المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبراء مصريون : تعامل الحكومة مع الأزمة يتسم بـ «التراخي»



مغروور قطر
18-10-2008, 12:23 PM
خبراء مصريون : تعامل الحكومة مع الأزمة يتسم بـ «التراخي»


حذر خبراء اقتصاديون من تفاقم تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المصري إذا استمرت الحكومة المصرية في التعامل مع الأزمة بطريقتها الحالية والتي تتسم بالتراخي وغياب دور رؤساء مجالس إدارات الشركات المتعاملة مع البورصة وغياب المصارحة عن أبعاد الأزمة وأيضا غياب ثقافة الاستثمار في البورصة مؤكدين انه ليس هناك أي دولة بمنأى عن تأثيرات هذه الأزمة المالية العالمية لقوة تأثير الاقتصاد الأميركي في اقتصاديات الدول الأخرى.

وقال المشاركون في ندوة اقيمت مؤخرا والتي حملت عنوان « الأزمة المالية العالمية وتداعياتها «انه لا مفر من تأثر الاقتصاد المصري في مختلف قطاعاته بهذه الأزمة نظرا لتركز العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي مطالبين بتطبيق مبادئ الاقتصاد الإسلامي غير الربوي والقائم على الاقتصاد العيني والاستثمار الحقيقي وليس المضاربات».

ووفقا لموقع «محيط» فقد أكد الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة على أن هذه الأزمة هي بداية تحول في الموازين المالية العالمية وان مشروع النظام الرأسمالي العالمي قد فشل وهذا ما عبر عنه مسؤولون وخبراء أوربيون وأميريكيون ، مشيرا إلى ان العالم الآن يحتاج نظام اقتصادي جديد وهو النظام الإسلامي ، لأن هذا النظام بعيد عن سعر الفائدة الربوي وقائم على معدل الربح كأداة فاعلة لإدارة النشاط الاقتصادي المعاصر والذي يستند إلى القيام باستثمار حقيقي لتوسيع القاعدة الإنتاجية وليس على أساس استثمار مالي قوامه المضاربات أو المقامرات والاستغلال والفساد.

وهذا يتفق مع ما قاله الكثير من الخبراء الأجانب ومنها ما قاله الاقتصادي الأميركي المشهور سيمونز بأن الكساد العالمي العظيم في الثلاثينيات من القرن الماضي يرجع إلى تغيرات الثقة الناشئة عن نظام ائتماني غير مستقر وأن خطر الاضطراب الاقتصادي يمكن تفاديه إلى حد كبير إذا لم يتم اللجوء إلى الاقتراض وإذا ما تمت الاستثمارات كلها في شكل تمويل ذاتي وبالمشاركة.

ودلل الدكتور الغزالي على أن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي للخروج من الأزمة الراهنة مطلب يستند على أسس علمية وليس عاطفية أو حماسية ، مدللا على كلامه بالعديد من الوقائع ومنها قيام مركز الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بعقد سلسلة من الاجتماعات لعدد من الخبراء في عام 1990 عقب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق والاشتراكية في الشرق وذلك بدعوة من روسيا ووزير ماليتها لوضع سمات تفصيلية لنظام الاقتصاد الإسلامي وحدث ذلك بالفعل وعرضت اللجنة مشروع النظام على الوفد الروسي برئاسة وزير المالية ومسئولين آخرين وأعجب وزير المالية الروسي بهذا النظام وتساءل في دهشة لماذا تخلف المسلمون اقتصاديا وهم يملكون هذا النظام الناجح وكانت الإجابة لأنهم لا يطبقونه وأيضا وجود 36 مصرفا إسلاميا في الولايات المتحدة و20 في مختلف دول أوروبا.

ونبه الغزالي إلى أن الأزمة نجمت عن الإهمال غير المسؤول خلال الفترة الماضية من قبل الاحتياطي الفيدرالي أي البنك المركزي الأميركي في القيام بواجباته الإشرافية والرقابية وهو ما أدى إلى وقوع هذه الأزمة التي امتدت إلى الدول الأوروبية ودول جنوب شرق آسيا واليابان والصين ثم الدول النامية والتي تنذر بكسادٍ عالمي يتضاءل أمامه الكساد العالمي الضخم الذي حدث في أواخر العشرينيات وأوائل الثلاثينيات من القرن الماضي.

مشيرا الى ان الرغبة في إحراز أقصى الأرباح دفعت المؤسسات النقدية إلى الإفراط في تقديم القروض للأفراد وخاصة في مجال الرهن العقاري دون أي دراسات استعلامية ودون أي اعتبار للسيولة وكفاية رأس المال مما أدى إلى تعثر الكثير من المقترضين عن السداد في الوقت الذي انخفضت فيه أسعار العقارات ومن ثم غرق المواطنون في الديون وأصبحت المؤسسات النقدية على مشارف الإفلاس.

وألمح الى انه لحل هذه الأزمة يجب وقف المضاربات وبالذات المشتقات ومحاسبة المسئولين عنها في الجهاز المصرفي و تشديد رقابة البنك المركزي على العمل المصرفي بعامة وعلى ضخ الائتمان بخاصة وتفعيل السياسات المصرفية بحزم خاصةً فيما يتصل بإدارة السيولة والعائد ومخاطر الائتمان وكفاية رأس المال وأيضا الاستمرار في ضخ السيولة في شرايين الاقتصاد حتى لا تنهار أساسيات القاعدة الإنتاجية.

