المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : السوق الخليجية المشتركة خطوة لا غنى عنها



مغروور قطر
19-10-2008, 04:29 PM
رغم توفيرها لجملة منافع غير جوهرية في ضوء التشابه بين الاقتصادات
«الوطني»: السوق الخليجية المشتركة خطوة لا غنى عنها






أشار بنك الكويت الوطني في الورقة البحثية لدول الخليج الصادرة اخيرا الى أن السوق الخليجية المشتركة توفر حرية تنقل القوى العاملة ورؤوس الأموال بين دول الخليج، مع منح مواطنيها حقوقاً متساوية في كافة المناحي الاقتصادية. كما تشجع هذه السوق دول الخليج كافة من دون الزامها بتوحيد قوانينها وتشريعاتها في هذه المجالات.
ويذكر أن دول الخليج لم تطبق حتى الآن كل متطلبات الاتحاد الجمركي والتي كان من المفروض أن تسبق انطلاقة السوق الخليجية المشتركة، حيث كان من المفروض أن تطبق دول الخليج التعرفة الموحدة البالغة 5% على كل وارداتها من خارج الاتحاد الجمركي. ويشير التطبيق الفعلي الى أن بعض دول الخليج تفرض تعرفات جمركية متباينة على جانب من وارداتها.
ويتوقع لجملة المنافع التي توفرها السوق المشتركة ألا تكون جوهرية في حالة دول الخليج وذلك في ضوء التشابه الهيكلي بين الاقتصادات الخليجية ومحدودية التجارة البينية مع بعضها. ومع أن الاقتصادات الخليجية تعتبر كبيرة نسبياً من منظور اقليمي، فان صغر حجمها من منظور عالمي سيحول على الأرجح دون تعزيز موقعها على الخارطة الاقتصادية العالمية أو علاقاتها التجارية والاستثمارية مع بقية دول العالم.
وفي المقابل، يتوقع للتباين الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية وفي أداء قطاع الأعمال بين دول الخليج أن ينجم عنها تأثير متباين على حركة القوى العاملة ورؤوس الأموال، حيث يتوقع في البداية أن يكون اتجاه حركة القوى العاملة من السعودية وعمان باتجاه بقية دول الخليج في ضوء تدني الدخل الفردي وارتفاع معدل البطالة لديهما، مقارنة بباقي دول الخليج. أما بخصوص حركة رؤوس الأموال، فستجد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في قطاع التجزئة فرصاً متاحة بشكل أكبر في الدول الكبيرة كالسعودية والامارات، لكنها ستكون عرضة لمنافسة قوية من مثيلاتها المحلية.
واضاف الوطني: جاءت انطلاقة السوق الخليجية المشتركة في الأول من يناير من العام الحالي كخطوة رئيسية على صعيد التكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي، ومطلب حيوي للمضي قدماً في مشروع الاتحاد النقدي الخليجي وطرح العملة الخليجية الموحدة المخطط لها في عام 2010. ومع أن تحقيق هذا المشروع لا يتوقف بالضرورة على وجود السوق المشتركة، فان التخوف القائم من عدم جاهزية دول الخليج لطرح العملة الموحدة في موعدها يبرز أهمية توقيت هذه الخطوة.
دور السوق
تتيح السوق الخليجية المشتركة حرية التنقل للقوى العاملة ولرؤوس الأموال بين دول المجلس مع تطبيق المساواة التامة بين مواطني الخليج في المجالات الاقتصادية كافة، وخصوصا في مجال التنقل والاقامة والعمل في القطاعين الحكومي والخاص والتأمينات الاجتماعية وحرية حركة رؤوس الأموال وتملك العقار وممارسة الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية كافة. وبالطبع، فان المساواة في المعاملة بين مواطني دول المجلس لا تتطلب، وان كان محبذاً، توحيد القوانين والأنظمة في تلك المجالات.
والى جانب تعزيز التكامل، فان المرونة التي توفرها السوق الخليجية المشتركة بخصوص حرية العمل للمواطنين ولرؤوس الأموال سيكون لها انعكاسات ايجابية على اقتصادات دول الخليج تتجاوز ما وفرته منطقة التجارة الحرة التي تأسست في عام 1983 والاتحاد الجمركي في عام 2003. فتبعاً لاعلان الدوحة الصادر في ديسمبر من العام الماضي، فان السوق الخليجية المشتركة ستوفر العديد من المزايا لمواطني دول الخليج، والتي من أهمها استكشاف الفرص المتاحة في الاقتصادات الخليجية، وتعزيز الاستثمارات البينية والأجنبية، والاستفادة من الميزات المرتبطة بكبر حجم المنشأة الاقتصادية، وتعزيز الانتاجية والتوزيع الأمثل للموارد، الى جانب تدعيم القوة التفاوضية لدول الخليج مع بقية التكتلات الاقتصادية الرئيسية.
