شورت تايم
21-10-2008, 11:07 AM
الهزيمة الجنسية: زوجة مكتئبة وزوج مفقوء العين!
انهارت البورصة فانهارت معها بيوت كثيرة. وصارت الخسارة المادية عاملاً حياتياً ضاغطاً: مشكلات زوجية معقدة، فجوات عميقة بين الأزواج أدت إلى هبوط مؤشر الحب وفقدان آخر رصيد للرغبة الجنسية، لا أحد يطيق أحداً في البيت، ورغم أن مثل هذه الأمور لا يعلن عنها غالباً، فان بعض الحالات المتضررة لجأت إلى معالجين نفسيين طلباً للدعم والمساندة واسترداد الثقة بالنفس. وامعاناً في الخوف من الانكشاف عمد بعض هؤلاء إلى تزييف المعلومات الشخصية الدالة عليه لضمان عدم افتضاح أمره.
تحولت بيوت كثيرة إلى حقل ألغام مهيأ للانفجار في أي لحظة، بسبب عدم مساندة الزوجة لزوجها الخاسر، أو خسارة الزوجات اللواتي دخلن طرفاً في المضاربات وشراء الأسهم.
إحدى الزوجات كانت تضارب بأموالها مع زوجها، وعانت بعد الخسارة اكتئابا شديداً وأمراضاً سيكوسوماتية (أي أمراض عضوية منشؤها نفسي) مثل الصداع، وآلام المعدة والقولون، ووصل الأمر إلى الشلل الهستيري، مما أدى إلى انعزالها بعيداً، متقوقعة حول الخسارة تاركة وراءها واجباتها ومسؤولياتها تجاه زوجها وأولادها وبيتها.
وثمة حالة أخرى لزوجة كانت تضارب دون علم الزوج بعد أن اقترضت من أحد أفراد عائلتها، وباعت جزءا من مجوهراتها وجزءا من ميراثها، فواجهت موقفاً متأزماً فهي لا تتحمل عبء خسارتها المادية فقط، وإنما أيضاً إخفاؤها الأمر عن زوجها، مما شكل ضغطا نفسياً كبيراً عليها، وصارت تعاني في صمت وتكتم خوفا من افتضاح أمرها. طبعاً لم يدم السر طويلاً خصوصاً أمام إلحاح الزوج على معرفة سبب تغيرها المفاجئ وانقلاب مزاجها وتعففها عن علاقتهما الجنسية، وإهمالها نفسها وأبناءها، وتحول المنزل إلى قنبلة موقوتة بسبب عصبيتها الزائدة، وانفعالاتها غير الموجهة وصبها غضبها على كل من يقابلها خصوصاً الخادمات أو الأطفال، الأمر الذي جعلها تنهار اعترافاً للزوج، الذي لم يهتم إلا بعدم مصارحتها له بمضاربتها في البورصة، واعتبر ذلك عدم احترام له وتقليلا من شأنه، ففضل أن ينتقل من البيت إلى شقة بدلاً من الطلاق وتشريد الأطفال.
ضرب رأسه في الحائط
وشهدت العيادات النفسية حالات كثيرة من المتداولين الذين أثرت فيهم الخسارة نفسياً، وأنهكهم الحزن والاكتئاب، وانهارت مقاومتهم فلجأوا إلى العلاج النفسي. وأعتقد ان هذه خطوة في مصلحتهم. أحد المضاربين الخاسرين وصل إلى العيادة فاقداً للوعي بعد أن ظل يضرب برأسه حائط حجرته، التي انعزل فيها إثر خلافات شديدة مع زوجته التي طعنته بسهام الخزي ونعتته بصفات لم يحتمل سماعها، وساوت بين خسارته في البورصة وفقدانه لرجولته، وأفشت سر علاقتهما الجنسية الفاشلة أمام أبنائه، فأدى به الأمر إلى اكتئاب شديد وانهيار نفسي، ولم يستجب للعلاج إلا بعد أن أخذ وعدا من الأطباء وفريق العلاج بعدم زيارة أسرته له أو معرفة أي معلومات عنه. فقد تكون الوحدة أحيانا دواء لمن فقد الأمان والغفران في قلوب المحيطين به.
