ابن قطر
19-11-2008, 11:40 PM
.. لماذا أوباما؟
بقلم : ريم يوسف الحرمي ..4 نوفمبر 2008 يوم لن ينساه الكثيرون بالأخص السود أو الامريكيون من أصول افريقية.
فقد عانى هؤلاء على مدى قرون وحتى ستينيات القرن الماضي من غطرسة البيض فلم يكن للسود اي حقوق تذكر فكانت لهم صنابير مياه غير تلك التي للبيض، وكذلك المدارس والمطاعم والمحلات والاحياء، وكان لا يحق لهم ان يشغلوا منصباً ادارياً انما كان لهم اقل الوظائف اجراً وادناها مرتبة، وبالطبع لم يكن لهم اي حقوق سياسية.
كان البيض يعاملون السود على انهم وحوش همجيون على هيئة ادمي، وكانت جماعة الكوكلاكس كلان (وقد تطرقت لها سابقاً في مقالتين) كانت تلك الجماعة اكبر دليل على مدى غطرسة البيض وكرههم المستميت للسود الى درجة احراقهم احياء دون محاكمة اي ما يسمى بال Lynching ويقتلونهم بدم بارد فهم على حد زعمهم ان هؤلاء لا يستحقون العيش فهم كائنات مكانها الغابات والادغال واستمر حال تلك الجماعة من قتل وعنف ضد السود دون ان يستطيع احد ايقافهم حتى رئيس الولايات المتحدة نفسه حينها.
استمر الامر هذا على حاله والسود يناضلون لنيل حقوقهم ويحاولون ان يٌسمع صوتهم الذي لطالما كٌتم، فجاء في بداية الامر الحكم الشهير Brown vs. The Board of Education الذي قضى على حكم Plessy vs. Ferguson الذي كان ينص على أن يكون هنالك مبان منفصلة للبيض عن السود ولكن بنفس (معايير المساواة) التي لم يكن لها وجود، فجاء حكم ادارة التعليم لينقض حكم المباني المنفصلة ولكن متساوية المرافق، لانه يخالف الدستور الامريكي -البند الرابع عشر- الذي يقتضي ان يمنع على اي ولاية ان تمنع اي شخص من الحماية وتحرمه من الحماية المتكافئة، وامتد هذا الحكم الذي شمل المدارس ليشمل ايضاً المرافق الحكومية.
لم يكن الاضطهاد هذا في الواقع فقط بينما في الرسوم المتحركة الشهيرة (توم اند جيري) الذي انتج تقريباً في اواخر الخمسينيات كان دوماً ما يظهر سيدة المنزل البيضاء بكامل اناقتها من رأسها حتى اخمص قدميها بينما كانت الخادمة السوداء السمينة لا يظهر منها طوال فترة كلامها سوى قدميها! وهكذا كان هو الحال في جميع حلقات الكارتون الشهير.
لقد عانى السود واضطهدوا فنتيجة لهذا الاضطهاد والقمع ظهر منهم الادباء والشعراء والمبدعون وبالتأكيد المناهضون السياسيون ومنهم مارتن لوثر كينغ الذي القى خطبته الشهيرة (لدي حلم) I have a dream عام 1963 الذي تحدث فيه عن آماله وطموحاته وطموحات ابناء جلدته وتحدث عن الصعوبات التي واجهها منذ أن كان طفلاً وكيف اضطهد حيث كان طفلاً ويلعب مع احد الاطفال البيض نهرته الام البيضاء واخذت ولدها فقط لانه اسود!
فأثر هذا الشيء في نفسه وبكى بكاءً شديداً وعزم في قرارة نفسه ان يناضل لينصر اهله وابناء عمومته من السود، وفي الخطبة نفسها قال انه في يوم من الايام سوف يكون للسود حقوق وسوف يصلون الى أعلى المناصب التي لطالما اعتلاها البيض وقد حققت جملته الشهيرة التي كررها اكثر من مرة ونالت شهرة واسعة أحلم أن يأتي يوم يقوم فيه كل اسود في هذا البلد، كل فرد غير ابيض في العالم بأسره بناء على ما هو عليه كانسان وليس على لون بشرته، لدي حلم.
