المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في بادرة غير تقليدية.. وزير "اقتصادي" سابق يطرح رؤيته للأزمة المالية العالمية



المتأمل خيرا
29-10-2008, 05:54 AM
نشرت جريدة الشرق في عددها اليوم "الأربعاء 29 اكتوبر" مقالة لوزير الإقتصاد والتجارة "القطري" السابق الشيخ محمد بن أحمد بن جاسم آل ثاني.. وفيما يلي أدناه نصها.. والذي ذكر بشأنه إنه "هذا الموضوع" جزء من بحث طويل يقوم به في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد يتعلق بالاقتصاد السياسي لدول مجلس التعاون ومدى تحوطها من تأثير ربط استثماراتها واقتصادياتها بالدولار.

ولاشك أن هذا أمر غير مـُـتـعوّد في مجتمعنا بأن يكتب وزير سابق في موضوع يخص نشاط الوزارة التي كان مسؤولاً عنها.. خاصة في موضوع بحد ذاته غير عادي.. :


** الكارثة كبيرة ولا أحد يستطيع تقدير مدى عمقها ..الرغبة في الثراء السريع وانخفاض أسعار العقارات أطلق الشرارة الأولى للأزمة المالية
** تخلف المقترضين عن الدفع أتى برؤوس أغلب المؤسسات التي تساقطت الواحدة تلو الأخرى
** اقتصاديات دول التعاون ستتأثر وستعاني مرة أخرى من أخطاء الآخرين
** على دول التعاون أن تبني اقتصادياتها لتكون أوعية للاستثمارات
** دول التعاون مطالبة بالانتقال السريع لفك ارتباط عملاتها بالدولار
** إذا كان من إيجابيات للأزمة المالية فيتعلق ذلك بخفض معدلات التضخم
** لأول مرة تصبح الاقتصاديات المتقدمة مهددة بالانهيار والإفلاس

بقلم: الشيخ محمد بن أحمد بن جاسم آل ثاني - وزير الاقتصاد والتجارة السابق :

مع انهيار الاتحاد السوفيتي بدون حرب تذكر لانغلاقه على العالم وتفشي الفساد في الطبقة القليلة المسيطرة، خرج الكاتب "سموئيل هينتغتون" بكتاب "صراع الحضارات" والذي أورد فيه " أن الغرب "أمريكا وأوروبا الغربية" هي الحضارة الوحيدة التي لديها مصالح في جميع الحضارات الأخرى ولذلك فإن الحضارة الغربية لديها القدرة على التأثير سياسياً، اقتصادياً، وأمنياً على سائر الحضارات الأخرى، الأمر الذي يعني أن كل حضارة/ دولة تحتاج لمساعدة الحضارة الغربية لتحقيق أهدافها ولحماية مصالحها. وأورد الكتاب أن الحضارة الغربية تتمتع وتتحكم بـ (14) ميزة تمنحها الهيمنة الكاملة على العالم، من بينها:

امتلاك وتشغيل النظام البنكي العالمي - التحكم والتأثير بأسواق رؤوس الأموال - التحكم بجميع خطوط النقل البحرية -التحكم بالتعليم الفني المتقدم - الهيمنة على الاتصالات الدولية - التحكم بجميع العملات الصعبة - لديها القوة العسكرية الهائلة للتدخل - تجري أغلب البحوث التكنولوجية المتقدمة - تتحكم وتهيمن على الفضاء وصناعته - تهيمن على صناعة السلاح المتقدمة"(1)

الكتاب الآخر لـ "فرنسيس فوكوياما" نهاية التاريخ" (2) والذي رأى فيه الكاتب أن التاريخ قد توقف أو انتهى مع سقوط الاتحاد السوفيتي ولم يعد للقوة الوحيدة في العالم ما يضاهي نظامها الديمقراطي المتحرر، ولذلك فهذه نهاية التحول في نظام الأيدلوجيات البشرية، ما يعني أن أيدلوجية النظام الديمقراطي الرأسمالي المتحرر هو نظام العالم وكماله.
لم يتبنَّ الأفكار الواردة بتلك الكتب وغيرها الرئيس كلينتون الذي تعامل مع العالم بذكاء وواقعية حتى أتت إدارة الرئيس بوش وتركيبتها المتشددة أمثال "ديك تشيني" و"رامسفيلد" و"وولفووتز" أو ما يسمى بالمحافظين الجدد والذين عابوا على الديمقراطيين برئاسة كلينتون تساهلهم في استغلال القوة المتوفرة لدى أمريكا للتأثير والتغيير في العالم خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي لاستغلال القوة التي ذكرها هتينتغون ولتوسيع نطاق الأيدلوجية التي رآها فوكاياما.

بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنحت الفرصة لإعلان الحرب على الإرهاب أو بالأحرى المسلمين للدفاع عن "القيم الأمريكية"، "طريقة العيش"، و"العالم الحر" وعليه أصبح العدو لهذه القيم المسلمين والعالم الإسلامي!. ومورست وحتى يومنا هذا حروباً ليست بالعسكرية فقط بل شملت، المبادئ والمعتقدات، نظم التعليم، العادات والتقاليد المحافظة والحروب النفسية المشككة بالمعتقدات.

لقد أكلت الحروب العسكرية الأخضر واليابس خاصة في أفغانستان والعراق، وراح ضحيتها في العراق فقط مليون عراقي وشرد ما يزيد على أربعة ملايين. كما تحول من يناهض الظلم من المسلمين في شتى أقطار العالم إلى إرهابيين وتغاضت أمريكا حتى عن أعدائها - باستغلال هذه الفرصة لإبادة مناهضي الظلم مثل الشيشان ومسلمي الصين وأماكن أخرى عديدة ظلم المسلمون فيها أشد ظلم ولم يكونوا إرهابيين. "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" (3) في مقابلة تلفزيونية في"بي بي سي" ذكر أحد أعضاء البرلمان البريطاني خلال عام 2006 أن التاريخ وحده سيجبر أمريكا يوماً ما على الاعتذار للعالم عن حرب العراق وسجن غوانتنامو.

مع أفول عام 2008 الذي تنتهي فيها رئاســة بوش، أراد الله ألا تذهب هذه الإدارة إلا وقد لحق بسمعتها سوء ما أقدمت عليه.
"وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون"(4).
فبعد صرف 3 ترليونات من الدولارات على حرب العراق حسب إحصائيات قام بها محاضرون من جامعة هارفارد ، بدأ النظام المالي الرأسمالي الأمريكي باختلال توازنه وكانت البداية بسقوط بنك (بيرستيرن) الاستثماري مع علم الإدارة الأمريكية بعمق المأساة بنهاية الربع الأول من العام الجاري إلا أنهم ظنوا أنهم قادرون عليها. كما ادعوا أن قوى السوق ستعالج نفسها بنفسها وانتقدوا النظام الفرنسي لتدخله في السوق المالي مباشرة.

بدأ التوسع بالاقتراض منذ إدارة الرئيس ريغان الذي قال "إن المجتمع مثل الدولة" يستطيع تسيير أموره بالاقتراض. فخلال فترة الإدارة الحالية وجدت المؤسسات المالية الأمريكية من يسهل لها سبل الإقراض ويخفف القيود والرقابة. وبذلك يطلق عنان الطمع للاستغلال والإثراء السريع، فتحول موظفو تلك المؤسسات المتعلمين في أرقى جامعات أمريكا وبشهادات تجعلهم سلعة سهلة لاستقطابهم من قبل المؤسسات الاستثمارية، كما حول موظف البنك اهتمامه بعدد الصفقات لا بنوعيتها ليراكم مبلغ العلاوة آخر العام التي تصل إلى ملايين الدولارات سنوياً. ففي حي "وول ستريت" أو "مركز لندن المالي" تحول المكان إلى مركز لغيرة المهندسين والأطباء والموظفين الآخرين نظراً لما يجنيه من هم أصغر منهم سناً من أموال طائلة ويركبون السيارات الفاخرة ويسكنون القصور الراقية ويملكون الطائرات الخاصة واليخوت.

وقد وجدت البنوك الأمريكية فرصتها عندما بدأت السيولة النقدية بالتزايد عالمياً مع محدودية امتصاص الاقتصاديات الأخرى لهذه السيولة التي أصبحت تبحث عن أوعية استثمارية لها وهو ما جعل هذه البنوك والمؤسسات تتفنن في ابتداع أدوات تفرغ فيها الأموال إلى أدوات أخرى أكثر تعقيداً للاستثمار والتحويل. فبدأت بسوق المستقبل للسلع والمشتقات، صناديق التحويط، الصناديق الخاصة، ثم تداول وبيع الديون، مما جعل صناعة التمويل في أمريكا تغطي 23% من إجمالي الناتج المحلي مقارنة بـ12% للقطاع الإنتاجي (5). علماً بأن معظم هذا النشاط المالي لا يقدم قيمة مضافة للاقتصاد الفعلي.