كما حدثتني إحدى الزوجات، التي خسر زوجها جزءا كبيرا من أموالها، بأنها لم تعد تتقبل زوجها نفسياً وتشعر بالضيق منه لأنه أصّر على أن يأخذ مالها دون رضاها ليعوّض خسارته الأولى، فإذا به يخسر للمرة الثانية بشكل يصعب تعويضه، مما أثر سلباً في توافقهما النفسي وعلاقتهما الجنسية التي أصبحت لا تستطيع الانسجام معها، خصوصاً مع تخيل دائم يراودها أثناء الممارسة الجنسية بأن زوجها ذو وجه قبيح ومفقوء العين، ما يجعلها تصرخ فجأة في فزع وتنهي الممارسة بطريقة مهينة لزوجها. تلك الصورة التي تحمل في طياتها مخزوناً نفسياً سلبياً عن الشريك، وتشوه صورته المرسومة بألوان كئيبة، لتصبح الخسارة مضاعفة معنويا وماديا، خصوصاً أن هذا الاضطراب في العلاقة الزوجية طال الأبناء أيضاً الذين يشهدون يومياً مشاجرات وحالة احتقان دائمة ومستمرة في البيت، مما أثر بوضوح في تحصيلهم الدراسي، وتشوه صورة الأب والأم في داخلهم، وافتقادهم الأمان النفسي والاجتماعي.
مؤشر الجنس
هذه الحالات تكشف طبيعة علاقتنا بالآخرين. فهذه العلاقة تظل دوما ناعمة ورقيقة وجيدة طالما لم تخدشها الخسارة، ولم توضع على محك حقيقي. ودائما ما أسأل الأشخاص الذين يلجأون إلى الاستشارات الزوجية عن تفاصيل الحياة الجنسية مع شركائهم، لأن الجنس مؤشر حقيقي لقوة العلاقة الزوجية أو ضعفها، وتراجعه خصوصاً في الظروف الحياتية المؤلمة، يعكس زيف العلاقة.
يعطي علماء النفس أهمية مميزة لدور العلاقة الجنسية في تخفيف أعراض ما بعد الصدمة. ويعتبرون أن العلاقة الجنسية الجيدة والمشبعة للطرفين قادرة على تقليل حدة الاكتئاب للطرف المتضرر، وزيادة قدرته على مواجهة المواقف الضاغطة، ورفع ثقته بنفسه، لأنه يشعر بالقبول النفسي والجسدي والعاطفي من الشريك، مما يمنحه قدرة كبيرة على مواجهة العالم، خصوصاً أن رجالاً كثيرين يلجأون للجنس باعتباره وسيلة لتخفيف الضغوط الحياتية والعمل.
أما ما نراه في الواقع الفعلي لكثير من العلاقات، فقد تحول الجنس، في ظروف الخسارة المادية، وشبه انعدام الأمل في التعويض، من كونه عاملاً إيجابياً في دعم الأزواج بعضهم لبعض، وتواصلاً حميماً يخفف وطأة الخسارة، إلى ورقة ضغط وأسلوب للعقاب يحرم الشريكين من التناغم الأسري.
إن كثيرا من الناس، خصوصاً الزوجات، يفتقدون ثقافة إدارة العلاقة الزوجية وقت الأزمة، فنجد الزوجة غاضبة ممتنعة عن ممارسة واجباتها الزوجية، عابسة الوجه، متجهمة الملامح طوال الوقت، تجتر الخسارة على كل المستويات، تفتقد الأسلوب الحضاري في التعامل واحتواء الزوج، فتتحول إلى عنصر طارد للزوج بدلا من احتوائه ومواساته ومساندته في تجاوز الموقف.
