أبو عبدالله
20-11-2008, 11:27 PM
ونحن نقــول «مصلحـــة طلابنا أولا»!
كثر السجال في الآونة الأخيرة حول التعليم خاصة في شأن المدارس المستقلة وفق مبادرة تعليم لمرحلة جديدة، والجميع يدعي حرصه على المصلحة العامة أو مصلحة طلابنا على وجه التحديد.
لكن مابال المفردات لا تتسع للجميع، ولماذا يختلق بعضنا معركة «من ليس معنا فهو ضدنا» وفي هذا المقام يتجنى على الطرف الآخر بالضدية في كل شي، ضد التحديث في التعليم وضد التطوير؟!
وعندما يدندن على ذلك من له مصلحة خاصة كالمنتسبين للمجلس الأعلى للتعليم أو مشغلي المدارس المستقلة، فإنه يمكننا تفهم الأمر، لكن عندما يأتي القول من كاتبة نقدرها بمستوى الأخت الفاضلة مريم آل سعد، فإن الأمر يستدعي التوقف و التوضيح.
في المقال الأخير للكاتبة آل سعد، وتحت عنوان «مصلحة طلابنا أولا..!» تناولت فيه موضوع التعليم، ولها كل الحق في كتابة ما تراه من وجهة نظرها، ولكن في نفس الوقت يفرض عليها عنوان مقالاتها «الرأي الآخر» قبول نقد ما تطرحه من رأي.
تقول الأخت الفاضلة: لم يقم المواطنون منذ أكثر من ربع قرن بدفع رسوم المدارس الخاصة ومنها البريطانية والأميركية ليضمنوا لأبنائهم تعليما راقيا محفزا لتكملة دراساتهم في جامعات رائدة، وعندما وفرت عليهم المدارس المستقلة هذه المصاريف، نراهم يهاجمون وجود المعلمين الأجانب فيها، ويعتبرونهم دخلاء رغم الحاجة إلى الحصول على اللغة من منابعها..؟؟
بداية إذا كان المقصود بهذا الكلام المواطنين العامة منهم، فان الواقع يؤكد أنهم لم يكن ابناؤهم في تلك المدارس قط، لأنهم ببساطة شديدة لا يملكون مصاريف المدارس الخاصة، وبالتالي فإن الحديث عن المدارس المستقلة «حكومية» كبديل لم توفر عليهم شيئاً !!
من جهة أخرى يدرك الجميع أن المدارس المستقلة لم توضع للمواطنين الذين لا يملكون دفع رسوم المدارس الخاصة البريطانية والأميركية، وإنما وضعت كبادرة من القيادة لتدارك ما يمكن إدراكه من تعليم حكومي تقليدي فشل في تحقيق مخرجات تعليمية مرضية، ولا ينكر ذلك إلا جاهل !
أما قول الكاتبة: «لم يحلم أولياء الأمور البسطاء بتلك المدارس الخاصة التي لا يملكون كلفتها المالية الباهظة، ولكنهم ينتقدون بشدة ما يسمونهم أصحاب العيون الزرق ويرفضون وجودهم بالمدارس الحكومية..؟؟»
لا ندري إن كانت الأخت مريم آل سعد تستخدم هذه العبارة «أولياء الأمور البسطاء» على سبيل المدح أو القدح، لكن يبقى السؤال هل يعني ذلك الطلب من هذه الطبقة «أولياء الأمور البسطاء» أن تحمد الله على نعمة المدارس المستقلة ولا تبدي رأيها؟!
أي منطق هذا الذي لا يسمح لأولياء الأمور البسطاء أن يعبروا عن رأيهم ؟! ثم أليس هذا الذي يقوله البسطاء تعبيراً عن الشراكة التي يدندن عليها القائمون على هذا المشروع «مبادرة لمرحلة جديدة»، هل الشراكة بالمفهوم الجديد للديمقراطية «أنت تفصل واحنا نلبس» دون حتى حق إبداء الرأي ناهيك عن الاعتراض، كيف يتوافق هذا المنطق مع كاتبة عنونت مقالاتها بـ «الرأي الآخر» !
