Love143
07-12-2005, 11:07 PM
قطر وفرت بنية تحتية وخدمية وتسهيلات قانونية كبيرة لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية
تونس - الراية - إشراف بن مراد : القرية الكونية ، العولمة ، تكنولوجيا الاتصال ، انتفاء الحدود ، الواقع الافتراضي .. كلها أدلة علي مدي التحولات العميقة التي يعيشها العالم اليوم والتي جعلت من المعلومة بمثابة النخاع الشوكي لأنشطة المجتمع الحديث. إذ صار من المستحيل أن يتطور أي قطاع اقتصادي كان أو اجتماعي أو ثقافي أو سياسي دون أن يحسن الاستثمار في قطاع المعلومات.
وفي هذا المجال تعمل منظمة الخليج للاستشارات الصناعية - باعتبارها المنظمة الأولي من نوعها علي الصعيد العربي - علي احتلال موقع تنافسي عالمي كمنظمة استشارات و خدمات مهنية. كما تسعي إلي دفع عجلة التنمية الصناعية في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من خلال الخدمات المتطورة التي توفرها للقطاعين العام والخاص.
وعلي هامشمشاركة المنظمة في أشغال المرحلة الثانية للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات التي احتضنتها تونس مؤخرا من 16 إلي 18 من نوفمبر ،2005 التقت الراية الاقتصادية السيد أحمد حسن ضيف الأمين العام المساعد لقطاع المعلومات بالمنظمة. فكان الحوار التالي:
شاركت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية في أعمال المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات تونس ،2005 فكيف تقيمون أشغال هذه القمة وهل يمكن القول إنها ستساهم حقا في ردم الفجوة الرقمية بين الشمال و الجنوب بقطع النظر عن الاعتبارات السياسية
- في الواقع إن أعمال القمة العالمية لمجتمع المعلومات مهمة بالنسبة إلي دول العالم الثالث أكثر مما هي مهمة بالنسبة إلي الدول المتقدمة. إذ تكمن أهميتها بالنسبة للدول النامية من خلال نقطتين رئيسيتين: الأولي تتعلق بالتقدم التقني في وسائط الاتصال التي لم تعد مجرد وسائل للإعلام و الاتصال بل إنها تحولت إلي وسائط لعملية التنمية المستدامة في المجتمع. إذ تتولي هذه التكنولوجيا عملية التطوير الصناعي والاقتصادي وعملية تنمية الكوادر البشرية بسهولة وبسرعة.
من جهة ثانية، تتجلي أهمية هذه القمة باعتبار الفرصة التي أتاحتها للتفكير في موضوع الانترنت والتحدث عنه وطرح اشكالياته نظرا لأنها تمثل البنية التحتية الرئيسية لخلق و إرساء مجتمع المعرفة والوسيط الحالي المتوفر الذي يستطيع أن يشبك ويرابط أصحاب القرار مع المستفيدين في المجتمع أو مع المواطنين.
مع العلم أننا لا نعني بأصحاب القرار متخذي القرار من القطاع الحكومي فقط بل إنهم أيضا من القطاع الخاص و من المؤسسات البحثية والعلمية. إننا نقصد بهم أيضا أصحاب القرار في مؤسسات المجتمع المدني. لذلك يجب استغلال الانترنت لتحويل المعلومة فعوضا أن تكون محبوسة في أوعية وأطر يصعب الوصول إليها تصبح بفضل هذه التكنولوجيا في متناول الجميع وبإمكان كل شخص الحصول عليها برخص وبسرعة.
أما أهمية هذه القمة بالنسبة إلي الدول المتقدمة فإنها تعتبر فرصة لفتح أسواق جديدة لبضاعتهم. لقد كانت البضائع والخدمات تنتقل سابقا عبر الجمارك والموانيء سواء كانت بحرية أو جوية. أما الآن فالموانيء والجمارك أصبحت افتراضية وهو ما جعل من العالم بمثابة سوق بالنسبة إلي الدول المتقدمة. والأهم من ذلك أن هذه السوق قد أصبحت سوقا للأفكار لان الشخص قبل أن يشتري بضاعة أو خدمة هو يسعي إلي الاقتناع بها. ومن ثمة تتحول سوق البضائع والخدمات إلي سوق للأفكار بالدرجة الأولي.
