تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثلاثية النفط والعقار والأسهم تفاقم أزمة الثقة في الخليج



مغروور قطر
01-11-2008, 01:08 AM
ثلاثية النفط والعقار والأسهم تفاقم أزمة الثقة في الخليج






إعداد: إيمان عطية
يعتبر تدخل بنك الكويت المركزي لانقاذ بنك الخليج من الخسارة المالية التي تعرض لها نتيجة خسارة احد عملائه في عقود مشتقات مالية ورفض العميل الوفاء بالتزاماته، يعتبر اول عملية انقاذ لبنك في منطقة الخليج، التي كانت تبدو حتى وقت قريب محصنة نسبيا من الازمة الحالية. وجاءت هذه الخطوة في وقت تواصل فيه اسواق الاسهم المحلية في جميع انحاء المنطقة نزيفها الحاد. وفجأة بدا النمو الكبير الذي غذته الايرادات النفطية عرضة للضعف والسقوط مع تراجع اسعار النفط اكثر من 50% عن مستويات يوليو الماضي وانسحاب كبير للمستثمرين الاجانب والمحليين. كما اقدمت السعودية على خطوة تهدف الى تخفيف آثار ازمة الائتمان العالمية على مواطنيها من خلال ايداع 2,3 مليار دولار في بنك التسليف والادخار لتقديم قروض لذوي الدخل المحدود.
وفي دبي، يقول وكلاء العقار انهم بدأوا يرون مؤشرات على ضعف الأسعار وذلك لأول مرة منذ سنوات عديدة نتيجة جفاف قنوات التمويل وخروج المضاربين من سوق كانت تعد يوما من اكثر الاسواق نشاطا وحيوية.
وتقول المستشارة العقارية في وكالة ناين بروبرتيز للعقار في دبي تانيا فودينشاروفا «ان مستثمري العقار لا يجدون مشترين». وفي حال حدوث عملية تصحيح في سوق العقار في دبي فإن ذلك قد يتسبب بتبعات سلبية على الايرادات والقدرات المالية للحكومة ويعمل على ابطاء او ايقاف التوسع الممول بالدين.

المضاربة على العملات
وقد مكنت اسعار النفط المرتفعة مستثمري القطاع الخاص والحكومي في جميع انحاء الخليج من ضخ مليارات الدولارات في اسواق العقار ومشروعات البنية التحتية واخيرا القيام بمضاربات في اسعار صرف العملات. وكان العديد من المستثمرين الاجانب والمحليين اقدموا في مطلع هذا الصيف على المضاربة على اسعار صرف العملات الخليجية، مراهنين على ان الحكومات ستعمل على اعادة تقييم عملاتها وفك ربطها مع الدولار لكبح جماح معدلات التضخم المرتفعة.
وحين تبين للمستثمرين الاجانب، الذين قاموا بفتح حسابات مصرفية في البنوك المحلية وسط تكهنات بارتفاع قيمة العملات المحلية عند التخلي عن ربطها بالدولار، ان الحكومات ستبقي على عملاتها مرتبطة بالدولار، سارع اولئك المستثمرون الى الانسحاب من السوق في اواخر الصيف وبداية الشهر الماضي.
وترك سحب المستثمرين الاجانب لاموالهم من البنوك العديد منها في حاجة ماسة للسيولة، مما دفعها للبحث عن قروض جديدة. ومع جمود قنوات الاقراض الدولية، وجدت المنطقة نفسها عالقة في ازمة ائتمانية خاصة بها.
لكن عملية الدعم التي قامت بها الكويت الاحد الماضي كانت بسبب تعاملات في العملات وليس بسبب قروض معدومة. فبحسب بنك الخليج، فإن خسائر مالية على عقود مشتقات في العملات نتيجة تراجع اليورو مقابل الدولار اجبرت البنك على طلب تدخل البنك المركزي.
وقد القت عملية الدعم تلك بظلال ثقيلة على بورصة الكويت. كما ان بورصات المنطقة شهدت هي الاخرى انخفاضات حادة.

