تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مسرحية أسهم الوهم



عميد السوق
31-10-2008, 06:28 PM
يكرر سيناريو مسرحية "أسهم الوهم" نفسه على خشبة مسرح سوق المال مع كل افتتاح دار عرض جديد. يرتدي السيناريو ملاءة سهم قيادي، ويخفي داخلها "وهم" كفيل بإطفاء بصيص أمل الجمهور في البحث عن لقمة العيش، ناهيك عن الثروة.
ينتهي السيناريو بنهاية مأساوية، كفيلة بانعدام جدوى مشاهدة المسرحية، وبالتالي قد تكفل القراءة السريعة لأحداث مسرحية "أسهم الوهم" عناء الذهاب إلى دار العرض. عرضت المسرحية تحت اسم "شركة جلوبوداين" في نهاية التسعينيات الميلادية على خشبة مسرح سوق ناسداك.
أنشئت شركة جلوبوداين خلال منتصف التسعينيات الميلادية للاستثمار في النشاطات الإعلامية المختلفة. لم تلبث "جلوبوداين" طويلا حتى أدرجت في سوق ناسداك بعد استيفاء شروط الإدراج النظامية، واحتفاظ رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بـ 90 في المائة من أسهمها، وطرح البقية القليلة للاكتتاب العام بسعر عشرة دولارات أمريكية، و20 في المائة علاوة إصدار.
بدأت "جلوبوداين" حملة تسويقية كبيرة عبر وسائل إعلامية غير موثوقة، ومنطلقة من هدف ظاهر، للتعريف بأنشطة "جلوبوداين"، وآخر باطن، لصنع صورة جميلة في أذهان السذج من المستثمرين. ولتنجلي الحيلة، بدأ رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب بإجراء عمليات مضاربة حادة على الأسهم العامة، ومن ثم تصريف جزئي للأسهم الخاصة.
وبالفعل، بدأت أسهم "جلوبوداين" بالصعود السريع، ومدعومة بالحملة التسويقية عبر وسائل الإعلام غير الموثوقة، وما احتوته الحملة من شائعات حول ربحية "جلوبوداين". لم تتوقف الحيلة عند السذج من المستثمرين، ولكن تعدتها لتنطلي على وسائل الإعلام الموثوقة.
بدأ عدد ليس بالقليل من المؤسسات الإعلامية بنشر آخر أخبار "جلوبوداين" من منطلق مهني صرف بهدف تزويد المتلقي بآخر أخبار المال، والأعمال. كما أغرت استثمارات "جلوبوداين" في المجال الإعلامي بعض المؤسسات الإعلامية على خلط الرسالة الإعلامية بالمصلحة التجارية، فسمحت بعض هذه المؤسسات بعمل دعاية إعلامية غير مباشرة لـ "جلوبوداين" عن طريق تناول أنشطة "جلوبوداين" بالنقد والتحليل.
انتهى هنا الفصل ما قبل الأخير من فصول مسرحية "شركة جلوبوداين" بعد أن ساعدت كل هذه الظروف على صنع أسطورة "جلوبوداين" في ذهن المتلقي، وتسجيل سهم الشركة مستويات قياسية غير مبررة تعدت 100 دولار أمريكي، وتضخم القيمة السوقية بمقدار 900 في المائة.
بدا الفصل الأخير من فصول مسرحية "شركة جلوبوداين" بتعيين مدير العلاقات العامة ديك هاربر الناطق الرسمي لـ "جلوبوداين". منصب قيادي يتوق له أفئدة الكثيرين عطفا على المميزات المادية، والحوافز، والبدلات الكبيرة، والكفيلة بتحقيق مستوى معيشي عال لصاحبه، وأفراد أسرته.