تقول الكاتبة آل سعد: لم تقحم معركة الفروق بين رواتب المدرسين القطريين والأجانب في قضية أهمية تدريس الطلاب مادتي العلوم والرياضيات وبالطبع اللغة الانجليزية نفسها، بيد مدرسين ناطقين أصليين لهذه اللغة الأم..؟؟
لا أخفي استغرابي في هذا الفصل الذي تسعى إليه الكاتبة، وكأنه استكثار على المعلم أوالمعلمة القطرية المطالبة بمساواتهم بنظرائهم من غير القطريين، مع العلم أن القطريين في هذا المقام لا يبحثون عن التميز أو المفاضلة على غيرهم، فكل جعجعة هذه المعركة التي يخوضها المعلم القطري إنما للحصول على أدنى درجات الحقوق والعدالة الوظيفية !
ومن قرر أن أصحاب العيون الزرقاء بمخصصات خيالية وتسهيلات متعددة بجرة قلم ظلم ولم يعدل اقرانهم من المواطنين، وهي من القرارات التي لا يمكن وصفها بالبناءة، بل هي اقرب إلى التدمير لا التعمير !
ماذا يعني هذا لمعلم أو معلمة قطرية أفنت سنوات عمرها المهني في تدريس اللغة الانجليزية، لم تبخل بجهدها يوماً في سبيل تأدية واجبها على أكمل وجه، فهي التي تشتري الوسائل وهي التي تطبع التدريبات لطالباتها، وهي التي تمسح السبورة بيدها أحياناً تستنشق ذرات الطباشير، وتصحح للطالبات اخطاءهن، الصفوف مكتظة والوقت لا يتسع والمتطلبات كثيرة ، ثم يقال لها بعد كل هذه السنوات، وبشكل غير مباشر أنت لست بكفؤة وسنأتي بأصحاب العيون الزرقاء لتدريس نفس المادة، وبمخصصات مالية مضاعفة على راتبها !
المشكلة ليست في وجود معضلة ما، ولكن المشكلة تكمن في ضيق الأفق لدى البعض، لقد حصر القائمون على المدارس المستقلة المشكلة في لغة شكسبير فقط دون البحث عن أسباب أخرى للنتائج المخيبة التي خرجت بها المدارس المستقلة خاصة الأخيرة، وصدر الفرمان بإلزامية توظيف «4 معلمين» كحد أدنى في كل مدرسة على أن تكون لغتهم الأصلية الانجليزية، على أن توفر هيئة التعليم المخصصات اللازمة لذلك، براتب إجمالي «20 الف ريال قطري»، وبدأ العام الدراسي الجديد الذي نحن فيه،ولم تفلح معظم المدارس في توفير هذا العدد، لأن بورصة المعلمين ارتفعت عالمياً وأصبحت عملة نادرة خاصة الجيد منهم، وطلب الكثير منهم أن لا يقل الراتب عن «30 ألف ريال قطري» بالإضافة إلى المخصصات الأخرى !
بدأ العام الدراسي والحل الوحيد الذي تفتقت عنه أذهان القائمين على المشروع هو استقدام معلمين لغتهم الأصلية الإنجليزية ولم يتحقق هذا الحل، بل الذي تحقق هو الحنق والاحباط الذي لحق بالمعلمين من جراء هذا القرار وهذه التفرقة، دون اعتبار لهم ولما بذلوه من جهود متفانية مصيرها الجحود والنكران، المطالبة في هذا المقام بالمساواة لا أكثر !
تقول الكاتبة في فقرة أخرى: وهل معنى تدريس الرياضيات والعلوم باللغة الانجليزية على يد مدرسيها الأجانب سبب لتخلف مقومات تدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية..؟؟ أم أن هناك أسبابا أخرى لها..؟؟ ولم لا يركز عليها وتتم معالجتها، فتردي مستوى الطلبة فيهما لا علاقة البتة له بالأجانب وتدريسهم، انه يتعلق بضعف المناهج وإعداد المدرسين، وقدرتهم على التوصيل والتواصل، ومنهجية أساليب التدريس والخطط الموضوعـــــة.
