المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «واشنطن بوست»: 9 تريليونات دولار حجم تراجع الثروات الشخصية للأمريكيين منذ سبتمبر 2007



Bo_7aMaD_Q8
08-12-2008, 01:41 AM
انهيار الأسواق يرجع إلى انفجار فقاعة الإسكان وهشاشة المؤسسات المالية
«واشنطن بوست»: 9 تريليونات دولار حجم تراجع الثروات الشخصية للأمريكيين منذ سبتمبر 2007








لما كانت الأسواق المالية اداة لقياس العامل النفسي لدى الناس، فان ما يسيطر على هؤلاء في الوقت الحاضر هو الخوف، اذ ان الامر ليس مقصورا على ان تراجع السوق بلغ اكثر من النصف ،او ان هذا الهبوط الذي عصف بالأسواق يوازي ما تعرضت له الأسواق المالية في ازماتها التي اعقبت الحرب العالمية الثانية، والتي تراجعت بنسبة %48 في عامي 1974/1973 وبعملية حسابية يتبين ان كل دولار يتغير مساره لدى الامريكيين، يسبب تغييرا بواقع 5 سنتات في سلوكهم الإنفاقي، ولكن ما يتجلى لنا بوضوح اكبر هو التطورات اليومية التي تتناول حياة الناس وكيفية ادارة اموالهم.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست في مقال تناولت فيه العوامل النفسية في الأسواق المالية وانه ما بين منتصف سبتمبر 2008 و21 نوفمبر الماضي، كان هناك 50 يوم تداول في الأسواق الامريكية. وقد تحرك السوق يوم 25 نوفمبر بنسبة %4 او اكثر (16 هبوطا و9 ارتفاعات ) في حين تذكر شركة ويلشاير اسوشييتس للاستشارات انه في غضون السنوات الخمس والعشرين الماضية، كان هناك فقط 25 يوما تحركت فيها الأسواق بنسبة %4 او اكثر.

ان التقلبات الجامحة التي تشهدها الأسواق تدلل على المخاوف المحسوسة لدى الناس، وما يسيطر عليهم من احساس بعدم معرفة شيء على وجه اليقين. وفي المتوسط فان الاسر الامريكية تتوقع ان تنفق فقط 418 دولارا على مشتريات الهدايا بمناسبة الاعياد خلال العام الحالي، بتراجع نسبته %11 عن 471 دولارا العام الماضي. ويبقى معدل البطالة ادنى بكثير من ذروته التي بلغها في اعقاب الحرب العالمية الثانية والذي وصل %7.6 غير ان ما يثير الرعب في اوصال الامريكيين هو احتمالات ان يستمر التراجع على نحو يتجاوز المتوسط، وان الحكومة قد فقدت السيطرة على مجريات الاحداث.

وقد حدث هذا الوضع في عامي 1979 و1980 عندما بلغ معدل التضخم %13 وبدت الحكومة عاجزة عن تقليص هذا المعدل.ولم يكن احد يستطيع توقع المستقبل. وبحلول عام 1980، قاربت اسعار الفائدة %13 على عقود الرهن المحددة بمدد تصل الى 30 سنة، فهل سيصل معدل التضخم %15 او %20.

هناك نذر خطيرة في الوقت الحالي يمكن مقارنتها مع ما شهدناه في الماضي.وربما يستطيع الرئيس المنتخب باراك اوباما تغيير هذا الوضع، ولكن حتى الآن يبدو ان المسؤولين الحكوميين وقادة رجال الاعمال والاقتصاديين ما زالت تستحوذ عليهم مثل هذه المخاوف.ان الشعب الامريكي يشعر بانه غير محمي او محصن في مواجهة المصائب والازمات المتوالية.

وتضيف واشنطن بوست ان القلق المفرط ليس تشاؤما غير مبرر، على الرغم من انه قد يتبين فيما بعد انه ليس قائما، ذلك ان كل حلقة من حلقات هذه الازمة، من افلاس بنك بير ستيرنز الى الافلاس المحتمل لشركة جنرال موتورز، جاءت على صورة مفاجئة. وعلى نفس المنوال فان اسباب الازمة الرئيسية الثلاثة استهين بها ولم تعط التقدير اللازم على نحو متكرر وهي : انفجار فقاعة الإسكان، والمؤسسات المالية الهشة، وعكس او «تغيير تأثير الثروة الى الاتجاه المعاكس»، ومن بين هذه الاسباب الثلاثة، فان الاخير هو الذي لقي الاهتمام الادنى.

