المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خبير: البنوك وراء الأزمة المالية وليس الدول



hich
13-11-2008, 02:49 AM
واشنطن - من ليزلى روتون: فى الوقت الذى يجتمع فيه زعماء القوى الكبرى فى مطلع الاسبوع المقبل سعيا لانقاذ النظام المالى العالمى يقول أحد المهندسين الأصليين لهذا النظام الذى يعود إلى 64 عاما مضت إن النظام القديم ليس هو المشكلة.

ويقول جاك بولاك وهو آخر من بقى على قيد الحياة ممن شاركوا فى مؤتمر بريتون وودز عام 1944 إن عدم كفاية الاشراف على البنوك وليس النظام المالى نفسه هو السبب فى الأزمة المالية العالمية التى تدفع بالعالم إلى هاوية الكساد.

وقال بولاك "94 عاما" الذى حضر بريتون وودز كعضو فى الوفد الألمانى "المهمة الآن ليست إنشاء نظام جديد تماما يتمتع بجاذبية سياسيا ولكنه ليس ما يصفه الطبيب."

ومن بين 20 زعيما يشاركون فى اجتماع واشنطن يريد رئيس الوزراء البريطانى جوردون براون وزعماء أوروبيون آخرون التوصل إلى اتفاقية لاصلاح النظام المالى الذى أرسيت قواعده فى بريتون وودز. ومن جانبها تميل الولايات فى الفترة الانتقالية بين إدارتين إلى التحفظ.

واعترف بولاك بأن التحديات التى تواجه زعماء اليوم هائلة ولكن قال إنها مختلفة تمام عن تلك التى كانت تواجه زعماء العالم فى عام 1944 عندما كانت بؤرة التركيز هى خلق نظام جديد بعد الحرب العالمية الثانية.

وسعت اتفاقية بريتون وودز إلى تفادى تكرار الكساد العظيم فى ثلاثينات القرن الماضى من خلال إنشاء البنك الدولى لاعادة بناء أوروبا بعد الحرب وصندوق النقد الدولى للاشراف على نظام مالى يرتكز على أسعار صرف ثابتة.

وعقد الاجتماع الذى استمر ثلاثة أسابيع قبل عام من انتهاء الحرب العالمية الثانية وشاركت فيه 44 دولة فى وقت كان التعاون التجارى والمالى قد توقف تماما.

وقال بولاك إن أزمة اليوم ستتطلب التوصل إلى إجماع على اللوائح والاشراف العالمى على الأسواق المالية فضلا عن منح اقتصادات الاسواق الناشئة دورا أكبر فى صندوق النقد والبنك الدولي.

وقال "ينبغى أن توزع القمة مهمة التفكير بشأن الرقابة على المسائل التنظيمية والتى تمثل أهمية بالغة. ثم تأتى المسألة الأخرى وهى ما الذى ينبغى أن نفعله بشأن إعطاء دولار ملائم للهند وروسيا والصين."

ومنذ شارك فى مؤتمر بريتون وودز غزا الشيب رأس بولاك ووهن صوته الذى تغلب عليه اللكنة الالمانية ولكنه ما زال يذكر بوضوح كيف أحس 700 مندوبا تجمعوا فى فندق ماونت واشنطن الفاخر فى ولاية نيو هامبشاير بالمغزى التاريخى لتلك اللحظة.

وقال "كانت هناك قناعة بيننا جميعا بأننا نريد بدء عملية أفضل وكانت كل الوفود مستعدة لتقديم تضحيات وتنازلات بشأن الأفكار التى جاءت بها لانها كانت مقتنعة بأنه لابد من خلق نظام جديد".

ومضى قائلا "كانوا مقتنعين بأن هذا المؤتمر لا بد أن ينتهى ببنود اتفاقية لانشاء صندوق النقد الدولي. ببساطة لم يكن من المقبول السماح للمؤتمر بالفشل وكان الناس مستعدون للعمل وفقا لهذا".

ووفقا لمؤرخ صندوق النقد جيمس بوتون فان هذا من أوجه الشبه بين الوضع فى عام 1944 واليوم. ويشير بوتون إلى أن تجمع 20 زعيما عالميا خلال أسابيع قليلة يظهر أنهم يتعاملون مع الأزمة بجدية.

وقال "مثلما حدث فى بريتون وودز فان حقيقة أن الجميع يدرك أن عواقب الفشل هائلة تخلق الارادة السياسية التى يمكن من خلالها إجراء تغييرات كبرى".

واضاف "ونحن الآن عند هذه النقطة. إنها فرصة ونحن بحاجة لانتهازها والاستفادة".

وقد انهار نظام بريتون وودز القائم على أسعار صرف ثابتة مرتبطة بالاحتياطيات الذهبية والدولار مع تحول الدول الصناعية لتعويم عملاتها وتنامى تأثير أسواق رأس المال.

ومع انحسار نفوذ صندوق النقد وتحول اهتمامه إلى الدول النامية والناشئة حيث رتب صفقات انقاذ كبيرة فى الأزمة المالية الاسيوية فى عامى 1997 و1998 . وكرر هذا الدور فى الأزمة الحالية بمد يد العون لايسلندا والمجر واوكرانيا.

وقال بولاك الذى كان من كبار الاقتصاديين فى صندوق النقد طوال ثلاثة عقود إن الاقتصادات الناشئة يجب أن تتمتع بسلطة تصويت أكبر فى مجلس الصندوق المؤلف من 24 عضوا.

وذكر أنه ينبغى لدول اليورو أن تدمج مقاعدها الثمانية فى مقعد واحد لافساح مكان للاخرين.

كما قال إنه جرى تحذير الحكومات بل وحتى الان جرينسبان الرئيس السابق لمجلس الاحتياطى الاتحادى "البنك المركزى الامريكي" بشأن الأزمة المالية المتفاقمة ولكنهم لم يصغوا.

واضاف "الاتجاه العام للادارة الامريكية الحالية كان الاعتقاد بأن هذه الأمور تتلاشى من تلقاء نفسها وأنه ينبغى للحكومة أن تظل بعيدة عن المسألة كلها لكن اتضح أن هذا خطأ قاتل".

ويرى بولاك أن صندوق النقد الدولى نفسه ليس منزها عن الخطأ فهو لم ينصت لكل النصائح التى قدمت له.

ولا يزال بولاك يذهب لمكتبه فى مقر صندوق النقد بواشنطن أربعة أيام فى الاسبوع.

وسيعقد صندوق النقد مؤتمره السنوى غدا الخميس ويوم الجمعة الذى سيتم فيه تكريم بولاك على مساهماته فى الابحاث الاقتصادية التى تمثل "نموذج بولاك" الذى يشرح ميزان مدفوعات أى دولة بمصطلحات نقدية والذى ساعد فى التخطيط لقروض صندوق النقد طوال أكثر من أربعة عقود.

لكن بولاك لا يتوقع أن يسعى زعماء العالم الذى يجتمعون فى واشنطن فى اليوم التالى للاستماع لرؤيته التاريخية للأزمة المالية الحالية.