um abdulla
02-12-2008, 10:20 AM
منقووووووول
الرأي الآخر ..
هل تعيد التحولات الدولية المعتقل المري لدياره..؟!
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد ..
سبع سنوات قضاها المعتقل القطري علي المري بسجنه في الولايات المتحدة يحفه الصمت الرسمي و الشعبي، في حين لم تقصر قناة الجزيرة بالتضامن مع مراسلها سامي الحاج المعتقل في غوانتانامو، وناضلت بنشاط وحماس ملحوظين، وفي النهاية كان لصبرها نتيجة جميلة وان جاهد الحاج وتعرض لظروف صحية ونفسية بائسة قبل الإفراج عنه أخيرا.
هل قصرت الدولة مع سجينها المري ولم تقف معه..؟؟ و هل ابتعد الناس عن قضيته واعتبروها طلقة طائشة لا جدوى منها..؟؟ أم أن ظروف اعتقاله ليست هينة أبدا، وقد تمت مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة التي مزقت الشعب الأمريكي نفسه.
فقد نظرت الزوجة الأمريكية بشك لزوجها العربي المسلم وخشيت على قومها منه، بينما نبذ الجيران معارفهم، وأنقلق الناس على أنفسهم وفترت الصداقات، وداهم العلاقات البرود والخوف والتشكيك في النوايا التي يحملها المسلمون، وتعاليم دينهم التي تبيح حرق وقتل ونسف النصارى في عقر دارهم.
ما حدث لم يكن هينا على الشعب الأمريكي الذي فقد صوابه وسرت فيه حمى الخوف والشك وعدم الأمان.
وكيف إذا ترافق ذلك مع العنصرية والعنجهية الأمريكية التي تبناها بوش بوحشية واستغلها أسوأ استغلال، بحيث زرع الفتنة في قلوب مواطنيه وأوهمهم بالخوف وعدم الأمان وأدخلهم في حروب رهيبة جرارة استنزفتهم ماديا و بشريا باسم حمايتهم من الإرهاب.
لقد اعترى الأمريكيين خوف كبير من حدوث هجوم يستتبع الحادي عشر من سبتمبر مما استدعى الكونغرس تخويل الرئيس سلطة استخدام القوة العسكرية ضد أية حكومة أو هيئة قدمت أو تقدم الدعم لتنظيم القاعدة.
في ظل هذا الرعب والبلبلة والانقسام وطرد آلاف المقيمين في أمريكا، وتفتيش بيوتهم والتنصت على مكالماتهم ومراقبة تحركاتهم، واحتجازهم واستجوابهم وحبسهم لفترات ومعاملتهم بجلافة واحتقار وقسوة، بالتشديد على الاقامات ورفض منح الفيز لدخول أمريكا والتمادي بتفتيش المسافرين وإنزالهم من الطائرات وحرمانهم من أدويتهم وجلبهم المطارات قبل السفر بالساعات، في هذه الظروف التي إن دافع فيها أحد أو حتى تعاطف مع أحد سمي خائنا وإرهابيا وحق عليه تطبيق القانون الذي أقره الكونغرس، الذي بالموافقة عليه تنازل الأمريكيون عن كثير من الضمانات الدستورية، واستخدمت الحكومة بناء عليه وسائل محظورة في الدستور الأمريكي تتيح اعتقال الناس حتى ولو كانوا مواطنين أمريكيين، بتهمة التعاطف مع الإرهابيين وتفهم دوافعهم والدفاع عنهم.
لقد تغير العالم بعد الحادي عشر من سبتمبر، لا ننكر بأننا فرحنا عندما شاهدنا العمليات الاستشهادية في التلفزيون، بينما في مناطق مختلفة من الوطن العربي زغردت النساء ورقص الرجال ووزعوا الحلوى بابتهاج، كنا نعتقد بأننا أوصلنا رسالة إلى أمريكا التي تدعم إسرائيل بأن طعم الخوف والدم والقتل والتفجير مر وقاس ومفجع.
كنا نعتقد بأنهم سيفهمون روعنا وبؤسنا عندما سمحت إسرائيل بمجازر صبرا وشاتيلا حيث قطع وعذب وسحل وبتر وشوه عملاؤها ملايين العزل والضعفاء والنساء وهدموا بيوتهم عليهم، ورموا جثثهم بعد ان مثلوا بها وفككوا أجزاءها في حفر عميقة تتقافز منها الأجزاء البشرية والحشرات والذباب، وهي تدرك بأن لا مقاتل بينهم بعد إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان.
