المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوروس: الأزمة المالية تقترب من النهاية وميزان القوة إلى آسيا



مقيم
28-10-2008, 05:57 PM
http://www.baa7r.net//uploads/images/baa7r-e6d32ad8a1.jpg (http://www.baa7r.net//uploads/images/baa7r-e6d32ad8a1.jpg)




يتناول جورج سوروس رجل الأعمال والأعمال الخيرية، هو مؤلف أحدث كتاب عن الأزمة المالية «النموذج الجديد لأسواق المال والأزمة الائتمانية لعام 2008 وما تعنيه». وقد أجرى ناثان غاردلز رئيس تحرير «غلوبال فيوبوينت» حوارا معه في واشنطن، وإلى التفاصيل.

* لنتحدث أولا عن طبيعة الأزمة، فبسبب أسعار الفائدة المنخفضة والسيولة العالمية وتحرير السوق، أصبح لدينا فقاعة ائتمانية تقوي نفسها وعمرها 25 عاما، وقد أدت إلى ما أطلق عليه «وفرة لا عقلانية» في الأسواق المالية. والآن لدينا انهيار هائل تشهده أسواق المال والائتمان، و«يأس لاعقلاني»، لا تبرره أسس الاقتصاد الحقيقي. فكيف يتفق هذا النموذج مع نظريتك عن الانعكاسية ونموذجك الجديد لاستيعاب هذه الأزمة المالية؟
ـ إن مفتاح فهم هذه الأزمة، وهي الأسوأ منذ الثلاثينات، هو معرفة أنها نشأت داخل النظام المالي في حد ذاته. وما نشهده ليس نتيجة لصدمة خارجية أفقدت النظام توازنه، كما يشير النموذج السائد، الذي يعتقد أن الأسواق تصحح ذاتها. والحقيقة هي أن أسواق المال قد تزعزع استقرارها ذاتيا، وعادة ما تميل إلى عدم التوازن، وليس التوازن.

ويختلف النموذج الذي أقدمه عن النموذج التقليدي على وجهين. أولا، لا تعكس الأسواق المالية الأساسيات الاقتصادية الفعلية. فدائما ما تشوهها توقعات التجار والمستثمرين. ثانيا، يمكن لهذه التشوهات التي تصيب الأسواق المالية أن تؤثر على الأسس، كما في الفقاعتين وأزمتيهما. ويمكن أن يرفع النشاط من أسعار العقارات وتكنولوجيا المعلومات، ويمكن للذعر أن يتسبب في انهيار أفضل البنوك.

هذه الصلة ذات الاتجاهين، والتي تعني أنك تؤثر على ما تعكسه، هي ما أطلق عليه «الانعكاسية». وهذه هي الطريقة الحقيقية التي تعمل بها أسواق المال. وحاليا يمتد عدم استقرارها إلى الاقتصاد الحقيقي، وليس العكس. وفي إيجاز، فإن تتابع الازدهار والانهيار، أو الفقاعات، أصبح مستوطنا في النظام المالي.

ولا يدور الموقف الراهن حول فقاعة العقارات فقط. فقد كانت مجرد الشرارة التي فجّرت فقاعة أكبر بكثير. وهذه الفقاعة الكبرى ـ والتي تسبب بها الاستخدام المتزايد للائتمان والاعتماد على الديون، مع الاعتقاد بأن الأسواق تصحح من ذاتها ـ قد استغرقت أكثر من 25 عاما لتظهر إلى السطح. وها هي تنفجر في الوقت الراهن.

* وما هو «قاطع الدائرة» المفترض الذي من شأنه أن يوقف التشوهات الحتمية التي تزعزع استقرار الأسواق المالية؟
ـ إذا كانت هذه الفقاعات مستوطنة في النظام المالي، فعلى جهات التنظيم الحكومي التدخل من أجل منع هذه الفقاعات من أن تصبح أكبر حجما. وعلى الحكومات أن تدرك أن الأسواق لا تصحح ذاتها، وليس كافيا أن تستجمع قواها بعد الأزمة.

* هل وجود دورة إخبارية مالية عالمية طوال 24 ساعة، زاد من تضخيم التشوهات التي حلت بأسواق المال؟
ـ بلا شك، فهي تعجل من العملية. وفي الوقت نفسه، لن أبالغ في ذلك. ففي نهاية القرن التاسع عشر، لم يكن هناك قنوات كابل تعمل على مدار الساعة، ولكن كان هناك النوع نفسه من الفقاعات. وطوال القرن التاسع عشر، عندما كانت هناك عقلية تحرير السوق، وعدم وجود تنظيم كاف، كانت هناك أزمة تلو الأخرى، وكل أزمة جلبت بعضا من الإصلاح. وهكذا تطورت البنوك المركزية.

* كيف يحدث أن كل جهود الحكومة الأميركية حتى الآن، من خطة الإنقاذ التي تتكلف 700 مليار دولار والتخفيض الفيدرالي لأسعار الفائدة ودعم الودائع والسندات التجارية، لم توقف الأزمة؟
ـ كانت السلطات الأميركية تؤمن بفكر السوق الأصلية. وظنت أن الأسواق ستصحح ذاتها في النهاية. وقد لخص وزير الخزانة الأميركي ذلك، حيث اعتقد أنه بعد أزمة بير ستيرنز، ستعود السوق إلى انضباطها، و«حسنا، إذا انهار ليمان (براذرز)، من الممكن أن تتحمل السوق سقوطه». ولكن انهار كل شيء.

ونظرا لأنهم لم يستوعبوا طبيعة المشكلة، وهي أن الأسواق لن تصحح ذاتها، فهم لم يروا هناك حاجة إلى تدخل الحكومة. لذا لم يكونوا مستعدين بخطة بديلة.

