المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الصحفية الأفغانية انيلوفر حبيبي ضيفة مركز الدوحة تحكي قصة تحديها لصنّاع الموت:



war reporter
13-12-2008, 07:41 PM
شعرت في الدوحة بالأمن والسلام والاستقرار". بهذه الكلمات عبرت الصحفية الأفغانية ومقدمة الأخبار في تلفزيون هيرات نيلوفر حبيبي عن وضعها وأضافت: «مدة ستة أشهر التي قضيتها هنا في الدوحة عنت لي الكثير استفدت خلالها من عدة خبرات وتعلمت الكثير من الأشياء وحينما أعود إلى بلدي سأواصل رسالتي التي عاهدت نفسي على أن أكملها حتى النهاية بالرغم من كل المخاطر المحدقة بي هناك». في قاعة الاستقبال بمركز الدوحة لحرية الإعلام كان لقاؤنا مع نيلوفر حبيبي هذه العشرينية التي روت قصة حياتها ممزوجة بآهات ودموع متواترة وسردت تفاصيل محاولات الاغتيال العديدة التي تجاوزت سنها الصغير.

الدوحة - سليمان حاج إبراهيم
نيلوفر حبيبي تحكي لـ «العرب» قصتها بكل عفوية وببراءة من لم يعرف بعد المواربة فكانت كلماتها صادقة معبرة تكشفها بصدق ابتسامتها الصافية التي تنبع من قلب متعب بالأوجاع لوطن حطمته لعبة السياسة وارتدى رداءا قاتما، وطن أصبح يلتهم، مثلما قالت، أبناءه يوميا، ودوما هناك قصة مأساوية تزيد من تعميق الجراح. تقول نيلوفر إنها تعرضت في مدة وجيزة لعدة محاولات اغتيال وهددت حياتها أكثر من مرة، وبالرغم من كل ذلك لا تزال مصرة على أن تظل صحفية وتعيش حتى النهاية الحلم الذي راودها منذ كانت صغيرة وأبت إلا أن تنجزه، حلم الظهور في التلفزيون وتقديم برامج تهم الناس، تعيشه بكل تفاصيله ويجسد على أرض الواقع قصة إصرار فتاة غير عادية على الوقوف في وجه من أسمتهم «صناع الموت» ومسايرة للقدر الذي لا تعلم أين هو آخذها.


حاولت حتى أفهم بدقة حكاية زميلتي الاستعانة بدعم مسؤولة العلاقات العامة بمركز الدوحة لحرية الإعلام سارا كيانبور وهي فرنسية من أصول إيرانية لتترجم حديثها من الفارسية إلى الفرنسية ثم أترجم كل الحوار إلى العربية وكانت تلك وسيلة التواصل الوحيدة المتاحة لي كون محدثتا لم تكن تتقن سوى لغتها الأم إلى جانب الفارسية التي تعلمتها خلال إقامتها بطهران سنوات الحرب في بلدها.


كلماتها في البداية كانت تنطلق بصورة عفوية تروي بدقة تفاصيلها وكانت في أحيان أخرى تستعيض عن لغة الكلام بالإيحاءات فتنطق تقاسيم وجهها البريء بالعديد من التفاصيل التي لا تنطقها بدقة الأحرف والكلمات، ولا تزال تتذكر يوم وطئت قدماها أرض مطار الدوحة وهي لا تصدق أنها نجت فعلا من محاولات اغتيال حيث كان الموت يطاردها في كل مكان وكان سماسرته - من وصفتهم بتجار البشر- يترصدون حركاتها أينما حلت.. قاطعت سارا بلباقة وقلت لها أعتقد أن هذه نهاية القصة، لكن أردت أن أعرف منها السبب الذي جعلها تصل للدوحة ليس كزائرة أو باحثة عن عمل مثل الكثيرين بل كهاربة من شيء ما...؟