كنا نطلق آهة تجمعت من مرارة ستين سنة من العدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين وانتهاكاته و وحشيته ومجازره وغروره وتجبره، كنا وكنا.. ولم نعلم بأن ما حدث كان رسالة عادت علينا بالكراهية والعنف والغضب الانتقامي الجرار الذي أماد الأرض بأفغانستان والعراق وزلزلها حتى في أمريكا.
حيث ما عاد الناس يملكون الثقة والطيبة والأمان، لقد تغيرت النفوس حتى على المستوى الإنساني، وعانى المسلمون هناك الأذى أكثر مما يحتملون، وتصاعدت العنصرية والتفرقة الدينية والتمعت عيون البغض والازدراء.
كنا مفتونين بأسلوب التفجيرات المبهر، الذي شغل العالم كله ونافس أعتى الخدع السينمائية الهوليودية، وكنا فخورين لتفوقنا كعرب تكنولوجيا وعصريا لأول مرة على الغرب ودحرهم و التعالي عليهم، ولكن للأسف نبوغنا كان في الإرهاب و الجريمة الدولية المنظمة..!!
ان تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر لم تكن حلا و لا حتى جزءا من الحل، بل كانت مصيبة حمل وزرها الملايين، وعلي المري يعتبر كحالة واحدة منها تحمل تداعيات هذه الفاجعة. ان يكن بريئا أو لا يكن، فقد وضعته الظروف في دائرة النيران، فمن يخرجه منها..؟؟
هذا التعذيب في سجون غوانتانامو وأبو غريب وآلاف السجون المعروفة والسرية المدفونة في أجزاء مجهولة في العالم تشي بشيء واحد، أن ما حدث مؤامرة لم تخدم الإسلام أو المسلمين أو القضية العربية.
صحيح أن ما يحدث لنا من اعتداء صهيوني بربري سادي هو ظلم وانتهاك لكل القيم والحقوق و الكرامة الإنسانية، ولكننا علمنا بعد أن ظهرت تراكمات وآثار الحادي عشر من سبتمبر بأن معالجته لا تكون أبدا بان نقوم بالمثل على شعب آمن وترويعه، وبينهم نعيش ونتنفس والدليل أبناؤنا المري وغيره الموجودون عندهم للدراسة والعلاج والعمل، وأشقاؤنا المسلمون من شتى أصقاع الأرض واخوتنا بالإنسانية من الأمريكيين المسالمين وغيرهم.
ومتى اهتمت القاعدة بفلسطين، ولم لم تتوجه إلى تل أبيب، وهل هو استعراض القوة أو مشاكسة أمريكا كأمريكا وليس لمساعدة العرب بقضيتهم في الأراضي المحتلة..؟؟
لا ندري هل من حسن حظ المعتقل القطري علي المري أن يكون معتقلا في الولايات المتحدة و ليس في سجن غوانتانامو أو أن ذلك من سوء حظه، يقول محاميه الأمريكي الإنسان الذي تطوع مجانا للدفاع عنه، وحمل إليه الكتب واللحم الحلال الذي طبخته زوجته وزوده بسجادة للصلاة عندما استطاع، والذي جاء الدوحة ليعرض قضيته ويطمئن أسرته عليه، وقد فشل في إقناع سجانيه بإحضار صورته ليريها لأهله بعد فراق سبع سنوات، رغم تعهداته بأنها ستكون بحوزته ولن تستخدم بأي أسلوب دعائي مغاير، يقول المحامي اندرو جيه سافاج في لقائه مع رئيس تحرير جريدة العرب القطرية: ان وضع معتقلي غوانتانامو أفضل من وضع علي المري بكثير، فالناس يتحدثون عن المعتقلين الذين قتلوا في غوانتانامو بينما لا أحد يتحدث عن سجن تشارلستون لأن علي المري هو السجين الوحيد الموجود هناك..!!
ان المعتقلين في غوانتانامو يتحدثون إلى بعضهم البعض فيما علي المري وحيد لا أحد معه يتحدث إليه على الإطلاق، وهذا وضع يفضي بأقوى الرجال إلى الجنون .