خسارة حتى الموت
وتبلغ الأزمة الروحية بين الزوجين أقصاها حين تتخلى الزوجة عن شريكها وتتركه وأولادهما عرضة لكل إحباطات الحياة، وكأن العلاقة مرهونة بالمكاسب المادية وتوفير مستوى اجتماعي معين، وتفتقد المخزون العاطفي، واحترام مشتركات أقوى من المال! لذا فإن الأزمات والشدائد فرصة عميقة لاختبار علاقات كثيرة تدعي النجاح والقوة، بينما يعشش داخلها الخواء والفشل واقتناص الفرصة للانفكاك منها، هذا الإحساس النفسي المؤلم الذي قد يدفع بالشريك في لحظة ما إلى الوصول بالخسارة حتى حدها الأقصى، وأبرز مثال على ذلك ما حدث أخيراً في مأساة الزوج المصري الذي خسر ماله في البورصة وامتنعت زوجته عن مساندته مادياً، فلجأ تحت ضغط شعور مهين بالإنكار من جانب زوجته، أو حالة انكسار نفسي مؤلمة إلى قتلها وإشعال النار فيها وقتل بعض أبنائه أيضا.. كمن يكفّر بطريقته الخاصة عن اختيار لم يحقق له الدعم المتوقع والدفء الإنساني الذي يحميه من العدم، وقتل أولاده أيضاً وكأنه يتخلص من امتداده في الحياة، يلغي وجوده الفاشل ويحكم على نفسه بعزلة أبدية داخل جدران السجن، أو الموت داخل نفسه حزناً على ذات فاشلة وآخرين أضافوا إليه متوالية خسارات إنسانية لم يحتملها.
بصيص نور
مثل هذه العلاقات البلورية القابلة للكسر في أي لحظة، لابد أن تخضع لمراجعة حقيقية من جانب الشريكين، ومعرفة ما إذا كان هذا الانحدار والتشوّه المفاجئ هما وليدا الصدمة واختلال التوازن العاطفي والأسري، خصوصاً مع تاريخ إيجابي للعلاقة وأن الأمر قابل للتدارك وإثبات متانة العلاقة ووهجها السابق، أم أنه نهاية حتمية لعلاقة فاشلة ومهزوزة ومبنية على أساس نفعي، تستمد قوتها واستمرارها مما تحققه فقط من مكاسب مادية، إذا فقدتها تحولت إلى زلزال.
إن الأحكام المطلقة والجاهزة في مثل هذه الحالات تظل حلاً مبتوراً، فالأمر يعود في المقام الأول إلى إحساس الشريك الخاسر والمتضرر وقدرته على استيعاب الموقف بموضوعية وإعادة حساباته وقدرته على التجاوز والفهم الصحيح للأزمة وتبعاتها. ويبقى احترام تاريخ العلاقة الزوجية ومؤازرة الشريك نفسيا وجسديا ومادياً، وصون عهد إنساني بأن يؤازرا بعضهما بعضا في الضراء كما كانا ينعمان بالسخاء في السراء. فليست هناك علاقة إنسانية تشترط التمتع بالجانب الإيجابي فيها فقط والتخلي عن الجانب السلبي أو التعالي عليه، فكلما أعطيت لشريكك في وقت الشدة، امتلكت عواطفه وكسبت وده وبنيت لنفسك جسراً قوياً للعبور إلى قلبه.
إن العلاقة الجنسية بين الزوجين ليست مصدراً للمتعة أو تفريغ الشهوة فقط. إنما هي وسيلة حميمة للمساندة العاطفية خصوصاً في حالة معاناة أحد الشريكين ضغوطا قوية أو أزمة عميقة، فالجسد كيان قائم بذاته، يمتلك لغته الخاصة وشيفراته المركبة التي لا يحلها سوى التواصل مع جسد آخر يفهمه ويقترب منه بحنان، وواحة يستريح عليها من عناء حياة مليئة بالمتاعب والأزمات. فالتواصل الجنسي له أهمية كبيرة لدى الرجل تحديداً، خصوصاً عند هؤلاء الذين يعتبرونه مسرباً لتفريغ طاقتهم السلبية فيتمتعون بعده بصفاء الذهن والقدرة على المواجهة.
