية في الاقتصادات المحلية، لا سيما أن التضخم وصل الى معدلات من رقمين في معظم دول المنطقة. وعمدت العديد من الدول الى زيادة متطلبات الاحتياطي ونجحت في سحب فائض السيولة بفعالية من الأسواق لكبح ارتفاع عرض النقد والأسعار.
ويحذر مصرفي من أن ضخ مزيد من السيولة من قبل البنوك المركزية أو تدفق الرساميل من المستثمرين الأجانب قد يعيدان «شبح التضخم مرة أخرى». غير أن معظم المصرفيين والمحللين يرون في ذلك الأمر مثار قلق ثانوي مقارنة بالضغوط التي تعاني منها الأسواق العالمية.
ويضيف رئيس الخزينة «نحن الآن نعيش أوقاتا استثنائية مما تطلب اجراءات استثنائية. وفي مثل هذه الأوقات تتغير الأولويات».