لحظات من الصمت مرت علينا من قبلها كمن كان يلملم ذكرياته ويستعرض أمام عينيه شريط الأحداث الرهيبة التي مرت به لتقول بعيون غائرة.. إن البداية الحقيقة كانت هناك في مدينة حيرات الأفغانية الواقعة بالحدود مع إيران، وبطلتها فتاة كان يمكن لها أن تعيش حياة هادئة ومستقرة وأن تختار بين دربين لا ثالث لهما إما أن تقبع بين أربعة جدران في منطقة منسية من البلاد التي تشهد تمزقات كبيرة لتخلف «دزينة» من الأولاد وتربيهم على النمط السائد هناك، أو أنها في أحسن الأحوال تكون معلمة في مدرسة نائية ويكون حتما عليها أن تتفحص بدقة كلما همت بالخروج من منزلها طول ردائها وتتأكد من أنه يزحف على الأرض بما يزيد عن نصف متر ومحروسة من كل جانب من رجال مدعومين برشاشات يمكن أن يطلقوا منها أعيرة نارية في أية لحظة التمسوا فيها حيادا عن القوانين التي وضعوها هم وليس الشرائع التي يّدعون أن الإله وضعها ويقتلون باسم الإسلام وباسم الدين مثلما عبرت نيلوفر.


تقول حبيبي بثقة نفس كبيرة «بالرغم من كل ذلك اخترت أن أصبح صحفية».. كلمة كبيرة وكان يصعب نطقها أو أن تلفظ حروفها بدقة أمام أفراد عائلتها لما أخبرتهم بها أول مرة، كان الأمر يبدو للجميع في أول وهلة على أنه ضرب من الخيال أو نفحات من الجنون أصابت مراهقة لم تكن تدرك بدقة ما الذي يجب فعله في بلد لا يزال أغلب سكانه يعيشون تحت حكم المتشددين مثلما يصفهم الكثيرون.


حاولت جاهدة أن تشرح لأهلها أن كل إنسان في هذا العالم يسكنه أمل يود تحقيقه لبلغ طموحاته التي تمنحه الرضا النفسي الذي يعيش لأجله، ونيلوفر عشقت الصحافة وعملت المستحيل لبلوغ هذا الهدف حيث كانت تتوجه بصورة مستمرة وخلسة عن الأعين وفي طريق كلها ألغام وأشواك إلى محطات التلفزيون للقيام بتدريبات والعمل مجانا من خلال تحرير أخبار وإنجاز العديد من المهام.


لم تفوت الفرصة حينما سمعت أن قناة هيرات فتحت باب الترشح لاستقطاب بعض الصحفيين الجدد لتطعيم طاقمها بمزيد من الشباب والتحقت نيلوفر مباشرة بالمسابقة التي نظمت بتلك المناسبة فكان أن تم قبولها بامتياز من قبل اللجنة المشرفة التي أعجبت بقدراتها ومهارتها ومداركها اللغوية الثرية.

أليس من الجنون أن تفكر فتاة في ظل حكم نظام طالبان بممارسة مهنة الصحافة التي تعد أحد أكبر المحظورات في بلادها وتظهر صباح مساء في الشاشة؟ سألت محدتثي. تبتسم ثم تقول قد يسكننا الجنون ونركب أجنحته لنبحر في محيطات المجهول إن كان ذلك يساوي تحقيق طموح مشروع ويساهم في إنجاز مهام نبيلة وهو أمر مشروع طالما أنه لأجل أهداف نبيلة.
وتضيف: بالرغم من الخوف على حياتي الذي تملك أسرتي فإنهم لم يقدروا على منعي من مواصلة مشروعي وتركوني ألتحق بالقناة وبدأت العمل هناك وكانوا فخورين بي وساندوني كثيرا لأجل تحقيق هذا الهدف لأنهم يؤمنون بنفس المبادئ.


كان اعتقاد نيلوفر لما تحدّت الجميع ومضت عازمة على إكمال المشوار أن الظروف أصبحت مختلفة منذ سقوط نظام طالبان في ظل وجود قوات دولية حاولت تغيير الأوضاع لكنها أدركت لاحقا مدى خطئها وسوء تقديرها للأمر فالتهديدات كانت نفسها تقريبا وإن تغلفت بصور أخرى وبأشكال كثيرة حتى لو كان مجال الحرية توسع بعض الشيء حيث كان يسمح للنساء بالخروج من الباب الذي ما كان ميسرا من قبل لأية امرأة أن تطأه في ظل حكم «الملا» حتى لو كانت مجبرة على ارتداء «التشادور» في الشارع فليس ممكنا بين عشية وضحاها أن تنسف جميع الممنوعات وتسقط من حياة الأفغانيين الذين كان الخوف من المجهول يسكن حياتهم ويلفها بستار من حديد. ظهرت الصحفية الشابة في التلفزيون من دون نقاب يستر وجهها وكانت تقدم نشرات الأخبار وتنشط بعض الحصص التلفزيونية التي بدأت تستقطب اهتمام الناس.