وها نحن اليوم نرى ان حلمه قد تحقق واصبح واقعاً قبل ان يشهده فقد أغتيل مارتن عام 1964 في شرفة الفندق الذي يقيم فيه في ولاية تينسي، والى يومنا هذا لم يعرف من هو القاتل فقد اجمع الكثيرون على ان اغتياله كان مؤامرة منظمة من قبل افراد وليس فرداً!
لقد حقق باراك اوباما فوزاً كاسحاً لم تشهده الولايات المتحدة في أي من انتخاباتها السابقة فهو لم يفز فقط بمجموع الاصوات المطلوبة للفوز في ال Electoral Vote وهي 270 بل تعداها ليتخطى ال360 صوتاً وهو مالم يحققه أي رئيس اخر.
ليس ذلك فحسب فعندما تم اعلان فوز اوباما انطلقت مسيرات في الشوارع مؤيدة لأوباما حتى ساعات الصباح الاولى هذه المرة لم يكن المحتفلون من الامريكيين فقط بل كانوا الصينيين واليابانيين وغيرهم من شرق آسيا وهنالك العرب والخليجيون وايضاً الهنود الذين خرجوا يقرعون طبولهم احتفالاً بالفوز ولا ننسى الافارقة الذين غمرتهم الفرحة كون اوباما من اصول افريقية فكانت الشوارع من كل حدب وصوب وامام البيت الابيض تمتلىء بمزيج من الجنسيات والاعراق المختلفة وقد أنيرت السماء بالالعاب النارية فكان طعم الفوز دولياَ بدلاً من كونه امريكياً بحتاً كما هي العادة!
لم تقتصر الاحتفالات على أمريكا فقط بل امتدت في دول كثيرة منها مسقط رأس والد اوباما كينيا، وكذلك في بريطانيا واوروبا، وامريكا الشمالية والجنوبية وبالطبع الدول العربية التي احتفل البعض فيها واشاد بفوز الرئيس المنتخب.
كذلك قد امتدت الاحتفالات والتهاني من كونها شعبية لتصل الى رؤساء العالم حتى هؤلاء الذين لطالما عادتهم الولايات المتحدة او هم انفسهم عادوها، مثل كوبا وايران حيث بعث احمدي نجاد بخطاب رسمي لبراك اوباما يهنئه فيه على فوزه، وهو اول خطاب يرسله رئيس ايراني لرئيس الولايات المتحدة منذ عام 1979.
لقد فضل الكثيريون من الامريكيين وغيرهم اوباما، فبعيدا ًعن كون ابيه مسلما، فباراك اوباما مقارنة مع المرشح الجمهوري جون ماكين شخص بنى نفسه من العدم فهو لم يعتمد على ابيه او عائلته واسمها (كما هو الحال مع جورج بوش) ولم يعتمد على ثرائه (مثل ماكين) وانما تدرج في حياته حتى وصل الى ماوصل اليه اليوم بالرغم من وفاة والده مبكراً بحادث سيارة ومن ثم وفاة والدته بالسرطان.
لقد احترم الكثيرون اوباما كشخص عادي قبل ان يكون سياسياً، لانه يمثل رمز الانسان الاسود الذي لطالما كافح وناضل في ظل غطرسة (مالكه) الابيض، لقد حقق انتصاره الكاسح في سباق الرئاسة الذي اعتبره الكثيرون انتصاراً لمن عانوا من الظلم والمهانة والذين كانوا مقيدين بأغلال وسلاسل تلك النفس البشرية البغيضة، فما لبثوا ان تحرروا منها حتى رجعت حقوقهم شيئاً فشيئاً.
