المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : 60% من الفضائيات العربية تستورد برامجها من دول أجنبية ..دراسة لليونسكو تؤكد..



سيف قطر
26-10-2008, 05:53 AM
60% من الفضائيات العربية تستورد برامجها من دول أجنبية ..دراسة لليونسكو تؤكد: الشباب العربي تابع ونزعته استهلاكية وبلا هوية
| تاريخ النشر:يوم الأحد ,26 أكتوبر 2008 2:30 أ.م.




د.البياتي: التلفزيون (جامعة الجريمة) لتكريسه مبدأ الانحراف من خلال برامجه
بسيوني: بناء الإنسان والربحية معادلتان لا تلتقيان في زمن المادة
د.غسان رباح: "قانون الضمير" مطبق في إيطاليا منذ 1928 وعلينا اتباعه
البناي: علينا خلق شراكة إعلامية موحدة للتصدي للإعلام الهدَّام
المجلس الأعلى للأسرة يطلق صرخة مدوية للتيقظ لخطر الإعلام الهدام

تحقيق هديل صابر :
اخترقت الفضائيات العربية بنشرات الأخبار، والبرامج السياسية، والبرامج الاجتماعية الثقافية، والبرامج الترفيهية، عالم الشباب العربي وجعلته على درجة عالية من التبعية في ما يتعلق بمعرفة الواقع الاجتماعي المعروض أمامه من قبلها. بمعنى آخر، أصبح الإعلام الفضائي مساهماً أساسياً في تشكيل ملامح هؤلاء الشباب، بما يتلاءم مع التوصيف الذي تقدمت به مدرسة فرانكفورت للإنسان المعاصر (ذو بعد واحد، فاقد الهوية، صاحب نزعة استهلاكية، قليل الحساسية تجاه الغير، يعاني عزلة وضياعاً، أسير المرحلة الراهنة، والأمر الواقع، والتوقيت المخيف، والسرعة الفائقة، والوقائع السريعة الكفيلة بأن تُنسيه ما قبلها، وتتركه يتحفّز لما بعدها، أي تتركه يعيش في دوامة من النسيان والانبهار باللحظة الراهنة).
كما وأكدت دراسات اليونسكو أن المحطات العربية تستورد من الدول الأجنبية، وبخاصة الولايات المتحدة، ما بين (40%-60%)من موادها البرامجية الأمر الذي يؤكد تسيِّد الثقافة الأميركية المعولمة على عقول الشباب العربي الذي أصبح نسخة ممسوخة عن الشباب الأمريكي لا هوية له ولا عنوان.
ولم تكن تلك المقدمة إلا غيض من فيض صرخة مدوية أطلقها المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بتوجيهات صاحبة السمو الشيخه موزة بنت ناصر المسند-رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة-إنطلاقاً من اهتمام سموها بفئة الشباب،وترجمة لرسالتها الكريمة التي وجهتها سموها إلى القمة الخليجية لدول مجلس التعاون في دورتها الثامنة والعشرين التي انعقدت في الفترة مابين(3-4)ديسيمبر الماضي في الدوحة حيث تضمنت دعوة صريحة للتصدي لظاهرة خطيرة تتمثل في التأثير السلبي والدور الهدام الذي تحدثه بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية على النشء وفكرهم وتحتال في الوقت نفسه على مقدراتهم المالية..
كما دعت سموها في رسالتها إلى حماية النشء وضرورة اتخاذ الخطوات الجادة والعاجلة للوقاية والعلاج لمواجهة هذه الظاهرة كون حماية الشباب في الوطن العربي مسؤولية الجميع، مؤكدة سموها على الالتزام بمبادئ حرية الإعلام بما لايخل بالقانون والآداب والأخلاق العامة، وبما لا يؤدي إلى تمييع فكر الشباب واستنزافهم واستغلالهم..