وبالرغم من أن العديد من الأفغان ساندوها ورحبوا بها وشجعوها لمواصلة الدرب وكانت تغتبط لهذه الكلمات المعبرة والإشادات التي تسمعها منهم إلا أنها وعلى النقيض كانت تتلقى يوميا مئات الشتائم والكلمات العنيفة من أشخاص يقللون من احترامهم لها وحتى ينالون من شرفها بملاحظاتهم واستفزازاتهم لكونها امرأة تظهر في التلفزيون وغير منقبة.

تقول نيلوفر: بالرغم من ذلك أنا فخورة جدا بعملي لأني لسبب أو آخر أقدم خدمة جليلة لوطني الذي أكن له حبا لا يوصف ولا يمكن تقديره بأي ثمن ولم أخف ولم تهزني تلك التهديدات لأني كنت فعلا راغبة في رسم مسار حياتي بالشكل اللائق والأنسب لي حتى لو كان ذلك في بلد اسمه أفغانستان.
بداية مسلسل الرعب


لم تستمر أيام العز كثيرا ولم تدم لحظات الانتشاء بعملها وظهورها في التلفزيون لفترة طويلة حيث لم تكد تبلغ شهرها الحادي عشر حتى انهالت عليها مطبات بدأت عادية لتتحول إلى هاجس ينغص حياتها، فكانت في البداية تعرضها لمضايقات لفظية في بعض الأماكن وحينما تسير في الشوارع، قبل أن تتحول ذات ليلة مظلمة إلى حقيقة لا تزال مرتسمة في مخيلتها، وكانت بداية الكابوس الذي أقّض مضجعها تتمثل في رسالة تهديد ووعيد لها في حالة لم تستقل من عملها وتحتجب عن الشاشة. «اعتقدت في البداية أنها مجرد رسائل من مهووس أو أحد الغلاة لكنها أصبحت أكثر حدة من ذي قبل وكانت تصدر من رقم تلفون واحد في البداية لتتحول إلى أرقام عديدة مجهولة المصدر وأخيرا إلى تهديد حقيقي من صوت رجل مجهول خيرني بين أمرين لا ثالث لهما إما التوقف عن العمل أو التصفية النهائية وقال لي بصريح العبارة إن لم تلتزمي بقرارنا لن يخفق قلبك بعد اليوم وستقرئين السلام على روحك» تروي هذه التفاصيل وقلبها يرتعد بشدة.


لم تأخذ هذه الصحفية التي كانت لا تزال في ريعان شبابها المسألة بجدية وواصلت عملها بنفس الحماس، لكن التهديدات تواصلت إلى يوم لم يكن محتسبا إذ وجدت نفسها ذات صباح وسط الشارع في طريقها إلى العمل (تسير يوميا مسافة 20 كلم مشيا على الأقدام للوصول إلى المحطة) محاطة بدراجات نارية يستقلها ملثمون ترافقهم سيارة رباعية الدفع، وتركب امرأة محجبة بجانب سائق ملتح. هجم عليها هؤلاء المجهولون والتفوا حولها في لمح البصر وأشبعوها سبا وتجريحا وكلاما بذيئا قبل أن ينهال عليها أحدهم بموس حلاقة ويرسم على جسدها خطوطا واضحة لا تزال بارزة على يدها ولم تندمل بعد تلك الجروح ولم تشف هي من روعة المشهد.

