um abdulla
04-12-2008, 10:28 AM
مشاريع التنمية بين الرؤية الحلم وواقع التنفيذ
بقلم : لطيفة خالد ..
من منا لا يطرب لسماع إشادات الآخرين بإنجازات بلادنا وما حققته من نمو وتطور في غضون سنوات قليلة ، وربما لو أن الواحد منا يضع نفسه مكان أولئك المتحدثين عن نهضة بلادنا بكثير من الإعجاب والحماس لكان شاركهم تلك الحماسة وذلك الإعجاب، ونسي لبعض الوقت ما يجده من معاناة وألم مع بعض تلك المشاريع التي أصبحت مثار سخط وإحباط بعد أن كانت مصدر فخر وإكبار ، فالناس في الخارج لا يستطيعون أن يروا أبعد من المشاريع من حيث هي فكرة وأهداف وأرقام تصور لهم النتائج المتوقعة وكأنها واقع، ولكنهم بطبيعة الحال لا يستطيعون أن يتصوروا ما يحدث في الداخل من تعقيدات وإشكالات، نراها نحن ونعيشها أصحاب الشأن القريبين من الصورة.
كل الأفكار الجميلة تفقد كثيراً من رونقها وجمالها الحالم بمجرد أن تصبح واقعاً ملموساً، لأننا ونحن نحلم تظل كل المعوقات والمخاطر في حيز التوقع والتنظير، ولكن تظل النتيجة النهائية للمشروع صورة محفزة ترفع عنا الإحباط وتدفعنا للمسير على الدوام، فالعبرة في كل مشروع مهما واجهه من عقبات ومعوقات متوقعة وغير متوقعة بقاء تلك الصورة بغايتها وغرضها.
إلا أن ما نواجهه هنا في مشاريعنا التنموية القطرية برغم بريق الرؤية الأولية للمشروع والتي تخلب الألباب وتلهب الحماس، أن الهدف الأساسي والمعلن عنه يختفي أثناء انتقال المشروع من مرحلة التنظير والتخطيط إلى مرحلة التطبيق ويضيع في دهاليز الجهات المنفذة له، فيفقد المشروع قيمته كما تفقد المشاريع والمبادرات التي تأتي من بعده مصداقيتها وهي لازالت بعد في مهدها ، مما يجعل تفاعل الناس معها ضعيفا، وبالتالي مهما كانت تملك من مقومات النجاح تتعثر في بدايتها، وتسقط لأنها لا يمكن أن تحقق النجاح المرجو بدون الدعم والمشاركة الفعالة من قبل المجتمع الذي نبتت فيه.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، مشاريع تطوير شبكة الطرق والبنى التحتية، والتي يفترض أنها تهدف إلى رفع مستوى الأداء المروري سواء لمستخدمي هذه الطرق والخدمات التابعة لها أو العاملين فيها مما يعطي المظهر الحضاري المنشود والحقيقي للبلد وساكنيه.
فهل أدت هذه المشاريع الضخمة بكل ما بذل فيها من جهد ومال لهذه النتيجة المتوقعة أو لجزء منها؟! الواقع يثبت أنها تسير نحو فوضى و تخبط جعلها في بعض الأحيان أداة لنسف الغرض الأساسي الذي وضعت من أجله هذه الطرق ، فبدل أن تسهل من عملية السير و تيسر وصول المرء إلى غايته أصبحت على العكس تتسبب باختناقات مرورية مزعجة إن لم نقل مؤذية، فقد تسببت الفوضى في بعض تلك المشاريع بحوادث سير مأساوية كان من الممكن تحاشيها أو التقليل من آثارها ، لو أنها نفذت كما ينبغي لها أن تنفذ.
فهل كان هناك تخبط في وضع خطط تلك المشاريع ابتداء، أم أننا سنكون أكثر سوداوية ونقول كما يقول البعض: أن الدولة كانت ضحية لجشع تجار المقاولات وشركات البناء ؟! فمن المسؤول إذا ولماذا يسمح بحدوث هذا؟! بل لمن نوجه هذه الأسئلة ولمن نشكو؟!
وحالنا مع خطط تطوير قطاعي التعليم والصحة أكثر تعقيدا، نظرا لحساسيتهما وحجم تأثير أي قصور أو خطأ فيهما، فبالرغم مما يقال رسميا من تطور حدث هنا ويحدث هناك، إلا أننا كمواطنين ومقيمين لازلنا نعيش في حالة عدم استقرار من تتابع تبدل القرارات والقوانين، وعدم استيعاب الخدمات من القطاعين جميع الموطنين فضلا عن المقيمين ! فإن كنا لا نزال نسمع من القيادة ضرورة أن يتاح التعليم والخدمات الطبية للجميع مع إتاحة خيارات متعددة ، فلماذا لازلنا نشهد تلك الفوضى مع بدء كل عام دراسي؟!