وانطلاقاً من رسالة سموها وتعهدها الكريم بمتابعة هذه القضية والمساهمة في الجهود الرامية لمعالجتها والوقاية منها مستقبلاً،يعقد المجلس الأعلى لشؤون الأسرة برعاية كريمة من لدن صاحبة السمو الشيخه موزة بنت ناصر المسند رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة منتدى"الفضائيات والتحدي القيمي والاخلاقي الذي يواجه الشباب الخليجي" الذي يعقد تحت شعار "نحو فضاء إعلامي مسؤول" وذلك يومي 2-3 نوفمبر المقبل، بمشاركة 300شخصية بارزة من وزراء الشباب وإعلاميين وملاك فضائيات وصناع قرار ليثرون محاور المنتدى الأربعة بهدف الخروج بصيغة موحدة لإستراتيجية خليجية مهمتها القضاء على الإعلام الهدَّام والتوعية بشأنه دون تقويض حرية الإعلام في زمن الفضاءات الرحبة، ولأهمية هذا الموضوع وجدليته في زمن الانفتاح على الآخر سعت "الشـــــــــــرق"
لأن تسلط الضوء على هذه القضية من كافة المحاور القانونية، والاقتصادية،والاجتماعية، والتربوية مسترشدة بآراء عدد من النخبويين المشاركين بمحاور المنتدى، الذين أجمعوا على أهمية انعقاد هذا المنتدى بهذا التوقيت لتوعية أولياء الأمور بأهمية التوجيه والإشراف على النشء تجاه القنوات الفضائية الهابطة والوسائط المتعددة المستخدمة فيها وتدريبهم على آليات الحماية وبرامجها..



تابع ..

سيف قطر
26-10-2008, 05:54 AM
قانون الضمير
..وكانت البداية مع الدكتور غسان رباح نائب رئيس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بجنيف ورئيس جمعية الأحداث بلبنان الذي أوضح قائلاً"إنَّ هناك قانون خاص وقانون عام ومن الصعب أن نطبق مثل هذه القوانين على موضوع الإباحية عبر الفضائيات،ولكن تمَّ معالجة مثل هذه التجاوزات من خلال إيجاد قوانين رادعة تسمى بـ"قانون الضمير" وهذا القانون مطبق في إيطاليا منذ (1928)،كما أنه مطبق في المغرب،ومصر والجزائر من خلال تأليف لجنة تراقب الوسيلة الإعلامية رقابة إعلامية ملزمة بحيث يكون من غير الجائز أن تنشر هذه الوسيلة ماهو ضد الأخلاق العامة"..
وأضاف الدكتور رباح أنَّ قانون الضمير يعتبر أكثر إلزاماً من وثائق الشرف الإعلامية، حيث في الجمهورية اللبنانية هناك قوانين خاصة لابد أن تخضع لها اي فضائية عند تأسيسها وعند خرقها للقانون يوجه لها إنذار ،كما يجوز للجهات القضائية أن تسقط عنها حق الرخصة للفضائية حال تكرار المخالفة في بث مواد ممنوعة تخدش الحياء وتنافي الأخلاق، معرجاً على أنَّ الفضائيات أيضاً لابد أن تلتزم باتفاقية حقوق الطفل التي تشدد على دور الإعلام في عدم نشر مايسيئ للطفل على صعيد دولي سواء كانت مشاهد عنف أو مشاهد إباحية خاصة وأنَّ هذه الإتفاقية ملزمة لكافة الدول التي صادقت على بنودها..
وكشف الدكتور رباح أنَّ في بحثه المقدم للمنتدى دعوته الصريحة إلى إنشاء لجنة متابعة للقيام بعقد أجتماعات دورية مرتين على الأقل في السنة لمتابعة التوصيات التي ستخرج من كل اجتماع لتكون ملزمة للجميع..
الربحية وانعدام الضمير
وعن المحور الاقتصادي أوضح السيد أمين بسيوني رئيس مجلس الشركة المصرية للأقمار الصناعية(نايل سات) جمهورية مصر العربية قائلاً "إنَّ المنتدى غاية في الأهمية لأنه يطرح قضية خطيرة وأساسية بهدف الارتقاء بإعلامنا العربي من خلال استخدام التقنيات الحديثه بجانب من المسؤولية اتجاه المجتمع واتجاه فئة الشباب الذي من واجبنا أن نعدهم للمستقبل كي يحملوا راية أوطانهم بالكثير من المسؤولية..