وبعد أن أعلن «ليمان براذرز» إفلاسه، كان على بولسون أن يغير من تفكيره وينقذ «أميركان إنترناشونال غروب». وفي اليوم التالي، كان هناك تدافع في الطلب على أسواق المال وأسواق الأوراق التجارية، لذا جاء ثانية ليقول إننا نحتاج إلى خطة إنقاذ تكلفتها 700 مليار دولار. ولكنه كان يريد أن يضع الأموال في المكان الخطأ، شراء الأوراق المالية المتعثرة من البنوك.

وأخيرا غيروا رأيهم الآن، حيث تشتري الحكومة أسهما في البنوك، لأنها ترى النظام المالي على شفا الانهيار.

* وبعد أن وصلت السلطات الأميركية الآن إلى المسار الصحيح في النهاية، ما هي المكونات الأساسية لحل الأزمة؟
ـ هناك خمسة عناصر رئيسة واضحة، أولا، تحتاج الحكومة إلى إعادة رسملة النظام المصرفي بشراء حصص من الأسهم في البنوك.

ثانيا، هناك حاجة إلى استئناف الإقراض بين البنوك مع وجود ضمانات ووضع سعر فائدة ليبور (سعر الفائدة بين البنوك في لندن) ليتماشى مع الأموال الفيدرالية. وهذا في حيز العمل الآن، وسوف يحدث.

ثالثا، يجب أن نصلح نظام الرهن العقاري في الولايات المتحدة، بتقليل حبس الرهن، وإعادة التفاوض في القروض، فلا تفوق قيمة الرهن العقاري قيمة العقار ذاته. وسيخفف وقف حبس الرهن من هبوط أسعار العقارات.

رابعا، يجب على أوروبا أن تُقَوم ضَعف اليورو بإنشاء شبكة أمان لبنوكها. وبينما قاوم الأوروبيون هذا في البداية، إلا أنهم الآن اهتدوا إلى الحل وناقشوه في اجتماعهم في باريس.

خامسا، يجب أن يتعامل صندوق النقد الدولي مع مدى الخطورة التي تتعرض لها دول على أطراف النظام المالي العالمي بمنحها شبكة أمان مالية. وهذا أيضا في حيز التنفيذ. وقد قدم اليابانيون 200 مليار دولار بالفعل من أجل هذا الغرض.

وتعتبر هذه الخطوات الخمس بداية عملية العلاج. وإذا نفذنا هذه الإجراءات بفعالية، فسوف نكون قادرين على اجتياز أسوأ أزمة اقتصادية. ولكن حينها، أخشى أن هناك آثارا جانبية على الاقتصاد الحقيقي، الذي يزداد زخما الآن. عند هذه النقطة، لن يوقف إصلاح النظام المالي حدوث ركود عالمي حاد. وفي ظل هذا الوضع، لن يستطيع المستهلك الأميركي أن يظل محركا للاقتصاد العالمي، ويجب أن تحفز الحكومة الأميركية على الطلب. وبسبب ما نواجهه من التحديات الخطيرة من الاحترار العالمي والاعتماد على الطاقة، يجب أن توجه الإدارة القادمة أية خطة تحفيزية إلى توفير الطاقة، وإقامة مصادر للطاقة البديلة، وإنشاء بنية تحتية صديقة للبيئة. وهذا التحفيز من الممكن أن يكون المحرك الجديد للاقتصاد العالمي.

* في نهاية الأمر، ألن نرى ساحة مالية عالمية مختلفة تماما؟ ستهبط أسهم الولايات المتحدة كقوة عظمى، حيث تحول البنوك وأعداد كبيرة من القروض، هي وبعض أجزاء أوروبا، إلى الاشتراكية. وستصبح الصين الشيوعية هي القوة العظمى الجديدة في العالم، حيث توجد بها وفرة مالية وهي من كبار المستثمرين في الغرب.
ـ سيضعف النفوذ الأميركي، وقد حدث هذا بالفعل. على مدار الـ25 عاما الماضية، نشهد عجزا مستمرا في الحساب الجاري. وتنعم الصين والدول المنتجة للبترول بفائض كبير. ونحن نستهلك أكثر مما ننتج. وبينما وصلت ديوننا إلى درجة كبيرة، كانت هذه الدول تجمع ثروات في مدخراتها. وسيجمع الصينيون ـ على نحو متزايد ـ المزيد من أموال العالم لأنهم سيحولون احتياطيهم من الدولار وسندات الحكومة الأميركية إلى أصول حقيقية. وهذا سيغير من علاقات القوة، وبذلك سيتحول ميزان القوة إلى آسيا نتيجة لأخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة على مدى 25 عاما.

مقيم
28-10-2008, 06:03 PM
أكد جاسم السعدون الخبير الاقتصادي الخليجي المعروف رئيس مجلس إدارة شركة الشال للاستشارات الاقتصادية أن ارتفاع أسعار البترول ساهم فيما وصفه بـ "بناء طبقات من الشحم السميك" للقطاعين العام والخاص ستمكن من امتصاص صدمة الأزمة المالية العالمية.

وقدّر السعدون الذي استعانت به الحكومة الكويتية ضمن شخصيات اقتصادية مهمة على وضع الحلول للحد من تداعيات الأزمة المالية على الاقتصاد الكويتي في حوار مع "الاقتصادية" حجم الخسائر التي يمكن أن تتكبدها الاستثمارات العربية المهاجرة جراء تراجع الأسهم والعقارات في الأسواق الأمريكية والأوروبية بنحو 250 مليار دولار، محسوبا على أساس نسب تراجع مؤشرات داو جونز وقطاع العقار الأمريكي منذ بداية العام، وحتى إغلاق يوم 22 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري وإن أعتبرها تقديرات افتراضية غير مؤكدة.