ومع أن دول الخليج كانت قد طرحت الاتحاد الجمركي قبل نحو خمس سنوات، لكنها لم تطبق حتى الآن كل متطلبات هذا الاتحاد، والتي من أهمها فرض تعرفة جمركية موحدة مقدارها 5% على الواردات من خارجها. فالواقع يشير إلى أن بعض دول الخليج تفرض تعرفات جمركية متباينة على جانب من ورداتها. إلا أن دول الخليج قد حققت بعض التقدم مؤخراً بالتوصل إلى اتفاق مبدئي حول آليات تحصيل الرسوم الجمركية وتوزيع عوائدها، إلى جانب طرق التقييم الجمركي وإجراءات الفحص السلعي.
وبعيداً عن متطلبات تعديل التشريعات لتنسجم ومتطلبات السوق الخليجية المشتركة، يتوقع أن تكون الآثار الاقتصادية الفورية لهذه السوق محدودة، وخاصة في ضوء التشابه الهيكلي الواضح ما بين اقتصادات دول الخليج وتدني حجم التجارة البينية فيما بينها. كما لا يتوقع أن تتوزع هذه المنافع بالتساوي بين الدول الأعضاء، الأمر الذي قد يظهر جلياً عند إلقاء نظرة واقعية على طبيعة الاقتصادات الخليجية.
حجم السوق
تشير التقديرات أن عدد سكان دول الخليج بلغ 37 مليون فرد في عام 2007، منهم حوالي 60% مواطنون والبقية يمثلون العمالة الوافدة وعائلاتهم. ورغم صغر الحجم نسبياً، فإن دول الخليج تتمتع بمستويات معيشة مرتفعة كما يعكسها الدخل الفردي من الناتج المحلي الإجمالي والذي بلغ 22 ألف دولار في عام 2007. وعلى الرغم من النمو الملحوظ الذي شهدته التجارة الخارجية في السنوات الأخيرة، فإن حجم التجارة البينية الخليجية ما زال متواضعاً وبحدود 7% من إجمالي تجارتها الخارجية.
وتعتبر اقتصادات دول الخليج منفتحة على العالم الخارجي، ويشكل قطاع النفط العمود الفقري لمعظم اقتصاداتها بإسهامه بنحو 50% من إجمالي الناتج المحلي، و75% من إجمالي الصادرات السلعية، و85% من جملة الإيرادات الحكومية. وبفضل الفوائض المالية المحققة، فقد تجاوز حجم الموجودات الأجنبية لدى الصناديق السيادية الخليجية حاجز 2 تريليون دولار.
ولكن من منظور عالمي، فإن السوق الخليجية المشتركة تعتبر صغيرة نسبياً، وإن كانت كبيرة على المستوى الإقليمي. فالناتج المحلي الإجمالي الخليجي لعام 2007 بلغ نحو 1،5% من الناتج العالمي، في حين أن صادراتها ووارداتها شكلت نحو 4% و2،1% من مستواها العالمي على التوالي. ورغم الزيادة الملحوظة في السنوات الأخيرة، فإن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دول الخليج ما زال متواضعاً، حيث بلغ في عام 2007 حوالي 43 مليار دولار، أي ما دون 2،4% من الإجمالي العالمي. وبالتالي، فإنه من غير المتوقع لحرية حركة القوى العاملة ورؤوس الأموال التي جلبتها السوق المشتركة أن تعزز مكانة دول الخليج على الخارطة الاقتصادية العالمية، أو في حجم تجارتها وعلاقاتها الاستثمارية مع بقية دول العالم. فمثل هذه المنافع تظهر بشكل أكبر ضمن الاتحاد النقدي وذلك عندما يتم توحيد السياسات الاقتصادية والمالية وطرح العملة الموحدة. فدول الخليج ستجني حينها ثمار الاتحاد النقدي المتمثلة في تقوية الموقف التفاوضي، وتعزيز المكانة الاقتصادية، واتساع حجم السوق، وتراجع كلفة المعاملات، وتنامي حجم الاستثمارات البينية.
كما تتباين حالياً تشريعات الاستثمار الأجنبي بين دول الخليج، سواء أكان من حيث القطاعات المفتوحة للأجانب، أو من حيث الحوافز والضرائب وغيرها من الحواجز. وعليه، فإن السوق الخليجية المشتركة لن يكون لها تأثير مباشر على تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بما يتجاوز الإمكانات القائمة لدى كل دولة على حدة.