الحب وحده يجعلنا نواجه العالم كله ونحوّ.ل الفشل إلى نجاح والهزيمة إلى انتصار.
انهارت البورصة فانهارت معها بيوت كثيرة. وصارت الخسارة المادية عاملاً حياتياً ضاغطاً: مشكلات زوجية معقدة، فجوات عميقة بين الأزواج أدت إلى هبوط مؤشر الحب وفقدان آخر رصيد للرغبة الجنسية، لا أحد يطيق أحداً في البيت، ورغم أن مثل هذه الأمور لا يعلن عنها غالباً، فان بعض الحالات المتضررة لجأت إلى معالجين نفسيين طلباً للدعم والمساندة واسترداد الثقة بالنفس. وامعاناً في الخوف من الانكشاف عمد بعض هؤلاء إلى تزييف المعلومات الشخصية الدالة عليه لضمان عدم افتضاح أمره.
تحولت بيوت كثيرة إلى حقل ألغام مهيأ للانفجار في أي لحظة، بسبب عدم مساندة الزوجة لزوجها الخاسر، أو خسارة الزوجات اللواتي دخلن طرفاً في المضاربات وشراء الأسهم.
إحدى الزوجات كانت تضارب بأموالها مع زوجها، وعانت بعد الخسارة اكتئابا شديداً وأمراضاً سيكوسوماتية (أي أمراض عضوية منشؤها نفسي) مثل الصداع، وآلام المعدة والقولون، ووصل الأمر إلى الشلل الهستيري، مما أدى إلى انعزالها بعيداً، متقوقعة حول الخسارة تاركة وراءها واجباتها ومسؤولياتها تجاه زوجها وأولادها وبيتها.
وثمة حالة أخرى لزوجة كانت تضارب دون علم الزوج بعد أن اقترضت من أحد أفراد عائلتها، وباعت جزءا من مجوهراتها وجزءا من ميراثها، فواجهت موقفاً متأزماً فهي لا تتحمل عبء خسارتها المادية فقط، وإنما أيضاً إخفاؤها الأمر عن زوجها، مما شكل ضغطا نفسياً كبيراً عليها، وصارت تعاني في صمت وتكتم خوفا من افتضاح أمرها. طبعاً لم يدم السر طويلاً خصوصاً أمام إلحاح الزوج على معرفة سبب تغيرها المفاجئ وانقلاب مزاجها وتعففها عن علاقتهما الجنسية، وإهمالها نفسها وأبناءها، وتحول المنزل إلى قنبلة موقوتة بسبب عصبيتها الزائدة، وانفعالاتها غير الموجهة وصبها غضبها على كل من يقابلها خصوصاً الخادمات أو الأطفال، الأمر الذي جعلها تنهار اعترافاً للزوج، الذي لم يهتم إلا بعدم مصارحتها له بمضاربتها في البورصة، واعتبر ذلك عدم احترام له وتقليلا من شأنه، ففضل أن ينتقل من البيت إلى شقة بدلاً من الطلاق وتشريد الأطفال.
ضرب رأسه في الحائط
وشهدت العيادات النفسية حالات كثيرة من المتداولين الذين أثرت فيهم الخسارة نفسياً، وأنهكهم الحزن والاكتئاب، وانهارت مقاومتهم فلجأوا إلى العلاج النفسي. وأعتقد ان هذه خطوة في مصلحتهم. أحد المضاربين الخاسرين وصل إلى العيادة فاقداً للوعي بعد أن ظل يضرب برأسه حائط حجرته، التي انعزل فيها إثر خلافات شديدة مع زوجته التي طعنته بسهام الخزي ونعتته بصفات لم يحتمل سماعها، وساوت بين خسارته في البورصة وفقدانه لرجولته، وأفشت سر علاقتهما الجنسية الفاشلة أمام أبنائه، فأدى به الأمر إلى اكتئاب شديد وانهيار نفسي، ولم يستجب للعلاج إلا بعد أن أخذ وعدا من الأطباء وفريق العلاج بعدم زيارة أسرته له أو معرفة أي معلومات عنه. فقد تكون الوحدة أحيانا دواء لمن فقد الأمان والغفران في قلوب المحيطين به.