وأكد السعدون الذي توقع حدوث أزمة سوق المناخ التي ضربت بورصة الكويت أوائل الثمانينيات أن قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات في الخليج ستكون الأكثر تضررا من تداعيات الأزمة المالية، وسيكون التـأثير مزدوجا على القطاعين المالي والعقاري من خلال جني فوائد وتكبد مخاطر في الوقت ذاته.وفي يلي نص الحوار:


* هناك اعتقاد من قبل جهات معينة أن الخليج في مأمن من تداعيات الأزمة المالية العالمية .. هل هناك ما يسند هذا الاعتقاد؟
- ليس هناك إقليم أو بلد أو حتى إنسان في مأمن من تداعيات الأزمة إذا كان المقصود هو التداعيات المطلقة غير المحكومة بتعريف دقيق أو بمدى زمني محدد. وأظن أن معظم المقصود هو أن منطقة الخليج في مأمن نسبي من امتداد حريق إفلاسات القطاعات المالي على المدى الزمني القصير، أي ربع السنة إلى نصف السنة اللاحق لانفجار الأزمة. إذ أدت حالة التوسع الاقتصادي العالي في المنطقة خلال السنوات التي أعقبت حرب العراق (2003)، إلى الانتقال إلى حالة تفضيل شديد للأسواق الإقليمية على غيرها، بما جعل استثمارات أو معاملات القطاع المالي المحلي مع قطاعات الدول المصابة بالأزمة في حدودها الدنيا. كما عمل الارتفاع الكبير في أسعار النفط على بناء طبقات شحم سميكة في كل من القطاعين العام والخاص، تجعل امتصاص الصدمة أمرا ممكنا ومحتملا، وتجعل تلك الآثار في حدودها الدنيا.

أما إذا فشلت جهود الإنقاذ، أو بدأت تظهر انعكاساتها السلبية على الاقتصاد العالمي الحقيقي، فستنعكس حتماً بالسلب على كل الموازين الداخلية والخارجية لدولنا، وستنعكس سلباً على قيم استثمارات القطاعين العام والخاص في الخارج.

* الناس تتساءل إذا كانت بالفعل دول المنطقة لن تتأثر بحدة الأزمة فلماذا قامت الحكومات بإجراءات مثل ضخ السيولة المالية وتأمين الودائع؟
- المؤكد أن القطاعات المالية مليئة، والمؤكد أن الحكومات مليئة مالياً، لكن مع قطع خطوط الائتمان الخارجية عن الشركات والأفراد المحليين، ومع تصفية وسحب الأجانب مراكزهم المالية من الداخل، ومع انخفاض كل من أسعار وسيولة الأصول المحلية بسبب التداعيات النفسية لأزمة العالم، لا بد من تعويض السيولة من الملجأ الأخير وهي السلطات النقدية والمالية المحلية.


الخوف من تحول الهلع إلى انحدار شديد

* هل صحيح أن ما يحدث في أسواق المال الخليجية هو حالة نفسية، أم أن المستثمرين يخشون بالفعل من أن الشركات قد تكون خسرت في استثمارات خارجية وتخفي المعلومة عن المساهمين؟
- مرة أخرى، لا يبلغ الأثر الحقيقي لأزمة العالم حدود الأزمة في الإقليم، ولا بد أن هناك شركات لها استثمارات في الخارج وخسرت، ولكن أن يؤثر ذلك كثيراً في ملاءتها فهو أمر غير محتمل، ومع الانخفاض في مستوى أسعار أسهمها، ربما لن يؤثر في قراءة مؤشرات الربحية لها. ولكن إن سمح للهلع أن يأخذ مداه، فسيتحول المرض النفسي إلى مرض عضوي، فالهلع سيؤدي إلى انحدار شديد في مستوى أسعار الأصول يحول مراكز مالية مقترضة من مليئة إلى عاجزة، وذلك قطعاً لا يمنع حدوث حالة تستر وربما خسارة كبيرة لشركة أو شركتين، ولكن يفترض ألا تحدث لمؤسسات مالية كبيرة ومحترمة، ويفترض أن يكون ما يحدث إن أصاب مؤسسة متوسطة أو دون، في حدود المحتمل والمقبول.

* ألا تعتقد أن امتناع شركات وبنوك خليجية عن الإفصاح عن مقدار الخسائر التي تكبدتها في أسواق العقار الأمريكي سيجعل المجال مفتوحا لمزيد من عدم الثقة ومزيد من الخسائر في البورصات؟
- لا يجوز من حيث المبدأ امتناع أي شركة أو بنك عن الإفصاح عن خسائره، إذ لا يمكن حجب المعلومة عن المساهمين أو مدققي الحسابات أو الجهات الرقابية الأخرى، خصوصاً ونحن على نهاية الربع الأخير من السنة. وقد يتأخر الإفصاح لبعض الوقت إما نتيجة ضعف إدارة شركة ما، وإما نتيجة تسارع التطورات إلى الدرجة التي يصبح معها إفصاح الأسبوع الفائت، مجرد تاريخ.