في السجن العسكري لم يكن لدى علي المري قميص أو بنطال أو حذاء أو حتى جوارب، ولم تكن لديه وسادة ولا بطانية، ولا طعام دافئ، وكان يتم القول له سنقتلك.. سنقتلك إضافة إلى إجباره على اتخاذ وضعيات (حسية) ضاغطة مجهدة لمدة ساعات مع حرمانه من النوم فيما يعرف بالحرمان الحسي.
فبدلا من الضرب المادي تم حرمان علي المري من النوم من خلال الأضواء الصاخبة، أو استخدام صوت الأزيز وتسليط الأضواء الساطعة عليه، وهذه كلها تؤدي إلى الجنون.
علي المري المعتقل الوحيد في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سبع سنوات باعتباره مقاتلا عدوا و شاهدا ماديا على علم سابق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، ويعتمد اعتقاله على عزله بشكل تام بحيث لا يرى أي شخص باستثناء محاميه أندرو سافاج وزوجته، ومحاميه الآخر جوناثان هافيتز وممثلي الصليب الأحمر من وقت لآخر.
لم توجه إليه تهمة إلى الآن ولم يقدم للمحاكمة، والمعلومات التي تدينه تعتمد على تخرصات وأقاويل واستنتاجات تتهمه باستخدام بطاقات ائتمانية بطريقة غير مشروعة، وتحدثه مع المتهم خالد شيخ محمد بالهاتف، وذهابه إلى أفغانستان. ولا يعلم هو أو ذووه ما مصيره وكم مدة سجنه، وان كان في وضعه الحالي مهددا بالبقاء سجينا إلى الأبد أو الإعدام..!!
ان العدالة الأمريكية التي طالما أبهرت العالم لا تتحرك ساكنا أمام غول مخيف تم إطلاقه في العالم ليخرس الألسنة ويقطعها تماما اسمه ( الحرب على الإرهاب)، من ليس معنا فهو ضدنا، إن أمن أمريكا و مواطنيها مهدد لذلك أطلقت الكلاب المسعورة فهي تنهش في طريقها من تصادف وتجد، وتفرغ فيه حقدها وأمراضها وكراهيتها، ومن يعترضها فهو خائن ومنحط ويؤوي الإرهابيين والقتلة.
رغم أن القضاء الأمريكي قال بأن القضاء على الإرهاب لا يعطي بوش شيكا على بياض، وبالرغم ان القضاة قرروا انه ليس من الممكن اعتقال الأشخاص إلى أمد غير محدد استنادا إلى أنهم مقاتلون أعداء، بل يجب محاكمتهم ومعاقبتهم في حال إدانتهم، إلا أنه ما زال معتقلا ولأجل غير معلوم مما يتناقض مع المبادئ العليا التي قامت عليها أمريكا.
ولأنه لا يخضع لسلطة وزارة العدل أو وزارة الخارجية بل يخضع لهيمنة وزارة الدفاع وتحت هيمنة الجيش فان المساعي الدبلوماسية تعتبر أصعب، ولكن بعد سبع سنوات من الجحيم، وبعد تغير الإدارة الأمريكية الحالية، و مع قرب محاكمته، فإن الظروف تقول: ذهب عصر وجاء آخر، وربما تتزحزح الصخور الصلدة ويعاد النظر في كل القضية بأبعاد ورؤى جديدة وقد خلا السجن عداه، وتحرر من فيه ، وأعيد تنظيم الأمور.
من هنا فان التحرك الرسمي سيكون مواتيا مع الانفراج النسبي في ضمير الشعب الأمريكي، الذي بدأ يتخلص من كوابيس بوش، ولعنة الحرب التي تركت بصماتها السوداء على وجدان الأمريكيين المحبين للسلام والواجب الإنساني والذوبان في الأممية، وقد نشأت أمريكا من تلاقح الأعراق بدون تفرقة باللون والجنس والعقيدة والانتماء.
وشعبيا فان كل المواطنين يتمنون عودة المري إلى وطنه وأطفاله وقد مسحت عنه آثار التجربة الأليمة، واعتبارها ضريبة يدفعها المواطن العربي عندما يكون له موقف، وعندما يشارك في محنة عصره، وقد تبين له انه حتى في عمق الظلام فهناك أضواء منيرة تتمثل في محاميه وزوجته اللذين يزورانه باستمرار في سجنه ومحاميه الآخر اللذين أقرا بأن من يقدم المساعدة الأكبر هم العسكريون المسؤولون عن السجن، القائد و الطبيب العسكري والحراس الموجودون هناك، رجال ونساء رأوا أن ما يتم بحق علي المري في سجنه مخزيا بحق الإنسانية والواجب الأخلاقي.