مسلسل الرعب لم يتوقف عند هذه المحطة حيث قاموا في وقت لاحق بخطفها وألقوها عنوة في السيارة وأخذوها لمقر العمل آمرين إياها بلغة التهديد أن تقدم استقالتها وتوقعها أمامهم وإلا فإنه سيتم تصفيتها في أقرب فرصة. تركوها ومضوا بعد أن نفذت ذلك وأقلها زملاؤها والروع يسكن مفاصلهم نحو المستشفى حيث تم إسعافها وضمت جراحها وعادت للبيت.
تمر أيام قلائل لتهب نيلوفر حبيبي على زملائها في مقر القناة وهي أكثر تسلحا وعزما على مواصلة دربها بالرغم من الدهشة التي ارتسمت على ملامحهم وكان الاعتقاد أنها لا محالة مستقيلة، فعادت لروتين أيامها متناسية ما حل بها منذ أيام قلائل. لم تمر سوى أيام معدودات لتجد نفسها تواجه مجموعة من الملثمين أكثر شراسة من ذي قبل وهذه المرة لم يتركوها حتى انهالوا عليها بالطعنات اخترقت ظهرها وكتفها وكادت تؤدي بحياتها وتفارق هذا العالم. ولا تزال تتذكر أنها سمعت أحدهم يقول لها وهي بين الحياة والموت زميلات لك استجبن للأمر وتوقفن عن العمل وقعدن ببيوتهن بمجرد ما تلقين نفس رسائل التهديد التي وصلتك ولم يمضين في جنون العمل مثلك.


لكنها بالمقابل لا تزال تؤمن بنبل الرسالة التي تؤديها في مجتمع يعايش تطورات وتحولات كبرى تستدعي مشاركة كل فرد في هذا المسار وفق نظرته ورؤيته للواقع ولأفغانستان التي قيل ويقال عنها الكثير.

وتم بقدرة الله إنقاذ هذه الصحفية التي عايشت مسلسلا مرعبا وكانت الوجه الأنثوي الوحيد الذي ظل يطل على المشاهدين في التلفزيون بعد انسحاب زميلاتها، وعادت مضطرة ولفترة للبيت ريثما تمر تلك الفترة المشحونة وينسى هؤلاء ذكرها وتشفى هي من جراحها التي كوت جسدها من كل جانب.
قصة كأس الماء التي كادت تؤدي بحياتها


بعد أن تمت مباغتتها أكثر من مرة في الطريق وحينما لم تفلح محاولة اغتيالها وقهر رغبتها، خطط المهاجمون في المحاولة اللاحقة لاقتحام بيتها، فكانت ذات يوم مع أهلها حينما سمعت طرقا على الباب وإذا بسيدة «متجلببة» تستغيث برشفة ماء وحينما دعتها للدخول لجلب الماء تفاجأت بهذه المرأة وهي تنهال عليها بضربات خنجر وتفر تاركة إياها مضرجة بدمائها بين الحياة والموت لتنقل على جناح السرعة لنفس المستشفى الذي عولجت فيه سابقا والذي ألفته في فترة وجيزة.


بعد أن وصلت الأمور إلى هذه النقطة هب أهلها وأمروها بمغادرة المنطقة والهجرة إلى مكان آخر لا يعلم به أحد خوفا على حياتها لتجبر على الاغتراب في بلدها وغيرت سكنها أكثر مرة وهذا بأمر من الأجهزة الأمنية التي طلبت منها التواري عن الأنظار لفترة حماية لها بعدما صمم أمراء الموت على اغتيالها مهما كان الثمن وعزموا على الوصول إليها أينما كانت تضيف نيلوفر. وبالرغم من أنها غيرت أكثر من ثلاثة مرات بيتها ولم يكن يعلم به أحد حتى من أهلها فوجئت ذات ليل وفي الدجى بغرباء يتسللون لحديقة البيت وينزلون السور وانهمكوا في فتح الباب من الخارج قبل أن يتم الاتصال برجال الشرطة وتم إنقاذها في آخر لحظة بعد فرار المهاجمين في لمح البصر. وحينما وصلت الأمور إلى هذه المرحلة وتأكد للأجهزة الأمنية الأفغانية التي كانت مخترقة من كل جانب أن حمايتها في وقت عزم فيه المتشددون على اغتيالها مهما كلفهم ذلك أمر بالغ الصعوبة تم التفكير في ضرورة مغادرة البلاد إلى مكان أكثر أمنا.