لن نختلف في أن لضعف اللغة العربية أسبابه الخاصة، لكن السؤال الأهم لماذا تدريس الرياضيات والعلوم باللغة الإنجليزية، وما سمات الإبداع والذكاء التي يمكن أن تلحق بابنائنا بتحصيل علومهم في هذه المواد باللغة الإنجليزية، والأهم من ذلك أين النوابغ والعباقرة «من أبناء الطبقة المخملية» ممن تعلموا هذه المواد باللغة الانجليزية في معظم علومهم ؟
الواقع أنه لا علاقة للغة بالذكاء ولا بالتطور ولا بالتنمية، وهذا ليس برأي وإنما بواقع دول احترمت لغاتها مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها من الدول التي قفزت بعلومها إلى مصاف الدول المتقدمة، والأكيد أن الهوس بتعلم اللغة الانجليزية له علاقة بضعف اللغة العربية، خاصة عندما نعتبر أن مجرد تعلمها يشكل التطور المنشود حتى لو كان ما يتمخض عنه مجرد رطانة لا تعبر سوى عن ثقافة خاوية، بينما نعزز دون أن ندري!! الدونية للغة القرآن الكريم !
تقول الكاتبة في مقام آخر: ان وضع اليد على الجرح وتحديد الخلل وعدم الخلط بين الأمور واتهام الغير والمبالغة بالأحكام، متطلبات علينا وضعهــــــا نصب أعيننـــا، لأن مصلحة أبنائنا على المحك، آلاف من الطلبة والطالبات في ذمة الأهالي والمسؤولين والمراقبين والمخططين والمنتقدين.
جميل جداً وضع المنتقدين للعيون الزرقاء في هذا الموضع لأن هذا هو الصحيح، الانتقاد والاستماع إلى الرأي الآخر هي أول بوادر عملية الاصلاح، اما المكابرة والتجاهل فهو آفة من آفات الاستبداد التي لم تجني منها الشعوب إلا الخراب والدمار على كافة المستويات !
في مقام آخر تقول: إننا نريدهم متمكنين دينيا ولغويا، ولكننا لا نريد كذلك أن نغفل دور العلوم والرياضيات واللغة الانجليزية وبقية العلوم والمعارف الأخرى. وليس معنى التركيز على أهمية نجاحهم في الانجليزي والعلوم والرياضيات الدعوة إلى إخفاقهم باللغة العربية والعلوم الإسلامية.
يبدو أن الأمر يستدعي الصراخ بأعلى صوت ليسمع من في أذنه صمم، لا أحد ضد تعليم اللغة الإنجليزية، ولكن ما نختلف عليه هذا الاندفاع المتسارع في تعلمها وكأنما هي لب مشكلة تخلفنا العلمي والثقافي والاقتصادي والسياسي !
هناك معادلة تفرض نفسها، وهي الغلبة لمن في هذا المقام ؟!
لقد أهملنا تعليم اللغة الانجليزية واللغة العربية بالاساليب الحديثة، وهو ما انعكس سلباً على العملية التعليمية فارتكست بشكل عام، والآن نتجه لتقوية وتعزيز تعلم اللغة الانجليزية، على حساب اللغة العربية، وهذه المعادلة تجعل من تعلم معظم علومنا باللغة الانجليزية أداة طمس للغتنا العربية.
في مقام آخر تقول الكاتبة: ان رفع رواتب المدرسين القطريين، الذي يعتبر حقا من حقوقهم، وبحث معاناتهم وإشاعة الظروف التي تمكنهم من التجويد والتطوير، ليس له علاقة بإرساء تقاليد منهجية لدعم تطوير اللغة الانجليزية، والاستعانة بالخبرات الأجنبية لمصلحة طلابنا، والسعي لتوفير الأساليب اللغوية والتقنية المتوافرة في المدارس الخاصة.
اضع علامة تعجب كبيرة على هذه الفقرة، لأني لم أستوعبها !
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: ان يحظى طلابنا في المدارس الحكومية بنفس المستوى الذي توفره المدارس الخاصة اتجاه علينا تشجيعه والاستفادة منه، ومعالجة المشكلات الأخرى بدون الطعن في الانجازات التي تصب في صالح طلابنا، لنرقى بالعملية التربوية دون هدم جدار صالح لأجل ترميم حائط مهدم.
ونختم بالقول: لا أحد يفكر في ترميم الحائط المهدم «المدارس الحكومية» إلا جاهل، ونتفق معك بصلاح جدار النظام التعليمي «المدارس المستقلة» كبرنامج ونظام تعليمي، لكن يبقى التساؤل الأكبر في صلاح التنفيذ، وفي هذا المقام نقول رداً على الجزم بصلاح سير العمل بهذا المشـــــروع: «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» !