بدأ هاربر أول أيام المنصب الجديد بإفطار فاخر في قصر رئيس مجلس إدارة "جلوبوداين" وعضوها المنتدب للتشاور حول المسؤولية الجديدة. تلا ذلك إجراء مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية بثت على الهواء مباشرة بمناسبة التعيين في المنصب الجديد، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان أثناء بث المقابلة.
أعلنت الأوساط الرسمية أن رئيس مجلس إدارة "جلوبوداين" وعضوها المنتدب باع كامل حصته في "جلوبوداين"، والبالغة 80 في المائة، بعد أن تعدى سعر السهم 100 دولار أمريكي، وقدم استقالته، وغادر للاستقرار في منتجعات ولاية فلوريدا الأمريكية دون سابق إعلان.
عندها هوى سعر السهم من 103 إلى 0.73 دولار أمريكي، وانخفضت القيمة السوقية بمقدار 99 في المائة. كانت كل هذه التطورات المتلاحقة كفيلة بإعلان إفلاس "جلوبوداين" بين ليلة وضحاها، وترك الموظفين الحاليين، والمشاريع القائمة، والاستراتيجيات المستقبلية على الرف لاحتواء غبار سوق ناسداك.
لم تكن شركة جلوبوداين سوى عمل فني مستوحى من التجربة الواقعية لشركة إنرون الأمريكية للطاقة، التي انهارت مع بداية العقد الحالي تاركة صفحة غير مشرقة في تاريخ الاقتصاد الأمريكي، مزيحة الستار عن عرض آخر من عروض مسرحية "أسهم الوهم".
انتهى العرض، وبدأت الفرقة الفنية بلملمة حوائجها تمهيدا لإعادة العرض على خشبة مسرح سوق مالية أخرى. ساعد تعود الجمهور على مشاهدة نهايات سعيدة للمسرحيات المعروضة على خشبة مسرح سوق المال على مكوثه بعد نهاية عرض مسرحية "أسهم الوهم" منتظرا نهاية سعيدة، عوضا عن النهاية المأساوية.
طال الانتظار، وتسلل الملل، وتباينت الأحوال، وتصاعدت الأصوات.
صوت يأمل بنهاية سعيدة، مرددا:
أُعلل النفس بالآمالِ أرقُبُها
ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأملِ
وصوت يتحسر على قيمة تذكرة دخول دار العرض، متمتما:
ظننتُ بهم ظناً جميلاً فخيبوا
رجائي وما كل الظنونِ تُصيبُ
عرضت مسرحية "أسهم الوهم" على خشبة مسرح سوق كل من المناخ، هلسنكي، وموسكو، وناسداك، وفرانكفورت. نجاح الفرقة الفنية في عرض المسرحية على خشبة مسرح السوق المحلية متوقف على وجود دار عرض، وملاءة سهم قيادي، وجمهور ذي ذوق مسرحي متواضع.
هل ستنجح الفرقة الفنية في تقديم عرض المسرحية؟
صدح صوت مسؤول خشبة المسرح، مجاوبا:
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعتَ به
في طلعةِ الشمسِ ما يغنيك عن زُحَلِ

بويوسف
31-10-2008, 07:54 PM
مقال جميلة .. هل هي منقولة ام انها من كتاباتك اخي الفاضل؟

naklan
31-10-2008, 10:06 PM
مشكور على النقل اخوي عميد السوق ( والله يكفينا شر المسرحيات الي في سوقنا الي دايما يطلع فيها صغار المستثمرين بخسا ير قاسيه)

خــطــافــ
31-10-2008, 10:44 PM
والله خوفتنا ياخي

عاد هذي وقته تذكرنا

بروحنا عايشين في رعب يعني مب ناقصين

عميد السوق
01-11-2008, 12:15 AM
مسرحية أسهم الوهم مقال للدكتور حمد بن ناصر الجديد - كلية الاقتصاد والإدارة، جامعة أدنبرة - المملكة المتحدة ولمن يرغب في التواصل مع الدكتور mjadeed@hotmail.com
وشاكر لكم مروركم ..