ولماذا يصعب على كثير من المرضى إيجاد سرير يتيح له الحد الأدنى من الرعاية الصحية المطلوبة؟! فهل تكمن الإشكالية في عدم وجود جهة متابعة أو مستوى جيد من التواصل الفعال مابين مستوى التخطيط في القمة والمستويات التنفيذية في القاعدة ؟!
أم أنه في عدم كفاية المستويات التنفيذية بالشكل المطلوب لتنفيذ هذه المشاريع الحديثة سواء من حيث توافر المهارات المطلوبة أو من حيث الوعي بأهداف وأغراض المشاريع التي يشاركون في تنفيذها ؟!
وهل تم بالفعل دراسة جدوى لكل تلك المبادرات ومدى تناسبها مع بيئة المجتمع القطري وخصائصه أم أنه تم نقلها كما هي من بيئتها الأصلية التي وإن كانت حققت فيها نتائج مرضية إلا أنها تظل بيئة لها ظروفها وخصائصها التي تختلف بشكل جوهري عن بيئتنا؟!
أم أن كل ما في الأمر- كما يصرح ويلمح بعض المسؤولين- هو قلة صبر الناس ورغبتهم بالحصول على أفضل الخدمات بدون أي قدرة على تحمل الأخطاء البشرية التي من الممكن أن يقع فيها أي إنسان؟!!
إن حقيقة كوننا نعيش في ظل دولة تشهد الكثير من التطورات وتنمو فيها المشاريع والمبادرات بشكل لافت ومبهر للآخرين أمر لا يجادل فيه اثنان ، ولكن السؤال الجوهري الذي يسأله الكثيرون منا ويردده في كل مناسبة هو : من المستهدف من كل هذا النمو والمشاريع حسب الرؤية المعلنة، ومن المستفيد الحقيقي بحسب الوقائع والأرقام؟!
ولكني اعتقد أنه آن الأوان أن يسأل المواطن القطري نفسه، حتى متى سنظل نكتفي بفتات الشكوى والأسئلة الساخطة ؟! وهل حقا الطرق مسدودة أمامنا دون القيام بأي خطوة نحو الإصلاح الذي ننشده؟!
lateefhkhald@yahoo.com
http://raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=400087&version=1&template_id=168&parent_id=167
بقلم : لطيفة خالد ..
من منا لا يطرب لسماع إشادات الآخرين بإنجازات بلادنا وما حققته من نمو وتطور في غضون سنوات قليلة ، وربما لو أن الواحد منا يضع نفسه مكان أولئك المتحدثين عن نهضة بلادنا بكثير من الإعجاب والحماس لكان شاركهم تلك الحماسة وذلك الإعجاب، ونسي لبعض الوقت ما يجده من معاناة وألم مع بعض تلك المشاريع التي أصبحت مثار سخط وإحباط بعد أن كانت مصدر فخر وإكبار ، فالناس في الخارج لا يستطيعون أن يروا أبعد من المشاريع من حيث هي فكرة وأهداف وأرقام تصور لهم النتائج المتوقعة وكأنها واقع، ولكنهم بطبيعة الحال لا يستطيعون أن يتصوروا ما يحدث في الداخل من تعقيدات وإشكالات، نراها نحن ونعيشها أصحاب الشأن القريبين من الصورة.
كل الأفكار الجميلة تفقد كثيراً من رونقها وجمالها الحالم بمجرد أن تصبح واقعاً ملموساً، لأننا ونحن نحلم تظل كل المعوقات والمخاطر في حيز التوقع والتنظير، ولكن تظل النتيجة النهائية للمشروع صورة محفزة ترفع عنا الإحباط وتدفعنا للمسير على الدوام، فالعبرة في كل مشروع مهما واجهه من عقبات ومعوقات متوقعة وغير متوقعة بقاء تلك الصورة بغايتها وغرضها.
إلا أن ما نواجهه هنا في مشاريعنا التنموية القطرية برغم بريق الرؤية الأولية للمشروع والتي تخلب الألباب وتلهب الحماس، أن الهدف الأساسي والمعلن عنه يختفي أثناء انتقال المشروع من مرحلة التنظير والتخطيط إلى مرحلة التطبيق ويضيع في دهاليز الجهات المنفذة له، فيفقد المشروع قيمته كما تفقد المشاريع والمبادرات التي تأتي من بعده مصداقيتها وهي لازالت بعد في مهدها ، مما يجعل تفاعل الناس معها ضعيفا، وبالتالي مهما كانت تملك من مقومات النجاح تتعثر في بدايتها، وتسقط لأنها لا يمكن أن تحقق النجاح المرجو بدون الدعم والمشاركة الفعالة من قبل المجتمع الذي نبتت فيه.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، مشاريع تطوير شبكة الطرق والبنى التحتية، والتي يفترض أنها تهدف إلى رفع مستوى الأداء المروري سواء لمستخدمي هذه الطرق والخدمات التابعة لها أو العاملين فيها مما يعطي المظهر الحضاري المنشود والحقيقي للبلد وساكنيه.