خسائر مفترضة للاستثمارات المهاجرة

* ما تقديرك لحجم الخسائر التي خسرها المستثمرون العرب في أسواق المال الأمريكية، خصوصاً أن هنالك مَن يقدر هذه الاستثمارات بأكثر من ألفي مليار دولار؟
- حتى نهاية يوم عمل 22 تشرين الأول (أكتوبر) 2008، خسر مؤشر داو جونز منذ بداية العام نحو 32.4 في المائة وإذا افترضنا أن المستثمر العربي مستثمر متوسط الكفاءة ويخسر بقدر خسارة المؤشرات، وأن العقار الأمريكي فقد نحو 20 في المائة من أسعاره، وأن نصف الاستثمارات العربية موظفة في أسهم وعقارات، وأن السوق الأمريكي ممثل جيد لأسواق الدول المتقدمة، يفترض أن يكون العرب قد خسروا من إعادة التقويم نحو 25 إلى 50 في المائة من استثماراتهم، أو ربما 250 مليار دولار. ولكن لا يفترض في القارئ أن يعتمد أيا من هذه الأرقام، فكمية الفرضيات كبيرة، وهامش الخطأ في المعلومات عن الثروات العربية المعلنة أرقامها كبير، ولكن الرسالة هي أننا لسنا بمأمن من خسائر عالية غير محققة.

* في رأيك ما الحلول المناسبة لنصل إلى مستوى معقول من الشفافية في القطاعات الاقتصادية الخليجية؟
- مستوى الشفافية مرتبط بالنظام العربي العام وهو نظام متخلف، ولا يعتمد على دافعي الضرائب بما يعنيه من تدفق مستمر في المعلومات عن الأفراد والمؤسسات وعن حصيلتها واستخداماتها، والتحسن النوعي الكبير في الشفافية مرتبط بالتحسن العام في أنظمة الحكم والإدارة. ولا بد من التأكيد أن هناك تفاوتا كبيرا في مستوى الشفافية لصالح القطاع الخاص، وضمنه لصالح الكيانات القانونية المتقدمة –الشركات المساهمة - مقارنة بالعائلية، وأكثر القطاعات شفافية هو القطاع المالي الخاضع لرقابة البنوك المركزية. وتطبيق معايير المحاسبة الدولية، وتفعيل مبادئ الثواب والعقاب من قبل الجمعيات العمومية وأجهزة الرقابة، وتحسين مستوى الموقع التفاوضي لمدققي الحسابات الخارجيين والداخليين، لا بد أن يحسن من المستوى العام للشفافية، وأحياناً تعمل الأزمات الكبرى على تسريع خطوات الإصلاح.


البتروكيماويات الأكثر تضررا

* البعض يعتبر أن تأثيرات الأزمة على القطاعات الاقتصادية الخليجية ستكون متفاوتة كثيراً، في رأيك أي هذه القطاعات سيتأثر بقوة من تداعيات الأزمة؟
- رغم أن الأزمة لم تأخذ مداها بعد، إلا أن تفاوت التأثير في مختلف القطاعات، وحتى بين دولة خليجية وأخرى سيكون كبيرا، فقطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات ستعاني بشكل أكبر، وسيكون التأثير مزدوجا على القطاعين المالي والعقاري، فمن جانب ستكون المؤسسات المالية الإقليمية في وضع نسبي أفضل بما يمكن أن يجذب الأموال إليها، ولكنها ستعاني عند توظيفها تدني مستوى النشاط الاقتصادي وتدني نمو أسعار استثماراتها. بينما سيستفيد قطاع العقار من انخفاض تكاليف الإنشاء بسبب انخفاض أسعار المواد الأولية وتكاليف العمالة والإدارة، وسوف ينخفض الطلب على وحداته من جانب آخر، بما يضغط على مستوى أسعار العقار إلى أدنى. وسيستفيد قطاع التجزئة بشكل عام بما يخفف الضغوط على ارتفاع تكاليف المعيشة لمعظم الناس بسبب هبوط واستمرار هبوط تكاليف الغذاء والكساء والسكن.

* شهد قطاع التمويل الإسلامي في الخليج نمواً كبيراً في السنوات الماضية، وهنالك مَن يرى أن هذا القطاع سيكون عاجزا عن توفير الإمداد اللازم لعمليات الإقراض، حتى في ظل ضخ الحكومات السيولة في البنوك، كيف ترى تأثر هذا القطاع بالأزمة؟
- لا يمكن الفصل بين مكاسب أو مصاعب التمويل، تقليدياً كان أو إسلامياً، والنمو على نوع من المعاملات الإسلامية، إنما هو جزء من نمو الطلب الكلي على التمويل بانحياز أيديولوجي. وعليه فإن الصعوبات التي ستطول سيولة التمويل الإسلامي هي نفسها التي ستصيب التقليدي، والعكس صحيح. على أن القلق في غير محله، فوفرة السيولة لأي من القطاعين ستوازنها تكلفة التمويل من جانب، وشح السيولة سيوازنه انحسار النشاط الاقتصادي، وبالتبعية انحسار الطلب على التمويل من جانب آخر.


غياب التنسيق الخليجي

* هل تعتقد أن استقلال السياسات النقدية في دول الخليج على المحك الآن، وهل سنشهد في المستقبل تدخلا من جهات على حساب البنوك المركزية في رسم هذه السياسات؟
- ربما ما سيحدث هو العكس، فالفكر الاقتصادي الذي ساد العالم منذ ثمانينيات القرن الماضي Deregulation أضعف دور كل أجهزة الرقابة بما فيها البنوك المركزية، بدعوى أن "اليد الخفية" وحرية القطاع الخاص وآلية التوازن التلقائية لجانبي العرض والطلب، تحتاج إلى أقل قدر من التدخل. وفي السنوات الخمس المقبلة، سنرى فكرا اقتصاديا مختلفا أقرب إلى المدارس التي سادت بعد الكساد القديم في ثلاثينيات القرن السابق، بعد أن تولى روزفلت رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية. لذلك، من المتوقع أن يقوى دور المؤسسات النقدية على مستوى العالم مثل صندوق النقد الدولي، والبنوك المركزية الإقليمية والقطرية، وهذا ما سيحدث في إقليم الخليج.

