المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : غلوبل: الانكماش العالمي يخفض التضخم في الخليج



GaaaZ
27-11-2008, 02:25 AM
أكدت شركة بيت الاستثمار العالمي (غلوبل) تقريرا عن التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي، وقالت ان معدل التضخم هو معدل ارتفاع الأسعار عموما، وكلما ارتفعت الأسعار انخفضت بالمقابل القوة الشرائية للمستهلك. ويمكن للتضخم أن يثني المستثمرين عن الاستثمار، كما يمكن ألا يشجع على التوفير لأن المرء يخشى أن يحصل على عوائد أدنى في المستقبل. وتقول النظرية النقدية، إن التوسع المفرط في العرض النقدي يؤدي إلى التضخم، فعندما يكون الاقتصاد في مرحلة نمو ضمن دورة الأعمال، لا بد للأسعار من الارتفاع نتيجة لارتفاع الطلب المحلي. ولكن، بما أن «الاقتصاد» واسع ويحتوي على عناصر أخرى كثيرة، فإن ثمة عوامل أخرى يمكنها أن تؤثر في التضخم، ومن قوة العملة بالنسبة للعملات الأخرى وحجم الواردات وأسعار المواد الغذائية والسلع.
في دول مجلس التعاون الخليجي، لم يكن التضخم يشكل مشكلة كبيرة في أي وقت، ولكن الصورة بدأت تتغير مع مطلع الألفية الثالثة، عندما بدأت أسعار النفط تتأهب للارتفاع، وبلغت أسعار هذه السلعة الأساسية 31.21 دولاراً أميركياً في نهاية عام 2002، واعتبر هذا السعر عاليا في ذلك الوقت. وواصلت أسعار النفط الارتفاع في عام 2003 وبلغت بالمتوسط 32.50 دولارا للبرميل. وفي ذلك العام بلغ معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي 0.6 في المائة، ما لبث أن ارتفع إلى 1.7 في المائة في عام 2004.

معدلات تضخم ترتفع

وخلال الفترة ما بين عام 2004-2007، شهد اقتصاد كل من قطر والإمارات العربية المتحدة معدلات تضخم مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى الأعضاء في المنظومة الخليجية. وكان من العوامل التي ساهمت في ارتفاع معدلات التضخم ارتفاع الطلب على العمالة وما رافقه من ارتفاع الإيجارات ومواد البناء. وشهدت الدولتان نموا هائلا في قطاع البناء وارتفاعا كبيرا في العرض النقدي، ففي عام 2006 ارتفع العرض النقدي M1 في قطر بنسبة 53.2 في المائة كما سجل العرض النقدي بمفهومه الأوسع M2 بنسبة 43.3 في المائة. أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد ارتفع العرض النقدي 1 بنسبة 29.2 في المائة عام 2006 كما ارتفع العرض النقدي بمفهومه الأوسع بنسبة 33.8 في المائة، علما بأن زيادة العرض النقدي توفر كمية أكبر من السيولة تؤدي بدورها إلى تعجيل سرعة حركة النقد ومن ثم إلى ارتفاع التضخم.
هذا وتمتعت الدول الأخرى الأعضاء في دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها الكويت والسعودية وعمان والبحرين، بمعدلات تضخم منخفضة. وفي حين بلغ متوسط معدل التضخم 2.6 في المائة في عام 2005، راوحت أسعار النفط مستوى 61.06 دولاراً خلال العام. وفي عام 2006، بلغ معدل التضخم في البحرين 2.2 في المائة وفي الكويت 3.1 في المائة وعمان 3.4 في المائة والسعودية 2.3 في المائة. أما في عام 2007، فقد بدأ التضخم يقفز بخطوات ملحوظة ليصل إلى مستويات جديدة. وفي بداية عام 2007، كان سعر النفط حوالي 60.77 دولار، بارتفاع بلغ 94.7 في المائة عن مستواه في عام 2002، وهذا يعني أن دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط توافرت لديها عوائد أكبر، مما أدى إلى زيادة السيولة وتنامي الضغوط التضخمية.
لعب ارتفاع أسعار النفط دورا كبيرا في ارتفاع أسعار البضائع والسلع الأخرى. حيث بدأت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي تحقق فوائد ضخمة في حساباتها الجارية بسبب ارتفاع أسعار النفط التي وصلت إلى مستويات قياسية خلال عامي 2007 و 2008. وعلى هذه الخلفية من وفرة السيولة، تم الكشف عن مشاريع جديدة وأعلن عن خطط طموحة للبنية التحتية، ودار العمل على زيادة طاقة مصافي النفط. وهكذا أدى ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة السيولة ضمن الاقتصاد عبر قناة الإنفاق الحكومي الذي خلق كمية كبيرة من السيولة المتاحة للتوظيف والاستخدام ضمن الاقتصاد. وقد أدت هذه الزيادة في السيولة إلى انتعاش الطلب المحلي وزيادة العرض النقدي وارتفاع أسعار السلع وارتفاع إيجارات السكن.
يؤدي ارتفاع سعر الدولار إلى تخفيض قيمة الواردات لأن القوة الشرائية لعملات دول مجلس التعاون الخليجي مرتبطة بالدولار وبالتالي فإن قيمتها ترتفع مقابل العملات الأخرى. ليكون بإمكان الدول الخليجية استيراد بضائع أكثر وبأسعار أقل. أما إذا انخفض سعر الدولار، فإن الواردات تصبح أكثر تكلفة لأن معظم واردات دول مجلس التعاون الخليجي ليست من الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يعني أن القيمة الشرائية للعملات الخليجية غير المرتبطة بالدولار تصبح أقل نتيجة لتراجع الدولار.
منذ عام 2001، بدأ الدولار الأميركي يفقد قيمته تدريجيا مقابل العملات الرئيسية الأخرى،. فقد تراجعت العملة الأميركية بنسبة 40 في المائة خلال الفترة من عام 2001 إلى 2008 مقابل سلة عملات، وكان هذا أحد الأسباب وراء قيام الكويت بفك ارتباط عملتها بالدولار وتبنّيها لسلة عملات في عام 2007.