كما حدثتني إحدى الزوجات، التي خسر زوجها جزءا كبيرا من أموالها، بأنها لم تعد تتقبل زوجها نفسياً وتشعر بالضيق منه لأنه أصّر على أن يأخذ مالها دون رضاها ليعوّض خسارته الأولى، فإذا به يخسر للمرة الثانية بشكل يصعب تعويضه، مما أثر سلباً في توافقهما النفسي وعلاقتهما الجنسية التي أصبحت لا تستطيع الانسجام معها، خصوصاً مع تخيل دائم يراودها أثناء الممارسة الجنسية بأن زوجها ذو وجه قبيح ومفقوء العين، ما يجعلها تصرخ فجأة في فزع وتنهي الممارسة بطريقة مهينة لزوجها. تلك الصورة التي تحمل في طياتها مخزوناً نفسياً سلبياً عن الشريك، وتشوه صورته المرسومة بألوان كئيبة، لتصبح الخسارة مضاعفة معنويا وماديا، خصوصاً أن هذا الاضطراب في العلاقة الزوجية طال الأبناء أيضاً الذين يشهدون يومياً مشاجرات وحالة احتقان دائمة ومستمرة في البيت، مما أثر بوضوح في تحصيلهم الدراسي، وتشوه صورة الأب والأم في داخلهم، وافتقادهم الأمان النفسي والاجتماعي.
مؤشر الجنس
هذه الحالات تكشف طبيعة علاقتنا بالآخرين. فهذه العلاقة تظل دوما ناعمة ورقيقة وجيدة طالما لم تخدشها الخسارة، ولم توضع على محك حقيقي. ودائما ما أسأل الأشخاص الذين يلجأون إلى الاستشارات الزوجية عن تفاصيل الحياة الجنسية مع شركائهم، لأن الجنس مؤشر حقيقي لقوة العلاقة الزوجية أو ضعفها، وتراجعه خصوصاً في الظروف الحياتية المؤلمة، يعكس زيف العلاقة.
يعطي علماء النفس أهمية مميزة لدور العلاقة الجنسية في تخفيف أعراض ما بعد الصدمة. ويعتبرون أن العلاقة الجنسية الجيدة والمشبعة للطرفين قادرة على تقليل حدة الاكتئاب للطرف المتضرر، وزيادة قدرته على مواجهة المواقف الضاغطة، ورفع ثقته بنفسه، لأنه يشعر بالقبول النفسي والجسدي والعاطفي من الشريك، مما يمنحه قدرة كبيرة على مواجهة العالم، خصوصاً أن رجالاً كثيرين يلجأون للجنس باعتباره وسيلة لتخفيف الضغوط الحياتية والعمل.
أما ما نراه في الواقع الفعلي لكثير من العلاقات، فقد تحول الجنس، في ظروف الخسارة المادية، وشبه انعدام الأمل في التعويض، من كونه عاملاً إيجابياً في دعم الأزواج بعضهم لبعض، وتواصلاً حميماً يخفف وطأة الخسارة، إلى ورقة ضغط وأسلوب للعقاب يحرم الشريكين من التناغم الأسري.
إن كثيرا من الناس، خصوصاً الزوجات، يفتقدون ثقافة إدارة العلاقة الزوجية وقت الأزمة، فنجد الزوجة غاضبة ممتنعة عن ممارسة واجباتها الزوجية، عابسة الوجه، متجهمة الملامح طوال الوقت، تجتر الخسارة على كل المستويات، تفتقد الأسلوب الحضاري في التعامل واحتواء الزوج، فتتحول إلى عنصر طارد للزوج بدلا من احتوائه ومواساته ومساندته في تجاوز الموقف.