يقول روبير مينار مدير عام مركز الدوحة لحرية الإعلام إن المركز وضع نصب أعينه مساعدة الصحفيين المهددين في حياتهم وتلقى مراسلة بخصوص نيلوفر حبيبي فعمل المستحيل لإنقاذها وتقديم يد المساعدة لها بعد دراسة حالتها جيدا والتحقيق في جميع الوقائع الواردة في تقرير مرسل من أفغانستان. وأضاف أن الأمر تحقق بمساعدة كبيرة تلقاها المركز من السلطات القطرية التي ذللت جميع الصعاب وهبت لنجدة الصحفية وإنقاذها من الموت المحدق بها في أية لحظة في بلادها. سألت نيلوفر عن شعورها وهي في الدوحة وما هو الانطباع الذي يدور في خلدها وهي بعيدة عن أهلها؟ فأكدت أنها فعلا تشعر بالأمن والاستقرار لكن ذلك يبقى مجردا من أي طعم لكونها محرومة من ممارسة مهنتها المحببة إلى قلبها ولكون الخطر لا يزال يحدق بعائلتها فقد علمت لاحقا أن شقيقها تعرض لمصاعب بسببها واقتحم بيته أكثر من مرة بحثا عنها من قبل من لا يزال يطاردها في كل مكان. وحينما تسأل لماذا يحدث لك كل ذلك؟ ترد لم يستسغ من يركض خلف اغتيالي كيف أني تحديتهم ورفضت الانصياع لأوامرهم وكيف أني نجوت من براثن خناجرهم وبنادقهم فهم لا يؤمنون أن تكون هناك صحفية تظهر أمام الناس.

من يكون هؤلاء؟ سؤال ترد عليه مباشرة أنها لا تعرف بالضبط ولم يقدم لها أحد إجابة دقيقة على الأمر الذي ظل يشغل بالها مدة طويلة.تماديت في أسئلتي وقلت لها: ماذا سيكون مستقبلك لو لم تكوني صحفية وتدخلي هذا العالم الذي جعلك تتغربين عن أهلك وحياتك معرضة للخطر؟ترد بعد لحظة تفكير عابرة: طبعا أكون إما معلمة على أكثر تقدير أو ربة بيت أطبخ وأكنس وأخلف أولادا أرعاهم وانتظر ما ستؤول إليه الأحوال. واسترسلت بسؤال آخر: هل أنت راضية عن هذا الواقع وأنت بعيدة عن أهلك وحياتك مهددة ومستقبلك في كف عفريت ولا تعرفين ما سيكون عليه غدك أليس من الأفضل لك لو كنت تنعمين بالدفء ومرتاحة في البيت مع أولادك؟
تمنحنا ابتسامة واسعة ظهرت معها أسنانها البيضاء الناصعة تتبعها بضحكة خفيفة برزت من خلالها ملامح وجهها لتجيب: لست نادمة لاختياري هذه المهنة وحتى حينما أرجع إلى بلدي وإذا مت سأكون فخورة لأني أديت واجبا كان مكتوبا لي وهذا أمر لصالح بلدي الذي تكالبت عليه المصائب من كل حدب وصوب. لو خيرت بين الصحافة وبين أي مهنة أخرى سأختار دائما الصحافة.


وتردف قائلة: «قدري بيد الله ولست أنا من يحدده أو يرسم معالمه وسأحاول أن أحسن من قدري وأكون امرأة محترمة وأخدم بلدي وأمارس مهنتي مستفيدة من فترة إقامتي في الدوحة حيث بدأت أتعلم الإنجليزية في المجلس البريطاني ولأتمكن في المستقبل من التواصل مع الناس أينما ذهبت كما أني التحقت كمتدربة في قناة الجزيرة وأتعلم الكثير من هذه المؤسسة التي يحلم بها أي صحفي في العالم».


وحين سألتها عن الوضع في بلدها إن كان تغير قليلا خلال فترة إقامتها بالدوحة أضافت: لا يزال هناك دائما بصيص أمل والناس ينتظرون بفارغ الصبر اليوم الذي تتحول فيه الأوضاع بصورة كبيرة ويعود السلم والاستقرار لبلد أنهكته الصراعات والفتن والحروب التي خلفت المزيد من المآسي والجروح التي لم تندمل.