وهناك أيضا من يسمون أصدقاء المحكمة يشملون مدعين عامين من ضمنهم المدعي العام السابق للولايات المتحدة وجنرالات وادميرالات سابقون منهم الجنرال الذي قاد التحقيقات في انتهاكات سجن أبو غريب في العراق، أناس يؤمنون بأن التعاطي مع قضية المري لا يجب أن يتم من خلال الجيش بل من خلال النظام القضائي المدني، وأنه في حال اعتقال شخص فيجب توجيه التهم إليه.
نتمنى أن يعرف المري و كل شاب متحمس، أن نعرف كلنا كعرب ومسلمين ومقاومة وأحرار بأنه لا توجد شريعة تبيح قتل الناس و ترويعهم. لا للقتل والتدمير والعنف والتفجير.
لا للإرهاب في نيويورك أو باريس أو غانا أو بومباي أو في كل أرض آمنة مطمئنة، لا لكل أشكال الاعتداء والبطش تحت أي اسم فكلها جبن وجنون وهمجية.
نتمنى أن يسمح للناس بالخروج في مسيرة يحملون الشموع فيها إلى السفارة الأمريكية ليسلموها رسالة من الشعب القطري، الشموع مهداة إلى المعتقل المري لتنير ليالي زنزانته يعرف فيها ان قلوب أهل قطر معه.
والرسالة إلى الحكومة الأمريكية تقول (نعلم بأن الأمور لا تؤخذ بالعاطفة، وبأن الأمن المركزي الأمريكي على المحك، ولكن تكفي معاناة سبع سنوات لتكونوا عادلين، ولا تلغوا بكل الجوانب الموضوعية وحكم القضاء وطعون المحامين لتكرسوا نظرية الانتقام والتخويف و بطش الدولة.. عودوا إلى القانون و العدالة و حقوق الإنسان).
mariam.alsaad@gmail.com
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=399541&version=1&template_id=168&parent_id=167
الرأي الآخر ..
هل تعيد التحولات الدولية المعتقل المري لدياره..؟!
بقلم الكاتبة : مريم آل سعد ..
سبع سنوات قضاها المعتقل القطري علي المري بسجنه في الولايات المتحدة يحفه الصمت الرسمي و الشعبي، في حين لم تقصر قناة الجزيرة بالتضامن مع مراسلها سامي الحاج المعتقل في غوانتانامو، وناضلت بنشاط وحماس ملحوظين، وفي النهاية كان لصبرها نتيجة جميلة وان جاهد الحاج وتعرض لظروف صحية ونفسية بائسة قبل الإفراج عنه أخيرا.
هل قصرت الدولة مع سجينها المري ولم تقف معه..؟؟ و هل ابتعد الناس عن قضيته واعتبروها طلقة طائشة لا جدوى منها..؟؟ أم أن ظروف اعتقاله ليست هينة أبدا، وقد تمت مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة التي مزقت الشعب الأمريكي نفسه.
فقد نظرت الزوجة الأمريكية بشك لزوجها العربي المسلم وخشيت على قومها منه، بينما نبذ الجيران معارفهم، وأنقلق الناس على أنفسهم وفترت الصداقات، وداهم العلاقات البرود والخوف والتشكيك في النوايا التي يحملها المسلمون، وتعاليم دينهم التي تبيح حرق وقتل ونسف النصارى في عقر دارهم.
ما حدث لم يكن هينا على الشعب الأمريكي الذي فقد صوابه وسرت فيه حمى الخوف والشك وعدم الأمان.
وكيف إذا ترافق ذلك مع العنصرية والعنجهية الأمريكية التي تبناها بوش بوحشية واستغلها أسوأ استغلال، بحيث زرع الفتنة في قلوب مواطنيه وأوهمهم بالخوف وعدم الأمان وأدخلهم في حروب رهيبة جرارة استنزفتهم ماديا و بشريا باسم حمايتهم من الإرهاب.
لقد اعترى الأمريكيين خوف كبير من حدوث هجوم يستتبع الحادي عشر من سبتمبر مما استدعى الكونغرس تخويل الرئيس سلطة استخدام القوة العسكرية ضد أية حكومة أو هيئة قدمت أو تقدم الدعم لتنظيم القاعدة.