وقال بسيوني"إنَّ القضية التي من المفترض التركيز عليها هي بناء الإنسان وهذه القضية تتنافى مع مطامع البعض الذين يسعون للربحية دون التفكير بمستقبل جيل بأكمله،والقضية تكمن في أنَّ في هذا الفضاء الرحب الواسع لابد التركيز على بنــاء
الإنسان كما لابد ان نرسِّخ فيه وعياً للحفاظ على نفسه، لأنَّه من الصعب أن ننصب أنفسنا رقباء على جيل بأكمله لذا لابد من أن نسلحه بالوعي وبالمسؤولية التي تجعله رقيباً على ذاته، وهذا ينشأ بالتربية وبترسيخ مراقبة الضمير خاصة حيال ملاك الفضائيات الذين يستردون ما أنفقوه على فضائياتهم بتجاوز الخطوط الحمراء لاستقطاب أكبر عدد مشاهدة من فئة الشباب التي عادة ما يجذبها كل مافيه تجاوز..
وأكدَّ البسيوني أنَّه مهما كانت الإغراءات فلا بد من الاهتمام بالتربية والتوعية بمخاطر الفضاء الواسع الذي يتجسد بالفضائيات والإنترنت الذي يشكل عامل خطر على الشباب لتأثيراته الهدامة حيث لارقابة تؤتي أكلها مع الانترنت، لذا لابد من التربية .. لأنها هي من ستجعل الشباب قادرا على اختيار السمين من الغث..
جامعة الجريمة
وفيما يتعلق بالمحور الاجتماعي اوضح الدكتور ياس خضير البياتي وكيل عميد كلية الأعلام جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا قائلاً "إنَّ التلفزيون يبقى الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيراً على الشباب , والأكثر احتمالا في عملية الانحراف الاجتماعي ، حيث أصبحت هذه الوسيلة متغيراً اجتماعياً وثقافياً هاماً في حياة الطفل المراهق والشاب في المجتمع المعاصر .
وأضاف الدكتور البياتي قائلاً" إنَّ الأغلبية الساحقة من علماء الاتصال والاجتماع والنفس تعتقد إمكانية تغيير موقف الناس أو سلوكهم بواسطة التلفزيون إذا ما ضم معلومات ضرورية للناس ، ويكفي مقولة شارل ديغول ( أعطني هذه الشاشة الصغيرة ، وأنا أغير الشعب الفرنسي )للتأكيد على دوره الفعال في تغيير السلوك والاتجاهات بل إن تأثير التلفزيون في الولايات المتحدة الأمريكيــة يبدو واضحاً في مختلف جوانب الحياة، فهو قوة سياسية وعامل تأثير في انتخاب الرئيس والتحكم باتجاهات الرأي العام ، وهو موضع قلق من علماء الاجتماع والنفس لما يسببه من تأثيرات اجتماعية ونفسية وثقافية , تتمثل بتفاقم الجريمة والعنف , وازدياد ظاهرة السلوك الانحرافي ، وتفشي الأمراض الاجتماعية والنفسية , وتأثيراته الثقافية على المجتمع الأمريكي بحيث سيفقد خلال السنوات القادمة ، كما يرى أساتذة الاجتماع في شيكاغو ، القدرة على القراءة والكتابة بسبب التلفزيون .
ولذلك أظهرت البحوث العلمية على وجود علاقة قوية بين التلفزيون والمتمثلة بأفلام العنف والجريمة وأساليب ارتكابها ، وبين تكريس مبدأ الاستعداد النفسي للانحراف . لذلك يطلق علماء الاجتماع على التلفزيون لقب ( جامعة الجريمة ) .
وفي رأينا أن دراسة تأثيرات التلفزيون في الاتجاهات والقيم والسلوك الاجتماعي لابد أن يقترن بدراسة تكوين الاتجاهات ، وكيفية تأقلم الشباب في المجتمع الذي يعيشون فيه، وبعبارة أخرى عملية ( التكيف الاجتماعي ) التي تشمل أنواع التأقلم المباشر وغير المباشر ، والتعليم واكتساب القيم والاتجاهات .
