um abdulla
19-11-2008, 10:52 AM
قطريات .
المترفون
بقلم : محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ..
من الأمراض التي تصيب المجتمعات بالاضمحلال والتلاشي مرض الترف وذم القرآن في أكثر من موضع وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون والترف حالة نفسية وحياتية يعيشها الإنسان بأسلوب وطريقة معينة وليس بالضرورة أن يصاحب الترف بذخ في المصروفات والأموال بمعنى أنه قد يكون المجتمع أو أفراده مترفاً في نفسه مع قلة مظاهر الصرف والإنفاق وقد تجد الآخر -مترف ظاهريا- يصرف على أشياء كثيرة في حياته لكنه لا يعيش حياة مترفة وذلك لتوافق ذلك الصرف مع سد الحاجة الضرورية أو نشاطاته الكثيرة مع قدرة موارده على سد ذلك.
والفرق بينهما دقيق قد يشكل على الكثيرين ولتقريب المعنى إلى الذهن نسوق المثال الآتي: لو كان هناك شخص قليل الثروة وجل عمله ووقته يصرفه في أمور شهوات النفس والبحث الدائم عن ترويحها وتسليتها، ومشغول بملذات الحياة وفق حالته، والاعتقاد بالكمال والقدرة على أمور حياتية، فهذا الشخص مترف بالنظر للوصف الذي لحق به بصرف النظر عن كثرة المصروفات والنفقات، وتجد الآخر كثير الأموال مع زيادة نفقاته ومصروفاته لا تجد أنه مترف في حياته وواقع شؤونه وهذا بسبب ان الزيادة في نفقاته غير مرتبطة بمظاهر البذخ وفق واقع حاله، ولا يعيش حياة المترفين ولو سكن الأبراج الشاهقة والقصور الفارهة، صحيح ان الثروة تزيد من حالة الترف وتوسعها مع ما يترتب عليها من آثار، لكنها توجد عند الطرفين بنسب وتقديرات متفاوتة.
وعندما تزيد الثروة في مجتمع من المجتمعات يميل بعض أفرادها الى الترف ومظاهر الأبهة والغلو في المظهرية وهذا يحصل في جميع المجتمعات بنسب متفاوتة ولا ضرر منه ما دام في بعض الأفراد أما أن يكون هذا الترف سلوكا عاما في غالبية الأفراد هنا يجب أن ندق ناقوس الخطر، لأن من أسباب زوال الأمم والحضارات تفشي الترف في أهله، فالمترفون خاملون ويتوسعون في المباحثات مسرفون في شؤون حياتهم الشخصية، ليس لهم صلة بالشؤون العامة ومصالح الآخرين.
فعندما يدقق الأفراد كثيرا في دقائق حياتهم الشخصية بانصراف جل اهتمامهم الى مظاهر وقشور الحضارة فعندها يكون هذا المجتمع مترفاً مغرقاً في الملذات والشهوات بمنتجات حضارية قد لا يحتاجها، وقد لا يحسن استخدامها.
وقد يكون الترف بالكسل مع شدة احتياج المجتمع الى كثير من الأيدي العاملة مع توفر كثير من الموارد الطبيعية التي بحاجة الى همم عالية تنهض بهذه الموارد، فهو مترف بالكسل، الذي يؤدي الى عدم النهوض بنفسه وبمجتمعه.
أما بالنسبة للدول
فترفها
يتمثل بمظاهر الاحتفالات والمهرجانات وكثرة الأحداث الاحتفالية الفخمة، والإنفاق على كثير من المشروعات ذات الصبغة المترفة والتي هي أساس بنائها، فالتفكير هنا انصرف الى ما تعطيه تلك المشاريع من مظاهر حضارية براقة وليس الى جوهرها ومضمونها، فعندما يغلب على الدول إنشاء المشاريع المترفة والاحتفالات المصاحبة بمظاهر لا تمت بصلة للحديث ولا المناسبة عندها تغرق هذه الأعمال في الترف الحضاري دون المرور بحيثيات الحضارة.
وقد تجد دولاً تفعل ذلك من منطلق حضاري معين وصلت اليه نتيجة تراكم معطيات حضارية وصلت اليها وقد يكون غرض الترف إظهار القوة ومظاهر السلطان وأبهته، لإرهاب العدو وكسر همته ونشاطه وهنا يكون ترفاً إيجابياً ذا مظاهر خارجية قصد منه مصلحة عامة لا علاقة لها بالذات وليست من مكوناته.
فالمترفون ضد أي تغيير أو تطوير، مقلدون لمن سبق ولا يرغبون بتغيير الحال، لأنهم ألفوا ما هم عليه من حياة الترف والدعة وسجل ذلك القرآن الكريم وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
فالترف مرض اجتماعي واقتصادي يصيب المجتمعات بالعقم والوأد والانتحار البطيء، ويعطل الطاقات بالوهم بالاستغناء عن الآخرين.