خسارة حتى الموت
وتبلغ الأزمة الروحية بين الزوجين أقصاها حين تتخلى الزوجة عن شريكها وتتركه وأولادهما عرضة لكل إحباطات الحياة، وكأن العلاقة مرهونة بالمكاسب المادية وتوفير مستوى اجتماعي معين، وتفتقد المخزون العاطفي، واحترام مشتركات أقوى من المال! لذا فإن الأزمات والشدائد فرصة عميقة لاختبار علاقات كثيرة تدعي النجاح والقوة، بينما يعشش داخلها الخواء والفشل واقتناص الفرصة للانفكاك منها، هذا الإحساس النفسي المؤلم الذي قد يدفع بالشريك في لحظة ما إلى الوصول بالخسارة حتى حدها الأقصى، وأبرز مثال على ذلك ما حدث أخيراً في مأساة الزوج المصري الذي خسر ماله في البورصة وامتنعت زوجته عن مساندته مادياً، فلجأ تحت ضغط شعور مهين بالإنكار من جانب زوجته، أو حالة انكسار نفسي مؤلمة إلى قتلها وإشعال النار فيها وقتل بعض أبنائه أيضا.. كمن يكفّر بطريقته الخاصة عن اختيار لم يحقق له الدعم المتوقع والدفء الإنساني الذي يحميه من العدم، وقتل أولاده أيضاً وكأنه يتخلص من امتداده في الحياة، يلغي وجوده الفاشل ويحكم على نفسه بعزلة أبدية داخل جدران السجن، أو الموت داخل نفسه حزناً على ذات فاشلة وآخرين أضافوا إليه متوالية خسارات إنسانية لم يحتملها.
بصيص نور
مثل هذه العلاقات البلورية القابلة للكسر في أي لحظة، لابد أن تخضع لمراجعة حقيقية من جانب الشريكين، ومعرفة ما إذا كان هذا الانحدار والتشوّه المفاجئ هما وليدا الصدمة واختلال التوازن العاطفي والأسري، خصوصاً مع تاريخ إيجابي للعلاقة وأن الأمر قابل للتدارك وإثبات متانة العلاقة ووهجها السابق، أم أنه نهاية حتمية لعلاقة فاشلة ومهزوزة ومبنية على أساس نفعي، تستمد قوتها واستمرارها مما تحققه فقط من مكاسب مادية، إذا فقدتها تحولت إلى زلزال.
إن الأحكام المطلقة والجاهزة في مثل هذه الحالات تظل حلاً مبتوراً، فالأمر يعود في المقام الأول إلى إحساس الشريك الخاسر والمتضرر وقدرته على استيعاب الموقف بموضوعية وإعادة حساباته وقدرته على التجاوز والفهم الصحيح للأزمة وتبعاتها. ويبقى احترام تاريخ العلاقة الزوجية ومؤازرة الشريك نفسيا وجسديا ومادياً، وصون عهد إنساني بأن يؤازرا بعضهما بعضا في الضراء كما كانا ينعمان بالسخاء في السراء. فليست هناك علاقة إنسانية تشترط التمتع بالجانب الإيجابي فيها فقط والتخلي عن الجانب السلبي أو التعالي عليه، فكلما أعطيت لشريكك في وقت الشدة، امتلكت عواطفه وكسبت وده وبنيت لنفسك جسراً قوياً للعبور إلى قلبه.
إن العلاقة الجنسية بين الزوجين ليست مصدراً للمتعة أو تفريغ الشهوة فقط. إنما هي وسيلة حميمة للمساندة العاطفية خصوصاً في حالة معاناة أحد الشريكين ضغوطا قوية أو أزمة عميقة، فالجسد كيان قائم بذاته، يمتلك لغته الخاصة وشيفراته المركبة التي لا يحلها سوى التواصل مع جسد آخر يفهمه ويقترب منه بحنان، وواحة يستريح عليها من عناء حياة مليئة بالمتاعب والأزمات. فالتواصل الجنسي له أهمية كبيرة لدى الرجل تحديداً، خصوصاً عند هؤلاء الذين يعتبرونه مسرباً لتفريغ طاقتهم السلبية فيتمتعون بعده بصفاء الذهن والقدرة على المواجهة.
الحب وحده يجعلنا نواجه العالم كله ونحوّ.ل الفشل إلى نجاح والهزيمة إلى انتصار.