المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسبوع حاسم على مستوى القرار السياسي لمعالجة الأزمة الاقتصادية



مغروور قطر
26-10-2008, 01:21 AM
أسبوع حاسم على مستوى القرار السياسي لمعالجة الأزمة الاقتصادية
الأحد 26 أكتوبر 2008 - الأنباء


المحرر الاقتصادي

«إنقاذ»، «إعادة رسملة»، «استحواذ»، «ضخ سيولة»، «تحريك خطوط الائتمان» وغيرها من المصطلحات أصبحت قوتا يوميا في أغلب دول العالم التي تضررت من الـ «تسونامي» المالي الذي اكتسح الأسواق في كل مكان بفعل «دومينو الانهيارات» والذي لم يسلم منه أحد حتى الكويت.

وبينما نستعد لأسبوع جديد لا نعرف معالمه، يستمر السجال السياسي ـ الاقتصادي بين وجهتي نظر في البلاد تتفقان على ضرورة حماية الشركات ومصالح المساهمين والمستثمرين وتؤيدان المبدأ القائل ان «حماية الاقتصاد الوطني هي حماية للأمن الوطني ولا تقل أهمية عن حماية المال العام»، لكنهما تختلفان في كيفية المعالجة ومدى حجم تدخل الحكومة المطلوب وآلياته كأن يكون مباشرا أو عبر البنوك.

ووجهة النظر الأولى، بحسب مصادر حكومية مطلعة، تقول ان بنوكنا، خاصة بعد سلسلة القرارات التي اتخذها البنك المركزي مؤخرا، تتمتع بسيولة تؤهلها للحفاظ على حسن سير خطوط الائتمان دون تدخل كبير من الحكومة من جهة، وتوفير السيولة المطلوبة لشركات الاستثمار «المترنحة» من جهة أخرى، بشرط ان تتم العملية على أسس مهنية وتقنية تحمي البنوك ولا تعرضها للأخطار.

وتتابع المصادر: ان ما يحصل الآن هو نتيجة لأجواء عدم الثقة بشكل رئيسي وليس بسبب قلة مصادر التمويل، والحكومة تبذل جهودا جبارة للحد من الأزمة وإعادة الثقة على جميع الجبهات بدءا من السياسة النقدية عبر المصرف المركزي وصولا الى دور هيئة الاستثمار وضخ السيولة في البورصة.

كما تؤكد هذه المصادر ان ادارة السوق بريئة من نزيف التداول لأنها حققت في كل الشكاوى وما قيل عن التلاعبات ولم تجد ما يثبت ذلك.

وتصر هذه المصادر على ان أي خطوة حكومية «إنقاذية» لابد ان تكون «مدروسة ومحسوبة»، وترى ان الاقتراحات المقدمة والدعوات إلى ضخ مبالغ ضخمة إضافية بشكل سريع في السوق لن تحقق الهدف المطلوب، وان توفير الدعم المباشر من المؤسسات الحكومية لشركات الاستثمار عبر المرابحات يحتاج الى وقت لدراسة المشاريع وجدواها.

كما تستشهد بأن التراجع «الحاصل» في أسواق المنطقة هو أكبر من التراجع في الكويت لتدلل على ان الإجراءات هنا أكثر فاعلية.

وبالمقابل، يوافق أصحاب وجهة النظر الأخرى على ان المشكلة اليوم تتركز بشكل أساسي في شركات الاستثمار لكنهم يشيرون الى انها لا تعاني جميعها مشكلة واحدة، وانما لكل منها وضعها الخاص، وعلى هذا الأساس يقترحون وضع اطار عام للمعالجة تتفرع منه «مساعدة خاصة» لكل منها على حدة، ويلفتون الى ان بعضها «وضعه ممتاز» لكنه غير قادر على الحصول على التمويل اللازم لأن مصادر التمويل تتطلب ضمانات وفي هذه الحالة ما يحتاجه من الدولة هو الضمان.

وتتابع المصادر: اما الشركات الأخرى التي تعاني أوضاعا أصعب نظرا لوجود ديون مترتبة عليها على المدى القصير وكون بعضها مرتبطا بتمويل خارجي غير مستقر بسبب الأزمة العالمية فهي بحاجة الى تمويل لن تمنحها البنوك المحلية إياه بسبب أوضاعها وتصنيفها، ومن هنا على الدولة ان تتدخل بأسرع ما يمكن لتوفير التمويل عبر إقراضها مقابل سلسلة إجراءات خاصة أحدها منح حق «خيار» للدولة بأن تشتري أسهم أفضلية من الشركة مستقبلا لحماية المال العام اذا لم تستعد هذه الشركات توازنها.

وتابعت المصادر ان عدم دعم هذه الشركات وتركها تواجه مصير الإفلاس سيكون له انعكاسات مباشرة على كل القطاعات الاقتصادية وأولها القطاع المصرفي، وستكون الكلفة عندها أعلى من الكلفة المقدرة للتدخل حاليا، مضيفة: من هنا نشدد على ان اعتماد ضخ الأموال في البورصة في البداية لم يكن الخيار الأنسب لأنه يعالج «تداعيات» المشكلة وليس جذورها أو أسبابها فليس مطلوبا من الدولة ضخ المليارات بالسوق، بل المفترض ـ بحسب المصادر ـ توفير دعم عاجل للشركات خلال الأيام القليلة المقبلة وإنجاز ما يتطلبه ذلك من تنظيم تشريعي وقانوني وإلا فإن المشكلة ستتسع وقد نصل عندها إلى «أزمة مديونيات أخرى» علما بأن هذا الاقتراح لا يعني تبديدا أو تبخرا لأموال الحكومة لأنه سيتم وفق ضوابط، وسيشكل فرصة مناسبة لمزيد من تنظيم القطاع الاستثماري وإشراف أكبر للدولة عليه خاصة في ظل ما كان يثار عن أن الرقابة على شركات الاستثمار لم تكن كافية في المرحلة الماضية، وان الرقابة على البنوك كانت أكبر ولذلك وضعها أقوى حاليا.

وتختتم المصادر: نعود إلى فكرة ضرورة وجود صندوق يساهم بالتدخل في السوق في حالة الأزمات، ولابد من توفير معلومات أكثر شفافية يوميا عن حجم الدخول والانسحاب للأموال الأجنبية في البورصة، وغيرها من الأرقام المهمة لمتابعة أوضاع السوق عن كثب.

ومما سبق نجد ان بين هذين الرأيين تقف الحكومة التي يبدو انها لم تحسم خيارها بعد في موضوع التعامل مع أوضاع الشركات الاستثمارية الذي اختلط مع موضوع السجال حول تصريحات وزير التجارة بشكل سيئ صرف النظر قليلا عن المشكلة الأساسية، وبالتالي فإن الدوائر الاقتصادية تنتظر «القرار السياسي» بشأن الأوضاع والذي ستكون له آثار كبيرة على المرحلة المقبلة ومعالمها.