أما البرهان على الخلل في تنفيذ المبادرة «تعليم لمرحلة جديدة» فهي نتائج اختبارات التقييم التربوي الشامل السنوية، وآخرها الذي تم تطبيقه على أكثر من «000,28ألف طالب» مسجلين في المدارس المستقلة لعام 2008، خلاصة النتائج جميع المدارس المستقلة «دون المعايير» وحتى تكون البينة واضحة، هناك ثلاثة مستويات وضعها المجلس الأعلى للتعليم يفترض أن تحققها المدارس المستقلة بعد ثلاث سنوات من العمل بها، المستوى الأول «حقق المعايير» المستوى الثاني «اقترب من المعايير» والمستوى الثالث «دون المعايير» ، الآن وبعد مضي أكثر من «5 سنوات» من عمر هذا المشروع، تخرج النتائج مخيبة للآمال، وعلى استحياء يدندن البعض على نتائج بعض الطلاب وليس مجملهم، والمثير للأسى والحزن أن يكون مستوى أبنائنا بعد كل هذه السنوات من سير العمل بهذه المبادرة في الرياضيات والعلوم «صفر %»، هل نعي أن الرقم «صفر» يعني لا شي !
هل هذا يفرح أي مواطن مخلص ؟، أي حائط هذا الذي يمكن الاستناد عليه ؟، نحن نتحدث عن ارقام ونتائج محصلة سنوات وجيل كامل في مختبر مسؤولين لم يخجل أي منهم من هذه النتيجة بل ويكابر في التبرير، نحن لا نطلب منهم تقديم استقالاتهم لعدم قدرتهم على تحقيق نتائج مرضية، ما نطلبه حقاً هو التوقف عن السير بالعملية التعليمية بتفرد في اتخاذ القرارات، وترجمة الشراكة التي نطلبها من المجتمع!
خلاصــــة الكلام المشكلــــــة في آلية وتنفيذ المشروع، وليس في ماهيته التي نتفق عليها، ويتفق عليها كل مخلص لهذا الوطن حريص على مصلحة أبنائـــــــه، ولنكف عن وصف المنتقدين بالهدامين !
فيصل المرزوقي
http://www.al-watan.com/data/20081120/innercontent.asp?val=local6_1
كثر السجال في الآونة الأخيرة حول التعليم خاصة في شأن المدارس المستقلة وفق مبادرة تعليم لمرحلة جديدة، والجميع يدعي حرصه على المصلحة العامة أو مصلحة طلابنا على وجه التحديد.
لكن مابال المفردات لا تتسع للجميع، ولماذا يختلق بعضنا معركة «من ليس معنا فهو ضدنا» وفي هذا المقام يتجنى على الطرف الآخر بالضدية في كل شي، ضد التحديث في التعليم وضد التطوير؟!
وعندما يدندن على ذلك من له مصلحة خاصة كالمنتسبين للمجلس الأعلى للتعليم أو مشغلي المدارس المستقلة، فإنه يمكننا تفهم الأمر، لكن عندما يأتي القول من كاتبة نقدرها بمستوى الأخت الفاضلة مريم آل سعد، فإن الأمر يستدعي التوقف و التوضيح.
في المقال الأخير للكاتبة آل سعد، وتحت عنوان «مصلحة طلابنا أولا..!» تناولت فيه موضوع التعليم، ولها كل الحق في كتابة ما تراه من وجهة نظرها، ولكن في نفس الوقت يفرض عليها عنوان مقالاتها «الرأي الآخر» قبول نقد ما تطرحه من رأي.
تقول الأخت الفاضلة: لم يقم المواطنون منذ أكثر من ربع قرن بدفع رسوم المدارس الخاصة ومنها البريطانية والأميركية ليضمنوا لأبنائهم تعليما راقيا محفزا لتكملة دراساتهم في جامعات رائدة، وعندما وفرت عليهم المدارس المستقلة هذه المصاريف، نراهم يهاجمون وجود المعلمين الأجانب فيها، ويعتبرونهم دخلاء رغم الحاجة إلى الحصول على اللغة من منابعها..؟؟
بداية إذا كان المقصود بهذا الكلام المواطنين العامة منهم، فان الواقع يؤكد أنهم لم يكن ابناؤهم في تلك المدارس قط، لأنهم ببساطة شديدة لا يملكون مصاريف المدارس الخاصة، وبالتالي فإن الحديث عن المدارس المستقلة «حكومية» كبديل لم توفر عليهم شيئاً !!
