المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجمان»: تحركات «هيئة الاستثمار» المتأخرة لم تسعف البورصة



مغروور قطر
30-10-2008, 12:55 AM
الجمان»: تحركات «هيئة الاستثمار» المتأخرة لم تسعف البورصة
الخميس 30 أكتوبر 2008 - الأنباء



اوضح تقرير صادر عن مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية عن سوق الكويت للأوراق المالية ان مسلسل التدهور مازال مستمرا في البورصة، حيث انخفض المؤشر الوزني بنسبة 21.1% خلال شهر أكتوبر، وهو أكثر من ضعف التراجع في ذات المؤشر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، والذي كان بمعدل 9.3%، وبذلك يكون التراجع المتراكم للمؤشر الوزني منذ بداية العام حتى إعداد هذا التقرير في 29/10/2008 نحو 28.5%.

واضاف التقرير ان التصرف غير الموفق من جانب الهيئة العامة للاستثمار والمتمثل في ضخ مئات الملايين من الدنانير في البورصة خلال شهر أكتوبر، لم يسعفها في تضميد جراحها، بل زاد من عمق الجرح وشدة النزف، حيث إن معظم من باع الى هيئة الاستثمار، تسلم الأموال السائلة وفر هاربا، وذلك على خلاف اعتقاد من يقف وراء قرار ضخ أموال الدولة في البورصة حيث توقع تدوير السيولة وتنشيط التداول، حيث إن المشهد الحالي في البورصة هو التربص بسيولة الدولة للهروب، وليس للمشاركة في ضخ الأموال وتنشيط التداول ودعم التفاؤل، وهذا ما دعانا منذ البداية إلى رفض بعثرة أموال الأجيال القادمة تحت وطأة الضغوط التي وصلت إلى مرحلة «الإرهاب»، دون النظر إلى جوهر الأزمة والفلتان الرقابي والتنظيمي من جانب الأطراف الرسمية المعنية في سوق الكويت للأوراق المالية، وليس أدل على فشل ضخ أموال الدولة في البورصة من ارتفاع معدل التداول اليومي خلال أكتوبر بمعدل 29% (ليصل إلى 155 مليون دينار مقابل 120 مليون دينار في سبتمبر)، وذلك مقابل الانخفاض القياسي للمؤشر في شهر واحد الذي بلغ 21.1% كما أسلفنا.

الأزمة العالمية والأزمة المحلية
وتابع التقرير: من جهة أخرى، من الواجب ألا نهمل أثر الأزمة العالمية الناجمة عن أزمة الرهن العقاري الأميركية، على أسواق المال في المنطقة ومنها سوق الكويت المالي، ورغم عدم علاقة البورصة الوثيقة والمباشرة بالأزمة العالمية، إلا أن تداعياتها النفسية من الصعب أو من غير المنطقي تجاهلها، إلا أن هشاشة الوضع المحلي وتراكم الممارسات بالغة السوء من الأطراف المعنية في البورصة، وذلك على مدى سنوات عديدة، هو الذي أدى إلى مضاعفات حادة للأزمة المالية على سوقنا المالي، فعندما انحسرت السيولة انكشف المستور من الممارسات الخاطئة والجسيمة لشريحة كبيرة من الأطراف المرتبطة بالبورصة، وذلك على مستوى إدارة السوق أو إدارة الشركات المدرجة أو المتعاملين بالبورصة، وأولهم الشركات المدرجة ذاتها، ناهيك عن انحراف بعض الفعاليات الاقتصادية التي كانت «مرموقة»، والتي شجعها الفلتان السائد على الانحراف في سبيل تحقيق أكبر المكاسب في أقصر وقت، سواء كانت هذه المكاسب مشروعة أو غير مشروعة، وعن طريق ممارسات أخلاقية أو غير أخلاقية، كما يجب ألا ننسى دور التقارير الاقتصادية المغرضة والمضللة التي تصدرها بعض المؤسسات، بالإضافة إلى التحليلات المشبوهة والتصريحات الملغومة، والتي تلقى تسهيلات هائلة من بعض وسائل الإعلام، والتي تعتبر متورطة في تعزيز أزمة الثقة من خلال مشاركتها في ترويج الأكاذيب وامتهان التضليل.

مسؤولية الدولة
واوضح التقرير انه وبالرغم من اشتراك العديد من الأطراف في أزمة البورصة الكويتية، إلا أن الطرف الرئيسي المسؤول هو الحكومة، والمتمثلة في إدارة سوق الكويت للأوراق المالية في المقام الأول، ثم وزارة التجارة والصناعة، حيث انهما المؤتمنتان على إدارة هذا المرفق الحيوي الحساس، إلا أنهما لم تكونا على قدر المسؤولية، مما أدى إلى تحول البورصة إلى محرقة لمدخرات المواطنين بدل أن تكون أداة لتنميتها، والذي يرجع إلى تحول المخاطرة المقبولة في التداول بالأوراق المالية إلى مقامرة لا مغامرة جراء الفلتان منقطع النظير في الرقابة والتنظيم.