* ألا تعتقد أن هنالك غياب عملا جماعيا خليجيا لمواجهة تداعيات الأزمة على دول مجلس التعاون؟
- نعم، هناك غياب كامل للعمل الجماعي، فنحن لم نسمع عن اجتماع لبنوك دول الخليج المركزية، ولم نسمع عن دعوة لاجتماع إدارات بورصاتها، ولم نسمع عن أي اجتماع تنسيقي أو تشاوري من أي نوع، بينما صنفت الأزمة أنها الأعنف منذ 80 سنة. الواقع أن إجراءات المواجهة المنفردة أدت إلى إحراج بعضها، فضمان الودائع في إحداها – الإمارات - اضطر السعودية إلى إعلان مماثل خوفاً من تسرب الودائع خارجها، ووضع الدول الأخرى تحت احتمال إجراء غير ضروري وضار مثل ضمان الودائع، ولكنها ستقوم به لو تعرضت مصارفها لتسرب سيولتها. بينما رأينا حركة دائبة على مستوى العالم، شملت لقاءات وزراء مالية وأعقبتها اجتماعات قمة للتنسيق ليس فقط لإطفاء الحريق، ولكن لوضع لبنات النظام المالي الجديد، أو تجديد "بريتون وودز" أو نظام ما بعد الحرب العالمية الثانية.


التعافي ممكن وأسواق الأسهم "مشروع أزمة"

* إذا استمرت الأزمة المالية العالمية وأدت لحدوث الركود الاقتصادي، كما توقع البنك الدولي، فما مستقبل خطط التنمية في المنطقة، خصوصاً في ظل توقع المزيد من هبوط أسعار الطاقة؟
- يبدو أن الاقتصاد العالمي سيراوح ما بين تباطؤ اقتصادي - نمو ضعيف - للاقتصادات الناشئة، وركود اقتصادي - نمو سالب - لاقتصادات الدول المتقدمة. وإذا صدقت التنبؤات الأكثر قبولاً، ستستمر هذه الحالة حتى نهاية النصف الأول من عام 2009، وأعتقد أن سوء الأمور إلى هذا المستوى في حدود المقبول والمحتمل مع أزمة بهذا المستوى، والتعافي ممكن بسبب سرعة التصرف وكفاءة التنسيق على مستوى العالم. وأظن أن السؤال كبير حول الأثر الذي يتركه هذا السيناريو على خطط التنمية في دول المنطقة، لأنني لا أعتقد أن هناك خطط تنمية يثير تعطلها الكثير من القلق. ما سيحدث هو أن التوسع الاقتصادي العشوائي في معظمه سينحسر مع انحسار دخل دول المنطقة من النفط ومن استثماراتها الخارجية. ولكن، من جانب آخر سوف تهدأ سخونة هذه الاقتصادات وتهبط الضغوط التضخمية فيها بما يساعد على وقف تدهور تنافسيتها.

* أسواق الأسهم في الخليج ظلت سنوات بعيدة تماما عن كل ما يجري في البورصات الخارجية إلى أن سمحت غالبيتها للاستثمار الأجنبي بالتعامل المباشر على شركاتها .. ألا ترى أن ذلك كان قرارا سليما في ضوء الهبوط الحاد الذي تسجله الأسواق بسبب ارتباطها بالأسواق الخارجية؟ وكيف نحد من الأثر السلبي للأموال الساخنة التي تدخل للمضاربة؟
- أسواق الأسهم في دول الخليج كانت وما زالت مشروع أزمة، ذلك كان يحدث في الكويت ومعها بعض دول الخليج قبل أزمة المناخ ومعها وبعدها، فالأصل في تلك الأسواق هو التكسب من التداول وليس الانتفاع من تنوع الاستثمار ومداه. وارتفاع أسعار الأصول المالية ومعها العقارية يأتي في الغالب الأعم عندما ترتفع مستويات السيولة في تلك الاقتصادات مقابل ندرة فرص الاستثمار وسيطرة القطاع العام على الرئيسي منها. لذلك إلى جانب غياب الحاجة في ظروف الوفرة لتدفق الأموال الساخنة إلى بورصاتها، يعجل انسحاب تلك الأموال عند أول بوادر أزمة إلى تعميق تلك الأزمة. لذلك لا بد من مزاوجة الاستثمار الأجنبي المباشر طويل الأمد مع الاستثمار غير المباشر، أما الاستثمار غير المباشر وحده، فمن المحبب فرض ضريبة على أرباحه للحد من ضرره ومضارباته عندما تكون الأسواق المحلية متخمة بالسيولة.


عدم التدخل المباشر .. قرار سليم

* كيف تقيم معالجة الحكومات والمصارف لتداعيات الأزمة المالية على الأسواق الخليجية؟ هل قرارات خفض الفائدة وضمان ودائع البنوك كاف للحد من التداعيات؟
- الأصل في التعامل مع الأزمة هو عدم التدخل المباشر لدعم الأسعار أو دعم الأفراد، لأن قرار الاستثمار في تلك الأسواق قرار خاص، والأسعار شأن خاص بالمتعاملين، ويحسب لحكومات المنطقة التزامها شبه الكامل بعدم التدخل المباشر. أما التدخل غير المباشر إما بتغيير هدف السياسة النقدية من محاربة التضخم - رفع أسعار الفائدة - إلى توسيعه لمواجهة شح السيولة، أو التدخل بتوفير السيولة بعد أن قطعت خطوط الائتمان الخارجية بسبب أزمة استثنائية لم تحدث في العالم منذ 80 سنة، فهو إجراء صحيح. يبقى ضمان الودائع وهو أمر تقرره البنوك المركزية إذا رأت أن حالة الهلع ستحول الوهم إلى مرض عضوي يؤدي إلى خلق تراكض على سحب الأموال من البنوك، فهو أيضاً إجراء صحيح إذا كان التشخيص صحيحا، وإن كنت أتمنى لو تم بالتنسيق بين البنوك المركزية في المنطقة، كما فعلت أوروبا بعد ما ارتكبت بعض دولها بعض الأخطاء.

* كثيرون طالبوا بتدخل الصناديق الخليجية السيادية بالشراء والاستثمار في الأسهم الخليجية لحماية الأسواق بدلا من إنقاذ الشركات الأجنبية .. هل ترى ذلك حلا سليما؟
- لا أرى ذلك حلاً مناسباً، فالصناديق السيادية تملك الحق دائماً في الشراء على أسس استثمارية بحتة، ويمكنها التدخل دون إذن إذا أقنعت إداراتها بأنها تشتري أسهما رخيصة. أما ما عدا ذلك فلم تنجح حالة واحدة في العالم في دعم أسعار الأسهم، ولا تسمح أحجام الأسواق الحالية بالدعم، وسوف تؤدي ظلماً إلى استنزاف هذه الصناديق.


العملة الخليجية لن تكون في موعدها

* من المقرر إعلان العملة الخليجية الموحدة 2010 ...هل تعتقد أن دول الخليج ستكون على الموعد مع التطورات الاقتصادية الحالية في العالم؟
- لا معنى كبيرا لاتفاقات دول الخليج العربي، ولا شعور حقيقيا بجدوى ما تنفق عليه، ولا باحترام وعودها وتوقيعاتها، لذلك بعد إعلان عُمان انسحابها، وانسحاب الكويت من ربط عملتها بالدولار الأمريكي أسوة بالآخرين، وهو شرط أولي لمشروع العملة الموحدة، أتوقع أن تنتظر هذه الدول إلى حلول عام 2010 لتعلن موعدا آخر لن يحترم أيضاً، علماً بأنني من المتحمسين لمشروع توحيد العملة بين دول الخليج العربي.

* بدأت أسعار النفط في التراجع، هل تتوقع تأثر الموازنات الخليجية لعام 2009 بانخفاض أسعار النفط، خصوصا إذا ما هبطت دون 60 دولارا للبرميل؟
- ستتأثر موازنات الخليج قطعاً وبشكل كبير بهبوط أسعار النفط، ولكن التأثير لن يظهر قبل أن تستهلك هذه الدول الكثير من الشحم الذي بنته في سنوات الفائض. فمن المتوقع أن تعكس الموازنات أول عجز وإن بدرجات متفاوتة بدءاً من عام 2009، ولكن مستوى الوعي بخطورته هابط، لذلك لن يكون رد فعل الحكومات بمستوى خطورة هذا المؤشر.


هذه هي مشورتي للخروج من الأزمة

* أنت من الذين تم أخذ آرائهم من قبل الحكومة الكويتية بعد ظهور أزمة الاقتصاد العالمي .. ما المشورة التي قدمتها؟
- أنا أحد مَن حضروا اجتماعات اللجان الحكومية التي تناقش مواجهة الأزمة، وبحكم الاختصاص كنت في حوار متصل مع أفراد مسؤولين وغيرهم ومؤسسات رقابية وأخرى متضررة من الأزمة. وكان التدخل والحوار محاولة أولاً لفهم الأزمة العالمية الكبيرة والجديدة وأثرها المحتمل في الكويت، لذلك كان معظم ما دار ويدور يكمل بعضه بعضاً مع تطورات الأزمة. والثوابت المؤكدة والمتفق عليها كانت أنها أزمة استثنائية لا تمر في حياة إنسان أو بلد سوى مرة واحدة كل جيلين على أقل تقدير، وأن الأزمات الفريدة تحتاج إلى تفاعل استثنائي لمواجهتها حتى بالخروج عن العلاجات التقليدية. وأن معظم المشكلة في المدى القصير نفسي، ولا بد من الحذر الشديد في التصريح. كما أن التدخل لدعم أسعار السلع أو الأفراد مرفوض وحدوثه لن يؤدي سوى إلى زيادة التكلفة وتعميق المشكلة. كما أن الوقت قد حان لانتقال السياسة النقدية من دفاعية إلى هجومية.
وبغض النظر عن أخطاء وخطايا بعض الشركات أو المديرين، لا بد من إطفاء الحريق أولاً قبل الدخول في عملية الحساب والمحاسبة، وتوفير السيولة لحماية بعض وحدات القطاع المالي إجراء صحيح في هذا الاتجاه.

مقيم
28-10-2008, 06:08 PM
نائب وزير المالية الامريكي: على دول الخليج الثرية المشاركة في المساعدة في مواجهة الأزمة المالية العالمية

قال "روبرت كيميت"، نائب وزير المالية الأمريكي، بأنّه يعقد إجتماعات مع مسؤولي الصناديق السيادية في الخليج العربي الثرية بالنفط، وأنّ الولايات المتحدة الأمريكية بحاجة إلى العمل والتعاون مع المنطقة لتتمكن من تخطي الأزمة المالية التي تعصف بإقتصادها.

وكان "كيميت" قد قال في شهر مارس الماضي انه ينتظر مشاركة من دول النفط الثرية في مواجهة الأزمة بالاستثمار عبر الصناديق السيادية.

ومن ناحية اخرى قال كيميت الذي كان يتحدث في دبي، أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة معرضة للأزمة الإقتصادية العالمية الحالية، بسبب انفتاحها على الإقتصاد العالمي، وأنّ تقلبات الأسواق المالية العالمية باتت تؤثر في دول المنطقة الأخرى أيضا.

ويقوم كيميت حالياً بجولة في منطقة الخليج العربي يزور خلالها المملكة العربية السعودية والإمارات وغيرها من دول مجلس التعاون الثرية بالنفط.

يجدر بالذكر أنّ صناديق سيادية من أبوظبي بالإمارات وقطر وعدد من دول مجلس التعاون استثمرت وضخت في وقت سابق سيولة في شركات ومؤسسات مالية أجنبية وعلى راسها سيتي جروب والتي ضخ فيها مستثمرون خليجيون أموالا بقيادة جهاز ابو ظبي للاستثمار.

مقيم
28-10-2008, 06:13 PM
سبب الأزمة المالية .. أنتم!
الاقتصادية - د. أنس بن فيصل الحجي 28/10/2008
تبيّن في المقالات السابقة أن السبب الرئيس للأزمة هو التدخل الحكومي، وأن الأزمة لا علاقة لها بالرأسمالية أو حرية الأسواق. كما تبيّن في المقال الماضي أن صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت مقالا منذ نحو تسع سنوات تنبأت فيه بالأزمة بسبب "التدخل الحكومي" في ذلك الوقت، الذي أجبر البنوك على إقراض من لا يمكن إقراضه.

أعيش في وسط معمعة الأزمة المالية بحكم عملي في شركة استثمارية في الولايات المتحدة، ورغم دهشتي من تسارع الأحداث في الأسابيع الأخيرة، والانخفاض المريع في أسعار النفط، إلا أن دهشتي من ردة فعل آلاف الأئمة والخطباء والكتّاب في عالمنا الإسلامي كانت أكبر. فرغم عجز عباقرة أسواق المال عن إيجاد حلول للأزمة، اكتشفنا أن لدينا في عالمنا العربي آلاف الخبراء.

ورغم إيماني بأن الإسلام، الدين الشامل والكامل، هو الحل، ورغم إيماني الكامل بأن الربا بجميع أشكاله حرام، وأن جميع البيوع التي تتحايل على الربا حرام، إلا أنني لا أستطيع أن أخفي دهشتي من المقالات التي نعت الرأسمالية والعولمة وحرية الأسواق، والمقالات والتعليقات التي يقصر فيها كتابها سبب الأزمة على الربا، موحين بأنه لو حرّمت أمريكا الربا لما حصلت الكارثة. طبعا لم أفاجأ بهذه المقالات، ولكن فاجأني منطقها. مثلا، ماذا سيكون موقف هؤلاء الخطباء والكتّاب والمعلقين لو تجاوز الاقتصاد الأمريكي هذه الأزمة وبدأ بالنمو من جديد؟ وماذا لو حصل هذا النمو والازدهار في فترة انخفضت فيها أسعار النفط وبدأت دول الخليج بتحقيق عجز في موازناتها وبدأت بالاستدانة من الدول التي يشمت بعضهم فيها الآن؟ والأنكى من ذلك، ماذا لو بدأت هذه الدول بالاستدانة من البنوك نفسها التي يشمت بعضهم فيها الآن؟ هل ما أقوله ضرب من الخيال، أم أنه يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها؟

الأزمة بين العاطفة والمنطق

لقد قام كثيرون بإقحام الإسلام في وسط الأزمة، كما أقحموا عديداً من الآيات القرآنية، متناسين أن الحلول الإسلامية لا تكون لمشكلات أنظمة أخرى. فالإسلام نظام يمكن أن يحل مكان نظام آخر، ولكن لا يتوقع لقوانين نظام ما أن تحل مشكلات نظام آخر. السؤال الذي يجب أن يجيب عنه من أقحم الإسلام في الأزمة هو: لو كان هناك إنسان غير مسلم يقرأ ما تكتبوه، أو يسمع ما تقولوه، وأن الله "محق" أموال الأمريكيين بسبب الربا، ثم نما الاقتصاد الأمريكي وحققت البنوك الأمريكية أرباحا ضخمة، ماذا سيقول؟ من المخطئ، الإسلام، أم هؤلاء الذين أقحموا الإسلام والآيات القرآنية في الأزمة؟ ماذا سيقول هذا الشخص غير المسلم إذا رأى أنه في الفترة نفسها التي نمت فيها أرباح البنوك الأمريكية، تبخرت أموال دول الخليج، وتدهور اقتصادها بسبب انخفاض أسعار النفط؟ والأنكى من ذلك كله، ماذا سيقول هذا الشخص الأمريكي غير المسلم إذا ربطنا الموضوع بالإسلام، ورأى معاملة المسلمين لزوجاتهم وإخوانهم؟ أو قيادتهم للسيارات في شوارع المدن الإسلامية؟ وماذا يقول هذا الشخص غير المسلم الذي وقف في الطابور أمام الجوازات أو خطوط الطيران في المطار ليرى الأشخاص أنفسهم الذي ينادون بـ "أسلمة" الأنظمة الأمريكية يتجاوزون الطابور وكأن بقية الناس لا قيمة لهم؟ وماذا سيقول عن الشخص الذي يصر على أن الربا سبب الأزمة، ولكنه لم يعط العمال في شركته أجورهم منذ شهور؟ وماذا سيقول عندما يرى إشارة ممنوع التدخين، وأحد المسؤولين يدخن تحتها؟

وماذا سيقول هذا الشخص عندما يسمع بعضهم يقول إن السبب هو الربا، وأمامه شخصان اشتريا بيتين متماثلين، واستدانا المبلغ نفسه من البنك نفسه، وبمعدلات الفائدة "الربا" نفسها، أحدهما راتبه ألفي دولار وخسر بيته لعدم قدرته على الدفع، والآخر بقي في بيته لأن راتبه ثلاثة آلاف دولار وقادر على الدفع؟ إن الذين يقصرون الأمر على الربا يقعون في مأزق كبير: هل "المَحق" يقتصر على الفقراء فقط؟ لماذا خسر غير القادر على الدفع بيته، وبقي القادر على الدفع في بيته؟

والمدهش في الأمر أيضاً أن الأشخاص الشامتين بأمريكا وأوروبا، والذين يرون أن الحل في تطبيق الاقتصاد الإسلامي، يستشهدون بما كتبه ديفيد وجون وتوماس ضد آراء محمد وعبد الله وأنس! لماذا؟ هل لأن تلك الكتابات تتفق مع أهوائهم، بغض النظر عن مؤهلات جون وديفيد وتوماس؟ يبدو أنه يكفي لدى بعضهم أن يكون الاسم "فرنجيا" ليعطي مصداقية لفكرة "إسلامية"! وما أذهلني أن بعض الشامتين مستعدون لبيع الغالي والنفيس للعيش في أمريكا، وسيكون لهذا الموضوع مقال آخر.

أما الذين توقعوا أن هذه الأزمة ستؤدي إلى سقوط الولايات المتحدة، فقد تناسوا أمورا كثيرة، منها أن الأمريكيين أكثر تطبيقا للمبادئ الإسلامية في حياتهم اليومية من شعوب الدول الإسلامية، وأن أمريكا تجدد دمها باستمرار عن طريق تجنيس مئات الألوف من شتى أنحاء الأرض كل عام، وأنه حتى لو أخطأ زعماء الولايات المتحدة أخطاء فادحة، فإن النظام يصحح نفسه بسرعة عن طريق انتخابات الكونغرس كل سنتين، وانتخابات الرئاسة كل أربع سنوات، وانتخابات مجلس الشيوخ كل ست سنوات.

أقول لكل من شمت بالأزمة، ولكل من تنبأ بسقوط الرأسمالية بسبب هذه الأزمة بالذات، ولكل من نظر إليها بسطحية وربطها بالربا، الأفضل أن تجهزوا أجوبتكم من الآن، لأن النمو قادم! وكنت قد حضرت نقاشا بين شباب مسلمين وأمريكيين، واحتد أحد الشباب المسلمين مشيرا إلى تحريم الربا، ثم استشهد بالآيات، فصعقه جواب أحد الأمريكيين "لا أؤمن بكتابك ولا برسولك، فكيف لي أن أقتنع بأدلتك القرآنية؟" الدرس كان بليغا: إذا كانت مهمة المسلم هي الدعوة إلى الله، فالشماتة ليست الطريق الذي يحقق هذا الهدف، وموضوع الربا ليس الطريق الصحيح لطرح الإسلام على غير المسلمين. خبرة المغتربين أثبتت أن "الدعوة الصامتة" متمثلة في السلوك الحسن هي أفضل طريق لقلوب الآخرين.

نحن لسنا بحاجة إلى من يتشدق بأمجاد الإسلام، ومنجزات الإسلام التاريخية، وبقدرة الاقتصاد الإسلامي على حل المشكلات الاقتصادية. نحن بحاجة إلى أن يكون الشخص أفضل أخ، وأفضل ابن، وأفضل أب، وأفضل زوج، وأفضل صديق، وأفضل طالب، وأفضل مدرس، وأفضل موظف، وأفضل سائق، وأفضل مسافر، وأفضل مالك، وأفضل مستأجر، وأفضل مدير، وأفضل باحث، وأفضل طبيب وأفضل مهندس، وأفضل صحافي، وأفضل...وأفضل. عندها لن يكون هناك أزمات مالية! هل عرفتم سبب الأزمة الآن؟

>الخسرانة<
28-10-2008, 06:18 PM
شكرا جزيلا ، الموضوع يستحق القراءة :nice:

technical
28-10-2008, 06:27 PM
الأزمه الماليه تنتظر الأذن منك يا سورس حتى تنفرج (كبرت كلمه تخرج من افواههم إن يقولون الا كذبا ) ,
لكن يا سوروس ما قلت مين بيسدد ديون ليهمان والبالغه 400 مليار دولار ونيف , مين بيرجع ثقه الناس في البنوك التي باعت ديون بدرجه AAA الى المستثمرين حول العالم وبعدين صارت هذا الديون بدرجه junk(زباله) , أذا البنك راح قلعته لاكن الطقه في الهيئه التي أختمت على الدين AAA وبعدين طلع الدين ما يسوى قيمته ! كيف بترجع الثقه في هذه الهيئه ومن هذه الهيئات Standrad And Poors.

بلادك يا سوروس ما تقدر على تكاليف الازمه وتجاوزت ديون امريكا 10 تريولينات وتزيد كل يوم . وأذا أقتصاد بلادك ما نمى تكاليف الدين بترتفع ومعه يمكن يحصل عجز لحكومتك يا سوروس من السداد ,فأذا صار
عجز بتفلس أمريكا وبيفلس معاهه الدولار.

naklan
28-10-2008, 07:43 PM
الله يعطيك العافيه اخي مقيم ومجهود تشكر عليه