من جهة أخرى يدرك الجميع أن المدارس المستقلة لم توضع للمواطنين الذين لا يملكون دفع رسوم المدارس الخاصة البريطانية والأميركية، وإنما وضعت كبادرة من القيادة لتدارك ما يمكن إدراكه من تعليم حكومي تقليدي فشل في تحقيق مخرجات تعليمية مرضية، ولا ينكر ذلك إلا جاهل !
أما قول الكاتبة: «لم يحلم أولياء الأمور البسطاء بتلك المدارس الخاصة التي لا يملكون كلفتها المالية الباهظة، ولكنهم ينتقدون بشدة ما يسمونهم أصحاب العيون الزرق ويرفضون وجودهم بالمدارس الحكومية..؟؟»
لا ندري إن كانت الأخت مريم آل سعد تستخدم هذه العبارة «أولياء الأمور البسطاء» على سبيل المدح أو القدح، لكن يبقى السؤال هل يعني ذلك الطلب من هذه الطبقة «أولياء الأمور البسطاء» أن تحمد الله على نعمة المدارس المستقلة ولا تبدي رأيها؟!
أي منطق هذا الذي لا يسمح لأولياء الأمور البسطاء أن يعبروا عن رأيهم ؟! ثم أليس هذا الذي يقوله البسطاء تعبيراً عن الشراكة التي يدندن عليها القائمون على هذا المشروع «مبادرة لمرحلة جديدة»، هل الشراكة بالمفهوم الجديد للديمقراطية «أنت تفصل واحنا نلبس» دون حتى حق إبداء الرأي ناهيك عن الاعتراض، كيف يتوافق هذا المنطق مع كاتبة عنونت مقالاتها بـ «الرأي الآخر» !
تقول الكاتبة آل سعد: لم تقحم معركة الفروق بين رواتب المدرسين القطريين والأجانب في قضية أهمية تدريس الطلاب مادتي العلوم والرياضيات وبالطبع اللغة الانجليزية نفسها، بيد مدرسين ناطقين أصليين لهذه اللغة الأم..؟؟
لا أخفي استغرابي في هذا الفصل الذي تسعى إليه الكاتبة، وكأنه استكثار على المعلم أوالمعلمة القطرية المطالبة بمساواتهم بنظرائهم من غير القطريين، مع العلم أن القطريين في هذا المقام لا يبحثون عن التميز أو المفاضلة على غيرهم، فكل جعجعة هذه المعركة التي يخوضها المعلم القطري إنما للحصول على أدنى درجات الحقوق والعدالة الوظيفية !
ومن قرر أن أصحاب العيون الزرقاء بمخصصات خيالية وتسهيلات متعددة بجرة قلم ظلم ولم يعدل اقرانهم من المواطنين، وهي من القرارات التي لا يمكن وصفها بالبناءة، بل هي اقرب إلى التدمير لا التعمير !
ماذا يعني هذا لمعلم أو معلمة قطرية أفنت سنوات عمرها المهني في تدريس اللغة الانجليزية، لم تبخل بجهدها يوماً في سبيل تأدية واجبها على أكمل وجه، فهي التي تشتري الوسائل وهي التي تطبع التدريبات لطالباتها، وهي التي تمسح السبورة بيدها أحياناً تستنشق ذرات الطباشير، وتصحح للطالبات اخطاءهن، الصفوف مكتظة والوقت لا يتسع والمتطلبات كثيرة ، ثم يقال لها بعد كل هذه السنوات، وبشكل غير مباشر أنت لست بكفؤة وسنأتي بأصحاب العيون الزرقاء لتدريس نفس المادة، وبمخصصات مالية مضاعفة على راتبها !
المشكلة ليست في وجود معضلة ما، ولكن المشكلة تكمن في ضيق الأفق لدى البعض، لقد حصر القائمون على المدارس المستقلة المشكلة في لغة شكسبير فقط دون البحث عن أسباب أخرى للنتائج المخيبة التي خرجت بها المدارس المستقلة خاصة الأخيرة، وصدر الفرمان بإلزامية توظيف «4 معلمين» كحد أدنى في كل مدرسة على أن تكون لغتهم الأصلية الانجليزية، على أن توفر هيئة التعليم المخصصات اللازمة لذلك، براتب إجمالي «20 الف ريال قطري»، وبدأ العام الدراسي الجديد الذي نحن فيه،ولم تفلح معظم المدارس في توفير هذا العدد، لأن بورصة المعلمين ارتفعت عالمياً وأصبحت عملة نادرة خاصة الجيد منهم، وطلب الكثير منهم أن لا يقل الراتب عن «30 ألف ريال قطري» بالإضافة إلى المخصصات الأخرى !