زيادة الرواتب

بالإضافة إلى تراجع قيمة العملة، قامت دول مجلس التعاون الخليجي برفع رواتب مواطنيها. علما بأن زيادة الرواتب تذكي نيران التضخم، وإن كان هدف تلك الحكومات هو تخفيف عبء ارتفاع الأسعار عن كاهل مواطنيها. ومن هذا المنطلق، رفعت الكويت رواتب الكويتيين بقيمة 150 دك ورفعت قطر رواتب موظفي القطاع العام بنسبة 30 في المائة والسعودية بنسبة 15 في المائة خلال السنوات الثلاث الماضية، كما تراوحت نسبة زيادة الرواتب في الإمارات العربية المتحدة ما بين 20 و 70 في المائة. أدى هذا الارتفاع في الدخل القابل للإنفاق إلى زيادة الضغوط التضخمية نتيجة لزيادة السيولة لدى المستهلكين. والجدير بالذكر، أن أفضل استراتيجية لزيادة الأجور هي تلك التي تنتهجها المملكة العربية السعودية عبر مطابقة نسبة الزيادة مع معدل التضخم، لأن هذا الأسلوب لا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، لأن الموظفين يحصلون على زيادات الأجور بواسطة زيادات سنوية، علما بأن المستهلك السعودي سوف يملك قدرة شرائية أكبر خلال الأعوام الثلاثة المقبلة مع تراجع الضغوط التضخمية في المملكة.
أدّت بيئة النمو إلى ضغوط تضخمية ارتفع معها معدل التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي إلى 11.5 في المائة بالمتوسط لعام 2008، ومن المتوقع أن تصل معدلات التضخم هذا العام إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق: على سبيل المثال، من المتوقع أن يبلغ معدل التضخم في الكويت 11.3 في المائة وفي عمان 11.2 في المائة وقطر 15 في المائة والسعودية 11.5 في المائة والإمارات 12.9 في المائة البحرين 4.5 في المائة. فان جميع الدول المصدرة للنفط قد تضررت كثيرا بفعل التضخم.

إلى الانكماش

خلال الأسابيع القليلة الماضية، بدأت أسعار السلع في الانخفاض متأثرة بتراجع الطلب نظرا لكون معظم اقتصاديات العالم تتوقع حدوث ركود اقتصادي سيكون الأسوأ منذ عدة عقود من الزمن، وقد يؤدي تراجع الأسعار في دول عديدة إلى حدوث انكماش اقتصادي كبير من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية الحالية.
لم تشهد أي من الدول النامية انكماشا اقتصاديا منذ سنوات، باستثناء انخفاض مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية في اليابان بنسبة 1.6 في المائة في عام 2002، وكانت المرة الأخيرة التي شهدت فيها الولايات المتحدة انكماشا اقتصاديا في عام 1954. لكن الولايات المتحدة سبق لها أن شهدت انكماشا اقتصاديا كبيرا أثناء سنوات «الركود الكبير» الذي هبطت خلاله أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 26 في المائة في الفترة من عام 1929 إلى عام 1933. وكان تراجع الأسعار عنصرا رئيسيا في تعميق أثر الركود.
يمكن أن ينشأ الانكماش عن هبوط مفاجئ في الطلب، وهو ما يحدث في الوقت الحاضر. على سبيل المثال، سجلت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة مؤخرا تراجعا بلغ 2.8 في المائة، وهو الأكبر في تاريخها. وهناك سبب رئيسي آخر للانكماش، وهو وقف أو تراجع الاستثمار أو الإنفاق المدعوم بالاقتراض من قبل القطاعين العام والخاص، وهو ما يحدث حاليا، علما بأن هذا التراجع يقلل حركة تدوير النقد ضمن الاقتصاد.
يؤدي الانكماش الشديد إلى نتيجتين رئيسيتين، وهما: انكماش الديون وارتفاع شديد في التكلفة الحقيقية للاقتراض. في الحالة الأولى، يمثل الانكماش الشديد للديون وضعا يتراجع فيه حجم الموجودات التي يجري تمويلها عن طريق الاقتراض، وهو ما نراه حاليا في سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة. أما بالنسبة للحالة الثانية، فإن الانكماش يرفع تكلفة الاقتراض بشكل حاد لأن الطرف الذي يحتاج للاقتراض يكون مستعدا لدفع أسعار فائدة مرتفعة جدا للمستثمرين لكي يقرضوه المال الذي يحقق من خلاله زيادة في القيمة من دون تحمل مخاطر ائتمانية من أي نوع. على سبيل المثال، ارتفع سعر الفائدة القصيرة الأجل إلى 13 في المائة في عام 1931.

