المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محافظ المركزي اقتصادي متمرس وحازم ولا يخضع لضغوط المصالح ومطلوب من الحكومة ومجلس الأم



مغروور قطر
30-10-2008, 01:30 AM
التقرير طالب بإيجاد حل لظاهرة التربص بسيولة الهيئة للهروب من السوق
الجُمان: محافظ المركزي اقتصادي متمرس وحازم ولا يخضع لضغوط المصالح ومطلوب من الحكومة ومجلس الأمة مؤزارته للخروج بالكويت من الأزمة







أوضح تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصادية عن سوق الكويت للأوراق المالية أن مسلسل التدهور مستمر في سوق الكويت للأوراق المالية، حيث انخفض المؤشر الوزني بنسبة %21.1 خلال شهر أكتوبر، وهو أكثر من ضعف التراجع في ذات المؤشر خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، والذي كان بمعدل %9.3، وبذلك يكون التراجع المتراكم للمؤشر الوزني منذ بداية العام حتى اعداد هذا التقرير في 29/10/2008 نحو %28.5، ولم يسعف التصرف غير الموفق من جانب الهيئة العامة للاستثمار والمتمثل في ضخ مئات الملايين من الدنانير في البورصة خلال شهر أكتوبر، لم يسعفها في تضميد جراحها، بل زاد من عمق الجرح وشدة النزف، حيث ان معظم من باع على هيئة الاستثمار، استلم الأموال السائلة وفر هارباً، وذلك على خلاف اعتقاد من يقف وراء قرار ضخ أموال الدولة في البورصة من حيث توقع تدوير السيولة وتنشيط التداول، حيث ان المشهد الحالي في البورصة هو التربص بسيولة الدولة للهروب، وليس للمشاركة في ضخ الأموال وتنشيط التداول ودعم التفاؤل، وهذا ما دعانا منذ البداية الى رفض بعثرة أموال الأجيال القادمة تحت وطأة الضغوط والتي وصلت الى مرحلة »الارهاب«، دون النظر الى جوهر الأزمة و»الفلتان« الرقابي والتنظيمي من جانب الأطراف الرسمية المعنية في سوق الكويت للأوراق المالية، وليس أدل على فشل ضخ أموال الدولة في البورصة من ارتفاع معدل التداول اليومي خلال أكتوبر بمعدل %29 (ليصل الى 155 مليون دينار مقابل 120 مليون دينار في سبتمبر)، وذلك مقابل الانخفاض القياسي للمؤشر في شهر واحد والذي بلغ %21.1 كما أسلفنا.



الأزمة العالمية والأزمة المحلية



من جهة أخرى، فمن الواجب ألا نهمل أثر الأزمة العالمية الناجمة عن أزمة الرهن العقاري الأمريكية، على أسواق المال في المنطقة ومنها سوق الكويت المالي، ورغم عدم علاقة البورصة الوثيقة والمباشرة بالأزمة العالمية، الا أن تداعياتها النفسية من الصعب أو من غير المنطقي تجاهلها، الا أن هشاشة الوضع المحلي وتراكم الممارسات البالغة السوء من الأطراف المعنية في البورصة، وذلك على مدى سنوات عديدة، هو الذي أدى الى مضاعفات حادة للأزمة المالية على سوقنا المالي، فعندما انحسرت السيولة انكشف المستور من الممارسات الخاطئة والجسيمة لشريحة كبيرة من الأطراف المرتبطة بالبورصة، وذلك على مستوى إدارة السوق أو إدارة الشركات المدرجة أو المتعاملين بالبورصة، وأولهم الشركات المدرجة ذاتها، ناهيك عن انحراف بعض الفعاليات الاقتصادية التي كانت »مرموقة«، والتي شجعها »الفلتان« السائد على الانحراف في سبيل تحقيق أكبر المكاسب وبأقصر وقت، سواء كانت هذه المكاسب مشروعة أو غير مشروعة، وعن طريق ممارسات أخلاقية أو غير أخلاقية، كما يجب ألا ننسى دور التقارير الاقتصادية المغرضة والمضللة التي تصدرها بعض المؤسسات، بالاضافة الى التحليلات المشبوهة والتصريحات الملغومة، والتي تلقى تسهيلات هائلة من بعض وسائل الإعلام، والتي تعتبر متورطة في تعزيز أزمة الثقة من خلال مشاركتها في ترويج الأكاذيب وامتهان التضليل.



مسؤولية الدولة



وبالرغم من اشتراك العديد من الأطراف في أزمة البورصة الكويتية، الا أن الطرف الرئيسي المسؤول هو الحكومة، والمتمثلة في إدارة سوق الكويت للأوراق المالية بالمقام الأول، ثم وزارة التجارة والصناعة، حيث انهم المؤتمنون على إدارة هذا المرفق الحيوي الحساس، الا أنهم لم يكونوا على قدر المسؤولية، مما أدى الى تحول البورصة الى محرقة لمدخرات المواطنين بدل أن تكون أداة لتنميتها، والذي يرجع الى تحول المخاطرة المقبولة في التداول بالأوراق المالية الى مقامرة لا مغامرة جراء »الفلتان« منقطع النظير في الرقابة والتنظيم.