أسفرت فعاليات القمة عن إصدار أجندة تونس و بيان التزام تونس. فكيف تقيمون هذه النتائج أم أنها أمور شكلية
- شخصيا أعتقد أن نجاح هذه القمة يكمن بالدرجة الأولي في الاختراق الذي حققته حيث قادت المجموعة العربية العالم إلي التفكير في مسألة الانترنت. أي أنها قد أوجدت آلية للتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية حول إدارة الانترنت باعتبارها اختراعاً أمريكياً.
واغتنم هذه الفرصة للتنويه بالمجهودات الضخمة التي قامت بها المجموعة العربية لعمل هذا الاختراق ولذلك فان وضع موضوع الانترنت علي الأجندة يعتبر احدي النتائج الملموسة لهذه القمة.
في بداية الأمر ربما كنا نتوقع من الأوروبيين القيام بهذا الشيء لكنهم في الحقيقة لم يقوموا بأي جهد يذكر في هذا الموضوع سوي الاكتفاء بمساندة المجموعة العربية التي كانت تدعو إلي أن يشارك العالم من خلال المنظمة الأممية في إدارة الانترنت. وهنا يتبادر إلي الذهن السؤال التالي: لماذا لم يقم الأوروبيون بهذه الدعوة لم يقوموا بذلك لأنهم ليسوا متضررين، ذلك أن المخدمات الجذرية التي تشكل البنية التحتية و التي يبلغ عددها 14 مخدما: توجد 11 منها في الولايات المتحدة الأمريكية و ثلاثة منها خارجها (واحد في بريطانيا والثاني في ألمانيا والثالث في سنغافورة).
ومن ثمة فان الأوروبيين و بشكل غير مباشر يشتركون في إدارة الانترنت. لذلك فان تعريفة الاتصال بالمخدم هي تعريفة رخيصة داخل الاتحاد الأوروبي. خلافا للدول العربية أو الدول الإفريقية أو دول أمريكا اللاتينية الذين يتحملون تكاليف باهظة إذا أرادوا الاتصال بالانترنت أي أنهم يتحملون تكاليف الاتصال بالمخدم وهذا مكلف جدا.
مجتمع المعلومات
اختلفت تعريفات ومفاهيم مجتمع المعلومات، كل يعرفه حسب خلفيته ومرجعيته الفكرية. فكيف تعرفونه
- صحيح أن التعريف مهم لكن ماهو مهم حقا هو النتيجة من مجتمع المعلومات. قد نختلف في التعريف فهناك من يعرفه تقنيا أي هو المجتمع الذي يحول المعلومة إلي معرفة واستخدام الأنظمة واللوغريتمات الجبرية والحسابية في تحويل المعلومة من كونها مجرد معلومات غير مترابطة إلي معلومات مترابطة تعطي معاني معرفية.. وبالتالي تدعم متخذ القرار بشكل عام في اتخاذ قرار صحيح وسليم سواء كان متخذ القرار شخصا عاديا في المجتمع أو مسؤولا أو إدارات عليا للدولة أو مستثمر في القطاع الخاص. أي أن التعريف التقني يري أن مجتمع المعلومات هو المجتمع الذي يحول deta إلي knowledge عبر اللوغريتمات الحسابية. غير أن المهم حقا هو الناتج عن هذه العملية الحسابية وعن الشخص في المجتمع.
إن وجود هذه الآليات و اللوغريتمات الحسابية و الشبكات networks والترابط بين الحواسيب يجب أن يكون في خدمة الإنسان حتي يعيش حياة مرفهة لانه جوهر التنمية و أساسها. وهنا استحضر ما قاله الكاتب الدنماركي اندرسون ايتش صاحب قصة البجعات السبع في القرن السادس عشر، إن المعرفة قوة. لذلك عندما أتكلم عن مجتمع المعلومات فانا أتكلم عن مجتمع قوي حيث يملك فيه كل شخص القوة باعتباره يملك المعلومة ويصبح قادرا علي الوصول إلي المعرفة والمعلومة بشكل غير مكلف وفي أي وقت. وهذا الذي يقيم الفارق بين الدول المتقدمة و الدول النامية. فالإنسان في دول العالم النامي لازال يجد صعوبة في الحصول علي المعرفة. في حين أن الشخص العادي في الدول المتقدمة يستطيع أن يحصل علي أي معلومة يريدها وفي أي لحظة زمنية وبشكل غير مكلف. وبالتالي فان الإنسان في المجتمع الغربي يستطيع أن يقرر أسرع من الشخص في المجتمع العربي وحتي وان اتخذ قرارا خاطئا فانه يستطيع أن يكتشف الخطأ بسرعة علي عكس الوضع عندنا.