في ظل هذا الرعب والبلبلة والانقسام وطرد آلاف المقيمين في أمريكا، وتفتيش بيوتهم والتنصت على مكالماتهم ومراقبة تحركاتهم، واحتجازهم واستجوابهم وحبسهم لفترات ومعاملتهم بجلافة واحتقار وقسوة، بالتشديد على الاقامات ورفض منح الفيز لدخول أمريكا والتمادي بتفتيش المسافرين وإنزالهم من الطائرات وحرمانهم من أدويتهم وجلبهم المطارات قبل السفر بالساعات، في هذه الظروف التي إن دافع فيها أحد أو حتى تعاطف مع أحد سمي خائنا وإرهابيا وحق عليه تطبيق القانون الذي أقره الكونغرس، الذي بالموافقة عليه تنازل الأمريكيون عن كثير من الضمانات الدستورية، واستخدمت الحكومة بناء عليه وسائل محظورة في الدستور الأمريكي تتيح اعتقال الناس حتى ولو كانوا مواطنين أمريكيين، بتهمة التعاطف مع الإرهابيين وتفهم دوافعهم والدفاع عنهم.
لقد تغير العالم بعد الحادي عشر من سبتمبر، لا ننكر بأننا فرحنا عندما شاهدنا العمليات الاستشهادية في التلفزيون، بينما في مناطق مختلفة من الوطن العربي زغردت النساء ورقص الرجال ووزعوا الحلوى بابتهاج، كنا نعتقد بأننا أوصلنا رسالة إلى أمريكا التي تدعم إسرائيل بأن طعم الخوف والدم والقتل والتفجير مر وقاس ومفجع.
كنا نعتقد بأنهم سيفهمون روعنا وبؤسنا عندما سمحت إسرائيل بمجازر صبرا وشاتيلا حيث قطع وعذب وسحل وبتر وشوه عملاؤها ملايين العزل والضعفاء والنساء وهدموا بيوتهم عليهم، ورموا جثثهم بعد ان مثلوا بها وفككوا أجزاءها في حفر عميقة تتقافز منها الأجزاء البشرية والحشرات والذباب، وهي تدرك بأن لا مقاتل بينهم بعد إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان.
كنا نطلق آهة تجمعت من مرارة ستين سنة من العدوان الإسرائيلي الغاشم على فلسطين وانتهاكاته و وحشيته ومجازره وغروره وتجبره، كنا وكنا.. ولم نعلم بأن ما حدث كان رسالة عادت علينا بالكراهية والعنف والغضب الانتقامي الجرار الذي أماد الأرض بأفغانستان والعراق وزلزلها حتى في أمريكا.
حيث ما عاد الناس يملكون الثقة والطيبة والأمان، لقد تغيرت النفوس حتى على المستوى الإنساني، وعانى المسلمون هناك الأذى أكثر مما يحتملون، وتصاعدت العنصرية والتفرقة الدينية والتمعت عيون البغض والازدراء.
كنا مفتونين بأسلوب التفجيرات المبهر، الذي شغل العالم كله ونافس أعتى الخدع السينمائية الهوليودية، وكنا فخورين لتفوقنا كعرب تكنولوجيا وعصريا لأول مرة على الغرب ودحرهم و التعالي عليهم، ولكن للأسف نبوغنا كان في الإرهاب و الجريمة الدولية المنظمة..!!
ان تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر لم تكن حلا و لا حتى جزءا من الحل، بل كانت مصيبة حمل وزرها الملايين، وعلي المري يعتبر كحالة واحدة منها تحمل تداعيات هذه الفاجعة. ان يكن بريئا أو لا يكن، فقد وضعته الظروف في دائرة النيران، فمن يخرجه منها..؟؟
هذا التعذيب في سجون غوانتانامو وأبو غريب وآلاف السجون المعروفة والسرية المدفونة في أجزاء مجهولة في العالم تشي بشيء واحد، أن ما حدث مؤامرة لم تخدم الإسلام أو المسلمين أو القضية العربية.