تأثير الثروة

ان «تأثير الثروة» يشير الى التغير الذي طرأ على ميول الناس لتعديل انماط إنفاق ثرواتهم التي كانت شديدة التركيز على العقارات والاسهم.فكلما كبرت الثروات ازداد الإنفاق، وعندما تضعف الثروات يقابلها ضعف الإنفاق. وقد ادى الارتفاع في اسعار الاسهم والعقارات خلال ربع القرن الماضي الى اطلاق الاقتصاد من عقاله وبات محرضا للامريكيين لإنفاق ما يتجاوز مداخليهم بل وان يقترضوا المزيد من الاموال. وفي عام 1982 ،ادى تراجع معدلات الادخار الى اضافة تريليون دولار اضافي الى قائمة الإنفاق الاستهلاكي الامريكي، الذي انصب على الكثير من السلع الاستهلاكية كالاحذية الفاخرة والكمبيوتر المحمول والكتب، من اصل الاجمالي البالغ 10 تريليونات دولار.

علاقة نسبية

اما الآن فان تأثير الثروة اخذ في تغيير مساره الى العكس. ففي الوقت الذي تتراجع فيه اسعار الاسهم والبيوت، يبذل الامريكيون جهودهم لزيادة الادخار وكبح جماح الإنفاق.ان الارقام المتعلقة بهذا الشأن مذهلة. فمنذ سبتمبر 2007، تراجعت ثروة الامريكيين الشخصية بحوالي 9 تريليونات دولار وفقا لما ذكره نيجيل غولت المحلل لدى شركة جلوبل انسايت. وبعملية حسابية يتبين ان كل دولار يتغير مساره لدى الامريكيين، يسبب تغييرا بواقع 5 سنتات في سلوكهم الإنفاقي. وبذلك فان الإنفاق الاستهلاكي سيتضرر بقدر قد يصل الى 450 مليار دولار، ويتوقع ان يحدث هذا الأثر على مدى بضع سنوات.

وقالت واشنطن بوست ان هذه الارقام رغم ضخامتها قد تكون مفرطة في التفاؤل. ففي كل مكان، تسمع المحللين والاعلاميين ينادون بضرورة «شد الحزام» ويحثون على المزيد من الاقتصاد في النفقات. واذا ما صار التحول حادا نحو الادخار، فان الإنفاق الاستهلاكي لن يضعف فحسب، بل ربما ينهار ايضا.

ومن الامثلة على ذلك تراجع مبيعات السيارات. وفي عام 2005، بلغ مجموع المبيعات 17 مليون سيارة، في حين تقدر جلوبل انسايت مبيعات السيارات لعام 2009 بحدود 12.2 مليون سيارة. ولا شك في ان هذه المشكلات يغذي بعضها البعض الآخر. فانحسار المصروفات الاستهلاكية يقلص الارباح ويضغط على اسعار الاسهم، الامر الذي يصيب الثقة والعامل النفسي لدى المستهلكين بالتآكل، وهو بدوره ما سيؤدي الى المزيد من ضغط المصروفات ويرفع نسب البطالة ويزيد من معدلات التخلف عن تسديد القروض ويرفع المتعثر منها. اما خسائر بطاقات الائتمان فربما تكون الصفعة الثانية الكبرى التي ستتلقاها المؤسسات المالية.

ان الآمال المعلقة على برنامج الانقاذ الاقتصادي الكبير تتمثل في خلق الحافز الذي قد يعوض مؤقتا التدهور الذي اصاب الإنفاق الاستهلاكي. ان الحاجة ماسة الى مصدر جديد يحفز الطلب ويعمل على استدامة نمو اقوى. ومن الحلول الواضحة ان تبدأ الدول الآسيوية المعروفة بمعدلات الادخار المرتفعة لديها، بقيادة الصين، في ان تزيد معدلات استهلاكها وإنفاق المزيد من الاموال على المشتريات لتعزيز واردات هذه الدول. اما اذا كان لدى هذه الدول الامكانات السياسية لتقليص اعتمادها على النمو القائم على الصادرات، فهو امر ليس واضحا.

مصطلحات مخيفة

اما المصطلحات المخيفة مثل «الكساد» و«التضخم» فقد تم اللعب عليهما نظرا لان الانهيار الاقتصادي الحر يبدو ممكنا، ولو انه غير مرجح. ومع مرور الوقت فان دورات الهبوط الاقتصادي تصلح نفسها بنفسها عندما يبدأ المقترضون بتسديد ديونهم وتعود المخزونات الفائضة من السلع والبضائع تعرف طريقها نحو المستهلك، وتتوجه الصناعات الى التكامل والاندماج، وتنصرف السياسات الحكومية نحو تعزيز الانتعاش الاقتصادي.وربما يبدأ ذلك الآن. غير ان آليات هذه الدورة تعتبر مختلفة الى حد كاف عما كانت عليه منذ الحرب العالمية الثانية من حيث اثارة الشكوك والمخاوف. فالامريكيون اليوم اقل انزعاجا من الفقر والفاقة اللذين تعرض لهما الامريكيون الذين عايشوا تلك الازمات السابقة.