ومن ثمة فإننا كمجتمعات عربية علينا أن لا ننتظر الأطر و المؤسسات الدولية حتي تدعمنا لكي نتحول إلي مجتمعات معلوماتية لان ذلك يعرقل حركتنا الذاتية. إن تحويل المجتمعات إلي مجتمعات معرفية يجب أن يكون بمبادرات من المؤسسات الحكومية دون الاعتماد علي الخارج و لابد من إشراك القطاع الخاص بنسبة تتراوح من 70% إلي 80% لأن الحكومات لا تستطيع أن تقوم بتحويل المجتمعات إلي مجتمعات معرفية إلا بمشاركة المنظومة الاجتماعية نفسها. أما إذا تحملت الحكومة لوحدها التشريع و الاستثمار فهذا المشروع سيكون فاشلا لكن إذا وفرت الحكومة الإطار التشريعي المناسب وأعطت حوافز للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني فان المجتمع سيتحول بسرعة إلي مجتمع معلوماتي. وهنا اضرب مثلا المجتمع الدنماركي في سنة 2002 حيث قررت وزارة التعليم في الدانمارك انه من حق كل طفل أن يكون له جهاز كمبيوتر محمول من الصف الابتدائي إلي الصف الثانوي خلال سنة واحدة. وعلي الرغم من أن هذا القرار قد كلف الدولة 500 مليون كرونة دنماركية فانه قد نفذ في السنة نفسها. كيف استطاعوا ذلك لقد اتفق وزير التربية مع المؤسسات التجارية باعتبار أن كل مؤسسة تشارك في هذا المشروع الوطني ستتمتع بمساحات إعلانية مجانية في مؤسسات الدولة.
لقد أسفرت قمة مجتمع المعلومات عن قرار هام ينص علي تصنيع جهاز كمبيوتر محمول سعره 100 دولار وهو قرار ايجابي. لكن هذا الحاسوب سيصنع سنة ،2007 فلماذا ننتظر كل هذه الفترة الزمنية وهذا المشروع حتي ينفذ.
مثال ثان حيث اتخذت الحكومة السويدية سنة 2000 مشروعين قانونيين يتمثل الأول في أن كل مبني يتم بناؤه بداية من سنة 2000 فصاعدا لا بد أن يحتوي علي الانترنت شأنه في ذلك شأن الماء و الكهرباء. والقانون الثاني يحث الدولة علي أن يكون لها بنية تحتية لتزويد الناس بالانترنت. وقد نجحوا في السنة نفسها أيضا في إنجاح هذا المشروع بفضل تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص. لذلك فانه يحق لهم أن يتكلموا عن الحكومة الالكترونية أما نحن فلو أنجزنا حكومة الكترونية يعني أن كل خدمات الدولة تصبح متوفرة عبر الانترنت فإننا سنجد صعوبات كبيرة لان البنية التحتية لدينا ما تزال ضعيفة. وهنا يكمن الفارق في العقلية بين المجتمع المتقدم والمجتمع النامي. فالمجتمع المتقدم يشعر أنها ضرورة يعيش معها كمشكلة يحدد لها فترة زمنية (سنة واحدة) يصدر تشريعات ومواصفات ويجد لها حلا ويتجاوزها.
ومن ثمة إذا أرادت الدول العربية أن تتحول إلي مجتمعات معلوماتية عليها أن تتخذ قرارات ذاتية. صحيح أن الأمر مكلف لكن هذا الطريق فقط هو الذي سيجعلها في مصاف الدول المتقدمة.
قرار استراتيجي
تأسست منظمة الخليج للاستشارات الصناعية سنة ،1976 منذ ذلك التاريخ إلي الآن، هل يمكن القول إنها قد حققت المطلوب منها هل انتم راضون عما تحقق
- إن الاقتناع بما هو عليه سيجعل الإنسان يتأخر. هكذا تقول القاعدة الفلسفية في هذه الحياة لذلك يمكن القول إننا لسنا مقتنعين ونطمح دوما إلي تحقيق المزيد و الأفضل. إن قرار إنشاء المنظمة قرار استراتيجي مبني علي رؤية إستراتيجية. فالنفط غير دائم في دول الخليج وبالتالي لابد أن تكون لدينا بنية تحتية صناعية قوية ومن ثمة العمل علي تحويل المجتمع من مجتمع يعتمد علي المداخيل النفطية إلي مجتمع منتج.