ونحن إذ نتكلم بهذه اللهجة التي قد تكون قاسية من وجهة نظر البعض، إلا أن تحذيراتنا كانت مستمرة وبوضوح مطلق ولعدة سنوات ماضية من استمرار تدهور طريقة التعامل الرسمية مع البورصة واللامبالاة من جانب المسؤولين تجاه استفحال التلاعب والفلتان، حيث كانت انتقاداتنا لاذعة وتعليقاتنا حادة على مجريات البورصة رغم المكاسب والفورة في الأداء وقتها، ورغم حالة النشوة التي كان يعيشها المتداولون، حتى أصبحنا وحدنا ضد التيار وكنا الصوت «النشاز» وقتها، وذلك مقابل أصوات المغردين والمطبلين للبورصة، وقد كنا نبدي في جميع المناسبات واللقاءات قلقنا من التدهور «غير المرئي» وقتها للبورصة، وكان الرد من المعنيين هو مطالبتنا بتخفيف الانتقاد وعدم القلق لأن الأمور فوق الممتازة نظرا لارتفاع الأسعار وتحقيق الأرباح للجميع، ناهيك عن العقود المليارية والفوائض النفطية، والتي تبخرت جميعها ودفعة واحدة وبسرعة هائلة، ولا شك بأن الخسائر الحالية هي وضع طبيعي للثمن الباهظ واجب الدفع مقابل الفلتان المستمر والهيجان التخريبي المستعر طوال سنوات عديدة.

يجب ألا نيأس
وقال التقرير انه وبالرغم من حالة الإحباط التي نعيشها، فإن من الضروري ألا نيأس من المستقبل، والذي يحتاج لتضافر الجهود وإخلاص النوايا لإنقاذ الوضع من المأزق الحالي، ولعل بارقة الأمل التي تدعو إلى التفاؤل، هي تعيين محافظ بنك الكويت المركزي رئيسا لفريق معالجة التداعيات السلبية للأزمة العالمية، حيث إن المسؤولين السابقين عن هذا الملف قد تخبطوا بما فيه الكفاية، وأضاعوا الكثير من الوقت الثمين في معالجة الوضع الخطير والناجم أساسا عن الفساد المتفشي في أجهزة الدولة على مدى عقود، فقد جاءت الأزمة العالمية لتكشف العيوب وتهتك المستور عن الجرائم المرتكبة في حق الوطن والمواطنين.

ولا شك أن أمام الفريق الجديد لمعالجة الأزمة أولويات كثيرة، يجب ترتيبها وفقا لأهميتها وحساسيتها، كما يجب أن تتضافر وتتكاتف الجهود لمساعدة فريق الأزمة للعبور بالاقتصاد الوطني إلى شاطئ الأمان، والذي يتطلب جهدا مركزا ومخلصا من جانب الأطراف المعنية في الجهاز الحكومي وكذلك مجلس الأمة، ناهيك عن المعنيين في القطاع الخاص، وذلك للخروج من الأزمة في أقصر وقت وأقل الخسائر، ولا شك إذا ما نجح الفريق في مهمته -وهذا ما هو مأمول – فإننا سنخرج من العاصفة بشكل أقوى وأفضل من ذي قبل، وذلك بشرط القضاء المبرم على الأسباب الداخلية لتضاعف أثر الأزمة العالمية، والتي هي معروفة تماما وواضحة بشكل كامل بعد أن كشفتها وفضحتها الأزمة العالمية، والتي يجب أن تكون كما يقول المثل «رب ضارة نافعة»، وينبع تفاؤلنا بنجاح محافظ البنك المركزي في مهمته الثقيلة كونه اقتصاديا متمرسا وحازما في قراراته ولا يخضع للضغوط والمصالح المشبوهة، كما نأمل من الجهات العليا دعمه ومؤازرته وتشجيعه لإتمام المهمة الجسيمة والتاريخية المكلف بها.

ضبابية الرؤية
واكد التقرير ان معظم التحليلات والتوقعات قد أخفقت في تحديد قاع لهبوط أسعار الأسهم أو إمكانية تحديد مستوى أو توقيت لارتداد المؤشر صعودا، وهذا أمر طبيعي، كون الأمور غير طبيعية، حيث إن المؤثرات في سوق المال الكويتي ليست محلية فحسب، بل إقليمية وعالمية أيضا، كما أن سيل المفاجآت لا ينقطع، وآخرها تكبد بنك الخليج الكويتي خسارة جسيمة جراء تداول أحد أو بعض عملائه بالمشتقات المالية، وقد ساهم ذلك الخبر في تدهور البورصة، وذلك للشكوك حول أوضاع البنوك الأخرى، والتي لا نملك إلا أن نقول أنها في غير محلها، وذلك استنادا للتصريحات المطمئنة من الجهات الرسمية المعنية، حيث لا تتوافر لدينا معلومات وقنوات اتصال تمكننا ـ أو حتى تمكن غيرنا ـ من مناقضة تصريحات الجهات الرسمية.

أما عن الوضع المستقبلي لأداء البورصة فليس بالإمكان تحديده خلال هذه المرحلة الحساسة والحرجة، وذلك نظرا لضبابية الرؤية وتوالي الأحداث المفاجئة وتسارعها، إلا أنه بعد تعيين مسؤول جديد لمعالجة الأزمة، ليس لنا إلا أن نتفاءل ونتمنى، ولا نتوقع، أن تكون أسعار الأسهم قد وصلت إلى القاع أو قريبا منه على الأقل، لكن الأهم من التمنيات والأمنيات هو اتخاذ هذه الأزمة درسا فعليا وعمليا لمواجهة الأسباب التي فاقمت الوضع بشكل حاد، ولا شك أن هذه الأسباب واضحة تماما ومعروفة، وقد تعرضنا لمعظمها ـ إن لم نقل لجميعها ـ من خلال تقاريرنا على مدى السنوات الماضية، فعندما نخرج من المأزق الحالي دون اتخاذ الإجراءات الإصلاحية الملحة والصحيحة، سنقع في كارثة أخرى ولو بعد حين، وستكون أكبر وربما تكون القاضية.