المترفون
بقلم : محمد بن عبدالرحمن آل ثاني ..
من الأمراض التي تصيب المجتمعات بالاضمحلال والتلاشي مرض الترف وذم القرآن في أكثر من موضع وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون والترف حالة نفسية وحياتية يعيشها الإنسان بأسلوب وطريقة معينة وليس بالضرورة أن يصاحب الترف بذخ في المصروفات والأموال بمعنى أنه قد يكون المجتمع أو أفراده مترفاً في نفسه مع قلة مظاهر الصرف والإنفاق وقد تجد الآخر -مترف ظاهريا- يصرف على أشياء كثيرة في حياته لكنه لا يعيش حياة مترفة وذلك لتوافق ذلك الصرف مع سد الحاجة الضرورية أو نشاطاته الكثيرة مع قدرة موارده على سد ذلك.
والفرق بينهما دقيق قد يشكل على الكثيرين ولتقريب المعنى إلى الذهن نسوق المثال الآتي: لو كان هناك شخص قليل الثروة وجل عمله ووقته يصرفه في أمور شهوات النفس والبحث الدائم عن ترويحها وتسليتها، ومشغول بملذات الحياة وفق حالته، والاعتقاد بالكمال والقدرة على أمور حياتية، فهذا الشخص مترف بالنظر للوصف الذي لحق به بصرف النظر عن كثرة المصروفات والنفقات، وتجد الآخر كثير الأموال مع زيادة نفقاته ومصروفاته لا تجد أنه مترف في حياته وواقع شؤونه وهذا بسبب ان الزيادة في نفقاته غير مرتبطة بمظاهر البذخ وفق واقع حاله، ولا يعيش حياة المترفين ولو سكن الأبراج الشاهقة والقصور الفارهة، صحيح ان الثروة تزيد من حالة الترف وتوسعها مع ما يترتب عليها من آثار، لكنها توجد عند الطرفين بنسب وتقديرات متفاوتة.
وعندما تزيد الثروة في مجتمع من المجتمعات يميل بعض أفرادها الى الترف ومظاهر الأبهة والغلو في المظهرية وهذا يحصل في جميع المجتمعات بنسب متفاوتة ولا ضرر منه ما دام في بعض الأفراد أما أن يكون هذا الترف سلوكا عاما في غالبية الأفراد هنا يجب أن ندق ناقوس الخطر، لأن من أسباب زوال الأمم والحضارات تفشي الترف في أهله، فالمترفون خاملون ويتوسعون في المباحثات مسرفون في شؤون حياتهم الشخصية، ليس لهم صلة بالشؤون العامة ومصالح الآخرين.
فعندما يدقق الأفراد كثيرا في دقائق حياتهم الشخصية بانصراف جل اهتمامهم الى مظاهر وقشور الحضارة فعندها يكون هذا المجتمع مترفاً مغرقاً في الملذات والشهوات بمنتجات حضارية قد لا يحتاجها، وقد لا يحسن استخدامها.
وقد يكون الترف بالكسل مع شدة احتياج المجتمع الى كثير من الأيدي العاملة مع توفر كثير من الموارد الطبيعية التي بحاجة الى همم عالية تنهض بهذه الموارد، فهو مترف بالكسل، الذي يؤدي الى عدم النهوض بنفسه وبمجتمعه.
أما بالنسبة للدول
فترفها
يتمثل بمظاهر الاحتفالات والمهرجانات وكثرة الأحداث الاحتفالية الفخمة، والإنفاق على كثير من المشروعات ذات الصبغة المترفة والتي هي أساس بنائها، فالتفكير هنا انصرف الى ما تعطيه تلك المشاريع من مظاهر حضارية براقة وليس الى جوهرها ومضمونها، فعندما يغلب على الدول إنشاء المشاريع المترفة والاحتفالات المصاحبة بمظاهر لا تمت بصلة للحديث ولا المناسبة عندها تغرق هذه الأعمال في الترف الحضاري دون المرور بحيثيات الحضارة.
وقد تجد دولاً تفعل ذلك من منطلق حضاري معين وصلت اليه نتيجة تراكم معطيات حضارية وصلت اليها وقد يكون غرض الترف إظهار القوة ومظاهر السلطان وأبهته، لإرهاب العدو وكسر همته ونشاطه وهنا يكون ترفاً إيجابياً ذا مظاهر خارجية قصد منه مصلحة عامة لا علاقة لها بالذات وليست من مكوناته.
فالمترفون ضد أي تغيير أو تطوير، مقلدون لمن سبق ولا يرغبون بتغيير الحال، لأنهم ألفوا ما هم عليه من حياة الترف والدعة وسجل ذلك القرآن الكريم وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون .
فالترف مرض اجتماعي واقتصادي يصيب المجتمعات بالعقم والوأد والانتحار البطيء، ويعطل الطاقات بالوهم بالاستغناء عن الآخرين.