وبناء عليه قفزت مساهمة الصناعة في الدخل القومي من 1. 2% إلي 26% في دول الخليج مجتمعة ففي البحرين تساهم الصناعة في الناتج القومي ب 13% وفي الإمارات ب 14% وفي السعودية تتراوح من 20 إلي 23% وفي قطر من 7 إلي 10% وفي عمان من 11 إلي 12%.
لقد تأسست المنظمة لتقدم في الحقيقة خدمتين رئيسيتين الأولي تتمثل في تقديم استشارات صناعية لمتخذي القرار ومشاريع صناعية مشتركة. وبالتالي تصبح المنظمة محطة تجتمع فيها جميع المعلومات الصناعية و الاقتصادية والاجتماعية لمتخذي القرار. وأنا أؤكد أن المعلومات التي تحتويها البوابة التفاعلية الالكترونية للمنظمة لا تحتويها أي منظمة عربية أخري، لأنها منظمة تتمتع بمستوي عال وضخم من الاستثمارات في التجهيز و الأدوات والبرمجيات أي أنها نتيجة تراكم مجهودات عبر 30 سنة حيث مرت المنظمة بثلاث مراحل لكي تصل إلي ما وصلت إليه الآن. إذ أصبحت تعد منظمة مرجعية في المعلومات الاقتصادية والاجتماعية في كل دول الخليج.
وتعتبر المرحلة الأولي مرحلة بناء وتوفير للبنية التحتية من حيث التجهيزات والبنية المعرفية ومحاولة تنظيم المعلومات المشتتة وهو ما كانت تفتقر إليه دول الخليج.
أما المرحلة الثانية فتتمثل في إعداد الكوادر لإدارة هذه المعلومات و الأجهزة بأيد وطنية. في حين تتمثل المرحلة الثالثة في تحويل المعلومة من معلومة أولية إلي معلومة مترابطة ومتوفرة في صيغة تقارير تحليلية بالنسبة إلي متخذي القرار. وهي المرحلة التي نحن فيها الآن.
تونس - الراية - إشراف بن مراد : القرية الكونية ، العولمة ، تكنولوجيا الاتصال ، انتفاء الحدود ، الواقع الافتراضي .. كلها أدلة علي مدي التحولات العميقة التي يعيشها العالم اليوم والتي جعلت من المعلومة بمثابة النخاع الشوكي لأنشطة المجتمع الحديث. إذ صار من المستحيل أن يتطور أي قطاع اقتصادي كان أو اجتماعي أو ثقافي أو سياسي دون أن يحسن الاستثمار في قطاع المعلومات.
وفي هذا المجال تعمل منظمة الخليج للاستشارات الصناعية - باعتبارها المنظمة الأولي من نوعها علي الصعيد العربي - علي احتلال موقع تنافسي عالمي كمنظمة استشارات و خدمات مهنية. كما تسعي إلي دفع عجلة التنمية الصناعية في الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من خلال الخدمات المتطورة التي توفرها للقطاعين العام والخاص.
وعلي هامشمشاركة المنظمة في أشغال المرحلة الثانية للقمة العالمية حول مجتمع المعلومات التي احتضنتها تونس مؤخرا من 16 إلي 18 من نوفمبر ،2005 التقت الراية الاقتصادية السيد أحمد حسن ضيف الأمين العام المساعد لقطاع المعلومات بالمنظمة. فكان الحوار التالي:
شاركت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية في أعمال المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات تونس ،2005 فكيف تقيمون أشغال هذه القمة وهل يمكن القول إنها ستساهم حقا في ردم الفجوة الرقمية بين الشمال و الجنوب بقطع النظر عن الاعتبارات السياسية
- في الواقع إن أعمال القمة العالمية لمجتمع المعلومات مهمة بالنسبة إلي دول العالم الثالث أكثر مما هي مهمة بالنسبة إلي الدول المتقدمة. إذ تكمن أهميتها بالنسبة للدول النامية من خلال نقطتين رئيسيتين: الأولي تتعلق بالتقدم التقني في وسائط الاتصال التي لم تعد مجرد وسائل للإعلام و الاتصال بل إنها تحولت إلي وسائط لعملية التنمية المستدامة في المجتمع. إذ تتولي هذه التكنولوجيا عملية التطوير الصناعي والاقتصادي وعملية تنمية الكوادر البشرية بسهولة وبسرعة.