ومن جانبه يقول ممدوح الولي المحلل الاقتصادي و نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام ان بدايات الأزمة والتي بدأت في أواخر عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون وأوائل عهد الرئيس جورج بوش حيث ظهر على السطح بوادر أزمة مالية بالولايات المتحدة ودفع ذلك الرئيس بوش إلى الترويج للسوق العقاري لحل هذه الأزمة باعتبار أن سوق العقارات يجذب العديد من الأنشطة الكثيرة الأخرى وهو ما أطلق عليه بوش مشروع « بيت لكل مواطن أميركي» من خلال تقديم تسهيلات كثيرة للشعب عبر فتح باب الاقتراض على مصراعيه مما جعل الاقتراض شيئا أساسيا في حياة المواطن الأميركي الأمر الذي فاقم من المشكلة وأدى إلى تدخل الإدارة الأميركية بالمخالفة لقواعد النظام الرأسمالي الأميركي.

وارجع الولي تأثير الازمة المالية في الولايات المتحدة على جميع دول العالم بما فيها مصر إلى قوة الاقتصاد الأميركي ولان أميركا الأولى عالميا في الناتج الإجمالي العالمي ، وايضا الأولى عالميا في التجارة السلعية وهو نفس الترتيب الذي تحتله في التجارة الدولية ، وكذلك الأولى عالميا في مدفوعاتها للدول الأجنبية وفي الواردات الخدمية وفي الاستثمار المباشر للخارج وفي التحويلات المدفوعة.

واستعرض الولي أضرار هذه الأزمة على الاقتصاديات العربية والتي تتمثل في الأضرار اللاحقة باستثمارات صناديق الاستثمار السيادية و المؤسسات المالية العربية وودائعها واستثمارات الأفراد العرب وودائعها وبورصات الدول العربية.

اما بالنسبة للآثار السلبية المتوقعة لهذه الأزمة على اقتصاد مصر فقد أكد نائب رئيس تحرير الأهرام أنها أضرت بالبورصة والبنوك بالفعل وستؤدي إلى تراجع كل من السياحة والصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر، وتراجع تحويلات العاملين بالخارج ، تراجع معدلات المساعدات الدولية وإيرادات قناة السويس ،وانخفاض إيرادات الموازنة العامة للدولة ومعدلات النمو.

وأما الخبير في شئون البورصة حنفي عوض فقد أكد على أن الضرر قد وقع بالفعل في البورصة المصرية وانه مرشح للزيادة إذا لم تتخذ إجراءات حكومية سريعة حيال هذه الازمة مشيرا إلى انه إذا استمر التعامل الحكومي بهذه الرتابة مع هذه الأزمة فان هناك كارثة كبرى سيتعرض لها الاقتصاد المصري.

وعزا عوض الضرر الكبير الذي وقع للبورصة المصرية بسبب هذه الأزمة المالية الى الغياب الكامل للمسئولين الحكوميين عن متابعة هذه الأزمة والبحث عن حلول للخروج منها بأقل الخسائر ، وغياب دور رؤساء مجالس الإدارات والشركات المشاركين بأسهم فى البورصة المصرية ، وأيضا غياب ما يسمى بالثقافة الاستثمارية عن الغالبية العظمى من المشاركين في البورصة مشيرا إلى ان أكثر من 85% من المشاركين في البورصة ليس لديهم اي ثقافة عن كيفية التعامل مع البورصة.

وكذلك الدور السلبي الذي قام به الإعلام تجاه هذه الأزمة وعدم مراعاة الجانب النفسي والمعنوي لان تكرار وسائل الإعلام نشر مشاهد وصور سلبية عن المشاركين في البورصات العالمية قد عمق من آثار هذه الأزمة في نفوس المساهمين في البورصة ودفعهم إلى التخوف والتخبط في تعاملهم مع البورصة سواء من حيث البيع أو الشراء.

وأشار خبير شؤون البورصة الى ان سبل التخفيف من وطأة هذه الأزمة ينحصر في شقين الأول نفسي و الثاني موضوعي ،أما النفسي فيتحقق من خلال مصارحة الحكومة للمتعاملين في البورصة بما يحدث فيها وبعيدا عن طمس الحقائق وإخفائها وإتباع سياسة ان « كله تمام والاقتصاد آمن»!! « لافتا الى أن نسبة كبيرة من المشكلة الحالية سببها نفسي لوجود مخاوف لدى الكثير من المستثمرين من التعامل في البورصة وقيامهم بسرعة ببيع ما لديهم من سندات ، وفيما يتعلق بالشق الموضوعي فيأتي من خلال اتخاذ خطوات وقرارات إدارية معبرة عن السوق لحل هذه الأزمة، ومنها مثلا منع المضاربة وإعادة النظر في عمليات الشراء بالهامش والعمل على تعديل شكل المؤشر الحالي للبورصة وأيضا التدخل المالي الحكومي الواعي.