المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما أشبه اليوم بالأمس



شورت تايم
19-11-2008, 01:57 AM
التاريخ يعيد نفسه. هذا أقل ما قد يقال عن الأزمة المالية الحالية في الكويت. إذ يبدو المشهد العام اليوم مشابه كثيرا للأمس الذي عبر. فشتان بين عناصر مسرحية الأزمة اليوم وعناصر أزمتي 1979 و1982 (المناخ). «القبس» نفضت الغبار عن قصاصات صحف يومية وأسبوعية نشرت أثناء الأزمتين الماضيتين، بهدف تنشيط ذاكرة المواطنين من كبار السن وبعض المسؤولين الماليين والسياسيين، فضلا عن رغبة بعرض موجز قد ينفع الأجيال الحاضرة. علما بأنه كان يفترض أن أخطاء الأمس لا تتكرر مرة أخرى في عصر الكمبيوتر والانترنت والاتصالات والتكنولوجيا والأدوات المالية المعقدة.. وعالية المخاطر.
ومع اختلاف المضمون وأسباب اندلاع الأزمة والشخصيات وأسعار النفط (اللاعب الرئيسي في اقتصاد الكويت)، يمكن رصد جملة مقارنات تظهر اليوم أشبه بالأمس:

1- طمأنة المسؤولين: ناموا بالعسل
ما برح الناس يذكرون ويقرأون تصريحات للمسؤولين تطمئن على متانة الوضعين المالي والاقتصادي في البلاد. فوزير المالية الحالي مصطفى الشمالي دعا المتداولين لضخ مدخراتهم في سوق الكويت للأوراق المالية «لأن الوضع سليم ومشجع للاستثمار». وما زال وزير التجارة والصناعة أحمد باقر يشيد بقوة الشركات، ولا يقر بوجود مشكلة في البورصة ولا في أي قطاع اقتصادي آخر. وكذا فعل وزير المالية في عام 1979 عندما نفى وجود أي أزمة سيولة في السوق، في وقت كان يبحث بنك الكويت المركزي عن آلية لضخ السيولة في البنوك، حيث قال أحد رؤساء مجالس إدارتها في تصريح لصحيفة الوطن بتاريخ 27 أكتوبر 1979: «أزمة السيولة حادة والبنك المركزي يقف متفرجا». وكان وزير المالية حينها طمأن إلى أن «الاقتصاد الوطني قوي وسيظل إن شاء الله دائما قويا ثابتا بفضل تعاون الجميع».
2- اللجان بالمجان
كما هي حال اليوم بتشكيل لجان وفض لجان أخرى، لدراسة تداعيات الأزمة العالمية على الكويت ومحاولة اجتراح حلول لها، كذلك كان الوضع في أزمة المناخ عندما تم تأسيس لجان استشارية من أطراف مختلفة بهدف وضع سلة مقترحات تساعد الحكومة ومجلس الأمة على حل القضية. فعلى سبيل المثال شكلت الحكومة في فبراير 1982 لجنة ضمت كلا من وزراء المالية والنفط والتجارة ومحافظ البنك المركزي والأمين العام لمجلس الوزراء ومندوبين عن الفتوى والتشريع والسجل التجاري، كما ضمت ممثلين عن القطاع الخاص، وذلك لدرس أسعار الفائدة المرتفعة آنذاك، حسب تصريح وزير التجارة في أغسطس من العام نفسه. كما تشكلت أيضا لجنة ثلاثية لبت شكاوى المتعاملين في سوق المال.
3 - تأخر في اجتراح الحلول
يشكو الكثير من رجال الأعمال والمستثمرين اليوم من تأخر وضع خريطة طريق لانقاذ ما يمكن انقاذه جراء تدهور أسعار الأصول بشكل مخيف. ويعتبر البعض أن الحلول توضع دائما بعد أن يطيح الفأس بالرأس. وكذا حصل في أزمة المناخ عندما كانت دعوة الاستعجال بالحلول نفسها يقابلها تردد باستمرار. فعلى سبيل المثال، صرح وزير التجارة في 8 أغسطس عام 1982 بأن مشكلة المناخ تتطلب الاستعجال باتخاذ الاجراءات اللازمة لانهائها. وبعد عامين تقريبا، وبالتحديد في 22 فبراير 1984، أشار وزير المالية آنذاك الى سلة حلول يعد لها «لسداد ديون المحالين». وبعدها في 11 مارس 1984، قال الوزير ان أزمة سوق المناخ في مراحلها النهائية.
4- رفع المذكرات.. والأوراق الأخرى
اشتهرت في الأزمة الحالية عبارة «رفع ورقة». فالجميع يرغب في تقديم استشارته واقتراحاته للحل (مشكورا)، فكانت الأطراف المعنية ترفع مذكرات حول الموضوع، وتتبادل أوراقا نشرت الصحافة بعضا منها، والبعض الآخر بقي سرا. وكذا كانت الحال في عام 1979. فمثلا، رفعت البنوك الكويتية في 7 سبتمبر عام 1979 مذكرة لوزير المالية بشأن أزمة السيولة، «التي جعلت أسعار الفائدة على الدينار الكويتي في صعود مستمر».
5- الاستعانة بالخبرات الأجنبية