من جهة ثانية، تتجلي أهمية هذه القمة باعتبار الفرصة التي أتاحتها للتفكير في موضوع الانترنت والتحدث عنه وطرح اشكالياته نظرا لأنها تمثل البنية التحتية الرئيسية لخلق و إرساء مجتمع المعرفة والوسيط الحالي المتوفر الذي يستطيع أن يشبك ويرابط أصحاب القرار مع المستفيدين في المجتمع أو مع المواطنين.
مع العلم أننا لا نعني بأصحاب القرار متخذي القرار من القطاع الحكومي فقط بل إنهم أيضا من القطاع الخاص و من المؤسسات البحثية والعلمية. إننا نقصد بهم أيضا أصحاب القرار في مؤسسات المجتمع المدني. لذلك يجب استغلال الانترنت لتحويل المعلومة فعوضا أن تكون محبوسة في أوعية وأطر يصعب الوصول إليها تصبح بفضل هذه التكنولوجيا في متناول الجميع وبإمكان كل شخص الحصول عليها برخص وبسرعة.
أما أهمية هذه القمة بالنسبة إلي الدول المتقدمة فإنها تعتبر فرصة لفتح أسواق جديدة لبضاعتهم. لقد كانت البضائع والخدمات تنتقل سابقا عبر الجمارك والموانيء سواء كانت بحرية أو جوية. أما الآن فالموانيء والجمارك أصبحت افتراضية وهو ما جعل من العالم بمثابة سوق بالنسبة إلي الدول المتقدمة. والأهم من ذلك أن هذه السوق قد أصبحت سوقا للأفكار لان الشخص قبل أن يشتري بضاعة أو خدمة هو يسعي إلي الاقتناع بها. ومن ثمة تتحول سوق البضائع والخدمات إلي سوق للأفكار بالدرجة الأولي.
أسفرت فعاليات القمة عن إصدار أجندة تونس و بيان التزام تونس. فكيف تقيمون هذه النتائج أم أنها أمور شكلية
- شخصيا أعتقد أن نجاح هذه القمة يكمن بالدرجة الأولي في الاختراق الذي حققته حيث قادت المجموعة العربية العالم إلي التفكير في مسألة الانترنت. أي أنها قد أوجدت آلية للتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية حول إدارة الانترنت باعتبارها اختراعاً أمريكياً.
واغتنم هذه الفرصة للتنويه بالمجهودات الضخمة التي قامت بها المجموعة العربية لعمل هذا الاختراق ولذلك فان وضع موضوع الانترنت علي الأجندة يعتبر احدي النتائج الملموسة لهذه القمة.
في بداية الأمر ربما كنا نتوقع من الأوروبيين القيام بهذا الشيء لكنهم في الحقيقة لم يقوموا بأي جهد يذكر في هذا الموضوع سوي الاكتفاء بمساندة المجموعة العربية التي كانت تدعو إلي أن يشارك العالم من خلال المنظمة الأممية في إدارة الانترنت. وهنا يتبادر إلي الذهن السؤال التالي: لماذا لم يقم الأوروبيون بهذه الدعوة لم يقوموا بذلك لأنهم ليسوا متضررين، ذلك أن المخدمات الجذرية التي تشكل البنية التحتية و التي يبلغ عددها 14 مخدما: توجد 11 منها في الولايات المتحدة الأمريكية و ثلاثة منها خارجها (واحد في بريطانيا والثاني في ألمانيا والثالث في سنغافورة).
ومن ثمة فان الأوروبيين و بشكل غير مباشر يشتركون في إدارة الانترنت. لذلك فان تعريفة الاتصال بالمخدم هي تعريفة رخيصة داخل الاتحاد الأوروبي. خلافا للدول العربية أو الدول الإفريقية أو دول أمريكا اللاتينية الذين يتحملون تكاليف باهظة إذا أرادوا الاتصال بالانترنت أي أنهم يتحملون تكاليف الاتصال بالمخدم وهذا مكلف جدا.