وعلينا أن نتذكر بان الأثر التلفزيوني في تعميق السلوك الانحرافي يتحدد في جوانب محدده هي :السلوك الانحرافي لدى الأطفال والمراهقين حيث أن مشاهدة أفلام العنف والعدوان قد تؤدي إلى السلوك العدواني عندهم . ويزداد هذا الانحراف كما ترى بعض البحوث في عملية التكرار المستمر للمادة ، وبعضها يعتقد بأن(هناك عوامل عديدة تتوسط بين المادة الإعلامية-وسلوك الفرد)،والجوانب المعرفية حيث أن إدراك الفرد بمعنى ومضمون البرنامج التلفزيوني هو الذي سيحدد مدى تأثيره فيه . فالإدراك جزء من الجانب المعرفي لذلك تهتم الدراسات الحديثة بمدى مساهمة التلفزيون في زيادة معدل النمو المعرفي عند الأطفال بعد أن كانت هذه الدراسات تهتم بدراسة مدى تأثير التلفزيون على الجانب المعرفي،والتنشئة الاجتماعية حيث اتضح من خلال البحوث والدراسات أن التلفزيون له دور واضح في هذه العملية ، خاصة عند الأطفال ،ولعل عبارة ( ألبرت بنديور) رائد من رواد نظرية التعلم الاجتماعي تؤكد على أهمية التلفزيون في حياة الطفل حيث يقول (إنه بازدياد نماذج رمزية ( التلفزيون ) فإن دور الوالدين والمدرسين والنماذج التقليدية الأخرى للأدوارسوف تحتل دوراً أقل أهمية في التعلم الاجتماعي) ،والشيء الذي يثير القلق في رأينا ,وتتوفر فيه الأدلة موضوعان هما:التكرار الواسع لأعمال العنف على الشاشة . والآثار التي تتضمنها برامج العنف والجنس،والملفت للنظر أن القائمين بالاتصال في الوطن العربي والعالم الثالث يشجعون ترويج المواد الإعلامية السلبية ،حيث يؤكد ( جون ماريل ) بأن( العديد من المحررين يفضلون نشر أخبار نجوم السينما الهليوودية على الأخبار المسماة بالتنموية ،وتفضل محطات التلفزيون عرض أفلام الإثارة والعنف والجنس على الأفلام الجادة)،لذلك كانت خلاصة البحوث والدراسات بخصوص احتمالية تأثير التلفزيون على الانحراف تتجه إلى نتائج ذات طابع شمولي وغير مطلقة في أحكامها ، ومن هذه النتائج: إن مشاهدة الأفلام لا تؤدي إلى خلق المجرم من توافر لديه الاستعداد النفسي للإجرام أو الانحراف،وإنَّ العوامل المتداخلة مع وسائل الإعلام مثل العوامل السياسية والاجتماعية والثقافية ، وكذلك المؤسسات الاجتماعية ، قد تشارك في عملية الانحراف ، أي أن وسيلة الإعلام ليست لوحدها تؤدي إلى الانحراف،كماأن هناك بعض الأفلام لها تأثير سلبي على تفكير الشباب وعلى التكوين الخلقي للمراهقين مما يساعد على انحرافهم ، وخاصة أولئك الذين لم ينالوا قسطاً وافراً من التربية الفكرية،وأن التكرار الأفلام الجنسية والعنف والجريمة تؤدي إلى تكريس السلوك الانحرافي .


إنتاج مستورد
واستطرد الدكتور البياتي قائلاً " إنَّ ما يزيد القلق هو نتائج البحث العربية التي اجمعت على أن الإنتاج الأجنبي المستورد يشكل أكثر من نصف ما تبثه التلفزيونات العربية حيث تشكل المادة الترفيهية الجزء الأعظم من ساعات البث اليومي . وقد قادت دراسة ميدانية أجرتها إدارة البحوث في اتحاد إذاعات الدول العربية إلى اكتشاف مفارقة رئيسية وهي ما يمكن أن نسميها بجدلية الجذب والنفور والإقبال والحذر إزاء المادة التلفزيونية الأجنبية فهي برأي الشباب مؤثرة ومفيدة ولكنها غير معبرة عن الواقع العربي ،وهي أداة تثقيفية وانفتاح على الآخر للإطلاع على المعلومات ومواكبة العصر ،وهي أداة لتغيير الواقع الاجتماعي ، وتغير العلاقة بالأبناء (أي أسلوب التربية والتنشئة) وتغيير تصورات الزواج ، ولكنها مع ذلك لها تأثير على ترسيخ مفهوم الاستهلاك للتقليعات والفردية والحرمان والتبعية .
ونعتقد أن هذه الصورة المشوشة المتناقضة تعود إلى أسباب كثيرة : طبيعة وأساليب تربية الشباب في المجتمعات العربية ، وضعف استقلالية التفكير ، والمحيط الاجتماعي المتناقض ، وعدم التوافق مع البيئة ومتغيراتها ، اليأس والإحباط من الحاضر والمستقبل ، ضعف الثقافة التي تتغذى بها هذه الشريحة والتي لا تمنحها أدنى المقومات الأساسية لتأهيلها ، وأخيرا ، وليس آخرا ، ضعف منزلة الشباب في البرامج التلفزيونية العربية ونمطيتها ، والتلقي غير المنظم للمعلومات وكثافتها عبر المحطات العربية والأجنبية .
وبقدر ما تعتبر ظاهرة الشباب عالمية بعلاقتها في ثقافة الصورة ، فإن الشباب والمراهقين الذين يشكلون وزنا ديمغرافيا مهما في المجتمع العربي.يستمدون الكثير من أنماط السلوك والمثل والقيم من وسائل الإعلام الحديثة ، والتلفزيون خاصة ، حيث أصبحت هذه الوسائل تنافس العائلة والمدرسة والنظم الاجتماعية ..الخ في عمليات التنشئة الاجتماعية،حيث أنَّ اتساع الحقل الاجتماعي للمشاهدة في علاقته بالتحديث ، وما واكبه من تحولات في بني أوقات الفراغ يمثل أحد العوامل الفاعلة في التحولات التي شملت جوانب الحياة المختلفة، ومن ضمنها العلاقات القوية بالثقافة والإعلام والتربية ، وتأثيراتها النفسية .
والملاحظ أن القاسم المشترك لبرامج القنوات الفضائية هو المادة الترفيهية وأفلام الجريمة والعنف والرعب والجنس،أي إن ثقافة الصورة تغطي عليها أكثر من ظاهرة : الاغتراب ، القلق ، إثارة الغريزة الفردية ، العدوانية ، دافعية الانحراف،سلطة المال والنساء ،حب الاستهلاك ، الأنانية،عدم الاكتراث ،والتمرد،وكلها مفردات حياتية تتأسس في إدراك الفرد وسلوكه ومعارفه ،حيث تتحول أحيانا من صورة ذهنية إلى نشاط عملي عن طريق المحاكاة والتقليد وعمليات التطبيع الاجتماعي .
لهذا نتوقع مستقبلا أن تنشأ مشكلات اجتماعية تأخذ أبعادا واضحة في الحياة العربية ، ويتأثر فيها الأطفال والمراهقون والشباب بنتائجها السلبية . فمن المحتمل أن تخلق برامج الفضائيات الاضطراب الاجتماعي ، وعدم الاستقرار الاجتماعي،وتعميق المشاعر الذاتية أكثر من الالتزام الجماعي ، ويضعف الولاء للمجتمع والوطن،وتنمية الفردية والروح الاستهلاكية،وتقوض أركان التماسك الاجتماعي،وتعميق الإحساس بالاغتراب والهروب من التصدي لواقع الحياة ، وتوسيع الانبهار بالموديل الأجنبي ، وإشاعة مشاعر الاستسلام للواقع ، وتوطين العجز في النفوس ، وإضعاف الروابط الأسرية وقيمها ، وتعميق الانعزالية بين الشباب وسحبهم إلى معارك ضارية مع النظم الاجتماعية بدءا من الأسرة وانتهاء بالدولة والأمة ، وإحجام الشباب عن ممارسة الأنشطة الإنتاجية والترويحية والاكتفاء بالتعرض للتلفزيون، واختلاف الجماعة على مجموعة من القيم والاتجاهات والمعايير ، والتأثير على مهارات الطفل المرتبطة بالمدرسة وعلى الكفاية المعرفية بصورة عامة ، وازدياد السلوك الانحرافي والأمراض الاجتماعية،والأهم ، كما أرى مستقبلا ضعف دور الأسرة والمدرسة في عملية التنشئة الاجتماعية مقابل الدور الكبير المؤثر لوسائل الإعلام والمعلومات على اتجاهات التنشئة الاجتماعية والعمليات الاجتماعية..


الحفاظ على الهوية الإسلامية
وعلق السيد عبد المحسن البناي مدير إنتاج البرامج المشتركة لدول الخليج العربية دولة الكويت حول المحور التربوي قائلاً "إنَّ كل وسيلة إعلامية لابد أن تضع نصب عينها مسؤولية المجتمع لما للتلفزيون من تأثير على سلوك الأفراد، وهذا ما آمنت به مؤسسة البرامج المشترك لدول الخليج العربية حيث وضعت أمامها أهدافا أهمها الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية ،والاهتمام بالمواهب الشابة، إلى جانب الاهتمام بالتراث الخليجي والعربي، مشيراً في حديثه إلى برنامج"افتح يا سمسم" كنموذج للبرامج التعليمية الناجحة الذي استقطب اهتمام أجيال بسبب التخطيط المسبق له إلى جانب الإسترشاد بأراء التربويين الذين قدموا خلاصة فكرهم لإخراج البرنامج بالصورة التي جعلته حي للآن في قلوب من نشأووا عليه،وهذا شأن أي عمل لابد أن تتوفر فيه عناصر جيدة من الكوادر البشرية والمالية،كما لابد عدم النظر إلى الربحية بأنها هي الهدف الأساسي حتى لايغيب الضمير في إنتاج أي عمل..
وأضاف السيد البناي قائلاً "إنَّ أي عمل ناجح تواجهه مصاعب ولكن المهم هو الإيمان بقضية التنمية، وإنتاجنا مبني على رؤية أجهزة التلفزيون الحكومية التي تهدف إلى تكريس الإعلام الهادف وهذا ما جعل من برامجنا تحظى بالقبول والإستمرارية"..
واشار البناي إلى أنَّ ثورة الفضائيات واكبها الإبهار .. الإبهار في الصرف المادي الذي جعل ملاك بعض الفضائيات ضعاف نفوس أمام استرداد ما أنفقوه من خلال بث الكثير من الغث الذي يحاكي مكامن الإثارة عند الشباب سواء كان الميل للعنف أو حتى البرامج التي تروِّج للإباحية تحت مظلة الانفتاح والتقدمية مما يؤثر سلباً على الشباب وعلى انتاجيتهم،فتبرز قضية اللاوسطية فيخلق جيل إما متطرف دينياً أو منحل أخلاقياً في ظل غياب دور الأسرة غير المؤهلة لرعاية النشء،مشيراً إلى أنَّ الأسرة العربية أصبحت تواجه صعوبة في عدم درايتها لمواجهة الخطر الخارجي المسرب من الفضائيات..
واقترح البناي في معرض حديثه ضرورة خلق تعاون إعلامي عربي مشترك يعنى بمجابهة الإعلام الهدام من خلال حملات توعية على مدار بعيد ،كما لابد أن نؤسس ونرشد الأسر لمواجهة المخاطر من خلال برامج إعلامية وحملات مكثفة متواصلة،مشدداً على ضرورة إشراك الحكومات في حملات التوعية هذه ومؤسسات المجتمع المدني لأنَّ الموضوع غاية في الخطورة، وما تروجه بعض الفضائيات غير المسؤولة كارثة لابد من التصدي لها وإيجاد البدائل للحفاظ على مستقبل أجيال بأكملها......