فهل أدت هذه المشاريع الضخمة بكل ما بذل فيها من جهد ومال لهذه النتيجة المتوقعة أو لجزء منها؟! الواقع يثبت أنها تسير نحو فوضى و تخبط جعلها في بعض الأحيان أداة لنسف الغرض الأساسي الذي وضعت من أجله هذه الطرق ، فبدل أن تسهل من عملية السير و تيسر وصول المرء إلى غايته أصبحت على العكس تتسبب باختناقات مرورية مزعجة إن لم نقل مؤذية، فقد تسببت الفوضى في بعض تلك المشاريع بحوادث سير مأساوية كان من الممكن تحاشيها أو التقليل من آثارها ، لو أنها نفذت كما ينبغي لها أن تنفذ.
فهل كان هناك تخبط في وضع خطط تلك المشاريع ابتداء، أم أننا سنكون أكثر سوداوية ونقول كما يقول البعض: أن الدولة كانت ضحية لجشع تجار المقاولات وشركات البناء ؟! فمن المسؤول إذا ولماذا يسمح بحدوث هذا؟! بل لمن نوجه هذه الأسئلة ولمن نشكو؟!
وحالنا مع خطط تطوير قطاعي التعليم والصحة أكثر تعقيدا، نظرا لحساسيتهما وحجم تأثير أي قصور أو خطأ فيهما، فبالرغم مما يقال رسميا من تطور حدث هنا ويحدث هناك، إلا أننا كمواطنين ومقيمين لازلنا نعيش في حالة عدم استقرار من تتابع تبدل القرارات والقوانين، وعدم استيعاب الخدمات من القطاعين جميع الموطنين فضلا عن المقيمين ! فإن كنا لا نزال نسمع من القيادة ضرورة أن يتاح التعليم والخدمات الطبية للجميع مع إتاحة خيارات متعددة ، فلماذا لازلنا نشهد تلك الفوضى مع بدء كل عام دراسي؟!
ولماذا يصعب على كثير من المرضى إيجاد سرير يتيح له الحد الأدنى من الرعاية الصحية المطلوبة؟! فهل تكمن الإشكالية في عدم وجود جهة متابعة أو مستوى جيد من التواصل الفعال مابين مستوى التخطيط في القمة والمستويات التنفيذية في القاعدة ؟!
أم أنه في عدم كفاية المستويات التنفيذية بالشكل المطلوب لتنفيذ هذه المشاريع الحديثة سواء من حيث توافر المهارات المطلوبة أو من حيث الوعي بأهداف وأغراض المشاريع التي يشاركون في تنفيذها ؟!
وهل تم بالفعل دراسة جدوى لكل تلك المبادرات ومدى تناسبها مع بيئة المجتمع القطري وخصائصه أم أنه تم نقلها كما هي من بيئتها الأصلية التي وإن كانت حققت فيها نتائج مرضية إلا أنها تظل بيئة لها ظروفها وخصائصها التي تختلف بشكل جوهري عن بيئتنا؟!
أم أن كل ما في الأمر- كما يصرح ويلمح بعض المسؤولين- هو قلة صبر الناس ورغبتهم بالحصول على أفضل الخدمات بدون أي قدرة على تحمل الأخطاء البشرية التي من الممكن أن يقع فيها أي إنسان؟!!
إن حقيقة كوننا نعيش في ظل دولة تشهد الكثير من التطورات وتنمو فيها المشاريع والمبادرات بشكل لافت ومبهر للآخرين أمر لا يجادل فيه اثنان ، ولكن السؤال الجوهري الذي يسأله الكثيرون منا ويردده في كل مناسبة هو : من المستهدف من كل هذا النمو والمشاريع حسب الرؤية المعلنة، ومن المستفيد الحقيقي بحسب الوقائع والأرقام؟!
ولكني اعتقد أنه آن الأوان أن يسأل المواطن القطري نفسه، حتى متى سنظل نكتفي بفتات الشكوى والأسئلة الساخطة ؟! وهل حقا الطرق مسدودة أمامنا دون القيام بأي خطوة نحو الإصلاح الذي ننشده؟!
lateefhkhald@yahoo.com
http://raya.com/site/topics/article.asp?cu_no=2&item_no=400087&version=1&template_id=168&parent_id=167