مجتمع المعلومات
اختلفت تعريفات ومفاهيم مجتمع المعلومات، كل يعرفه حسب خلفيته ومرجعيته الفكرية. فكيف تعرفونه
- صحيح أن التعريف مهم لكن ماهو مهم حقا هو النتيجة من مجتمع المعلومات. قد نختلف في التعريف فهناك من يعرفه تقنيا أي هو المجتمع الذي يحول المعلومة إلي معرفة واستخدام الأنظمة واللوغريتمات الجبرية والحسابية في تحويل المعلومة من كونها مجرد معلومات غير مترابطة إلي معلومات مترابطة تعطي معاني معرفية.. وبالتالي تدعم متخذ القرار بشكل عام في اتخاذ قرار صحيح وسليم سواء كان متخذ القرار شخصا عاديا في المجتمع أو مسؤولا أو إدارات عليا للدولة أو مستثمر في القطاع الخاص. أي أن التعريف التقني يري أن مجتمع المعلومات هو المجتمع الذي يحول deta إلي knowledge عبر اللوغريتمات الحسابية. غير أن المهم حقا هو الناتج عن هذه العملية الحسابية وعن الشخص في المجتمع.
إن وجود هذه الآليات و اللوغريتمات الحسابية و الشبكات networks والترابط بين الحواسيب يجب أن يكون في خدمة الإنسان حتي يعيش حياة مرفهة لانه جوهر التنمية و أساسها. وهنا استحضر ما قاله الكاتب الدنماركي اندرسون ايتش صاحب قصة البجعات السبع في القرن السادس عشر، إن المعرفة قوة. لذلك عندما أتكلم عن مجتمع المعلومات فانا أتكلم عن مجتمع قوي حيث يملك فيه كل شخص القوة باعتباره يملك المعلومة ويصبح قادرا علي الوصول إلي المعرفة والمعلومة بشكل غير مكلف وفي أي وقت. وهذا الذي يقيم الفارق بين الدول المتقدمة و الدول النامية. فالإنسان في دول العالم النامي لازال يجد صعوبة في الحصول علي المعرفة. في حين أن الشخص العادي في الدول المتقدمة يستطيع أن يحصل علي أي معلومة يريدها وفي أي لحظة زمنية وبشكل غير مكلف. وبالتالي فان الإنسان في المجتمع الغربي يستطيع أن يقرر أسرع من الشخص في المجتمع العربي وحتي وان اتخذ قرارا خاطئا فانه يستطيع أن يكتشف الخطأ بسرعة علي عكس الوضع عندنا.
ومن ثمة فإننا كمجتمعات عربية علينا أن لا ننتظر الأطر و المؤسسات الدولية حتي تدعمنا لكي نتحول إلي مجتمعات معلوماتية لان ذلك يعرقل حركتنا الذاتية. إن تحويل المجتمعات إلي مجتمعات معرفية يجب أن يكون بمبادرات من المؤسسات الحكومية دون الاعتماد علي الخارج و لابد من إشراك القطاع الخاص بنسبة تتراوح من 70% إلي 80% لأن الحكومات لا تستطيع أن تقوم بتحويل المجتمعات إلي مجتمعات معرفية إلا بمشاركة المنظومة الاجتماعية نفسها. أما إذا تحملت الحكومة لوحدها التشريع و الاستثمار فهذا المشروع سيكون فاشلا لكن إذا وفرت الحكومة الإطار التشريعي المناسب وأعطت حوافز للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني فان المجتمع سيتحول بسرعة إلي مجتمع معلوماتي. وهنا اضرب مثلا المجتمع الدنماركي في سنة 2002 حيث قررت وزارة التعليم في الدانمارك انه من حق كل طفل أن يكون له جهاز كمبيوتر محمول من الصف الابتدائي إلي الصف الثانوي خلال سنة واحدة. وعلي الرغم من أن هذا القرار قد كلف الدولة 500 مليون كرونة دنماركية فانه قد نفذ في السنة نفسها. كيف استطاعوا ذلك لقد اتفق وزير التربية مع المؤسسات التجارية باعتبار أن كل مؤسسة تشارك في هذا المشروع الوطني ستتمتع بمساحات إعلانية مجانية في مؤسسات الدولة.
لقد أسفرت قمة مجتمع المعلومات عن قرار هام ينص علي تصنيع جهاز كمبيوتر محمول سعره 100 دولار وهو قرار ايجابي. لكن هذا الحاسوب سيصنع سنة ،2007 فلماذا ننتظر كل هذه الفترة الزمنية وهذا المشروع حتي ينفذ.