وعليه ابتدعت المؤسسات الاستثمارية ما يسمى بتأمين الديون"securitization" بعد أن وجدت هذه الصناعة المربحة وفرصة للإثراء السريع، فصالوا وجالوا في الإقراض السهل ودون التأكد من إمكانيات الذين يطلبون القروض، مما رفع أسعار العقارات بمعدل 20% سنوياً. كما استطاعت أكبر خمسة بنوك استثمارية مع مطلع العام الجاري الضغط على هيئة تنظيم المال الأمريكية لرفع نسبة الإقراض إلى 30 دولارا لكل دولار واحد من الاحتياطي حسب تحقيق قامت به جريدة النيويورك تايمز، وحسب الإشاعات بعد وقوع الكارثة فإن بعض البنوك أقرضت حتى 40 دولارا لكل دولار. وللملاحظة فإن هذه الأدوات أصعب ما فيها قراءة شروطها التي لا يستطيع المستثمر أو المقترض استيعاب مخاطرها. ومن وجهة نظري فقط ابتدعت كمصائد تتلاعب بغريزة البشر في الطمع والإثراء السريع ولا تضيف أية قيمة للدورة الاقتصادية وإنما تغامر بالأوراق المالية دون تبادل فعلي للسلع.

باركت إدارة بوش ما يحدث على أنه نمو صحي للاقتصاد الأمريكي واستغلتها في الدعاية لنفسها على أنها أفضل الفترات التي يمر بها الاقتصاد وعاش رؤساء مجالس إدارات البنوك والمديرون في حلم استطاع مبدعـو هذه الأدوات أن يبيعوها على العالم المترابط إلكترونياً. وأبدعت مؤسسات "موديز" و"ستاندرد أند بورز" في تصنيف المؤسسات المالية الأمريكية وكأنها رائدة خالدة في هذه الصناعة المبتدعة الجديدة، فمن كان يتخيل اختفاء بنك "ليمان بروذرز" من الوجود بيوم واحد وهو مصنف من قبل هذه المؤسسات التي تمنح غطاء استثماري يعزز الثقة بالاستثمار.

في محاضرة بجامعة لندن خلال عام 2006 حضرت لمحاضر أمريكي قال "إن سقوط شركة أنرون أخطر على مستقبل أمريكا من أحداث 11 سبتمبر"؟! ولم أدرك خطورة ما قاله إلا الآن، فبنفس ما أغرى مسؤولو شركة" أنرون" مساهمي الشركة بنجاحها- ولم تحرك مؤسسات التصنيف ساكنا - لسحب أموال المساهمين وبالتالي رفع أسهمها ثم سقوطها. فقد خففت الرقابة على النظام المالي الأمريكي مؤخرا ليسقط بنفس الطريقة ولكن هذه المرة ليس بأموال مساهميه الأمريكان وإنما بأموال أفراد ومؤسسات ودول العالم المرتبطة بما يسمى بالعولمة.

خلال شهر سبتمبر 2008 أفلس النظام المالي الأمريكي بالكامل بعد تعرض المؤسسات المالية للإفلاس لانعدام الديون الواجب تحصيلها، فلولا تدخل إدارة بوش وعكسها لنظرية دع السوق يصحح نفسه وتأميم المؤسسات المالية لتوقف النظام المالي بالكامل ولدخلت أمريكيا في تكرار للكساد الأعظم عام 1929 والذي كاد أن يصل بالشعب الأمريكي إلى المجاعة وللعلم، فإن الاقتصاد الأمريكي لم يستعد مستواه إلا بعد عام 1956 أي بعد 36 سنة.

إن أسباب الكساد الأعظم لم تكن بسبب انهيار سوق الأسهم بل كانت بنضوب السيولة وتوقف الإقراض نظراً لسقوط البنوك واحداً تلو الآخر حسب ما ورد بكتاب "ملتون فريدمان وآناجيكوبسون" وذكرها المؤرخ" نيل فيرغسون" بمقابلته بمجلة التايم(6) تحصل البنوك على سيولتها إما من المودعين أو من الإقراض بين البنوك، وقد جفت هذه القنوات وتوقف الإقراض وتمسكت البنوك التي لديها ولو جزء بسيط من السيولة خوفاً من الإفلاس. ولذا فقد جفت السيولة تماماً من سوق الإقراض وهو ما حدث بـ الكساد الأعظم.

