المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطغاة يغرقون في البحر ( قصة فرعون كاملة ) .. لعائض القرني



بوعلي2
26-10-2008, 12:07 PM
لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر وأعز وأجل مما نتصور

الطغاة يغرقون في البحر .. لعائض القرني

أحبتي في الله .. إن شاء الله سأقوم بطرح المحاضرة التي ألقاها الشيخ الفضيل عائض القرني .. في القمر الإسلامي كاملة وذلك لأن هناك كثر تلتبس عليهم قصة فرعون مع موسى عليه السلام .. وقد تم الطرح بناءا على طلب البعض منهم والله أعلم
سيكون الطرح كل يومين أو ثلاث ليتسنى للقارئ قراءة القصة كاملة والتمعن فيها .. والله من وراء القصد




الطغاة يغرقون في البحر

إن موسى عليه السلام قد قاتل قتالاً برياً وبحرياً وميدانياً وعلمياً، كل ذلك من أجل رفع راية التوحيد وإقامة دين الله على أرضه، وقد جاهد مثله صلى الله عليه وسلم، ولقي أصحابه كثيراً من العناء وأتى بعدهم التابعون فكان لهم نصيب؛ لأن البلاء كأس لابد من شربه لمن سلك طريق الدعوة إلى الله.

قصة المواجهة مع فرعون

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أمَّا بَعْد:

فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله مساءكم، مع درس في كتاب الله عز وجل عنوانه: (الطغاة يغرقون في البحر).

الطغاة يغرقون في البحر يوم أغرق الله فرعون وأتباعه وأشياعه في البحر، وهذه نماذج من نهايات الطغاة والمجرمين والعصاة، يوم ينهيهم الله عز وجل إلى نهاية وبيئة لعينة خسيسة؛ جزاء ما قدموا في حق البشرية وما اقترفوا في حق الإنسانية، وسوف نستمع في هذه الليلة إلى درس من القرآن، وهو يصف لنا فرعون يوم خرج يطارد موسى إلى البحر على موسى السلام وعلى فرعون اللعنة.

سلام الله يا مطر عليها وليس عليك يا مطر السلام

قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:49-52] لا زال الحديث والخطاب يتحدث لبني إسرائيل ويقررهم بنعم الله تعالى عليهم كأنه يقول: أما نجيناكم من فرعون؟!

أما واعدنا موسى وأعطيناه التوراة وكلمناه لمصلحتكم؟!

أما عفونا عنكم؟

أما فرقنا بكم البحر؟

أما فعلنا وفعلنا بكم؟ فلماذا هذه الجرائم؟!

ولماذا هذه الفضائح؟ ولماذا هذه الفواحش؟

ولله المثل الأعلى. كأنك تؤدب ابنك فتقول: أما علمتك؟ أما اشتريت لك سيارة؟ أما بنيت لك بيتاً؟ فلله المثل الأعلى، وهذا تقرير لنعم الله على بني إسرائيل.





موسى يطلب أخاه هارون وزيراً

موسى عليه السلام يقاتل قتالاً برياً وبحرياً، ويصارع صراعاً ميدانياً وعلمياً وعملياً، يرسله الله إلى فرعون في ديوانه وإيوانه وقصره، فيجعل معه أخاه هارون وزيراً، لماذا يجعل هارون معه؟

ما هو السر وما هو السبب؟

لأن هارون أفصح منه لساناً، موسى صاحب الرسالة ولكن هارون فصيح، موسى كان (أدرم) يأكل بعض الكلمات، ولا تتضح الكلمات التي ينطقها، ولكن هو أفضل من هارون بلا شك، والعجيب أن بعض المؤرخين قالوا: هارون أكبر من موسى بسنة! ولكن نعمة الله ورعايته وولايته وعطاءه جعلت النبوة والرسالة في موسى، ثم جعل ذلك في فضله ورحمته وعطائه حتى يقول الله له: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى [طه:24].

قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي [طه:25] أمر كليف صعيب وكأنه يحمل الجبال على كتفيه، وهل هذا أمر سهل؟

تصور أنك راعي غنم فقير، ومعك ضأن وعصا تهش بها على غنمك، عليك ثياب صوف، تدخل على طاغية من طغاة الدنيا كحكام مصر وحرسه -كما قال أهل العلم- معه ستة وثلاثون ألفاً عند الحدائق، وعند مداخل مصر فكيف تصل إليه؟ قال: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي [طه:25-27] أي: يا رب أنت تدري أن لساني يتلعثم، ما هو السبب؟

قالوا: لما عرضت له التمرة والجمرة أخذ الجمرة ووضعها على لسانه فأصابت لسانه وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي [طه:27-28] قال الحسن البصري : [[رحم الله موسى، ما سأل إلا أن تحل عقدة واحدة من لسانه! ]] فقط بمجرد أن يفهموا قولي، ما قال: أكن خطيب مصر ولا أديبها ولا متكلمها، إنما ليفقهوا قولي فقط.

ثم قال: وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي [طه:29] وزيراً يساعدني ويكون من أهلي؛ لأنه لو كان من غير أهلي ربما يكون حاسداً أو عدواً أو حاقداً، ثم عينه باسمه؛ لأن أهله كثير، كبار وصغار وأبناء عمومة وأقارب هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي [طه:30-32] -لماذا؟- كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً [طه:33] -الاثنان يسبحان أكثر من الواحد- وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً [طه:34] -هو يذكرني وأنا أذكره- إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيراً [طه:35].

فأتى الجواب مباشرة قال: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه:36] لم يقل أسئلتك؛ لأنها سهلة في علم الله إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] هذه الأسئلة مجرد سؤال قال: قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى [طه:36].

ثم قال له وكأن الخطاب يقول: لا تنس أننا أعطيناك والأيادي التي منحناك قال: وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى [طه:37].

ثم أورد قصة فيها مذكرات حياته في الأربعين سنة يقول: وفعلنا بك كذا وكذا وكذا.

فلما أصبحا في الطريق؛ أوصاهما الله بأدب الدعوة قال: فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44] انتبهوا من الخبيث! عليكم بالأسلوب السهل ولين الخطاب، لأنه رجل فاجر، والله يعلم في علم الغيب أنه لا يؤمن، الله كتب عليه أنه من أهل النار: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال:23].

يتبع إن شاء الله ،،،،

بوعلي2
26-10-2008, 12:08 PM
الله عز وجل يؤيد موسى


موسى وهو في الطريق بعد أن بدأت فرائصه ترتعد من سيوف وخناجر ورماح وجند وجيش وأسطول فرعون وهامان وقارون ، دنيا وقصور مدلهمة ونار مظلمة!! قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45] والله أعلم بفرعون رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا [طه:45] أي: يستعجل بالعقوبة، نريد أن نتكلم ونسمعه الحجة لكنه لن يتركنا نتكلم أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45] أي: يزيد في العقوبة، بدل أن يجلدنا مائة سوط فسوف يجلدنا خمسمائة سوط.

قال الله -وما أحسن العبارة!-: قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] لا إله إلا الله! أنتم في إيواني وعلمي وأنا معكم، أنتم في الصحراء وأنا معكم، أنتم في البحر وأنا معكم بعلمي: مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا [المجادلة:7] الله معك بعلمه ونصرته وإحاطته وشهوده أينما كنت.

فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان


يا حافظ الآمال أنتت حميتني ورعيتني


وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني


فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني


قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] ثم قص عليه القصة، دخل، تكلم، انتهى الحوار وشاهدنا قصته يوم خرج.





اللحظة الحاسمة بين موسى وبين فرعون وسحرته

الطغاة يقولون: تلقي أم نلقي؟

قال: ألقوا أنتم، ابدءوا، أنتم أهل الباطل.

قيل: كانوا اثنين وسبعين ساحراً وقيل ثمانين ألفاً، كل ساحر يأتي بالعجائب! فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى [طه:60] قالوا: متى الموعد؟ قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً [طه:59] قيل: إنه يوم عيدهم مثل يوم الجمعة وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً [طه:59] يقول: موعدنا إذا ارتفعت الشمس، واجتمعت الجماهير، وامتلأت القصور والميادين والمحافل فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى [طه:60] فلما أتى صف ثمانون ألف ساحر، وقام هو ووزراؤه وجيشه والناس من الشرفات من كل مكان، وأتى موسى وهارون..!!

والمعركة بين اثنين وبين الدنيا كلها! لكن الله معهما لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا [التوبة:40] وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى [الأنفال:17] ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ [التوبة:40] تصور: موسى عليه السلام راعي غنم! لكنه يحمل الإيمان والتوحيد، وقف في أطرف الناس، قالوا: تلقي أو نلقي؟ قال: ألقوا؛ فبدءوا فأتت الحبال تصور تصويرات عجيبة من الهول والضنك، تأتي وتطيش على الناس، وتمور على الناس وتدلهم، والجماهير يصعقون في كل مكان!!

موسى عليه السلام ظن أن المسألة سهلة، وليست كذلك: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى [طه:67] الله يعطيه عهوداً يقول: أنا معك، لا تخف، يدخل القصر فيخاف، فيقول الله له: إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] أتى في الميدان فخاف، قال: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى [طه:67-68] أنت المنتصر اليوم، فلما امتلأت الساحة بالحيات والعقارب التي يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى، قال الله: وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ [طه:69] الآن هذا وقتك، الوقت ضائع معهم وأنت الآن مستلم الساحة.

فقال: بسم الله، فألقى عصاه على الأرض -قيل: إن أصلها من الجنة- فلما وقعت على الأرض صورها فاطر السموات والأرض صوراً عجيبة، انتفخت حتى أصبحت كبعض القصور، ثم امتلأت حتى أصبح رأسها كالجبل، ثم أتت على هذه الحيات والعقارب تأكلها وتأكل ما يأفكون.

ثم أقبلت على الجماهير فانصرعوا في كل مكان، ثم أتت إلى فرعون في المنصة فهرب.

قال الحسن : [[كان طائشاً خسيساً ]] وأخذ يرفع يد الاستسلام -كما في بعض التفاسير- وقال: يا موسى، أسألك بالرحم.

الآن تذكر الرحم يا خسيس! فأوقف موسى العصا وأخذها بلسانها فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ [الأعراف:119] ذليلين حقيرين خاسئين، وأتت الآن المصافاة، والقتال يبدأ الآن.





موسى ومن آمن معه يهربون

جاء في الليل المظلم وقال موسى لبني إسرائيل: لا تخبروا أحداً، غداً سوف نرتحل ونهاجر من مصر ؛ لأن فرعون عذبنا وسوف يقتلنا، فإنه قال للسحرة: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَاباً وَأَبْقَى [طه:71] أسلم السحرة وسجدوا لله، ففرعون إذاًَ سوف يجزرهم جزراً، فقال موسى: الصباح الصباح، قبل أن يطلع الفجر ليكن الكل متهيئاً، كم كانوا؟

قال ابن جرير الطبري : كان بنو إسرائيل ستمائة ألف، اثنا عشر سبطاً (قبيلة)كل سبط خمسون ألفاً.

بنو إسرائيل أهل سرق ومرق إلا من آمن منهم، يحبون الخيانة، استعاروا الحلي من آل فرعون في الليل، كما يقال في المثل: (إذا كنت رايح كثر من الفضائح) فاستعارت كل جارة يهودية حلي جارتها من القبطيات المصريات، ثم مضوا مع الفجر.

قال ابن عباس : فمات كل بكر لكل مصري ولد له مولود، فاشتغلوا بدفنهم في ذاك الصباح لكي يتأخروا، ولذلك يقول تعالى في كتابه: فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ [الشعراء:60] أي: ما أتوا إلا مع شروق الشمس، أراد فرعون أن يخرج مع الفجر من المدينة وقال: انتبهوا علينا أن نذهب وراءه! فمكثه الله ولبثه بقضاء وقدر فتأخر حتى طلعت الشمس.

قطع موسى نصف المرحلة من الطريق يريد فلسطين ، وفرعون خرج من مصر بالجيش وراءه، قيل كان معه ألف ألف أي: مليون مقاتل، وأما موسى فإن معه الأطفال والنساء والبنات من بني إسرائيل -على موسى وعلى هارون السلام- فلما أصبحوا في الصحراء التفت موسى، وكان دائماً كلما مضى قليلاً يلتفت وراءه، فهو يعرف أن هذا الخبيث سوف يتابعه ولن يتركه، وفجأة وإذا بالجيش أشرف كالجبال.. أين يلتفت؟ هل يلتفت إلى واشنطن أو موسكو ؟ أو يقدم مذكرة إلى هيئة الأمم المتحدة ؟ بل يلتفت إلى الله.. أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62] فقال: يا رب.. قال: قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى [طه:68] هذا هو الموعد الثالث، يقول: نحن أرسلناك، إذاً نحن نضمن سلامتك فلا تخف، ولماذا تخف؟

من الذي يحمي؟

من الذي يرعى؟

من الذي يهدي؟

من الذي يسدد إلا الله، فلا تخف، فلم يخف ومشى، وبعد قليل أصبح بنو إسرائيل تصطك لحاهم؛ لأن الخوف داخلهم والعرق يتصبب.. قالوا: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ [الشعراء:61] فتوقفوا عند البحر ونظروا وإذا بالجيش يقترب منهم قال موسى: كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء:62] يقول: أنا أسير بقوة الله، لا تخافوا فالنصر معي بإذن الله.





انغلاق البحر لموسى


اقترب موسى من البحر فقال الله له -وكان في آخر الناس-: اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ [الشعراء:63] كما قال ابن جرير ظن موسى عليه السلام أن الأمر يقبل النيابة -وذكر كثير من أهل العلم كـأبي السعود في تفسيره وابن جرير أن موسى قال للبحر: يا أبا خالد. فإذا أردت أن تنادي البحر فقل: يا أبا خالد- قال موسى لهارون: اضرب البحر أنت؛ لأن هارون كان في أول الناس وموسى في آخرهم، فضرب فما تحرك البحر! الضرب ضرب والعصا عصا، ولكن اليد غير اليد والعصا غير العصا، شيء الله أعلم به!

يقول المتنبي لـسيف الدولة :

وإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال

يقول: إذا تفوقت أنت على الناس فأنت مثلهم لك عيون كعيونهم ولك دم كدمهم وعظام كعظامهم، ولكن الله له سر في الناس! فإن المسك بعض دم الغزال.. المسك دم ولكن له تميز.

فقال: اضرب البحر يا هارون فضربه، قال ابن جرير : فقال البحر وتكلم بلسان أنطقه الله: من هذا الجبار الذي ضربني؟

فقال الله لموسى: اضرب البحر أنت، فتقدم واقترب وضربه. ماذا تفعل ضربة بعصا قصيرة في بحر مدلهم مشرف لا يعرف طرفه؟ هذه عناية الله، فلما وقعت في الماء وإذا باثني عشر طريقاً مفتوحة! اثنى عشر نفقاً، كل نفق كالطود العظيم، جبل من هنا وجبل من هنا.

وقال أهل العلم: وفتحت لهم نوافذ حتى ينظرون إلى الطبيعة من قرب؛ وحتى لا تكتتم الأنفاس وينظر بعضهم لبعض.

ولماذا اثنا عشر طريقا؟ لأنهم اثنا عشر قبيلة، فهم يشربون من اثنتي عشرة عيناً من الصخرة، وهنا اثنا عشر طريقاً كل قبيلة لها شيخ، هذا الكابتن لابد أن يقودها من هذا الطريق، وهو مسئول عنها فلا تأتي قبيلة مع قبيلة أخرى.

فأتى بنو إسرائيل وإذا هي اثنا عشر طريقاً، قبيلة بنو فلان تمر من هذا الممر حتى تخرج بإذن الله، أما قبيلة بني فلان فتدخل من هنا وتخرج من ذاك المخرج... حتى انتهت فأتوا فنزلوا، فلما نزلوا قال الله له: لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى [طه:77] قالوا: لو كان زلقاً لزلق بنو إسرائيل وتساقطوا، ولو كان ماءً غمسوا، ولو كان ثلجاً تدحرجوا، فجعله الله تراباً.

ذكر الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير أن ملك الروم كتب لـمعاوية بن أبي سفيان يسأله عن مسائل يقول: أسألك عن أرض ما رأت الشمس إلا مرة في عمرها؟

فـمعاوية تقهقر، لا يدري ما هو الجواب فأرسل لـابن عباس .

ابن عباس مرجع علمي ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الجمعة:4] قال: يا ابن عباس كتب لي ملك الروم يتحداني: ما هي الأرض التي ما رأت الشمس إلا مرة في عمرها؟ قال: هي أرض البحر الذي فلقه الله لموسى ما رأت الشمس إلا ذاك اليوم. وأجابه في مسائل كثيرة؛ أعطى الله ابن عباس فهماً؛ لأنه اتقى الله وفتح الله عليه.

مر بنو إسرائيل وأتى فرعون فرأى الطرق مفتحة ورأى أن بني إسرائيل قد مروا؛ فحاول أن يتقهقر، لأن الرجل ليس مجرباً لمثل هذه الأمور، ويعرف أن البحر بحر، وينظر إلى كتل الماء وهي كالجبال فهو لا يدري ولا يعرف آيات الله عز وجل بل يقول: أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف:51] أتى إلى شيء جاهز فادعاه لنفسه، مثل الطفل الآن إذا رأى لعبة مع طفل الجيران قال: هذه لعبتي ويحلف اثنا عشر يميناً عليها! لجدته ولخالته، قالوا: لما قال: وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي [الزخرف:51] أجراها الله من فوق رأسه.

قال ابن جرير : فأتى فرس فرعون -وهذه نوردها من قصص بني إسرائيل وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج- فرأى بغلة جبريل عليه السلام، فأراد فرعون أن يكف يقول: تخلصنا، لا نذهب، انتهينا، فلنرجع، وإذا بجبريل عليه السلام يأتي ببغلة فرآها الفرس، والفرس إذا رأى البغلة رفع القلم عنه!

يتبع إن شاء الله ،،،

ولد الخال
27-10-2008, 08:38 PM
أحسنت

saoud
27-10-2008, 11:32 PM
الله يجزاك خير لاتبخل علينا بالتكمله

بوعلي2
28-10-2008, 01:34 PM
شكرا للرد ويجازيكم بخير افضل يارب ويرزقكم الفردوس الاعلى وان شاء الله اول ماتجيني التكمله كتابيه راح انزلها التكلمه ويعطيكم الف عافيه

naklan
28-10-2008, 10:37 PM
بارك الله فيكم

خالد2008
28-10-2008, 11:50 PM
جزاك اللة الف خير

غناتي1
30-10-2008, 07:22 AM
جزاك الله كل خييير

ننتظر مزيدك المشووق

bntqtr
30-10-2008, 11:42 AM
جزاك الله الف خير

راعي السهم الأول
31-10-2008, 10:51 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
*
*
ماشاء الله عليه الشيخ عائض القرني الله يحفظه ويوفقه يارب
قريت كل شي وشدني كلامه اللي فيه تنبيه أن الله سبحانه وتعالى هو المرجع الأساسي والمنجد للإنسان في كل الظروف اللي يمر بها من خلال هالكلام

((هل يلتفت إلى واشنطن أو موسكو))
؟
((أو يقدم مذكرة إلى هيئة الأمم المتحدة ))
؟
(( بل يلتفت إلى الله ))

و
أحسنت جزاك الله ألف خير عن كل حرف كتبته رحم الله والدينك
وفي ميزان حسناتك إن شاء الله

تحياتي

k__
02-11-2008, 07:45 AM
بارك الله فيك

بوعلي2
02-11-2008, 09:32 PM
اشكر الجميع للمرور والدعوى هذا شرف لي واسكنكم فسيح جناته اللهم امين وحين تاتيني تكملة ندوته سوف اطرحها واشكركم لمروركم جزاكم الله كل خير