ونحن اذ نتكلم بهذه اللهجة التي قد تكون قاسية من وجهة نظر البعض، الا أن تحذيراتنا كانت مستمرة وبوضوح مطلق ولعدة سنوات ماضية من استمرار تدهور طريقة التعامل الرسمية مع البورصة واللامبالاة من جانب المسؤولين تجاه استفحال التلاعب و»الفلتان«، حيث كانت انتقاداتنا لاذعة وتعليقاتنا حادة على مجريات البورصة رغم المكاسب والفورة في الأداء وقتها، ورغم حالة النشوة التي كان يعيشها المتداولون، حتى أصبحنا وحدنا ضد التيار وكنا الصوت »النشاز« وقتها، وذلك مقابل أصوات المغردين والمطبلين للبورصة، وقد كنا نبدي في جميع المناسبات واللقاءات قلقنا من التدهور »غير المرئي« وقتها للبورصة، وكان الرد من المعنيين هو مطالبتنا بتخفيف الانتقاد وعدم القلق لأن الأمور فوق الممتازة نظراً لارتفاع الأسعار وتحقيق الأرباح للجميع!، ناهيك عن العقود المليارية والفوائض النفطية، والتي تبخرت جميعها ودفعة واحدة وبسرعة هائلة، ولا شك بأن الخسائر الحالية هي وضع طبيعي للثمن الباهظ واجب الدفع مقابل »الفلتان« المستمر والهيجان التخريبي المستعر طوال سنوات عديدة!



يجب ألا نيأس



وبالرغم من حالة الاحباط التي نعيشها، فان من الضروري ألا نيأس من المستقبل، والذي يحتاج لتظافر الجهود واخلاص النوايا لانقاذ الوضع من المأزق الحالي، ولعل بارقة الأمل التي تدعو الى التفاؤل، هي تعيين محافظ بنك الكويت المركزي رئيساً لفريق معالجة التداعيات السلبية للأزمة العالمية، حيث ان المسؤولين السابقين عن هذا الملف قد تخبطوا بما فيه الكفاية، وأضاعوا الكثير من الوقت الثمين في معالجة الوضع الخطير والناجم أساساً عن الفساد المتفشي في أجهزة الدولة على مدى عقود، فقد جاءت الأزمة العالمية لتكشف العيوب وتهتك المستور عن الجرائم المرتكبة في حق الوطن والمواطنين.

ولا شك أن أمام الفريق الجديد لمعالجة الأزمة أولويات كثيرة، يجب ترتيبها وفقاً لأهميتها وحساسيتها، كما يجب أن تتظافر وتتكاتف الجهود لمساعدة فريق الأزمة للعبور بالاقتصاد الوطني الى شاطئ الأمان، والذي يتطلب جهداً مركزاً ومخلصاً من جانب الأطراف المعنية في الجهاز الحكومي وكذلك مجلس الأمة، ناهيك عن المعنيين في القطاع الخاص، وذلك للخروج من الأزمة بأقصر وقت وأقل الخسائر، ولا شك اذا ما نجح الفريق في مهمته -وهذا ما هو مؤمل - فاننا سنخرج من العاصفة بشكل أقوى وأفضل من ذي قبل، وذلك بشرط القضاء المبرم على الأسباب الداخلية لتضاعف أثر الأزمة العالمية، والتي هي معروفة تماماً وواضحة بشكل كامل بعد أن كشفتها وفضحتها الأزمة العالمية، والتي يجب أن تكون كما يقول المثل »رب ضاره نافعة«، وينبع تفاؤلنا بنجاح محافظ البنك المركزي في مهمته الثقيلة كونه اقتصاديا متمرسا وحازما في قراراته ولا يخضع للضغوط والمصالح المشبوهة، كما نأمل من الجهات العليا دعمه ومؤازرته وتشجيعه لاتمام المهمة الجسيمة والتاريخية المكلف بها.



ضبابية الرؤية



وقد أخفقت معظم التحليلات والتوقعات في تحديد قاع لهبوط أسعار الأسهم أو امكانية تحديد مستوى أو توقيت لارتداد المؤشر صعودا، وهذا أمر طبيعي، كون الأمور غير طبيعية، حيث ان المؤثرات في سوق المال الكويتي ليست محلية فحسب، بل اقليمية وعالمية أيضاً، كما أن سيل المفاجآت لا ينقطع، وآخرها تكبد بنك الخليج الكويتي خسارة جسيمة جراء تداول أحد أو بعض عملائه بالمشتقات المالية، وقد ساهم ذلك الخبر في تدهور البورصة، وذلك للشكوك حول أوضاع البنوك الأخرى، والتي لا نملك الا أن نقول انها في غير محلها، وذلك استنادا للتصريحات المطمئنة من الجهات الرسمية المعنية، حيث لا تتوفر لدينا معلومات وقنوات اتصال تمكننا - أو حتى تمكن غيرنا - من مناقضة تصريحات الجهات الرسمية.

أما عن الوضع المستقبلي لأداء البورصة فليس بالامكان تحديده خلال هذه المرحلة الحساسة والحرجة، وذلك نظرا لضبابية الرؤية وتوالي الأحداث المفاجأة وتسارعها، الا أنه بعد تعيين مسؤول جديد لمعالجة الأزمة، ليس لنا الا أن نتفاءل ونتمنى - ولا نتوقع -أن تكون أسعار الأسهم قد وصلت الى القاع أو قريباً منه على الأقل، لكن الأهم من التمنيات والأمنيات هو اتخاذ هذه الأزمة درساً فعلياً وعملياً لمواجهة الأسباب التي فاقمت الوضع بشكل حاد، ولا شك أن هذه الأسباب واضحة تماماً ومعروفة، وقد تعرضنا لمعظمها - ان لم نقل لجميعها - من خلال تقاريرنا على على مدى السنوات الماضية، فعندما نخرج من المأزق الحالي دون اتخاذ الاجراءات الاصلاحية الملحة والصحيحة، سنقع في كارثة أخرى ولو بعد حين، وستكون أكبر وربما تكون القاضية.









تاريخ النشر 30/10/2008