يعتقد "فيرغسون" أن الاقتصاد الأمريكي متجه إلى الكساد لا محالة وأن ظروف التمويل ستكون صعبة جداً إلا أنه يعتقد أن بإمكان أمريكا ومن يقف معها تجنب الكساد الأعظم بضخ أموال جديدة وكسب الثقة بالنظام المالي في المدى القصير. ولم يوضح أن هناك حلاً ناجعاً على المدى الطويل لهذه المعضلة. في نظري أن الكارثة كبيرة لأنها المرة الأولى التي لا يستطيع أحد حتى الآن تقدير عمق الكارثة وكونها حلت بالاقتصاديات المتقدمة والتي عادة ما تساعد في حل كوارث الغير.

لا شك أن ما قاله وزير مالية ألمانيا مؤخراً صحيح حيث صرح أن "قوة أمريكا المالية العظمى قد انتهت" كما اجتمع وزراء المالية الأوربيون وكلفوا الرئيس ساركوزي بنقل رؤيتهم لإدارة بوش باستيائهم مما أدخلتهم أمريكا فيه ولحسن حظ اليابان ودول الشرق الأقصى الذين عانوا من ذوبان لاقتصادياتهم في عام 1992 و1997 ـ 1998 مع انفجار فقاعة العقارات في اليابان وانهيار العملة التايلندية فقد تحصنت هذه الدول وتجرعت الدرس كاملاً ولذلك نجد تأثير الأزمة عليها محدوداً.

إن شرارة الأزمة بدأت منذ شهر فبراير 2007 مع بدء انخفاض أسعار العقارات في أمريكا مما جعل ملاك العقارات المثقلين بالديون يتجهون للبيع وبالتالي انفجار الفقاعة وتخلف المقترضين عن الدفع حتى كبرت كرة الجليد في شهر سبتمبر من العام الجاري لتأتي برؤوس أغلب المؤسسات التي تساقطت واحدة تلو الأخرى وجرت معها المؤسسات التي اشترت تلك الديون في أوروبا والعالم، ولم يعلموا قول الله تعالى (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) (7).

إن هذا الموضوع جزء من بحث طويل أقوم به في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أكسفورد يتعلق بالاقتصاد السياسي لدول مجلس التعاون ومدى تحوطها من تأثير ربط استثماراتها واقتصادياتها بالدولار.
أين نحن من هذه الكارثة ؟:
إننا في قطـر خاصة ودول مجلس التعاون عامة نعتبر جزءا من الاقتصاد العالمي ولابد لنا أن نتأثر ولا ننسى أن أسواقنا مفتوحة لدخول وخروج الاستثمارات ونرتبط بالعالم إلكترونياً الأمر الذي يعني أننا والمنطقة سنعاني مرة أخرى من أخطاء الآخرين ولم نحصن أنفسنا بما فيه الكفاية. إنها المرة الأولى التي تهدد فيها الاقتصاديات المتقدمة بالانهيار والإفلاس.

إن لبعض مفكري الغرب وعامتهم اعتقاد بأن التخلف الاقتصادي لدول العالم الإسلامي يعود لربط الحياة بالدين الإسلامي وهذا موضوع طويل شائك لن أخوض فيه، ولكن أضرب بعض المفارقات خاصة من هذه الكارثة، فممارسة المتاجرة بالديون والابتعاد عن الاقتصاد الفعلي الذي نادى به الإسلام هو ما أدى إلى تفاقم الأزمة المالية.

كذلك عندما سقطت دولة أيسلندا بسبب هذه الكارثة والتي تأثر بها الغرب وخاصة الإنجليز وخوفاً على أموالهم المودعة لدى بنوكها لم يترددوا في استغلال قوانين الإرهاب لتجميد أرصدتها. أيسلندا التي تعتبر من دول الاقتصاد المتطور طلبت من البنك الدولي قرضا بـ 2 بليون دولار لمساعدتها وهذه أول مرة منذ العام 1970 تقترض فيـه دولة متقدمة من البنك الدولي. إن مثل هذا الإجراء لا يرسل رسالة إيجابية للصناديق السيادية التي تتجه للغرب كملاذ للاستثمار.