المنافع للدول الأعضاء
ومما لا شك فيه أن السوق الخليجية المشتركة ستعود بالمنفعة على أعضائها والتي لا يتوقع أن تتوزع بشكل متساوٍ في ضوء التباين الكبير بين اقتصادات دول الخليج. فالسعودية تعتبر العضو الأكبر بلا منازع في حجم اقتصادها وعدد سكانها. فضمن دول الخليج مجتمعة، يشكل سكان السعودية حوالي ثلثي عدد السكان، ويبلغ حجم اقتصادها والقوى العاملة لديها نحو 50% من إجماليها خليجياً. إلا أن مستوى الدخل الفردي في السعودية يأتي في ذيل القائمة الخليجية متجاوزاً فقط لمستواه في سلطنة عمان. وتأتي دولة الإمارات في المرتبة الثانية بعد السعودية في حجم اقتصادها وفي المرتبة الثانية بعد دولة قطر في مستوى الدخل الفردي. أما الكويت، فتحتل المرتبة الثالثة في حجم اقتصادها والذي بلغ في عام 2007 ما مقداره 112 مليار دولار ودخلها الفردي حوالي 33 ألف دولار. وتعتبر دولة قطر رائدة دول الخليج في مستوى الدخل الفردي والبالغ في عام 2007 نحو 64500 دولار. وبالمقابل، فإن سلطنة عمان تعتبر الأدنى خليجياً بمستوى الدخل الفردي والذي بلغ في عام 2007 بحدود 14700 دولار. أما دولة البحرين، فاقتصادها وسكانها الأصغر خليجياً. ومع ذلك، فإن اقتصادات البحرين والإمارات الأكثر تنوعاً، حيث تصل مساهمة قطاع النفط إلى ما دون 25% من الناتج المحلي الإجمالي للبحرين و33% في الإمارات، في حين تعتبر اقتصادات قطر والسعودية الأقل تنويعاً في مصادر الدخل.
حركة القوى العاملة
وتحصر اتفاقية السوق الخليجية المشتركة حرية تنقل القوى العاملة بمواطني دول الخليج، أي باستثناء العمالة الوافدة في هذه الدول، الذين تتجاوز نسبتهم ثلثي إجمالي القوى العاملة، كما في نهاية عام 2006. وعليه، فإن حرية الحركة هذه ستغطي ما دون ثلث القوى العاملة في المنطقة أو ما يعادل تقريباً 4،6 ملايين مواطن خليجي. وتشير التقديرات إلى أن 1،6 مليون فرد أو ما يعادل حوالي ثلث القوى العاملة المحلية يعملون لدى القطاع العام، وتتراوح هذه النسبة ما بين 20% في السعودية و87% في الكويت و94% في قطر. أما بخصوص معدلات البطالة، فيتركز معظم العاطلين عن العمل في السعودية التي وصل معدل البطالة فيها إلى 12% أو 0،45 مليون عاطل عن العمل.
ويتوقع «الوطني» أن تكون حركة القوى العاملة بين دول الخليج محدودة لأسباب أربعة رئيسية، أولها أن فرص التوظيف في القطاع الحكومي متدنية جداً، لأن هذا القطاع يستقطب حالياً ما يفوق عن حده الطبيعي من حجم العمالة الوطنية نتيجة الرغبة في توفير فرص العمل، إلى جانب سعي الحكومات لتشجيع القطاع الخاص على خلق فرص عمل. إضافة إلى ذلك، هنالك احتمالية لوجود درجة من التحيز في إشغال الوظائف الحكومية لمصلحة مواطني الدولة ذاتها وخاصة في الوزارات والدوائر التي يعد العمل بها ذا طبيعة حساسة. أما ثاني هذه الأسباب، فيتعلق بالبرامج القائمة في كل دول الخليج لدعم العمالة الوطنية، كالسعودة والتكويت وغيرهما، حيث لم يصدر عن أي دولة خليجية حتى الآن إعلان صريح بأن تعديلاً قد طرأ على هذه البرامج ليضم العاملين فيها من بقية دول الخليج. وثالثاً، فإن تنقل العاطلين عن العمل محدود لكون نسبة كبيرة منهم من الإناث (على سبيل المثال، تصل هذه النسبة إلى 53% من إجمالي العاطلين عن العمل في السعودية، و38% في الكويت). وأخيراً، يلاحظ أن العاطلين عن العمل في دول الخليج وبشكل عام يفتقرون إلى المهارات المطلوبة في سوق العمل، ناهيك عن ارتفاع مستوى الأجور التي ينشدونها، مما يجعلهم في وضع تنافسي ضعيف مقابل العمالة الوافدة.
ولا يقصد بذلك عدم حدوث أي تنقل للقوى العاملة، بل ان حجم مثل هذه الحركة سيكون محدوداً. وإذا ما استند إلى الفروقات في معدل الدخل الفردي بين دول الخليج، فإن من المتوقع أن تأتي حركة القوى العاملة من الدول متدنية الدخل الفردي نسبياً وذات البطالة العليا إلى الدول الخليجية الأخرى ذات الدخل الفردي المرتفع، أي ستكون في البداية من السعودية وعمان إلى بقية دول الخليج. وفي الواقع، فإن إحصائية حديثة صدرت عن المؤسسة العامة للتقاعد في السعودية تشير إلى أن عدد السعوديين العاملين في وظائف لدى دخل الخليج الأخرى شكلوا نحو 69% من جملة الخليجيين الذين شملهم نظام مد الحماية التأمينية والبالغ عددهم 13337 موظفاً. كما تشير الإحصائية إلى أن الكويت تعتبر المقصد الأهم للسعوديين الراغبين في العمل في وظائف خارج السعودية، حيث وصل عددهم في الكويت حوالي 12661 موظفاً (منهم 11% يعملون في القطاع الحكومي الكويتي، والبقية في القطاع الخاص).
كما لا يتوقع للتباين القائم في أنظمة التأمينات الاجتماعية أن يقف عائقاً في طريق تنقل القوى العاملة. فتبعاً لاتفاقية خليجية في هذا المجال، فإن مقدار مساهمة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية عن الموظف الخليجي يجب ألا تتجاوز مقدار ما يدفعه عن الموظف المواطن. وبمعنى آخر، يتحمل الموظف أي تباين في نسبة مساهمة صاحب العمل في التأمينات الاجتماعية بين دولته والدولة الخليجية المستضيفة.

جاذبـيـة بيئـة الأعمـال
قال الوطني: تمنح السوق الخليجية المشتركة مواطني دول الخليج الحق في ممارسة كل الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية وتجارة التجزئة. وبالنظر إلى تنافسية بيئة الأعمال، يصنف المنتدى الاقتصادي العالمي قطر في المقدمة، تليها السعودية، في حين تأتي عمان في ذيل القائمة بعد البحرين والكويت. كما يصنف البنك الدولي في تقريره «سهولة أداء الأعمال لعام 2009» السعودية في المقدمة، تليها البحرين، ومن ثم قطر، في حين جاءت عمان في ذيل القائمة بعد الكويت والإمارات.
وبخصوص الضرائب المفروضة على الشركات الوطنية، يلاحظ أن عمان هي الدولة الخليجية الوحيدة التي تفرض ضريبة عالية نسبياً على شركاتها وبواقع 12%، في حين أن ضريبة الشركات في السعودية تبلغ 2،5% (والتي تمثل مقدار الزكاة)، وتفرض الكويت ضريبة لدعم العمالة الوطنية بواقع 2،5% التي تعادل مقدار الزكاة وتفرض فقط على الشركات المدرجة في السوق المالي. وبالمقابل، لا توجد ضريبة شركات في البحرين وقطر والإمارات.

الأنشطـــة الخـدمـيـة
أفاد التقرير عن قطاع التجزئة، ان حجم السوق يلعب دوراً بارزاً، مما يوحي بأن مؤسسات قطاع التجزئة الصغيرة ومتوسطة الحجم ستجد لها فرصا أوفر في أسواق السعودية والإمارات، لكنها ستواجه منافسة قوية من مثيلاتها المحلية الموجودة في تلك الأسواق. ولذلك، فإن السوق الخليجية المشتركة سوف توفر فرصا جوهرية أمام المؤسسات الخدمية كبيرة الحجم الموجودة في الأسواق الأصغر لتوسيع نطاق أنشطتها خارج أوطانها نحو أسواق الخليج الأخرى.
ولكن من غير الواضح فيما إذا كانت جميع الأنشطة الخدمية مشمولة بحرية الحركة، وخير مثال قد يكون الخدمات البنكية. فمع أن البنوك الخليجية مسموح لها حالياً بالتواجد في أسواق جميع دول الخليج، فإن هنالك مسألة مهمة تتعلق بمدى إمكانية السماح للبنوك بالتوسع في عدد فروعها، أو حتى في هذا الخصوص إمكانية حصولها على ترخيص بسهولة من السلطات النقدية المعنية لمزاولة أعمالها. ويتمثل أحد أسباب ذلك بارتفاع درجة انتشار البنوك في الدول الخليجية، هذا إلى جانب تفضيل بعض البنوك المركزية لعمليات الاندماج بين البنوك. ويلاحظ لغاية الآن حدوث عدد قليل من عمليات الاستحواذ بين البنوك.