نأتي الى الشارع العربي الذي لم يتوان عن تأييد اوباما بالرغم من معارضتهم للمرشحين على حد سواء، الديمقراطي والجمهوري، ولكن اسهب البعض ان (جزء من الشر خير من الشر كله)، اي ان اوباما ابدى بصريح العبارة بأنه سوف ينهي الحرب القائمة في العراق ويسحب القوات الأمريكية فهو يرى القنوات الدبلوماسية والحوار الذي لم يمانعه مع سوريا او ايران هو المفتاح لحل الازمات، على عكس ماكين الذي لطالما كان الخيار العسكري هو الذي يفضله فماكين محارب سابق في فيتنام وجمهوري وهو ما خشى منه الامريكيون أن تمتد سنوات بوش الثماني لتصبح اثنتى عشرة.
وفي السياق ذاته ينقسم الشارع العربي الى مؤيد ومعارض لباراك اوباما فهنالك من غلبت عليه العاطفة وايده كونه من اصول مسلمة وافريقية واعتبر سياسته سوف تكون افضل من ماكين سواء على الصعيد الشرق اوسطي او العالمي.
اما المعارضون فاعتبروا ماكين واوباما هما وجهان لعملة واحدة والسياسة الامريكية تجاه الشرق الاوسط هي سياسة ثابتة لا متحركة يحركها اللوبي الصهيوني كما يحرك صاحب الدمى دُماه بخيوط كيفما يشاء!
في الواقع تأثير اللوبي الصهيوني اليهودي على وجه الخصوص او غيره لا يشكل الفاصل الوحيد في اتخاذ القرارات السياسية الامريكية او حتى الاقتصادية، فالإعلام مؤثر قوي وهو الذي ارجعه البعض الى تحسين صورة اوباما ومن ثم فوزه وجعل من المرشح ماكين ونائبه بايلين يبدوان (كالأشرار) في تلك اللعبة السياسية.
كذلك ان اتخاذ القرارات يصدر من الكونغرس ويجب ان تتم الموافقة عليه بنسبة 2-3 من الاصوات فهو الذي يضع ميزانية الحرب واعلانها وبدايتها كم هو الحال مع العراق .
قد لا يصنع اوباما اي تغير في الشرق الاوسط وان ضرها فلا اعتقد بانه سوف يكون بحجم الضرر الذي سوف يلحقه ماكين ذو الخلفية العسكرية فلطالما كان يعتبر الحرب واجباً وطنياً للامريكيين.
عموماً الولايات المتحدة تمر الان بأصعب الاوقات منذ الكساد الكبير في الخمسينيات ولديها مشاكل جمة من افلاس البنوك والقطاعات المصرفية والهبوط الحاد الذي يعصف بأسواق المال وتأثر الافراد والمؤسسات، تلك قضايا وغيرها يجب على الرئيس المنتخب ان يجد لها حلولاً وبسرعة وبدقة متناهية فالخطأ هنا غير وارد.
ان انتخاب باراك اوباما كأول رئيس اسود سابقة هي الاولى من نوعها بعد ان تجرع السود المهانة والظلم، فذلك يعد انتصاراً على العبودية والرق واللاإنسانية، لقد بكى السود عند فوز اوباما ليس فرحاً بانتصاره فقط بل انتصار للانسانية، ذلك هو الفوز الذي لطالما حلموا به ليشعروا بأنهم بالفعل لم يصبحوا عبيداً (للسيد الابيض) كما هو الحال في القرن الماضي.
سواء اتفقتم ام اختلفتم إزاء الولايات المتحدة حكومةً وشعباً، الانسان يظل انساناً، الفوز وطعم النجاح لا يقدره الا من تجرع المر ليصل اليه، وهذا ماصنعه الرجل الاسود الذاهب الى البيت الابيض، ولنر ماذا تكشفه لنا الايام المقبلة هل سوف ينتهج اوباما نهج من سبقوه في الادارة الامريكية ، ام يفاجئنا بما هو غير معهود كما هو الحال حينما فاز؟! لا يمكننا التكهن الآن ولكن لنر ما تخبئه لنا الأيام.
وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى
reem_spotlight@hotm
tp://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=396057&version=1&template_id=168&parent_id=167
qatar
بقلم : ريم يوسف الحرمي ..4 نوفمبر 2008 يوم لن ينساه الكثيرون بالأخص السود أو الامريكيون من أصول افريقية.
فقد عانى هؤلاء على مدى قرون وحتى ستينيات القرن الماضي من غطرسة البيض فلم يكن للسود اي حقوق تذكر فكانت لهم صنابير مياه غير تلك التي للبيض، وكذلك المدارس والمطاعم والمحلات والاحياء، وكان لا يحق لهم ان يشغلوا منصباً ادارياً انما كان لهم اقل الوظائف اجراً وادناها مرتبة، وبالطبع لم يكن لهم اي حقوق سياسية.
كان البيض يعاملون السود على انهم وحوش همجيون على هيئة ادمي، وكانت جماعة الكوكلاكس كلان (وقد تطرقت لها سابقاً في مقالتين) كانت تلك الجماعة اكبر دليل على مدى غطرسة البيض وكرههم المستميت للسود الى درجة احراقهم احياء دون محاكمة اي ما يسمى بال Lynching ويقتلونهم بدم بارد فهم على حد زعمهم ان هؤلاء لا يستحقون العيش فهم كائنات مكانها الغابات والادغال واستمر حال تلك الجماعة من قتل وعنف ضد السود دون ان يستطيع احد ايقافهم حتى رئيس الولايات المتحدة نفسه حينها.
استمر الامر هذا على حاله والسود يناضلون لنيل حقوقهم ويحاولون ان يٌسمع صوتهم الذي لطالما كٌتم، فجاء في بداية الامر الحكم الشهير Brown vs. The Board of Education الذي قضى على حكم Plessy vs. Ferguson الذي كان ينص على أن يكون هنالك مبان منفصلة للبيض عن السود ولكن بنفس (معايير المساواة) التي لم يكن لها وجود، فجاء حكم ادارة التعليم لينقض حكم المباني المنفصلة ولكن متساوية المرافق، لانه يخالف الدستور الامريكي -البند الرابع عشر- الذي يقتضي ان يمنع على اي ولاية ان تمنع اي شخص من الحماية وتحرمه من الحماية المتكافئة، وامتد هذا الحكم الذي شمل المدارس ليشمل ايضاً المرافق الحكومية.
لم يكن الاضطهاد هذا في الواقع فقط بينما في الرسوم المتحركة الشهيرة (توم اند جيري) الذي انتج تقريباً في اواخر الخمسينيات كان دوماً ما يظهر سيدة المنزل البيضاء بكامل اناقتها من رأسها حتى اخمص قدميها بينما كانت الخادمة السوداء السمينة لا يظهر منها طوال فترة كلامها سوى قدميها! وهكذا كان هو الحال في جميع حلقات الكارتون الشهير.
لقد عانى السود واضطهدوا فنتيجة لهذا الاضطهاد والقمع ظهر منهم الادباء والشعراء والمبدعون وبالتأكيد المناهضون السياسيون ومنهم مارتن لوثر كينغ الذي القى خطبته الشهيرة (لدي حلم) I have a dream عام 1963 الذي تحدث فيه عن آماله وطموحاته وطموحات ابناء جلدته وتحدث عن الصعوبات التي واجهها منذ أن كان طفلاً وكيف اضطهد حيث كان طفلاً ويلعب مع احد الاطفال البيض نهرته الام البيضاء واخذت ولدها فقط لانه اسود!
فأثر هذا الشيء في نفسه وبكى بكاءً شديداً وعزم في قرارة نفسه ان يناضل لينصر اهله وابناء عمومته من السود، وفي الخطبة نفسها قال انه في يوم من الايام سوف يكون للسود حقوق وسوف يصلون الى أعلى المناصب التي لطالما اعتلاها البيض وقد حققت جملته الشهيرة التي كررها اكثر من مرة ونالت شهرة واسعة أحلم أن يأتي يوم يقوم فيه كل اسود في هذا البلد، كل فرد غير ابيض في العالم بأسره بناء على ما هو عليه كانسان وليس على لون بشرته، لدي حلم.