صحيح أن ما يحدث لنا من اعتداء صهيوني بربري سادي هو ظلم وانتهاك لكل القيم والحقوق و الكرامة الإنسانية، ولكننا علمنا بعد أن ظهرت تراكمات وآثار الحادي عشر من سبتمبر بأن معالجته لا تكون أبدا بان نقوم بالمثل على شعب آمن وترويعه، وبينهم نعيش ونتنفس والدليل أبناؤنا المري وغيره الموجودون عندهم للدراسة والعلاج والعمل، وأشقاؤنا المسلمون من شتى أصقاع الأرض واخوتنا بالإنسانية من الأمريكيين المسالمين وغيرهم.
ومتى اهتمت القاعدة بفلسطين، ولم لم تتوجه إلى تل أبيب، وهل هو استعراض القوة أو مشاكسة أمريكا كأمريكا وليس لمساعدة العرب بقضيتهم في الأراضي المحتلة..؟؟
لا ندري هل من حسن حظ المعتقل القطري علي المري أن يكون معتقلا في الولايات المتحدة و ليس في سجن غوانتانامو أو أن ذلك من سوء حظه، يقول محاميه الأمريكي الإنسان الذي تطوع مجانا للدفاع عنه، وحمل إليه الكتب واللحم الحلال الذي طبخته زوجته وزوده بسجادة للصلاة عندما استطاع، والذي جاء الدوحة ليعرض قضيته ويطمئن أسرته عليه، وقد فشل في إقناع سجانيه بإحضار صورته ليريها لأهله بعد فراق سبع سنوات، رغم تعهداته بأنها ستكون بحوزته ولن تستخدم بأي أسلوب دعائي مغاير، يقول المحامي اندرو جيه سافاج في لقائه مع رئيس تحرير جريدة العرب القطرية: ان وضع معتقلي غوانتانامو أفضل من وضع علي المري بكثير، فالناس يتحدثون عن المعتقلين الذين قتلوا في غوانتانامو بينما لا أحد يتحدث عن سجن تشارلستون لأن علي المري هو السجين الوحيد الموجود هناك..!!
ان المعتقلين في غوانتانامو يتحدثون إلى بعضهم البعض فيما علي المري وحيد لا أحد معه يتحدث إليه على الإطلاق، وهذا وضع يفضي بأقوى الرجال إلى الجنون .
في السجن العسكري لم يكن لدى علي المري قميص أو بنطال أو حذاء أو حتى جوارب، ولم تكن لديه وسادة ولا بطانية، ولا طعام دافئ، وكان يتم القول له سنقتلك.. سنقتلك إضافة إلى إجباره على اتخاذ وضعيات (حسية) ضاغطة مجهدة لمدة ساعات مع حرمانه من النوم فيما يعرف بالحرمان الحسي.
فبدلا من الضرب المادي تم حرمان علي المري من النوم من خلال الأضواء الصاخبة، أو استخدام صوت الأزيز وتسليط الأضواء الساطعة عليه، وهذه كلها تؤدي إلى الجنون.
علي المري المعتقل الوحيد في الولايات المتحدة الأمريكية منذ سبع سنوات باعتباره مقاتلا عدوا و شاهدا ماديا على علم سابق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر، ويعتمد اعتقاله على عزله بشكل تام بحيث لا يرى أي شخص باستثناء محاميه أندرو سافاج وزوجته، ومحاميه الآخر جوناثان هافيتز وممثلي الصليب الأحمر من وقت لآخر.
لم توجه إليه تهمة إلى الآن ولم يقدم للمحاكمة، والمعلومات التي تدينه تعتمد على تخرصات وأقاويل واستنتاجات تتهمه باستخدام بطاقات ائتمانية بطريقة غير مشروعة، وتحدثه مع المتهم خالد شيخ محمد بالهاتف، وذهابه إلى أفغانستان. ولا يعلم هو أو ذووه ما مصيره وكم مدة سجنه، وان كان في وضعه الحالي مهددا بالبقاء سجينا إلى الأبد أو الإعدام..!!
ان العدالة الأمريكية التي طالما أبهرت العالم لا تتحرك ساكنا أمام غول مخيف تم إطلاقه في العالم ليخرس الألسنة ويقطعها تماما اسمه ( الحرب على الإرهاب)، من ليس معنا فهو ضدنا، إن أمن أمريكا و مواطنيها مهدد لذلك أطلقت الكلاب المسعورة فهي تنهش في طريقها من تصادف وتجد، وتفرغ فيه حقدها وأمراضها وكراهيتها، ومن يعترضها فهو خائن ومنحط ويؤوي الإرهابيين والقتلة.