هبوط أسعار السلع

لقد بدأت الدلائل على وجود الانكماش في الظهور، مع تباطؤ معدلات التضخم وهبوط حاد لأسعار السلع من طاقة وزراعة ومواش ومعادن، وحتى الذهب. على سبيل المثال، وصل مؤشر «سي آر بي رويترز» الذي يشمل أسعار عدد كبير من السلع إلى 481 نقطة وهو أعلى مستوياته القياسية في شهر يوليو. بعد ذلك، شهد المؤشر تراجعا بأكثر من 30 في المائة حتى منتصف شهر نوفمبر، ليصل إلى 335.6 نقطة. وكذلك انخفضت أسعار النفط بأكثر من 50 في المائة بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخها في شهر يوليو. وهناك دليل آخر على حدوث الانكماش، وهو أن معدلات التضخم في جميع دول العالم قد بدأت في التراجع. فعلى سبيل المثال، تراجع معدل التضخم في المملكة المتحدة لشهر أكتوبر إلى 4.5 في المائة مقارنة مع 5.2 في المائة في الشهر السابق. وهذا التراجع البالغ 0.7 في المائة هو الأكبر خلال ما لا يقل عن 11عاما. إلى جانب ذلك، تراجع معدل التضخم في الولايات المتحدة في شهر أكتوبر حيث انخفض هذا المعدل بـنسبة 1 في المائة وهو أكبر تراجع منذ 61 عاما، ليصل إلى 3.7 في المائة. كما تراجع معدل التضخم الأساسي (الذي لا يشمل بنود المواد الغذائية والوقود) بـنسبة 0.1 في المائة، وهو أكبر تراجع منذ 20 عاما.
ومع أن السياسات المالية والنقدية التي تبنتها الحكومات في معظم دول العالم توفر المزيد من السيولة لتسهيل سوق الائتمان، إلا أن تراجع أسعار السلع وتقلص عمليات الإنفاق المدعوم بالاقتراض، والذي تشهده الأسواق حاليا، يفوق الآثار الإيجابية للسياسات النقدية والمالية. وبالتالي، فإن الانكماش سوف يظل يصبغ الاقتصاديات الكلية لمعظم دول العالم بلونه الكئيب على مدى عام 2009، وذلك بالإضافة إلى الركود العالمي الذي بدأ مؤخرا.
العوامل التي كانت تزيد نيران التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي بدأت في التراجع، وفي طليعتها "التضخم المستورد" وهو المتمثل بارتفاع مستويات الأسعار نتيجة لاستيراد منتجات أساسية من اقتصاديات تشهد معدلات تضخم مرتفعة. من المتوقع أن يستقر وضع التضخم المستورد، إن لم يتراجع، وذلك لسببين، وهما: أولا، أن الدولار الأميركي عائد وبقوة وقد بدأ يستعيد مكانته مقابل جميع العملات الرئيسية، فقد ارتفع «مؤشر الدولار» الذي يتتبع مسار قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى بمقدار 87.33 نقطة بحلول منتصف شهر نوفمبر، أي بنسبة 11.7 في المائة منذ بداية شهر سبتمبر من العام الحالي. وهذا يعني أن معظم الدول الخليجية التي ترتبط عملاتها بالدولار سوف تنخفض أسعار وارداتها من غير الولايات المتحدة. وثانيا، سوف ينعكس تراجع أسعار السلع على أسعار المنتجات المنتهية الصنع. واعتمادا على درجة الانكماش الذي يحدث في الدول المصدرة، سوف تنخفض أسعار بضائع مختلفة كالآلات والمعدات والأقمشة وغيرها.