وها نحن اليوم نرى ان حلمه قد تحقق واصبح واقعاً قبل ان يشهده فقد أغتيل مارتن عام 1964 في شرفة الفندق الذي يقيم فيه في ولاية تينسي، والى يومنا هذا لم يعرف من هو القاتل فقد اجمع الكثيرون على ان اغتياله كان مؤامرة منظمة من قبل افراد وليس فرداً!
لقد حقق باراك اوباما فوزاً كاسحاً لم تشهده الولايات المتحدة في أي من انتخاباتها السابقة فهو لم يفز فقط بمجموع الاصوات المطلوبة للفوز في ال Electoral Vote وهي 270 بل تعداها ليتخطى ال360 صوتاً وهو مالم يحققه أي رئيس اخر.
ليس ذلك فحسب فعندما تم اعلان فوز اوباما انطلقت مسيرات في الشوارع مؤيدة لأوباما حتى ساعات الصباح الاولى هذه المرة لم يكن المحتفلون من الامريكيين فقط بل كانوا الصينيين واليابانيين وغيرهم من شرق آسيا وهنالك العرب والخليجيون وايضاً الهنود الذين خرجوا يقرعون طبولهم احتفالاً بالفوز ولا ننسى الافارقة الذين غمرتهم الفرحة كون اوباما من اصول افريقية فكانت الشوارع من كل حدب وصوب وامام البيت الابيض تمتلىء بمزيج من الجنسيات والاعراق المختلفة وقد أنيرت السماء بالالعاب النارية فكان طعم الفوز دولياَ بدلاً من كونه امريكياً بحتاً كما هي العادة!
لم تقتصر الاحتفالات على أمريكا فقط بل امتدت في دول كثيرة منها مسقط رأس والد اوباما كينيا، وكذلك في بريطانيا واوروبا، وامريكا الشمالية والجنوبية وبالطبع الدول العربية التي احتفل البعض فيها واشاد بفوز الرئيس المنتخب.
كذلك قد امتدت الاحتفالات والتهاني من كونها شعبية لتصل الى رؤساء العالم حتى هؤلاء الذين لطالما عادتهم الولايات المتحدة او هم انفسهم عادوها، مثل كوبا وايران حيث بعث احمدي نجاد بخطاب رسمي لبراك اوباما يهنئه فيه على فوزه، وهو اول خطاب يرسله رئيس ايراني لرئيس الولايات المتحدة منذ عام 1979.
لقد فضل الكثيريون من الامريكيين وغيرهم اوباما، فبعيدا ًعن كون ابيه مسلما، فباراك اوباما مقارنة مع المرشح الجمهوري جون ماكين شخص بنى نفسه من العدم فهو لم يعتمد على ابيه او عائلته واسمها (كما هو الحال مع جورج بوش) ولم يعتمد على ثرائه (مثل ماكين) وانما تدرج في حياته حتى وصل الى ماوصل اليه اليوم بالرغم من وفاة والده مبكراً بحادث سيارة ومن ثم وفاة والدته بالسرطان.
لقد احترم الكثيرون اوباما كشخص عادي قبل ان يكون سياسياً، لانه يمثل رمز الانسان الاسود الذي لطالما كافح وناضل في ظل غطرسة (مالكه) الابيض، لقد حقق انتصاره الكاسح في سباق الرئاسة الذي اعتبره الكثيرون انتصاراً لمن عانوا من الظلم والمهانة والذين كانوا مقيدين بأغلال وسلاسل تلك النفس البشرية البغيضة، فما لبثوا ان تحرروا منها حتى رجعت حقوقهم شيئاً فشيئاً.