رغم أن القضاء الأمريكي قال بأن القضاء على الإرهاب لا يعطي بوش شيكا على بياض، وبالرغم ان القضاة قرروا انه ليس من الممكن اعتقال الأشخاص إلى أمد غير محدد استنادا إلى أنهم مقاتلون أعداء، بل يجب محاكمتهم ومعاقبتهم في حال إدانتهم، إلا أنه ما زال معتقلا ولأجل غير معلوم مما يتناقض مع المبادئ العليا التي قامت عليها أمريكا.
ولأنه لا يخضع لسلطة وزارة العدل أو وزارة الخارجية بل يخضع لهيمنة وزارة الدفاع وتحت هيمنة الجيش فان المساعي الدبلوماسية تعتبر أصعب، ولكن بعد سبع سنوات من الجحيم، وبعد تغير الإدارة الأمريكية الحالية، و مع قرب محاكمته، فإن الظروف تقول: ذهب عصر وجاء آخر، وربما تتزحزح الصخور الصلدة ويعاد النظر في كل القضية بأبعاد ورؤى جديدة وقد خلا السجن عداه، وتحرر من فيه ، وأعيد تنظيم الأمور.
من هنا فان التحرك الرسمي سيكون مواتيا مع الانفراج النسبي في ضمير الشعب الأمريكي، الذي بدأ يتخلص من كوابيس بوش، ولعنة الحرب التي تركت بصماتها السوداء على وجدان الأمريكيين المحبين للسلام والواجب الإنساني والذوبان في الأممية، وقد نشأت أمريكا من تلاقح الأعراق بدون تفرقة باللون والجنس والعقيدة والانتماء.
وشعبيا فان كل المواطنين يتمنون عودة المري إلى وطنه وأطفاله وقد مسحت عنه آثار التجربة الأليمة، واعتبارها ضريبة يدفعها المواطن العربي عندما يكون له موقف، وعندما يشارك في محنة عصره، وقد تبين له انه حتى في عمق الظلام فهناك أضواء منيرة تتمثل في محاميه وزوجته اللذين يزورانه باستمرار في سجنه ومحاميه الآخر اللذين أقرا بأن من يقدم المساعدة الأكبر هم العسكريون المسؤولون عن السجن، القائد و الطبيب العسكري والحراس الموجودون هناك، رجال ونساء رأوا أن ما يتم بحق علي المري في سجنه مخزيا بحق الإنسانية والواجب الأخلاقي.
وهناك أيضا من يسمون أصدقاء المحكمة يشملون مدعين عامين من ضمنهم المدعي العام السابق للولايات المتحدة وجنرالات وادميرالات سابقون منهم الجنرال الذي قاد التحقيقات في انتهاكات سجن أبو غريب في العراق، أناس يؤمنون بأن التعاطي مع قضية المري لا يجب أن يتم من خلال الجيش بل من خلال النظام القضائي المدني، وأنه في حال اعتقال شخص فيجب توجيه التهم إليه.
نتمنى أن يعرف المري و كل شاب متحمس، أن نعرف كلنا كعرب ومسلمين ومقاومة وأحرار بأنه لا توجد شريعة تبيح قتل الناس و ترويعهم. لا للقتل والتدمير والعنف والتفجير.
لا للإرهاب في نيويورك أو باريس أو غانا أو بومباي أو في كل أرض آمنة مطمئنة، لا لكل أشكال الاعتداء والبطش تحت أي اسم فكلها جبن وجنون وهمجية.
نتمنى أن يسمح للناس بالخروج في مسيرة يحملون الشموع فيها إلى السفارة الأمريكية ليسلموها رسالة من الشعب القطري، الشموع مهداة إلى المعتقل المري لتنير ليالي زنزانته يعرف فيها ان قلوب أهل قطر معه.
والرسالة إلى الحكومة الأمريكية تقول (نعلم بأن الأمور لا تؤخذ بالعاطفة، وبأن الأمن المركزي الأمريكي على المحك، ولكن تكفي معاناة سبع سنوات لتكونوا عادلين، ولا تلغوا بكل الجوانب الموضوعية وحكم القضاء وطعون المحامين لتكرسوا نظرية الانتقام والتخويف و بطش الدولة.. عودوا إلى القانون و العدالة و حقوق الإنسان).
mariam.alsaad@gmail.com
http://www.raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=399541&version=1&template_id=168&parent_id=167