مثال ثان حيث اتخذت الحكومة السويدية سنة 2000 مشروعين قانونيين يتمثل الأول في أن كل مبني يتم بناؤه بداية من سنة 2000 فصاعدا لا بد أن يحتوي علي الانترنت شأنه في ذلك شأن الماء و الكهرباء. والقانون الثاني يحث الدولة علي أن يكون لها بنية تحتية لتزويد الناس بالانترنت. وقد نجحوا في السنة نفسها أيضا في إنجاح هذا المشروع بفضل تضافر الجهود بين القطاعين العام والخاص. لذلك فانه يحق لهم أن يتكلموا عن الحكومة الالكترونية أما نحن فلو أنجزنا حكومة الكترونية يعني أن كل خدمات الدولة تصبح متوفرة عبر الانترنت فإننا سنجد صعوبات كبيرة لان البنية التحتية لدينا ما تزال ضعيفة. وهنا يكمن الفارق في العقلية بين المجتمع المتقدم والمجتمع النامي. فالمجتمع المتقدم يشعر أنها ضرورة يعيش معها كمشكلة يحدد لها فترة زمنية (سنة واحدة) يصدر تشريعات ومواصفات ويجد لها حلا ويتجاوزها.
ومن ثمة إذا أرادت الدول العربية أن تتحول إلي مجتمعات معلوماتية عليها أن تتخذ قرارات ذاتية. صحيح أن الأمر مكلف لكن هذا الطريق فقط هو الذي سيجعلها في مصاف الدول المتقدمة.
قرار استراتيجي
تأسست منظمة الخليج للاستشارات الصناعية سنة ،1976 منذ ذلك التاريخ إلي الآن، هل يمكن القول إنها قد حققت المطلوب منها هل انتم راضون عما تحقق
- إن الاقتناع بما هو عليه سيجعل الإنسان يتأخر. هكذا تقول القاعدة الفلسفية في هذه الحياة لذلك يمكن القول إننا لسنا مقتنعين ونطمح دوما إلي تحقيق المزيد و الأفضل. إن قرار إنشاء المنظمة قرار استراتيجي مبني علي رؤية إستراتيجية. فالنفط غير دائم في دول الخليج وبالتالي لابد أن تكون لدينا بنية تحتية صناعية قوية ومن ثمة العمل علي تحويل المجتمع من مجتمع يعتمد علي المداخيل النفطية إلي مجتمع منتج.
وبناء عليه قفزت مساهمة الصناعة في الدخل القومي من 1. 2% إلي 26% في دول الخليج مجتمعة ففي البحرين تساهم الصناعة في الناتج القومي ب 13% وفي الإمارات ب 14% وفي السعودية تتراوح من 20 إلي 23% وفي قطر من 7 إلي 10% وفي عمان من 11 إلي 12%.
لقد تأسست المنظمة لتقدم في الحقيقة خدمتين رئيسيتين الأولي تتمثل في تقديم استشارات صناعية لمتخذي القرار ومشاريع صناعية مشتركة. وبالتالي تصبح المنظمة محطة تجتمع فيها جميع المعلومات الصناعية و الاقتصادية والاجتماعية لمتخذي القرار. وأنا أؤكد أن المعلومات التي تحتويها البوابة التفاعلية الالكترونية للمنظمة لا تحتويها أي منظمة عربية أخري، لأنها منظمة تتمتع بمستوي عال وضخم من الاستثمارات في التجهيز و الأدوات والبرمجيات أي أنها نتيجة تراكم مجهودات عبر 30 سنة حيث مرت المنظمة بثلاث مراحل لكي تصل إلي ما وصلت إليه الآن. إذ أصبحت تعد منظمة مرجعية في المعلومات الاقتصادية والاجتماعية في كل دول الخليج.
وتعتبر المرحلة الأولي مرحلة بناء وتوفير للبنية التحتية من حيث التجهيزات والبنية المعرفية ومحاولة تنظيم المعلومات المشتتة وهو ما كانت تفتقر إليه دول الخليج.
أما المرحلة الثانية فتتمثل في إعداد الكوادر لإدارة هذه المعلومات و الأجهزة بأيد وطنية. في حين تتمثل المرحلة الثالثة في تحويل المعلومة من معلومة أولية إلي معلومة مترابطة ومتوفرة في صيغة تقارير تحليلية بالنسبة إلي متخذي القرار. وهي المرحلة التي نحن فيها الآن.