نأتي الى الشارع العربي الذي لم يتوان عن تأييد اوباما بالرغم من معارضتهم للمرشحين على حد سواء، الديمقراطي والجمهوري، ولكن اسهب البعض ان (جزء من الشر خير من الشر كله)، اي ان اوباما ابدى بصريح العبارة بأنه سوف ينهي الحرب القائمة في العراق ويسحب القوات الأمريكية فهو يرى القنوات الدبلوماسية والحوار الذي لم يمانعه مع سوريا او ايران هو المفتاح لحل الازمات، على عكس ماكين الذي لطالما كان الخيار العسكري هو الذي يفضله فماكين محارب سابق في فيتنام وجمهوري وهو ما خشى منه الامريكيون أن تمتد سنوات بوش الثماني لتصبح اثنتى عشرة.
وفي السياق ذاته ينقسم الشارع العربي الى مؤيد ومعارض لباراك اوباما فهنالك من غلبت عليه العاطفة وايده كونه من اصول مسلمة وافريقية واعتبر سياسته سوف تكون افضل من ماكين سواء على الصعيد الشرق اوسطي او العالمي.
اما المعارضون فاعتبروا ماكين واوباما هما وجهان لعملة واحدة والسياسة الامريكية تجاه الشرق الاوسط هي سياسة ثابتة لا متحركة يحركها اللوبي الصهيوني كما يحرك صاحب الدمى دُماه بخيوط كيفما يشاء!
في الواقع تأثير اللوبي الصهيوني اليهودي على وجه الخصوص او غيره لا يشكل الفاصل الوحيد في اتخاذ القرارات السياسية الامريكية او حتى الاقتصادية، فالإعلام مؤثر قوي وهو الذي ارجعه البعض الى تحسين صورة اوباما ومن ثم فوزه وجعل من المرشح ماكين ونائبه بايلين يبدوان (كالأشرار) في تلك اللعبة السياسية.
كذلك ان اتخاذ القرارات يصدر من الكونغرس ويجب ان تتم الموافقة عليه بنسبة 2-3 من الاصوات فهو الذي يضع ميزانية الحرب واعلانها وبدايتها كم هو الحال مع العراق .
قد لا يصنع اوباما اي تغير في الشرق الاوسط وان ضرها فلا اعتقد بانه سوف يكون بحجم الضرر الذي سوف يلحقه ماكين ذو الخلفية العسكرية فلطالما كان يعتبر الحرب واجباً وطنياً للامريكيين.
عموماً الولايات المتحدة تمر الان بأصعب الاوقات منذ الكساد الكبير في الخمسينيات ولديها مشاكل جمة من افلاس البنوك والقطاعات المصرفية والهبوط الحاد الذي يعصف بأسواق المال وتأثر الافراد والمؤسسات، تلك قضايا وغيرها يجب على الرئيس المنتخب ان يجد لها حلولاً وبسرعة وبدقة متناهية فالخطأ هنا غير وارد.
ان انتخاب باراك اوباما كأول رئيس اسود سابقة هي الاولى من نوعها بعد ان تجرع السود المهانة والظلم، فذلك يعد انتصاراً على العبودية والرق واللاإنسانية، لقد بكى السود عند فوز اوباما ليس فرحاً بانتصاره فقط بل انتصار للانسانية، ذلك هو الفوز الذي لطالما حلموا به ليشعروا بأنهم بالفعل لم يصبحوا عبيداً (للسيد الابيض) كما هو الحال في القرن الماضي.
سواء اتفقتم ام اختلفتم إزاء الولايات المتحدة حكومةً وشعباً، الانسان يظل انساناً، الفوز وطعم النجاح لا يقدره الا من تجرع المر ليصل اليه، وهذا ماصنعه الرجل الاسود الذاهب الى البيت الابيض، ولنر ماذا تكشفه لنا الايام المقبلة هل سوف ينتهج اوباما نهج من سبقوه في الادارة الامريكية ، ام يفاجئنا بما هو غير معهود كما هو الحال حينما فاز؟! لا يمكننا التكهن الآن ولكن لنر ما تخبئه لنا الأيام.
وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى
reem_spotlight@hotm
tp://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=396057&version=1&template_id=168&parent_id=167
qatar