منذ اعلان بنك الخليج عن خسائر في المشتقات المالية، أفاد ممثل بنك الكويت المركزي بأن خبراء أجانب يساعدون المكلف في التحقيق عن هذه الخسائر. كما تردد أخيرا أن الكويت تبحث انشاء لجنة دولية للمساعدة على ايجاد حلول للأزمة المحلية. وهذا التوجه تحقق في أزمة المناخ عندما دعت وزارة المالية خبراء مال واستثمار أجانب للمشاركة في ابداء النصح، حسب خبر نشرته صحيفة القبس في 14 مايو 1985. وكان على رأس الخبراء الأميركيين والانكليز نائب رئيس البنك الاحتياطي الفدرالي الذي اجتمع مع الفعاليات الاقتصادية الكويتية في حينها.
6- المال العام أيضا وأيضا
كما في كل أزمة في الكويت، يتدخل المال العام لانقاذ المعسرين أو المتعثرين أو ما شابه. فبعد أزمة المناخ، وبالتحديد في 19 مايو 1985، أعلن وزير المالية أن «الحكومة أنفقت 755 مليون دينار على شراء أسهم فقدت من قيمتها 455 مليون دينار». وكما تسعى الدولة اليوم الى انشاء محفظة للدخول الى السوق، أنشأت في عام 1982 صندوقا لحل أزمة سوق الأوراق المالية وضمان حقوق الدائنين المتعلقة بأسهم الشركات التي تمت بالآجل. وكان رأسمال الصندوق 500 مليون دينار تأتي من احتياطي الدولة. وفي 22 سبتمبر 1982، أعلن وزير المالية والتخطيط أن المؤسسات المالية المتأثرة ستلقى مساندة حكومية ولا نسخة كويتية عن انهيار بنك انترا اللبناني. بدوره، قال محافظ بنك الكويت المركزي في حينها انه تم وضع الودائع الحكومية تحت تصرف «المركزي» لاستخدامها في دعم البنوك. وطالبت الحكومة في حينها أيضا بضمانات كما هي فاعلة اليوم. ففي 17 مارس 1984، أعلن وزير المالية ووزير النفط أن مؤسسة التسويات ستصدر السندات بضمان موجودات المحالين فقط.
7- عدم الاعتراف بالأضرار أو الخسائر
تكابر بعض الشركات الكويتية ولا تعترف بالخسائر أو الأضرار التي لحقت بها من جراء الأزمة المالية الحالية. ففي وقت اعتبر فيه البعض أن الشركات تعاني ضائقة سيولة فقط، يشير البعض الآخر إلى تحول هذه الضائقة إلى أزمة ملاءة لدى شركات. وكذا كانت الحالة في أزمة المناخ عندما أعلن وزير التجارة والصناعة في 29 ديسمبر 1982 أن «أحدا لم يعلن إفلاسه حتى الآن». وبعد 5 أشهر، قال الوزير نفسه أن هدف الحكومة حماية «المعسرين لا المفلسين». وفي عام 1985، صرح وزير المالية أن البعض امتنع عن سداد ديونه انتظارا لتدخل الحكومة ومجلس الأمة، تماما كما هو حاصل في بعض الحالات اليوم.
8- حماية صغار المستثمرين
«في كل عرس لهم قرص».. إنهم صغار المستثمرين كما اصطلح على تسميتهم خلال الأعوام الماضية والحاضرة. ويدعو نواب مجلس الأمة اليوم لحماية هؤلاء أولا وتعويض خسائر تكبدوها جراء هبوط سوق الأوراق المالية. وهذه الحال كانت في أزمة المناخ أيضا. وقد تحدث وزير المالية في 15 نوفمبر 1982 عن سندات تصرف لصغار المستثمرين من صندوق حكومي بالإمكان خصمها من البنوك دون فائدة. أما في 22 فبراير 1984، فحدد وزير المالية ووزير النفط 3 خطوات لسداد ديون المحالين.
9- المطالبة بتطوير التشريعات
تعلو اليوم الأصوات المنادية بإنشاء هيئة سوق المال وتطوير قوانين البورصة وتشديد الرقابة وإدارة المخاطر وتعزيز حوكمة الشركات. وهذه الأصوات هي نفسها التي كانت تنادي خلال أزمة المناخ بتشريعات تشدد الرقابة على سوق المال والشركات والبنوك.

إجراءات مؤقتة
ما زالت لجنة السوق الحالية تدور حول نفسها. فلم تتخذ أي قرارات حاسمة تماما، كما كان الحال أيام أزمة المناخ. فعلى سبيل المثال أوقفت ما كان يعرف بلجنة الأوراق المالية صفقات المدد مؤقتا لحين هدوء السوق، حسب تصريح وزير التجارة والصناعة في 12 سبتمبر 1982. وها نحن اليوم نبحث في تعديلات سوق الآجل والبيوع المستقبلية.

أسهم أو أشياء ورقية
كثر الحديث أخيرا عن أسهم شركات ورقية انكشفت بسرعة عند أول منعطف للأزمة المالية العالمية. وفي سبتمبر 1982، صرح وزير المالية بأن الكثير من أسهم الشركات المدرجة أصبحت مجرد أشياء ورقية.