بدأ العام الدراسي والحل الوحيد الذي تفتقت عنه أذهان القائمين على المشروع هو استقدام معلمين لغتهم الأصلية الإنجليزية ولم يتحقق هذا الحل، بل الذي تحقق هو الحنق والاحباط الذي لحق بالمعلمين من جراء هذا القرار وهذه التفرقة، دون اعتبار لهم ولما بذلوه من جهود متفانية مصيرها الجحود والنكران، المطالبة في هذا المقام بالمساواة لا أكثر !
تقول الكاتبة في فقرة أخرى: وهل معنى تدريس الرياضيات والعلوم باللغة الانجليزية على يد مدرسيها الأجانب سبب لتخلف مقومات تدريس اللغة العربية والعلوم الشرعية..؟؟ أم أن هناك أسبابا أخرى لها..؟؟ ولم لا يركز عليها وتتم معالجتها، فتردي مستوى الطلبة فيهما لا علاقة البتة له بالأجانب وتدريسهم، انه يتعلق بضعف المناهج وإعداد المدرسين، وقدرتهم على التوصيل والتواصل، ومنهجية أساليب التدريس والخطط الموضوعـــــة.
لن نختلف في أن لضعف اللغة العربية أسبابه الخاصة، لكن السؤال الأهم لماذا تدريس الرياضيات والعلوم باللغة الإنجليزية، وما سمات الإبداع والذكاء التي يمكن أن تلحق بابنائنا بتحصيل علومهم في هذه المواد باللغة الإنجليزية، والأهم من ذلك أين النوابغ والعباقرة «من أبناء الطبقة المخملية» ممن تعلموا هذه المواد باللغة الانجليزية في معظم علومهم ؟
الواقع أنه لا علاقة للغة بالذكاء ولا بالتطور ولا بالتنمية، وهذا ليس برأي وإنما بواقع دول احترمت لغاتها مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها من الدول التي قفزت بعلومها إلى مصاف الدول المتقدمة، والأكيد أن الهوس بتعلم اللغة الانجليزية له علاقة بضعف اللغة العربية، خاصة عندما نعتبر أن مجرد تعلمها يشكل التطور المنشود حتى لو كان ما يتمخض عنه مجرد رطانة لا تعبر سوى عن ثقافة خاوية، بينما نعزز دون أن ندري!! الدونية للغة القرآن الكريم !
تقول الكاتبة في مقام آخر: ان وضع اليد على الجرح وتحديد الخلل وعدم الخلط بين الأمور واتهام الغير والمبالغة بالأحكام، متطلبات علينا وضعهــــــا نصب أعيننـــا، لأن مصلحة أبنائنا على المحك، آلاف من الطلبة والطالبات في ذمة الأهالي والمسؤولين والمراقبين والمخططين والمنتقدين.
جميل جداً وضع المنتقدين للعيون الزرقاء في هذا الموضع لأن هذا هو الصحيح، الانتقاد والاستماع إلى الرأي الآخر هي أول بوادر عملية الاصلاح، اما المكابرة والتجاهل فهو آفة من آفات الاستبداد التي لم تجني منها الشعوب إلا الخراب والدمار على كافة المستويات !
في مقام آخر تقول: إننا نريدهم متمكنين دينيا ولغويا، ولكننا لا نريد كذلك أن نغفل دور العلوم والرياضيات واللغة الانجليزية وبقية العلوم والمعارف الأخرى. وليس معنى التركيز على أهمية نجاحهم في الانجليزي والعلوم والرياضيات الدعوة إلى إخفاقهم باللغة العربية والعلوم الإسلامية.
يبدو أن الأمر يستدعي الصراخ بأعلى صوت ليسمع من في أذنه صمم، لا أحد ضد تعليم اللغة الإنجليزية، ولكن ما نختلف عليه هذا الاندفاع المتسارع في تعلمها وكأنما هي لب مشكلة تخلفنا العلمي والثقافي والاقتصادي والسياسي !