تقلبات حادة
واكتوت الشركات والبنوك والأفراد من التحركات الحادة في أسواق العملات العالمية، لا سيما ان المخاوف من وقوع ركود اقتصادي أدت إلى فك التعاملات التي اعتمدت على الأموال المقترضة. وارتفع الدولار والين مقابل جميع العملات العالمية تقريباً خلال الشهر الماضي مع اقتناع المستثمرين بأن العالم مقبل على ركود اقتصادي. وقد تسبب ذلك في مشكلات على نحو خاص كون المستثمرون راهنوا بكثافة على مراكز عملات الأسواق الناشئة.
وبدت منطقة الخليج على مدى أشهر عديدة في وضع آمن من أسوأ أزمة منازل وائتمان وأزمة مصرفية ضربت الولايات المتحدة وانتقلت إلى أوروبا وأميركا اللاتينية وإلى أجزاء من آسيا. وطمأن المسؤولون الخليجيون الذين تنعم دولهم بإيرادات نفطية ضخمة، المستثمرين إلى سلامة النظامين المالي والمصرفي.
واتخذت العديد من الحكومات تدابير احترازية دراماتيكية وضخت مليارات الدولارات من السيولة في أنظمتها المصرفية الصغيرة نسبياً التي تعاني من شح في السيولة. وفي مطلع هذا الشهر وعدت السعودية بتوفير تسهيلات ائتمانية حجمها 40 مليار دولار إلى البنوك التي تحتاج إلى سيولة نقدية. كما تعهدت الإمارات بضمان الحسابات المصرفية للبنوك المحلية لمدة ثلاث سنوات، ووعدت بدعم الإٍقراض بين البنوك.
لكن أياً من تلك الخطوات لم تستطع أن تهدأ وتطمئن مستثمري الأسهم في المنطقة. ففي الأسابيع الأخيرة، لحقوا بالمستثمرين الأجانب وخرجوا من أسواق الأسهم في الخليج، التي كانت في بداية هذا العام من أفضل الأسواق الناشئة أداء. ومما زاد الطيب بلة، تراجع أسعار النفط الذي تفاقم من تهاوي الثقة في المنطقة.

تراجع أسعار النفط
ورغم ان أسعار النفط لا تزال مرتفعة كفاية لتوفير فوائض سخية للموازنات الحكومية لمعظم دول الخليج، فإن توقعات بأن تشهد الأسعار مزيداً من التراجع بثت الذعر بين المستثمرين.
وترصد دول الخليج ميزانياتها العامة عند سعر معياري للنفط أقل بكثير من السعر الحالي. إذ تحتاج بالمتوسط إلى سعر أعلى من 47 دولاراً للبرميل لتجنب حدوث عجز في الموازنات العامة، لكن بعض الدول اكثر عرضة للعجز المالي من غيرها. فالسعر الذي تتعادل فيه الايرادات مع المصروفات في الموازنة العامة للبحرين هو 75 دولاراً للبرميل مقارنة مع 49 دولاراً للسعودية و33 دولاراً للكويت، بحسب صندوق النقد الدولي.
وقد اثارت السرعة التي تهاوت بها اسعار النفط الى نحو 64 دولاراً للبرميل اعصاب المسؤولين رغم الوضع الآمن ظاهريا لمراكزها المالية. ففي اجتماع طارئ لـ «أوبك» عقد الجمعة سارعت المنظمة إلى خفض الانتاج بمعدل 1.5 مليون برميل يوميا، وهو الاكبر تقريبا في ثماني سنوات، لكن الخطوة فشلت في وضع حد لتراجع اسعار النفط، واشار بعض المسؤولين الى ان خفضا آخر قد يحدث.