هذه الأزمة ستؤثر على أمور كثيرة، أهمها هبوط أسعار النفط فقد اختفت من السوق محافظ المضاربة على النفط ومشتقاته التي كانت تتاجر بالسوق الورقية، وللملاحظة يستهلك العالم 84 مليون برميل يوميا بينما تتاجر المحافظ ببليون برميل ورقي يوميا قبل الأزمة. كذلك فإن شركات المتاجرة بالسلع وخاصة النفط لن تجد التمويل الكافي لتسيير متاجرتها، يضاف إلى ذلك أن العالم الغربي سيقلل من تحركاته وبالتالي سيتأثر النقل واستهلاك المشتقات.
كما سيتأثر سوق الإقراض وبالتالي ستتأثر جميع الاستثمارات. ولكن هناك جزء حميد لهذه الأزمة على المنطقة وهو انخفاض التضخم.

وفي ظل هذه الظروف ولو كان متأخراً فإن المستقبل يحتم أن تتحرك دول مجلس التعاون مجتمعة لضمان غذائها وأمنها بنفسها "الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" (8)، يلي ذلك بناء الإنسان بتعليم متوازن يتماشى مع التطور العالمي وسوق العمل ويستمد قيمه من البيئة التي يعيش فيها مع توفير نظام صحي بمستوى عالٍ للجميع. يلي ذلك الانتقال لبناء الاقتصاديات المحلية لتكون أوعية للاستثمارات وليلعب القطاع الخاص دوره الفعال بطريقة عادلة وتنافسية مع توفير بنية تحتية بأعلى المستويات لا تربط مدنها فقط بل دول المنطقة بطرق وسكك حديد ومطارات وموانئ. والانتقال بأسرع وقت لفك عملات المنطقة عن الدولار والوصول للعملة الموحدة التي أصبح ظهورها أمراً ملحاً مع هذه الأزمة، إذا ما حققت هذه الأمور فإنها ستفرض واقعا جديداً سيمكّن المنطقة من التعامل مع الأزمات بواقعية وقوة أكبر.

الكتاب الجديد للكاتب "فريد زكريا" يرى أن أمريكا لم تبدأ التراجع بل إن الآخرين في صعود "الصين، الهند، البرازيل" (9) إن دول مجلس التعاون مجتمعة يمكن لها دخول هذا النادي خاصة بعد الارتفاع بأسعار النفط وتوسع اقتصادياتها التي يتوقع أن يصل ناتجها المحلي الإجمالي إلى ترليون دولار مع نهاية عام 2008.

ختاماً فقد نشر المؤرخ "نيل فيرغسون" كتاباً في العام 2006 يدعى "حرب العالم" (10) يتوقع فيه حرباً عالمية أكبر من أية حروب سبقت ويستدل بتكرار معطيات الحرب العالمية الثانية - الكساد الأعظم، توفر السيولة، والنمو بشكل كبير ثم الانهيار بما يمهد لدخول الدول الكبرى بحرب العالم.

المراجع:
1- كتاب صراع الحضارات ـ صموئيل هنتيتنغتون ـ الباب 4 ـ ص 81.
2- نهاية التاريخ ـ فرانسيس فوكويانا
3- سورة فصلت الآية 30
4- سورة الأنعام الآية 123
5- مقالة ـ أيريك مارقولوس ـ نيويورك
6- مجلة التايم ـ 13 أكتوبر 2008 ـ ص20 ـ نيل فيرغسون
7- سورة يونس الآية 24
8- سورة قريش الآية 4
9 - العالم بعد أمريكيا ـ فريد زكريا ص. 2
10- حرب العالم- نيل فيرغسون.

المخفي
29-10-2008, 06:42 AM
مقال ممتاز جداً و يستحق القراءة شكراً على النقل الطيب

الوعد2016
30-10-2008, 01:47 AM
شكرآ على النقل

بلا حدود!
30-10-2008, 02:27 AM
الموضوع يستحق القراءه ....

بالرغم من ان مثل هذه المواضيع قم بقرائتها سابقا

الا ان هذا الموضوع يستحق ان يكون افضلها ...

واعجبني الاستدلال في بعض الاحداث من القران الكريم ..

وهذا يحسب للكاتب فهمه للحدث من زوايا عديده .. وهنا اقول

جزاك الله خيرا على ماقمت به ....

واخيرا ...




قال تعالي "كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (البقرة:242) ·


وقال تعال " كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (آل عمران: من الآية103)


وقال تعالي" وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (الحج:16)

صدق الله العظيم ...

ابن البيطار
30-10-2008, 02:57 AM
موضوع ممتاز وجيد بس كالعاده اشوي متاخر عقب ما طاح الفاس في الراس