هناك معادلة تفرض نفسها، وهي الغلبة لمن في هذا المقام ؟!
لقد أهملنا تعليم اللغة الانجليزية واللغة العربية بالاساليب الحديثة، وهو ما انعكس سلباً على العملية التعليمية فارتكست بشكل عام، والآن نتجه لتقوية وتعزيز تعلم اللغة الانجليزية، على حساب اللغة العربية، وهذه المعادلة تجعل من تعلم معظم علومنا باللغة الانجليزية أداة طمس للغتنا العربية.
في مقام آخر تقول الكاتبة: ان رفع رواتب المدرسين القطريين، الذي يعتبر حقا من حقوقهم، وبحث معاناتهم وإشاعة الظروف التي تمكنهم من التجويد والتطوير، ليس له علاقة بإرساء تقاليد منهجية لدعم تطوير اللغة الانجليزية، والاستعانة بالخبرات الأجنبية لمصلحة طلابنا، والسعي لتوفير الأساليب اللغوية والتقنية المتوافرة في المدارس الخاصة.
اضع علامة تعجب كبيرة على هذه الفقرة، لأني لم أستوعبها !
وتختم الكاتبة مقالها بالقول: ان يحظى طلابنا في المدارس الحكومية بنفس المستوى الذي توفره المدارس الخاصة اتجاه علينا تشجيعه والاستفادة منه، ومعالجة المشكلات الأخرى بدون الطعن في الانجازات التي تصب في صالح طلابنا، لنرقى بالعملية التربوية دون هدم جدار صالح لأجل ترميم حائط مهدم.
ونختم بالقول: لا أحد يفكر في ترميم الحائط المهدم «المدارس الحكومية» إلا جاهل، ونتفق معك بصلاح جدار النظام التعليمي «المدارس المستقلة» كبرنامج ونظام تعليمي، لكن يبقى التساؤل الأكبر في صلاح التنفيذ، وفي هذا المقام نقول رداً على الجزم بصلاح سير العمل بهذا المشـــــروع: «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» !
أما البرهان على الخلل في تنفيذ المبادرة «تعليم لمرحلة جديدة» فهي نتائج اختبارات التقييم التربوي الشامل السنوية، وآخرها الذي تم تطبيقه على أكثر من «000,28ألف طالب» مسجلين في المدارس المستقلة لعام 2008، خلاصة النتائج جميع المدارس المستقلة «دون المعايير» وحتى تكون البينة واضحة، هناك ثلاثة مستويات وضعها المجلس الأعلى للتعليم يفترض أن تحققها المدارس المستقلة بعد ثلاث سنوات من العمل بها، المستوى الأول «حقق المعايير» المستوى الثاني «اقترب من المعايير» والمستوى الثالث «دون المعايير» ، الآن وبعد مضي أكثر من «5 سنوات» من عمر هذا المشروع، تخرج النتائج مخيبة للآمال، وعلى استحياء يدندن البعض على نتائج بعض الطلاب وليس مجملهم، والمثير للأسى والحزن أن يكون مستوى أبنائنا بعد كل هذه السنوات من سير العمل بهذه المبادرة في الرياضيات والعلوم «صفر %»، هل نعي أن الرقم «صفر» يعني لا شي !
هل هذا يفرح أي مواطن مخلص ؟، أي حائط هذا الذي يمكن الاستناد عليه ؟، نحن نتحدث عن ارقام ونتائج محصلة سنوات وجيل كامل في مختبر مسؤولين لم يخجل أي منهم من هذه النتيجة بل ويكابر في التبرير، نحن لا نطلب منهم تقديم استقالاتهم لعدم قدرتهم على تحقيق نتائج مرضية، ما نطلبه حقاً هو التوقف عن السير بالعملية التعليمية بتفرد في اتخاذ القرارات، وترجمة الشراكة التي نطلبها من المجتمع!
خلاصــــة الكلام المشكلــــــة في آلية وتنفيذ المشروع، وليس في ماهيته التي نتفق عليها، ويتفق عليها كل مخلص لهذا الوطن حريص على مصلحة أبنائـــــــه، ولنكف عن وصف المنتقدين بالهدامين !
فيصل المرزوقي
http://www.al-watan.com/data/20081120/innercontent.asp?val=local6_1