خسائر البورصة
مليارات الدولارات من ثروات مجموعة من المسثتمرين الافراد النافذين وغيرهم تبخرت على امتدادات اسابيع شهدت خلالها اسواق الاسهم في المنطقة انخفاضات حادة. إذ فقد المؤشر الرئيسي لبورصة السعودية اكثر من 50% من قيمته حتى الآن، وبذلك يكون اكبر سوق في المنطقة فقد 205 مليارات دولار من قيمته السوقية منذ يونيو.
وفي الكويت يتظاهر المتداولون والمستثمرون احتجاجا على استمرار نزيف البورصة وللمطالبة بتدخل اكبر من الحكومة لدعم اسعار الاسهم، كما دعا ابراهيم دبدوب، المدير التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني الاحد الماضي السلطات الى اغلاق البورصة، اذ قال في تصريح لتلفزيون «سي ان بي سي» «لو كنت مسؤولا عن سوق الاسهم لأمرت بتعليق فوري للتداول».
للكويت وباقي دول المنطقة تاريخ طويل في تقديم الدعم الحكومي والمعونات السخية للمواطنين، ولم يتضح بعد ما اذا كان البنك المركزي سيمتص خسائر بنك الخليج لمساعدته على متابعة اعماله او ترتيب جدول لاعادة دفع بينه وبين عملائه.
قلة من المحللين يعتقدون ان الحكومة ستسمح بانهيار بنك الخليج، فالكويت ودول الخليج الاخرى التي تتمتع بمدخرات نفطية هائلة لديها من الامكانات المالية الكبيرة ما يمكنها من ضخ السيولة في المؤسسات اذا ما ظهرت مشكلات اخرى.
يقول نائب رئيس موديز في دبي تريستان كوبر : «بالنظر الى الهيمنة والطريقة الابوية التي ينتهجهما القطاع العام، فانه من المستبعد ان تسمح الحكومات بحدوث عمليات افلاس او مخالفات من العيار الثقيل».

فقاعة العقار
وفي الوقت الراهن، يرى وكلاء العقار في دبي ما يمكن ان يكون العلامات الاولى على توقف الازدهار العقاري في الامارة، حتى الآن لا وجود لدليل ملموس على تراجع كبير في الاسعار، كما ان شركات تطوير العقار في دبي تقول انها لا تزال متفائلة، لكن مستثمري العقار الذي حققوا مكاسب كبيرة من شراء واعادة بيع العقارات قبل اشهر قليلة فقط، اصبحوا يخفضون اسعارهم ويتزايد استعدادهم لتقبل الخسائر مقابل الحصول على سيولة نقدية، بحسب احد السماسرة.
واي تراجع مفاجئ قد يكون التحذير المبكر لمشكلات اعمق في دبي التي غذت نموها الاخير والمفرط من خلال الدين، فالازمة المالية الحالية وضعت الاقتراض واعادة التمويل في وضع صعب للغاية، مما اثار التساؤلات حول قدرة دبي على سداد قروضها.
فالحكومة والشركات الخاصة في دبي استثمرت بقوة في القطاع العقاري، وحسبما تقدر فيتش للتصنيف فان شركات تطوير العقار الحكومية او المملوكة جزئيا للحكومة تهيمن على نحو 50% من العقارات الجديدة المقرر ان تدخل السوق في السنوات المقبلة، كما ان البنوك المملوكة معظمها جزئيا للحكومة قدمت هي الاخرى قروضا كبيرة لمطوري ومستثمري العقارات.
واذا ما تراجعت اسعار المنازل، فان ذلك سيزيد من شح الايرادات والتمويل لثلة من المؤسسات التي تهيمن عليها الحكومة التي يزداد اعتمادها على الاقتراض الخارجي الذي لم يعد سهلا الحصول عليه، وعلى عكس الحكومات الاخرى، فان دبي لا تملك الكثير من الموارد النفطية.
وحسبما ذكرت وكالة موديز فان حجم ديون المؤسسات الحكومية بلغ 47.6 مليار دولار وفقا للارقام المعلنة او ما يعادل 103% من الناتج المحلي الاجمالي للامارة.
اما شريان الحياة بالنسبة لدبي فهو جارتها الثرية بالنفط وباحتياطياتها من الايرادات النفطية في ابوظبي.
وكان المحللون توقعوا تراجع الاسعار منذ اشهر. ففي مطلع هذا الشهر ذكرت شركة كوليرز انترناشيونال للاستشارات العقارية ان اسعار العقار في دبي ارتفعت بنسبة 16% في الربع الثاني، وهو معدل أبطأ بكثير من الارتفاع الذي شهدته في الربع الاول وبلغ 42%. في حين توقع بنك أي اف جي – هيرميس الشهر الماضي ان تبلغ الاسعار ذروتها العام المقبل، ثم تبدأ بالتراجع بمعدل تراكمي يصل إلى 20% بحلول 2011.

وول ستريت جورنال