كان لابد أن أطرح سؤال أخيرا قبل أن أنهي حواري مع هذه الصحفية التي تحدت كل شيء لأجل هدف واحد تعيش لأجله، عن رؤيتها للمستقبل وكيف ستعمل بعد أن تنتهي فترة الستة أشهر المسموح لها بالبقاء فيها في الدوحة؟ ردها كان سريعا لم أتخذ القرار النهائي فقد أعود إلى بلدي لأواصل مشواري وقد أبحث مؤقتا عن ملاذ آمن في دولة مجاورة قريبة من أفغانستان حيث أترقب الفرصة المواتية للعودة، لكن المؤكد أني سأعود أكثر تسلحا وإيمانا من ذي قبل وأكثر إصرارا على المضي في حلمي وقد تعلمت الكثير واستفدت الكثير خلال إقامتي في الدوحة.

هي عصامية ولها طموحات واسعة تقول عنها ليديا طبطب مسؤولة مساعدة الصحفيين في مركز الدوحة لحرية الإعلام التي كانت المشرف الأول على هذه الصحفية التي يقدر كل من تعامل معها روحها وإصرارها الكبير على تحقيق طموحات في بلد من الصعب فيه على امرأة أن تعترف بها أو تسعى لتحقيقها، فهل يمكن لها أن تعود إلى أفغانستان وتعمل من جديد صحفية مثلما كانت قبل مجيئها للدوحة؟ وهل ستتغير الأحوال في كابل ويسمح لها بممارسة هذه المهنة المرفوضة من قبل من يتحكم في هذا البلد؟ ذلك ما قد ننبئ به في المستقبل وتكشفه الأيام.
--------------------------------------------------------------------------------
نشر بجريدة العرب القطرية 06/12/2008
يمكن الاطلاع على تفاصيل أكثر في الرابط الالكتروني التالي

http://www.algeriemedia.org

war reporter
13-12-2008, 07:51 PM
إن الأمر يعتبر مفخرة لقطر التي رعت هذه المبادرة

war reporter
13-12-2008, 08:05 PM
و الله بودنا لو نقرأ تعليق أم عبد الله عن هذه القصة و نظرتها لهذه الحالة وللمركز

um abdulla
14-12-2008, 02:30 PM
و الله بودنا لو نقرأ تعليق أم عبد الله عن هذه القصة و نظرتها لهذه الحالة وللمركز


اخي مراسل حربي
لا يمكن لاي امرىء ان يمر مرورا عابرا على الحالة الافغانية بأسرها
افغانستان مليئة بالمتناقضات !! وشعبها رجالا ونساء مشهود لهم منذ قديم
ارجو ان يتمكن المركز دائما من مساعدة الاقربين لنا دينا وعروبة فهم أولى من غيرهم بأموالنا

http://qatarshares.com/vb/showthread.php?t=225325

um abdulla
14-12-2008, 02:36 PM
شعرت في الدوحة بالأمن والسلام والاستقرار".




وتردف قائلة: «قدري بيد الله ولست أنا من يحدده أو يرسم معالمه وسأحاول أن أحسن من قدري وأكون امرأة محترمة وأخدم بلدي وأمارس مهنتي مستفيدة من فترة إقامتي في الدوحة حيث بدأت أتعلم الإنجليزية في المجلس البريطاني ولأتمكن في المستقبل من التواصل مع الناس أينما ذهبت كما أني التحقت كمتدربة في قناة الجزيرة وأتعلم الكثير من هذه المؤسسة التي يحلم بها أي صحفي في العالم».


كان لابد أن أطرح سؤال أخيرا قبل أن أنهي حواري مع هذه الصحفية التي تحدت كل شيء لأجل هدف واحد تعيش لأجله، عن رؤيتها للمستقبل وكيف ستعمل بعد أن تنتهي فترة الستة أشهر المسموح لها بالبقاء فيها في الدوحة؟ ردها كان سريعا لم أتخذ القرار النهائي فقد أعود إلى بلدي لأواصل مشواري وقد أبحث مؤقتا عن ملاذ آمن في دولة مجاورة قريبة من أفغانستان حيث أترقب الفرصة المواتية للعودة، لكن المؤكد أني سأعود أكثر تسلحا وإيمانا من ذي قبل وأكثر إصرارا على المضي في حلمي وقد تعلمت الكثير واستفدت الكثير خلال إقامتي في الدوحة.


--------------------------------------------------------------------------------
نشر بجريدة العرب القطرية 06/12/2008
يمكن الاطلاع على تفاصيل أكثر في الرابط الالكتروني التالي

http://www.algeriemedia.org



:discuss::discuss::discuss: